أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خطاب عمران الضامن - ألعرب بين الهوية القومية والهويات الطائفية















المزيد.....

ألعرب بين الهوية القومية والهويات الطائفية


خطاب عمران الضامن
باحث وكاتب.

(Khattab Imran Al Thamin)


الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 23:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



يُقصد بالهويةِ القوميةِ أيمانُ مجموعةٍ من البشرِ يتمتعون بلغةٍ وثقافةٍ وتقاليدَ مشتركهٍ، بحقوقِهم المشروعه في الاستقلالِ وبناء الدولةِ والتقدمِ في النواحي السياسيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ.

وغالباً ما تضهرُ معالمُ الهويةِ القومية لدى الشعوبِ عند تعرضِها للاضطهادِ أو للتمييز العنصري من قبلِ حُكامِها، وهذا ما حدثَ فعلاً للشعوبِ العربيةِ خلالَ نهاية الحكم العثماني في أواخر القرن التاسع عشر، حيثُ نشط المثقفون والشباب العرب في مصَر والعراق والشام، وأسسوا العديدَ من التجمعاتِ والمنتديات الثقافية والسياسية، والتي كانت تهدفُ الى إعادة الاعتزاز بالقومية العربية، ممهدة الطريق للثورة على نظام الحكم العثماني القائم أنذاك، معلنةً بداية الاستقلال القومي العربي، تحت تأييد منقطع النضير من الشارع العربي بمختلف فئاته ومستوياته.

جائت هذه الصحوةُ القومية إن جازَ التعبيرُ، كنتيجةٍ حتميةٍ لموجةٍ من الاحتلالاتِ التي تعرضتْ لها المنطقةُ العربية دامتْ قرابةَ 659 عام (1258م – 1917م)، تعاقب فيها على الحكم كل من المغول والفرس والترك، وكان من نتائج هذه الفتره أن طُمست الهويةُ العربية، فعاشَ العربُ في عقر ديارهم حياةَ الأقليةِ القومية، تحت غطاء الجامعة الإسلامية، التي اتخذها العثمانيون وسيلةٍ لتبرير حكمهم القومي لبلدان الشرق الأوسط.
وكان من نتائج تلك الصحوة القومية أن عبئ العربُ صفوفَهم واستعدوا للثورة من كافة النواحي، منها السياسية متمثلة بإنشاء التجمعات والأحزاب والاتصال بالقوى العظمى، ومنا الاجتماعية من خلال ظهور الجمعيات الأدبية والثقافية، ونشر روح القومية والتأكيد على ضرورة الاستقلال العربي.

فجائت أولى ثمار الهوية القومية العربية اثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أستغلَ القوميون العرب أنشغال الدولةِ العثمانية بتلك الحرب العظمى، فوجهوا لها طعنةً بالضهر، من خلال الأنقضاض على الجيش العثماني في الجزيرة العربية، فعاثوا فيه قتلاً ونهباً، أضافة الى التعاون مع البريطانيين في تلك الحرب.
نعم غدر العربُ بالعثمانين، حيث أن الساعي للحريه لا يعي أيَّ معنىً للخيانة أو للتآمر ولا حتى للوفاء، وهذا ما عُرف بالثورة العربية الكبرى عام 1916.
وكان من نتائج تلك الثورة أن حصلَ العربُ في النهايةِ على استقلالِهم من الحكم التركي، وتم تأسيس الدول العربية الحديثة برعاية بريطانيا العظمى أنذاك، ويعد تشكيل الدول العربية الحديثة من أبرز الإنجازات التي حققها العرب على الاطلاق، أللهمَ منذ عام 1258م وحتى الساعه.

تراجع القومية العربية:

