أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ناصر خزعل ... الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!














المزيد.....

ناصر خزعل ... الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4699 - 2015 / 1 / 24 - 20:53
المحور: الادب والفن
    


ناصر خزعل ...
الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!

نعيم عبد مهلهل

في استذكاره لوجهِ أمه من خلال لقطة فتوغرافية بعدسته يؤسس الفنان (ناصر خزعل البدري الحنان ) في مساحة الصورة إيماءات غريبة من الحزن والصبر يعبر عنه لضبط حساس بين الرؤية البصرية للعدسة وهواجسه وهو يستذكر اللحظات الرائعة التي قضاها في أحضان هذه القديسة الصابرة والتي تحولت الآن الى ملاك بعيد في عالم سرمدي تجتمع فيه أمهات مدينة الناصرية وهن يستذكرن تواريخ ابناءهن ما بين نعوش الحروب وغراميات دفاتر الانشاء ومحطات المنفى ، وليالي الحلم والسعال والمطر والثورات.
تبدو مساحة الجمال المؤسسة بلقطة فجائية وبفطرة حالتها وبالأسود والابيض المنتشرة على وجه المرحومة ( أم ناصر ) هي مساحة الزمن في تفاصيل الحياة بجنوبيتها وسومريتها ومحطات تلك المواسم العجيبة من البكاء والسعادة والكد والنضال ، ليبدو لي وجه ( الأم ) داخل أضواء الصورة اختراق أسهم وبريق نجوم حياة المدينة لعتمة الصفنة والتأمل في حواء فاضلة تستذكر عبر مواويل روحها كل لحظات الاشتياق لولدها ( ناصر ) الغائب في المدن الالمانية في هجرة المحطات الصعبة بين الكويت وعدن والعالم الاشتراكي وأخيرا تكون برلين محطة اشتياقه الاخير للقاء والدته.
تبدو هذه الصورة هي لهفة عريضة من العشق في لقاء الأبن بولده ، لتؤكد لنا مساحات الظل تلك الرغبة الدفينة للعدسة لتعود ثانية لتختبئ في حنان ذلك الحضن وتسفح سعادة دمعتها مع دمعات الفرح حين خفق قلبها هلعا من الشوق وهي تعانق ولدها بعد يأس أنها قد لا تتلقاه ثانية في مهد حضنها ، وربما يسمح له ظرف بعيد بقراءة سورة الفاتحة أمام قبرها في مقبرة وادي السلام ..
ولكنها تلتقيه في مكان الازلي لذاكرة الطين والحنين في أسطرة لمشاعر آخر لقاء له معها حيث رسمت بتفاصيل تعاستها عندما قرر الابن الهروب من البلاد صورة البهجة الخفية ، لأن ولدها سيبقى سالما وتراه بعد حين ، وربما وافقت على اقتراح الاب بإعارة ولده مسدسه عندما يعبر الصحراء ذهابا الى الكويت ومن ثم الى المنفى البعيد.
الصورة تحمل رومانسية جنوبية تنتمي لسريالية الحنان الناصري في وجوه الامهات ، ولايبدو فيها اي انفعال للحظة الحيرة التي تعيشها ، فهي في الخفاء مسكونة بفرح خفي يشبه تماما ذلك الفرح الذي يسكن أمهات مدينة ( أور ) حين يأتي ابناءهن احياء من ساحات الحروب.
تفترض جمالية اللقطة في فنيتها وتلقائيتها تكتيكا عاليا من استخدام طاقة الضوء في رؤية الجفن والعدسة ليختفي فاصل الحد بين نظارة الوجه المدور للأم وبين سواد ( شيلتها ) وكأنه هنا يؤسس لذاكرة اليوم الواحد في اشتياق الأم عبر الليل والنهار الذي كانت تعيشه وصورة ولدها تسكنها مثلما تسكن الامنية حلم عودته المؤجلة.
