أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم ناصر - ديك الرصاص















المزيد.....


ديك الرصاص


كريم ناصر
(Karim Nasser)


الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 01:46
المحور: الادب والفن
    


حلمُ ميّت (مونودراما)

ما من سرابٍ لا يعرفُ النهاية،
وما من ريحٍ تجلدُ التنّين،
ما معنى أن يطيرَ الهوامّ ولا تفقسُ أشواكُ الورد؟
أ ما يكفي النسور القلانس من فوق ومن تحت،
أ ما يكفي العواصف ما ورثتها عن المدن*
الرجال يجرحونَ التلال،
لقد طُعِنَ ابن الجيران
عندما احترقَ نيزكٌ في الجبل.

أقبل أن تتكاتفَ القنابرُ في حقلٍ رهيف،
ويحدودبَ صولجانُ الملك وليس ثمر الدردار.
ــــــــــــــــ
* كالغيمةِ التي علاها الصدأ،
زدتُ إدراكاً أنَّ العفاريت أرواح،
أُريد أن أعقلَ أفراسَ النهر،
فقلّما تمخر سفينة.

هل أرى فُلولَ الأحصنة أم ممشى الكواكب؟
الفلّاح يصرعُ الذئب، أكاد لا أعرف
سمعتُ القبطان يغرفُ الأمل،
سمعتُ السمك يأكلُ الأطفال،
كأنَّ الهواءَ حملَ روحَ زورق،
هذا النهر طيفُ فرح، هل مضى متناهياً في زئبقه؟
من المُحال أن أجعلَ الملاكَ ساحةً لرَذاذِ القُرصان..
آهٍ يا قلبي*
ليت للصدورِ أوسمة، ليت الجسرَ يعوم،
أمَلي أن ترعى الزينةُ سمكةَ ـ السوردتيل ـ
ـــــــــــــــــ
* لا تهجعُ السلاحفُ في المرعى،
الحدأة لا تبرحُ الدم،
صار الحطّابُ نقمة.

أسمع الأرض تُخلخلُ العظام،
أسمع قلبي
يقول للأسد تعالَ لتتحدّاني..
ليت القمرَ قلبٌ لا يحترق
ليت الشمسَ حديقة،
النهار والليل شاهدانِ على عذابي..
عندما ترقرقَ الرملُ مثل الورق،
قلت: هذا الضَباب
أ هكذا تقصرُ الأيام،
ويضحى العمرُ بارداً كما الصقيع؟
آهٍ لو تعلم الجياد
كم ذبحوا من الفُرسانِ في النفق..

صدّقني
حتى عندما عكّرتِ الصخرةُ صفوَ أيامي،
خطرَ على بالي أن أطويَ حياتي كقنديل،
لا أظنّ أنَّ الرَذاذَ ينهمر
والرملَ يأخذ بالألباب..
كم بصقتُ على الوطاويطِ داخل الكُوّات
كنت قاصداً مدنَ الخيالِ وحدائق السماء*
ليت الجنّةَ تعود،
ماء المطرِ مثل طيورِ الينابيعِ ينقشُ الضوءَ في الهُوّة.
ـــــــــــــــــ
* لترني فراخُ القطا،
أنا النجمة الممشوقة، ويُسمّونني الملاك،
فإذا لم أكنْ كذلك، كيف إذاً قدّتِ الفتاةُ قميصي؟
كيف تتقاذفني ريحُ سموم؟

عبثاً سلخوا فروةَ رأسي،
لكنّهُ كن على يقينٍ، سينبت لي شعرٌ ولسانٌ وعينان،
ولن أتخلّى عن ذلك أبداً،
كسُنونوةٍ لا تعرفُ الخيانة، وككوكبٍ لا يبرحُ مداره
لكيلا يغطسَ في الأدغال*
عليَّ أن أحفر الجبلَ جاهداً لتقوى ذراعاي،
مثلما الماء تحت الحريق،
عليَّ أن أباغت الحرَس،
لأعشقَ الأميرةَ قبل أن تهرم،
عليَّ أن أزيل القيحَ الملتصقَ بقاعي..
ـــــــــــــــــ
* الويل والثُبور لقتلةِ أبي
لسارقي الخبز من اليتامى، والنجمة من الخارطة،
والدُعابة من الطفلِ الميت.

