أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جورج حداد - روسيا: العدو الشرقي الأعظم للامبريالية الغربية















المزيد.....



روسيا: العدو الشرقي الأعظم للامبريالية الغربية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4685 - 2015 / 1 / 8 - 23:22
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ 2014 سنة ولد السيد المسيح في بيت لحم في فلسطين الكنعانية. فاستشاط اليهود والرومان غيظا وغضبا وهلعا، وقاموا بارتكاب مجزرة أطفال بيت لحم، توصلا الى قتل المسيح ـ الطفل. ولكن العائلة المقدسة فرت من فلسطين الى مصر، بمساعدة أبناء الشعب الفقراء، الفلسطينيين والمصريين، الذين اصبحوا كلهم مسيحيين، بعد ولادة المسيح، وقبل ذلك كانت نخبة منهم "مسيحيين" ينتظرون مجيء المسيح. وهذه النخبة هي التي أخفت العائلة المقدسة وانقذتها من قبضة السفاحين اليهود والرومان. ونجا الطفل يسوع. وأخيرا ظهرت الديانة المسيحية الاصلية ـ الشرقية، التي تبنتها جميع الشعوب الشرقية التي تألفت منها لاحقا الامة العربية.
المسيحية الشرقية
وقد ظهرت الديانة الشرقية على خلفية الصراع المصيري بين الشرق ممثلا في البداية بالاراميين (بمختلف تسمياتهم: كنعانيين، فينيقيين، سريان الخ) والاقباط، وبين الغرب ممثلا بالامبراطورية الرومانية وشركائها من اليهود ـ خونة الشرق التقليديين، الذين لم يتورعوا عن محاولة قتل يسوع ـ الطفل، واخيرا عن القبض على المسيح وإصدار الحكم اليهودي الديني عليه بالموت قبل تسليمه للرومان لصلبه، كما لم يتورعوا عن ان يسخروا بالسيد المسيح ويبصقوا عليه وهو يحمل صليبه في درب الآلام مساقا الى الموت على الصليب.
وخلال هذا الصراع تم تدمير قرطاجة تدميرا كاملا، وظهرت الحضارة الهيلينية (نتيجة التزاوج بين الحضارات الاغريقية والارامية والقبطية)، وظهر "الرواقيون" و"الاسينيون" و"المعمدانيون"، وأخيرا ظهرت المسيحية الشرقية والمسيحيون الاصليون ـ الشرقيون، بوصفهم طليعة الصراع ضد الغرب الاستعماري والخونة اليهود.
بوصلة التاريخ العالمي
ومع انه توجد تآريخ أخرى في العالم، ومع ان المسيحية، بعد ان اضطرت روما لتبنيها وتحولها الى "دين الدولة الرسمي"، تعرضت لتشويهات كثيرة على ايدي الرومان والبابوية ومحاكم التفتيش والصليبية والبروتستانتية والشهود ـ يهوهية والسبتية والمسيحية ـ الصهيونية الخ، فإن التأريخ الميلادي المسيحي اصبح يمثل بوصلة التاريخ العالمي على كل الأصعدة ولكل الأزمنة.
ولكن خلال الصراع بين الشرق المظلوم والغرب الاستعماري وحلفائه المباشرين و"الموضوعيين"، تحمل المسيحيون الشرقيون مظالم فوق طاقة البشر، خصوصا على ايدي "الأعراب" (الذين ادعوا الايمان بالرسالة الاسلامية والذين يلعنهم القرآن الكريم)، والصليبيين والمغول والتتار والمماليك والعثمانيين، الى ان اصبحوا "أقلية!" في الشرق العربي، بعد ان كانوا كل الشرق العربي، وحتى في فلسطين ("وطن" المسيح) التي كانت يوما ما كلها مسيحية، صارت نسبة المسيحيين فيها 1% او اقل او اكثر قليلا.
تراجيديا العرب واليونان
وبفعل تراجيديا الاحداث التاريخية الكبرى، ولا سيما سقوط القسطنطينية والاندلس (منارتي الحضارة الشرقية في القرون الوسطى)، ثم سقوط الشرق العربي كله في براثن الهمجية "المسيحية الصليبية" الآتية من الغرب، وحليفتها الهمجية "الإسلامية العثمانية" الاتية من الشرق، دخل الشرق العربي كله، مهد الحضارة الإنسانية، في حالة من "الكوما" ثم الانحطاط الحضاريين.
ظهور المسيحية الروسية
وبحكم الضرورة التاريخية، انتقل مركز الثقل الشرقي في الصراع ضد الهمجية عموما والاستعمار الغربي خصوصا، من الشرق العربي الى الشرق الروسي.
واستطاع الروس، رافعين راية المسيحية الشرقية ـ الارثوذوكسية، تحطيم المملكة اليهودية (الخزرية) والغزوات المغولية والتتارية والشركسية والعثمانية والصليبية الشمالية (الكاثوليك: الجرمان والليتوانيين والسويديين والبولونيين وغيرهم).
ومنذ ان تبنى المجتمع الروسي المسيحية الشرقية ـ الارثوذوكسية في نهاية القرن العاشر، فإن روسيا أصبحت تمثل خط الدفاع الأساسي وقلب الهجوم الرئيسي، للشرق، في الصراع ضد الغرب الاستعماري.
محورا الصراع العالمي
ومنذ مئات السنين والصراعات الدولية تدور حول محورين رئيسيين:
الأول ـ استمرار السيطرة على الشرق العربي ـ الإسلامي، كشرط لاستمرار السيطرة الاستعمارية على بقية المناطق التابعة وشبه المستعمرة والمستعمرة في العالم.
والثاني ـ محاصرة روسيا ومحاولة غزوها والسيطرة عليها، كشرط لاستكمال وتأبيد الهيمنة الامبريالية عامة، والأميركية ـ اليهودية خاصة، على العالم.

روسيا المسيحية الشرقية تسحق جميع الغزاة
وطوال اكثر من الف سنة استطاعت روسيا صد وسحق جميع الغزاة. ومنذ الإمبراطورية الرومانية الى اليوم لم يستطع أي استعمار غربي السيطرة على روسيا والاستقرار فيها، حتى بعد ان خان البولونيون اصلهم السلافي وانشقوا عن الروس وانضموا الى البابوية والصليبيين الشماليين وقاتلوا ضد إخوانهم الروس. ولذلك ظلت روسيا طوال تاريخها تمثل لا شوكة قاسية بل رمحا شرقيا صلبا في خاصرة النظام الاستعماري الغربي بأسره. وهذا ما يفسر الحقد الشديد، اليهودي والبابوي والاوروبي والأميركي، على روسيا.
النكسة الروسية والرعب الغربي من الشبح الروسي
وفي الربع الأخير من القرن العشرين، في الظروف القاسية للحرب على السوفيات في أفغانستان، وانهيار المنظومة السوفياتية في أوروبا الشرقية، ثم انهيار الاتحاد السوفياتي ذاته، ثم قصف البرلمان الروسي وصعود يلتسين الى السلطة بقوة الدبابات وبدعم أميركي ـ غربي شديد، ثم الحرب الشيشانية التي كان يمولها شيوخ النفط العرب من جهة، والاوليغارشية المليارديرية اليهود كبوريس بيريزوفسكي وغيره من جهة ثانية، والسيطرة الفعلية لهؤلاء الاوليغارشية على قطاع المال والاقتصاد والاعلام والسلطة السياسية في روسيا بزعامة الخائن بوريس يلتسين، وكارثة انفجار مفاعل تشيرنوبل وكارثة غرق الغواصة النووية كورسك (وهما كارثتان توجد شكوك كبيرة بانهما من فعل فاعل)، ـ في هذه الظروف الصعبة للغاية التي مرت بها روسيا، اتيحت الفرصة للجيوش الغربية ان تقتحم روسيا بحجة حماية الشيشان وحقوق الانسان وتجنب الكوارث النووية، او غيرها من الحجج، كما فعلوا في صربيا التي هاجمها الناتو جوا سنة 1999.