شأنها شأن أي نظرية او انجاز فكري بشري، كان لابد للقومية العربية بعد أن صعدت الى قمة المجد، أن تبدأ بالخفوت والأنحدار، تحت تأثير العوامل الطبيعية التي تحكم أسباب النجاح ومسببات الفشل وفقاً لقوانين الطبيعة الأزلية.
استقبل العربُ عصرَهم القومي الجديد بافراحٍ عارمة وأمال كبيرة، عمت أرجاء البلاد العربية من بغداد مرورا بدمشق وجدة والقاهرة، هاهم يرون حكامهم يتكلمون لغتهم العربية، ويرتدون الزي العربي للمرة الأولة منذ 659 عام!.
يا له من فخرٍ وكِبْر شعروا به وهم يسطفون في طوابيَر، لأستقبال جيشهم بفرسانه السُمر وخيوله العربية الاصيلة، عاش العربُ حُلماً جميلاً ملئهُ الحرية والعداله والعزة والكرامة، إلا ان هذا الحلم سرعان ما قض مضجعه أنينٌ مدوي، ولهيبٌ حارق، إنها الأقطاعية الملكية، بكل ما تحويه من بطشٍ وظلمٍ وفسادٍ وجوع. أيقنَ العربُ حينها أنهم استبدلوا حاكمَ أجنبي بغيض مستبد وفاسد بنسخة عربية أصيلة.

تداعيات حربُ فلسطينَ 1948.

صعدت خلال فترة 1930م و 1948م مشكلة فلسطين والحركة الصهيونية على السطح، وامست تزعج الشارع العربي الذي كان لا يزال ثملاً بخمرة القومية العربية، سابحاً في فضاء أحلامها الوردية.
ونتيجةً لتفوقِ الحركة الصهيونية السياسي, والمالي, والعسكري الكبير، تم أعلان قيام دولة أسرائيل عام 1948م على أرضِ فلسطين، بعد أرتكاب مجازر مروعة بحق السكان الفلسطينيين في عدة مدن، الأمر الذي أثار هياجاً وسخطاً شديدين في الشارع العربي، مما أضطر بعض الحكومات العربية القومية الى اعلان الحرب على دولة إسرائيل الفتية، بغية مسحها من الوجود وتحرير الأراضي الفلسطينية.
جائتْ النتائجُ عكسَ ما توقعه العربُ تماماً، بأن فشلتْ الجيوشُ العربية في تحرير فلسطين من العصاباتِ الصهيونية كما كانت تُعرف عند العربِ أنذاك، الأمر الذي أدى الى موجة أخرى من السخط الشعبي، موجهةً أصابعَ الاتهام بالخيانه والعمالة نحو الحكومات الملكية القائمة، فجائتْ الأنقلاباتُ أو كمى يسمى بالثورات الجمهورية نتيجةً حتميه لحرب 1948م إضافة الى الفساد والاستبداد المتفشي مسبقاً، فنجحت انقلابات في مصر 1952م، والعراق 1958م، واليمن 1962م، وليبيا 1969م وغيرها الكثير.

مرةً أخرى أثملتْ خمرةُ القومية رأسَ الشعوب العربية، ولكنها في هذه المره من نوع جديد، نخبٌ جمهوري قومي يأخذ العقلَ بسرعة عجيبة ويجعله يطير في سماء الحرية الواسعه, إلا أن هذه الشعوب المسكينة ما كادت تفيق من نشوة الحرية الجمهورية، حتى وجدت حريتها وهي تنقلب الى عبودية مقيته، تقيدها السلاسل الحديدة، وتجلدها السياطُ أيما جلد، ناهيك عن التخلف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي أستمر وتفشى في تلك الفترة.

خلاصة القول في مجال القومية العربية أن العرب أضطروا مرغمين أخيرا الى التخلي عن الفكر القومي، تحت فساد وأستبداد وبطش وفشل حكوماتهم الجمهورية القومية، سعياً وراء فكر أو نهج بديل، عله يخلصهم مما حل بهم من كوارث ومحن متعاقبه، كان ذلك في نهايات القرن العشرين.

الهوية الطائفية كبديل عن الهوية القومية:

يمكن تعريف الهوية الدينية أو الطائفية على أنها تخلي فرد أو مجموعة من الافراد عن أنتمائاتهم القومية أو العرقية لصالح أنتماء ديني أو طائفي.

وفي هذا السياق أروي لكم حادثةً وقعتْ أمامي شخصياً، حيث جاء أحدُ المرشحين الى شخصٍ يدعي التدين، فطلب منه التصويتَ له خلال الانتخابات، متذرعاً بحقوقٍ منها أنهم من نفس القبيلة علاوةً على كونهم جيران، وما كان من ذلك الشخص الا أن يقول للمرشح:
نعم نحن من نفس القبيله، ولكن قبيلتي التي أنتمي لها حقا هي الإسلام، أبن عمي الحقيقي هو ألمسلم الذي يعيش في أفغانستان أو باكستان أو بورما، أنني لا أعير أي أهتمام للانتماءات القومية والقبلية مطلقاً، عذراً سوف لنْ اصوتَ لك.
كان من الممكن أن يكون هذا الشخص مثالاً صادقاً لمعتنقي الهوية الدينية،

إلا أنني شاهدته بأم عيني بعد تلك الحادثة يثقفُ الناسَ ويحثهم على التصويت لمرشح من أولاد عمه المقربين خلالَ جولةٍ أنتخابيةٍ لاحقة.