ما هذا؟
حرصتُ على أن أعدلَ عن الأمر،
لئلّا تزلقَ قدمي من الرابية،
مشيتُ على ضفافِ المُستنقعات، كيما أبعد التماسيحَ عن أشلائي*

أ هيَ لعنةُ السماء تقضُّ مضجعي
أم سوء الحظّ؟
لم يبقَ لي في الحياةِ سوى ريشِ النعامة
وورقةٍ وقلم،
وطوقٍ في عُنُقي تبرئة من الساعةِ الأخيرة.
ـــــــــــــــــ
* تكاد تكونُ البحارُ انطوائيّة..
لا تهطلُ النيازكُ كالثمار،
لعلَّ الأسدَ يشطحُ في الغيضة.

قد تقذفُ المدافعُ دماءً كلّها أقلام،
قد تُلقي الريحُ الزرازيرَ في الوحَل،
لتقودَ أسرابَ جراد،
مثلما تقبر المقابرُ الوطاويطَ والدعاميصَ والزيزان،
رأيت الماردَ يسفُّ عاتياً
ويقعص القمل،
سيطأُ البازُ كبدي
ليأكلَ روحَ الصخرة..

قد يكونُ للشفقِ معنىً عندما خرجتْ روحي من جسدي.
نبتة يدي مثل غابةٍ شوكيّة،
حيث تعبتْ أصابعي من لمسِ أورادها،
لقد صرتُ أقطع الطرقَ كلّها لأصلَ إلى النهر،
كمن يعقرُ نفسَهُ وينصتُ لأنفاس فنار.

علّقِ الرايةَ يا رُخّي قبل أن يهوّلني المنظر..
قاربي مُغرمٌ بالشلّال
مصَّ دمي أيّها الخُفّاش،
ولكن إيّاكَ أن تتدلّى بين شجرةٍ وحديقة،
إيّاكَ أن تحوكَ من ثماركَ فخّاً لاصطيادي.
حدّقْ هُنيهةً إلى ثيابِ الحجر، فإنَّ لها ملمسَ الحرير...
الكهف: ثمار بيتي
والنهر: زورق قلبي
أيّتها الصخرةُ التي تجثمُ على عينِ ماء*
ـــــــــــــــــ
* لا تروق النحلة الزهور..
ستضربُ الصيصانُ أخماساً لأسداس،
ريح الحديد: هبّةٌ تعصفُ بالعسل،
فمن أين لي ببِركة تفيض، ولؤلؤة من بحرِ الجنّ؟

مهلاً مهلاً...
سأتوغّلُ عارياً في البراري لئلّا تنطَّ الغِيلان
سأحيا وأنا مطارد أشباحَكِ،
وأنا أضحك للموسيقى،
أنتِ الجمرة في الجزيرة
أيّتها الصخرة*
ـــــــــــــــــ
* أنتِ قطعةٌ من الجرانيت
من قبل ومن بعد،
أنتِ
كونٌ يؤرّقُ البلابل.

صار من الممكن أن أخلصَ للديدان..
هل هذا نَسر أم بومةٌ من مملكةِ العذارى؟*
ـــــــــــــــــ
* كقمرٍ يمشي على الأرض،
تسوقُ الظبيةُ عربةَ ماء.

سأحملُ السلطعونَ إلى عينِ الوردة*
حين لا تشرقُ الشمسُ في المفاوز..
أين ستذهبُ المراكبُ يا نسر أحلامي؟
أين البلبلُ الاصطناعيّ؟
قد تقتفي الحيتانُ آثارَ السفن،
قد تشقّ الصواعقُ الأودية.
ـــــــــــــــــ
* قلّما يفتك الدغَلُ بالسِنديانة،
قلّما تلعب الدلافينُ بالثلج،
وتغور في القاع.

