أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-














المزيد.....

مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4697 - 2015 / 1 / 22 - 20:09
المحور: الادب والفن
    


مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية -12
*******************************
هم يتكاثرون ، يتوالدون كالقمل . حين يكثر توافدهم غلى المنطقة ، تتوهم ان المغاربة جميعهم صاروا مدمني مخدرات صلبة . وكأنهم اكتشفوا فجأة سر الحياة الهنيئة ، او عقارا يعفيهم من صراع الحياة الفارغ .
نظراتهم زائغة بلهاء ، وكأنهم معبأون نحو أداء دور وحيد ، هو اقتناء حقهم من مادة الحياة التعيسة . جميعهم ينظر رفاقهم في أصى حالات الذل ، يشاهد أحوالهم المزرية ، لباسهم الوسخ ، أرجلهم التي تجر صناديل ممزقة وأحذية رثة ، شعر منفوش . لكنهم رغم ذلك يتكاثرون ، يتنافسون من أجل من يصير في أقصر وقت ممكن أرذلهم وأحقرهم .
كان الناس فيما مضى ،رغم أصولهم الشعبية ، ورغم بيئتهم البئيسة ، يتنافسون في تحسين أوضاعهم ، وترقية احوالهم ، يكدون ، يشتغلون ، يدرسون ، يبحثون عن أسباب حياة أفضل وأجمل وأسعد .
والآن صار الناس يبحثون ويلهثون من أجل حياة أرذل وأبأس . كيف ذلك ؟ لا أحد يعلم .
شباب في عنفوان الفتوة ينهار . فتيات في زهرة عمرهن تذبلن . الجميع يشيخ قبل الأوان ، تتغضن سحناتهم ، ينكمش جلد وجههم ، تضعف هياكل أجسادهم ، يتحللون ، يصير الواحد منهم عبارة عن جلد يلف عظما .
حتى الشيطان لا يرضى بمثل هذه الكائنات ، انه يستغيث ويعلن من مخبإه انكساره التام . فهؤلاء الحثالى خارج سلطته ، وهو ما يجعله يفقد الكثير من نشاطه . نشاطه أن يقعد لهم في الطريق ، لكنهم قلبوا الطاولة عليه وقعدوا له هم في الطريق.
لم يعد هناك ما يضيعون حياتهم من اجله . الأمل نفسه صار ألما ورثوه عن أجيال سبقتهم ، خرجت من لعبة الحياة بعد كفاح مرير . العمل ؟؟ ما معنى العمل ؟؟ . العمل يفترض وجود مهنة ما او حرفة ما ، وارادة في مزاولتها ، ومكان يزاولونه فيه . لاشيئ من هذا هنا في طنجة . كل المعامل والمصانع والحرف والمهن مملوءة وظائفها عن آخرها . عدد الناس أكبر بكثير من فرص العمل . والذين يعملون لا يستفيدون شيئا من عملهم ، بالكاد يصرفون ما يكسبونه على فواتير الماء والكهرباء والكراء واقتناء ضروريات الحياة . لامعنى للحياة في هذه الحالة . اللهم كفاف يمنح الانسان مبرر البقاء على قيد الحياة . والأعمار بيد الله . أما الحياة فهي من صميم انشغال الانسان ، وبما ان حوافز الانشغال منعدمة ، فان الفراغ أجدى وانفع من تعب لايستفيد منه الانسان , هذه هي فلسفتهم . فلو سألت أحد الجناكا عن سبب اختياره لحياة الذل ، فسيجيبك ومن منا ليس ذليلا ، هناك فرق في اختيار وسائل وطرق الذل فقط . هناك اختلاف في مستوى الذل فقط ، فهناك ذل المسة نجوم ، وهناك ذل الكسوف ، نحن اخترنا الذل بمفهومه الحقيقي دون ماكياج ، وأنتم اخترتم ذلا مقنعا . نحن لا نكذب على أنفسنا رغم قساوة الحقيقة ، لكنكم غارقون في الكذب ، وحقيقتكم أقسى . وسيلجمك فعلا . لأن منطقه منطق واقعي ، وانت منطقك منطق طوباوي مرجئ . لكنه اختار لحظته ولم يرجئ امله الى غد غير موجود ، فالغد هو نفس اليوم ، كما اليوم هو نفس البارحة .
لاشيئ يتغير هنا ، حتى الوعود وخطب الساسة والحاكمين لم تتغير . ففي كل مناسبة سيفتحون لك آفاق أرحب ، ويمنحوط وعودا وردية ، وخطابات بلاغية عصماء . ثم تؤوب الى واقعك المرير ، في محاولة التكيف معه بتعاطي ما هو أمر وأصعب .
قرر نورالدين أن يستعين بأحد يساعده في البيع ، ويراقب الزبائن والعابرين ، بعد أن اكتشف أن صحنا تركيا قد سرق منه . لم تكن القضية صعية في اختيار من يساعده ، فالعاطلون عن العمل مطومون على الأرصفة ، وعلى ظهر الجدران ، ينتظرون اللاشيئ . لكن الصعوبة تكمن في اختيار الرجل الأمين الذي سيحافظ له على بضاعته وماله دون أن تمتد يديه الى رزقه .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب وسياسة الافلات من العقاب
- جرائد ليست للقراءة-4-
- المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح
- المعادلة الانسانية الغائبة
- حكام يحتقرون شعبهم علنا
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
- عودة الأنظمة القديمة
- النفاق السياسي بالمغرب
- تقبلي كوردة عطري
- استسلام عاشق
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -10-
- من صدام الحضارات الى صراع الحارات
- الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية
- زينب الغزاوي ،أو كم هي الحقيقة قوية ؟؟؟
- الانقطاع الزمني ووأد السلالة الفكرية المغربية
- استعدوا أيها العرب ، عودة الديكتاتورية بكل عنفوانها
- وزير الداخلية المغربي يحن الى زمن ادريس البصري
- الفرق بين دولة السياسة ودولة القبيلة
- أصلنا صفر
- هل تتخلى قطر عن قوتها الاعلامية الجبارة ؟


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-