ضد الشارلي ايبدو ،، و ضد الارهاب و الفقر ،، و ظلم الانظمة الفاسدة

سليمان الهواري

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 17:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

جميل ان يخرج المسلمون في العالم ليحتجوا و ينددوا ضد صحيفة الشارلي ايبدو لاساءاتها المتكرة ضد ديننا الحنيف و ضد رسولنا محمد المقدس ،، جميل هذا الانفعال مع شخص النبي الاعظم محمد و هذا التدفق العاطفي نصرة له ،، هذا يعني ان شعوبنا حية و تتابع ما يحذث و لازالت تفرح و تتألم لما يصيب وجودها الجمعي و ترفض ان يقترب احد من مقدساتها ،، نعم جميل جدا ان يخرج الجزائريون و الباكستانيون و الشعوب العربية و الاسلامية في الشوارع للاحتجاج على الشارلي ايبدو و على سياسات فرنسا الاستعمارية ،، جميل ان نغضب و ان نحرق اعلام فرنسا و امريكا و اسرائيل بشكل عفوي هو ابسط رسالة نوجهها لدول الاستكبار لتعرف ان هنا شعوبا حية لها حميتها و غيرتها على دينها و لن تتسامح مع من يهينها او يسخر منها ،، جميل ان نغرق مواقع التواصل الاجتماعي بشعارات التضامن مع محمد و ان يغير الجميع الوان و صور صفحاتهم نعم هي لغة القلوب و العواطف تتحرك بشكل جمعي عند الملمات و تعبر عن مصابها في اعز ما عندها بما تمتلكه من وسائل ،، جميل ان تجتمع فعاليات هنا في الدار البيضاء المغربية لينظموا مسيرة مليونية في شوارعها مطلع الشهر القادم تنديدا برسومات الشارلي ايبدو و تعبيرا عن دينامية هذا الشعب عندما تمس كرامته و مقدساته و دينه و رموزه ،، لكن كل هذا كان سيكون اجمل لو ،، و هذه بعض الاشارات ،،
++ لو ياتي رد فعل الشعوب عفويا و لحظة المس بالمقدسات بما يعبر حقيقة عن الحس الحقيقي و التعبير الصادق عن جوهر القضية بعيدا عن اي توظيف رسمي فيما يشبه الاعراس و الكرنفالات ،، لن نغمط حق احد في التنديد و الاحتجاج لكن نتساءل كم مسيرة مليونية نظمنا تضامنا مع غزة و فلسطين و العراق ،، ماذا كانت النتيجة ؟ ما قيمة مسيرة و مليون الصيحات و شوارع البيضاء المكتظة بالصراخ و الشعارات و العرق الصادق حقا ،، اذا كنا سنعود مساءا الى بيوتنا و ننام في حضن ازواجنا و لا شيء تغير في العالم ،، و كأننا ازحنا عن كاهلنا فريضة ثقيلة لابراء الذمة و رفع العتب فقط امام انفسنا اولا و امام الآخر ثانيا ،، ما قيمة مسيرات لا تغير شيئا في الواقع اليست هي مدعاة لليأس فقط ،، مسيراتنا التضامنية في المغرب هي موضوعيا فارغة من حيث المردودية و الجدوى و عليه يجب التفكير في بدائل جديدة للاحتجاج و التنديد ،،
++ و لاننا نتعامل مع الامر بهذه البرودة من حيث القرار و التنظيم و الاستشراف اليس واجبا ان ننتبه الى كل المسيرات التي نظمناها بهذه الطريقة حيث تحولت الى استعراض رسمي لاحزاب النظام من جهة ،، بكل الوانها الشاحبة ليبراليين و اشتراكيين و اسلاميين حين يتسابقون على المقدمات و الزعامات و اعطاء التصريحات للقنوات في تمثيليات متكررة لم يكن لها ابدا ما بعدها ،، في ترسيخ لرموز النظام المخزني و في تحد استخفافي بهذا الشعب المسكين الذي