أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة في فرنسا















المزيد.....

مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة في فرنسا


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4690 - 2015 / 1 / 13 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما برزت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، عادت نظرية المؤامرة للظهور بعد هجمات باريس. مؤيدوها يقولون إن الهجمات التي حدثت كان مخططا لها والهدف منها الإيقاع بالمسلمين وبالعرب. وإن لم تصدقوا، يقول هولاء: أنظروا كيف تصدر نتنياهو تظاهرة باريس. أليس تواجده دليلا لا يدحض ؟ وبالطبع، سوف لن يتوقف هولاء عند حضور نتنياهو فقط، إنما سيفعلون الأعاجيب لدعم وتعزيز وجهة نظرهم. و ستنشط مخيلتهم و هي تفسر، بفنتازية تفوق الخرافة، كل شاردة وواردة رافقت الهجوم، بطريقة لم ترد حتى في عقول من دبروا الهجمات، والجماعات الإرهابية التي تقف خلفهم.

المعضلة مع هولاء المؤامراتيين هي، أنهم يتعاملون مع جميع المشاكل الكبرى في عالمنا باعتبارها ألغاز وأحجيات لا يعرف حلها ألا هم. هم وحدهم من يحتكر العقل و ما عداهم أغبياء. و أصحاب نظرية المؤامرة يتعاملون مع البشر كأدوات و مكائن تشتغل بالأزرار و لا تتقن ألا تطبيق الأوامر. الصراعات السياسية الدولية، مهما كانت معقدة ومتعددة الوجوه، ليس لها، عندهم، سوى تفسير واحد و وحيد، وجانب واحد و وحيد.

لنبدأ، أولا، مع حضور نتنياهو.
نتنياهو، وفقا لما نشرته وسائل أعلام فرنسية، ما كان قد قرر القدوم لفرنسا والمشاركة في التظاهرة ألا بعد أن تأكد بأن غريمه و وزير خارجيته، ليبرمان، سيحضر. وعندها قرر هو السفر والمشاركة في التظاهرة حتى يحرم ليبرمان من تصدر المشهد إسرائيليا وفرنسيا ودوليا، ويبعده من توظيف المشاركة لمصلحته الانتخابية الخاصة.
بالطبع، في مصلحة نتنياهو وكل المسؤولين الأسرائليين أن يستفيدوا إلى الحد الأقصى من تداعيات مقتل الفرنسيين اليهود أثر الهجوم ضد المخزن اليهودي. والجميع سمع تصريحات نتنياهو التي طلب فيها من يهود فرنسا المغادرة لإسرائيل والعيش فيها نهائيا. لكن تصريحاته ودعوته لم تجد ترحيبا من السلطات الفرنسية. وجاء الرد الفرنسي على لسان رئيس الوزراء، مانويل فالس، عندما قال: فرنسا بدون يهودها لن تظل فرنسا التي نعرفها. المسؤول الفرنسي أراد أن يقول، أقله تلميحا: أيها اليهود في فرنسا، لا تستمعوا لنصيحة نتنياهو، ففرنسا هي بلدكم الأم، وليست إسرائيل. والإجراءات الجديدة المشددة التي بدأت بتطبيقها الجهات الأمنية الفرنسية لحماية المدارس والمنشئات اليهودية بفرنسا تريد منها فرنسا تبديد مخاوف اليهود الفرنسيين.

