|
ماهي العلة الرئيسية للتغيرات الاجتماعية السلبية ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 00:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ربما يحسب البعض ان آفة هذا الزمان هي غياب الأخلاق و بروز مصالح و اختفاء قيم واخفات سمات و تغيير سلوك، و يُعتقد انه نتيجة طبيعية لدور المؤثرات السياسية الاقتصادية الاجتماعية و في مقدمتها تراجع الدور الرقابي للأسرة، و عدم وجود القدوة في البيت و في المدرسة و في الجامعة والمحلة و البلد بشكل عام . و كما قالت الاخت المثقفة الست سمية محمد في خاطرتها، ان السلبيات و ما عرٌفتها بالافة كلها جاءت بعد طغيان المادة و غلبة الطمع و الجشع و أخلاق الخطف و عبادة الأغنى و الأقوى و الأكثر نفوذا و لو كان لصا معدوم الضميرو عبادة المظاهر و نفاق السلطة و المشي في مواكب الحكام. و عولمة الهلس و التفاهة و إثارة الشهوات في كل وسائل الإعلام .كل هذه البدايات هي التي قادت إلى الفساد الذي نشكو منه و كل هذا يتواجد في المجتمع العراقي الحالي و ليس بشرط ان نجدها في البلدان الاخرى . ان الاخلاق لا يمكن ان نعرٌفها على انها منظومة قيم متداخلة مع البعض موجودة في المجتمع و مفاصله و مؤثرة على مسيرة الانسان و حياته و طبيعته و سيرته و نظرته الى الحياة فقط، و انما هي الحد الفاصل بين الخير و الشر وفق تعريفها المتعدد الجوانب ايضا . و لكن ما اختلف مع السيدة العزيزة سمية، انها تدمج الدين بالاخلاق و ليس بشرط ان يكون كذلك فهناك في الدين و محتواه و نصوصه و هو ما يؤثر سلبا على الاخلاق كما هو حال اليوم في هجمات الارهابيين، وايضا مافيه قد نفذت مدة صلاحياته و غير قابل للتطبيق، و فيه منه لا يتوائم مع المستجدات الحالية و لن يتماهى مع العصر و القيم الجديدة التي اوجدتها الحياة العصرية و مصلحة الانسان والعقلية الانسانية . اي يمكن ان نؤكد على ما يؤطر الايجابيات في مساحة يمكن ان نعتبرها خيرا من خلال الاخلاق و ما اعتمدناها في الشرق تعريفا و ليس ان تكون مشابهة او مماثلة في الغرب من حيث المضمون و المحتوى و التداعيات التي تفرزها من خلال الايمان بها او تطبيقها . فان الاخلاق التي نؤمن بها في العراق و المنطقة ليست كما تؤمن بها حتى اقرب المجتمعات الينا . و عليه يمكن ان نعتبر ان انخفاض مستوى الالتزام بالاخلاق و القيم المثالية التي ادت الى العيش السليم و التعاون و العمل المشترك و في النتيجة الى السعادة المنشودة بين مجموعة متقاربة بين الناس هو احد العوامل الرئيسية لما وصل اليه المجتمع العراقي خلال المرحلة الحالية . و الاسباب الاخرى سياسية بحتة و اقتصادية ناتجة من الظروف العامة، و بدورهما اثرا على العوامل الاجتماعية الاخرى و من ضمنها الاخلاق بما تتضمن من المعنى المتعددة و المختلفة عليها ايضا . اما ان نعتقد بان غياب الدين هو العامل الاخر من القوضى المتعددة الجوانب التي نحن فيها فهذا اجحاف بحق التاريخ و ما جرى فيه من اللااخلاقيات استنادا على نصوص الدين جملة و تفصيلا، و رغم انكار الملتزمين به اي بالدين من المعتدلين و لهم الحق في ذلك لانهم على طريق ينفيه المتشددون، و لا يمكن ان نساوي اخلاق الطرفين بتفصيلاتها باي شكل كان . اليس من الغبن ان نقول ان غياب الاخلاق و الدين عند داعش هو ما ادى الى الفساد في المجتمع الذي يحكمه، و كل ما لا يمت بالانسانية من الصفات و السمات التي يؤمن بها و ينفذ ما ليس له صلة بالانسان و لا الاخلاق الموجود في المجتمع العراقي بشكل خاص، و للعلم يلتزم جزء من الشعب العراقي بجزء مما يؤمن به داعش و ينشره من السلوكيات و ما يمكن ان نسميها بالاخلاقيات . اذا، لا يمكن ان نعمم ما نعتبره السبب فيما حصل للشعب العراقي و ما غيٌرهم جذريا في غياب عاملين فقط، فالعوامل المطلوبة للخير متعددة و احدها هو الاخلاق و يمكن ان تختلف تعدادها و فحواها و تعريفها من مدرسة اجتماعية لاخرى . عدا العوامل العامة، هناك من العوامل الخاصة المتصلة بتربية الفرد من حيث تعامله مع الامور العامة و التي تؤثر عليها، و من يحمل من السلوك من حيث الاعتدال و الغضب و الهدوء و مستوى ثقافته و نشأته العائلية الى غير ذلك العديد منها . ان انتشار الفساد بكل انواعه الاداري و المالي و السياسي في المجتمع لعامل و دافع اضافي الى ما ذكرنا من انحراف الفرد و الشعب بشكل عام عن ثوابته . ان ما يمر الشعب العراقي الان ليس فسادا فقط و انما مرحلة فوضى من كافة الجوانب لا يمكن لاي فرد التحيد عنها، اما ان يكون الفرد مع الوقوف ضدها او يكون ضمنها و يبرر لها من اجل مصلحة خاصة . فالاخلاق تسمو بالعقل و ليست هناك سمة في المجتمع لم تخضع لغربلة العوامل العامة المؤثرة على مضمون الاخلاق على مدار التاريخ و ما يبرز فيه . فلن يذهب المجتمع ان اخلاقهم ذهبت فقط و انما انحط المجتمع بفساد قيادته و تدني مستواه و انقراض ثوابته الخيرة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا تقدر على منع الكورد و ليس داعش ؟!
-
اردوغان و من يشجعه على احلامه
-
ماذا اصاب العالم في هذه المرحلة ؟
-
لماذا الاهمال في قيادة محاور البيشمركة مع داعش
-
الوضع الداخلي الايراني الى اين ؟
-
البرلمان العراقي و لجان التحقيق
-
اهل القلم الموالي للسلطة اشد من أهل السيف
-
المجتمع الدولي يغض الطرف عن السبايا الايزيديات
-
ليس حبا او كرها بامريكا
-
لحد الان لم يعثروا على قتلة ساكينة جانسز في باريس !
-
لازال العراق مبتلى برجال العهد المباد
-
ان تقوم بمهام ليس من اختصاصك !!
-
هل فرضت ايران منطقة عازلة في الاراضي العراقية الحدودية ؟
-
التناقض البنيوي للمجتمع العراقي الى اين ؟
-
هل يمكن انتاج الفاشية من اتباع مجريات التاريخ الاسلامي ؟
-
من يتمكن من هزيمة الارهاب في منطقتنا، و كيف ؟
-
هل تتحقق المواطنة الحقيقية في العراق ؟
-
منظمات المجتمع المدني و دورهم في العراق
-
يمكن الاستفادة من انخفاض سعر النفط في العراق ؟
-
الشجاعة لا تكفي لوحدها
المزيد.....
-
ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع
...
-
هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
-
كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
-
مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق
...
-
بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا
...
-
الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
-
-وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم
...
-
بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا
...
-
عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر
...
-
خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|