أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم أمين الهيتي - هذا الواقع وحلم التغيّر














المزيد.....

هذا الواقع وحلم التغيّر


قاسم أمين الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4693 - 2015 / 1 / 16 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحركة هي الظاهرةَ الطبيعيةَ الأهم التي تنتج كلَّ النشاطات، والتي تحدث التَغيّر في العالم. انها الخاصية التي تظهر بشكل أَو بآخر في كلّ الكون. وقد إرتبطت من الحركة النسبية في الكائنات وحيدة الخلية وحركة الالكترونات حول نواة الذرة الى الحركة الأكثر وضوحاً في الكائن الحي اوما يدور حولنا. والحركة بركة وبقاء الحال من المحال. وتقول الفلسفة انك لا يمكن ان تسبح في الماء مرتين، وذلك بسبب الحركة الناتجة عن جزيئات الماء التي حولك. فالحركة والتغيّر صنوان يبادل احدهما الاخر. وعلى الصعيد السياسي سواء أكان على صعيد حكومات او كان على صعيد احزاب يقيّم بعد التجربة. فإن كان نافعا للاغلبية فيدعى تقدم وإن كان ضارا لها فيدعى انتكاسة.

التراكم الكمي يحدث تغيّر نوعي، وهكذا انقلب حزب الدعوة في العراق على نفسه قبل ستة اشهر تقريباً، واحدث تغيّراً في قيادته التي كانت تدير دفة الحكم في البلاد وبيدها مقدرات الشعب بشكل مباشر او غير مباشر منذ عام 2003. فهل هذا التغيّر انتكاسة ام تقدم ام كأننا ياناس لا "رحنا ولا جينا"؟. انها التجربة فقط هي التي تقيّم الحالة. ولذا يتحتم علينا ان نلقي ضوء على حكم الثمان سنوات التي استلم فيها حزب الدعوة للسلطة في العراق رسمياّ.

ففي تلك السنوات من حكم حزب الدعوة لم يكن هناك من يعمل اي شيء غير قانوني فلا شيء غير قانوني اذ لا توجد قوانين على صعيد الواقع اليومي بل كانت القوانين قابعة بين دفاتها. فالحكام يصرخون باسم الديمقراطية ويستعبدون الاخرين وينادون بالعدالة وهم الظالمون ويدعون بالامن و يفخخون الشوارع وحتى المآتم لم تسلم من مفخخاتهم. اخبار فضائيتهم الحكومية، صحفهم، مفعمة بالدعايات عن العدالة ودولة القانون، وتصبح بغداد يوميا على جثث مجهولة الهوية ملقاة على الارض او في حاويات النفايات. مداهمات ونقاط تفتيش ورشاشات وحواجز كونكريتية سمة المدن الكبرى. اما نشوة الانتقام والرغبة في القتل والاغتيال والاعتقال وتحطيم الجماجم تجري بعروقهم كالتيار الكهربائي. وبطانة الحاكم تظهر على الشاشات تسبح بحمد رئيس الوزراء وتسجد له بوجوه عابسة ولحى حسب المقاس واصوات مزمجرة.

كل شيء كان عجيبا بعضهم يدرك الحقيقة ثم يحكي الكذب، التزييف قائم على قدم وساق، الاجتثاث قانون للإعدامات، المنطق يستخدم ضد المنطق، يزعقون بدولة القانون ويخرقون الدستور. يحملون رأسين متناقضين ويتكلمون بهما في آن واحد. كل الماضي يحّور وفق متطلبات حاضرهم، يمسخ التاريخ ويكتب وفق الطلب ويبقى التزوير حتى في السجلات الرسمية. اختراعات لمصطلحات وتدبير لكلمات، ليست من الدماغ، تنطلق من حناجرهم مجرد صخب تنسي الناس لغتهم القديمة ومجتمعهم الذي تعودوا عليه منذ عقود. والامور كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم على الرغم من احتجاج السمع والبصر والعقل كل ذلك كان يجري آنذاك. مجنون من يخالفهم، ومخبول من يعتقد لا يمكن تبديل التاريخ. ومن لا يصدق اثنين زائد ثلاثة لا تساوي خمسة فله بئس المصير.
قد لا يحاكم بعض من المخالفين للسلطة الحاكمة ولا يدانون علنا بل تجري عليهم حملات التطهير والمسائلة واللاعدالة والاختفاء، يحكم بالاعدام للذين اعترفوا قسرا بجرائم لم يقوموا بها. واحيانا لا يتكرر الاختفاء، بل يطلق سراحه لكي يجبر على توريط آخرين بشهادة زور ثم ينتهي هو ايضا بكاتم صوت. الاحتجاج كان يجري بصمت داخل السنتمترات العشر في الدماغ فقط. إذ أن الميليشيات التي كانت تحكم غير محتملة لقسوتها وعدم امانها وانحاطها وانها لا تشابه اي بلد. وهكذا اصبح اسوء الاعدء هو جهازك العصبي، فعندما تتكلم في نومك ليس هناك ما يضمن بقاؤك على قيد الحياة.

