أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - علاء الأسواني ومرحلة المرآة














المزيد.....

علاء الأسواني ومرحلة المرآة


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 19:49
المحور: الادب والفن
    



في قصة "أوراق عصام عبد العاطي" لعلاء الأسواني نقرأ:

"أكدتُ لها أن مصر بلد ميت وأن الحضارات كائن كأي كائن يمر بمرحلة الطفولة والصبا والشباب ثم يشيخ ويموت وقد ماتت حضارتنا من مئات السنين فلا أمل يُرجي في بعثها، قلتُ لها إن المصريين لهم نفسية الخدم والعبيد ولا يفهمون إلا لغة العصا".

في العبارة صورة مرآوية لعصام عبد العاطي، الشخصية الأساسية في القصة، فمصر البلد الميت هي صورته البصرية وكذلك المصريون الخدم والعبيد في نفسيتهم الذين لا يفهمون سوى لغة العصا. نقول صورته، لأنه هو من يؤكدها ومن يقولها (أكدت لها قلت لها)، ولأن صورته هذه صورة من بين صور ليست بالضرورة ذاتها عن مصر والمصريين. هو كمصري شيء، وكصورة للمصري شيء آخر عندما يقول:

"لو لم أكن مصريًا لوددت أن أكون مصريًا".

كمصري، حقيقته في الواقع تعارض صورته في المرآة، وهو يشعر بها شعور من لا خيار له على الرغم من موقفه منها:

"اخترت هذه العبارة الشهيرة لمصطفى كامل لأبدأ بها أوراقي لأنها في رأيي أسخف ما سمعت في حياتي أو هي تمثل، إن كان صاحبها صادقًا، نوعًا من التعصب القبلي الغبي الذي ما أن أفكر فيه حتى يتملكني الغيظ".

لولا تأكيد صورته في المرآة (مصر بلد ميت المصريون لهم نفسية الخدم والعبيد لا يفهمون إلا لغة العصا) لما أبدى موقفه من نفسه، فهي أوراقه، مذكراته، وكل هذا –بفضل صورته المرآوية- هو كما يجدر الإشارة إلى نفسه، كيف يراها على حقيقتها: سخيف، متعصب، غبي، خصائص لم يعرفها فيه أو عرف بعضها كأنصاف خصائص أو أجزاء منها لا تدفع إلى اتخاذ موقف من نفسه، وهو بفضل صورته في المرآة، أصبح يبين لنفسه (حتى يتملكني الغيظ)، وأصبح يبين لغيره (إن كان صاحبها صادقًا) كما يقول ميرلو بونتي اعتمادًا منه على جاك لاكان، وذلك عند المرور من الأنا الاستباهي الباطني (صفة الحساسيات التي تتلقى تنبيهاتها من الجسم حيث تحدث) إلى الأنا المرآوية، وهو المرور من حالة للشخصية إلى أخرى، كما يضيف ميرلو بونتي، من حالة للذات إلى أخرى، والذات هي كل الغرائز مجتمعة، ولولا الصورة المرآوية (مصر بلد ميت المصريون لهم نفسية الخدم والعبيد لا يفهمون إلا لغة العصا) لما كان تأمل الذات:

"هل يتميز المصريون مثلا بالجدية وحب العمل كالألمان أو اليابانيين؟! هل يعشقون المغامرة والتغيير كالأمريكان؟! هل يقدرون التاريخ والفنون كالفرنسيين والإيطاليين؟! ليسوا علي أي شيء من ذلك... بماذا يتميز المصريون إذن؟ أين فضائلهم؟ إنني أتحدي أي شخص أن يذكر لي فضيلة مصرية واحدة؟! الجبن والنفاق، الخبث واللؤم، الكسل والحقد، تلك صفاتنا المصرية، ولأننا ندرك حقيقة أنفسنا، فنحن نداريها بالصياح والأكاذيب... شعارات رنانة جوفاء".

