أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)















المزيد.....

قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 22:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة في فكر المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)

هناك علم يُدرس في الجامعات الاسلامية كافة يسمّى علم التفسير؛ أي تفسير القرآن وسوره وآياته. وأهم باب على الاطلاق في هذا العلم هو اسباب النزول؛ اسباب ومناسبة نزول آيات القرآن. وبدون معرفة اسباب التنزيل، يبقى معنى النص وتفسيره ناقصيّن عن التوصيف الصحيح للآية أو السورة، ومن ثمة معناها ودلالة تنزيلها. بل ان القارىء العادي غير المتبحر في علوم الدين قد لا يفهم القرآن اطلاقا، لأن الكتاب يتضمن آيات خالدة هي ما يخص الحكمة والموعظة والعبادة واحكام الدين، ومنها آيات اتت في سياق مواقف، مثل افتتاحية سورة عبس وقتال مشركي مكة وحديث الافك وغيرهم، إضافة إلى الايات التي نسخت آيات نزلت قبلها.
المسلمون وجميع المذاهب الاسلامية متفقون على هذا الامر بدون استثناء، لكن أخطر ما قامت به عملية ربط الدين بالسياسة، خصوصا ما فعله المستفيدون من الاسلام سياسيا، هو الاخذ بالتفسير النصي للقرآن. ومن الملاحظ على مدى العصور، ان كل الفقهاء اصحاب الميول السياسية أو فقهاء السلطان أو الجماعات ذات التوجهات السياسية، قد انتهجوا التفسير النصي للقرآن، لسبب وقتي أو حالة طارئة، أو أمر دنيوي قابل للتغيير فى وقت لاحق.
التراكم الرابع
اخذ الخوارج، وهم فرقة سياسية من الدرجة الاولى، بالتفسير النصي، بدون الالتفات لأسباب التنزيل والظروف المصاحبة لهذه الآية أو تلك. وعلى سبيل المثال اعملوا القتل في خصومهم بسبب الآية التي وردت على لسان نوح في القرآن وهي: "وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا، انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كَفّارا". كما افتى الخوارج بقتل الرجال والنساء الكفار، وحتى اطفالهم حتى لا يكبروا ويكونوا كفارا.
استند الخوارج ايضا على الآية القرآنية التي تقول: "فقاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين". وحسب تفسيرهم النصي قاموا بتعذيب خصومهم السياسيين وقتلهم والتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم. ويعتبر ما حدث للحسن والحسين من أهم الاعمال الصريحة للتفسير النصي لآيات القرآن، الذي يمكن ان يوّظف بشكل يلائم المستفيدين، ولم تقصده آيات القرآن بالشكل المطلق بعيدا عن مناسبة نزول الآية.
يروي ابن حزم فى المبرد الكامل في اللغة والادب الجزء 2 ص 122 : "ان الصحابي الجليل عبدالله بن ضباب، كان يمضي مع زوجته في طريق والتقى بجماعة من الخوارج، فعلَّق المصحف في عنقه. فأمسك به الخوارج، وقالوا: إن الذي في عنقك يأمرنا بقتلك. فقال: كيف؟ فقالوا له: ما قولك في ابي بكر الصديق؟ قال: خيرا. وماقولك في عمر؟ قال: خيرا. ثم قالوا: ما قولك في علي وقبوله التحكيم؟ قال: علي أعلم مني بالقرأن. فذبحوه."
ويمضي ابن حزم قائلأ: "وكان الى جوارهم ضيعة صغيرة لأحد النصارى، فقالوا لصاحبها: بعنا بعضا من التمر. فقال: خذوه بلا ثمن، قالوا: دينننا ينهانا عن ذلك. فقال لهم أتقتلون بن ضباب وتحافظون على تمري؟".
ويروي ابن حزم في كتابه: "سلك واصل بن عطاء فسأله الخوارج وجماعته: من انتم؟ فقال ابن عطاء: مشركون نستجير بكم. فقال الخوارج: ابتعدوا. فرد واصل: ألم تسمعوا بالآية الكريمة "فان احد المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله". فأجلسوهم وأسمعوهم كلام الله. ثم أكمل واصل الآية، "ثم أبلغه مأمنه ذلك لأنهم قوم لا يعلمون". فأرسلوا معهم حراسا منهم (أي من الخوارج) حتى ابلغوهم مأمنهم".
صارت هذه الروايات وغيرها تُضرب مثلا لما يمكن ان يؤدي اليه التفسير النصي من معان ملتبسة وخلل. فالمؤمن الذي علّق المصحف في رقبته ذبحوه، والذي ادّعى إنه مشرك ليتجنب شرهم حرسوه حتى بلغ مأمنه. مع عدم اغفال مغزى قول الإمام علي بن ابي طالب لعبد الله بن عباس حين ارسله للاحتجاج على الخوارج: " لا تخاصمهم بالقرآن فان القرآن حمّال أوجه، ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسُنّة، فانهم لن يجدوا عنها محيصا".
تراكمات حديثة
يسأل بعض الكتاب عما جرى وحدث في الجزائر من مذابح وقتل نساء وشيوخ واطفال وابادة قرى بكاملها. وبعضهم يندهش مما يحدث في العراق من جرائم حرب تحدث داخل المساجد حتى في شهر رمضان، وفتاوى مسلخي داعش وبوكو حرام المريعة باباحة ذبح الناس كالنعاج واسترقاق النساء وجهاد النكاح ونسف دور العبادة. الجواب ببساطة وبدون مواربة يقع تحت بند التفسير النصي للقرآن والصراع السياسي، والامر في جوهره لا علاقة له بالدين ولا مجال لربط آيات القرآن به.