مل كل هذه الوجوه و كل هذه السياسات و ما تمثل ،، او أنت أمام مسيرات بلون جماعة العدل و الاحسان الاخوانية الهوى العالمي حين اصطفت مع كل ارهابيي العالم و دواعشه في الموضوع السوري الذي جيشت له برامجها و خطبها و جمعاتها و مسيراتها ،، العدل و الاحسان محضن ارهابي طبيعي كما التوحيد و الاصلاح و كل جماعات الاخوان المتسلفة و المتوهبة ،، فما قيمة مسيرة مليونية للاخوان هم انفسهم الارهاب و هم عجائنه و هم فطيرته و هم ناره في العالم ،، ما قيمة مسيرة للعدل و الاحسان سبقت و تحكمت في كل المسيرات السابقة من حيث عدد الحضور و من حيث القبضة التنظيمية الحديدية للجنها لتنتهي ببيان هو للعدل و الاحسان اثبات وجود و زرع روح في التنظيم و الجماعة و لا علاقة في العمق لها برسومات شارلي ايبدو و لا بقضية صورة رسول الله المستخف بها ،، هي مسألة في الوجود السياسي للجماعة حين اعتقلت عقول مئات الآلاف من الشباب و الطاقات في خيار يستنزف ذاته بذاته و لا علاقة له بمجريات الواقع السياسي للبلد الا من حيث تعتبر العدل و الاحسان المسؤولة الاولى عن اجهاض حركة عشرين فبراير التي حركت الناس في افق تغيير ما في البلد قبل ان تنسحب جماعة العدل و الاحسان منها في خضوع لتوجيهات التنظيم الدولي للاخوان و في تحالف غير مشهود مع حكومة العدالة و التنمية الاخوانية ،، فماذا ننتظر من مسيرات بهذه النكهة و بنفس المشهد التاريخي و بنفس الوجوه الكالحة سياسيا ؟
الا يعتبر هذا زيادة في توزيع أقراص الوهم على الناس و تدوير قضاياهم الاساسية و تفريغ طاقاتهم فيما لا يعود على الجماهير بالنفع المعيشي ،، يعتقلون الناس في قمقم الاوهام و يقتلونهم في انتظار الرؤى كما يقتلهم الدواعش بالمتفجرات و المفخخات ،،
++ لاشك ان موقف المغرب كان مميزا حين امتنع عن المشاركة في مسيرة باريس بدعوى وجود رسومات مسيئة للرسول ،، لكن اليس مطلوبا اكثر من هذا و هاهي نفس الصحيفة تعيد الكرة و تنشر صورا اكثر اساءة لنا و لديننا ،، فاذا كان الامر يتغلق بالمبدئ فعلا فلا اقل من استدعاء السفير الفرنسي بالرباط و تقديم احتجاج للحكومة الفرنسية التي يعتبرها المغرب صديقة و اكثر ؟ الا يستدعي الامر ان كان فعلا يتعلق بالمقدس و برسولنا الكريم ان نفكر في كيفية الضغط على الحكومة الفرنسية من خلال مقاطعة البضائع الفرنسية مثلا ،، و فيما هو أكبر اذا ما انتبهنا الى حضور اللغة الفرنسية المرضي في ثقافتنا و لغتنا التداولية و مناهجنا و تعليمنا و برامجنا فهل اللغة الفرنسية قدر ام هي عقدة الاستعمار المتحكمة فينا ؟ فلا اقل من التهديد بمراجعة كل هذا و نحن نعلم مصالح فرنسا الاستراتيجية في الموضوع ،،
+ اليس من واجبنا ان نطالب الصحفيين و الحقوقيين و الهيئات التي وقفت امام السفارة الفرنسة بالرباط تنديدا بالهجمات الارهابية على شارلي ايبدو و تضامنا معها و مع ما مس فرنسا ،، اليس من حقنا ان نطالبهم ان يقفوا مجددا امام نفس سفارة فرنسا للتنديد بهذه الصحيفة التي تنال من ديننا و من رسولنا و من مقدساتنا في تحد سافر لنا و لكل ما نمثل ،، ام ان مسألة الكيل بمكيالين هي المبدئ العام في التعاطي مع قضايا الارهاب كما هي الرؤية الغربية و الامريكوفرنسية عامة ،، ام ان رسولنا محمد لا يعني لكم شيئا ،،