أما في ما يخص الطبقة السياسية الفرنسية، فمن السخرية، بل من الخَبل، الاعتقاد بأن المسؤولين الفرنسيين اجتمعوا وتأمروا وقرروا فيما بينهم أن يقع الحادث في بلدهم. ما هي المكاسب التي جنتها فرنسا من الهجوم الإرهابي وهي ما تزال جريحة و تعيش، حكومة وشعبا، على أعصابها ؟ ما المكاسب التي حصلت عليها أجهزتها الأمنية و سمعتها في الحضيض، وسيل الاتهامات ما يزال يتواصل ضدها بالعجز وبالفشل في كشف الهجمات قبل وقوعها ؟
بالتأكيد، ستوظف القوى السياسية الفرنسية الهجمات الإرهابية، كل واحدة لمصلحتها. فالرئيس الاشتراكي، فرانسوا هولند سيحاول رفع نسبة شعبيته المتدنية للحضيض قبل التفجيرات ، وسيعمل ما في وسعه لدفع الفرنسيين للالتفاف حوله باعتبار أن البلاد تواجه ظرفا عصيبا، لا مكان فيه لتصفية الحسابات السياسية الداخلية. واليمين الكلاسيكي المنافس للحزب الاشتراكي، الغارق في مشاكل داخلية قد تؤدي لتفككه، سيحاول إظهار الاشتراكيين بمظهر العاجز الفاشل، ليس فقط على المستوى الاقتصادي إنما أيضا على مستوى توفير الأمن والأمان للفرنسيين. أما حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف فسيواصل تغريده خارج السرب، مصرا، لكي يرفع نسبة شعبيته المتزايدة أصلا، على أن سياسته المتمثلة في مناهضة هجرة الأجانب لفرنسا وطرد ما موجود منهم، هي السياسة الصائبة. وستواصل زعيمة الحزب، ماري لوبين، مناشدتها للفرنسيين: صوتوا لحزبنا في الانتخابات القادمة حتى نفوز و نتمكن من طرد الأجانب المنافسين لكم في لقمة عيشكم، فيتوفر لكم الأمان والرفاه الاقتصادي.


الآن جاء دور الشامتين، الأشقاء بالرضاعة للمؤامراتيين.

يقول الشامتون: تستأهل فرنسا ما أصابها. لتشرب فرنسا من كأس السم نفسه. أليست هي التي غيرت النظام في ليبيا وأخرجت من القمقم المتطرفين الإسلاميين هناك ؟ ألا تشارك فرنسا حاليا بإسقاط النظام السوري، ودعم المتطرفين الإسلاميين ؟ أليست فرنسا نفسها من قتل مليون جزائري ؟

و الاتهامات هنا صحيحة. وبالإمكان إضافة اتهامات أخرى هي أيضا صحيحة.
لكن، من أي زمن تم الربط بين الشعوب وحكوماتها ؟ و متى أصبحت الشعوب تُعاقَب بجريرة ما تقترفه الحكومات ؟
لمَ نحتج، ونحن نقبل المنطق الفاسد المشار إليه، أن يتهم الفرنسييون جميع العرب وجميع المسلمين بالإرهاب ؟

على أي حال، ردنا هو الأتي:

ساحة الجمهورية التي انطلقت منها تظاهرة الأحد العارمة، ومعها تظاهرات المدن الفرنسية الأخرى، المنددة بالعمليات الإرهابية التي أرتكبها عرب ومسلمون هي الساحة نفسها وهي المدن الفرنسية نفسها التي انطلقت منها أضخم تظاهرات تشهدها فرنسا في تاريخها عام 2003 لمنع الحرب الأميركية ضد العراق، ودفاعا عن الضحايا الأبرياء من العراقيين من تطالهم نيران الحرب. و مَن شارك في تظاهرات الأحد هم نفسهم الفرنسيون المتظاهرون عام 2003.
هل العراق بلد مسلم أم هو إسرائيل ؟ هل العراقيون يهود أم عرب ومسلمون ؟
أنعدد أمثلة أخرى لتعاطف الشعب الفرنسي مع قضايا العرب والمسلمين ؟
هل نشير لجموع الشابات والشباب الفرنسيين عندما كانوا يتوجهون لقطف الزيتون في فلسطين تضامنا مع الشعب الفلسطيني، والحماس الشعبي الفرنسي التضامني الفوار مع القضية الفلسطينية قبل أن تحدث الهجمات الإرهابية ضد برجي التجارة في أميركا وتفسد كل شيء ؟
هل نشير لمواقف سارتر وصحبه الشاجبة المؤيدة لاستقلال الجزائر ؟
هل نتحدث عن مَن شد الرحال من الفرنسيين إلى الجزائر أثناء ثورتها ليلتحق بصفوف جبهة التحرير الجزائرية ؟

هل نتحدث عن ما بات يعرف في فرنسا بحادثة- جليلي- عندما قُتل بباريس في 27 أكتوبر 1971 مراهق من عائلة جزائرية مهاجرة أسمه بن علي جليلي برصاص حارس بناية فرنسي، وكيف سارع كبار مثقفي فرنسا، سارتر وميشيل فوكو وجيل ديلوز وجان جينة وكلود مورياك وعشرات غيرهم لتأليف اللجنة والدفاع عن المهاجرين الأجانب ؟

ما أشرنا إليه من مواقف سابقة والتظاهرات الفرنسية ضد صحيفة شارلي ابدو تعتمد على موقف مبدأي واحد و منطق واحد وتفكير واحد: الحرية للجميع، وقضية الحريات واحدة لا تتجزأ.
إنها مواقف لا تخص الحكومات و لم تُولد البارحة. هي أرث عصور التنوير في فرنسا وغيرها. هي أفكار سبينوزا ولوك ونيوتن وتوماس جيفرسون وفولتير وعمانؤيل كانط وديدرو ومنتسكيو و روسو وهيوم وبيير بايل وعشرات غيرهم.

و رغم أنها أفكار أصبحت أرثا للبشرية لكنها غير قابلة للتصدير كما تُصدر أي سلعة. والشعب الفرنسي لا يريد، ولا غيرهم من شعوب الغرب تريد تصديرها إلينا. نحن من نطالبهم بالتخلي عنها. وهو أمر مستحيل. هل بمقدور إنسان أن يتخلى عن رئته التي يتنفس منها الهواء ؟

ثم، لمَ لا نخلق نحن العرب والمسلمون فلسفة تنويرية عصرية مماثلة، منطلقين من ومضات رائعة في تاريخنا ؟

أليس الشافعي مَن قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ؟

أليس علي بن أبي طالب مَن قال: يا مالك أن الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ؟

أليس علي بن أبي طالب هو مَن قال لجلسائه عندما مر به شيخ مكفوف البصر يسأل الناس الصدقة وعرف أنه مسيحي: استعملتموه حتى متى كبر وعجز منعتوه ! أنفقوا عليه من بيت المال ؟

حسنا، لمَ نعجز عن بناء أفكار تنويرية معاصرة استنادا لما عندنا من شواهد مضيئة، ونروح نرتكب أروع الجرائم بحق الغير، ثم نبررها أو نخفف من وطأتها ؟



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...
- شيعة الحياة وشيعة القبر
- هل أن أغنية لزهور حسين ، مثلا ، تُلهي عن ذكر الله ؟؟؟
- هل دخلت داعش مرحلة الموت السريري أم أن (الذئب) ما يزال ينتظر ...
- ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الح ...
- الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين
- ( الطيور الصفراء) : رواية أميركية عن الحرب الأميركية في العر ...
- هل يتحول البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي لإياد علاوي عا ...
- همس المدن أم صراخها ؟
- المثقف العراقي والانتخابات
- العلمانية بين التهريج السياسي والحقيقة
- الصكار ينهي رحلته ويعود ليتوسد تراب العراق
- ألصاق تهم المخمورين وزواج المثليين بمن يعارض من العراقيين !!
- رأيتم (قطر) المالكي لعد اعتزال الصدر، انتظروا كيف ( ينهمر ال ...
- خطاب مقتدى الصدر انتصار للدولة المدنية حتى وأن لم يعلن ذلك
- صورة المثقف في رواية دنى غالي ( منازل الوحشة)
- رواية (طشاري): لماذا أصبح العراقيون المسيحيون -طشاري ما له و ...
- ( هروب الموناليزا): توثيق لخراب الماضي وهلع من إعادة استنساخ ...
- الحزب الشيوعي في عراق ما بعد صدام حسين
- العنف ليس قدر العراقيين ولا مصيرهم الذي لا خلاص منه


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة في فرنسا