أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا سعيد موللا - ثورتنا والثورات العالمية















المزيد.....

ثورتنا والثورات العالمية


لينا سعيد موللا

الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



دروس حاضرة

ما حدث للثورة الفرنسية 1789 أنها انتقلت من يد الشعب الثائر لأجل الحرية والمساواة والاخاء، لتصادر على يد قائد عسكري نصب نفسه امبراطوراً. أراد لمنصبه ان يجمع السلطة والتوسع بما يليق بأمبراطور طامح، فبعد تدحرج الكثير من الرؤوس من أعلى المقصلة وصراع الأخوة الثوريين انشغلت فرنسا بحروب طويلة منهكة ومغامرات لتصنع الأمجاد لكنها في النهاية استسلم أمبراطورها ونفي .. بعد تلك الصدمة العنيفة، استعادت قوة الدفع الشعبي عنفوانها إثر فجاعة خسارة فرنسا في الحرب ومقتل ما يقارب نصف جنودها، أعادت الحكم لحضن الجمهورية وانتصرت مبادئ الثورة وأرست قيم الديمقراطية لكن هذا احتاج إلى الكثير من الدماء والتضحيات والزمن.

للثورة الروسية ضد القيصرية قصة أطول، فهي تمت على ثلاث مراحل بين عامي 1905 وتشرين 2 1917، وبدل ان تضع السلطة في يد مجالس العمال والفلاحين المنتخبة كما وعدت من قاموا بها، جيرتها ليد طبقة بيروقراطية جديدة، يقودها قيصر جديد لقب بالامين العام الحزبي يرتدي لباساً آخر أكثر معاصرة، ويتنعم بمزايا لا يطالها بقية أفراد الشعب، وأقيمت على شاكلته عشرات التماثيل وسميت باسمه أهم مرافق البلاد، وحكم حتى لحظة الممات ، وحنط بعد وفاته كما قدماء المصريين رمزاً لخلود الثورة التي اختزلها باسمه المتوهج الأحمر، كل هذا باسم الحزب الوحيد .

وكان لهذه المبادئ التي قامت عليها الثورة البولشفية تأثير رومانسي جميل في كل بلاد العالم لأنها نادت بالعدالة في توزيع الثروة، اما الشعب الذي بقي في غالبيته خارج أطر الحزب الفاعلة، فقد استنفر للتصدي للمؤامرة التي تتعرض لها الثورة، مما حدا بالاتحاد السوفييتي وسائر الأجرام التي تدور بفلكه ،لأن يغلقوا بلادهم بجدار حديدي، استمر طوال زمن الثورة، جدار تدفن خلف أسواره الكثير من الأخطاء الفادحة، جدار احتاج لسبعين سنة لكي يتخلخل من جديد ويهبط فجأة وكأنه لم يكن في لحظة ما .. وما يزال الطريق إلى مطالب الشعب بعيدة، وهي لن تتحقق إلا عندما يختنق الشعب نتيجة الفساد وقلة الموارد وانكشاف السرقات والامتيازات بشكل فاضح ومؤلم، حينها سيكون مضطراً لتصحيح المسار .

أما الثورة الايرانية التي حدثت في العام 1979 فهي عجزت عن نقل السلطة الى ملايين الشعب الذي هب من اجل حرياته ضد حكم الشاه الاستبدادي، إذ انتقلت لرجال دين الذين ركبوا الموجة واقاموا حكما قمعيا يتستر بالدين، يحصر السلطة بيد المرشد الاعلى غير المنتخب من الشعب والذي يملك من السلطات ما يحسده عليه كل من القيصر والأمبراطور سوية .
وباسم المقدس وتأثيره رضخ الشارع لقدر صور له أنه مشيئة السماء، ولالهائه عما قام لأجله، قامت إيران بمغامراتها العسكرية الخارجية بحجة تصدير الثورة الاسلامية، وأرادت أن ترسم لها دوراً يحفظ اعتراف العالم بشرعيتها، وهي ثورة ستفشل حالما يصل الشعب لدرجة اليأس إثر فقره وما يتعرض له من قمع، وكما بقية الشعوب سيهب في ثورة أخرى مستفيداً من تجارب الماضي لأن الذاكرة الشعبية تبقى صاحية لما ذاقته من مرارات، وبعض الدول المفيدة من طموحات آيات الله فإنها تحقنها بترياق يمنع انهيارهم لكن التريق لن يبق فاعلاً إلى زمن طويل .