++ سؤال محير ،، كيف نغير لرسول الله المساء اليه في رسومات شارلي ايبدو و لا نغار للشعب المسلم الفقير المستضعف الذي يئن تحت وطئ عيشته الضنك التي فاقت المتخيل ،، لم لم ترفعوا اصوات الاحتجاج ضد الملايير المنهوبة في الفضائح المتكررة في مشهدنا السياسي ام انكم تنطلي عليكم رتوشات اقالة وزير ليزين المشهد بوزير من نفس قبيلته مادامت العلة في المنهج و المعدن المتعفن لكل اللعبة السياسية عندنا ،، لم لم تتحركون في مسيرات مليونينة تنديدا بسياسات العار و النهب التي أودت تحت ضربات الامطار الى استشهاد ما يقارب خمسين مغربيا في مدن الجنوب تحت السيول و انجرافات الطرق و القناطر بما يكشف عن فشل سياسات عمومية لازيد من نصف قرن ،، الا تستحق ارواح المغاربة مسيرة مليونية و هم يقضون تحت ارهاب السياسات التفقيرية لمخزن لم يتغير في مافياته السياسية و الاقتصادية و الامنية منذ ان كان ،،
++ و بالعودة لأصل الأشياء و مقدمات الحذث ،، لم لا نتساءل مع انفسنا :
+ لم يقدم هذا الغرب رسولنا بهذا الشكل اليس في الامر تداخل بين ما يهمهم هم كغرب عدواني استعماري يشكل العدو التاريخي شئنا ام ابينا لاسباب كثيرة اضافة لسبب ذاتي فينا نحن كيف نتمثل ديننا و رموزنا و كيف نقدمها لهذا الغرب ؟
+ الا نشكل بما نقدمه من ديننا كجماعات تقتل على الهوية و تقتل المخالف و تقطع الرؤوس في الساحات ،، الا نشكل حالة ارهابية حقا ؟ اليس الدواعش و القاعدة و السلفيون الجهاديون و كل الوهابيين القتلة حالة اجرام حقيقية نعيشها و ليست حالة افتراضية يتوهمها العالم فقط ؟
+الا تشكل مصادر تديننا من حيث النصوص التي نعتمدها مرجعا خصبا للارهاب و العبث و اللاعقل حين نؤصل لقمة الظلم في تاريخ دولنا السلطانية من داخل منظومة حديثية و سنة مفترات عليها تؤصل للظلم و للعبث ،، الا توجد فعلا توابل الارهاب داخل نصوصنا الدينية التي تعلمناها في المدارس و لا زال الخطباء يرددونها صباح مساء على المنابر و على الفضائيات الوهابية و قنوات وزارات الاوقاف الرسمية ؟ فلم نستغرب ان نرى منتوجا نحن المسؤولين عنه يتحرك امامنا ،، الم يحن الوقت لمراجعة كل هذا المتن المتداخل ؟
هنا ياتي تقصيرنا لاشك و خاصة تقصير الدول و تقصير المثقفين و المبدعين و النخب المسلمة في تقديم نموذج اسلامي اصيل منفتح على كل مفردات الزمن ..
اما الشعوب فهي مغلوبة على امرها لا تبتغي الا رغيفا يسد رمق جوع اطفالها الذين لا توجد لهم مدارس كافية تاويهم و لا مصحات كافية تداويهم ..
انه موضوع مركب بطبيعته لا يعفينا من المسؤولية .. لكن ايضا لا يعفينا من ضرورة ان ننفعل بشكل ايجابي بما يخدم اسلامنا المحمدي ،،
و على سبيل الختم سؤال ،،
الى متى سنستمر نحن الشعوب المسلمة ،، لا نتقن الا الانفعال و الشعارات و الندب و العويل ؟

#سليمان_الهواري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات