أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - شارلى فجور مرفوض















المزيد.....

شارلى فجور مرفوض


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 4690 - 2015 / 1 / 13 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شارلى إبدو صحيفة أسبوعية مكونة من إثنى عشرة صفحة تستخدم الكاريكاتير للسخرية والضحك، لرسم البسمة على وجوه القراء وللوصول لهذا الهدف تستخدم رسوماً إباحية لا تستثنى أحداً من البشر وقادة الأديان والأنبياء والرسل والآلهة، أى يسخرون من كل ما لا يخطر على بالك وهذه السخرية الكاريكاتورية ليس لحريتها سقف محدود، بل فضاء الحرية لديها فى رسوماتها التى تتميز بقلة الأدب والأخلاق وقباحة التعبير والأهداف وأفكار بذيئة ومبتذلة وليس لديها حساسيات معينة ولا تؤمن بالمقدسات لأن أفرادها ملحدين، ولا يعترفون بالخصوصيات والثوابت والرموز الدينية والواجب إحترامها وعدم المس بها أو الإساءة إليها بالنسبة للمؤمنين بها، من هنا نجدهم يفعلون ذلك مرتاحى الضمير لأنهم لا يخافون من عقاب آلهة سواء على الأرض أو فى السماء، لكن بعيداً عن الأديان أقول إن تلك الرسوم بعيدة كل البعد عن الأخلاق الإنسانية القويمة ومرفوضة كلياً.

لذلك حرية شارلى تتعامل مع شخصيات خيالية من صنع البشر وأعتقادهم هذا لا يبرر اللجوء إلى الهمجية فى التعامل معهم وقتلهم، والدليل على ذلك أن خمسة ملايين مسلم يعيشون فى فرنسا لم يهتموا بتلك الرسومات ولم يشغلوا أذهانهم بها، وأكيد أنها سببت لهم بعض الغضب والضيق وأطلقوا عليهم لاعناتهم ليخسف الله بهم الأرض، لكنهم يعرفون قوانين المواطنة الذين يعيشون بها لذلك لم تتعدى ردود أفعالهم ما ذكرته، لكن من يعيش خارج المواطنة والمجتمع الفرنسى تكون ردود أفعاله مبالغاً فيها جداً خاصةً عندما تتلقى جماعات الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة وغيرها تلك الرسومات، لتكون سبباً قوياً فى إثارة الجماهير المسلمة وإصدار الفتاوى لسفك دمائهم الكافرة.

عالم حرية الرأى والتعبير يقول بأنه لا يعتقد فى المعجزات والنبوات والكتب الدينية التى يقدسها البشر، لذلك يعتبرها أشياء عادية حتى إن أعتبرها أصحابها نازلة من السماء مثال عيسى يسوع، بالنسبة لهم عيسى شخصية تاريخية فقط مثلها مثل رئيس وزرائهم السابق ساركوزى، ومن حقهم توجيه النقد له والسخرية منه كما يشاءون وبالطريقة التى تثير الضحك لترويج صحيفتهم والتعبير عن قناعاتهم الخاصة، بإختصار صحيفة من أثنى عشرة صفحة تصدر ستون ألف نسخة، ولا يهتم بها أحد ومن يشتريها هدفه هو الضحك والإبتسامة، تلك الرسومات الجنسية الواضحة بالغة الفجور لا يشعر القارئ والمشاهد لها بالإشمئزار من رؤيتها، لأنه يشاركهم فلسفتهم الإلحادية أو بعبارة أدق غالبية قراء الصحيفة هم مواطنين عاديين تركوا إيمانهم بالمسيحية أو أى دين آخر، لذلك السخرية من الكتب المقدسة أو أنبيائها ورسلها وتصويرهم عراة يمارسون الجنس أو الأستهزاء بهم بأى شكل آخر، لا يثير داخلهم أية مشاعر ساخطة أو ناقمة عليهم بل تثير لديه مشاعر الضحك.

كان أسهل لحكومة فرنسا أن تستغل الهجوم على مبنى صحيفة شارلى ومقتل رساميها بأن تغلق الصحيفة، لينتهى مسلسل الرسوم الكاريكاتورية الفاضحة المسيئة للشخصيات السياسية والدينية سواء كانوا أحياء أو أموات، ومهما بلغت قداستهم وعظمتهم لكن المجتمع الفرنسى الذى قامت فيه ثورة التنوير يقدس الحرية التى أدخلته إلى عالم الإنسانية الرافضة لكل من يريد ان يأخذ حقوقه بالقتل وإرتكاب جرائم ضد الإنسانية حيث لا تحكمهم قوانين وشرائع إنسانية، أصبحنا نعيش فى مجتمعات أعداء للحرية ومجتمعات أخرى أعداء للقتل، وفى أجواء مثل هذه إلى متى سيستمر هذا الرفض القمعى فى أستخدام العقل لتحكيمه فى إيجاد حلول لمشاكلنا مع الآخر؟

