ابراهيم عودة النمر
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 22:31
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
فأنا اسهر كثيرا يا أبي..انام لا انام..حياتي سواد وعبودية وانتظار
فاعطني طفولتي, وضحكتي القديمة على شجرة الكرز..وصندلي المعلق
في عريشة العنب,لأعطيك دموعي وحبي وأشعاري.
محمد الماغوط شي من تأريخ ما بعد الالحتلال
في حرب الطائفية المقيتة التي مرت بالوطن والمواطن..( كتبت حكايةحالم )) نشرت في جريدة( المدى الغراء) وفيها عادت بي الذكريات الى الطفولة والحلم ,ثم الصبا والشباب والاحلام مع الامنيات المشروعة لأحقق شيئا من ذاتي في بيتي الصغير و
اطفالي وبدأت افكر جيدا لاضع اللبنة الاولى في تشيد دارجديدة منتصف عام 78م
عامان فقط لم تكتمل الدار فبدأت حرب الثمان سنوات, لتشغلنا في كل ما فيها من بيانات
القيادة السياسية والعسكرية وطلب المواليد والتحفظ في كل صغيرة وكبيرة وكان من اسوأ القرارات هو( ترحيل الاكراد وانتزاعهم من مدنهم وبيوتهم وممتلكاتهم وذكرياتهم وحتى من طفولتهم لتقذفهم الريح العاتية
على حدود مجهولة بلا مأوى وبلا طعام , عوائل اطفال ونساء سيرا على الاقدام وفي
ارض ممتدة مئات الكيلو مترات فمات من مات وعاش من عاش)
واستمرت الحرب واستمر القتل واستمرت قافلة الشهداء.. وباختصار جندت للحرب انا
واثنان من اولادي وعلى التوالي لان سنوات الحرب قد طالت حتى بات البيت خال من الرجال والثلاثة متجهون الى مجهول مريب ..من ليال مظلمة وبرد شتاء وحر صيف وجبال ووديان وقصبات وحراسات ودوريات وكمائن..واوامر عسكرية مشددة في الاكل والشرب والنوم والتدريب ..كل شيء بأمر.
وللتأريخ اقول..كل شيء في الحياة العامة كان منظما ووفرت الدولة وقتها كل مستلزمات الحرب حتى استوردت سيارات حوضية(متيسيو بيشي) لتوزيع النفط لعمل الافران والمخابز ليكون الرغيف متوفرا للمواطن, وكل شيء متوفر,وكل القوانين منضبطة وكل الاشياء اسعارها ثابتة والامان يرفرف على البيوت لا يعكر صفوها الا الشهداء الذين باتوا يتقاطرون, ولكن.......
كل حقوقهم مؤمنة من التعويض المادي ومنحة السيارة ومنحة العقار.. وقد هيأت دوائر معنية بتسهيل مراجعات المواطنين في كل مجالات حياة المعركة وباختزال للزمن حتى حولت ملكية سيارة برازيلي عام 87 خلال نصف ساعة واليوم نحتاج الى ثلاثة اشهر لتحويل ملكية سيارة بعد ان يجوب المواطن وسط الزحام اربعة او خمسة دوائر, واحدة في الحلة واخرى في الشام..!!
ووانتهت الحرب بما يقارب المليون بين شهيد ومعاق واسير من الطرفين لثمان سنوات من الخوف وما تخللته هذه السنين من ملابسات ومشاكل في الحياة العامة والخاصة.
نعود من حيث بدأت الحكاية.. انتهت تلك الصفحة وبدأت صفحة احتلال الكويت وماترتب عليها من حرب دمر خلالها كل البنى التحتية وصدرت قرارات رادعة بحق العراق وحصار ومنع بيع النفط والبحث عن اسلحة كيمياوية محرمة..
الى ان جاء الاحتلال وغير كل شيء نحو الاسوأ.. التغيير الذي انتظرته الملايين , لتحقق شيء من الاحلام التي ضيعتها الحروب..( كان المقال جريئا جدا حتى لم
أذيله باسمي الكامل خوفا من المسائلة) حيث الطائفية والقتل على الهوية وراح بعض الناس
يترك وظيفته ويحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه وتحت ظلمة الليل ليختار منفاه والى المجهول ولكن بطريقة مهذبة هذه المرة لانها لم تكن رسمية من قبل الدولة..بل كانت
بفعل الميليشيات العبثية وفعل بعض الفتاوى من طرفي النزاع المذهبي حتى راح ضحيته الكثير.......ودفعنا الثمن غاليا مرة اخرى..ترى متى يستريح هذا الشعب المبتلى..؟
وهاجرت العقول الادبية والعلمية والعسكرية, والبلد في حالة فوضى دون حضور للقانون
لحماية الابرياء واصبح القتل بالمجان وبلا رحمة لا بل بلا اخلاق , حتى شاهدت اغتيال
اثنان في سيارة خاصة امطرتهم مجموعة مجهولة بوابل من الرصاص وبالقرب من مفرزة
امنية وعلى بعد خمسة امتار دون ان تحرك ساكنا..!
