أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - كيف تنسبون إلى الله ما تستنكرونه على خلقه؟














المزيد.....

كيف تنسبون إلى الله ما تستنكرونه على خلقه؟


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4697 - 2015 / 1 / 22 - 05:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كلامي هذا موجه حصرا للمتدينين. فاللاإليهون (أي الملحدون) غير معنيين به، مع احترامي لقناعة كل إنسان، ملحدا كان أو مؤمنا بالله. واللادينيون من الإلهيين أمثالي هم أيضا غير معنيين بهذا الكلام. كما إن المتطرفين أصحاب العقول المغلقة، والقلوب القاسية تجاه كل مغاير لهم بالعقيدة، هم أيضا غير معنيين، لأنه لا جدوى من كلام العقل وكلام الروح معهم.
أوجه كلامي إلى المتدينين العقلاء والطيبين، أولئك الذين يؤمنون بالله، وبالدين، ويواضبون على أداء الواجبات الدينية، ويمتنعون عن نواهيه. كما أشمل بالكلام الطيبين من المعتزين بدينهم، ولو من غير التزام أو مع التزام محدود. أطرح عليهم مجموعة أسئلة، أرجو منهم أن يفكروا بها بهدوء وتجرد.
أسألكم بالله عليكم، هل تقبلون لرئيس سلطة تشريعة في دولة ديمقراطية، سواء كان رئيسا للوزراء، كما في الأنظمة البرلمانية، أو رئيسا للجمهورية أو الدولة في الأنظمة الرئاسية، هل تقبلون منه، ألا يرعى معارضيه، وألا يشملهم بالخدمات والحقوق والحريات والرعاية الاجتماعية والصحية وغيرها؟ أو أن يرعى بكل ذلك وغيره من يشاء منهم، ويحرم من يشاء من رعايته، انقائيا ومزاجيا، أو لاعتبارات المحسوبية والمنسوبية؟ هل تقبلون منه أن يزج بمعارضيه في السجون، لمجرد عدم قناعتهم به، وعدم تأييدهم له؟ هل تقبلون منه أن يسلط عليهم آلة التعذيب؟ طبعا هذا كله ممتنع حصوله في النظام الديمقراطي، ومن يفعل ذلك فيخرج عن شروط الديمقراطية، ويكون ديكتاتورا. أليس ذلك صحيحا؟ مع هذا أطرح السؤال من قبيل الافتراض النظري.
هل تقبلون من قاض، يفترض به أنه قاض عادل، وفي دولة تلتزم باستقلال القضاء، هل تقبلون منه أن يمثل أمامه مجرمان ارتكبا نفس الجريمة، وبنفس الظروف، وبنفس الدوافع، فيحكم على أحدهما بأقسى عقوبة يقرها القانون، سواء كانت السجن مدى الحياة في الدول التي ألغت حكم الإعدام، أو بالإعدام في الدول التي ما زالت تعمل به، بينما يبرئ الآخر بل يكافئه، لا لشيء إلا لأن الذي برئ إما ذو قرابة أو صداقة بالقاضي، أو من الذين يمتدحونه ويعظمونه في العلن، أو لأن هناك شخصا مقربا من القاضي جاء بوساطة ليشفع لهذا المجرم.
هل تقبلون من رب عمل يميز في أجور العمل، فيعطي لمن يميل إليهم نفسيا، ويودهم لأي سبب، أو لأقاربه، أو أبناء أصدقائه، أو لأنهم ممن يقومون له تعظيما عندما يحضر، وينحنون له إجلالا وتعظيما، فيعطيهم عشرة أضعاف ما يعطي من أجر لبقية العمال، بينما هم متساوون في العمل، بل قد يكون العمال المغبونون بالأجور هم الأكثر نشاطا، والأدق التزاما بأوقات العمل، والأشد حرصا على مصلحة الشركة، والأكثر إبداعا في عملهم، والأحرص على تنفيذ عملهم بدقة وإخلاص؟ كل ما في الأمر إنهم لا يتملقون لرب العمل، ولا يقومون له تعظيما، ولا يمتدحونه بمناسبة وبغير مناسبة؟
هل تقبلون من معلم يعامل تلامذته بطريقة بحيث يعطي الكسولين منهم أعلى درجات النجاح، لأنهم ممن يمتدحون المعلم ويعظمونه ويتملقون له، أو لأنهم من ذوي القرابة، أو لأن آباءهم من أصدقائه، بينما يعطي أدنى الدرجات لتلامذة نشطين ومواضبين ومستوعبين لمواد الدراسة وأذكياء ومبدعين، لا لشيء إلا لأنهم ربما استهزؤوا مرة بالمعلم، أو ذموه، أو انتقدوه في أسلوبه في التدريس، فوصل خبر الذم أو الانتقاد إليه من الوشاة من التلامذة الكسالى المتملقين له.
بكل تأكيد لن تقبلوا ذلك لا من ذلك الرئيس، ولا من القاضي، ولا من رب العمل، ولا من المعلم.
فكيف تقبلون على الله أن يعذب إنسانا خالدا في ناره التي (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيظِ)، وكلما سئلت (هَلِ امتَلَأتِ)، تصرخ (هَل مِن مَّزيدٍ)؛ وكل ذلك لا لشيء إلا لأن عقول الذين تتشوق لتعذيبهم بلهيبها، لم تستطع أن تقتنع بأدلة وجود الله، أو لأنهم لم يلتزموا بفرائض دين، تبين لهم هناك وبعد فوات الأوان، أن الله هو الذي أوحى به، على فرض أنه أوحى بدين، وأن فرائض ذلك الدين ومحرماته هي فرائض الله ومحرماته، أو لأنهم ولدوا صدفة من أبوين على غير الدين الذي ارتضاه الله للناس، دون أن يعلموا أي دين ارتضاه لهم. بالرغم من إن الكثيرين من هؤلاء ممن خدم البشرية بعلمه، أو بأي نشاط إنساني، أو ناضل من أجل تحرير شعبه من العبودية، أو ناضل من أجل العدالة، أو أدخل الفرح في قلوب الناس بفنه، أو ضحى براحته من أجل سعادة غيره، أو عاش على أقل تقدير من غير أن يؤذي إنسانا، إلا اللمم. بينما أولئك الذين دخلوا جنات النعيم، لم يقدموا خيرا للبشرية، بل كانوا عالة على المنتجين والمبدعين والعلماء والمخترعين، ولعلهم ارتكبوا الكثير من الظلم تجاه زوجاتهم، وتجاه المستخدَمين عندهم، وتجاه المغايرين لهم في الدين، ولكن صلاتهم وعبادتهم شفعت لهم رغم سيئاتهم، ولم يشفع للكثيرون من أهل النار كل الخير الذي قدموه للبشرية، أو لمن عايشوهم.
كيف تقبلون لأنفسكم أن تنسبوا مثل هذا للإله المطلق في كماله وعدله ورحمته؟ كيف تقبلون أن يكون الله مزاجيا، متوتر الأعصاب، مولعا بالانتقام بسبب ما يستحق وما لا يستحق الانتقام، المحتقن غضبا على خلقه؟ كيف تقبلون أن تكون صورة الله الذي تؤمنون به بهذه الدرجة من القبح؟
ألا إني ذكّرت، فهل من مُدَّكِر؟



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من «عصفورة حريتي» - وأشرق القمر واستحالت الظلمة ضياء
- مشروع قانون الأحزاب يشرعن الطائفية السياسية
- من «عصفورة حريتي» - المفني عمره في الأحلام
- من «عصفورة حريتي» - لقائي ونفسي
- من «عصفورة حريتي» - تأنسنيات
- من «عصفورة حريتي» - حقيقة الكؤون الإنساني
- من «عصفورة حريتي» - تعنيف للذات
- من «عصفورة حريتي» - تشكيلات أخرى للحرف
- عاصمة الحرية پاريس تهتز لجريمة الجهاديين
- من «عصفورة حريتي» - تشكيلات الحرف على لوحة الوجود
- من «عصفورة حريتي» - ستة أعمار لو يهبُنيها الله
- من «عصفورة حريتي» - هذيانات القلم
- من «عصفورة حريتي» - التمزق في مركز تجاذب القوى
- من «عصفورة حريتي» - ضجيج القلم
- من «عصفورة حريتي» - تعريف بقلم جديد
- من «عصفورة حريتي» - كلماتي تأبى تنتظم شعرا
- عصفورة حريتي - مقدمة المؤلف
- سؤال: «سني أنت أم شيعي؟»
- عصفورة حريتي ... وقلق الزقزقة
- عصفورة حريتي - إهداء


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - كيف تنسبون إلى الله ما تستنكرونه على خلقه؟