أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد البكوري - الفعل الجمعوي بمناطق الواحات واحة أحميدي بورزازات نموذجا -الجزء الثاني-















المزيد.....

الفعل الجمعوي بمناطق الواحات واحة أحميدي بورزازات نموذجا -الجزء الثاني-


محمد البكوري

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 11:44
المحور: المجتمع المدني
    


الفاعـل الجمعـوي بواحـة احميـدي : الادوار الرياديـة والتطلعـات الرائـدة

في كتابه القيم "الرحلة الورزازتية الكبرى.الجزء الاول" يرى احد نبغاء تاريخ المنطقة مولاي المهدي الصالحي، في رصده لخصوصيات الانسان الاحميدي، والمتمثلة في الاتسام بصفات مميزة من حسن الاستقبال وكرم الضيافة والبساطة والارتباط بالتراث والنهل من التقاليد والتشبع بالعادات، في اطار بناء كيان موحد وجمعي يرسم الافاق المستقبلية للمنطقة ككل، والتي تتمتع – كما يرى ذلك دائما مولاي المهدي الصالحي – بالمناظر الجميلة والخلابة .هذا من جهة ومن جهة ثانية ،يواصل المؤلف السالف الذكر، البحث في عمق العمل الجماعي والاحساني الملاحظ على مستوى دواوير واحة احميدي، وعلى سبيل المثال : بناء المسجد الجديد لتاوينخت وعلى الطراز السامي من طرف المحسنين المهاجرين من ابناء تاوينخت بمساعدة اليد العاملة المحلية، القيام بمنجزات تنموية رائدة من تغطية كهربائية وتزويد بالماء الصالح للشرب، في اطار تشاركي (مع عمالة اقليم ورزازات وجماعة وسلسات). وعموما يمكن اجمال معظم الادوار الريادية للفعل الجمعوي الاحميدي في ثلاثة ادوار رئيسية، وعبرها يمكن ان نستشف مجمل التطلعات المرتبطة بها:
اولا:الدور الكرنفالي/الاحتفالي : الانسان الاحميدي هو انسان فرح بطبيعة، مبتهج في دواخله، وهو القادر بذلك على تحويل اتراحه الى افراحه، قادر على غرس الامل وتحدي كل ما من شانه ان يعيق نظرته المتفائلة للحياة، والدليل على ذلك انه عند نهاية كل موسم فلاحي (كان جيدا او سيئا)، فانه يعلن عن الاحتفالية المتجذرة في اعماقه، والمعبر عنها ب "الاحواشية" المغتبطة وبالكرم الحاتمي الذي لا ينضب (الاستقبال الحار لضيوف الواحة بالحليب و بشتى انواع التمور المتواجدة بها من بوسكري، بوفقوس، ساير، المطروح، ام تزارت، الجيهل... كما يرى ذلك مولاي المهدي الصالحي) ان الطبيعة الانسانية المتخمة بهذه الخصائص الرفيعة، والموسومة بها الشخصية الاحميدية، تنتقل من الفرد الى الجماعة، ويكون لها الدور الهام – كما يشير الى ذلك ريمي لوفو في كتابه "الفلاح المغربي : المدافع عن العرش" منشورات وجهة نظر ترجمة محمد بن الشيخ – الطبعة الاولى 2011- في ترسيخ الاندماج المحلي .وهو الاندماج الذي تتركز دعائمه من خلال ميلاد فعل جمعوي، يؤطر الطبيعة الانسانية السالفة الذكر، ويجعلها تعيش في الوجدان وتنغرس في الكيان . في هذا الصدد ياتي دور الجمعيات المشتغلة في واحة احميدي في الرفع من القيمة الاحتفالية، الاحواشية خصوصا ،من خلال تنظيم جملة من المهرجانات والمشاركة في مهرجانات اخرى ( جمعية احواش وينتجكال نموذجا، والتي بلغ صيتها الارجاء ). ان القيمة الاحتفالية تتجاوز البعد الاعتباطي لتصل الى البعد الثقافي، من خلال الاحتفاء الدائم بالشاعر الامازيغي المتواجد في القبيلة، والمنظم للكلمات المعبرة عن احاسيسها وطموحاتها وتطلعاتها في الغد الافضل لهذا الكيان الجمعي. وعموما فالشاعر الامازيغي – كما يؤكد ذلك الباحث حماني اقفلي في كتابه "السلوك الاجتماعي والسياسي للنخبة المحلية "الصادر عن مركز