أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - تحيةّ حمراء لتشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية البروليتارية الماويين - الفصل الثانى من كتاب - قيادات شيوعية ، رموز ماوية -















المزيد.....



تحيةّ حمراء لتشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية البروليتارية الماويين - الفصل الثانى من كتاب - قيادات شيوعية ، رموز ماوية -


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 23:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تحيةّ حمراء لتشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية البروليتارية الماويين
الفصل الثانى من كتاب " قيادات شيوعية ، رموز ماوية "
مقدّمة الكتاب :
للماويين ، للماركسيين – اللينينيين – الماويين ، جذور ممتدّة فى أرض الواقع ولهم رؤوس شامخة فى السماء مليئة بأحلام تحرير الإنسانية ، أحلام ثوريّة ممكنة التحقيق ومرغوب فيها . لهم أقدام راسخة فى الأرض و عيون متطلّعة إلى أبعد من سحب السماء . لهم ماضى مضيئ و تليد و لهم مستقبل يصنعونه فى أتون الصراع الطبقي الذى يخوضونه مسترشدين بعلم الشيوعية على كافة الجبهات بتضحيات جسام ونضال مصمّم و عنيد .
لقد نشأت الماركسية كمرحلة أولى من علم الشيوعية المتطوّر أبدا إعتمادا ، كما سجّل لينين ، على الإيديولوجيا الألمانية والإقتصاد السياسي الأنجليزي و الإشتراكية الفرنسية بإعتبارهم المصادر أو المكوّنات الثلاثة لأرقى ما بلغه الفكر الإنساني فى القرن الثامن عشر . و بفضل النضال النظري و الممارسة العملية الثوريين للبروليتاريا العالمية وتجاربها وثوراتها الناجحة منها والفاشلة وفى خضم الصراع من أجل الثورة فى روسيا و فى العالم قاطبة و الصراع ضد التحريفية والدغمائية فى صفوف الحركة الشوعية العالمية ، طوّر لينين علم الشيوعية إلى المرحلة الثانية ، الماركسية – اللينينية . و تاليا، إستنادا إلى تطوّرات الصراع الطبقي والثورة الديمقراطية الجديدة فالإشتراكية فى الصين وخلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين الماوية و فى صراع بلا هوادة أيضا ضد الدغمائية و التحريفية المعاصرة السوفياتية ، بعد وفاة ستالين و الإنقلاب المعادي للثورة و إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، و أضرابها اليوغسلافية و الإيطالية والفرنسية والأمريكية إلخ ، تطوّر علم الشيوعية على أيدى ماوتسى تونغ إلى ماركسية - لينينية - ماوية .
ومنذ وفاة ماو تسى تونغ والإنقلاب التحريفي فى الصين التى غدت رأسمالية بعدما كانت فى عهد ماو إشتراكية ، و لأنّ الماويين أدركوا أنّ الماركسية إن كفّت عن التطوّر ماتت كما أعرب عن ذلك ماو تسى تونغ ذاته ، و لمعالجة المشاكل الجديد وتقييم التجارب القديمة تقييما علميّا من منظور بروليتاري ، ما فتأ الماويّون ، رافعو راية إرث ماو تسى تونغ و البروليتاريا العالمية ، يطوّرون علم الشيوعية فى جوانب عدّة منه . و صراع الخطّين فى صفوف الماوية التى إنقسمت إلى إثنين ( أنظروا كتابنا " الماوية تنقسم إلى إثنين " ) على أشدّه عالميّا فى الوقت الحاضر حول هذه التطويرات و أهمّيتها من عدمها بالنسبة لمستقبل الحركة الشيوعية العالمية و القيام بالثورة البروليتارية العالمية و التقدّم نحو الشيوعيّة عالميّا .
و للماويين المتصارعين اليوم إرث مشترك ، جذع مشترك حاولت وتحاول القوى الإمبريالية و الرجعية و التحريفية تشويهه و إهالة التراب عليه . ومن أوكد واجباتنا كشيوعيين أن ننفض الغبار الذى تراكمه الرجعية بأصنافها على قياداتنا الشيوعية و رموزنا الماوية و ليس للدفاع عنهم و الإطلاع على ما قدّموه سيرة و مؤلّفات فقط و إنّما كذلك لدراسة هذا الإرث والتعلّم منه قدر الطاقة خدمة للحاضر و المستقبل . فنطبّق بذلك ما علّمنا إيّاه ماو تسى تونغ من جعل الماضي يخدم الحاضر و المستقبل .
و قد بذلنا الجهد الجهيد بسرعة قصوى لإتمام الإشتغال على هذا الكتاب فى هذا الوقت بالذات تلبية لحاجة لمسنا إلحاحيّتها على المستوى الإيديولوجي والسياسي عربيّا . ونحن لا نلقى باللائمة على الماويين قليلي الإطلاع على علم الشيوعية لإلتحاقهم بالماوية حديثا ولا نلوم كذلك من لم تتوفّر لهم فرص دراسة التراث الماركسي - اللينيني - الماوي دراسة ظافية ، كافية وشافية ؛ و إنمّا نحثّهم جميعا على إيلاء المسألة العناية التى تستحقّ . وفى نفس الوقت ، ننبّه إلى أنّ من الماويين - أو أحيانا أشباه الماويين وليسوا بالماويين – من يتجاهلوا عمدا عامدين هذا الإرث البروليتاري وبإسم التكتيك و الجبهة و ما شابه من تعلاّت ، و بإسم ماويّة أغرب ما تكون عن الماوية الحقيقية ، من طفقوا يروّجون للإرث القومي وحتى الإسلامي و يخلطون بين الماوية و أصناف شتّى من الغيفاريّة و اللين بياوية و الديمقراطية البرجوازية . هؤلاء على وجه الضبط يترتّب على الشيوعيين حقّا أن يتصدّوا لهم كما يجب بروح عالية من المسؤولية الثورية لأنّهم ببساطة يحرّفون ماضى البروليتاريا العالمية و نضالاتها الثورية الحاليّة و يطمسون مستقبلها .
و فى سياق هذه المعركة المحتدمة للربط بين الدراسة والتقييم النقديين لإرثنا البروليتاري العالمي من جهة و النضالات الراهنة لأجل ترسيخ الماوية الحقيقية ، الماوية الثورية عربيّا و بأفق المساهمة فى دفع عجلة الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الشيوعية العالمية ، نضع زبدة جهدنا المتواضع بين أيدى الماويين و غيرهم من الشيوعيين خاصة و الباحثين عن الحقيقة و القرّاء عامة .
و ينهض عملنا هذا( العدد 17 من " الماوية : نظرية وممارسة ")على فصول خمسة هي على التوالي :
الفصل الأوّل : تشانغ تشنغ : الطموحات الثورية لقائدة شيوعيّة
1- مقدّمة
2- ثائرة على العادات
3- يانان : طالبة لدى ماو و رفيقة دربه
4- الإصلاح الزراعي و البحث الإجتماعي
5- التجرّأ على الذهاب ضد التيّار
6- الهجوم على البناء الفوقي ...و حرّاسه
7- ثورة فى أوبيرا بيكين
8- قائدة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى
9- إفتكاك السلطة
10- الطريق المتعرّج للثورة
11- القطع مع الأفكار القديمة
12- صراع الخطين يتخطّى مرحلة جديدة
13- المعركة الكبرى الأخيرة
14- موت ماو و الإنقلاب الرأسمالي
15- المحاكمة الأشهر فى القرن العشرين : " أنا مسرورة لأنّنى أدفع دين الرئيس ماو ! " .
16- زوجة ماو و رفيقة دربه طوال 39 سنة
17- قُتلت حتى يثبت العكس
18- لنتجرّا على أن كون مثل تشانغ تشنغ
الفصل الثاني : تحيّة حمراء لتشانغ تشن – تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى الماويين

1- التجرّأ على صعود الجبال من أجل تحرير الإنسانية ( جريدة " الثورة ")

2- عاصفة جانفي بشنغاي (جريدة " الثورة " )

3- بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية (تشانغ تشن- تشياو)

4- على رأس الجماهير و فى أقبية سجون العدوّ : مدافع لا يلين عن الشيوعية.( أخبار "عالم نربحه ".)

الفصل الثالث : إبراهيم كايباكايا قائد بروليتاري شيوعي ماوي
1- لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا
2- موقف حازم إلى جانب حقّ الأمّة الكردية التى تعاني من الإضطهاد القومي الوحشي فى تركيا ، فى تقرير مصيرها
3- خطّ كايباكايا هوطليعتنا – مقتطف من الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب
4- بصدد الكمالية ( مقتطف )
5- المسألة القومية فى تركيا
الفصل الرابع : شارو مازومدار أحد رموز الماوية و قائد إنطلاقة حرب الشعب فى الهند
1- خوض الصراع ضد التحريفية المعاصرة
2- لننجز الثورة الديمقراطية الشعبية بالنضال ضد التحريفية
3- ما هو مصدر التمرّد الثوري العفوي فى الهند؟
4- لنستغلّ الفرصة
5- مهامنا فى الوضع الراهن
6- لنقاتل التحريفية
7- المهمّة المركزيّة اليوم هي النضال من أجل بناء حزب ثوري حقيقي عبر النضال بلا مساومة ضد التحريفية
8- حان وقت بناء حزب ثوري
9- الثورة الديمقراطية الشعبية الهندية
10- الجبهة المتحدة و الحزب الثوري
11- " لنقاطع الإنتخابات" ! المغزى العالمي لهذا الشعار
12- لننبذ الوسطية و نفضحها و نسحقها

الفصل الخامس : تحيّة حمراء للرفيق سانموغتسان الشيوعي إلى النهاية
1- حول وفاة الرفيق سنموغتسان / لجنة الحركة الأممية الثورية
2- الرفيق شان : شيوعي إلى النهاية / الحزب الشيوعي السيلاني ( الماوي )
3- مساهمة ماو تسى تونغ فى تطوير الماركسية – اللينينية / سنموغتشان
4- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ / سنموغتسان
5- دحض أنور خوجا / سنموغتسان
==========================================
و ملحق : فهارس كتب شادي الشماوي ( 16 كتابا ).
======================================


تحيةّ حمراء لشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية البروليتارية الماويين

الفصل الثانى من كتاب " قيادات شيوعية ، رموز ماوية "
1 - التجرّأ على صعود الجبال من أجل تحرير الإنسانية.

تنويها بشانغ تشن- تشياو ( ريموند لوتا ، "الثورة" 22 ماي 2005 )

فى 21 أفريل بوفاة شانغ تشن- تشياو عن سنّ تناهز 88 سنة ، فقدت البروليتاريا العالمية قائدا عظيما إذ كان شانغ رفيقا مقرّبا من ماو و قائدا ماويّا بارزا للثورة الثقافية . و قد وقع إيقافه عندما نظّمت القوى المعادية للثورة فى الحزب الشيوعي الصيني إنقلابا إثر وفاة ما وفى 1976.

لم يتردّد شانغ فى سلوك طريق الثورة ، فى ساعاتها الوضّاءة كما فى لحظاتها الحالكة. وهو اليوم غير معروف كما يجب لدى المقاتلين و الحالمين ذلك أنّه لعقود سجنه النظام و أخفى أخباره عن الناس فى الصين و فى العالم . و حتى عند وفاته ، شوّهته القوى و العصابات الرجعية عبر العالم . لكن الحقيقة هي انه كان له تأثير عظيم على مسار الثورة و قضيّة تحرير الإنسانية . و حياته حياة إنسان وجب الإحتفاء بها و الإطلاع عليها و التعلّم منها .

كانت الصين الماوية على نقيض صين اليوم الرأسمالية الفاسدة الإشتراكية إسما فحسب . كانت صين إشتراكية حقّا و كانت نموذجا للثورة الشاملة . ثورة قضت على الإستغلال و طفقت تجتثّ جذور الإضطهاد و الإنقسام الطبقي و قد يكون من العسير فى عالم اليوم أن نتصوّر أنّه على هذا الكوكب وجد مجتمع و إقتصاد تحرّريين سمحا للجماهير بأن تحكم و تبسط سيادتها على المجتمع و أنّه وجد مثال ملهم لمضطهَدى العالم و وجدت قاعدة لتشجيع الثورة العالمية . كان هذا واقع الصين الثورية- بداية من إنتصار الثورة فى 1949 و بلوغ قمم غير مسبوقة خلال الثورة الثقافية بين 1966-1976 ، إلى وفاة ماو و انّ هكذا مجتمع وُجد بتوافق مع وجود البروليتاريا فى السلطة بقيادة ماو تسى تونغ و أبطال قضيتها من أمثال شانغ تش- تشياو.

تولّى شانغ تشن- تشياو مسؤوليات سامية فى هياكل الحزب و الدولة حيث كان عضوا بالمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ، ونائبا أوّلا و مسؤولا عن القسم السياسي لجيش التحرير الشعبي . و إستعمل هذه المواقع لقيادة الجماهير لتحدّى المسؤولين المتخندقين و تراتبية المجتمع الطبقي و لامساواته ، و الوزن القاتل لإيديولوجيا الماضى . كان هذا شيئا لامعا للغاية .

