|
القناص الأمريكي.. ولعبة التشويه
رحمن خضير عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 08:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القناص الأمريكي ولعبة التشويه رحمن خضير عباس يعرض الآن في الصالات السينمائية في العاصمة الكندية (اوتاوة) ، الفلم الأمريكي ( القناص ) وهو من أخراج الممثل المخضرم والمخرج كلنت إيستوود . والذي دفعني الى مشاهدة الفلم ، ليس المتعة التي توفرها الأفلام الأمريكية والتي تعتمد على القوة الخارقة لبطل وسيم - كالعادة- ينتصر على أعدائه ، ببطولة خارقة ، وهو يستحق - أي البطل - ذالك لأنه يحمل صفات النبل والشجاعة والذكاء .. ألخ ،وإنه سيحقق المعجزات لتأكيد القيم التي يؤمن بها رعاة البقر . أعرف كل ذالك عن السينما الأمريكية ولكن الذي دفعني لحضور الفلم ، هو البحث عن سؤال يؤرقني . هل ثمة صحوة لدى صناعة السينما الأمريكية لأستحضار الضمير ومحاكمته على أسس أخلاقية ؟ . وهل تستطيع هذه السينما باعتبارها تمثل واحدة من وسائل المعرفة ، أن تكشف المجازر التي ارتكبها الأمريكيون في حق العراق وتدمير بنيته التحتية ونهب تراثه الحضاري وتركه عاريا من الحماية بعد أنْ حلت جيشه وشرطته ، واستبدلتها بميليشيات ، تنتمي الى عصائب ومذاهب مستبدلة النسيج المتعايش ، بنسيج غير متجانس . ولكنني كنت واهما ، فالسينما الأمريكية التي تبحث عن شباك التذاكر والأرباح السريعة والجوائز ، لايهمها الجانب الأخلاقي وهي مازالت منغمرة في وهم البطولة التي لاترى الآخر الا من خلال نرجسية متعالية . تدور احداث الفيلم عن شخص اسمه كريس كايل ينخرط في المارينز بحجة ( الدفاع) عن بلده وحينما يتم الغزو الأمريكي للعراق ، يصبح أكبر وأشهر قناص ليحصد ارواح 255 عراقيا وليصبح اسطورة أمريكية . ولكنه حينما يعود الى امريكا بعد انتهاء مهمته العسكرية التي استمرت حوالي عشر سنوات ، يمارس حياته العادية كزوج وأب لطفلين ، ويحاول ان يساعد ضحايا الحرب من الأمريكيين . ولكن يدا مجهولة وشريرة تقتله . وينتهي الفلم بشكل حزين في إحتفالية الدفن لبطل دافع عن امريكا ( الطيبة ) ضد أعدائها ( الشريرين) . وقد انتقل الحداد الى رواد العرض السينمائي الذين إخضلّتْ دموعهم حزنا على ( الضحية / الأسطورة ) الذي قتل 255 عراقيا دون ان يرف له جفن ! لقد دأبت صناعة السينما الأمريكية الى إنتهاج سياسة الإبادة بحق الآخر ( ابتداءا من الهنود الحمر وانتهاءا بالعراقيين ) ، ومحاولة تشويه صورة هذا الآخر ، فهوغبي و جاهل وجبان ومتوحش ويستحق القتل . وقد بدأ ذالك منذ اللقطة الأولى التي تُظهر طفلا وامه ، واللذين كانا هدفا لهذا القناص ، الذي أجهز عليهما ببرودة اعصاب قاتل محترف ، ولكن الفيلم يظهره وكأنه يدافع عن المارينز لأن الطفل كان يحمل عبوة ناسفة . لذا فقد سقط هذا الفلم في مستنقع لاأخلاقي ، لأنه برر القتل ، وزيّنه وجعله مهضوما من قبل المتلقي .وقد تجاوز الفلم حتى على مذكرات القناص والتي نشرها عام 2012 والتي يعترف بها انه كان يتلذذ بالقتل ، وحتى مشهد عدم قتله للطفل الثاني مجرد كذبة رخيصة اراد المخرج أنْ يؤكد نبلا غير موجود عند القناص الأمريكي الذي أدمن القتل . لقد تم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في المغرب . وكما تقول جريدة هسبريس المغربية : ان الفلم استفاد من مساعدة مغربية وفرت الكثير من المال للمنتجين بعدما وضعت رهن اشارتهم الكثير من التجهيزات والمعدات ومنها طائرات الهليوكبتر " وينبغي على الأشقاء في المغرب أن يفحصوا ويقيموا مضامين الأفلام السينمائية التي تصور في بلادهم ، لأن في هذا الفلم اساءة واضحة لشعب العراق . وفي محاولة لجني ارباح سريعة من قبل الشركة المنتجة ، فلم تبن مدنا اوديكورات مستلة ومأخوذة من صميم البيئة العراقية ولسان حالها يقول ( منو يقرا ، منو يكتب ) .فقد كانت المدن في الفلم لاتشبه المدن العراقية إطلاقا ’ من حيث طبيعة البيوت والشوارع واشكال المساجد ، وطبيعة الحجر المستخدم في البناء ، وكتابة الأرقام وشكل الجدران ، وطبعة الأثاث المنزلية . مما ابعد الفلم عن اية مصداقية لمسرح الأحداث التي يُفترض أنها تدور في مدن كالرمادي والفلوجة . كما ان ملامح المواطنين العراقيين في الفلم غير مقنعة لأن الشركة المنتجة استخدمت بعض الشخوص من أصول هندية او باكستانية والكثير من المغاربة الذين أستخدموا ككومبارس . اما اللهجة المستخدمة فهي مزيج من الخليجية والأردنية وبلكنة مغربية ، وحينما ارادوا ان يقلدوا اللهجة العراقية فشلوا في ذالك . واذا كان الفلم سيمرر على المتفرج الأمريكي فمن الصعب أن يكون مقنعا لغير الأمريكي . ومن هنا استطيع القول بان الفيلم كان فاشلا من الناحية الفنية ، كما انه كان فاشلا من ناحية الصدق ولذا فارى أنه يشكل عارا على السينما الأمريكية التي لوّثت في هذا العمل القيم النبيلة التي ينبغي ان يتحلى بها الفن السابع .
#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رالي باريس .. والكاريكاتير
-
مجزرة شارلي إبدو
-
ألمنطقة الخضراء ببغداد
-
المقارنة بيني وبين خضير الخزاعي
-
بؤس الأنثى وعذاباتها
-
ألبوح الساخر في (قريبا سأحبك)
-
لا ..لاتحرقوا كتب سعدي يوسف
-
مجزرة سبايكر
-
لماذا يتمسك المالكي بكرسي الحكم
-
الرجل الوحيد في البرلمان
-
موفق محمد .. شاعر لمدينة فقدت حدائقها المعلقة
-
القانون الجعفري
-
طائرة العامري
-
ماذا ستقول السيدة النعيمي الى دولة الرئيس
-
حكايات مرّة
-
حول ضرب البريطانيين في البصرة
-
هاشيدا...رائحة الدم ولون الدمع
-
جان جينيه ..القبر والمدينة
-
فنانون ..بلاحدود
-
مسرى الناي .. سِفر الوجع المزمن
المزيد.....
-
انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي
...
-
بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش
...
-
المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
-
أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل
...
-
16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة
...
-
الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
-
هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت
...
-
استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
-
تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت
...
-
بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|