طارق بن زياد. اكتوبر 2002 – هو الذي يقرظ الشعر بصليقته " ويقوم بادوار مهمة في الحياة الثقافية المحلية ... وهو شاعر تلقائي، لم يتلقى تكوينا و تعليما خاصين ، وانما يقول الشعر عن فطرة وبداهة ويرتجله ارتجالا . ولن نبالغ في شيئ ان قلنا ان من بين هؤلاء من تضاهي اشعاره اشعار فطاحل الشعراء .... واهم مايتميز به هذا النوع من الشعراء المحليين، هو الطابع الشفهي لاشعارهم واعتمادهم على اللغة الامازيغية المحلية كوسيلة اساسية للتعبير .... والشاعر الامازيغي هو ابن القبيلة في معظم الاحيان ترعرع ونشأ فيها ويتغنى بتاريخها وامجادها . فهو اذن متجذر في الوسط المحلي ، مندمج فيه، ربما اكثر من اي نوع اخر من النخبة المحلية، وبالاكيد اكثر من المثقف العصري .... يبدأ الشاعر الامازيغي عادة في التمرن على قرظ الشعر في مرحلة المراهقة ... يقول اول ابياته الشعرية وهو يرعى الغنم والابقار ، او يتعاطى لنشاط من الانشطة الفلاحية ..." وليضيف الباحث حماني اقفلي كون " ان الشاعر الامازيغي لا تحتضنه اية مؤسسة ثقافية رسمية، فهو غير معترف به رسميا ولا يوجد تنظيم او مؤسسة او جمعية تعنى بانتاجه وتشجعه وتعمل على التعريف به ونشره " .وهنا نختلف مع الباحث في هذه المسألة، اذ كثيرا ما قامت مؤسسات رسمية بالاعتناء بالشاعر الامازيغي ( نسوق هنا مثال الدور البارز الذي ما فتئت تقوم به مندوبية الشؤون الثقافية بورزازات بنشر دواوين لشعراء امازيغ وتنظيم امسيات خاصة بهم ) ،ثم ما تقوم به العديد من الفعاليات الجمعوية في ابراز المكنون الثقافي للشعر الامازيغي ورواده، بل وصقله على مستوى تغذيته للفن الاحواشي ( نموذج المهرجان السنوي المنظم من طرف جمعية دوار ايت عيسى بواحة احميدي وما يعرفه من احتفالية واحتفاء بالشاعر الامازيغي الذي يعكس قريحته على مستوى فن احواش ،والذي يظل وكملاحظة مرصودة بعيدا عن الكرنفلة السلبية ،وقريبا من العفوية الايجابية، حيث يشارك الجميع ، شيوخ ،شباب ،نساء، اطفال، في رسم صورة تعبيرية راقية ومتسمة بالانخراط التلقائي والاحتفاء الابداعي و الالتحام الانساني). ان الفعل الجمعوي الاحميدي بذلك ،هو فعل احتفالي ، يعيش في منأى عن " الحلم المصطنع" .
ثانيا :الدور التنبيهي / الاقتراحي : نظرا لما للواحة عموما من اهمية كمجال طبيعي مقدس ورمز "البركة" والخير، والنماء والرخاء، ولما لواحة احميدي بوسلسات خصوصا ، من مكانة كعنصر من عناصر التواجد الوجداني في الارض وكمؤشر من المؤشرات الكبرى للتنمية المستدامة ، فان الفاعل الجمعوي الاحميدي ما فتئ يحمل على عاتقه مسؤولية الرفع من قدراته التنبيهية والاقتراحية ، لجعل هذه الواحة ترقى الى مصاف المواقع الايكولوجية التنموية الرائدة .ان كل ذلك يجد مرجعيته الاساسية من خلال الوقوف على الاهمية الوظيفية لمفهوم المجتمع المدني بصفة عامة، ومنها على وجه الخصوص الوظيفة التنبهية والوظيفة الاقتراحية. ففيما يتعلق بالوظيفة الاولى ،يمكن القول ان تنبيه السلطة ظل على الدوام، الوظيفة الابرز في اجندة الهيئات الجمعوية، وهي الوظيفة التي تؤكد ان المجتمع المدني ذو دور محوري في جعل الدولة تتبنى استراتيجيات انية لمعالجة المشاكل المطروحة واستيعاب مختلف مطالب المواطنين، وفق رؤية تسعى الى الانطلاق من كل ما يمكن ان يساهم في الاستجابة لهذه المطالب . وذلك كله بالارتكاز على المعطيات التي تغرس قدرة المجتمع المدني ،وبفعالية على نشر القيم والمبادئ المثلى عبر التنبيه الدائم والمستمر بضرورة المساهمة الشاملة في خلق "الدولة الدينامية،" القادرة على التخفيف من حدة الاشكاليات العويصة ،التي يمكن ان تقف عائقا امام مساراتها التنموية المتعددة. اما فيما يخص الوظيفة الاقتراحية، فيمكن القول ان اتساع رقعة المجال الذي تشتغل فيه مكونات المجتمع المدني ،وكذا حضورها القوي على مستويات مختلفة ، خاصة منها اقتراح المشاريع ودراستها والتشاور في موضوعها ... اضحت امور من شانها الدفع بالدولة الى الانسحاب الجزئي من مجالات معينة ،اعترافا منها ان الجمعيات قادرة على تدبيرها في اطار تشاركي وتعاقدي . فدور المجتمع المدني ليس هو تعويض الدولة ،وانما هو اساسا مساعدة الدولة على القيام بمهامها – كما يرى ذلك الباحث حميد العموري في مقال له منشور بمجلة وجهة نظر العدد 7. ربيع 2000 تحت عنوان " المجتمع المدني في المغرب : الواقع وتحديات المستقبل" – وهنا تكمن اهمية المجتمع المدني في السعي عبر الوظيفة الاقتراحية الى المحافظة والدفاع عن مصالح فئات معينة من المجتمع وتحسين ظروف عيش المواطن – كما يؤكد ذلك الباحث منتصر حمادة في نفس المجلة السالفة الذكر ونفس العدد – على هذا الاساس ينبغي على المجتمع المدني، لتجسيد عمق هذه الوظيفة ذات الاهمية القصوى ،ان يتحول الى قوة اقتراحية وان يسعي الى خلق مجموعة من المبادرات التواقة للتغيير الايجابي والعمل على التمكين من جعل الاقتراح معطى فعال ومنطلق حقيقي لخلق المبادرات القادرة على رسم معالم مستقبل مشرق. انطلاقا مما سبق ، لوحظ ان الفاعل الجمعوي الاحميدي عمل على ترسيخ ابعاد ورهانات كل من الوظيفة التنبيهية و الوظيفة الاقتراحية .فالتحالف الجمعوي بهذه الواحة، بالاضافة الى مبادرات جمعوية منفردة و متميزة اخرى ،كثيرا ما حرصت اشد الحرص ، كاطارات مدنية على الدفاع المستميت على الخصوصيات الايكولوجية الاحميدية ،خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على" الثروة المائية"،التي اخذت وبحكم ظروف كثيرة – منها ما هو مناخي ومنها ما هو بشري – تعرف استنزافا خطيرا اضحى يهدد صيرورتها التنموية في العمق، الشيء الذي حتم على الجمعيات المشتغلة بهذه الواحة دق ناقوس الخطر، وتوجيه تنبيهات متعددة للسلطة بضرورة الاعتناء بمادة الماء الحيوية، وهو مايبرزعلى مستوى الماء الصالح للشرب ،حيث ان التسيير الجمعوي لمشاريع الماء الصالح للشرب جاء استجابة للاستراتيجية الوطنية المتعلقة بتنفيذ برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب، الذي يهدف بالاساس الى تعميم مبادىء التسيير المشترك لهذا المرفق الحيوي، وضمان استمراريته وتحسين الخدمات المرتبطة به – دليل تسيير نقط الماء في العالم القروي ص 7- وهو ما لوحظ في العديد – ان لم نقل جل – من الدواوير الموجودة بواحة احميدي ،حيث تسيير هذا المرفق من طرف الجمعيات التنموية او الجمعيات المكلفة بتدبير قطاع الماء – عكس الكثير من المدن والاقاليم التي يعهد للجماعة الترابية بتسيير هذا القطاع او اللجوء الى تقنية التدبير المفوض وكذا الدخول مع الدولة – بعد تنبيهها وتقديم الاقتراحات لها- في علاقات تشارك وتعاون، خاصة عن مستوى التجهيز – بناء الخزانات المائية ومدها بالانابيب وتجهيزها بمحطات الضخ المختلفة الاشكال: الكهربائية ،اليدوية ،ذات الطاقة الشمسية ،الحرارية، الهوائية ... وهو ما تبلور من خلال الطلبات المتعددة الموجهة من طرف الجمعيات الفاعلة في دواوير هذه الواحة الى السلطات الاقليمية والمحلية للاستفادة اساسا من برنامج محاربة اثار الجفاف ،والذي تخصص له اعتمادات