سمعتُ الثور لم يسلمْ من الغمّ،
كأنَّ القنابر يلقطن العنبَ في الواحة،
هنا ابتسمَ القَسُّ للثعلب
حينما أكلَ الديك..
أ لمْ تشبعِ الوطاويطُ دماً؟
أحسّ الثُعبان يقطعُ المُستنقعات..
حدّقْ
ها هنا ابتلعَ التمساحُ الكركدّن،
في حين ظلَّ شبيهي يشاكسُ الأفراس
باحثاً عن صدره،
عن بحرِ غِرْيَنهِ الصاهل،
وعن أشجارِ ورودٍ
كانت يوماً صديدَ دمامل.

أتغاضى عن الزجاجِ المسقطِ على الخاصرة..
يا ليتها ترتفع الفناراتُ في البحر،
وتهسهس الشجرةُ وراء التمثال،
ها هي ذي السماء تُرصّعُ الكونَ باللآلئ، ولم تذرفْ دمعةً على قبري
كالقواقع كالدلافين كالفُقمات،
كلّ سربٍ يحملُ حوقَلَته معلّقاً بموجة..
أيّها المسمارُ الضَخْم..
حينما تُنقش الضفادعُ على صمغِ الساقية، وحين يضلع النايُ في الفلَوَات،
ينطّ مموثٌ منقرض ناقص النمو..
أيّها الغريب لا أوافق على فمٍ لا يطرب*
ـــــــــــــــــ
* قلّما تسفّ حمامةُ التلميذة،
حيث يغسلُ المطرُ أهدابَ القمر،
وتزقُّ العصافيرُ أفراخها.

ما لي
لا أُحبُّ البلُّوطَ لا أُحبُّ التمرَ لا أُحبُّ الجوز؟*
كم نفضتُ الديدانَ من جسمِ الشجرة.
ضَعْ نجمتكَ لتطفو
تحت جراميزِ الظلام،
لكي أرسمَ كوكباً مُستأنِساً بضوءِ شمعة،
كوكباً من بذرةِ الطين.
ـــــــــــــــــ
* قدني إلى الشمس
يا دليلَ العافية..
غنِّ يا بُلبلَ القفارِ ولا تترك رسالة،
جُلّ ما لمحتهُ اليوم
لا يعادلُ محارة،
كمن رأى غولاً على الشطّ.

ليت النجمَ ينادي السماء،
عسى أن يزجرَ الربُّ الألم..
حرام على القمرِ أن يحابي اللصوص،
هؤلاء الذين تنتفخُ أوداجهم في الليالي.

"ليدرزْني الرصاص والفِرْجَون في فمي" +
رجال يغنمونَ الرُمّانَ من القناطر،
لأنَّ السلّةَ علاها الصدأ..
لماذا تشاكسُ الرخَمةُ الغزلانَ في المرج؟
..
ما القصّة
هل نضبَ نهرُ الفرح؟
حجر النيازكِ يؤمُّ الأرض،
كان قطيعُ الخيولِ شاهداً على ما حدث،
سحابة سوداء تأكلُ القمر،
مثل تنّينٍ ينهبُ قلعةً نادرة.

كم تتناسل الجِرذانُ في أقفاصِ الدجاج،
كم تطلق المدافعُ قذائفَها على الحطب.
بِئْس الريحُ التي تستعينُ بالكلاب
وتقتل يعاسيبَ الماء..
هكذا أنا يا صديقي
كلّ يومٍ يدهمني وغد
سأموتُ لكي أحيا، وأبكي لأضحكَ
حاسباً لكلِّ غارةٍ حساباً*
ـــــــــــــــــ
* أ تُريدني أن أهتمَّ ولا أحد يهتمّ؟
أنا الملاك الجميل،
ويُسمّونني "الأعدقاء" العملاق.

لن أصفحَ عنكِ يا صخرة،
ما أوطأ البُرج، كأنّه منخفضُ نسور،
سأمتطي الضوءَ كتمثالٍ يبحثُ عن ثمرِ البلُّوط
في قميصِ غابةٍ مجاورة.

لن أصفحَ عن القصب،
لا تنمو السفارجُ بين حقلٍ وخضرة،
ستبقر النمرةُ بطنَ الزُرافة.
يا للهول
أ هكذا تعضُّ المامبا الشمس؟
لم يبقَ سوى خيارٍ واحد،
أن أراهنَ على فرسٍ
غير مُكترثٍ لأرتالِ الجنود،
لكهوفكِ أيضاً أيّتها الصخرة.

