أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد محمد تقي - الأرهاب .. الحريات .. نفاق الغرب















المزيد.....

الأرهاب .. الحريات .. نفاق الغرب


أسعد محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 17:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلما تحدث أحدٌ باللوم تجاه الحكومة الفرنسية وصحيفة شارلي إيبدو والأرهاب الذي ضربها برز لنا من يدافع عن الحريات المقدسة في فرنسا وكأن الأمر يمثل تصغيرا لتلك الحريات أو إنكارا لها إو اتهاما لفرنسا بالدكتاتورية وينطلق هؤلاء من عقلية المقارنة بين ما هو سائد في الشرق وما هو متحقق هناك .. ولكن الأمر برمّته لا يتعلق أبدا بالحريات , نقصها أو زيادتها , أو بطبيعة الحياة التي يحياها الفرنسيون في بلادهم العظيمة حقا . وقد ينسحب الأمر إلى باقي الدول "الديمقراطية" الغربية .. نحن نعرف جيدا مدى الفارق في طبيعة القيم الأنسانية السائدة في الغرب وتلك السائدة في الشرق والذي يقرره الفرق في مستوى التطور الروحي ومدى الأقتراب من المُثُل العليا .. ولكن على المرء أن يُدرك إن الأمر في ماحدث ويحدث على الدوام فيما يتعلق بالأعمال الأرهابية والصراعات التي تولدها لا يتعلق بمدى تطور الحريات في الغرب بقدر ما يتعلق بتطلعات المجمعات الصناعية والمصرفية الكبرى في هذا البلد أو ذاك وأحيانا في كل الديمقراطيات الغربية مجتمعة إذا أخذنا بنظر الأعتبار العملية الجارية على الدوام وأقصد بها .. عولمة رأس المال
في هذا الموضوع بالذات يجب الألتفات إلى النقاط التالية ووضعها في خانة واحدة لأنها تمثل حقيقة الحريات والصراع الذي تخوضه الدول الغربية (الديمقراطية جدا)..
أولا .. أمريكا دفعت سفيرتها (أبريل غلاسبي) الى الأيحاء لصدام أن يدخل الكويت عبر أكثر من ضوء أخضر وعندما دخل صارت أمريكا حامية الحمى وحارسة حرية الشعوب الصغيرة التي تتعرض للهمجية وقادت حربا أدت الى طرد القوات العراقية من الكويت ولكنها تربعت على ثلث مساحة الكويت بقواتها حيث قاعدتها العسكرية وبنت عدة قواعد في المملكة العربية السعودية وباقي الدول الخليجية .. وطبعا كان هذا حلما أمريكيا أن تدخل قواتها المسلحة لدول الخليج بعد أن كان وجودها يقتصر على الأساطيل والبوارج وحاملات الطائرات في المياه الدولية القريبة ...
ثانيا..أرادت أمريكا أن تكون قريبة مما يجري في الصومال وباب المندب لأن السيطرة عليه تعني التحكم بالتجارة بين آسيا , شرقها وجنوبها , والعالم الغربي وأوربا على وجه الخصوص وعلى قناة السويس , فكانت القاعدة في اليمن "على الجهة المقابلة من باب المندب" حيث ضربت البارجة الأمريكية (كما ضربت شارلي إيبدو) فكانت هذه ذريعة لأمريكا من أجل التدخل في الشأن اليمني وهو ما حصل إذ بقيت الطائرات الأمريكية المسيرة تضرب في كل مكان تعتقد أمريكا إنه سيعزز من نفوذ مؤيديها ويُضعِف من إمكانيات ونفوذ معارضيها .. والغريب إن القاعدة لم تتواجد في غير الأماكن التي ينشط فيها الحراك الجنوبي وهو الحراك الذي اعتقد قادته إن نظام علي عبد الله صالح مارس سلوك المحتلين مع الجنوب وليس السلوك المعزز لوحدة اليمنيين . وهم على العموم سياسيون يساريون وتقدميون كما شهد تاريخهم في بناء اليمن الديمقراطية .
ثالثا أمريكا أنتجت القاعدة .. وهذه القاعدة ضربت البرجين فردت أمريكا باحتلال أفغانستان والعراق وقررت البدء بتنفيذ برنامجها لأدارة الشرق الأوسط الكبير عبر تفتيت دوله إلى مقاطعات صغيرة وأقاليم وربما مناطق تديرها القبائل وها نحن نرى ماحدث للمنطقة ,العربية خاصة, وبالطبع سيأتي الدور على تركيا وإيران وباقي حزام الدول المحيط بالدول العربية .