اما االفقراء فهم ازدادوا اضطهادا اجتماعيا وازدادوا تعذيبا وتضوروا جوعا. انهم طبقة بائسة اصبحت لقمة عيشهم صعبة المنال، ينامون تحت سقوف من التنك. احياؤهم فاسدة تفوح منها روائح تزكم الانوف، لا ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا خدمات انسانية. اولادهم ،حتى وان كان منهم من حملة الشهادات فهم يعملون اكثر من عشر ساعات يوميا، ان وجدوا لهم عمل، يعملون تحت اصحاب مهن قساة يطعمونهم فتات الطعام. واطفالهم يباحون ويباعون ولم يكن مهما ان يعرفواعنهم الكثير. تستغلهم مافيات توزعهم صباحا في اماكن مخصصة للتسول او السرقة وتعود بهم ليلا شأنهم شأن قطيع الغنم. يكبرون ويستمرون بالعمل الذي لا يقودهم إلآ لاحتراف الجريمة.

وهناك تشاهد قصورجميلة ورائعة يعيش فيها السياسيون وسراكيلهم الذين لدى كل منهم عشرات الخدم ومئات الحراس. انهم قياديو وبطانات الكتل البشعين ذوي الوجوه اللئيمة، يلبسون المعاطف والقوط السود والياقات المنشفة واربطة الحرير لحضور دعوات العشاء الفاخرة والحفلات الحمراء. هم وحدهم يمتلكون كل شيء، الاراضي الزراعية، القصور، الشركات، رؤوس الاموال. يدخلون بسياراتهم المضللة المكيفة الى المنطقة الخضراء وينامون قريرو الأعين. انهم مجرمون متعصبون ومحتالون يهتفون بنفس الشعارات من أجل المناصب التي تدّرعليهم السحت الحرام. ومما يثيرالشفقة هو التحاق كثير من القضاة بهذا الركب وباعوا انفسهم باسعار مختلفة كما تباع الابقار حسب السمنة. كما التحق بعض من رجال الدين الذين لم يكتفوا بتقبيل ايادي المتنفذين بل بتقبيل ارجلهم.

كان هؤلاء الساسة يتصدرون ويتصدون لأهل الفكر والثقافة. واذا ما تنفس المثقفون ببنة شفة فالويل والثبور واقل ما يتهم به هو من ازلام النظام السابق. صحيح يمكنك ان تلاحظ ان الثورة كانت تظهر في العيون او في كلمة مهموسة من سائق تكسي تنطلق بالصدفة عبر نتف الحديث، ولكن كل ما كان على الجميع ان يحتفظوا به؛ هو الاعتقاد بان الفرج يأتي يوم القيامة. لم يكن هناك اي امل في الخلاص من خارج النظام ولم يكن من يتوقع تغيير النظام من الداخل.
واخيرا لا يسعنا الا ان نبقى نحاكم بصمت "ايضا" الوضع الحالي بعد التغيير، لأن شباب العراق اليوم لا يتذكروا متى لم يكن بلدهم في حالة حرب لكنهم يسمعون ان هناك فترة سلام مرت في طفولة ابائهم وانهم لا يثقوا بالذين جاءوا على ظهور الدبابات مهما بررت المواقف.



#قاسم_أمين_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاقة والحياة
- المسؤول الحقيقي والموظف فقط؟
- حكومة أم سلحفاة؟
- نعم للصراع الطبقي لا للعنف الطائفي - لمناسبة تشكيل الحكومة ا ...
- آفاق في تعقيدات الوضع العام في العراق
- ضوء على عتمة نفق الانتخابات
- حقوق الإنسان
- الصناعات النووية: هلع أم قلق مشروع؟
- الديمقراطية والانتخابات البرلمانية
- مسيرة حقوق المرأة ..الجزء الثاني
- مسيرة حقوق المرأة
- سجن الحوت .. معسكر التاجي
- التأثير البايولوجي والوقاية من الأشعة السينية.
- البيئة الإشعاعية
- حين يرحل الكبار
- هل حسمت القنبلة النيوترونية معارك الجيش العراقي؟
- استنساخ لبنة بناء الأحياء
- تساؤلات حول لبنة بناء الكون
- النفط مستعبد الشعوب في سيرته الذاتية


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم أمين الهيتي - هذا الواقع وحلم التغيّر