أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟















المزيد.....

الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 11:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟
آزاد أحمد علي
يبدو أن تونس على الرغم من صغر مساحتها وقلة عدد سكانها نسبة إلى دول آسيوية وعربية افريقية عديدة، انتجت تجربة فريدة، فقد أظهرت نتائج الإنتخابات الرئاسية في تونس، والتي أعلن عنها رسمياً يوم الأثنين 22/12/2014، أن الباجي قائد السبسي قد فاز بالرئاسة، إذ حصل على نسبة 55% مقابل 44% لمنافسه الرئيس الحالي المنصف المرزوقي.
مرت العملية الإنتخابية التي كانت على مرحلتين بسلاسة، على الرغم من أنها أول إنتخابات رئاسية حرة ومباشرة في تونس، ينتخب فيها الرئيس من قبل الناخبين. هذا وقد توقع المراقبون أن يتبع إعلان نتائج الإنتخابات إعتراضات، وربما إحتجاجات وأعمال عنف، إلا ان الإحتجاجات كانت محدودة في مناطق نفوذ التيار الإسلامي بجنوب تونس. نجحت الإنتخابات حسب كل المعايير، حيث أقر المرزوقي بهزيمته، وهنأ منافسه الباجي بالنجاح، معتبراً أن الديمقراطية قد إنتصرت في تونس، جاءت التهنئة كمبادرة تندرج ضمن المواقف النادرة التي تظهر في المجتمعات الشرق أوسطية بشكل عام، والعربية على وجه الخصوص.
وفي الوقت نفسه لم يعلن المرزوقي إنسحابه من الحياة السياسية، وإنما قرر متابعة مشواره عبر حزب مواطن التونسي. جدير ذكره أن المرزوقي كان مناضلاً في مجال حقوق الانسان، وهو يميل دائماً بإتجاه دعم فعاليات المجتمع المدني وصيانة حقوق الانسان. وقد يشكل مع الحركة الإسلامية بقيادة الغنوشي المعارضة المدنية التونسية في السنوات القادمة. في المشهد السياسي التونسي الراهن يمتلك حزب نداء تونس الأغلبية في البرلمان، وسيتمكن من تسمية رئيس الوزراء، الذي سيوزع الصلاحيات التنفيذية مع الرئيس المنتخب، بحسب الدستور التونسي الجديد. وكنتيجة أولية سيُسيطر حزب نداء تونس على كل المفاصل السياسية والتشريعية والتنفيذية في البلاد، ولتوفير بيئة هادئة أكد الرئيس الجديد الباجي: "يجب أن تحكم تونس بالتوافق والتشاور لدعم الوحدة الوطنية"، وذلك إنسجاماً مع رأي قيادات أخرى في "نداء تونس" إذ تصر على أن لا يكون رئيس الوزراء المقبل من الحزب الأول في البرلمان، حتى لا يهيمن "نداء تونس" على الرئاسات الثلاث، وهذا إثبات عملي جديد على ترسيخ نهج الحكم بالتوافق في تونس.
من جهة ثانية وكعلامة فارقة على بروغ ثقافة تداول السلطة في تونس، أكد رئيس الحكومة الحالي مهدي جمعة يوم 30/12، بعد لقائه رئيس البرلمان محمد الناصر، أنه ليس معنياً بالمشاورات الجارية بخصوص تسمية رئيس الوزراء الجديد وأنه "أتم العهد الذي إلتزم به سياسياً وأخلاقياً، وأنهى المهمات التي كُلف بها منذ حوالي سنة ". هذا وقد جدّد مهدي حرصه على توفير أفضل الظروف لتداول السلطة بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب، وبين حكومته والحكومة المقبلة.
لقد أثارت نتائج الإنتخابات التونسية من جديد المزيد من النقاش والسجال حول إشكال عودة أحد أبرز رموز الحكم البورقيبي البائد إلى السلطة، عن طريق صناديق الإقتراع، وهو الباجي قائد السبسي، الذي كان مسؤولا في أعلى هرم السلطة أيام حكم بورقيبة، فقد تسلم مناصب حساسة كمدير الأمن الوطني مطلع الستينات من القرن الماضي، ثم وزيراً للداخلية، كما تسلم لاحقاً حقيبتي وزراتي الدفاع والخارجية. بل يذهب بعض منتقديه بعيداً لإتهامهه بقمع المعارضين من يساريين وقوميين في السبعينات من القرن الماضي. كما تتهمه جهات أخرى بعلاقته القوية مع السيدة وسيلة زوجة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، إلا أن أنصاره ينفون تورطه في القمع مباشرة، ويبررون قربه من وسيلة بن عمار حرم بورقيبة، ويحيلونها إلى حب وسيلة للديمقراطية، ومناصرتها للإنفتاح والتعددية بخلاف زوجها، وأن الباجي لم يعد إلى الحكم إلا بعد توافر مناخ ليبرالي في تونس ما بين عامي (1980 و1981).