الثورة السورية قامت هي الأخرى على الفساد والاستئثار بالحكم، على عائلة جمعت ثروة تقدر بأكثر من نصف ميزانيات البلاد المتعاقبة طوال فترة استيلائها على السلطة .

بدات سلمية نادت بالحرية والكرامة، لكنها تحولت إلى حمل السلاح كرد فعل على بربرية النظام في مواجهة المتظاهرين السلميين وهتك الأعراض المستمر و المشين الذي تعرضوا له.
وتابعت الثورة حراكها مستمدة من الشارع قوتها وتوازعت سلطاتها عبر التنسيقيات والمجالس المحلية كمؤسسات قيادية ابتكرها.

وهي مرحلة توقفت تماماً بعد إعلان جبهة النصرة عن تبنيها لاهداف منظمة القاعدة، أهداف يرفضها أغلب السوريين لأنها لم تكن يوماً تعبر عما أرادوه.

ولأن فكر القاعدة يكفّر الديمقراطية ويعتبرها مستوردة من الغرب الكافر. وتبعها تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي تسرب من العراق ليباشر احتلال ما تم تحريره من مناطق ثم ليعلن دولته الاسلامية المعادية للثورة.

فبينما كان هدف الثورة من ترحيل النظام استبداله بنظام ديمقراطي السيادة فيه للشعب ولقيادات منتخبة بشكل ديمقراطي حقيقي، كان اسقاط النظام بالنسبة للنصرة وداعش، وكتائب اخرى سورية اسلامية نشأت الى جانبها، لأجل اقامة دولة دينية تبشر بقمع باسم الدين يضاهي ما يفعله النظام.

وهكذا تم التوافق بين النظام وداعش على استئصال وقتل جميع أصحاب الرأي والمعارضين، والناشطين المدنيين، وتفريغ الساحة السورية من أي فكر ثوري حقيقي يدعو إلى مستقبل أفضل لكل السوريين، وهكذا غاب الاعتدال ليحل الموت . اندحر الأمل ليحل التشاؤم .

وخرج العمل العسكري عن الارادة الشعبية لأول مرة، بعد أن فقد حاضنته ... بعد أن ساهمت الفصائل المسلحة بارتكاب الكثير من الخروقات التي أساءت للثورة وللشعب الذي قام لأجلها، كما واستعمال هذا الشعب من قبلها لأن يكون مجرد سياج يحميه مما تسبب بدمار مهول بالمناطق السكنية وتشرد الكثير من أفراد الشعب مما زاد من الشعور بالظلم والأسى في غياب أي حل سياسي يلوح في الأفق .

أما القيادة السياسية للمعارضة فقد فقدت كل التقاليد الديمقراطية للتمثيل، وتناحرت فيما بينها في ولاءاتها وتمويلها واتهاماتها، فابتعدت عن الشارع الذي يفترض بها تمثيله، وفشلت فشلاً ذريعاً في التخفيف من معاناته التي يبحث عن مخرج منها، أو حتى بارقة أمل، وبدأ النزوح يشتد والمعاناة تزداد، وصار هذا الشعب كاليتيم يعاني الضيم من كل من حوله .

لقد اوضح انتقال المقاتلين من فصيل مقاتل لآخر عدم وجود أي وعي للمبادئ التي قامت عليها الثورة، إذ يبدو أن الولاء تحول للمال ولمن يدفع أكثر، وتحولت الثورة من ثورة مبادئ رائعة تقوم على التلاحم والمساواة إلى قيادة من مجموعة من المرتزقة والمهربين وشذاذ الآفاق .