ولكن القيادات السياسية، وخصوصا العسكرية، الأميركية والغربية عامة، ترددت تماما في مهاجمة روسيا عسكريا واحتلال أراضيها، أولا لانهم صاروا يعتقدون ان روسيا سقطت نهائيا في قبضتهم من الداخل بواسطة الاوليغارشية اليهود، وثانيا لان جميع الستراتيجيين الغربيين يؤمنون في قرارة نفوسهم بما قاله نابوليون يوما بأن "الروس لا يُغلبون"، وانه فيما لو هوجمت روسيا عسكريا، فإن الروس "المهزومين" انفسهم سينهضون من جديد، وسيسحقون الغزاة، وان الأرض ستنشق على بعد عشرات الاف الكيلومترات، في اميركا بالذات، وسيخرج منها الروس ليحولوا مقرات السي آي ايه والبنتاغون والبيت الأبيض الى انقاض والى مقابر لمن فيها.
مشروع بريجينسكي
ولكن هذا لا يمنع من التأكيد ان روسيا، في ما يسمى "مرحلة التحول الدمقراطي"، في نهاية القرن الماضي، أصيبت بنكسة هائلة على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وبدأ حتى الانهيار الدمغرافي، ونقص عدد السكان ما لا يقل عن 10 ملايين نسمة في غضون سنوات قليلة، واصبح مطروحا للبحث العملي اقتراح الكانيبال (آكل لحوم البشر) سبيغنيو بريجينسكي بأنه ينبغي تخفيض عدد سكان روسيا الى 50 مليونا حتى يمكن السيطرة عليها.
ظهور "البوتينية"
وبعد إزاحة الخائن بوريس يلتسين وطاقمه عن السلطة في نهاية عام 1999، توجب على روسيا، في ما يمكن تسميته مجازا وجدلا "مرحلة البوتينية"، ان تقضي سنوات في عملية وقف النزف وتضميد ولأم الجراح الثخينة التي أصيبت بها.
وقد تولى الرئيس فلاديمير بوتين مركز رئاسة الجمهورية فترتين انتخابيتين (2000 ـ 2004) و (2004 ـ 2008). ومن (2008 ـ 2012) انتخب دميتريي ميدفيدييف لرئاسة الجمهورية، وشغل فلاديمير بوتين مركز رئاسة الوزراء في الفترة ذاتها. وفي 2008 جرى تعديل الدستور، ومددت فترة الرئاسة من 4 الى 6 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. على ان يبدأ تطبيق هذا التعديل سنة 2012. وفي سنة 2012 تم انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين لفترة ست سنوات تنتهي سنة 2018، وترجح غالبية المراقبين ان يتم انتخاب الرئيس بوتين مرة جديدة حتى سنة 2024.
فشل لعبة "الثورة الملونة" في روسيا
وخلال هذه "المرحلة البوتينية" حاولت آلة البروباغندا الغربية وامتداداتها الروسية ان تلعب في روسيا أيضا لعبة "الثورات الملونة":
ـ إطلاق بعض المظاهرات المأجورة، وافتعال بعض المصادمات مع رجال الشرطة في أماكن حساسة (كساحة عامة او امام البرلمان الخ) وتسليط الأضواء إعلاميا على نطاق واسع خصوصا عالمي لتصوير الأمور وكأنه "قامت القيامة" ضد الحكم الفردي والدكتاتورية في روسيا الخ.
ـ افتعال سيناريوهات "فنية" مدروسة، كقيام راقصة ستريبتيز او مغنية مغمورة تغني بأردافها باطلاق أغنية سخرية بالرئيس. فاذا تم توقيف المغنية او الراقصة واحالتها الى المحكمة بموجب القانون، تتجند عشرات القنوات والصحف اليهودية والإعلاميون المأجورون لتسليط الأضواء على تلك المغنية او الراقصة وتحويلها الى بطلة او شهيدة او "جان دارك" عصرها.
وغير ذلك من المهازل والسيناريوهات الهادفة الى الهاء الرأي العام بقضايا قشورية تافهة، مما تبرع فيه أجهزة "صناعة الرأي العام" المتخصصة في الغرب.
ولكن السلطة البوتينية لم تؤخذ بهذه الالاعيب "الدمقراطية" الأميركية، وتعاملت معها بجدية وحزم بطريقة "يعرف فيها كل امرئ حده ويقف عنده"؛ وفي الوقت ذاته أعطت الاهتمام الكافي للاعلام واطلقت الحرية للصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة لمناقشة جميع القضايا الجوهرية التي تتعلق بأوضاع الدولة والمجتمع، ودأب الرئيس بوتين شخصيا (كما غيره من المسؤولين) على عقد مؤتمرات صحفية دورية مفتوحة يرد فيها على الهواء مباشرة على جميع الأسئلة المطروحة، حتى من قبل المواطنين الذين لا يفصحون عن هوياتهم.
معركة إعادة بناء الدولة
وتبخرت جميع محاولات اثارة "ثورة ملونة" في روسيا كفقاعة صابون. وخلافا لاي انطباع سطحي آخر، فقد كانت "المرحلة البوتينية" حتى سنة 2014 مرحلة معركة جدية لاعادة بناء الدولة الروسية بوصفها الدولة العظمى الأولى التي تجند كل امكانياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والحضارية والفكرية والدينية، لكسر نظام الهيمنة الامبريالية العالمية، ولبناء نظام عالمي نوعي جديد، يقوم على التعددية الحضارية، والامن العسكري والاجتماعي والاقتصادي والبيئوي، والحرية الفكرية والدينية، والتآخي والتفاعل الخلاق بين جميع الشعوب والقوميات والمجموعات القومية والاتنية والثقافية في العالم، الصغيرة والكبيرة.
وكي تستطيع روسيا الاضطلاع بهذا الدور الاممي الكبير، فهي لا تنطلق من امنيات معلقة في الهواء، بل تنطلق من مساحتها الجغرافية الهائلة، وكونها الجسر الأساسي الذي يربط بين أوروبا واسيا والعالم، ويربط أوروبا باوروبا، واسيا باسيا، وأوروبا واسيا بالعالم، حيث لا أوروبا بدون روسيا، ولا اسيا بدون روسيا، ولا عالم بدون روسيا، وتنطلق من ارضها الصعبة الى اقصى الصعوبة والغنية الى اقصى الغنى، وتنطلق من شعبها الكادح والمتواضع والجبار الذي قهر جميع الغزاة وطوّع القطب المتجمد الشمالي وراد الفضاء، وتنطلق من تراثها العريق المسيحي الشرقي ـ الأرثوذوكسي والإنساني والاشتراكي والكفاح المرير ضد جميع اشكال العبودية والقنانة واليهودية والصليبية والعثمانية والعنصرية والغزو والاستعمار والنازية، من الإمبراطورية الرومانية الى حلف الناتو.