عندما يقول رئيس الوزراء الفرنسى: إننا ضد الإرهاب ولسنا ضد الأديان، هذا القول لن يستطيع الشخص العربى إستيعابه لأنه نشأ على أن الملحدين والكفار والعلمانيين وغيرهم هم أعداء الله والمؤمنين به، لذلك لا يعرف المسلم العربى قضية العقل والحوار والتعامل بالقانون
لكن صحفيى شارلى قصدوا الأستفزاز والتحريض والإثارة والإساءة كلها وسائل تهدف إلى دفع القراء إلى الضحك على رسوماتهم، لكنهم أخطأوا العنوان لأنهم لو فكروا قليلاً لأكتشفوا أن التنظيمات الإسلامية الحربية أو الجمعيات الخيرية والثقافية الإسلامية كلها تحرض الشعوب الإسلامية ضد الكفار لأن سفك دمائهم حلال وقطع رؤوس المسلمين وغير المسلمين حلال،أى أنهم أعطوا لأنفسهم حرية القتل كما يشاءون وهو نفس المنطق الذى تفكر به شارلى أنهم أعطوا لأنفسهم حرية التعبير التى تساندها الدولة والمجتمع والقانون.

يشعر رسامو شارلى أن حريتهم هى حياتهم ولو فقدوها يشعرون بالشلل والموت الإنسانى لوجودهم الذى لا معنى له بدون حرية، وهو نفس منطق التنظيمات الإسلامية التى تريد دفع الإساءات والإهانات بالإسلام ورسولهم بالقتل والقتل فقط، وهذه هى مشكلة حرية الملحد فى التعبير عن آرائه وحرية المؤمن فى قتل من يهين رسوله، إذن نحن أمام محور واحد للشر يرتكز على سلاح الحرية الذى يستخدمه العلمانى الحداثى ضد من يعتبره أساطير تاريخية بشرية، ونفس الحرية يستخدمها الإسلامى لقتل وذبح من يتجرا على إهانة رموزه الدينية والفرق بين الأثنان هو أن العلمانى حريته شرعية قانونية، والإسلامى حريته غيبية من نصوص يقدسها هو فقط، أى أن العلمانى يستغل حقه فى حرية التعبير والنقد بأستعمال القلم بينما يستغل الإسلامى حقه فى قتل المختلف معه حتى يذهب إلى الجنة ويستمتع بنعيمها الأبدى.

فالحساسية الدينية نابعة من الأنظمة العربية الدكتاتورية التى تفرض التطرف والكراهية للآخرين لتكسب رضى المحكومين، وذلك بأستعمال تراث دينى سريع التأثير فى مشاعر كل مسلم وهو ما جعل الجماعات والتنظيمات الجهادية ناجحة فى أستقطاب أعداد كبيرة من المسلمين إلى صفوفها، من هنا لن يستطيع العلمانى أو إنسان العصر الحديث إقناع المسلم بأننا يجب السير قدماً إلى الأمام والوسيلة الوحيدة هى الحرية، وفى نفس الوقت لن يستطيع الإسلامى إقناع إنسان العصر الحديث بمقدساته الدينية، وهذا الصراع حسمه الإنسان الغربى بإلحاده أو بأعتقاداته الدينية التى لا يمكن له فرضها بالقوة على الآخرين أو التذرع بأى خطأ من الطرف الآخر حتى يبدأ حروب دموية أنتقامية ليقضى على الكفار أمثال شارلى.

هل من حق أفراد الأديان أن يقتلوا أصحاب الأقلام على كلماتهم المسيئة، وأن يتركوا قتلة النفوس البريئة تقتل وتقتل دون أن يكون هناك قانون أو دولة تتصدى لهم؟ أو أن يقتنعوا أن القتل ليس وسيلة الأقوياء فى عصرنا هذا؟

إن الرغبة فى إيجاد حل حقيقى ومنطقى واقعى يتلخص فى: أى حرية نريد؟ حرية تقتل وتسفك الدماء وتطار وترعب البشر بأسم الدين، أو حرية حقيقية يتمتع بها الجميع ويتساوى فيها جميع بنى البشر فى ظل قوانين مجتمعنا الإنسانى؟؟!!!



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لستم شارلى يا عرب
- أنا شارلى سعودى
- مهزلة العدل والتكفير
- العام الجديد والحضور الجاهلى
- العثمانى الجديد
- الجزيرة مباشر إلى الجحيم
- إعلام الجن والعفاريت
- الدكتور أبو بكر البغدادى
- صراع المصالح الإرهابية
- ديموقراطية الأفاعى
- سيد القمنى إرهابى؟
- مؤتمر الأزهر لتشريع القتل
- نوال السعداوى تترك بيتها
- نوال السعداوي في كردستان
- لماذا ينضمون لداعش
- إيطاليا نعم ومصر لا
- كامب ديفيد الإخوانية
- رفع المصاحف هو الحل
- التصالح مع الذئاب
- أصحاب الفتنة والخيانة


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - شارلى فجور مرفوض