مالية هائلة لتوفير الماء الصالح للشرب للدواوير التي تعاني خصاصا كبيرا في هذه المادة الاستراتيجية عبر التمكين من شاحنات حاملة للخزانات المائية CamionsCiternes ، المساعدة على حفر ابار او انجاز اثقاب مائية او تعميقها، التجهيز بمحطات الضخ قيام عمال الانعاش الوطني بتنقية السواقي ونقط الماء... وهو ما يمكن رصده في الدواوير التي عانت من ويلات افة الجفاف والمتواجدة في هذه الواحة من قبيل تستيفت، ايت المرابط، امزر... وهي الدواوير الي عادت -بعد فترة نضوب كبير- فرشتها وحقينتها المائية للانتعاش على اثر التساقطات المطرية الاخيرة التي عرفتها المنطقة خلال اواخر سنة2014 . اما فيما يتعلق بالمياه الموظفة في المجال الفلاحي ،فيمكن الوقوف هنا على تجارب جمعيات مستخدمي المياه المخصصة للاغراض الزراعية، والتي ابانت عن قدرة فائقة في الرفع من الوتيرة التنموية ،خاصة في اطار مشاريع المغرب الاخضر، التي اعطت للبعد الواحاتي اهمية قصوى ومكانة لائقة، وعلى سبيل المثال يمكن ذكر تجربة جمعية "طلوطريخت" لمستخدمي المياه المخصصة للاغراض الزراعية السقوية لدوار واكينخت واحة احميدي وسلسات، والتي ينص قانونها الاساسي على انه "تزاول الجمعية نشاطها داخل دائرة الري المسماة "طلوطريخت" بدوار واكينخت" كما هي محددة وموافق عليها في الخريطة الملحقة من قبيل وزير الفلاحة والاصلاح الزراعي" ، وقد وضحت المادة 4 من هذا القانون اهداف الجمعية كما يلي ": تنفيذ جميع اعمال التهيئة المرتبطة باستعمال المياه المخصصة لاغراض زراعية، الحرص على حفظ منشات استخدام المياه وتسييرها على الوجه الاحسن، تنظيم توزيع المياه المعدة للري، القيام لدى اعضائها باستيفاء جميع الرسوم والضرائب التي توكل الدولة اليها امر تحصيلها" وعموما يظل الهدف الرئيسي من احداث مثل هذه الجمعيات هو التدبير المعقلن والتسيير الرشيد للمياه المخصصة للاغراض الزراعية، ومنها زراعة النخيل بواحة احميدي، والتي تظل في حاجة ماسة الى التتبع المستمر والرعاية عن كثب، وهو الدور الذي ما فتئت تقوم به مثل هذه الجمعيات المشتغلة في مناطق الواحات.
ثالثا :الدور التنموي/التثميني: لعل من ابرز الادوار الطلائعية التي اضحت تقوم بها هيئات المجتمع المدني في الوقت الراهن، نجد الدور التنموي، والذي عبره يجسد المجتمع المدني خطوة راقية في سلم التقدم الانساني، ويعكس بشكل جلي احدى المراحل المتطورة من تاريخ المجتمعات البشرية ،مما يجعل تنظيماته هياكل حقيقية لبلورة الرؤية الجماعية الهادفة لوضع بنية قادرة على تنظيم المجتمع والمساهمة في تنميته. ومن ثم يكون المجتمع المدني بمثابة العنصر الدينامي والحيوي ،والمعلن منذ البداية عن انخراطه العميق في الاستراتيجيات التنموية الكبرى ،التي تجعل من اهدافها الرقي بالانسان وخلق خيارات اوسع تمكنه من الاستمرار والاستدامة ،وهو ما تبلور ببلادنا خصوصا مع تبني مفهوم "الامكان البشري"، الذي يعد – وحسب فهم تقرير الخمسينية– محرك التنمية البشرية وغاياتها،الشيء الذي يحتم القيام بجملة من العمليات الضرورية للرفع من قدراته التمكينية : تطوير، تعبئة، تحرير وتثمين... وهي القدرات التي تتطلب تماهيا لامحيد عنه، مع باقي مكونات وعناصر الحكامة والانخراط المندمج للجميع – الدولة، القطاع الخاص، المجتمع المدني، والمواطن- والحرص على التكيف المستمر والمواءمة الدائمة مع جل المستجدات والرهانات المطروحة أمام الصيرورة التنموية. هذه الأخيرة أخذت إرهاصاتها تلوح في الأفق بشكل متميز مع التوسل بجملة