إنجازات المرحلة الأولى للبوتينية
وخلال هذه الفترة، القصيرة في عمر الزمن، أمكن تحقيق الإنجازات التالية على صعيد وقف النزف وإعادة بناء الدولة:
أ ـ تكوين فريق عمل حول فلاديمير بوتين، لتحقيق مشروع إعادة بناء الدولة وتطويرها، الى درجة لم يعد من المبالغة الحديث عن ظاهرة "البوتينية" او "الحزب البوتيني".
ب ـ سد الهوة العميقة في القوات المسلحة الروسية، المكرسة منذ عهد خائن الشيوعية الأكبر يوسف دجوغاشفيلي (ستالين) الذي، بعد ان اشرف على اغتيال لينين، وجه كل همه نحو القضاء على الجيش الأحمر وضباطه الشرفاء والواعين. وبالرغم من وجود الكثير من الكوادر المخلصة في جهاز المخابرات السوفياتية، ركز ستالين وازلامه قوتهم في جهاز المخابرات، وخاضوا معركتهم ضد الجيش الأحمر انطلاقا من جهاز المخابرات. وقد وسم الصراع بين كوادر الجيش وقوات وزارة الداخلية بطابعه كل المرحلة السوفياتية السابقة. وجاءت "المرحلة البوتينية" لتضع حدا نهائيا لهذا الانقسام.
ج ـ تحريك عجلة المجمع الصناعي ـ الحربي. وقد قال الرئيس بوتين في احدى الندوات الاقتصادية ان انهاض المجمع الصناعي ـ الحربي هو محور إعادة انهاض الاقتصاد الوطني من الصناعة الثقيلة الى الصناعة الخفيفة الى الزارعة الى التجارة والقطاع المالي. ويمسك زمام المجمع الصناعي ـ الحربي الان احد اقوى رجال المرحلة البوتينية وهو دميتريي روغوزين.
د ـ كانت الاوليغارشية اليهودية في عهد يلتسين قد سيطرت تماما على قطاع المال والاعلام والتجارة وسياسة الدولة، مستفيدة من انتشار الفساد والافساد وتحريك النزاعات الاتنية والدينية والعمليات الإرهابية "الاسلاموية". وقد تولى الملياردير اليهودي بوريس بيريزوفسكي تمويل ودعم التمرد الشيشاني. وكشف القائد الشيوعي السابق ورئيس البرلمان الروسي لدى قصفه من قبل يلتسين في 1993، رسلان حسباللاتوف (الشيشاني الاصل)، ان جوهر دودايف الذي قاد بدايات التمرد الشيشاني كان جنرالا في الجيش السوفياتي وزوجته روسية، وانه ذهب الى الشيشان لقيادة التمرد "الاسلاموي" بأوامر رسمية من مجموعة متآمرة في موسكو بالذات، وان قوات المتمردين الشيشان كانت تتلقى الأسلحة من المصادر ذاتها التي كانت القوات الروسية تتلقى منها الأسلحة، مع فارق ان القنابل التي كانت تتلقاها القوات الشيشانية المتمردة كانت صالحة وتنفجر. ولكن القنابل التي كانت تتلقاها القوات الروسية كانت فاسدة ولا تنفجر.
وقد خاض "البوتينيون" معركة شرسة جدا ضد الاوليغارشية والمليارديرية اليهود واذنابهم من رجال السياسة والمال والاعلام المباعين والخونة الروس. وطبعا تم ارسال البعض الى "العالم الاخر" (ولكن بأيدي "مجهولين" طبعا). كما تم اعتقال عشرات الالاف من الفاسدين وتجار المخدرات والمتهربين من دفع الضرائب، وكان على رأس الموقوفين اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي الذي كان "امبراطورا ماليا" حقيقيا (كان رأسمال شركته النفطية "يوكوس" 800 مليار دولار) ولم يكن يلتسين اكثر من خادم او "أوفيس بوي" عنده. وسجن "الامبراطور" خودوركوفسكي وقدم للمحاكمة، وصدر ضده حكمان بالسجن كل منهما 20 سنة سجن. كما سحقت المافيا الشيشانية التي كانت في وقت من الأوقات اشبه بدولة داخل الدولة في موسكو، ولم يكن المواطنون الروس يجرؤون على دخول الحي الشيشاني في موسكو خوفا من تلك المافيا. وفر عشرات المليارديرية اليهود الى الخارج، وابرزهم بوريس بيريزوفسكي الذي فر الى بريطانيا، واغلبهم فروا الى إسرائيل وهربوا أموالهم اليها وحصلوا طبعا على جنسيتها.
هـ ـ وتم أخيرا وقف التدهور الدمغرافي عن طريق مكافحة البطالة ورفع مستوى المعيشة للحد من الهجرة، وتحسين المعاشات التقاعدية والخدمات الصحية للحد من الوفيات، وتشديد مكافحة المخدرات والمشروبات المغشوشة، وتحسين رعاية الامومة وتشجيع الانجاب وتأسيس العائلات الجديدة.
و ـ صدر في السنة المنصرمة قانون يفرض على جميع المتمولين الروس والشركات الروسية في الخارج (اوف شور او غير اوف شور) ان تدفع الضرائب للدولة الروسية والا... وهكذا بدأ المتمولون الذين هربوا أموال الشعب الروسي يدفعون الضرائب عن أموالهم في الخارج او يعيدون تلك الأموال الى روسيا خوفا من العواقب.
ز ـ أعيد نفض الغبار وإزالة الشحوم عن "الدببة" او الطائرات الستراتيجية القديمة والصواريخ الباليستية عابرة القارات القديمة، والغواصات بعيدة المدى القديمة، واعيد تجهيزها بالقنابل النووية القديمة، وتوجيهها من جديد نحو جميع القواعد والاساطيل الحربية وعواصم جميع الدول الغربية والصديقة للغرب والمعادية لروسيا، من اجل خلق الأجواء المناسبة للمباحثات المتبادلة، السلمية والاقتصادية والثقافية، مع الغرب الشيطاني، الذي ـ منذ عهد "جمهورية روما" وقياصرتها وباباواتها ـ لا يفهم الا بلغة القوة.
ح ـ بعد الامساك بزمام الوضع الأمني والمالي والإعلامي طرحت "المرحلة البوتينية" برنامجا جريئا ينتهي سنة 2020، لتحديث الجيش وإعادة بنائه على الأسس التالية:
أولا ـ اعتبار روسيا، في الظروف الدولية السائدة، في حالة خطر حرب وعدوان دائمة، والاستعداد الكامل والشامل لرد هذا الخطر، وعدم انتظار تلقي الضربة الأولى، كما جرى في الحرب العالمية الثانية، بل ان تكون الضربة الأولى لروسيا، وذلك عن طريق الكشف المسبق للتحرك الفعلي لاي عدو لتوجيه الضربة الأولى الى روسيا، وارسال هذا العدو فورا الى جهنم وبئس المصير، وان يلحق به كل من يظهر ادنى بادرة للتضامن معه او الدفاع عنه. وبناء على ذلك، اعتبار كل الأراضي الروسية معسكرا حربيا واسعا، او منطقة عسكرية واحدة، مقسمة الى قطاعات عسكرية، لكل قطاع جيوشه واسلحته ومهمات الدفاعية والهجومية والتاكتيكية والستراتيجية وهيئة أركانها الخاصة، وتخضع كلها لهيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة الممثلة في رئاسة الجمهورية التي تحوز وحدها حقيبة مفاتيح أسلحة الدمار الشامل ويعود لها وحدها التقرير بشأنها.