وكما يزهر اللوزُ ويثمر العنب،
فتزهر أصابعي على رسلها*
ـــــــــــــــــ
* كأنَّ الجبلَ ذرورُ معادن،
لا تعرف الريحُ الكسلَ كصوتِ الرعد..
التمثال يلمعُ في الكُوّةِ المجاورة.

والآن
بعد أن انقشعَ الغيم،
أستطيع أن أسمعَ الزحّافات في العراء..
رجال ما برحوا يرفعونَ عقائرهم،
أظنّهم كانوا برابرة
أو حفّاري قبورٍ جاؤوا من المدنِ النائيات..
لا أرى النوارسَ ولا تراني النوارس
لأنّها لا تبارحُ النغَم..
فلأذهبْ لأسمع البلابل*
كم خابَ فألي يا شجرَ الزيزان،
مهما يكدحِ النهرُ فلا يشفع له أثر،
عندما تتغلغل الشمسُ في المسالك،
فالمطر هو ما يُلطّفُ المكان
سيكونُ الماءُ بدايةً لرحلةٍ طويلة.
ـــــــــــــــــ
* لمن الصناديق،
لمن النيازك، لمن السفن؟
لا أغرس الهُدهُدَ في الريح،
لا أريد الحِرز،
لا أخاف على الوزّةِ من ثعلب.

يا ليتني لم أسرجِ المهرَ في الصيف..
وكطائرٍ لا يريل، لا ينعق
سأهجرُ البيتَ الرفيفَ مُسافراً،
خيراً من أن يحنّطونني ويكون لي مرتع.

لهفي على الليالي المِلاح
الشمس تشربُ دمي*
أُريد أن أسلكَ السكّةَ وأسير..
كمن يقتفي آثاراً كانت يوماً مُدناً.

أنظُرْ
كأنّهُ يوم قحط،
كأنَّ كلباً يزجرُ الحمام،
يخوض المعاركَ مع سربِ بواشق..
لماذا تهجرُ النوارسُ البحر، ويقمطُ الحوتُ الزورق؟
ـــــــــــــــــ
* أخافُ على الفتاةِ أن تتمرأى،
أخافُ من نهارٍ قارٍّ
لا يحتضنُ نخاريبَ النحل.

هلّا تعلم*
ربّما لم تكدّ الشحاريرُ في الغابات،
لم أنتظرِ الخمائلَ وراء الشمس،
ربّما لأنّني تعكّزتُ على رتلِ عناكب لا يُحابي فرائسه،
فالفُرسان قد وفدوا على المدائن،
والجيش استأنفَ معاركَهُ في الأودية، في الأرياف، في المفاوز..
ومنذ ذلك الحين
لم أعوّلْ على فَخّارٍ أو قارب.
ـــــــــــــــــ
* وحدَهُ الدمُ يرفدُ الشلّال
لا ترحمِ العقاربَ على الخريطة،
إجمعِ الذخائرَ
أُريد المعادن.

لماذا لا يحتكمُ الحفّارُ إلى الغابة،
أيّها الموتُ يا أخي؟
لماذا يهدّمُ قصرَ الشوق؟
أ نسي جُذورَهُ التي في الأرض، وأقنعته التي في الهواء؟
أ نسي الفولاذَ،
السَفُّودَ،
المواقدَ،
رعيَ الماشية،
النطاسيَّ تحت المقصف،
النجوَ المائع؟

التلال مؤونةُ الغابة
أنّى لي أن أعلم؟
ما هو الشيءُ الذي نفقَ في يدي؟*
ــــــــــــــــ
* عندما تنضب الشواطئ،
تنحف أكتافُ الغيلان..
هيهات
أن تشرقَ شمسُ البحيرة.