و كان شانغ قائدا شيوعيّا مزج فهما شاملا للنظرية الماركسية و حسّا متطوّرا بحيثيات و ديناميكية الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية . لقد قاتل من أجل خطّ ماو لمواصلة الثورة إلى أن يتمّ تجاوز كافة العلاقات و الأفكار الإستعبادية على النطاق العالمي . ومعتمدا على علم الثورة ، تجرّأ على قيادة الجماهير لإقتحام مجالات جديدة وكسر القيود التي تحول دون تحرّرها .

كان شانغ حيويّا فكريّا و منظّرا صارما و مجدّدا لا تستهويه العقيدة الباهتة . لقد كان يلتقط الجديد و يستحوذ على خيال الجيل الجديد من الثوريين الصينيين الذين برزوا خلال الثورة الثقافية . و قد أثرت قيادته و كتاباته فى الثوريين عبر العالم .

تريدنا البرجوازية أن نعتقد أنّ القادة الثوريين جميعهم يرضخون لإمتيازات السلطة و فسادها إلاّ أن حياة شانغ تشن- تشياو تثبت العكس.

الثورة الثقافية : قيادة خنادق النضال:

سجّل دور شانغ فى الثورة الثقافية ظهوره كقائد كبير و ممثّل لخطّ ماو الثوري لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا قصد بلوغ المجتمع الخالى من الطبقات ، المجتمع الشيوعي.

لقد لخّص ماو تجربة الإتحاد السوفياتي حيث إستولت على السلطة طبقة مستغِلّة جديدة لا تزال تطلق على نفسها إسم إشتراكية. وكان يناضل ضد التحريفية و خيانة الثورة تحت غطاء أو إسم الماركسية . و حلّل أنّ النخبة الرأسمالية الجديدة كانت تنشأ وسط الهياكل السياسية و الإقتصادية للصين، و تشكّل قيادتها العامّة داخل الحزب الشيوعي. و كان الأمر يتطلّب حلاّ جديدا راديكاليّا: إستنهاض الجماهير لنقد السلط البرجوازية و الرجعية و تحدّيها ، لخوض نضال سياسي جماهيري للإطاحة بالقوى البرجوازية الجديدة فى المواقع القيادية للمجتمع-" أتباع الطريق الرأسمالي"- و المضيّ قدما فى سيرورة تحويل الإقتصاد و السياسة و المجتمع و العلاقات الإيديولوجية للمجتمع. و عبر كلّ هذا مزيدا من جعل الجماهير سيدة للمجتمع . هذه هي الثورة الثقافية التي أطلقها ماو سنة 1966.

أرسل ماو شانغ تشن- تشياو إلى بكين للإلتحاق بالمجموعة المكلّفة بالثورة الثقافية لتقديم قيادة و توجيه لل" ثورة" داخل الثورة" غير المسبوقة. و كان شانغ يعيش لحظات كثيفة من أكثر اللحظات المعقّدة و كذلك الإختراقات – بما فى ذلك الأحداث المثيرة التي صارت معروفة بإعصار جانفى بشنغاي.

أواخر 1966، تحدّى الطلبة المتمرّدون و العمّال المتمرّدون فى شنغاي الجهاز حاكم المدينة الإضطهادي المتخندق و قدّموا نقدا للقيادة المحلّية و رفعوا مطالبا عاجلة من أجل نظام جديد. و إشتدّ الصراع . و تابع شانغ التطوّرات فى شنغاي بإهتمام كبير و عاد إلى المدينة فى عدّة مناسبات مقدّما دعم المجموعة المسؤولة على الثورة الثقافية و مساعدا المتمرّدين و مقدّما لهم القيادة . و طوّر الحركة الثورية وبتحالف مع قوّات المتمرّدين سيطر على مراكز المدينة الحيوية من إتصالات و إدارات ، فى جانفي 1967. و مثّل ذلك أوّل " إفتكاك للسلطة" من طرف الجماهير خلال الثورة الثقافية و صار نموذجا و رسم المظهر الإيديولوجي للإستيلاء على السلطة فى أجزاء اخرى من البلاد أثناء الثورة الثقافية.

و ساعد شانغ على منهجة دروس عاصفة شنغاي و نشرها. و ساهم بعمق فى تلخيص تجارب و تجريب تشكيل إدارات ثورية و مؤسسات سياسية ثورية لإستبدال النظام القديم.


التقدّم بالنظريّة الإشتراكية :

ساهم شانغ مساهمة عظيمة فى فهم البروليتاريا العالمية لطبيعة المجتمع الإشتراكي و إقتصاده و لطبيعة الثورة البروليتارية و أهدافها . لقد زاد شانغ فى تطوير رؤية ماو العميقة بأنّ تحويل وسائل الإنتاج إلى ملكية الدولة لا يضمن أن يكون المجتمع مجتمعا إشتراكيّا. فالطبيعة الحقيقية للملكية تتحدّد بالخطّ السياسي و الإيديولوجي القائد : هل أنّ الإقتصاد و المجتمع يُقاد و يتحرّك بإتجاه تحديد و إلغاء الإختلافات و اللامساواة الهامّة الباقية من المجتمع الرأسمالي القديم ، أم أنّ المجتمع على طريق و يتحرّك بإتجاه سيعيد النظام القديم حتى تحت قناع الإشتراكية ؟ و شدّد شانغ على أنّ الملكية مسألة سلطة : من يسيّر فعلا المجتمع ، و هل أنّ الجماهير تملك القدرة على مواصلة القيام بالثورة و تحويل المجتمع؟

و حلّل شانغ أنّه هناك بعدُ مظاهر رأسمالية فى علاقات الإنتاج الإشتراكية. لا تزال العلاقات بين الناس فى الإنتاج بعدُ علاقات طبقية . هل أنّ المديرين و القيادات المسؤولة فى الحزب و الدولة تشارك فى العمل المنتج إلى جانب الجماهير ، بصورة أوسع ، هل تشارك الجماهير فى مجالات هامّة فى المهام الإدارية و مجالات التربية و الثقافة ؟ أم هل أنّ الإختلافات تتعمّق و البون بين العمل الذهني و اليدوي يتسع؟ و شرح شانغ أنّ تقسيم العمل لا يمكن تجاوزه دفعة واحدة – لكن فى كلّ مرحلة من مراحل تطوير الثورة يجب أن يحدّد و يحوّل إلى أكبر درجة ممكنة.

يوضّح مقال شانغ " بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية " أنّ الثورة البروليتارية ثورة صريحة يجب أن تثابر على ممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية. و ينسحب هذا على جميع المجالات و فى كافة مراحل تطوّر الثورة. تهدف الثورة البروليتارية ، ويستشهد شانغ بوصف ماركس الشهير، القضاء على " الكلّ الأربعة " : كلّ الطبقات و الإختلافات الطبقية عموما ، كلّ علاقات الإنتاج التي تقوم عليها ، كلّ العلاقات الإجتماعية المتناسبة معها ، و كلّ الأفكار الناجمة عن هذه العلاقات الإجتماعية. و ينبغى أن تستمرّ الثورة إلى أن تقضي على هذه " الكلّ الأربعة " من على وجه الأرض.

و هذه لم تكن مسائلا نظرية للنقاش من طرف قسم صغير من قادة الحزب و إنّما كانت مسائل معروضة على الجماهير فى الصين. و قد تناولها بالدراسة الثوريون عبر العالم .

المعركة الكبرى الأخيرة :

كان شانغ تشن- تشياو وجها محوريّا فى الصراع بين الثورة و الثورة المضادة ، بين 1973 و 1976. وفى بداية السبعينات ، شرع دنك سياو بينغ و قوى تحريفية أخرى داخل الحزب الشيوعي فى تنظيم هجوم لإطاحة بالحكم البروليتاري. و قد عوّل ماو على شانغ و لبّ من قادة ثوريين ( ضمنهم تشانغ تشنغ ، زوجة ماو) ليسلّح سياسيّا الجماهير و يستنهضها لتخوض صراع حياة أو موت لصيانة الحكم البروليتاري و التقدّم به. و رفع شانغ التحدّى بوضوح رؤية و فهم علمي و بشجاعة لا حدود لها.

كانت لشانغ ثقة إستراتيجية فى قدرة الجماهير على إدراك دورها كصانعة للثورة و على إستيعاب الماركسية التي ستسلّحها للقيام بذلك. لقد تحرّك على أساس فهم أنّ مفتاح الدفاع عن الثورة و التقدّم بها هو الرفع من النشاط الواعى للجماهير. و إقتحم هو و قادة ثوريون آخرون الخضمّ و قدّموا القيادة لصراعات حادّة و معقّدة على جبهات متنوّعة : التربية و الإدارة الصناعية و الإستراتيجيا الإقتصادية و العلم و التقنية و مجالات أخرى. و كانوا بإستمرار يلخّصون التجربة و يستخلصون الدروس و يطبّقون الماركسية على المشاكل الجديدة. كانوا يخطّون طريقا إلى الأمام و يسلّحون سياسيّا و إيديولوجيّا البروليتاريا عالميّا. و حافظوا على هذا التوجّه و صانوا تصميمهم - حتى حين قاموا بأخطاء ، حتى حين كانت قطاعات من الناس متأثّرة لفترة بالأفكار المتخلّفة ، حتى حين كان ميزان القوى السياسي و العالمي قد بات أقلّ مواتاة للثورة فى الصين.

و بالفعل عندما نظّم تحريفيو الحزب الشيوعي الصيني إنقلابهم المسلّح إثر وفاة ماو سنة 1976، تحرّكوا و كان عليهم التحرّك ، بحسم ضد مركز القيادة الثوري داخل الحزب الشيوعي. و كانت العمليّة المحورية فى الإنقلاب إيقاف شانغ تشن- تشياو و تشانغ تشنغ ( و كلاهما عضوان فى ما سمّي " عصابة الأربعة " ) و وضع هذا الصين فى طريق حوّلها إلى معامل سيئة للعالم الرأسمالي كما هي حاليّا.

لكن العزلة و التهديدات بالموت لم تستطع أن تكسر إرادة تشانغ تشنغ و شانغ تشن- تشياو. و أثناء المحاكمة المسرحية التي نظّمها النظام التحريفي فى 1980-1981 ، واجهت تشانغ تشنغ من كانوا بصدد محاكمتها و فضحتهم و ظلّ شانغ صامتا فى تحدّى. و حُكم على شانغ بالموت وهو حكم إستبدل لاحقا بسجن مدى الحياة ؛ و بعد أكثر من 25 سنة أمضاها فى السجن لم يعبّر أبدا عن الندم على ما قام به.

مع إنقلاب سنة 1976 ، هزمت الثورة فى الصين و لكن الثوريين لم تلحقهم الهزيمة سياسيّا و إيديولوجيّا.
---------------

مثّلت الثورة الثقافية أعلى قمّة بلغتها إلى الآن الثورة البروليتارية . و على الماويّة أن تستمرّ فى التعلّم من هذه التجربة و من مثال قادة مثل شانغ تشن- تشياو. و ينبغى أن تلخّص الثورة البروليتارية نقاط قوّة و كذلك نقاط ضعف و حدود الثورة الثقافية ، بغرض المضيّ أبعد و إنجاز ما افضل ، و مواصلة الثورة عالميّا إلى أن تتحقّق المهمّة التاريخية للبروليتاريا- علم شيوعي حرّ من الإستغلال و الإضطهاد و الإختلافات الطبقية جميعها.











2- عاصفة جانفي بشنغاي

شانغ تشن- تشياو و حادثة آنتينغ


ولد شانغ تشن- تشياو فى محافظة آنهوي ، شرقي الصين و إنطلق فى نشاطاته الثورية فى الثلاثينات. كشاب كان أكثر نشاطا فى حقل الأدب كعضو من الحزب الشيوعي الصيني السرّي فى شنغاي.

و إثر تحرير شنغاي ، شارك شانغ تشن- تشياو فى إدارة الحزب و المدينة. و لسنوات شغل منصب نائب سكرتير لجنة الحزب البلدية و نائب وزير الدعاية . و شغل أيضا مناصب رئاسة لجنة شنغاي لعلاقات الصداقة مع البلدان الأجنبية و إلتقى بضيوف من الكثير من بلدان العالم. و فى سنة 1965 عندما توفّي والى شنغاي الذى كان ماويّا ، أزيح شانغ تشن- تشياو و عمليّا إستبعدته قوى عتيّة عارضت خطّ ماو فى بناء الإشتراكية.

سنة 1965 ، مثّل مقال نقد مسرحية كانت تهاجم ماو ضمنيّا إشارة إنطلاق للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و مكّن شانغ تشن- تشياو من موقعه كمدير قسم الدعاية من نشره فى صحيفتين فى شنغاي . و جعل ماو شانغ تشن- تشياو نائبا وقائدا ضمن المجموعة المكلّفة بالثورة الثقافية - الجهاز الوطني المسؤول عن قيادة الثورة الثقافية ما وضع شانغ فى معارضة مباشرة مع القادة المسيرين للحزب و الحكومة فى شنغاي الذين عارضوا خطّ ماو الثوري.