الجيش الروسي الجديد
ثانيا ـ الشروع في تقسيم الجيش الروسي الى جيشين:
الجيش الأول، ويمكن تسميته "الجيش الوطني" او "الجيش الشعبي"، هو الجيش التقليدي الذي يتألف أساسا من "المجندين" او ما يسمى "خدمة العلم" او "الخدمة العسكرية"، التي يؤديها كل مواطن. وطبعا يقود هذا الجيش ضباط واختصاصيون محترفون مقيدون بعقود خاصة وليس بفترة "الخدمة العسكرية" المحددة. وينتشر هذا الجيش على كامل الأراضي الروسية ضمن القطاعات العسكرية المحددة. وبعد انهاء فترة "الخدمة العسكرية" يعتبر المسرحون تحت الخدمة الفعلية لدى كل استنفار، حتى بلوغهم السن القانونية المحددة. وفي جميع المناورات التدريبية الواسعة التي يجريها الجيش باستمرار في جميع القطاعات، يجري أيضا استنفار قوات الاحتياط (أي المسرحين) واختبار أداء الدقة والسرعة في تنفيذ الاستنفار، والعمل لتحسين هذا الأداء في المناورات التالية.
والجيش الثاني ـ وهو قلب الجيش الروسي واساسه والقوة الضاربة الرئيسية فيه ـ هو جيش محترف محدود العدد حسب مقتضيات الحاجة (250 الفا مثلا)، مؤلل بالكامل والكتروني ـ علمي بالكامل، مؤلف من علماء في الالكترونيات والأشعة والذرة والفضاء والفيزياء الكونية وقاع المحيطات والطبقات الجوية والكيمياء والبيولوجيا والموجات الصوتية والمغناطيس والرادار وغير ذلك من الفروع العلمية، وقادر على استخدام جميع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية الحالية واجتراح واستخدام أسلحة جديدة، كافتعال زلازل مصطنعة واصطناع تسوناميات بحرية، واصطناع اعاصير وموجات صقيعية وموجات حرارية عالية جدا وتعطيل شبكات الاتصال وشبكات الكهرباء وشبكات الرادار واسقاط الطائرات والصواريخ بتفريغ الهواء من حولها الخ، وان يكون هذا الجيش قادرا، لوحده او بالتعاون مع "الجيش الوطني"، ان يخوض في الوقت ذاته حربا (وان يضرب في الوقت ذاته أهدافا ـ كما حدد الرئيس بوتين) في الفضاء وفي الجو وفي البر وعلى سطح البحر وفي أعماق البحار.
المجتمع الدولي البديل
ح ـ خلال "المرحلة البوتينية" تحركت روسيا بنشاط على الجبهة السياسية والاقتصادية والامنية الخارجية. ونجحت في تأسيس "منظمات بديلة" سيكون لها قريبا الكلمة الأهم في تقرير مصير السياسة الدولية ومصير العالم. ومنها بالاخص: مجموعة بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا)؛ مجموعة شنغهاي (الصين، روسيا، كازاخستان، قيرغيزستان وطاجيكستان)؛ الاتحاد الجمركي الاوراسي (روسيا، بيلاروسيا وكازاخستان)؛ وتطرح الان روسيا انشاء "الكونفدرالية الروسية" (روسيا، بيلاروسيا، اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا اللتان انفصلتا مؤخرا عن جورجيا).
إنجازات سنة 2014
بيريزوفسكي مات نادما
ـ1ـ في سنة 2013 كان قد مات في منزله في لندن بوريس بيريزوفسكي احد ابرز الاوليغارشية اليهود الروس المعادين لروسيا. وتقول انباء ان ميتته كانت طبيعية. وتقول انباء أخرى انه انتحر. ورجح بعض الصحفيين انه تم اغتياله من قبل الأجهزة السرية الروسية. ويقول الناطق الصحفي باسم الرئاسة الروسية ان بيريزوفسكي قبل موته بأشهر ارسل رسالة ندم الى الرئيس بوتين طالبا العودة الى روسيا. ولا يعلق الناطق الصحفي عما اذا كان بوتين رد عليه ام لا.
"العفو" عن خودوركوفسكي
وفي سنة 2014 اصدر الرئيس بوتين عفوا خاصا عن الملياردير اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي الذي كان يقضي حكما بالسجن لمدة 20 سنة، بعد ان ارسل رسالة استرحام الى الرئيس لان والدته في حالة المرض الشديد. وتؤكد انباء صحفية ان الافراج عن خودوركوفسكي تم بناء لصفقة روسية ـ المانية. وصرح بوتين انه يحق لخودوركوفسكي ان يعمل في السياسة وان يكون معارضا، ولكن لا يحق له ان يعمل ضد روسيا. وقد سافر خودوركوفسكي للإقامة في المانيا، التي أصبحت بفضل أنبوب غاز "السيل الشمالي" موزعا رئيسيا للغاز الروسي في أوروبا الغربية. وهناك تقديرات بأن خودوركوفسكي سيجمع أمواله التي استطاع تهريبها الى الخارج قبل اعتقاله في روسيا، وسيتعاون مع الالمان في توزيع الغاز الروسي.
ويقول بعض المراقبين ان الموت الغامض لبيريزوفسكي والافراج عن خودوركوفسكي له المدلولات الآتية:
أولا ـ انتهاء جولة صراع بين الاوليغارشية اليهودية الروسية وبين الدولة الروسية، لصالح الدولة الروسية.
ثانيا ـ تهديد صارم لكل شخصيات الاوليغارشية اليهودية.
ثالثا ـ اتاحة الفرصة لرجال الاوليغارشية اليهودية وغير اليهودية للعمل الاقتصادي لصالح الدولة الروسية وليس ضدها.
نظام الرقابة الفضائية ــ الجوية الشاملة
ـ2ـ من ضمن برنامجها العسكري الشامل الذي تعمل على تطويره منذ سنوات أعلنت روسيا، بلسان وزير الدفاع سيرغيي شويغو، عن التوصل الى تحقيق ما سمي "النظام الفضائي الموحد" “single space system” ومختصره (SSS) ومهمته مراقبة الفضاء المحيط بالكوكب الأرضي وكل ما يطير ويتحرك في الجو الأرضي وفك شيفرته ومعرفة توجهه ومن اين جاء وهدفه وحمولته وقدرته التدميرية التقريبية وسرعته والإبلاغ الفوري عنه لضربه قبل الوصول الى هدفه. وهذا يشمل الصواريخ الباليستية والصورايخ المجنحة والصواريخ المضادة للصواريخ والطائرات والطائرات بدون طيار والهيليكوبترات. وهكذا اصبح نظام الدرع الصاروخية الأميركي والناتوي والإسرائيلي في منزلة الصفر، وأصبحت روسيا قادرة على توجيه الضربة الأولى لاي عدو بدون ان تكون هي المعتدية لانه اصبح بالإمكان كشف الصاروخ الموجه ضدها وكشف هدفه ومصدره ومن ثم اسقاطه وضرب مصدره في وقت واحد. كما اصبح بالإمكان عدم التعرض للمفاجآت وكشف وضرب صاروخ آت من الفضاء الخارجي وكشف وضرب مصدره، وفي الوقت ذاته كشف وضرب صاروخ خارج من أعماق البحار او من منصة متحركة او من صومعة أرضية او من طائرة ستراتيجية وكشف وضرب المصادر في الوقت ذاته. ويبلغ النظام معلوماته الى رئاسة الأركان ورئاسة الجمهورية لحظة بلحظة، وعلى القيادة تقرير طبيعة ومدى الجواب الذي ينفذ فورا.