هكذا
تهبُّ العواصفُ ويهطلُ الترابُ كرنينِ أجراس،
في حين تكدحُ الغرانيقُ في خضمِّ ريحٍ سخيّة..
هكذا
تصعدُ السُنونُوات الغيم..
كم اقشعرَّ القصب،
فليس كما تخيّلتُ السحابةَ التي لا أعرفُ مآلها
فبدتْ كأنّها نجمةٌ يستحيلُ صيدها.
:
ما نفع اللذّة عندما تتهاوى القناطر؟
ما نفع القارب
عندما لا يكافح اللُجّة؟

لا أُحبّ قعقعةَ السلاح، فكرة ابتدعها الفلّاح،
ما أحسن حظّ الوعل..
أخاف على البُرجِ من قطِّ الأحراج
والحُجّة: قطيع أرانب.


ها قد صرخَ الطفل،
حين أغارتِ الطائراتُ على السنونوات..
تتذاكى الحيوانات كأرواحِ تماثيل*
تتمغّطُ الغزلانُ كالنجومِ بعد لأي.
ـــــــــــــــــ
* تسيرُ النمورُ في الوهدة..
لا تنجو السفنُ من القِصاص،
وَي للبحر
أشمُّ رائحةَ كوسجٍ في ملابسي.

ليتك تُؤازر وعولي
يا صِنو أخي*

لا يحتضن البطُّ فراخَهُ، إلّا عندما ترتعد الثعالب..
لا يتفصّد الجبلُ عرقاً،
إلّا حين يقذف أحشاءَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــ
* سمعتُ البَلَشُون يغورُ في الينبوع،
كشمسٍ تبحثُ عن أسْطُرلاب.

ستتزنّرُ الضفادعُ وتعوي الضبعُ ويلعبُ دبُّ الباندا،
ها هو ذا النبعُ يجري
كما لو كان صُنبورَ ماء..
:
الشارع يصبحُ نهراً،
تقودني الحروبُ إلى شجرةٍ مغمورة*
كأنَّ القنطرةَ منطاد..
هل أسلك الواحات ـ لم أفقه جميعَ الطرق؟
ـــــــــــــــــ
* شوكة تقرصُ النمر،
الخمائل صخورُ أضرحة،
ليت النجمةَ تسمع.

لا تنمو الأُشْناتُ في الواحات*
وبما يشبهُ الحلم
رأيت الدبَّ يعاقرُ الخمرَ في الركنِ المعهود،
لعلّ الرعدَ كسرَ رأس الجُدجُد.
ـــــــــــــــــ
* ليت الجبلَ ينطق،
هكذا تضحى الحياةُ تراجيديا..
عُشّاق عِظام يهرسونَ أطلالهم،
كنجومٍ في سَورةٍ خياليّة.

مَن كسرَ الجرّةَ في أرضي؟*
مَن تغوّطَ على البراعم؟
حينما ركلني الضابطُ غير مقدّمٍ الأعذار
"بذلَ قُصارى جهده" لاتّهامي،
ولوضعِ الصخرةِ على صدري،
مثلما خمّنتُ ذلك قبل سنة،
عندما أهدرَ دمي
في أثناءِ المعاركِ والثلوجِ والأوبئة،
وسرقَ رسائلي لتنقصَ فضائل الرمّان.
ـــــــــــــــــ
* القنابر يلقطنَ العنب،
لن تأكلَ الحشراتُ الفِضّة،
لن تعرفَ الأفعى حضناً.

ولئن تراني ماحضاً الودَّ للشحرور،
فذلك لأنّه لا يصفر لكِير الحدّاد..
هذا أنا الأثير كالفرس،
المرِح كالحمامة،
الوديع كالغزالة،
المتكبّر على البطل..
مثلكَ أحلمُ بالوعُول حين تحلم بالينابيع،
مثلك
أتحدّى الزوبعةَ عندما تضرب الذهب*
ـــــــــــــــــ
* قلبي برعمٌ تقهقرَ في الحروب
كأنَّ جبلاً يجثمُ عليه،
الزنّار حدأةٌ لها زعانف..
العنكبوت ضبعٌ تخون،
كانت الستائرُ كضوءِ المفاوز.

ما أشدَّ توقي إلى السُمّاقِ والآيس كريم والشُوكُولاتا
والفُستُق
والصنوبر*
وكطفلٍ "أسبغَ الله عليه النعم"
سأحشو الجيوبَ بالسكاكر.
ــــــــــــ
* أتظاهر بحبّي للكَرْم، لأستوطنَ تلالَ العين..
مهما يصدحِ البلبل
لا أسمع النغَم،
هذا الاختبار من طرفٍ واحد.

