|
شكرا للحلم -قصة-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 19:31
المحور:
الادب والفن
لم ادعها ، ولم تدعني حيث وجدتها . لم نلتق يوما في هذا المكان ، ولا في أي مكان آخر . في الحقيقة لم تكن مفاجأتي ان أجدها جالسة في نفس الركن ، وفوق نفس الكرسي الذي نثرت واياه حكايا جميلة ودافئة . ما فجأني حقا وجعلني أغرق في سيل من الأسئلة المتعاقبة والمتشابكة أن أجدها تحتل كرسي المفضل ، الى درجة أربكتني كثيرا . هل هو مقلب ؟ أم هي محض صدفة ؟ ، اذا كان مقلبا فالأمر اختياري . واذا كان صدفة ، فسؤالي لماذا هي بالضبط ؟ . تقدمت نحوها . لا ، في الحقيقة تقدمت نحو الطاولة التي أفضلها على جميع الطاولات الأخر في المقهى . حين يصدف يوما ما وأجدها محتلة من طرف غرباء ، أعود من حيث أتيت وأختار مكانا آخر في جهة أخرى . فطنجة جنة من لاجنة له . قد يهديك البحر حضنه مجانا لترشق موجاته بنظراتك الحائرة وبسمعك العطش الى موسيقى الخضم المتلاطم . وقد تختار مكانا بين اشجار الرميلات . أو الجلوس فوق صخرة من صخور الحافة ، هذا المكان الذي طالما تفرجت من خلاله على الصراع الأبدي بين هرقل وأنطي . اقتربت منها سلمت عليها والارتباك يورطني في لعثمة لم أعتدها على فمي وهو يتحدث . هل أسألها عن سبب اختيارها لهذا المكان بالضبط ؟ سأبدو كالأبله . هل أقول لها ان الكرسي الذي تجلس عليه هو نفس الكرسي المفضل لدي ولا أحس بالراحة هنا الا اذا جلست فوقه ؟ ستحسبني مجرد معتوه . هل أغادر بعدما سلمت عليها ؟ ربما أقترف ذنبا في حقي وفي حقها . دوامة شديدة من الأسئلة الحاضرة والغائبة تجرفني بين أعماقها الملتوية ، وأنا أنكمش في كرسي لا يعرفني ، رغم انه قريب من كرسيي المعهود .صدمتني وهي تسألني : -ماذا بك مروان ؟ أراك على غير عادتك !!!!! هل تعرف أمينة عاداتي ؟. نحن لم نتقابل وجها لوجه يوما ، كنا فقط ندردش دردشات عابرة عبر الرسائل الخاصة للبريد الالكتروني . ماهذا الخلط ؟ . انها تقولها بدم بارد وبثقة زائدة . زادت حيرتي حين ناولتني نفس السيجارة التي ادخنها بعدما أخرجت من حقيبتها الجلدية ذات اللون البني علبة كاملة ، بينما كانت علبة السجائر التي تدخنها فوق الطاولة مع ولاعة وردية اللون . لم أنبس ببنت كلمة . سلمت أمري للصدف كي تصنع ما تشاء . فلطالما فعلت في الصدف، أو ما يسمونه القدر ، ماشاءت خارج ارادتي . ولطالما حاولت السير يمينا فأجدني جهة اليسار ، والعكس صحيح . أشعلت سيجارة وطفقت أدخنها بعصبية زائدة . بهت النادل وفغر فاه في وجهي الذي تحول دخانا يصعد في أفق المقهى بينما جميع الزبائن يتابعون صعود الدخان وانتشاره في الأفق ، وضحكة امينة تأتيني من بعيد . الدخان يتصاعد ، مع تصاعده يتسرب الدخان الى باقي جسدي ، الى أن صرت جسدا دخانا . انتبهت وسألت نفسي . اذا كنت أراقب نفسي وقد تحولت دخانا ، فمن منا الحقيقي أنا الذي أتابع تبخري واندثاري في الهواء ؟ أم أنا ذلك المتبخر نفسه ؟ . قمت بحركات عصبية وكأني أستخلص نفسي من الشخصين نفسيهما ، وكأن شخصيتي الثالثة هي الحقيقية . وفي خضم هذه الحركات القوية والجهيدة ،صحوت والعرق يتصبب من جسدي كأني خرجت للتو من حمام ساخن . واكتشفت انه مجرد حلم . شكرت الحلم ، وعدت الى نومي كي أجالسها ثانية وأصير دخانا ويأتيني صوت ضحكتها من بعيد . لكن صور الحلم سرعان ما تبخرت واندثرت .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو مجتمع فاعل وسياسة منتجة
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-
-
المغرب وسياسة الافلات من العقاب
-
جرائد ليست للقراءة-4-
-
المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح
-
المعادلة الانسانية الغائبة
-
حكام يحتقرون شعبهم علنا
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
-
عودة الأنظمة القديمة
-
النفاق السياسي بالمغرب
-
تقبلي كوردة عطري
-
استسلام عاشق
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -10-
-
من صدام الحضارات الى صراع الحارات
-
الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية
-
زينب الغزاوي ،أو كم هي الحقيقة قوية ؟؟؟
-
الانقطاع الزمني ووأد السلالة الفكرية المغربية
-
استعدوا أيها العرب ، عودة الديكتاتورية بكل عنفوانها
-
وزير الداخلية المغربي يحن الى زمن ادريس البصري
-
الفرق بين دولة السياسة ودولة القبيلة
المزيد.....
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|