وقد بدأ العمل على تحقيق هذا النظام سنة 2011، ودخل في الخدمة الفعلية سنة 2014. ويجري العمل على تطويره باستمرار بهدف الحماية التامة لروسيا من خطر الضربة الأولى، والمبادرة الى توجيه الضربة الأولى من قبل روسيا ضد كل من يتحرك لتوجيه الضربة الأولى لروسيا، ضد أي عدو او عدة أعداء في وقت واحد ومتابعة الضربات بشكل ساحق ماحق في الفضاء والجو وعلى سطح الأرض وفي باطن البحار.
القبضة الصاروخية ـ النووية على الكوكب الارضي
ـ3ـ من بين عدة أنواع من الصواريخ النووية الباليستية عابرة القارات تملكها القوات المسلحة الروسية، قررت القيادة الروسية ان يتم الانتقال تدريجيا لاعتماد صاروخ "بولافا" النووي الباليستي عابر القارات، بوصفه الصاروخ الرئيسي في القوات المسلحة الروسية. ومنذ سنة 2005 بدأ العمل باتجاهين هما: تكييف هذا الصاروخ لاطلاقه من غواصة خاصة به، وتكييف غواصة نووية لاطلاق هذا الصاروخ المكيف. ومنذ سنة 2005 جرت عشرات التجارب لتحقيق هذا الهدف الستراتيجي. وفي أيلول 2014 أعلنت القيادة الروسية النجاح التام لتجربة اطلاق صاروخ بولافا المكيف من غواصة خاصة به باسم الكسندر نيفسكي من قاع بحر بارينتس، وسقط الصاروخ في البقعة المحددة تماما له في جزيرة كامتشاكا في الشرق الأقصى على بعد الاف الكيلومترات. وانه قد بدأ الإنتاج السلسلي لصواريخ "بولافا" المكيفة والغواصات الخاصة بها. ويبلغ طول الصاروخ ما لا يقل عن 12 مترا، ويبلغ مداه المضبوط 8 الاف كيلومتر، وتحمل كل غواصة ما لا يقل عن 16 صاروخا، ويحمل كل صاروخ ما بين 6 ـ 10 رؤوس نووية، كل رأس هو موجه ذاتيا ويتجه الى هدف مختلف، ويغير الرأس اتجاهه خلال الطيران، تبعا للاوامر الالكترونية التي يتلقاها. وتبلغ القوة التفجيرية للرؤوس النووية ما بين 100 ـ 150 كيلوطن (القنبلة الذرية الأميركية التي دمرت مدينة هيروشيما اليابانية سنة 1945 بلغت قوتها التفجيرية 20 كيلوطن).
ماذا يعني انتاج سلسلة غواصات تسير بالوقود النووي (أي لا تحتاج لتغيير الوقود لسنوات) مخصصة لحمل صواريخ "بولافا" الباليستية عابرة القارات، التي يحمل كل منها على الأقل 6 رؤوس نووية مسيّرة ذاتيا نحو اهداف معادية مختلفة؟
هذا يعني ببساطة ان الكرة الأرضية، بكل خطوط الطول والعرض، أصبحت في القبضة النووية الروسية، بواسطة نظام نووي صاروخي ـ غواصاتي ايضا.
اذ اصبح بامكان القيادة الروسية المختصة غير محتاجة لوجود قواعد او مرافئ أرضية للغواصات، ونشر شبكة من الغواصات النووية الحاملة لصواريخ "بولافا" النووية الباليستية وعابرة القارات، وتربيضها و"إخفائها" في أعماق جميع البحار والمحيطات الدافئة والباردة والمتجمدة، في جميع القارات، دون الحاجة للتزود بالوقود لسنوات. وتنظيم شبكة رديفة من سفن النقل الحربية المختصة، وحاملات طائرات الهليكوبتر الحربية ـ النقلية المختصة، لتغيير الطواقم البشرية للغواصات المعنية، ولنقل المؤن والمأكولات ومياه الشرب لها، ولاخلاء المرضى والجرحى والمصابين في حال أي اشتباك، دون ان تبرح الغواصات مواقعها المخصصة، حيث تنتظر الأوامر بالضرب، حسب الخطط المعدة سلفا او المعدلة عند اللزوم.
الكتلة الغربية سقطت في الحفرة التي حفرتها في اوكرانيا
ـ4ـ على اثر الانقلاب الذي نفذته المجموعات الفاشستية الموالية لاميركا والناتو في كييف في 22 شباط 2014، واقتحام البرلمان بعد قتل عشرات رجال الامن الذين لم يكن يحق لهم استخدام السلاح ضد "المعارضة الدمقراطية"، وتوجيه البنادق الى رؤوس النواب لـ"اقناعهم" باتخاذ قرارات "دمقراطية" معادية لروسيا وللروس والناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا، والذين يمثلون اكثر من 40% من الشعب الاوكراني، ومن ثم الشروع في مهاجمة بيوت الروس واحراقها في غرب أوكرانيا وصيد المواطنين الروس في الشوارع وتحطيم رؤوسهم وعظامهم بهراوات البيسبول "السلمية" ودوسهم وركلهم وتركهم يموتون نزفا ومنع سيارات الإسعاف من الوصول اليهم، وتصاعد الصيحات الهستيرية للمجموعات الفاشو ـ دمقراطية، المطالبة بالانضمام الى الناتو ومهاجمة روسيا، اضطرت روسيا لحشد بعض قوات الدفاع عن الحدود البرية والجوية بالإضافة الى اسطول البحر الأسود الروسي الموجود تاريخيا في سيباستوبول بشبه جزيرة القرم، وقامت بمناورات عسكرية برية ـ بحرية ـ جوية ذات طابع دفاعي وهجومي وقائي. وخلال المناورات قامت السفن الحربية الروسية بمواجهة السفن الأميركية والناتوية الموجودة في البحر الأسود وتوجيه المدافع والصواريخ نحوها، كما قامت بعض الطائرات الروسية بالعاب بهلوانية فوق السفن الحربية الأميركية لـ"تسلية" بحارة وضباط تلك السفن الذين شابت رؤوس بعضهم من الخوف، كما قامت الطائرات الستراتيجية النووية الروسية بالتحليق على خط الحدود الجوية لاوكرانيا وبمحاكاة عمليات هجومية ضد جميع الأراضي الأوكرانية. فتعالت صيحات المجموعات الفاشو ـ دمقراطية الأوكرانية بأن روسيا "تعتدي" على السيادة الأوكرانية، ولكن اميركا وجميع دول الناتو وقيادته لم تجرؤ على ارسال برقية احتجاج واحدة على المناورات الروسية، واكتفت بالتصريح باستنكارها لحشد القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا. وقد انسحبت القوات الروسية فعلا، ولكن عمال المناجم وطلاب المدارس وربات البيوت والمتقاعدين في شبه جزيرة القرم وجنوب وشرق أوكرانيا حملوا المجارف والمعاول والعصي وحتى المكانس وطوقوا ثكنات الجيش الاوكراني والسفن الحربية الأوكرانية، وطلبوا من الجنود والضباط الصغار والكبار اما الانضمام الى جماهير المنطقة من الروس والناطقين بالروسية واما الرحيل بسلام وترك جميع الأسلحة مكانها. وقد انضم قسم كبير جدا من الجنود والضباط الاوكرانيين، بمن فيهم اميرال الاسطول الاوكراني في البحر الأسود، انضموا الى جماهير المنطقة. وتم تشكيل فرق الدفاع الشعبي الذاتي، وتم الاستفتاء في شبه جزيرة القرم للانضمام (او العودة) الى روسيا، وهو ما حصل، وتم الاستفتاء في شرق وجنوب أوكرانيا للاستقلال عن أوكرانيا وتشكيل ما سمي "نوفوروسيا" (روسيا الجديدة) في منطقة الدونباس (دونيتسك ولوغانسك) التي أصبحت محررة فعلا، وان كانت لا تزال تتعرض للعدوان من قبل المجموعات الفاشستية الأوكرانية والجيش الانقلابي الاوكراني الذي تم "فرز" وتسريح الروس والناطقين بالروسية منه.