نعم لقد اتجهتْ طائفةٌ كبيرة من الشباب العربي الى أعتناق الهويات الدينية والطائفيه كبديلٍ عن الهوية القومية، نتيجةً لفشلِ القوميين في حكم الشعوب العربية، بل ربما لكثرة الحروب والكوارث التي حدثت خلال حكم القوميين.
وكان هدف معتنقي الهوية الدينية هو البحث عن حل للأزمات المتلاحقة التي تعيشها مجتمعاتهم, فرفع شعار الإسلام هو الحل والعديد من الشعارات الدينية والطائفية الأخرى.
أعتذرُ لقرائي الأعزاء عن البحثِ في تفاصيل الهوية الدينية لأسباب لا تخفى عليهم في ضل الظروف الراهنه.

ولكنني أشدد على أن تراجع الهوية القومية في البلدان العربية للأسباب التي ذكرناها، أدى الى احلال بدائل أخرى لتحل محل الهوية القومية تنوعت بين دينية وطائفيه، ويمكنني ان أقول جازماً أن كل هذه البدائل قد أثبتتْ فشلَها الذريع في أيجاد حلول للمشاكل المزمنة في الدول العربية، بل أن هذه البدائل قد زادت من الطين بلة حيث فاقمت الأزمات السابقه وخلقت أزمات وكوارث جديدة.

أنني ادعو المفكرين والمثقفين العرب من هذا المنبر الحر الى أعادة صياغة نظرية جديدة للفكر القومي العربي، نظرية يحترم فيها العرب كافة المكونات القومية الأخرى الى جانب القومية العربية، كما وينبغي التشديد على عدم أستنساخ الأحزاب القومية العنصرية المعروفه، والتي جلبت الويل والخراب للدول العربية، ليكن فكراًقومياً ديمقراطياً، يؤمنُ بحقوق الشعوب العربية بالحرية، وبحقوق الأنسان، وبالتداول السلمي للسلطة وفق دولة القانون والمؤسسات، مع ضمان الحقوق الكاملة للقوميات الأخرى التي تعيش جنباً الى جنب مع العرب ومنهم الأخوة الكرد والاخوة التركمان في العراق، والأخوة الامازيغ في المغرب العربي.

تداعيات التراجع القومي:

لقد أدى ضياع الهوية القومية في العراق وبعض الدول العربية الاخرى الى التناحر الطائفي البغيض، الذي وقع بين عرب العراق بعد عام 2003م، الامر الذي أدى الى أضعاف الدولة العراقية بكل مؤسساتها لاسيما المؤسسة العسكرية والأمنية، وها نحن نقطف ثمار ذلك الصراع الذي ولدته الهويات الطائفية، فمعظم العراقيين هجروا من شمال غرب العراق، والملايين منهم يقاسون الآن أشد الوان العذاب والهوان، فقد حرموا من ابسط الخدمات الطبية والمواد الغذائية، فباتوا يعيشون ظروفً غير أنسانية، بل أن الموت أرحم بكثير من الحياة التي يقاسونها في ضل النزوح والتهجير.
قد يختلف معي البعض غيرةً منهم على الدين أو الطائفه، إلاأن الظروف التي نعيشها في هذه المرحلة التأريخية الحرجة، تتطلب منا التكيف والتغير واحداث تعديلات جوهرية على منظومتنا الفكرية الحالية، وأنظمة الحكم السائدة في بلادنا، لنضمن لنا ولأجيالنا القادمة العيش بسلام وحرية ورفاه.
كركوك في السادس من كانون الثاني 2014.



#خطاب_عمران_الضامن (هاشتاغ)       Khattab_Imran_Al_Thamin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب العراقية الايرانية .. الاسباب والنتائج


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خطاب عمران الضامن - ألعرب بين الهوية القومية والهويات الطائفية