رابعا .. بقيت سوريا على حالها من حكم الحزب الواحد وضيق هامش الحريات على حاله لمدة تربو على النصف قرن ولم تحرك أمريكا وحليفاتها الغربيات ساكنا ولكن عندما أرادت أوربا بديلا للغاز الروسي ووجدت منبع البديل من قطر وهي ثالث دولة عالميا لأنتاج الغاز , اكتشفت أمريكا معاناة الشعب السوري من الدكتاتورية التي أطلقوا عليها الكثير من المسميات لعل أبرزها الدكتاتورية البعثية أو العلوية ومرة نظام الحكم التابع لأيران الخ , وقرر الديمقراطيون الغربيون تخليص الشعب السوري من هذا الكابوس .. تحرك الناس للمطالبة بحقوقهم في الحريات والأصلاحات .. وما هي الا عدة اسابيع حتى نُسيت هذه المطالب وصار الحديث يدور في أروقة الدول التابعة للغرب في المنطقة عن إسقاط الحكم والجميع يدرك أن الهدف هو خلق الظروف لمد أنبوب الغاز إياه عبر سوريا إلى تركيا لربطه بخط نابوكو الذي كلّف كثيرا من أجل إيصال الغاز من الدول المطلة على بحر قزوين الى أوربا ولما فشلت الجهود للحصول على غاز هذه الدول واحتكاره بدأ التفكير بالغاز القطري والسعودي ولكي يعززوا كمية الغاز الصادرة من المنطقة فكروا بحقل الغاز الأنباري فصار من المناسب الألتفات إلى الشعب في الأنبار وتخليصه من ال(التهميش والأقصاء) على أمل أن ينال (حريته) بتشكيل الأقليم الفدرالي ومن ثم الكونفدرالي إذ إنهم لن يكتفوا بالفدرالية (مثلما لم يكتفِ السيد مسعود البارزاني بها فصار يطالب بالكونفدرالية) .. وبناءا على هذا صار العمل يتواصل بحماس من أجل تفتيت سوريا وهو ما أنجزته فصائل المتشددين المتفرعة من القاعدة والتي يجري إعدادها وتسليحها وتمويلها من قبل الدول الدائرة في الفلك الأمريكي وحليفات أمريكا .
خامسا .. بقي العراق بعد احتلاله من قِبَل القوات الأمريكية ولمدة إثنتي عشرة سنة يعاني من غياب الخدمات وسرقات لا مثيل لها في كل التأريخ للمال العام فيه وغياب كامل لقوى القانون وغياب أية جهود لأنعاش اقتصاده وإحياء مشاريع الدولة وهي مشاريع ضخمة وعملاقة وكلفت المليارات الكثيرة , إلى جانب غياب كامل لحدود الدولة في كل مجالات الحياة , وانتشار الفساد المالي والأداري والقِيَمي إلى الحد الذي يبعث على الغثيان والأرهاب يضرب في كل المناحي ويُفقِد الناس كل بهجة الحياة . كل هذا والأمريكان وسفارتهم الأكبر في العالم لا يحركون ساكنا . وعندما أرادت الولايات المتحدة أن تقترب أكثر من تنفيذ مشروعها التقسيمي للبلاد تسربت داعش للعديد من المناطق وازداد النشاط الأرهابي تبعا لذلك وبمعاونة واضحة من العديد من رموز العملية السياسية وقادة بعض قطعات الجيش تم إعلان (دولة الخلافة) على رقعة واسعة هي ثلث مساحة العراق تحت قيادة نزيل معتقل بوكا لمدة أربع سنوات أبراهيم السامرائي الملقّب بأبي بكرٍ البغدادي .. عندها قررت الولايات المتحدة أن تهب (لنجدة العراق) وإعادة احتلاله وبدأ ال(المستشارون) الأمريكان بالتقاطر بالمئات وبعدها بالآلاف وربما يتجاوزون الآلاف الى عشراتها .. وصار المتابعون يتساءلون عما إذا كان هناك هدفٌ آخر لهذه الهبة (الأنسانية) الجديدة ولم يكن صعبا على المراقب أن يكتشف ذلك العمل المحموم الذي تقوم به الولايات المتحدة من أجل التحضير لمواجهة قد تكون أوسع مما هو معتاد على الصعيد العالمي . فهي تركّز قواها في كردستان العراق وتنشر مراكزها الأستخبارية هناك ولها شركات عدة كبرى تعمل في مجالات التنقيب عن النفط وفي انتاجه وكلنا نتذكر مقولة كون شركة إكسون موبيل تعادل وجود عشر فرق عسكرية والتي أفادنا بها السيد مسعود بارزاني في لحظة من لحظات التباهي بعبقرية التخطيط لمواجهة ناجحة مع المركز . ولكن هذه القوى الأمريكية تستعد أيضا لوضع الأسس للقواعد العسكرية ويبدو في الظاهر إن كل هذا يجري بالضد من رغبة الحكومة المركزية ولكننا لم نلاحظ أي احتجاج حقيقي على هذا الأمر إذ ربما توفر لدى الحكومة المركزية (تفهّما) خاصّاً لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية للأقتراب أكثر من شمال إيران حيث لايبقى إلا القليل للوصول الى بحر قزوين حيث جنة النفط والغاز الأعظم .
سادسا .. والآن قامت القاعدة بضرب مقر صحيفة شارلي إيبدو لأنها نشرت رسوما مسيئة فصار الأمر إلى اعتبار الهجوم عند البعض عملا انتقاميا لمعتقدات مهانة , وهم قلة من مسلمي فرنسا , فيما صار عند البعض الآخر هجوما على الحريات التي تُعتبر جوهر الحياة الفرنسية من قِبَل فاشية دينية إسلامية تهدد فرنسا كدولة ديمقراطية وقد خلق هذا الأمر مزاجا شعبيا عارما ومؤيدا لفعل فرنسي ضد هذه الجماعات فأعلنت فرنسا استجابة لهذا المزاج , وبعد أسبوع واحد فقط , إنها سترسل مستشاريها الى العراق للمشاركة بجهود الحرب على داعش الأمر الذي لم تكن تجرؤ على القيام به دون معارضة شعبية واسعة لأن الشعب الفرنسي سيعتبر الأمر مجرد عودة لممارسات إستعمارية سابقة . ولا بد أن إبتسامة متعالية ارتسمت على وجوه رأسماليي فرنسا الكبار تعبيرا عن رضاهم لنجاح ما خططوا له من أجل المشاركة في حرب تبعد آلاف الأميال عن الأرض الفرنسية من أجل ضمان حصتهم في اقتصاد الدول المعنية بتلك الحرب .
يحق للبعض أن يعتقد أنّ من المنطق أن يثارَ تساؤلٌ عن هذا التوافق الدائم بين ما تقوم به قوى الأرهاب , القاعدة والنصرة وداعش وطالبان وبوكو حرام وغيرها , وبين المنجزات التي تحققها القوات الأمريكية وحليفاتها الغربيات لتوسيع تواجدها وسيطرتها لخدمة مصالحها وتنفيذ برامجها الطموحة جدا .
أخيرا لقد اتفق الناس على إن المرء لا يمكن أن يكون طيبا وشريرا في آن واحد لأنه عندذاك سيوصف بالأزدواجية وفي لغة علم النفس اضطراب الشخصية لأنه يتصرف وفق شخصيتين متناقضتين , وكذا الحال مع الأنظمة في الدول إذ لا يمكنها أن تكون ديمقراطية ودكتاتورية في آن واحد ولا يمكنها أن تكون حريصة على حقوق الأنسان وتنتهك هذه الحقوق في نفس الوقت .. الدول الرأسمالية الغربية هي كل هذا وأكثر .. إذ إنها تدمر الشرق في الوقت الذي تتباهى بتقدمها وتفرض الدكتاتوريات على دول وشعوب الشرق فيما تريد منا أن نصدّق إنها ديمقراطية حد النخاع ... وباختصار تريد منا أن نصدق إنها طيبة جدا في الوقت الذي لا نرى منها هنا غير الشر .. وقد يرد البعض في إنني اقول هذا وأنشره بواسطة جهاز الكومبيوتر الذي هو من صنع عقول هذه الدول وأستخدم عددا لا يُحصى من إنجازات تلك العقول .. ولكن مهلا .. على هذا البعض أن يفهم إن الحديث عن مجموعة من الرأسماليين الأوغاد شيء والحديث عن الشعوب وعقول العلماء والمفكرين والأدباء شيء آخر مثلما هو مختلف جدا الحديث عن شارلي إيبدو والأرهابيين المهاجمين والحكومة الفرنسية من ناحية ومن الناحية الأخرى الشعب الفرنسي الرائع ... إذ إنني أعتقد إن عقول الناس ستغدو أفضلَ حالا لو إنها تعيش بغياب أساطين المال وأصحاب الشركات الكبرى وفوق هذا إن هذا الغياب كان سيضيف الى الرفاهية البشرية العامة ما تنتجه عقول الشرق وهو موئل الأنجازات البشرية الأولى وليس فيه ما يعيبه أو يوحي بعجزه عن المشاركة بالأنجازات الكبيرة الخيّرة وهو بحاجة فقط لأن تُرفع عن أكتافه أحمال رأسمالية الغرب الشديدة الشراهة.



#أسعد_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارلي إيبدو وزوبعة التضامن
- العملية السياسية وديمقراطية العصا والجزرة
- هل سيدفن العراقيون مشروع بايدن ؟
- ماذا يحصل لو توقف الإرهاب؟
- حديث عن التقسيم
- نابوكو و تحرير أوربا عبر تدمير العراق وسوريا
- ويحدّثونك عن الربيع العربي
- الدكتور عبد الخالق حسين بين النوايا الطيبة والموقف من اليسار
- النكتة الأمريكية
- ماذا يحدث ؟
- حول تشكيل الحكومة العراقية الدستوريّة الثانية..آراء وملاحظات
- من سيكون الأقدر على الوصول الى منصب الإدارة... منصب رئيس الو ...


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد محمد تقي - الأرهاب .. الحريات .. نفاق الغرب