ومع ان الازمة الاكرانية لا تزال بعيدة الحل، وفي رأيي المتواضع هي لن تحل الا بتصحيح الخطأ التاريخي في انشاء الدولة الأوكرانية بعد الحرب العالمية الأولى، والعودة لضمها الى روسيا، ـ ومع ذلك فإن التطورات التي حدثت سنة 2014 في أوكرانيا ولا سيما إعادة القرم الى روسيا، هو انتصار كبير للدبلوماسية الروسية وفشل ذريع لسياسة الهيمنة العالمية لاميركا، التي ربما ادركت عن قناعة واقعية وربما اضطرت للسكوت، لانها رأت انه من الصعب والخطر المصيري عليها تحدي روسيا، ولا سيما في حدودها القريبة.
وما جرى في أوكرانيا هذه السنة سيكون مقدمة لما سيجري في كل الدول المحيطة بروسيا والتي عمّرها ويقطنها قسم كبير من السكان الروس بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.
اليابان ستطأطئ رأسها او تغرق في المحيط
ـ5ـ لا يزال الخلاف بين اليابان وروسيا حول ملكية جزر الكوريل يمثل احد الأسباب الرئيسية للتأجيل المستمر لتوقيع معاهدة السلام او الصلح بين الدولتين، بالرغم من مضي 69 على نهاية الحرب العالمية الثانية.
والمصلحة الاقتصادية للبلدين تقتضي إيجاد حل لهذا الخلاف.
ولكن جميع اقتراحات الحلول منذ اكثر من ستين سنة الى اليوم قد فشلت. وحتى حينما اقترح الخائن النيوستاليني نيكيتا خروشوف سنة 1956 إعطاء جزيرتين من اصل الجزر الأربع الكبيرة لليابان، رفضت اليابان هذا العرض وطالبت بالجزر الأربع بل وطالبت بجزيرة سخالين الروسية داخل بحر اوخوتسك.
وعدا الجوانب التاريخية والحقوقية، هناك الجوانب الجيوستراتيجية لأهمية جزر الكوريل. فهي تفصل بين اليابان من جهة وجزيرة كامتشاتكا الستراتيجية الروسية من جهة ثانية. كما تفصل بين المحيط الهادي وبحر اوخوتسك المحاذي للشواطئ الروسية والذي يضم جزيرة سخالين الروسية. ونظرا للتحالف الستراتيجي بين اليابان والولايات المتحدة الأميركية، فإن تسليم أي من جزر الكوريل الأربع الى اليابان يعني تسليمها عسكريا الى القوات الأميركية وتحويلها الى قاعدة حربية أميركية تهدد الشواطئ والأراضي الروسية، كما تقوي مواقع اليابان والولايات المتحدة الأميركية ضد الصين وكوريا الشمالية.
لهذه الاعتبارات الأساسية أعلنت روسيا بصراحة ان اقتراح خروشوف سنة 1956 بالتنازل عن جزيرتين من جزر الكوريل لليابان هو خطأ تاريخي، وانها لن تتنازل عن أي جزيرة. ولتأكيد موقفها الحازم، قامت روسيا في السنة المنصرمة بمناورات عسكرية كبرى شاركت فيها البحرية والطيران الستراتيجي وقوات الانزال البحري والجوي، على امتداد جزر الكوريل الأربع الكبيرة والعشرات الصغيرة، وصولا الى المياه الاقليمية اليابانية والمدى الجوي الياباني. وجاءت هذه المناورات بمثابة دعم كبير للصين في نزاعاتها الحدودية أيضا مع اليابان، كما بمثابة دعم للمواقف المتشددة لكوريا الشمالية التي تعاني من الحصار الغربي الخانق وتدافع بعناد عن استقلالها الوطني.
وطبعا ان اليابان احتجت على المناورات الروسية، ولكن بخجل. الا ان الملاحظ ان القوات الأميركية التي تحتشد في المحيط الهادي وعلى الأراضي اليابانية لم تحرك ساكنا. وهذا ما يجب ان يدفع اليابان لاعادة النظر في السياسة الخاطئة التي تنتهجها، وهي الالتحاق بالسياسة الأميركية، ضد روسيا والصين وشعوب المنطقة.
العقيدة العسكرية الجديدة
ـ6ـ في الشهر الأخير من سنة 2014 اعلن الرئيس الروسي عن المصادقة على العقيدة العسكرية الجديدة للجيش الروسي. وتستبعد هذه العقيدة اللون الأيديولوجي والحزبي للدولة الروسية، وتؤكد على الجانب الوطني والتعددية الاتنية والدينية والقيم التاريخية للشعب الروسي، وتعارض الاحلاف العدوانية الخارجية، وتعتبر ان اقتراب أي حلف من الاراضي الروسية يعتبر عملا عدائيا ضد روسيا، كما ان أي عمل يهدد المصالح القومية لروسيا في الخارج يعتبر عملا عدائيا، وتعلن العقيدة الجديدة ان المنظمات والنشاطات الإرهابية تعتبر عملا عدائيا ضد روسيا ينبغي على الجيش الروسي مواجهتها.
نظام جديد للاقتصاد العالمي
ـ7ـ سجلت روسيا عام 2014 المنصرم تقدما كبيرا على صعيد العلاقات مع الصين خاصة ومع مجموعة دول (بريكس) عامة. فقد وقعت روسيا اكثر من 40 اتفاقا اقتصاديا مع الصين أهمها اتفاق تزويد الصين بالغاز الروسي لمدة الـ40 عاما القادمة، واتفاق زيادة التبادل التجاري الذي بلغ 90 مليار دولار سنة 2014 وسيرتفع الى 100 مليار دولار سنة 2015. وتم الاتفاق على ان تجري المعاملات المالية بالعملة الوطنية لكل من روسيا والصين، الامر الذي يعني إزاحة الدولار من رقعة واسعة جدا من مساحة السوق المالية العالمية.
وعلى هذا الصعيد المالي اتخذت دول البريكس قرارا بتكوين بنك خاص لدول البريكس. وقد ايد البنك المركزي الروسي بشدة هذا القرار، الذي حصل على تأييد خاص من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويجري البحث بين دول البريكس ان يكون انشاء البنك الخاص لدول البريكس خطوة رئيسية أولى نحو اصدار عملة خاصة لدول البريكس تنافس الدولار واليورو والعملات الدولية الأخرى.
ولهذه الغاية خطت الدولة الروسية هذه السنة أيضا خطوة جريئة الى الامام وهي وقف العمل بآلية تحديد سعر الروبل من قبل الدولة، وتحرير الروبل لتتحكم بسعره قوانين العرض والطلب في السوق المالية كأي عملة دولية، والتغلب على التضخم النسبي من خلال آليات الأسواق الاقتصادية ذاتها.