أضع صورة المدينة ( الناصرية ) مع وجه والدة الفنان ( ناصر خزعل ) ، واحاول أن أتتبع المسافات الضوئية في سير العدسة على شوارع الصورة ، لتظهر المدينة في عالم من اسرار عشقها المخبئ في أمنيات الفقراء والكادحين وشباب الجنود وقراء الكتب الماركسية والوجودية في سبعينيات القرن الماضي ، وكأن المصور ( الأبن ) يؤرشف لحياته وحياة من شاركه ذكرياته ، رفاق المدرسة ، المقهى ، معهد الفنون ، رفاق الخلية الحزبية ، الجيران ، بنات الشارع في دفيء جماليات شتاء الذهاب في صباحات المدرسة .
وقائع دهشة المدينة في تواريخها التي لا تظهر أسرارها إلا من خلال شهقات الامهات ودموعهن.
هذه الشهقات هي واحدة من سمات الفن الواقعي في هذه الصورة ، لكنه واقع يؤسس لجمال الصنعة في جعل الكاميرا الفتوغرافية من ريشة الفنان التشكيلي حين يجعل الغرافيت ( الاسود والابيض ) يتفوق على تأثير الالوان في حواسنا ، لهذا يكون وجه الام هنا في أبداع الكاميرا لوحة فنية بأحتراف العدسة لتنطق بوجدان المعنى والروح والحنان.
الفنان ناصر خزعل في صورته الملتقطة لمسافة الرؤيا والاغتراب والمدينة في استدارة وجه ( الوالدة ) يعيدني الى تذكر الوجوه المضيئة لأزمنة المكان منذ حدائق دلمون وحتى اشجار الورد في حديقة غازي وبستانيَّ الحاج عبود الجازع وزامل المناع.
انه ( ناصر ) يضع جزء من خواطر شعريته ولهفته وحنين ازمنة منفاه في تلقائية وبراءة الوجه الذي يرتبط معه بحياة تتعدى تفاصيل رحلة جلجامش ومعزوفات شبعاد وحنجرة داخل حسن والطور الصبي وأغنيات جعفر حسن عن فكتور جارا في الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي ، وتدخل مع الخطوط المحفورة بأخاديد صفنه الام في ازقة الليل والمدينة والكاميرا ليظهر لنا وجها طيبا ، يمتلئ بالكثير من التفاصيل والحكايات واساطير البيت والمحلة والاحضان.
ذهبت الأم الى فردوس أخضر ، وبقيَّ الأبن يؤسس في دهشة الصورة استذكارا بطوليا لهذه المناضلة التي تعشعش مساحات الظل والضوء في حدائق وجهها داخل الصورة لترسم لنا مزاجا من الالتقاط الذكي لرائية الحلم في الفن التصويري ، وليؤكد قدرته على اختزال مساحات هائلة من الحنان والموسيقى والامومة في حيرة أم تستمتع وتستمع سعيدة لحكايات ولدها التي لا تنتهي عن منفاه واشتياقه وقصائده الصورية اليها.
يبدع المصور ( البدري ) في اختيار مشاعر اللحظة قبل اختيار وضع الصورة وحالتها ، يؤثث لحواس صادقة مثيرة تصنع سعادة غامضة تربط بوحي رغبة الكاميرا لتؤرخ لهذا الفيض من تأمل جمال ما نحظى فيه حين نكون وسط أحضان امهاتنا.........!

دوسلدورف 23 يناير 2015



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موناليزا وسحابةُ شِعرْ....!
- ( تعريف لمدينة أسمها الناصرية )
- ( الناصرية ) طينٌ وحنينٌ وآلهة وأيطاليون
- آرب آيدول ( القومية العربية والكردي عمار الكوفي )
- أمير دوشي ...هاملت في أور
- كاظم عريبي ( فاكهة الفكاهة في الناصرية )
- الفولتارين و ( واحد يسأل واحد )...!
- أسرار مدينة الناصرية
- حسن داخل حسين ( شهيدا )
- قبر أخي والثقافة السومرية
- الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )
- للناصرية ، تعطش والماءُ مَطر
- الماوردية في الشعر......!
- عاشوريات
- رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية
- ماركس والميتافيزيقيا
- إشراقات مندائية
- الديانة المندائية ..أعشاش النور والنجم المسحور
- سماء المندائيون
- شُباك نَدورهْ ( مندائية على جدار القلب )


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ناصر خزعل ... الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!