كان أعلى قادة الحزب فى شنغاي تحريفيين - يدافعون عن الثورة فى الأقوال لكنهم يقومون بكلّ ما فى وسعهم لخيانة الثورة و إعادة تركيز الرأسمالية. لقد حاولوا أن يخرّبوا و يقفوا سدّا أمام نشاطات الحرس الأحمر الذين أرسلوا من بكين لإنجاز الثورة الثقافية. و فى ظلّ قيادة شانغ ، نظّم الشباب المتمرّد و العمّال المتمرّدون أنفسهم ل" إستعادة السلطة من الذين فى السلطة أتباع الطريق الرأسمالي" وصار هذا نموذجا لكافة البلاد معروف بعاصفة جانفي.

وقد وصف شانغ تشن- تشياو النقاش و الصراع الحادين اللذين أطلق العنان لهما قائلا: " كنّا ننظّم نقاشات و نسأل المتمرّدين الإلتحاق بإجتماعاتنا لنقاش كلّ مشكل يطرأ . فى اليوم الواحد كانت تحضر تقريبا 40 منظّمة و فى اليوم التالى 100 . و ما كان الناس يعرفون بعضهم البعض. و رغم أنّنا كنّا منشغلين جدّا وعادة فى حالة فوضى، كنّا نشعر بأنّ هذا النوع من الأشياء كان ينحو إلى الحدوث فى ثورة و بهذه الطريقة تتمّ معالجة المشاكل. و كنّا ستقترف خطأ لو تسرّعنا ".

و قد جلب الصراع آلاف الناس إلى نقاش هائل حول أهداف المجتمع الإشتراكي و خطر القوى الموجودة بالضبط داخل الحزب و الحكومة مستعملين سلطتهم لإعادة تركيز الرأسمالية. و قد أطلق الكثير من شباب الحرس الحمر الصراع و إلتحق بهم آلاف العمّال...
و لاحقا صار شانغ تشن- تشياو عضوا فى المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني. و فى 1975، عُيّن نائبا للوزير الأوّل للحكومة و مشرفا على القسم السياسي لجيش التحرير الشعبي.

و برز الدور المحوري لشانغ تشن- تشياو فى الثورة الثقافية فى " حادث آنتينغ" الشهير فى نوفمبر 1966 الذى ادّى إلى عاصفة جانفى 1967. فى الثورة الثقافية و النضال ضد " الذين فى السلطة أتباع الطريق الرأسمالي" شاركت جماهير واسعة فى شنغاي. و قد شكّل ممثّلون عن عديد المصانع و المعاهد تحالفا واسعا للمنظّمات المتمرّدة. و خرجوا إلى شوارع المدينة ليشرحوا مواقفهم و لدحض التهم و دعوة الجماهير للمساهمة فى النضال الدائر و إلصاق المعلقات و تنظيم تجمّعات و مسيرات لمقاومة القادة التحريفيين و كنسهم من السلطة.

و سعت سلطات الحزب فى شنغاي للإبقاء على العمّال خارج نطاق الصراع ، خاصّة عن طريق تشويه الشعار الثوري " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج" مشدّدة على الجزء الثاني فقط. فكان يقال للعمّال إنّه يجب عليهم ان " ينفّذوا ما ورد فى هذا الشعار" – بعد مغادرة الشغل يلتحقون بالمسيرات. و رغم هكذا عراقيل تشكّل تنظيم للعمّال المتمرّدين على نطاق شنغاي كافة. و فى البداية عمل فى السرّية ثمّ فى بداية نوفمبر أعلن عن وجوده بمظاهرة أولى شارك فيها آلاف العمّال من ال800 مصنع بالمدينة. فمثّل ذلك ولادة القيادة العامّة للعمّال المتمرّدين بشنغاي.

قبل المسيرة ، أرسل العمّال المتمرّدون بعثة إلى سلطة المدينة. أرادوا أن تعترف لجنة الحزب رسميّا بمنظمتهم الجديدة و طالبوا بأن يلتحق الوالى بالمسيرة ليستمع إلى نقد الجماهير. و قد وقع رفض هذه المطالب و غيرها و عوض ذلك أصدر التحريفيون تعليمات بأنّ " أنصار الحزب لن يشاركوا أو يساندوا القيادة العامّة للعمّال المتمرّدين" و بعث التحريفيون جواسيسا إلى الجماهير المحتشدة و سحبوا المنصّة و حاول هؤلاء المستفزّون إعاقة المسيرة و فضّها.

مع ذلك دامت مظاهرات الطلبة و الكوادر و الفلاحين و العمّال ساعات عديدة. ثمّ توجّهت الحشود إلى لجنة الحزب بالمدينة أين طالبت بمقابلة الوالى. و لمّا رفض الوالى الخروج لمقابلتهم ، قرّر المتمرّدون التوجّه إلى بكين لعرض قضيّتهم مباشرة على ماو تسى تونغ.

و إلتقى 2500 عامل من أعضاء مركز القيادة فى محطّة قطارات شنغاي و إستولوا على قطار متجه إلى بكين و إستقلّوه . و قرّرت مجموعة أخرى من المتمرّدين السير على الأقدام مسافة 900 ميل إلى بكين.
و حين أمر قادة الحزب بشنغاي أن يقع إيقاف القطار فى آنتينغ ، حوالي 20 ميلا شمال المدينة، إلتحق الذين قرّروا السير على الأقدام بالذين كانوا بالقطار. و أرسل قادة الحزب بشنغاي مقرّبين لهم ليحثّوا المتمرّدين على العودة إلى ديارهم. بيد أنّ العديد من هؤلاء المقربين كُسبوا إلى مساندة التمرّد و العمّال و قدّم العمال من المصانع المجاورة و مزارع الكمونات الغذاء و الماء للعمّال المتمرّدين.

و دعا الحزب و موظّفو المدينة العمّال إلى العودة إلى أعمالهم- مرّة أخرى مسيئين إستعمال شعار " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " ليحاججوا بأنّه على العمّال ان يعودوا للعمل. قالوا إنّه بإمكان العمّال أن يساهموا فى الثورة- بعد ساعات العمل. لكن صمّم أكثر من 1000 عامل على أنّهم لن يغادروا إلى أن تتحقّق مطالبهم و إحتلّوا القطار طوال الأياّم الثلاثة التالية.

عند هذه النقطة ، تدخّلت المجموعة المركزية المكلّفة بالثورة الثقافية من بكين. و توجّه شانغ تشن- تشياو من هذه المجموعة إلى آنتينغ و طوال تجمع طال تسع ساعات ، إستمع إلى مطالب المتمرّدين و ناقش معهم المسألة المعقّدة لكيفية معالجة التناقض بين " القيام بالثورة " و " دفع الإنتاج " فى سيرورة خوض الصراع الطبقي. و أكّد شانغ للعمّال أنّ ماو و أعلى قيادات الحزب فى بكين أعربوا عن مساندتهم لهم و أقنعهم بالعودة إلى شنغاي لمواصلة النضال هناك.

ثمّ فى حركة " تحدى مباشر" ، عقد شانغ تجمّعا جماهيريا فى شنغاي مع العمّال الذين عادوا من آنتينغ ووقّع معهم شكليّا على مطالبهم. و قال شانغ إنّ ماو و اللجنة المركزية للحزب مطّلعة على الوضع فى شنغاي و إنّ اللجنة المكلّفة بالثورة الثقافية تعترف بمركز القيادة العمّالية كتنظيم ثوري و إنّ اللجنة الدائمة للجنة المركزية قد أكّدت هذا القرار. و فى الحال نشر المتمرّدون هذه الأنباء فى أصقاع المدينة مستعملين الملصقات و المناشير بالآلاف و أعلنوا تهليلهم بهذه المساندة الهامّة من بكين.

فإستشاط والى شنغاي الذى كان يعارض خطّ ماو و لمّا سمع بأنّ شانغ قد وقّع بنفسه على مطالب العمّال ، أبدى ملاحظة مفادها شانغ تشن- تشياو يوقّع و يتسبّب لنا فى حرج كبير! و إشتدّت الهجمات ضد قيادة شانغ – و تلقّى تهديدات بالقتل و جرى إقتحام منزله و تعرّض المتمرّدون العاملون تحت إمرته إلى هجمات جسدية.

و بالفعل قد هشّمت مساندة شانغ للعمّال المتمرّدين تهشما مصداقية الوالى و لجنته الحزبية و نهضت بدور فى منتهى الأهمّية فى خلق رأي عام مناصر للعمّال المتمرّدين نظرا لكونه معتبرا رسولا مباشرا من ماو. وماو ذاته بوضوح و بصورة خاصّة عبّر عن مساندته " لعاصفة جانفى بشنغاي" و دعا مناصريه عبر البلاد كافة للحثّ على تحرّكات من هذا القبيل حيث تكون ضرورية للحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية و التقدّم فى بناء الإشتراكية.

















3 - بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية

شانغ تشن- تشياو


منذ زمن طويل تقع مسألة دكتاتورية البروليتارية موقع القلب من الصراع بين الماركسية و التحريفية. لقد قال لينين ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا. و عندما ينادى الرئيس ماو البلاد برمّتها لأن تفهم هذه المسألة فقطعا كي نطبّق الماركسية و ليس التحريفية ، نظريّا و عمليّا.

تمرّ بلادنا بلحظة تاريخية هامة فى تطوّرها. فبعد أزيد من عقدين من الثورة و البناء الإشتراكيين ، خاصّة بعد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التي حطّمت مركزي قيادة برجوازيين هما مركز قيادة ليوتشاوتشى و مركز قيادة لين بياو، باتت دكتاتورية البروليتاريا أصلب من أي زمن مضى و الآن تتنفّس قضيتنا الإشتراكية الإزدهار.

فى الوقت الحالي ، وهو مندفع بروح قتالية ، الشعب قاطبة مصمّم على جعل بلادنا دولة إشتراكية قوية قبل نهاية القرن. الإستمرار أو عدمه فى تكريس دكتاتورية البروليتاريا طوال هذه المرحلة و كذلك المرحلة التاريخية للإشتراكية مسألة تقع على رأس الأولويّات التي تحدّد التطوّر اللاحق لبلادنا. و بدوره يتطلّب الصراع الطبقي الراهن أن نفهم جيّدا هذه المسألة. " فعدم الوضوح بهذا الصدد يؤدى إلى التحريفية " هذا ما صرّح به الرئيس ماو. لا يكفى أن يفهمها عدد قليل من الناس ، ينبغى أن تفهمها البلاد قاطبة ".

مهما شدّدنا لن يكون أبدا تشديدنا كافيا على درجة أهمّيتها- ليومنا هذا و للمستقبل- لإنجاز دراستنا على أفضل وجه. فمنذ 1920 ، بالإعتماد على تجربته العملية المكتسبة فى قيادة ثورة أكتوبر العظيمة و أوّل دولة دكتاتورية البروليتاريا، أشار لينين بدقّة متناهية إلى أنّ :" دكتاتورية البروليتاريا هي حرب بطولية و الأشرس تخوضها الطبقة الجديدة ضد عدوّ أقوى ، ضد البرجوازية التى تتضاعف مقاومتها بسبب الإطاحة بها ( ولو فى بلد واحد) و التى تكمن قوّتها ليس فحسب فى قوّة رأس المال العالمي ، فى قوّة و شدّة العادة ، فى قوّة الإنتاج الصغير. لأنّه للأسف ، يظلّ هناك فى العالم قدر كبير و كبير جدّا من الإنتاج الصغير و الإنتاج الصغير يولّد الرأسمالية و البرجوازية بإستمرار ، كلّ يوم و كلّ ساعة ، بشكل عفوي و على نطاق واسع. لكلّ هذه الأسباب ، دكتاتورية البروليتاريا ضرورية " .

وهو يحدّد أنّ هذه الدكتاتورية صراع شرس ، دامي و غير دامي ، عنيف و سلمي ، عسكري و إقتصادي، تربوي و إداري ، موجه ضد قوى المجتمع القديم و تقاليده ، أنّ الأمر يتعلّق بدكتاتورية شاملة على البرجوازية.

و شدّد فى عديد المناسبات على أنّه من غير الممكن إلحاق الهزيمة بالبرجوازية إذا لم نمارس ضدّها دكتاتورية شاملة و طويلة الأمد. جمل لينين هذه ، و خاصّة المقاطع التى سطّرها هو ذاته أكّدتها الوقائع. و بالفعل ظهرت عناصر برجوازية جديدة ، الواحدة بعد الأخرى. و قد تجسّدت فى طغمة المرتدّين خروتشاف و بريجناف.

عموما ، من أصول طبقية شعبية ، نمى هؤلاء الناس جميعهم فى ظلّ الراية الحمراء و إنتموا إلى الحزب الشيوعي من الناحية التنظيمية و تكوّنوا فى الجامعات و أصبحوا ما يسمّون بالأخصائيين الحمر . إلاّ أنهم مثلوا أعشابا سامّة جديدة ولدت من بقايا الرأسمالية القديمة.