ماذا حدث بعد ان وصل المستفيدون من الاسلام سياسيا في افغانستان وإيران ومصر وتونس للحكم؟ و لماذا انقسموا على بعضهم بعضا وقتلوا الناس؟ هل كان الصراع والقتل والمذابح لرفعة الدين الاسلامي؟ أم صراع سياسي اجتماعي؟
اذا كان منبع المستفيدين من الاسلام واحدا هو القرآن، لماذا تختلف تفاسير الجماعات إياها في جنوبي لبنان عن تفاسير جماعات شماله، علما بأن الذي يفصلهما عن بعضهما بعضا عشرات الكيلومترات فقط، وهم يتجاورون احيانا في بيروت، فلبنان بلد صغير المساحة جدا.
هل تفاسير جماعات المستفيدين من الاسلام سياسيا في مصر واحدة؟ هل ظلت تفاسير ايمن الظواهري على حالها بعدما هرب من مصر واصبح الرجل الاول في "القاعدة"؟ والسؤال الأكثر دهشة هو: هل حافظوا على ما اتفقوا على صحته سابقا وسالت الدماء بسببه؟ الجواب كلا. لماذا من ثمة تراجعوا واعتذروا عن امور آمنوا بها وتراجعوا عنها؟ لماذا تراجعوا عن طريق العنف ونعت المجتمع بكامله بالجاهلية؟ لماذا تقوضوا بهذا الشكل السريع بعد وصولهم للحكم؟
تعرض حسن البنا مؤسس "الاخوان المسلمون" الى تساؤلات داخل جماعته، بشأن قبوله دعم مالي من شركة قناة السويس، وهي شركة فرنسية انجليزية آنذاك، بل استعمارية من الطراز الاول، حسب ما كان يردد هو شخصيا. وكان الجواب مطالبة حسن البنا المخالفين من داخل جماعته بالسكوت، مبررا ذلك الصمت بالحديث: "من خرج على الجماعة فاضربوه بحد السيف".
يعتبر شكري مصطفى، امير تنظيم جماعة التكفير والهجرة، صورة نموذجية للتشبث بالتفسير النصي، والاتي فكره وسلوكه المناقض لرأيه شخصيا. يقول الرجل في كتابه "التوسمات" : "فالآية الكريمة تذكر: واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل. هذا الخطاب موجه للمؤمنين في اول الزمان وفي آخر الزمان. والقوة كما جاء في الحديث هي الرمي، والخيل هي الخيل، فاذا جاء من يقول ان الخيل لا تصلح الان، نقول له عندما نقاتل سيكون قتالنا بالسيف والرمي والخيل". واضاف مصطفى في كتابه اياه: "جاء في الحديث الشريف: الجنة تحت ظلال السيوف، فالجنة هي الجنة والسيف هو السيف، ولم يقل الرسول تحت ظلال البنادق".
ورغم ذلك الرأي استخدم اربعة من هذه الجماعة القنابل والرشاشات لاغتيال الرئيس أنور السادات، ما يعني ان حديث مصطفى عن السيوف والخيل والرمي مجرد كلمات متناقضة فارغة المعنى.
كم حرّم شكري مصطفى العلوم الحديثة واستخدام اختراعاتها، مثل السيارة والبنادق وأمر باستخدام السيف، إلاّ انه عندما خطف الشيخ حسين الذهبي وزير الاوقاف المصري السابق، استخدم السيارة في خطفه واستعمل المسدس في قتله، حين اطلق رصاصة في عينه فجّر بها دماغه، ولما ذهبت وحدة خاصة من قوات الامن العام للقبض عليه في وكره، استخدم ضدها مدفعا رشاشا. وعندما صدر ضده حكم الاعدام، وصلت به الهلوسة ان الملائكة سوف تأتي لتأخذه الى مكان بعيد اخر. لكن الملائكة لم تأت وُشنق مصطفى، وظهر بعد فقهه من يستخدم الانترنت وفيس بوك وتويتر وغيرهم وهي بدع ووسائل الكافرين.
يُذكر ان كتاب "التوسمات" مخطوطة باليد لأن جماعة "التكفير والهجرة" ترفض استخدام المطبعة، لانها من عتاد الكافرين ومن يستخدمها يصبح كافرا، والله برأ الجماعة المسلمة من وسائل الكافرين الجاهلية الحديثة. كما جاء في "التوسمات" صفحة 54.
التفقية
ادى التفسير النصي للقرآن ومخالفته لمعاني ودلالة النزول، الى منهجية ُعرفت عند العلماء والفقهاء باسم "التفقية"، وهي وسيلة للخروج بها بموقف لمستجد دنيوي حديث، لم يرد في اصول الشريعة أو فروعها، نظرا لحداثة وتطور الدنيا وخطواتها الى الامام.
تجاهل المستفيدون من الاسلام سياسيا اسباب التنزيل وحكمة الله في تنزيله، فاخترعوا فقهاً وتفاسير وتفقية لا تستقيم مع عقل أو منطق. هذا الأمر يذكرنا بعبد الله بن عمر، وهو من أفقه فقهاء عصره، حين جاءته جماعة تسأله: ما حكم قتل حشرة الفراش فى الأشهر الحرام؟ فسألهم: من أى البلاد أنتم؟ فقالوا: من الكوفة. قال: لعنكم الله، أتقتلون الحسين وتسألون عن قتل حشرة الفراش؟

للموضوع صلة



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (2)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا
- التنويريون والمرأة اعداء المستفيدين من الاسلام سياسيا
- إذا كان الله لا يخاف فالبشر يخافون


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)