ويعد الباجي شخصية وسطية ويتمتع بشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقد إستلم رئاسة الوزراة في المرحلة الإنتقالية في بداية عام 2011. لكن فوزه بالإنتخابات، على الرغم من تاريخه السياسي وعمره الذي يقارب (90) التسعين عاماً، يثير الكثير من التساؤلات ذات الطابع الفكري قبل السياسي، فهل عادت تونس كأول دولة رائدة في مسيرة إنتفاضات الربيع العربي إلى خريفها السياسي السابق؟ ولماذا هذا الولع بالشخصيات الهرمة؟ وأين تبخرت القيادات التونسية الشابة ونقابييها، اؤلئك الذين أشعلوا أهم إنتفاضات العصر؟! فعلى ما يبدو أن التيار العلماني السياسي التونسي مترسخ ولم يعد يهمه شكل الرئيس وسنه، بنفس القدر الذي لم يعد يهم المواطن التونسي سوى التوافق الوطني، وتوفير رخاء إقتصادي. فالطبقة الوسطى في تونس واسعة وعالية التعليم والثقافة، لذلك تتسم مواقفها السياسية بخصوصية إصلاحية، وكما يبدو أن لها روابط عضوية مع منظومة الحكم السابقة، فهي لاتغامر بالتغييرات الراديكالية، وإنما تؤيد الإصرحات المتدرجة.
ومهما تعددت الآراء، فإن نجاح الباجي هي عودة ناعمة وسلسة إلى البورقيبية، التي إنطلقت حملته الإنتخابية من أمام ضريحه.، بل نجاح الباجي يشكل ترميماً للجسور، ونوعاً من الإستمرارية مع عهد زين العابدين بن علي، الذي كان الباجي فيها رئيساً للبرلمان. لذلك يصر بعض المراقبين أن ما يحدث في تونس الآن هو إستعادة للنظام القديم بدون رأسه فقط، وبالتالي فالتبعية للأسواق الغربية ستزداد، كما البحث عن حلول لمعضلات تونس الإقتصادية والإجتماعية، تكمن في توفير مناخ للسلم الأهلي أولا، كون تونس بلد سياحي في المقام الأول.
أخيراً هل يمكن المجازفة بالقول أن شرارة إنتفاضات الربيع العربي التي بدأت من تونس، وأشعلت المنطقة بأسرها عادت إليها لتخبو وتتخامد فيها كنسق من الإصلاحات العقلانية المتدرجة؟ أم أن الظاهرة التونسية تهز من جديد مصداقية المعادلة التي باتت معروفة منذ أمد بعيد، وملخصها: "أن البلدان العربية إما ستحكم بالجزمة العسكرية أو العمامة، وما بينهما مازال سراباً؟"
تونس قد تخرج من هذا السراب بصيغة وشخصية واضحة، فإسلاميوها بقيادة راشد الغنوشي عادوا إلى صفوف المعارضة، وإلتزموا بالسيرورة الإصلاحية الجديدة، وقد يساهموا في ترسيخ الصيغ الدستورية لحكم البلاد وحكمها توافقيا، خاصة في ظل نظام رئاسي- برلماني مختلط، يملك الرئيس فيه صلاحيات في مجالات الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، إضافةً إلى حق حل المجلس النيابي، فيما يملك رئيس الوزراء كل السلطات التنفيذية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
وبإفتراض أن التعاون بين حزب نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية سيتوثق لترسيخ الإصلاحات وتطوير الديمقراطية التونسية، فإن تونس ستشكل مرة أخرى إستثناءاً عربياً وإفريقياً، لايقل معنىً ورمزيةً عن وهج قيادتِها لإنتفاضات الربيع العربي قبل أربعة أعوام.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوباني: قصة نجاح على حافة التجميد
- ملامح محنة العرب السنة
- داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية
- معرفة الأكراد عربيا
- لماذا انحنت القوى العظمى أمام حكام طهران؟
- هل حقا كردستان مستعمرة دولية؟
- مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر
- الانتفاضات العربية: جوع للسلطة وكراهية لللاصلاح
- تركيا وخيارات شراكتها الصعبة
- من المدينة الفاضلة إلى مدينة الكينونة
- دور الحركة الكردية في الانتفاضة السورية خلال عام 2011
- الحركة الكردية ودورها في المعارضة السورية*
- يشار كمال في: سلطان الفيلة
- الاستخدام المُفرَط للتاريخ في الأجندات السياسيّة
- اللغة السيكولوجية في العمارة
- مفتي دمشق ابن فضل الله العمري
- العمارة المعاصرة من النزعة السلفية إلى الحداثة المنسجمة
- الكرديّ الذي يحمل خازوقه -نموذجاً للقسوة والاستبداد-
- أسماء للنسيان رواية لنسيان الأحداث الكبرى
- هل تحتاج تركيا إلى حربٍ دائمة ضد الأكراد؟!


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