أدْرِكني أيّها الشاعر
عانقيني أيّتها الأميرة*
ـــــــــــــــــ
* لا تلومي شجرةَ المرفأ، لأنَّ الساقيةَ صغيرة..
الجوّ هادئٌ اليوم،
لعلَّ ذلك يكفي النسمةَ
لتسبقني إلى الجبل.

وكسنجابٍ يتسلّقُ البُرجَ المُعظّم، تسلّقتُ النخلَ تذكاراً،
ولأنني الإبن البارّ للفلَوات،
فأنامُ في صحراء شهقتْ لي،
كم تبعد الفراسخُ عن الأجداد..
سيلٌ يجرفُ الآثار
يشمخُ على سفحٍ لا يُعوّلُ عليه كثيراً*
هذه الحَدأَةُ تعلو في الجوّ
ترقشُ عمرَها المُرّ،
ما من أحدٍ يُراعي النجومَ كي يخسفَ أوحالها،
دعْني أُمشّط شعرَ الواحة ـ الروضة التي تلي الغُدران.
ـــــــــــــــــ
* أخبرني قنفذٌ نطَّ كنجمة،
كلّما سدّدَ أشواكه، أخفى انفعالاته،
وكمساحيقِ الدم، صدحَ مزمارٌ لحاجةٍ داخلية.

سأفعلُ عمداً
لأُمسكَ الديكَ الروميَّ من ياقتِه
بأيّ شيء،
سأجعلهُ يلهث في الحطب
لينفضَ ريشَه اللّامعَ باطّراد،
ليتنهّدَ كفَحْلٍ عهدَ كراهية الجيران
في الحقلِ الخلّاب.

هنا تنحفُ الأحصنة،
أمّا هجرة الأيائلِ فكانت فُرصة،
لا تنسَ الهجير،
فلْنغطسْ معاً، في الماءِ الذي جُبلنا عليه معاً.
كفاكِ خُزَعْبِلاتٍ يا خفافيش أوطاني*
هنا
لا تتركُ الذئابُ المسالك.
ـــــــــــــــــ
* لمن تقطرُ الجداول؟
النَسر تربّى في حضنِ هُدهُد
أحفاده أشرار..
لا تعبأُ الجحافلُ بصداقتي.

يسرّني أنَّ القُبطانَ أمير ألاي*
المرأة شجرةٌ بريّة،
أمّا الضباعُ فأنّها سنانير.

أُقعُدْ لا تبارح السُفن،
لا تخالطِ القراصنةَ في تلِّ الرمل.
ـــــــــــــــــ
* في الوادي العملاق في أحناءِ الوادي،
تأكلُ الغِيلانُ فرائسَ العنب.

لا يعقل أن يتقمّصَ النمرُ شخصيةَ شبيهه*
لا تطأ البهائمُ السفوح،
في حين تغادرُ اللقائقُ في صيفٍ بارد،
ومثل أُمٍّ تطويها ريحٌ شديدة،
زعقَ الطائرُ قبل أن يقنصَهُ نَسر
كان دمهُ يوماً مسفوحاً،
وبسببِ غارة
زلقَ فرخهُ من كوّةٍ لم تحكمْ غلق بابها.
ــــــــــــــــ
* كريحٍ موّارةٍ
هبَّ الأعداءُ بنفسِ الزينة،
ومنذ ذلك التاريخ،
تطرقُ القنابلُ بابَ الزريبة.

إمنحْني كفّكَ لأنضوَ عنها الدبق*
لئلّا يقضمها ذئب.
وكمن يهيلُ الترابَ على الورق، ويضربُ الشمس
كمن يلقى حبيبتَهُ في معركة
سأنتظر الظلامَ
يساند الشموع.
ـــــــــــــــــ
* لا أكلّ من طحالبِ الصراصير..
لا تعاقرُ اليعاسيبُ حضني،
ليتني ألوّح للفُرسانِ بالعلم،
كيما أقصم ظهرَ الملك.