وعقب خيانة طبقتهم و الإستيلاء على قيادة الحزب و الدولة و إعادة تركيز الرأسمالية ، أضحوا يمثّلون قيادة الدكتاتورية التى تمارسها البرجوازية على البروليتاريا ، فنجحوا حيث أخفق هتلر. " أرسل سبوتنيك إلى السماء، و أسقطت الراية الحمراء أرضا " . هذه التجربة التاريخية لا يجب بتاتا نسيانها و خاصة حين نبذل قصارى الجهد لبناء دولة قويّة.

ينبغى أن نعي تمام الوعي أن الصين متعرّضة على الدوام لخطر السقوط بين يدي التحريفية. و ذلك لأنّ الإمبريالية و الإمبريالية الإشتراكية لم تتخلّيا قطّ عن مطامعهما العدوانية و تشجيعهما التمرّد ضدّنا و لم يكفّ عن الوجود الملاّكون الإقطاعيون القدماء و البرجوازية وهم لا يسلّمون بخسارتهم و إنّما أيضا كما كان يقول لينين ، كلّ يوم ، كلّ ساعة ، تولد عناصر برجوازية جديدة.

يؤكّد بعض رفاقنا على أنّ لينين يتحدّث حينها عن ظاهرة وجدت قبل التعاونيات. و هذا رأي ببداهة خاطئ. أطروحات لينين لم يتجاوزها الزمن. لا تزال صالحة. ونقترح على هؤلاء الرفاق أن يقرأوا مجدّدا كتاب الرئيس ماو الذى نشر سنة 1957 أي " المعالجة الصحيحة للتناقضات فى صفوف الشعب". ففيه يحلّل بالملموس الوضع فى بلادنا حيث إثر الإنتصار الجوهري المحقّق فى التحويل الإشتراكي لنظام الملكية – وهو يشمل تركيز التعاونيّات – تبقى قائمة بعدُ الطبقات و التناقضات الطبقيّة و الصراع الطبقي حيث علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج ، و كذلك البنية الفوقية و البنية التحتية الإقتصادية ، فى آن منسجمتان و فى تناقض.

إنّه يلخّص التجربة الجديدة لدكتاتورية البروليتاريا المكتسبة بعد لينين و يجيب منهجيّا على كافة المسائل التى أثيرت منذ تغيّر نظام الملكية، و يحدّد المهام و الإجراءات السياسية لدكتاتورية البروليتاريا ، مرسيا هكذا الأساس النظري للخطّ الأساسي للحزب و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.

و تدلّل تجربة هذه السنوات 18 الأخيرة ، لا سيما تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، على أنّ نظرية ماو تسى تونغ و خطّه و الإجراءات السياسية المقدّمة صحيحة تماما.

وقد أشار الرئيس ماو فى المدّة الأخيرة - فى كلمة- إلى أنّ الصين بلد إشتراكي، قبل التحرير كان يشبه تقريبا الرأسمالية. و الآن أيضا ،ي ُمارس نظام الأجور ذى الثمانى درجات ، و التوزيع حسب العمل ، و التبادل عبر النقد ، و كلّ هذا لا يختلف أبدا عن المجتمع القديم. الإختلاف الوحيد هو أنّ نظام الملكية تغيّر.
لتعميق فهمنا لتوجيه الرئيس ماو هذا ، سنلقى نظرة على التغيّرات التى حدثت فى نظام الملكية فى الصين و حصص مختلف القطاعات الإقتصادية فى الصناعة و الفلاحة و التجارة فى 1973.

أوّلا، فى الصناعة. يشمل قطاع ملكية الشعب بأسره 97% من العقّارات ، و يشغّل 63% من العمّال وينتج 86% من القيمة الجمليّة للإنتاج الصناعي. و يشمل قطاع الملكية الجماعية 3% و 36.2 % و 14% تباعا. و يبقى الصناعيون الأفراد الذين يمثّل عددهم 0.8 %.

ثانيا فى الفلاحة : فيما يتصل بوسائل الإنتاج ، يناهز حجم الملكية الجماعية 90% من الأراضى الزراعية و تجهيزات الحفر و الريّ و تقريبا 80% من الجرّارات و المواشي الكبيرة. و حجم ملكية الشعب بأسره ضئيل. و هكذا 90%| من الإنتاج الوطني للحبوب و الزراعات الصناعية يُنتجها الإقتصاد الجماعي ،و لا تدخّل مزارع الدولة و لا تساهم إلاّ بنسبة مئوية ضئيلة جدّا.

هذا من جهة و من جهة أخرى ، نحافظ بدرجة محدودة على قطع أرض مخصّصة للإستعمال الخاص لأعضاء الكمونات الشعبية ، وكذلك للإستعمالات التعديلية للأسر.

و ثالثا فى التجارة. من الحجم العام للبيع بالتقسيط ، يمثّل قطاع الدولة ،و قطاع الملكية الجماعية و التجار الصغار تباعا 98.5% و 7.%3 و 0.2% . وفى المناطق الريفية ، يظلّ للتجارة عبر الأسواق [الأسبوعية أو الموسمية] أهمّية معيّنة.

و نستشفّ من هذه الأرقام أنّ الملكية الإشتراكية للشعب بأسره و الملكية الإشتراكية الجماعية للجماهير الشغيلة غالبة فعلا بشكل جلي فى بلادنا. و هيمنة ملكية الشعب بأسره تأكّدت بقوّة حتى أكبر ، و فى اقتصاد تسيره الكمونات الشعبية ، فإنّ حجم سلّم الملكيات الثلاث – الكمونة الشعبية و مفارز الإنتاج و فرق الإنتاج – شهد أيضا تغيرات.

لنأخذ مثال ضاحية تشانغ –هاي . مرّت المداخيل الراجعة بالنظر إلى نطاق الكمونة الشعبية من 28.1% فى 1973 إلى 30.5 % فى 1974، والراجعة بالنظر إلى مفارز الإنتاج ، مرّت من 15. 2 % إلى 17. 2 % فى الفترة ذاتها، فى حين أنّ تلك فى فرق الإنتاج تراجعت من 56.7% إلى 52.3%.

و هكذا شيئا فشيئا تبرز أفضلية الكمونة الشعبية ، المميّزة بإتساع حقل النشاط و درجتها العليا من المشركة.

أثناء هذه السنوات ال25 الأخيرة ، ألغينا تدريجيا الملكيات الإمبريالية و الرأسمالية البيروقراطية و الإقطاعية و غيّرنا خطوة خطوة ملكيات الرأسمالية الوطنية و العمّال الأفراد و قد عوّضت موجات الملكية العمومية الإشتراكية تدريجيا الأشكال الخمسة للملكية الخاصة.

و من هنا و على أساس صلب ، نؤكّد ، ليس دون فخر، أنّ بلادنا قد تغيّر نظام الملكية و أنّ البروليتاريا و العمّال الآخرين قد تحرّروا فى الأساس من ربقة الملكية الخاصّة و أنّ القاعدة الإقتصادية للإشتراكية تطوّرت و تعزّزت تدريجيا.

و يعكس الدستور الذى تبنّاه المجلس الوطني الشعبي بكلمات صريحة هذه الإنتصارات الكبرى التى حقّقناها. و مع ذلك ، علينا أن نعلم أنّ مشكل الملكية لم يُحل بعدُ بشكل كلّي. إن كنّا نقول عادة إنّه " قد حلّ فى الأساس" فذلك لأنّه لم يحلّ بشكل كلّي و لأنّ الحق البرجوازي هو أيضا لم يلغ كلّيا من ناحية الملكية.

و تسمح لنا الأرقام المشار إليها أعلاه بأنّ نلاحظ أنّ الملكية الفردية تتواصل جزئيّا فى الصناعة ، و الفلاحة و التجارة و بأنّ الملكية العامّة الإشتراكية توجد فى شكلين إثنين ،و ليس حصرا فى شكل ملكية الشعب بأسره و أنّ قسط ملكية الشعب بأسره بعدُ ضعيف جدّا فى الفلاحة ، أساس إقتصادنا الوطني.

عندما كانا يتوقعان أنّ الحق البرجوازي فى المجتمع الإشتراكي لن يوجد فى ميدان الملكية ، كان ماركس و لينين يفترضان أنّ مجمل وسائل الإنتاج ستكون على ملكية المجتمع بأسره. و نحن بالتأكيد لم نبلغ هذه المرحلة. لذا لا ينبغى أن نتغاضى عن كون فى هذا المضمار على المستوى النظري مثلما على المستوى العملي ، تواجه دكتاتورية البروليتاريا على الدوام مهمّة عسيرة للغاية.

و كذلك علينا أن نعرف أنّه بالنسبة لملكية الشعب بأسره شأنها شأن الملكية الجماعية ، يطرح سؤال فى ظلّ أية قيادة يوضعان ، أي أية طبقة تمتلكهما ، ليس بالإسم بل بالفعل.

فى 28 أفريل 1969 ، أثناء الإجتماع العام الأوّل للجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر التاسع، قال الرئيس ماو : "يبدو أنّه دون الثورة الثقافية لم يكن الأمر لينجح لأنّ قاعدتنا لم تكن صلبة.

حسب ما لاحظته ، لا أقول غالبية و لا الغالبية الساحقة ، و إنما ، أخشى أن تكون ، غالبية كبيرة من المصانع ، لم تكن بعدُ بين يدي الماركسيين الحقيقيين و لا حتّى بين يدي جماهير العمّال. وهذا لا يعنى أنّه لم توجد عناصر جيدة ضمنهم كانوا يديرون المصانع.بلى وُجدت، وُجدت ضمن الكتاب العامين ، و الكتاب العامين المساعدين و أعضاء لجان الحزب ووجدت ضمن الكتاب العامين للخلايا.

لكنّهم كانوا يتبعون الخطّ الذى رسمه قبلا ليوتشاوتشى ، ما يعنى ببساطة من جهتهم ممارسات من نوع الحوافز المادية و الربح فى موقع القيادة لا السياسة البروليتارية، و توزيع علاوات و هكذا".

و " مع ذلك توجد فعليّا عناصر سيئة فى المصانع". " وهذا يبيّن انّ الثورة لم تكتمل". كلمات الرئيس ماو هذه تشرح ضرورة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و تفهمنا بصورة أوضح أنّه فى ما يتصل بالملكية مثلما فى أية مسألة أخرى، ليس بوسعنا أن نقتصر على رؤية الأمور فى ظاهرها و إنّماعلينا أن ندرك مضمونها الحقيقي.

من الصحيح تماما أن نولي إهتماما كبيرا للدور الحيوي للملكية فى علاقات الإنتاج. و سيكون مع ذلك من الخاطئ أن نلاحظ مع كلّ العناية اللازمة هل أنّ مشكل الملكية قد جرى حلّه فعلا أم فقط ظاهريّا. سنقترف خطأ إن إستهنّا بإنعكاسها على العنصرين الآخرين لعلاقات الإنتاج- العلاقات بين الناس و شكل التوزيع. و إنعكاس البنية الفوقية على البنية التحتية الإقتصادية ، لأنّ هذين العنصرين و البناء الفوقي ينهضان بدور حيوي فى ظروف معيّنة.

السياسة تعبير مركّز عن الإقتصاد.

إنّ الخطّ الإيديولوجي و السياسي و الطبقة التى تقود هي العوامل التى تحدّد إلى أية طبقة تعود ملكية المصانع فى الواقع. و بإمكان رفاقنا أن يتذكّروا كيف أنّ مؤسسة تابعة للرأسمالية البيروقراطية أو الرأسمالية الوطنية تصبح مؤسسة إشتراكية حينما نبعث إليها ممثّلينا من لجنة المراقبة العسكرية أو من القطاع العام، لتحويلها تكريسا لخطّ الحزب و إجراءاته السياسية ،أليس كذلك؟ بلا إستثناء ، كلّ تغيّر هام فى نظام الملكية تاريخيا، سواء عند تعويض النظام العبودي بالنظام الإقطاعي، أم أثناء تعويض الرأسمالية للإقطاعية، قد بدأ بإفتكاك السلطة ، للمرور بعدئذ ،بالإعتماد على قوّة السلطة المكتسبة ، على تغيير على نطاق واسع للملكية و إلى تعزيز و تطوير نظام ملكية جديد.

و الشيئ نفسه أصحّ حتى بالنسبة للملكية العامّة الإشتراكية التى ليس بوسعها هي أن تنشأ فى ظلّ دكتاتورية البرجوازية. و الرأسمال البيروقراطي – الذى كان يتدخّل بنسبة 80% فى صناعة الصين القديمة – لم نستطع تحويله إلى ملكة الشعب بأسره إلاّ إثر إنتصار جيش التحرير الشعبي على تشان كاي تشاك.