النتائج العكسية للعقوبات ضد روسيا
ـ8ـ في السنة المنصرمة تعرضت روسيا لحملة تهويش غير مسبوقة من الكتلة الغربية، التي فقدت اتزانها تماما بسبب فشلها التام في أوكرانيا. واقدمت الكتلة الغربية على فرض ما سمي العقوبات على روسيا ومحاولة عزلها دوليا. وتحت الضغط الأميركي عمدت فرنسا الى ارتكاب غلطة ستدفع ثمنها اكثر بكثير مما تحتمل، وهي وقف تسليم حاملة طائرات الهيليكوبتر (ميسترال) التي كانت ستدخل في نظام السيطرة الغواصية ـ الصاروخية النووية الروسية على البحار العالمية.
ولكن بدلا من ان تؤدي هذه السياسة الغربية الخرقاء الى اضعاف روسيا وعزلها دوليا، أدت الى العكس تماما. ونكتفي بالإشارة الى ثلاث نتائج عكسية أدت اليها سياسة العقوبات والعزل الغربية:
أ ـ اتخذت روسيا حدا ادنى بسيطا من عقوبات اقتصادية روسية معاكسة، مما جعل الكثير من الدول الأوروبية تندم على ما فعلت وتعتبر ان عقوباتها على روسيا هي اشبه بمن يطلق النار على نفسه. ودبت الخلافات فيما بين الدول الأوروبية وفيما بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.
ب ـ شجعت العقوبات الغربية على تطوير الإنتاج الروسي وتحرير الروبل سوقيا، مما يقلص اعتماد الاقتصاد الروسي على تجميع احتياطات من الدولار واليورو واضعافهما.
ج ـ والطامة الكبرى للكتلة الغربية وخصوصا للطاغوت الأميركي، كانت في دفع روسيا الى تنشيط حركتها في اميركا اللاتينية والاقتراب من الحدود الأميركية ردا على الاقتراب الناتوي ـ الأميركي من الحدود الروسية في أوكرانيا والقوقاز. ففي شهر تموز 2014 عقدت قمة البريكس السادسة في البرازيل، وتم حضور رؤساء 11 دولة من اميركا اللاتينية كضيوف على القمة. ثم زار الرئيس بوتين عدة دول أميركية لاتينية وعقد معها اتفاقات تجارية واقتصادية وعلمية عديدة، وتشمل الاتفاقات كما قال حرفيا "من جوف الأرض الى الفضاء". وعلى اثر ذلك صرح بوتين "لقد ولى الزمن الذي كانت فيه اميركا اللاتينية حوشا خلفيا للولايات المتحدة الأميركية". واختتم بوتين جولته الأميركية اللاتينية في كوبا، التي تطبق عليها اميركا سياسة الحصار والتجويع منذ اكثر من خمسين سنة، وكانت تعتمد على المساعدات والقروض السوفياتية ثم الروسية. واعلن بوتين ان روسيا تعفي كوبا من 90% من ديونها عليها.
فشل حصار كوبا
وبالنتيجة كانت المفاجأة حينما اعلن الرئيس باراك أوباما من البيت الابيض ان سياسة حصار كوبا التي استمرت اكثر من 50 سنة قد فشلت، وان اميركا ستتخذ التدابير للتخلي عن هذه السياسة. ودعا الرئيس الكوبي راؤول كاسترو لزيارة رسمية للولايات المتحدة الأميركية. ورد عليه كاسترو بقبول الدعوة ولكنه أضاف ان كوبا لن تتخلى عن النظام السياسي الذي اختارته وعن معارضة سياسة الهيمنة الدولية لاميركا.
تغيير وجهة أنبوب "السيل الجنوبي"
ـ9ـ ردا على مماطلة بلغاريا، بضغط من الاتحاد الأوروبي، في تنفيذ مشروع أنبوب الغاز القاري المسمى "السيل الجنوبي" لتزويد أوروبا الشرقية والوسطى وجنوب إيطاليا بالغاز الروسي، وكانت اتفاقية المشروع ين روسيا وبلغاريا قد وقعت في كانون الثاني 2008، اعلن الرئيس الروسي قرار وقف تنفيذ المشروع عبر بلغاريا، وتحويله نحو تركيا كي تصبح هي الموزع الرئيسي للغاز الروسي في شرقي وجنوب اوروبا، اسوة بألمانيا التي ستكون الموزع الرئيسي في غربي أوروبا بواسطة مشروع "السيل الشمالي" الذي يجتاز بحر البلطيق من روسيا الى المانيا. وأعلنت تركيا موافقتها على تنفيذ هذا المشروع الذي سيرفع مكانتها الأوروبية والدولية وفي الوقت ذاته يساعد على حل المشاكل التركية التاريخية مع شعوب المنطقة والابتعاد عن النفوذ الأميركي والتحالف مع إسرائيل. وصرح الرئيس بوتين انه اذا تعرضت تركيا لضغوط داخلية او خارجية منعتها من تنفيذ المشروع، فإن لدى روسيا خيارات أخرى. ويقول بعض المراقبين ان احد الخيارات الروسية المحتملة هو مد الانبوب عبر مضائق البوسفور والدردنيل الى اليونان، وهذا ما يقتضي طرح موضوع وضع مضائق البوسفور والدردنيل بوصفها ممرات دولية سيطرت عليها تركيا بفعل "حق القوة" وليس "قوة الحق"، ومن حق روسيا بوصفها دولة عظمى في البحر الأسود ان تحقق مصالحها القومية في مضائق البوسفور والدردنيل، بتحويلها الى ممرات دولية ضمن القوانين الدولية المرعية، الامر الذي هو لصالح جميع دول المنطقة وجميع دول وشعوب العالم.
العلاقات المميزة الروسية ـ الايرانية
ـ10ـ شهدت سنة 2014 طفرة نوعية في العلاقات الثنائية البناءة بين الدولتين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والعلمية. وقد التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الإيراني حسن روحاني ثلاث مرات هذا العام. واتفق البلدان على تطوير العلاقات التجارية بينهما وعلى التعامل بالعملة الوطنية لكلا البلدين واستبعاد الدولار والعملات الدولية الأخرى. كما اتفقا على تطوير التعاون في جميع مجالات صناعة ونقل وتسويق الطاقة وتوحيد مواقف البلدين في هذا الموضوع شديد الأهمية لكل من البلدين وللعالم اجمع. وايدت موسكو بشكل شديد حق ايران في تنفيذ برنامجها النووي السلمي، وكذلك حقها في امتلاك السلاح النووي أيضا، بالرغم من ان القيادة الإيرانية تمانع في التوجه نحو صناعة السلاح النووي الخاص بها لاسباب عقائدية ـ دينية، الا ان موسكو ايدت حقها في ذلك واستعدادها لان تقدم لها الدعم السياسي والمساعدة التكنولوجية على هذا الصعيد. ويشغل التعاون التكنولوجي حيزا كبيرا في العلاقات بين البلدين، والمسؤولون والخبراء الإيرانيون تفتح لهم جميع الأبواب ويزورون جميع المختبرات العلمية الروسية "كمن يذهب الى بيته" على حد تعبير بعض المراقبين. ويحرص مسؤولو البلدين على تنسيق وتوحيد المواقف بينهما في جميع القضايا الدولية المطروحة، كقضية الشرق الأوسط، والازمة السورية والعراقية والاوكرانية والبرنامج النووي الإيراني والعقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا، ومكافحة الإرهاب ودعم المقاومة الوطنية الفلسطينية واللبنانية ضد إسرائيل.