فلتنظرْ*
كاد الثورُ يقعص الكناغرَ في الشمس
وعندما نفدَ صبرهُ،
جرحَ المُصارعَ تحت العريشة.
ـــــــــــــــــ
* هل ينكثُ القُرقُفُ العهد؟
كلّما طارَ فوقه سربٌ
تاقَ إلى الجيران،
في حين تنتشرُ الأحراجُ في الواحة.

سحابةٌ تحبو
فتلتهم سربَ غرانق،
من حقِّ الدودة أن تأكلَ الشرانق*
كيف طارتِ البالونات الهوائيّة؟
كان في وسعِ الحوتِ أن يغنمَ الشراع.
ـــــــــــــــــ
* يا لها من ليلةٍ لا تسعها قبضة تراب..
الماء ثعبانٌ لا يرحم،
ذلك الضوء الضئيل
مرآة تسوقُ الإبلَ إلى الجحيم.

هنا
تغنّي العنادلُ في الظلال
أمّا الحدائق فهي ربيعُ صبيان،
فكرة تدحضها الحياةُ الأخرى
ولكن
ليس كما تنهشُ الأفعى هيكلاً عظميّاً..
إسمعْ
لو لا نزوح الكلابِ لكان لهروبِ القواقعِ معنى*
ـــــــــــــــــ
* لن تدخلَ الظِباءُ في أكنستها،
ثمّةَ حضنٌ يجذبُ النمور،
لا جرَمَ أنّ الغزالَ يعشقُ القمر
ويسكنُ الجبال.

أ في النهرِ ماءُ السلامة أم لفائفُ تبغ؟
لا تنفعلي يا ريحَ الترنيمة
كم مرّة ولوَلَتْ نسورُك..
:
هذه الوهدة لا سواحل فيها ولا فنارات*
غير صَدفَةٍ لا تقبلُ المناورة
كنهدٍ يُبدي مقاومةً عند صيده..
ـــــــــــــــــ
* لا أحرث الحدائقَ إهدئي يا روحي..
لا أُحسن التأويل..
يا هبّة تحرقُ عمرَ الصيف،
هل جاء الضوء
هل ذهبَ القطار؟

أخاف
عندما لا تأكلُ الثعالبُ الخَشخاش،
أخاف
عندما لا تبطشُ التماسيحُ بالثعابين،

أمّا أنتِ يا صخرةَ اليمّ
فانفلقي على ساحلٍ بارد،
سأركلُ موجتَكِ التي ليس لها رحِم،
سأجلبُ الزوارقَ كأفنانِ الشجر*
ـــــــــــــــــــــــــ
* لم أكنْ مرئيّاً كموسيقى،
لا يعرفُ القمرُ أريكتي،
لا يبرحُ الضبابُ التمثال.


______________________________________________________________________


+ الشطر الشعري للشاعر محمد الماغوط



#كريم_ناصر (هاشتاغ)       Karim_Nasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنوح إلى السرد والمسألة الشعرية
- التمثال الفاضل
- شعرية تحظى فيها اللغة بمرتبة هامة
- إختزال الفكرة على حساب البلاغة الصورية
- الصورة المبتكرة استعادة لولادة المعاني
- جمالية الصورة الشعرية في سياق النص
- الضلع: رواية التأويل وأصل المتغيّرات والمتضادّات
- -الضلع- رواية التأويل وأصل المتغيّرات والمتضادّات
- شعرية المعنى شعرية الصورة: ولد كالقهوة لخضر حسن خلف
- الجواهري شاعر عبقري
- اِيتراوالي ضوه اعيونك اهلالين
- العراق هنا: مرآة للفن والمعرفة
- الأغنية العراقية: نجاحها وإخفاقاتها
- كتاب الشمس
- إغتراب الكاتب لا اغتراب النص
- قصائد لا تعارض صيرورة الشعر ولا تقف خارج سياقاته: -الفادن غن ...
- قمر الفرسان
- رحيل جماعي إلى كمال سبتي
- إشكالية النص الشعري الدلالية: عندما تُلغى الشعرية من الخطاب ...
- المخرج العراقي هه فال أمين: البلاغة الصورية هي سرّ الفن السي ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم ناصر - ديك الرصاص