و كذلك ، إعادة تركيز الرأسمالية تبدأ بالضرورة بإفتكاك السلطة بتغيير خطّ الحزب و سياساته. ألم يحدث خروتشاف و بريجناف تغييرا فى الملكية على هذا النحو فى الإتحاد السوفياتي؟

و أيضا علينا أن نعي أنّنا نطبّق حاليّا النظام السلعي. لقد قال الرئيس ماو إنّ بلادنا تطبّق فى الوقت الحاضر النظام السلعي و نظام الأجور غير متساوي ،و يوجد سلّم أجور بثمانى درجات إلخ. و كلّ هذا ليس بوسعنا إلاّ تقليصه فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.لهذا ، إنّ توصّل أناس مثل لين بياو إلى السلطة ، سيكون من السهل عليهم إرساء نظام رأسمالي.

و هذه الحالة التى يشدّد فى إبرازها الرئيس ماو لا يمكن أن تتغيّر على المدى القصير. ولنذكر مثال الكمونات الشعبية بشنغاي حيث كان التطوّر الإقتصادي سريعا نسبيّا على نطاق الكمونة مقارنة بمفارز الإنتاج فى العقارات المرتبطة بها على المستويات الثلاثة للملكية، تعدّ الكمونة 34.2% و المفارز 15.1% فقط و الفرقة 50.7 % .

لو أخذنا فى عين الإعتبار فقط الظروف الإقتصادية للكمونات الشعبية ، سيظلّ من اللازم زمن طويل حتى يمرّ دور وحدة الحساب الأساسية من مستوى فرقة الإنتاج إلى مفرزة الإنتاج ثمّ إلى مستوى الكمونة.
و حتّى عندما تصبخ الكمونة ، هي الوحدة الحسابية ، سيتعلّق الأمر كذلك بنظام الملكية. و بناء عليه ،لا يمكن تغيير الوضع المتميّز بتواجد جنبا إلى جنب لشكلين – ملكية الشعب بأسره و الملكية الجماعي- تغييرا راديكاليا على المدى القصير.و طالما ظلّت موجودة ، فإنّ الإنتاج السلعي و التبادل عبر النقد/ المال و التقسيم حسب العمل سيكونون حتميين .

و نظرا لكلّ هذا ، ليس بمستطاعنا سوى تقليص ذلك فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا . إنّ تطوّر المظاهر الرأسمالية فى المدن مثلما فى الأرياف و ظهور عناصر برجوازية جديدة أمر حتميّ أيضا. إذا لم نفرض عليها حدودا ، فإنّ الرأسمالية و البرجوازية سيشهدان تطوّرا أسرع حتى.

لذا ، لا ينبغى بأي حال أن نخفض من يقضتنا بتعلّة تحقيق إنتصار كبير فى ميدان تغيير نظام الملكية و إنجاز ثورة ثقافية بروليتارية كبرى.

يجب ان ننظر إلى أنّ قاعدتنا الإقتصادية ليست بعدُ صلبة و أنّ الحقّ البرجوازي لم يُقضى عليه قضاءا مبرما فى علاقة بالملكية ، و أنّه يظلّ يظهر جدّيا فى العلاقات بين الناس وهو يحتلّ موقعا مهيمنا فى التوزيع.

فى مختلف ميادين البنية الفوقيّة ، بالفعل تمسك البرجوازية ببعض القطاعات و تحافظ فيها على الأفضلية و إن كانت تجرى إصلاحات فى بعض القطاعات الأخرى، فإنّ نتائجها لم تتعزّز بعدُ ؛ إنّ الإيديولوجيا القديمة و القوّة القديمة للعادة تعرقل بعناد نموّ الأشياء الإشتراكية الجديدة.

و بحكم تطوّر العوامل الرأسمالية فى المدن و فى الأرياف، تظهر عناصر برجوازية جديدة الواحدة تلو الأخرى و الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية و بين مختلف القوى السياسية و بين الإيديولوجيا البروليتارية و البرجوازية ستكون أطول و عرضة للتقلّبات ، و أحيانا ستصبح حتى حادة للغاية.
و حتى عندما يصبح الملاكون العقّاريون و البرجوازيون من الجيل القديم جميعهم رمادا ، فإنّ هذا الصراع الطبقي لن ينتهي بعدُ، و من الممكن أن يصعد أناس من أمثال لين بياو إلى السلطة و أن تعيد البرجوازية تركيز الرأسمالية.

فى خطابه حول الوضع و سياساتنا إثر الإنتصار فى حرب المقاومة ضد اليابان ، قال الرئيس ماو إنّه فى 1936، قرب باووان حيث كانت مجتمعة للجنة المركزية ، كانت عصابة مسلّحة معادية للثورة تمسك قرية قامت بتحصينها و كانت ترفض الإستسلام بعناد و فقط لمّا هاجم الجيش الأحمر و إفتكّ القرية ، حلّت المشكلة.

و هذه القصّة الأمثولة ذات بعد عالمي ، لأنّها تعلّمنا أنّ " كلّ ما هو رجعي متشابه ، طالما لم نضربه ، من المستحيل إسقاطه. و يشبه الأمر عملية الكنس فحيث لا تمرّ المكنسة ، لا يندثر الغبار بمحض إرادته" .و اليوم ، عديدة هي " القرى المحصّنة" التى تمسك بزمامها البرجوازية و لمّا نقضى على واحدة ، يمكن لأخرى أن تظهر حتى و لو بقيت واحدة فحسب ، لن تضمحلّ مع ذلك بمحض إرادتها، طالما لم تمرّر عليها المكنسة الحديدية لدكتاتورية البروليتاريا. و كان لينين على حقّ تماما عندما قال إنّه نظرا لكافة هذه الأسباب دكتاتورية البروليتاريا ضرورية.

و من التجربة التاريخية نستخلص الدرس التالي مواصلة ممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية ، فى كافة الميادين و فى كافة مراحل تطوّر الثورة، أمر ضروري يضمن أن تنتصر البروليتاريا على البرجوازية و أن لا تصبح الصين دولة تحريفية.

ما هي الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية ؟

إنّها الصيغة الأكثر جوهرية فى هذا المقتطف من رسالة وجّهها ماركس سنة 1852 إلى ج وايدماير ، و نحن الآن جميعا بصدد دراستها . كتب فيها ماركس :

" و فيما يخصّنى ليس لى لا فضل إكتشاف وجود الطبقات فى المجتمع المعاصر و لا فضل إكتشاف صراعها. فقد سبقنى بوقت طويل مؤرّخون برجوازيون بسطوا التطور التاريخي لصراع الطبقات هذا ، و إقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الإقتصادية. و ما أعطيته من جديد يتلخّص فى إقامة البرهان على ما يأتى :

1- إنّ وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل تاريخية معينة من تطور الإنتاج،2- إنّ النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى دكتاتورية البروليتاريا، 3- إنّ هذه الدكتاتورية نفسها ليست غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالي من الطبقات..."

و أشار لينين إلى كون هذه الأطروحة اللامعة لماركس تسلّط الضوء تماما على الإختلاف الأساسي و الجوهري بين نظرية الدولة التى تقدّم بها ماركس و النظرية البرجوازية و تبرز إبرازا جيّدا جوهر أطروحة ماركس.

و تجدر الملاحظة أنّ صيغته حول دكتاتورية البروليتاريا تقدّم بثلاث مصطلحات مترابطة ، وثيقة الإرتباط لا يمكن فصل الواحد منها عن الآخر. لأنّ الجملة تترجم بصفة شاملة التطوّر العام لدكتاتورية البروليتاريا- ولادة و تطوّر و إضمحلال- وهي تلخّص كافة المهام و المضمون الملموس.

فى " صراع الطبقات فى فرنسا ( 1848-1850)، حدّد ماركس بدقّة و إن كانت هذه الدكتاتورية تمثّل مرحلة إنتقالية ضرورية لبلوغ القضاء على كلّ الإختلافات الطبقية و القضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تعتمد عليها، و القضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تترافق مع علاقات الإنتاج هذه ، و قلب كلّ الأفكار النابعة عن هذه العلاقات الإجتماعية.

هنا يستعمل ماركس كلمة "كلّ" أربع مرّات و لا يقول جزئيّا و لا فى الجزء الكبير منها ، و لا فى أكبر جزء منها ، يقول "كلّ". و لا شيئ مفاجئ فى ذلك بما أنّ البروليتاريا لن تستطيع التحرّر النهائي دون تحرير الإنسانية جمعاء.

و لبلوغ ذلك ، يجب بالضرورة ممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية و مواصلة الثورة فى ظلّ هذه الدكتاتورية إلى النهاية ، إلى أن نبلغ على كوكبنا الأهداف الأربعة - بحيث لا تستطيع البرجوازية و الطبقات المستغلّة الأخرى لا أن توجد و لا أن تولد من جديد - و لا يجب خاصّة الوقوف فى منتصف الطريق من السيرورة الإنتقالية.

فى رأينا، فقط بفهم من هذا القبيل ، سنستوعب حقّا جوهر المفهوم الماركسي للدولة. لنعمل فكرنا قليلا أيّها الرفاق.إذا لم نفهم الأمور على هذا الوجه ، و نمضى ، نظريّا و عمليّا ، فى تقليص و بتر و تحريف الماركسية ، فى أن نجعل من دكتاتورية البروليتاريا لفظا خاويا ، فى أن نجتزأ الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية و نمارس هذه الدكتاتورية فى بضعة ميادين فحسب ، و ليس فى جميعها ، فى مرحلة معيّنة فقط ( مثلا قبل تحويل نظام الملكية) و ليس طوال كافة المراحل، بكلمات أخرى ، إذا عوض أن نحطّم كلّيا كلّ " القرى المتحصّنة" البرجوازية ونحافظ على بعضها و نجعلها توسّع من جديد من قواها، ألا يُعدّ هذا إعدادا لظروف إعادة تركيز البرجوازية و جعل دكتاتورية البروليتاريا جسرا لخدمة البرجوازية ، لا سيما البرجوازية الجديدة النشأة ؟

كلّ عامل ، كلّ فلاّح فقير ،فلاّح متوسّط - فقير أو شغيل آخر يرفض السقوط فى البؤس و عذابات الماضي كلّ عضو فى الحزب الشيوعي مصمّم على تكريس حياته للنضال من أجل الشيوعيّة ، كلّ رفيق لا يريد أن يرى الصين تتحوّل إلى التحريفية يجب أن يحفر فى ذهنه هذا المبدأ الجوهري للماركسية . يجب أن نمارس دكتاتورية شاملة على البرجوازية و فوق كلّ شيئ عدم الوقوف فى منتصف الطريق.

ما لا يمكن نكرانه هو أنّ عددا من الرفاق لم ينخرطوا فى الحزب الشيوعي إلاّ على المستوى التنظيمي، لكن ليس على المستوى الإيديولوجي.نظرتهم للعالم لم تتجاوز بعدُ إطار الإنتاج الصغير و الإنتاج البرجوازي. إنّهم مع دكتاتورية البروليتاريا فى مرحلة معيّنة أو فى ميدان معيّن، و يفرحون ببعض إنتصارات البروليتاريا ، لأنّهم يجدون فيها بعض الإمتيازات.

لكن حين يتمّ الحصول على هذه الإمتيازات ، يعتقدون أنّه حان وقت الترجّل و تنظيم المنزل برفاهة. دكتاتورية شاملة على البرجوازية ؟ خطوة أولى من مسيرة ألف ميل؟ أمر لا أهمّية له بالنسبة إلي فليقم به آخرون. بالنسبة إلي إنّها المحطّة الأخيرة ، أغادر الركب.

لهؤلاء الرفاق ، نسدى النصيحة التالية: النزول فى منتصف الطريق خطير. البرجوازية بعدُ تناديكم ملوّحة بإشاراتها ، من الأفضل أن تلتحقوا بأغلبية قوانا و أن تواصلوا المضيّ قدما.

و فضلا عن ذلك ، تعلّمنا التجربة التاريخية إنّه ، قبل الإنتصارات التي تحقّقها دكتاتورية البروليتاريا الواحدة تلو الأخرى ، تدعى البرجوازية القبول بهذه الدكتاتورية ، لكنّها مع ذلك تسعى ، عمليّا ، إلى إعادة تركيز دكتاتوريتها هي. و هذا بالضبط ما قام به خروتشاف و بريجناف. لم يغيّرا إسم السوفيات و لا إسم حزب لينين و لا إسم الجمهوريات الإشتراكية. بيد أنّه ،تحت غطاء هذه التسميات التي يحافظون عليها ، أفرغوا دكتاتورية البروليتاريا من مضمونها، وجعلوا منها دكتاتورية البرجوازية الإحتكارية معارضة للسوفيات و لحزب لينين و الجمهوريات الإشتراكية. لقد قدّموا برنامج دولة الشعب بأسره و حزب الشعب بأسره، و برنامجا تحريفيّا يخون بوضوح الماركسية.

لكن حين ينهض الشعب السوفياتي ضد الدكتاتورية الفاشية ، يرفعون راية دكتاتورية البروليتاريا ليخضعوا الجماهير إلى القمع.

و حصلت أشياء مماثلة فى بلادنا أيضا.ألم ينشر ليو تشاوتشى و لين بياو ببساطة نظرية " إضمحلال الصراع الطبقي" بينما كانوا يرفعون الشعار ذاته و هم يقمعون الثورة ؟ ألم يكن لدى لين بياو قدّاس بأربع نقاط منها نقطة تؤكّد عدم نسيان دكتاتورية البروليتاريا أبدا؟ و بالفعل لم يكن ينساها قطعا ن غير أنّه يجدر بنا أن ندخل هنا لفظ " الإنقلاب على " ، ما يعطينا " عدم نسيان الإنقلاب على دكتاتورية البروليتاريا ".