هزيمة المشروع الأميركي في سوريا
ـ11ـ منذ انفجار الازمة السورية في مطلع سنة 2011 اتخذت روسيا، ومعها الصين، موقفا إيجابيا بناء لمصلحة الشعب السوري وجميع شعوب المنطقة، يقوم على المحافظة على السلم الأهلي ووحدة وسلامة أراضي البلاد، وضرورة اجراء الإصلاح، والحوار البناء بين المعارضة والسلطة، والحل السلمي للنزاع، وعدم التدخل الخارجي واستخدام الازمة السورية لتشجيع التطرف الديني والإرهاب الدولي الذي يشكل تهديدا لجميع دول العالم. ووقفت روسيا سدا منيعا امام اتخاذ أي قرار خارجي في مجلس الامن او الناتو للعدوان على سوريا، كما حذرت بهذا الشأن إسرائيل التي حاولت اكثر من مرة استغلال الازمة السورية لتمرير تدخلها العسكري وحتى احتلال أراض سورية جديدة. وبعد مرور اربع سنوات، وسقوط مئات الاف القتلى والجرحى وتشريد الملايين في سوريا والعراق وتهديد امن لبنان والأردن، بفضل الدعم السياسي والإعلامي والمالي واللوجستي والعسكري الذي كانت تحصل عليه المجموعات الإرهابية والتكفيرية، من قبل تركيا وبعض الدول العربية والدول الغربية، بحجة مناهضة النظام الدكتاتوري السوري، ظهر مشروع الدولة الداعشية وقامت المجموعات التكفيرية الوهابية بارتكاب المجازر ضد المسيحيين والطوائف والجماعات الدينية الأخرى بما في ذلك ضد قطاعات واسعة من جماهير الطائفة السنية الكريمة التي لا تتبنى مفاهيم تلك الجماعات التكفيرية الإرهابية المتوحشة. واستغلت إسرائيل طرح موضوع الدولة الإسلامية التكفيرية لتطرح من جانبها طرح موضوع "يهودية الدولة الإسرائيلية". وبدأ ما يسمى المجتمع الدولي يتلمس طبيعة الخطر الناشئ. وحتى الدول العربية والغربية التي كانت تدعم الإرهاب، بدأت تدرك ان الأمور ستفلت من يديها وسينقلب السحر على الساحر. وفي السنة المنصرمة ظهر للعالم اجمع ان روسيا حققت انتصارا دبلوماسيا كبيرا في طرحها وطريقة تناولها للازمة السورية.
رفع مستوى العلاقات ين روسيا وحزب الله
ـ12ـ لدى نشوء حزب الله في اعقاب الاحتلال الإسرائيلي للبنان في 1982، رافقت بعض التعقيدات العلاقات السوفياتية سابقا مع حزب الله، على خلفية الحرب ضد السوفيات في أفغانستان ووجود عناصر موتورة في قيادة حزب الله في تلك المرحلة. ولكن بعد الانسحاب السوفياتي من أفغانستان ثم تفكك الاتحاد السوفياتي والتغيير الجذري في قيادة حزب الله، فإن الدولة الروسية، ولا سيما بعد إزاحة بوريس يلتسين الموالي للغرب، نظرت على الدوام الى حزب الله بوصفه قوة مقاومة وطنية شعبية، خلافا لما كانت تروجه وتدعيه الكتلة الغربية وإسرائيل وعملائهما في لبنان، بأن الحزب هو مجموعة إرهابية او مليشيا طائفية. ولم يؤثر الطابع المذهبي للحزب في تغيير النظرة الروسية له كقوة مقاومة وطنية، بل على العكس فإن اداءه المقاوم والوطني عزز الاحترام الروسي للانتماء الديني لحزب الله مما يساعد في تعزيز مبادئ التسامح الديني التي تقوم عليها الدولة الروسية ذاتها. وينبغي التأكيد انه بعد تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وانتصار حرب تموز 2006 ، وبعد المشاركة الفعالة لحزب الله في المعركة ضد العصابات الإرهابية في سوريا، فإن القيادة السياسية والعسكرية الروسية اخذت تقيّم حزب الله بوصفه حركة تحرير وطني ذات أهمية خاصة على المستوى العالمي، وانه يمثل قوة ذات وزن فعال في موازين القوى الإقليمية، خصوصا بمواجهة إسرائيل الحليف الستراتيجي الرئيسي لاميركا في المنطقة. ونظرا للدور الوطني التوحيدي الذي يضطلع به حزب الله داخل لبنان أيضا، على قاعدة (شعب، مقاومة، جيش) والعلاقات الإيجابية جدا والتفاعلية بين قوات المقاومة والجيش اللبناني، بالإضافة الى العلاقة مع ايران ومع سوريا، صار من المطروح على جدول الاعمال بالنسبة للقيادة الروسية مسألة اعتبار حزب الله حليفا ستراتيجيا رئيسيا لروسيا، بمواجهة الحلف الستراتيجي الأميركي ـ الإسرائيلي. وضمن هذا السياق تأتي المقابلة المميزة بين السيد حسن نصرالله والمندوب الخاص للرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف، الذي يرجح بعض المراقبين انه حمل رسالة خاصة من الرئيس الروسي الى السيد حسن نصرالله قد تتضمن دعوة لزيارة روسيا في وقت قريب.
XXX
في مثل هذه الأيام يحتفل العالم المسيحي بميلاد السيد المسيح وبدء سنة ميلادية جديدة.
ولكن في مثل هذه الأيام أيضا، وبأمر من الحاكم الروماني هيرودوس و"حكماء" اليهود، انطلق الوحوش الرومان واليهود لقتل أطفال بيت لحم، بهدف قتل المسيح ـ الطفل معهم.
والمسيحيون الكذابون من ورثة روما وعملاء إسرائيل ينسون عويل ودموع أمهات بيت لحم والقدس وغزة، من أيام هيرودوس الى أيام أوباما ونتنياهو...
ولكن روسيا المسيحية الشرقية ـ الاورذوكسية لم ولن تنسى!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبنانيي مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا تنتقل الى الدبلوماسية الهجومية في الشرق الاوسط
- فرنسا كومبارس أميركي صغير
- خطوة ستراتيجية روسية مذهلة: تحويل خط -السيل الجنوبي- الى ترك ...
- روسيا الارثوذكسية العدو التاريخي للغرب الاستعماري واذنابه
- أوكرانيا تنهار اقتصاديا وستنهار كدولة
- الفاشو دمقراطية أميركية ستتحطم في بولونيا ايضا
- التحضير لفيلم أميركي في هنغاريا على طريقة -الربيع العربي-
- روسيا تستعد لحرب كونية شاملة
- طاعون -التحول الدمقراطي الغربي- في بلغاريا
- الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من مو ...
- روسيا ستحطم التحدي الغربي في اوكرانيا
- الحرب الاقتصادية الروسية ضد الكتلة الغربية
- اوروبا ستدفع ثمن العنصرية الغربية ضد روسيا
- حرب البدا ئل وسقوط الائتلاف الحاكم في اوكرانيا
- الناتو بمواجهة روسيا: نمر من كرتون
- تيوس الناتو تتنطح للصخرة الروسية
- الفاشودمقراطية الاميركية تنتحر سياسيا وعسكريا في اوكرانيا
- روسيا تهز العصا لليابان ايضا
- روسيا تنتصر على ازمة الانهيار الدمغرافي
- المحور الروسي الصيني


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جورج حداد - روسيا: العدو الشرقي الأعظم للامبريالية الغربية