إنه تأمل الأنا المثالي للمصريين بالمعنى السياقي، أي تأمل أنا لا مثالي: عدم الجدية وحب العمل، مقت المغامرة والتغيير، عدم تقدير التاريخ والفنون، الجبن والنفاق، الخبث واللؤم، الكسل والحقد، الصياح والأكاذيب... أنا لا مثالي نقيض الأنا المثالي، ذلك الجانب الخاص للشخصية الناتج عن عقدة أوديب ينبوع كل العمليات الثقافية العليا الفنية والأدبية والأخلاقية... إلى آخره. لهذا لم تكن أهمية الصورة المرآوية في اكتساب مضمون جديد –حسب ميرلو بونتي- وإنما في وظيفة جديدة، الوظيفة النرجسية. هذه الصورة البشعة للأنا في الحالة المصرية هي الصورة الجميلة لها، الصورة النرجسية لعصام عبد العاطي التي أبصرها ليعرف نفسه وليعيش اغترابه تحت استعارة "سلسلة متصلة من الهزائم":

"إن التاريخ المصري ليس في الواقع سوى سلسلة متصلة من الهزائم منينا بها أمام كل الأجناس بدءًا من الرومان إلى اليهود".

لم يعد الشخص الذي كانه، إنه صورته في المرآة، فأنتج نفسه –كما يقول لاكان- تحايلت أناه على صورته المكانية –كما يضيف لاكان-، فغادر عصام عبد العاطي واقع أناه إلى هذه الأنا اللا مثالية أنا الصورة المرآوية، وبالتالي إلى اغتراب آخر يأتي من ناحية الآخرين:

"ننظم أكاذيبنا عن أنفسنا في أغنيات وأناشيد، هل سمعتم عن أي شعب في العالم يفعل ذلك؟ هل يردد الإنجليز مثلا «آه يا إنجلترا يا بلدنا أرضك مرمر وترابك مسك وعنبر»!! هذا الابتذال من خصائصنا الأصيلة!".

إنها صورة الأكاذيب عن النفس في أغنيات وأناشيد يراها "الآخر" فينا (الإنجليز) كابتذال للأصيل من خصائص لنا، صورة للصورة التي في المرآة عنا، والتي لا يرى الآخر غيرها، وبالتالي يكون انتزاع الشخص من نفسه بعين الآخر بعدما كان انتزاعه بعين المرآة، فالصورة المرآوية –حسب لاكان والحالة الطفولية- هي الرحم الرمزي الذي يلقي الأنا بنفسه فيه تحت شكل أولي جوهري أساسي قبل أن يُسقط نفسه في جدل التماثل والتطابق مع الآخر –وحسبنا والحالة المصرية- هي الرحم الرمزي الذي يلقي الأنا بنفسه فيه تحت شكل مشوه ممسوخ دميم قبل أن يُسقط نفسه في جدل اللا تماثل واللا تطابق مع الآخر.


باريس الخميس 2105.01.29



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منيف وجبرا وعقدة الدونية
- تساؤلات حول شارلي هيبدو
- مظفر النواب والنمط الأولي
- سعدي يوسف وعقدة أوديب
- توفيق زَيَّاد وعقدة الخِصاء
- فدوى طوقان وعقدة القضيب
- ملاحظات بلا غضب حول أدب العرب
- افنان القاسم - المفكر والأديب والناقد - في حوار مفتوح مع الق ...
- الدين السياسي سرطان الشعوب
- لم يخلق الله الكون
- الإسلام دراسة سيميولوجية
- ضد الدين وليس ضد الإسلام أو المسيحية أو اليهودية
- سامي الذيب إسهال ثقافي وإفلاس فكري
- موعدي مع القارئ والكاتب للمحاورة في 14 الشهر الجاري
- وقفات سيميائية إزاء النساء في أحاديث نبوية
- بشرية القرآن دراسة سيميائية
- الحركتان الخارجية والداخلية في قصة -صعلوك- لنازك ضمرة
- دمروه ليدمروا الأدب الفلسطيني غسان كنفاني
- محمود درويش وسميح القاسم مرة أخرى ردًا على تداعيات قاسم محاج ...
- أدباء دمروا الأدب الفلسطيني إميل حبيبي


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - علاء الأسواني ومرحلة المرآة