ووفق الإعترافات الخاصّة لهؤلاء الناس ، يتعلّق الأمر ب" هاجمة قوى الرئيس ماو مع رفع راية الرئيس ماو".أحيانا ، يبدون " خاضعين " للبروليتاريا و يظهرون حتى طابعا أكثر ثورية من أيّ كان ، باثين شعارات " يسارية " لتشجيع الإضطرابات و القيام بأعمال تخريبية.

و لكن فى غالبية الأحيان ، يخوضون صراعا بلا هوادة ضد البروليتاريا. تريدون التحويل الإشراكي ؟ يدّعى أنّه يعزّز نظام الديمقراطية الجديدة. تريدون تركيز تعاونيّات و كمونات شعبية ؟ يقول إنّ الوقت مبكّر جدّا. تعتبرون أنّه يبغى تثوير الفنّ و الأدب ؟ يدافع عن أنّ عرض بعض مسرحيّات الأشباح لا يضرّ أصلا.تريدون أن تحدّدوا الحقّ البرجوازي؟ يجده جيّدا و يقول إنّه يجب بالأحرى توسيعه.

و أنصار هذه الأفكار العتيقة كثيرون كما فى خليّة الذباب ، حول ما سمّاه ماركس " بقايا " و " مخلفات" المجتمع القديم. يولون إهتماما جدّ خاص لتوجيه خطابهم إلى الشباب و المراهقين، مستفيدين من إنعدام تجربتهم، بأنّ الحافز المادي مثل الجبن المتخمّر الذى و إن كانت رائحته قويّة فهو مع ذلك ليس أقلّ لذّة. و كلّ هذه التصرّفات القذرة ، يخفونها تحت إسم الإشتراكية.

و بعض الأنذال ، وهم يمارسون المضاربة و الإختلاس و السرقة ، ألا يدّعون أنّهم يمارسون التعاون الإشتراكي؟ و هؤلاء المحرّضين المجرمين الذين يسمّمون الشباب و المراهقين ألا يتظاهرون بأن يكونوا مواصلى قضيّة الشيوعية.

ويترتّب علينا دراسة تكتيكاتهم و تلخيص تجربتنا حتى نكرّس بشكل فعّال أكثر الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية. " تريدون ان تهبّ ريح " الشيوعية" " ؟ طرح هذا النوع من السؤال لبثّ الدعايات تكتيك إستخدمه بعض الأشخاص فى المدّة الأخيرة.

و يمكننا أن نجيبهم بوضوح بأنّنا لن نسمح مجدّدا أبدا بان " تهبّ ريح " شيوعية " على نمط " شيوعية " ليوتشاوتشى و تشان بوتا. لقد إعتبرنا دوما أنّ بلادنا ، بعيدا عن أن تمتلك من السلع اكثر من اللازم، لم تبلغ بعد الوفرة الكبيرة . وطالما أنّه ليس للكمونات قدر كاف ل" ممارسة جماعية الممتلكات " مع مفارز الإنتاج و فرق الإنتاج و أنّ نظام ملكية الشعب بأسره لا يتمتّع بأقصى الوفرة فى السلع ليطبّق، فى صفوف 800 مليون ساكن، مبدأ التوزيع حسب الحاجيات ، لن يكون بوسعنا إلاّ المحافظة على الإنتاج السلعي ، و التبادل بواسطة المال و التوزيع حسب العمل.

أمّا بالنسبة للتبعات الضارة الناجمة عن ذلك ، فإنّنا إتخذنا و سنواصل إتخاذ الإجراءات المناسبة لتحديدها. دكتاتورية البروليتاريا تمارسها الجماهير. و نحن مقتنعون بأنّه فى ظلّ قيادة الحزب ، للجماهير الواسعة القوّة و القدرة على القتال و الإنتصار فى النهاية على البرجوازية.

لقد كانت الصين القديمة بلدا غارقا تماما فى بحر من الإنتاج الصغير. و مثّلت دوما التربية الإشتراكية لمئات الملايين من الفلاحين مشكلا جدّيا ، ما سيتطلّب جهود أجيال عديدة. و من مئات الملايين من الفلاحين الفقراء و الفلاحين المتوسّطين –الفقراء هم الأغلبية و قد فهموا ، عبر الممارسة ، انّ الطريق الوحيد المضيئ بالنسبة لهم هو إتباع سياسات الحزب الشيوعي و إنتهاج الطريق الإشتراكي. و بالتعويل عليهم لتحقيق الوحدة مع الفلاحين المتوسّطين ، سمح حزبنا للفلاحين بأن يمضوا خطوة خطوة نحو الكمونة الشعبية، مرورا بفرق التعاون، و التعاونيّات الفلاحية للإنتاج ذات الأشكال الأوّلية و العليا و كذلك نستطيع أن نقودهم فى مواصلة سيرهم قدما.

و نودّ بالأحرى أن نلفت إنتباه رفاقنا على كونه اليوم يهبّ نوع آخر من الريح، يسمّى " البرجزة " . يتعلّق الأمر بنمط حياة برجوازية تحدّث عنه الرئيس ماو ، ريح خطيرة تفسد " البعض" الذين ألمحنا إليهم و تحوّلهم إلى عناصر برجوازية. و من ضمن هؤلاء " البعض" برجزة جزء من الشيوعيين و خاصّة من الكوادر القيادية قادرة على أن تلحق بنا أكبر الضرر.

تحت وطأة هذا التيّار الخطير ، ينطلق بعض الأشخاص المتشبعين بالأفكار البرجوازية فى سباق محموم نحو التشريفات و الثراء و عوض أن يخجلوا من ذلك، تراهم فخورين بما يفعلون. و قد بلغ الحدّ ببعضهم حتى أن يحوّل كلّ شيئ إلى سلع ،حتى ذواتهم. و بالنسبة لهم ، الإنخراط فى الحزب الشيوعي و العمل من أجل البروليتاريا ليس سوى وسيلة لتتمكّن كسلعة من ميزة ترتيب طبقي للحصول على أعلى أجر تدفعه لهم البروليتاريا. و الذين ليسوا بشيوعيين فى الإسم و هم فى الواقع عناصر برجوازية جديدة يمثّلون ميزات مجمل البرجوازية المتداعية للموت و الفاسدة.

طوال التاريخ ، بينما كانت طبقات ملاّكي العبيد و الملاكين العقّاريين و البرجوازية فى مرحلة صعودها ، قدّمت للإنسانية مساهمات معيّنة. أمّا اليوم وهم يديرون ظهرهم لسابقيهم ، لا تمثّل العناصر البرجوازية الجديدة إلاّ فئة مكروهة و قذرة " جديدة" و لا يؤدون إلاّ أدوارا ضارة بالإنسانية. ومن ضمن الذين يبثّون الإشاعات بإسم ريح" الشيوعية" هناك عناصر برجوازية جديدة ، وقد إستحوذت على الأملاك العامة ، تخشى من أن يجعل الشعب ريح " الشيوعية " تهبّ عليها هي و عناصر ترغب فى الإستفادة من هذه الوليمة.

لكلّ هؤلاء الناس إحساس أرهف بكثير من إحساس العديد من رفاقنا. و بينما يعدّ بعض رفاقنا الدراسة مهمّة ضاغطة يشعرون بالحدس أنّ حركة الدراسة الحالية مهمّة ضرورية لكلّ من البروليتاريا و البرجوازية.

يمكن أن يجعلوا حقّا ريحا صغيرة من " الشيوعية " تهبّ أو يحيكوا بعض المؤامرات مستعملين شعاراتنا و محدثين عمدا بلبلة حول النوعين المختلفين من التناقضات ذات الطبيعة المختلفة. وهي مسألة تستحقّ أن نوليها إنتبهنا. و قوّته تعدّ بمئات الملايين، جيشنا الثوري البروليتاري الكبير الذى نشكّله يتقدّم ، بقيادة اللجنة المركزية للحزب و الرئيس ماو على رأسها.

لدينا 25 سنة من تجربة دكتاتورية البروليتاريا ، إليها نضيف التجربة الحاصلة على المستوى العالمي منذ كمونة باريس. لئن قدّم مئات أعضاء اللجنة المركزية لحزبنا ، و آلاف كوادرنا و أنجزوا البحوث و الدراسات و لخّصوا تجربتهم ، سنتوصّل إلى تجسيد نداء الرئيس ماو ، إلى التمكّن من فهم جيّد لمسألة دكتاتورية البروليتاريا و إلى ضمان أن يتقدّم حزبنا منتصرا على ضوء الماركسية – اللينينية فكر ماو تسى تونغ.

ليس للبروليتاريا ما تخسره سوى قيودها. و لها عالم تربحه. إنّه أفق فى منتهى الإشراق يحثّ و سيحثّ عددا متزايدا من العمّال و الشغّالين الواعين طبقيّا و فيلقهم الطليعي ، الشيوعيون ، على مواصلة السير على هدي الخطّ الأساسي للحزب و للدكتاتورية الشاملة على البرجوازية و على مواصلة المضيّ بالثورة إلى النهاية فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا، سيقع القضاء على البرجوازية و كافة الطبقات المستغِلّة الأخرى و ستنتصر الشيوعية ، وهو أمر حتمي ، لا مفرّ منه ، مستقلّ عن إرادة الإنسان. /

=========================================================





















تشانغ تشن- تشياو ( 1917- 2005 )

4 - على رأس الجماهير و فى أقبية سجون العدوّ : مدافع لا يلين عن الشيوعية

أخبار" عالم نربحه " 16 ماي 2005


كان شانغ قائدا من المسمّاة "مجموعة الأربعة " [ أو " عصابة الأربعة " حسب التحريفيين الصينيين] إلى جانب تشانغ تشنغ ، زوجة ماو تسى تونغ. و فى الواقع ينبغى أن تسمّى " مجموعة الأربعة " " مجموعة الخمسة " بما أنّهم كانوا أقرب رفاق ما وفى قيادة الحزب الشيوعي الصيني. و قد وقع إيقافهم بعد شهر من وفاة ماو سنة 1976 كجزء من الإنقلاب العسكري الذى بواسطه إفتكّ معارضو ماو فى الحزب السلطة و وضعوا بالقوّة حدّا للثورة الثقافية التى قادها ماو ضدّهم و أطاحوا بالإشتراكية.

ورد فى تقرير لوكالة أنياء كسنهوا الرسمية الصينية فى 10 ماي أنّ تشانغ توفّي فى 21 أفريل . و قد أبقوا وفاته سرّا لما يناهز الأسابيع الثلاثة لعلّ ذلك بهدف التقليص من خطر أن تحدث وفاته موجة جديدة من التحرّكات المناصرة لماو تسى تونغ. و على الأقلّ يدلّ التأخير على إعلان الوفاة عن تردّد و خوف و يتضارب مع الفكرة الرسمية القائلة بأنّ تشانغ قد فقد كلّ تأثيره كرمز ماوي.

لقد حوكم " الأربعة " فى 1981 بسبب ما تلخصه يومية الشعب الصينية الآن على أنّه " تجاوزات الثورة الثقافية " و " محاولة إفتكاك السلطة بعد وفاة ماو". و صدر حكم الإعدام ضد تشانغ تشنغ و تشانغ تشن- تشياو ( و عوّض لاحقا بالسجن مدى الحياة) ، بينما ياو وان يوان ووانغ هونغ وان المحاكمين معهما ، و اللذان تراجعا فى تلك المحاكمة ، حصلا على 20 سنة سجنا. توفّيت تشانغ تشنغ فى السجن فى ظروف غامضة سنة 1991 ، عقب 15 سنة من السجن الإنفرادي. و أطلق سراح وانغ سنة 1998 ثم مات ، و كذلك أطلق سراح ياو قبل تقريبا عقد و يقال إنّه لا يزال على قيد الحياة. لذا حفّت الكثير من السرّية ب سجن تشانغ تشن- تشياو و بالتالى بمكان سجنه و ظروفه ؛ و إلى حدّ الإعلان الأخير ، كان غالبية الناس فى العالم يعتقدون أنّه قد مات فى 1998. ووفق إعلان وكالة أنباء كسنهوا، قد أخرج من السجن فى جانفى من تلك السنة " لأسباب صحّية ".

أثناء المحاكمة ، بعدُ ورد فى تقارير أنّ تشانغ كان يعاني من السرطان و رفض التعاون بأيّة صفة مع السلطات و حتى الحديث أصلا، بإستثناء عدم الإعتراف بالتهم الموجّهة له. كانت نظرته المتوقّدة للقضاة لا تنسى بالنسبة لكافة الذين شاهدوا لقطات على الشاشة الصغيرة حيث كانت عيناه ثاقبتان ضمن وجه واضح الملامح بلحية بارزة لكن مصممّ و متحدّى.