ولكي تعود الثورة إلى سابق مجدها وبريقها في عيون من نادوا بها، يجب أن يعود الصوت للشارع بإعادة تركيب هذه المجالس في المناطق الآمنة في أن تقوم في مساعدة الأهالي وخلق فرص عمل تعيد الكرامات لمجتمع يعشق العمل والانتاج والحياة العصرية، أن يتم ذلك بمثابرة وحكمة بالتعاون مع الأشراف والوطنيين، وإعادة بناء جسور الثقة التي فقدت عبر العمل والنتائج الذي يحققه هذا العمل، فالكلام لا يفيد كما الوعود، ولا استجداء المقدس فلا شيء اليوم يغني عن العمل المنظم والصادق وتحقيق نتائج مشرفة على الأرض . لذلك بات لزاماً على المؤمنين بالمبادئ التي قامت عليها الثورة السورية التفرغ شبه التام، لرسم مشهد مشرق يعيد الأمل للسوريين .
يشترك في رسمه جميع الأبناء السوريين ممن يعبرون عن كافة توجهاته الفكرية والسياسية ، وأن تهدف هذه الصورة لارساء القيم المشتركة والتي تحظى بإجماع وطني، وأن تشكل قطيعة سياسية واجتماعية مع الماضي المكروه بما شابه من محسوبيات وإقطاع عسكري واقتصادي وفساد وضياع للحقوق والحريات، وأن ترفع من قيمة المواطن وتحد من منزلة الرئيس المستبد بأن تؤمن تداولاً حقيقياً للسلطة وديمقراطية وصحة تمثيل وقضاء نزيه وفاعل، ودستور حداثي يساهم في تنظيم العلاقة بين الشعب والدولة ويمنع هذه الدولة من التعسف والتغول بحق الفرد، سواء بالمصادرة أو الاستملاك أو تحت اي غاية، وأن تحترم كافة الحقوق الفردية وتسعى لحمايتها، ويكون لهذا الدستور قوة فاعلة وكلمة لا يعلى عليها .

يقال أن كل شيء طارئ على تقاليد شعب عرف بالتسامح واللهفة للغريب، لا بد أن يزول مهما كان قسرياً .. مهما كان دموياً ، لأن الارادة الجمعية تتغلب عليه وتحتويه، هذا ما سيكون عليه الحال في جميع حالات التشنج الطائفية المسعورة التي وفدت إلينا من جميع الجبهات، لكن انحسارها يحتاج إلى نشر الوعي، وإرادة جادة من كل الأطراف بإنهاء أزمة الثقة والعودة إلى الحوار، وهي قضية مرتبطة بإنهاك جميع الفرقاء وغياب حلول جدية في الأفق .

للأسف إن التاريخ ينعطف كما رأينا نتيجة شدة الألم والمعاناة، أثق أن الشعب السوري قد نال حصة وافرة منه، حصة ضاغطة على كافة الأطراف لكي تكون أكثر تعقلاً وإدراكاً أن مصائر الشعوب لا تأتي من الخارج وإنما تنبت من تربتها الوطنية، من إرادة ابنائها وعشقهم للخلاص .

قادمون

لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية



#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب داعش ومصالح الدول الكبرى
- عن المونديال والبرازيل وثورتنا
- في حماية سوريا القادمة
- هل يكفي أن يتغير لون الديكتاتور لكي نستكين ؟
- احتمالات الضربة من جديد 1
- احتمالات الضربة من جديد 2
- صراع حول تقاسم الارهاب
- للنصر حبكة وهدف
- ليس باكراً .. مرحلة ما بعد الأسد .
- التصعيد علىى الجبهة السورية
- صفحة أخرى مغايرة
- صراع الآلهة والخوف
- ماذا بعد يبرود ؟
- توضيحات لا بد منها
- نماذج مختلفة
- الحوادث الثلاث الفارقة
- صراع الرهانات ..
- منصب الرئاسة
- في مقارعة الثورة السورية
- البحث عن الاستقلال قبل الوحدة


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا سعيد موللا - ثورتنا والثورات العالمية