من الأدوات التدبيرية من قبيل العقلنة ،الديمقراطية المحلية ،التشاركية ،الاندماجية... وذلك كله عبر الانطلاق من منظور شمولي يتوخى تشخيص بؤر التوتر أو مكامن الخلل واقتراح الحلول الاستشرافية أو العلاجات الضرورية. ولن يتأتى كل ذلك إلا عبر الانخراط في السياقات الجمعية وعدم الانزواء نحو النظرة الأحادية والرؤية الضيقة وبلورة تطلعات وطموحات أي فاعل من فاعلي الحكامة بنوع من الاحترام والاعتراف بفضل الجميع على الصيرورة التنموية، دون التبخيس من مجهود أي فاعل من الفاعلين. ومع ذلك، ورغم هذا التصور الغير الاقصائي، يمكن القول أن الفاعل الجمعوي، عبر خطوات جادة ،ما فتئ يرسم تميزه وريادته، ويضع لنفسه جسرا من التألق، خاصة في إطار تواجده الميداني والمستمر في أعماق التنمية المحلية المستدامة، وحرصه على إخراج مشاريع هيكلية وبنيوية مرتبطة بها من القوة إلى الفعل. هكذا ينبثق الفاعل الجمعوي – كما يرى ذلك الأستاذ نجيب جيري في دراسة له حول " مستقبل التنمية المحلية بالمغرب" والمنشورة بمجلة مسالك العدد 13/14. 2010- "كفاعل صاعد وديناميكي سيتولى حتما دور الضابط المصحح لمدى صحة الالتزامات و التعاقدات ودرجة الوفاء بها. انه المجتمع المدني المحلي كقوة اقتراحية لحظة التعاقد وصوت احتجاجي في حالة حدوث انزلاقات. انه المخاطب الطبيعي والمفترض في مسلسل بلورة الحاجيات المجتمعية وذلك عبر آليات التشاركية و المساءلة ،انه رسم بياني بسيط كان وراء تشييد ديمقراطيات هي اليوم راسخة وقوية ومضرب مثل في العالم". هكذا تتبلور ملامح المساهمة الفعالة لمؤسسات المجتمع المدني في ضمان استدامة التنمية البشرية عموما والتنمية المحلية خصوصا. ومن عمق هذه الأفكار نشأت الأدوار المهمة التي أضحت تقوم بها الهيئات الجمعوية بواحة أحميدي من خلال تأسيس جمعيات تهتم بتأطير الفلاحين وتشجيعهم على تطوير تقنيات تخزين وتعبئة وتلفيف وتسويق محصول التمور، كما انه ومن اجل تجديد الموروث المتميز لأشجار النخيل وجعل صناعة التمور نشاطا اقتصاديا رائدا ، قائم الذات ،ركزت مجموعة من الجمعيات العاملة في الواحة على الدفع بدينامية التوسع العمراني، وتحسين أنظمة الري والرفع من اداءات الأنشطة المدرة للدخل ،كما يلاحظ أيضا تواجد جمعيات ينصب اهتمامها على العناية بالرأسمال الغير المادي للواحة، من خلال القيام بتنمية العمق الإنساني للواحة (التكوين الخاص بالموارد البشرية، محاربة الأمية، التراث الثقافي...) وكذلك جمعيات حملت على عاتقها إبراز المكنونات القيمة التي تزخر بها دواوير الواحة ،وعلى رأسها الجوانب السياحية (السياحة الايكولوجية، سياحة الواحات...). إن كل ما سبق يعطي الدليل الملموس على أن الفاعل الجمعوي الاحميدي ،هو فاعل رائد اخذ يشق طريقه بثبات ورصانة، نحو "المجد التنموي"، وهو المجد الذي لن تقوم له قائمة ،ان لم تتوفر النوايا الحسنة للرفع من الرهانات التثمينية المرتبطة به.




#محمد_البكوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفعل الجمعوي بمناطق الواحات واحة أحميدي بورزازات نموذجا - ...
- النسيج الجمعوي بالمغرب :مخاضات النشأة وارهاصات التطور - قراء ...
- المسؤولية و المحاسبة-التلازم المطلق من اجل الادراك المنشود-
- الديمقراطية المترنحة
- فرنسا،الفاجعة الكبرى و الفهم الاكبر لسوء الحكامة


المزيد.....




- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد البكوري - الفعل الجمعوي بمناطق الواحات واحة أحميدي بورزازات نموذجا -الجزء الثاني-