ثم ازدادت الاوضاع سوءا بتفجير المرقدين الشريفين في سامراء ونشطت القاعدةفي بلاد الرافدين وفجرت وقتلت ودمرت الى ان انتهت صفحة الزرقاوي ومنها جاء السيد المالكي لرئاسة الحكومة لتبدأ صفحة جديدة من تأريخ العراق المعاصر..... الحديث.
وبمجييء المالكي..وبصلاحيات الدستور الاعور( عراق اتحادي فدرالي)) سهل المشرعون الاذكياء بتقسيم العراق ومنح رئيس الوزراء موقع القائد العام للقوات المسلحة العراقية(تقليدا ل بعض الدول المتقدمة) وبهذه المادة دقوا اسفين الموت في نعش الجيش العراقي البطل فلملموا القوات العسكرية من احزاب وكتل خاصة كانت انتماءاتهم لاحزابهم وكتلهم وليس للوطن.. وليس كما كان الجيش يجمع مواليد عام كامل من كل مواليد الوطن وما انجبته الامهات تجمعهم معسكرات العراق,وعلى مدار السنين ليكون
جيش انتماء للوطن وللواجب وللغيرة والشهامة..اما الجيش الجديد فقد تشكل في ظل قيادات عسكرية فاسدة وفي ظل الدمج(
جائني مرة احد الجيران وهو امي لا يجيد القراءة ولا الكتابة ليقول لي..لقد عرضوا علي رتبة ضابط ولكني رفضت)وهكذا انتشر الفساد في هذه المؤسسة العريقة وراحت المواقع تباع وتشترى والسيد القائد العام تستهويه التحية العسكرية من قادة الجيش والضباط الكبار واصبحت رتبة فريق اول ركن من الكثرة لا تعد ولا تحصى.. والغور في هذه التفاصيل ..متعبة ومملة ومخجلة وتأخذ المقال الى متاهات.. ليكون كتابا والكل يعرف ما الت اليه الاخطاء الستراتيجية في
ادارة الجيش ولا زالت ترتكب الاخطاء...حتى ضاع وطن الانبياء,وطن التأريخ ,وطن الحضارة.
فبقيت الحدود مفتوحة ومكشوفة وبلا رقيب , والا ما معنى دخول اكثر من 150 عجلة مسلحة وتقل اكثر من الف داعش مسلح لتحتل ثلث العراق مدنا وارضا
وانهارا وسدودا ونفطا..وفي ثلاثة ايام ,ودون ان.. يشعر بها احد, اين المخابرات واين منضومة الاستخبارات العسكرية واين الامن واين مركز مكافحة الارهاب واين طائرات الاستطلاع ..؟ هل كلهم نائمون نومة اهل الكهف..؟.في حين صرح القائد العام قبل الاحتلال بثلاثة ايام( باننا مسيطرون ولا شيئ يدعو للقلق).أوليست هذه من سخريات زمن التغيير..؟
ويبدأ طريق الحزن في القتل والدم والنزوح والاغتصاب وبيع حرائر العراق في الاسواق ودفن الاحياء ومجزرة اسبايكر وغيرها والشهداء والمفقودين والمعاقين..اليس هذا
هو الارتجال بعينه في ادارة دولة لم تستطع ان توفر مواد البطاقة التموينة ولا لشهر واحد في حين جهزت للمواطنين لخمسة اشهر في الزمن الدكتاتوري , اما في زمن الديمقراطية
فلقد ضاع 1000 مليار دولار من دون ان يكون لنا جيشا يحمي محافظة ومن دون ان
نشبع جائعا شريفا ومن دون ان نكسوا عريانا ودون ان نبني صرحا يخلد على الاقل شهداء اسبايكر..وشدوا الاحزمة ايها الفقراء على بطونكم المنهكة واجعلوا احزمة الحكام ان تتسع بطونهم المتخومة بالطعام الفاسد ولا يشبعون الا بعد ان ينهال التراب على قبورهم العفنة.. ويوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم,والفقراء كانوا ولا زالوا يدفعون الدم ويرخصون الارواح وبلا مقابل ومع هذا لن يخونوا اوطانهم. للان الخيانة دناءة وخسة,وقديما قالوا ما خانك الامين , ولكنك أئتمنت الخائن ..ولله في خلقه شؤون.
الفالجيش الامريكي لا زال جاثما على صدور الفقراء والشرفاء ولكنه
في معركة مستمرة من جهة مع القاعدة ومن جهة اخرى مع المقاومة التي
كبدته اكثر من اربعة الاف قتيل والاف من الجرحى وهو يعد المسؤول المباشر
في كل ما حصل للعراق من كشف الحدود وحل الجيش وظاهرة الحواسم في سرقة
واحراق معظم دوائر ومؤسسات الدولة واشاعة الفوضى.
#ابراهيم_عودة_النمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