لقد دافعت تشانغ تشنغ عن نفسها و عن خطّ ماو تسى تونغ دفاعا قويّا. و كان دعم شانغ تشن- تشياو لها و إحتقاره لمعتقليها واضحا جليّا . وفى ردّها على التهم ، قالت تشانغ تشنغ إنّه لا خطأ فى الإطاحة بقادة الحزب العاملين على إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. و أضافت إنّ الذين يضطهدونها الآن و يضطهدون عدّة آلاف من الثوريين الآخرين لم يكونوا فى وضع ليشتكوا من أنّهم قد خسروا مواقعهم القيادية.

و اليوم برؤية تاريخية ، إنّه حتى ساطع أكثر أنّ بغضّ النظر عن عديد " التجاوزات" و الأخطاء أثناء الثورة الثقافية ، البون شاسع بين القيادات الثورية التى قادت النقاشات و الصراعات الجماهيرية التى جلبت الملايين من الناس إلى الحياة السياسية إبّان سنوات ماو من جهة و النظام الذى أطاح بهذه الإشتراكية و لاحقا إقترف مجزرة ساحة تيان آن مان لبثّ الرعب فى صفوف الشعب و لإسكات كلّ معارضة من جهة ثانية ، و يشبه الإختلاف بين الليل و النهار.

و من أهمّ التهم الخاصّة ضد الأربعة أنّهم سعوا ، من بيكين ، إلى تنظيم تمرّد مسلّح فى شنغاي ضد الإنقلاب فى محاولة لتوحيد المقاومة عبر البلاد. و كان شانغ تشن - تشياو قائدا حزبيّا هناك و رغم أنّ السلطات إستطاعت أن تحبط المحاولة فى شنغاي ، جزئيّا بسبب تردّد الذين كان عليهم تزعّمها محلّيا، وُجدت مقاومة مسلّحة فى الكثير من المدن لأشهر عدّة ، إلى أن تمكّن الجيش و الإيقافات و الإعدامات من وضع حدّ لها.

ظاهريّا ، قاد هواو كوفينغ الإنقلاب العسكري ، هواو كوفينغ الذى عُيّن خليفة لماو على رأس الحزب و كان ماو بعدُ على قيد الحياة. لكن الرأس المدبّر الحقيقي للثورة المضادة هو دنك سياو بينغ ، قائد " أتباع الطريق الرأسمالي" ، الذى وجّه ماو الثورة الثقافية ضدّه. و بسرعة أبعد دنك هواو و بصورة مفتوحة غيّر مسار الصين ، محوّلا إيّاها من بلد إشتراكي حيث " خدمة الشعب " كانت قاعدة عامّة للسياسات إلى بلد يسترشد بشعار " من العظيم أن تصبح غنيّا ".

وضع دنك سياو بينغ الصين تماما على الطريق الرأسمالي حيث هي اليوم. قبل إنقلابه ، كان الشعب الكادح الصيني يصبح بصفة متصاعدة سيّدا للمجتمع برمّه ، و قد شرع فى مسك السلطة الإدارية على كلّ المستويات و فى تقرير المسار المستقبلي للبلاد و فى الدراسة و النقاش و النقد بلا خوف للذين فى السلطة و غيرهم. و بعد ذلك ، تحوّلت صين دنك إلى معامل سيّئة حيث تسجن آلات القرن الواحد و العشرين مئات ملايين الناس فى ظروف عمل القرن التاسع عشر ( 1) . و رغم القساوات ، يبقى الناس بعدُ غير قادرين على ضمان الرفاهة لعائلاتهم أو حتّى التحرّر من خوف البطالة-وهو وضع وقع القضاء عليه فى غضون بضعة سنوات من الثورة الصينية ، قبل أكثر من نصف قرن من الآن. و فى الوقت الراهن ، يشتغل الملايين طوال حياتهم ليس لإيجاد الظروف لتحرير الإنسانية و إنّما لمزيد إثراء رأسماليي البلدان الإمبريالية و عملائهم المحلّيين. و الفلاحون الذين لا زالوا يمثّلون الأغلبية، يتفاقم فقرهم و إذلالهم، و يرزحون تحت طائلة الأداءات و عادة ما تسرق أراضيهم منهم. و قد وقع قطع الطريق أمام التطوّر فى الريف بما أنّ الموارد توجّه من الريف إلى تطوير المدن. و حتى الطبقات الوسطى عرضة لطغيان أرباب الشركات و طغاة الحزب و للحرمان من الحياة ذات المغزى.

إنّ الأغنياء القذرين، داخل الحزب و خارجه، يتفاخرون فى ناطحات سحابهم البرّاقة المشرفة على الأحياء الفقيرة ، بينما يتبجّح الرسميون فى وسائل الإعلام حول قدراتهم على " التصرّف مع المتسوّلين" – جاعلين الجوع غير مرئي بإرسال الشرطة لضربهم فى الشوارع . و البلاد بأسرها تنضح بأمراض جديدة الإنتشار و الآفات الإجتماعية إنبعثت من جديد إثر عقود من القضاء عليها ، كالإدمان على المخدّرات و الدعارة و قتل المولودات البنات (2).

لقد حقّقت الصين قفزة نحو المستقبل سمة 1949 مع إنتصار الحرب الثورية الطويلة الأمد للإطاحة بممثّلي القوى الإمبريالية الأجنبية و أمراء حرب الإقطاعيين الكبار و التجار الإحتكاريين المتحالفين معهم الذين حكموا الصين.و حوّلت الإشتراكية المصانع و الوحدات الإنتاجية الكبرى الأخرى إلى ملكية الشعب. و طوال العقود التالية و نتيجة صراع كبير ،طوّر الفلاحون ملكية فلاحية مشتركة .

لكن ماو ، دارسا هذه التجربة و تجربة الإتحاد السوفياتي قبلها ، بما فى ذلك ما حلّله من إعادة تركيز الرأسمالية إثر وفاة ستالين ، أدرك أنّ الملكية الإشتراكية ليست كافية – و لم تكن بالتأكيد مضمونة. فى الإتحاد السوفياتي و بعد إلى درجة باعثة على الرعب فى الصين ، ظهرت طبقة رأسمالية جديدة ، برجوازية جديدة داخل الحزب الشيوعي ذاته. و بالنسبة لها ، الآن و قد صارت السلطة بين أيديها ، ترى انّ الثورة مضت بعيدا بما فيه الكفاية. و على العكس منها ، يعتقد ماو بأنّ الثورة إن لم تتقدّم فإنّها عرضة للخطر الكبير بسبب هؤلاء المسيطرين الحديثي التكوين.

فى 1966 ، مع إشتباك التيارين فى معركة ، أخرج ماو الصراع من حدود القيادة العليا بدعوة أعضاء الحزب و الشعب إلى " مهاجمة القيادات العامّة ". و كان ذلك بمثابة نداء لنقد قادة الحزب الذين يحاولون إعادة الصين إلى الطريق الرأسمالي والإطاحة بهم ،للمسك بزمام إيجاد أشياء إشتراكية جديدة يمكن أن تمضي بالمجتمع أبعد على الطريق الثوري ، و دراسة الماركسية للحصول على فهم أعمق للإختلاف بين الماركسية و التحريفية حتى يتمكّن عدد متزايد من الناس من لعب دور أكبر فى تسيير المجتمع.و كانت تشانغ تشنغ و شانغ تشن - تشياو جزءا من لبّ القيادة الوطنية لهذه " الثورة داخل الثورة " غير المسبوقة. و بينما كان الحزب فى وضع خطير و كان يجب الإطاحة ببعض قادته ، كانت الصراعات المعقدة للثورة الثقافية تحتاج إلى قيادة و تلخيص و كان الحزب يحتاج إلى إعادة البناء فى هذا الخضمّ ، و إلاّ فإنّه لا يمكن منع إنتصار أتباع الطريق الرأسمالي.

كان شانغ صحفيّا بشنغاي إلتحق بالحزب أوزاخر الثلاثينات. و قاتل خلف صفوف العدوّ كأنصاري فى الحرب ضد الإحتلال الياباني. و إثر التحرير ، صار موظّفا حزبيّا فى تلك المدينة. و فى 1967 ، مع إنطلاق الثورة الثقافية ، قاد حدثا هزّ الأرض هزّا عُرف بعاصفة جانفي. و عقب أشهر من النقاش الحاد لتوضيح الأمور ، أطاح متمرّدون من مصانع شنغاي و كذلك من الأحياء و المعاهد بالإدارة القديمة للمدينة التى كانت معقلا لأتباع الطريق الرأسمالي. و بقيادة أعضاء الحزب الثوريين ، سعى المتمرّدون فى البداية إلى تركيز كمونة شنغاي بالإعتماد على نموذج كمونة باريس لسنة 1871، أوّل ثورة للطبقة العاملة لم تعمّر طويلا ، حيث لم يُوجد جيش محترف يحميها و كان جميع الموظّفين منتخبون و عرضة للعزل الفوريّ فى أي وقت. و قد إعتبر ماركس كمونة باريس أوّل مثال عالمي لدكتاتورية البروليتاريا ، حكم الطبقة العاملة.

و رحّب ماو تسى تونغ بهذا التمرّد على أنّه نقطة تحوّل فى الثورة الثقافية . إذ إلتحق الشغالون بالمسرح السياسي إلتحاقا إعصاريّا. و مع ذلك، إثر دراسة الوضع ، أشار إلى أنّ شكل الكمونة ليس قويّا بما فيه الكفاية للحكم فى الظروف القائمة. و على خلاف ما توقعه ماركس عن ظهور الإشتراكية ، كانت الصين محاصرة من طرف عالم تهيمن عليه الإمبريالية و لا يمكن بقاؤها دون جيش قائم الذات. و أيضا لم يكن الأمر لينجح دون حكم مستقرّ و دكتاتورية على الذين يريدون الإطاحة بها ، و قيادة حزبية معتمدة على الطبقة الأكثر تقدّما لقيادة جماهير الشعب فى ممارسة تلك الدكتاتورية. و إلاّ فإنّ ممثلو المجتمع القديم سيستغلّون اللامساواة الموجودة فى المجتمع و علاقاتهم و إمتيازاتهم و قدراتهم الأرقى التى طوّروها على ذلك الأساس ، للعودة إلى السلطة.

لقد إقترح ماو أن يركّز المتمرّدون شيئا قد برز فى مكان آخر على نحو جنيني، تركيبة تشمل المدينة جميعها من ثلاث فى واحد من ممثّلي منظّمات المتمرّدين و قادة الحزب و جيش التحرير الشعبي . و هكذا مثلما شرح ماو فيما بعد ، فإنّ جماهير الشعب و قد فضحت ما أسماه ماو " الجانب المظلم " من الحزب ، ستفتكّ السلطة بطريقة شاملة و من الأسفل". و مع نهاية 1968 ، جرى تركيز اللجان الثورية بالإستناد إلى مبادئ مماثلة أرسيت عبر الصين.

لم تكن تلك معالجة سحرية . وفى الواقع ، إثر عقد من الصراع ، الجيش الذى لم تستطع الصين العمل دونه ، فى النهاية أوقف أتباع ماو . ووضع أتباع الطريق الذين إستولوا على الحزب حدّا فجئيّا للثورة و فرضوا دكتاتوريتهم هم البرجوازية عوض دكتاتورية البروليتاريا. و حتى سلطة ماو لم تكن كافية فقد إضطرّ للتحذير ، قبل وفاته بقليل، من أنّه فيما بعد قد يستعمل بعض الناس شيئا من كلماته لإرساء نظام رأسمالي مقنّع ، فى حين قد يستعمل آخرون مقولات مختلفة لإستنهاض الناس ضدّهم . و قد فهم الماويون أنّه لا يزال هناك الكثير من الصراع أمامهم و أن هناك عملا كثيرا ينتظرهم.

و صار شانغ أحد القيادات العليا للحزب مع تواصل الثورة الثقافية و مرورها بمراحل و ظروف مختلفة. و و ساعد فى قيادة معارك معقّدة أبقت أتباع الطريق الرأسمالي خارج السلطة بينما يقع التعمّق بأرضية الظروف الإجتماعية الموروثة من المجتمع القديم- التى تفرزهم و التى يستمدّون قوّتهم منها. و كجزء من هذا ، و على أساس دراسة و كتعبير عن التجارب الصينية و العالمية و المشاكل المعالجة فى ظلّ قيادة ماو ، قدّم مساهمات كبرى فى بلورة الفهم الماوي للإشتراكية.

فى 1975، مع بلوغ الصراع قمّة جديدة ، نشر" بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية "(3) وهو مقال قصير إلاّ أنّه مكثّف كان له وقع سياسي مفجّر. فقد حلّل الطبيعة المزدوجة للإشتراكية ، و كيف أنّها تتميّز بالنزاع بين عناصر المجتمع القديم منها و الجديدة.

و طوّر شانغ فهم ماو للإشتراكية كمجتمع إنتقالي. أوّلا ، لم تتحقّق تماما الملكية الإشتراكية ، لا سيما فى الريف ، يمكن فقدانها . و ثانيا ، العلاقات بين الناس فى الإنتاج هي أيضا ينبغى أن تشهد تغييرا مستمرّا- بكلمات أخرى ، ينبغى جلب الشغّلين بصورة متصاعدة إلى تسيير عملية الإنتاج و أهمّ من ذلك، إلى تسيير المجتمع قاطبة ،بما فى ذلك تحديد المسائل المفاتيح لما يتمّ إنتاجه و بأيّة غرض و الجوانب الهامة لأهداف المجتمع و تنظيمه. و علاوة عن ذلك ، يجب تغيير علاقات التوزيع كذلك حتى نتمكّن خطوة خطوة من الشروع فى تخطّى مبدأ الأجر حسب العمل. فبينما يعنى هذا المبدأ التحرّر من الإستغلال ، فإنّه يمثّل أيضا وضعا يظلّ يأبّد اللامساواة الكبرى الإضطهادية الممكنة ، لأنّه ليست للناس نفس القدرات و الحاجيات. و كبديل على المجتمع أن يتحرّك فى الأثناء نحو إيجاد الظروف المادية و المعنوية ليساهم كلّ فرد حسب قدراته - لتحقيق الذات و القدرات الجماعية و الفردية - و حصول كلّ فرد على حاجياته.

دون صراع مستمرّ للتقدّم فى كلّ العلاقات بين الناس و ليس فقط الملكية ، و الصراع فى مجال الثقافة و الأفكار ضد النظرة و العادات الموروثة عن المجتمع القديم ، فإنّ الملكية الإشتراكية ستتحوّل إلى وعاء فارغ داخله قد يقع تأبيد العلاقات القديمة ن عوض تخطّيها ، و العودة بها إلى الوراء بطريقة ثأرية.

و أهمّ الصراعات فى المجتمع الإشتراكي تحدث صلب الحزب ذاته ، بين الذين يشجّعون الأفكار و السياسات الممثلة لمصالح البرجوازية الجديدة ،و ممثلي البروليتاريا و الطبقة العاملة التى لا تستطيع أن تحرّر ذاتها دون تثوير كافة العلاقات ضمن الناس عبر العالم. و يغدو هذا متركّزا فى الصراع بين خطين إيديولوجيين و سياسيين داخل الحزب ، نظرتين و أهداف و إستراتيجيتين و سياستين متعارضتين تأخذ المجتمع فى إتجاهين متناقضين.
كتب شانغ :" و الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية و بين مختلف القوى السياسية و بين الإيديولوجيا البروليتارية و البرجوازية ستكون أطول و عرضة للتقلّبات و أحيانا ستصبح حتى حادة للغاية.

و حتى عندما يصبح الملاكون العقّاريون و البرجوازيون من الجيل القديم جميعهم رمادا ، فإنّ هذا الصراع الطبقي لن ينتهي بعدُ ، و من الممكن أن يصعد أناس من أمثال لين بياو إلى السلطة و أن تعيد البرجوازية تركيز الرأسمالية. "

و الإشارة إلى أناس مثل لين بياو ، من أتباع الطريق الرأسمالي الذى مات قبل بضعة سنوات ، إستعمل على وجه الخصوص كتحذير من دنك سياو بينغ. و مثلما أشار ماو بدقّة سنة بعد ظهور هذا المقال ، و قبيل وقاته، " إنكم تقومون بالثورة الإشتراكية و بعدُ لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنّها صلب الحزب الشيوعي - أولئك فى السلطة السائرين على الطريق الرأسمالي".

و الحلّ ، كتب شانغ، هو التالي :
" ومن التجربة التاريخية نستخلص الدرس التالي مواصلة ممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية ، فى كافة الميادين و فى كافة مراحل تطوّر الثورة ، أمر ضروري يضمن أن تنتصر البروليتاريا على البرجوازية و أن لا تصبح الصين دولة تحريفية ."

وقال مستشهدا بماركس ، مواصلا خطوة أخرى إلى الأمام ، إنّ هذا يعنى :
" القضاء على كلّ الإختلافات الطبقية و القضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تعتمد عليها، و القضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تترافق مع علاقات الإنتاج هذه ، و قلب كلّ الأفكار النابعة عن هذه العلاقات الإجتماعية."

و إستخلص أنّ :
" لبلوغ ذلك ، يجب بالضرورة ممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية و مواصلة الثورة فى ظلّ هذه الدكتاتورية إلى النهاية، إلى أن نبلغ على كوكبنا الأهداف الأربعة - بحيث لا تستطيع البرجوازية و الطبقات المستغلّة الأخرى لا أن توجد و لا أن تولد من جديد- و لا يجب خاصّة الوقوف فى منتصف الطريق من السيرورة الإنتقالية."

و الكثير ممّا يعنيه هذا بمعنى السياسات الملموسة السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية قد وقع تفكيك أدقّ جزئيّاته فى الكتاب الذى ألّفته مجموعة بقيادة تشانغ. و قد إعتمد على فهم ماو تسى تونغ لتناقضات المجتمع الإشتراكي ، عالج "كتاب شنغاي "(4) معالجة فريدة من نوعها و ثريّة الإقتصاد السياسي للإشتراكية. إنّه قد إستخدم و طبّق الفهم الماركسي بأنّ الإقتصاد ، فى آخر المطاف، متعلّق بالعلاقات ليس بين الأشياء و إنّما بالعلاقات بين الناس. و قد وجّه المرلّفون عملهم إلى " الشباب المقاتل على الجبهات الأمامية فى الريف و فى المصانع ... من أجل أن يخوض القتال بشكل أفضل و للإستعداد السياسي الأسرع ، يجب على الشباب أن يدرس شيئا من الإقتصاد السياسي".

و هذا المؤلّف مثال دقيق عن جوهر الثورة الثقافية: إستنهاض الجماهير الشعبية للقتال فى سبيل أرقى أهداف الإنسانية و التقدّم بعلم الماركسية ببذل الجهد من أجل فهم أفضل لما هو صحيح و إستبعاد بعض الأفكار الخاطئة من المضي ،و إستكشاف طرق للنشر الواسع شعبيّا للنقاط المفاتيخ و تكوين فهم عميق للملكية لدى أكبر عدد ممكن من الجماهير. وهو كذلك مثال يحتذى فى المادية الجدلية – مادي بصرامة فى معالجته لأسباب إنقسام الناس إلى طبقات متناحرة و كيف ، بالملموس، تخطّى هذا الإنقسام، و ليس أقلّ صرامة جدلية فى فهمه لتناقض كافة الأشياء و حركتها.بعبارات إقتصادية فقط ، كانت السياسات الماوية على الأقلّ فعالة بقدر تشجيعها النموّ قدر السياسات الرأسمالية التى عوّضتها ، إن لم تكن أكثر فعالية. و علاوة على ذلك ، وجّه النموّ فى ظلّ الإشتراكية الصين فى إتجاه معارض تماما ، فيما يتصل بتوفير شروط تحرير الإنسان عوض تأبيد العبودية للرأسمال و ممثليه.

لقد طبع كتاب شنغاي لعدّ مرّات بينما صارع مؤلفوه من أجل تحسين فهمهم مع تموّج المعركة السياسية و إقتراب أتباع الطريق الرأسمالي من المواجهة. و الطبقة الرأسمالية الجديدة الحاكمة الان فى الصين منعت تداول الكتاب و صادرت جميع النسخ فى المطابع أوّل ما إفتكّت السلطة.

كمّية الشتائم - و الأكاذيب - التى أطلقتها وسائل الإعلام الغربية ضد شانغ عندما توفّي شهادة على قامته الثورية. و كانت التهم ضدّه أحدّ من قبل الذين كانوا هدفا للثورة الثقافية التى تمثّل قمّة ما بلغته الإنسانية إلى حدّ الآن. و يعتمد تقييمنا المادي لحياة تشانغ و عمله على إدراكنا للضرورة المطلقة للثورة الثقافية و لأهداف دكتاتورية البروليتاريا التى خدمتها. و الذين يعتقدون أنّ هناك " سبيلا آخر لتحرير الإنسانية " يحتاجون إلى تقديم حجج معقولة و ليس مجرّد تشويهات .

لا تثبت الإطاحة بالإشتراكية فى الصين بالضرورة أنّ ذلك ناجم عن أخطاء . و مثلما أشار الثوريون الصينيون خلال المعركة الأخيرة ، فى القرون الماضية عرفت الطبقة الرأسمالية الصاعدة عديد الثورات ضد الإقطاعية و أطيح بها مرّة فمرّة إلى أن إنتصرت فى النهاية . بالنسبة للبروليتاريا ، الطبقة الثورية الأولى فى التاريخ لا تهدف إلى تعويض طبقة مستغلّة بطبقة مستغلّة أخرى، و لا يمكن ان ينجح إلى أن " يتمّ القضاء على الأربعة كلّ من على وجه الأرض" ، و الطريق يمكن فقط أن يعني إلتواءات و منعرجات ، إنتصارات و هزائم ، بما أنّ شعوب العالم تتمرّد مرّة فمرّة ضد السلاسل التى تكبّل الطاات الإنسانية ،إلى أن يكسؤوها نهائيّا و دون رجعة.

" لا وجود لطريق مُلكي للعلم " ، يستشهد كتاب شنغاي بماركس :" و فقط الذين لا يخافون التسلّق المضني لدروبه قد يتمتعون بفرصة : بلوغ قممه الوضّاءة ". و يستطرد :" كرّس قادة البروليتاريا الثوريون حياتهم بأسرها لتأسيس النظرية الماركسية و تطويرها. و نحن نتبع مثالهم اللامع و ندرس بإجتهاد أعمال ماركس و لينين و الرئيس ماو ، علينا أن نصارع من أجل أن ندرس و نتمكّن من السلاح النظري الماركسي للثورة الإشتراكية و البناء الإشتراكي و من أجل بلوغ الشيوعية عالميّا ".

الهوامش:

1- على سبيل المثال لا الحصر ، تذكر لجنة العمل الوطنية مصنع دراجات هوفي حيث القاعدة فى العمل هي 93 ساعة و & أيام فى الأسبوع.
2- كان هناك عدد قليل من وفايات الأطفال قبل إدخال قانون طفل واحد للعائلة فى 1979. فى الثمانينات سجّلت ولادات 115-118 طفل نسبة ل100 طفلة. ( ستان جوهاننسون و اولغا نيغان : " الفتيات الغائبات فى الصين: إحصاء ديمغرافي جديد "، نظرة عن السكّان و التطوّر، 17 /1 ( مارس 1991) ، صفحات 40-41. وفى 2002 ، كانت النسبة أكثر من 116 ذكر لكلّ 100 أنثى، سجّل جون غيتينغس فى " الغوارديان" بأنجلترا ( 13 ماي 2002) ،و لو أنّه قال إنّ مردّه الآن هو إجهاض الأجنّة الإيناث و كذلك قتل الإناث من الأطفال.
3- أعيد نشر "بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية " ضمن العدد 14/1989 من " عالم نربحه". و للمزيد بصدد الثورة الثقافية و المواضيع ذات الصلة ، أنظروا " عالم نربحه" عدد 7/1987 وعدد 19/ 1993.

4- نشر كتاب شنغاي بالأنجليزية تحت عنوان" الإقتصاد الماوي و الطريق الثوري إلى الشيوعية " مع مقدّمة و خاتمة لريموند لوتا، بانر براس ، نيويورك ، 1995.



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارو مازومدار أحد رموز الماوية و قائد إنطلاقة حرب الشعب فى ا ...
- الإستعمار من جديد بإسم التطبيع وراء إعادة إرساء العلاقات الد ...
- مقدّمة كتاب - قيادات شيوعية ، رموز ماوية - ( العدد 17 من - ا ...
- عشر سنوات من قيادة الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) لحرب الشع ...
- الشيوعيّة أم القومية ؟
- المسؤولية و القيادة الثوريتين - الفصل السادس من كتاب من كتاب ...
- الأخلاق و الثورة و الهدف الشيوعي -الفصل الخامس من كتاب من كت ...
- فهم العالم من وجهة نظر علم الشيوعية
- القيام بالثورة البروليتارية - الفصل الثالث من كتاب - الأساسي ...
- الشيوعية عالم جديد تماما و أفضل بكثير - الفصل الثاني من كتاب ...
- نظام إستغلال و إضطهاد عالمي - الفصل الأوّل من كتاب - الأساسي ...
- من الولايات المتحدة الأمريكية : تحليل لأوهام الديمقراطية
- مدخل لفهم حملة بوب أفاكيان فى كلّ مكان... - فصل مضاف إلى كتا ...
- إسرائيل ، غزّة ، العراق و الإمبريالية : المشكل الحقيقي والمص ...
- مقدّمة كتاب - الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته - / ال ...
- الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذ ...
- الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذ ...
- إعادة صياغة برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللين ...
- حول - القوّة المحرّكة للفوضى - و ديناميكية التغيير ...النضال ...
- نظرة على الخلافات بين الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – ال ...


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - تحيةّ حمراء لتشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية البروليتارية الماويين - الفصل الثانى من كتاب - قيادات شيوعية ، رموز ماوية -