|
دعابات قاتلة
سوسن أحمد سليم
الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 17:28
المحور:
الصحافة والاعلام
كتب الدكتور يوسف زيدان على متصفحه في الفيسبوك .. " الهوجة الإعلامية المروّعة للناس بكل سبب و بغير سبب : انتشار الإلحاد ، انتشار الداعشية ، عواصف الشتاء ، انعدام جاذبية الأرض ، حمى الخنازير و الطيور ، الجن و الاشباح ، الماسونية الدولية ، الكتكوت المفترس . . هي دليل خواءٍ تامٍّ في عقول الإعلاميين و من يتلاعب بهم كي يتلاعبوا بعقول الناس ." ولستُ هنا في معرضِ إبداء الرأي في أحوال بلدي العزيزة مصر ، فأنا في كل الأحوال ضيفةٌ فيها ، ولايحق لي أن أتدخل حتى بالرأي في شأنها الخاص ، وكل ماأتمناه لها أن تبقى بخير ولاتطالها موجات الخراب الشامل الذي لحق ببلدي سوريا وغيرها مما نعرف من البلدان العربية ، لأني أعتبرها الآن ظهر العرب ، فلو خربت ، فعلى العرب السلام . مالفتني في منشور الدكتور يوسف زيدان ، تلك المعلومة التي باتت معروفة ، والتي للأسف مازلنا نصدق كذبها ، ابتداءً من الجمرة الخبيثة التي رافقت بشدة وبلغت أوجها تزامناً مع أحداث الحادي عشر من أيلول ، وماقبلها ، وكل ماتلاها مما يشابهها في طريقة الإعلان عنها وتعميمها وتداولها بين الناس ،وتدويلها ، وإشغال بلدان بعينها بها . تلك التي استعملت أيضا كسلاح بيولوجي في كثير من الحروب الكبيرة منها والصغيرة ، حسب التاريخ ، وهنا لستُ أشير إلى نفي وجود أي من الجراثيم أو الفيروسات التي تصيب البشر والحيوانات على حد سواء لتصبح أمراض قد تكون قاتلة ، لكن لاجديد فيها سوى انتشار أخبار أوبئتها بين فينة وأخرى ، غالبا ماتكون مزامنة لحدث سياسي .. كنتُ أعمل في هيئة طبية دولية ، أذكر في فترة ، أُعْلِنَ عن انتشار مرض انفلونزا الطيور ، خبراً استغرقَ الواقع هرجاً ومرجاً بين الناس ، وماعادَ يدور بينهم حديث أو يوجهون اهتمامهم على الأغلب إلا إليه . حينها ، كانت الهيئة التي أعمل بها ، من ضمن بعض المراكز الصحية التي عنيت أن تجلب اللقاح المضاد لانفلونزا الطيور للعاملين فيها ، وزرقهم بهِ ، لمن أرادَ أخذه طبعاً ، كونهم الأكثر تعرضاً للعدوى بسبب اتصالهم المباشر مع المرضى ، في الوقت الذي دفع الكثير من الناس مبلغ كبير للحصول على هذا اللقاح ، التي حتماً أنتجته / برأيي / جهة مستفيدة مادياً ، وربما هي التي أذاعت صيت انتشار فيروس الانفلونزا .. كنتُ من الذين أخذوا اللقاح ، ليكون نصيبي منهُ ، أن أكون طريحة الفراش لمدة خمسة عشر يوماً ، وأنا لاأدري بأي قيروساتٍ مضعفة زرقت ، وكذا أغلب الذين أخذوا اللقاح . الفترة كانت شتاء ، وكانت أغلب الناس تصيبها الانفلونزا ، العادية طبعاً ، والانفلونزا العادية هي من أخطر الأمراض رغم استبساط الناس لها ، ومن الممكن جداً أن تكون قاتلة . في مضاعفاتها. منشور الدكتور يوسف زيدان ، ذكرني أيضاً بفيلم لطيف جداً ومعبر ، هو طباخ الريس ، الذي تدور أحداثه حول شخصية متولي / الفنان طلعت زكريا / وهو طباخ شعبي في حي من أحياء القاهرة الشعبية ، يلتقي بهِ ذات يوم رئيس الجمهورية / خالد زكي / ولم يكن له تسمية في الفيلم ، فيتخذه طباخاً خاصاً لهُ ، ليمثل لديه نبض الشارع وشكل حياة المواطن العادي ، وينقل لهُ أخبار الناس من أرض الواقع بعين الإنسان العادي لا المسؤول ، لينتهي الفيلم ، بمؤامرة ممن يحومون حول الرئيس ومصالحهم تتعارض مع نقل هذه الصور الواقعية ، التي يقوم بنقلها متولي ، يلفقونه تهمة ، تفقدهُ عمله ، وتفقد الرئيس التواصل مع نبض الشارع .. المفارقة المتعلقة بحديثنا ، هي ، يوم قرر الرئيس أن ينزل إلى الشارع / وهو اليوم الذي التقى فيه بمتولي واتخذه طباخاً له ، وناقلاً للأحوال العامة ، ليكون على اطلاع بما يحصل خارج القصر الجمهوري / نزلَ ليجد شوارع مصر تكاد تكون فارغة تماماً من الناس ، مماغيب عنهُ قصدهُ في أن يرى شكل الحياة العامة بين الناس العاديين ، بعيداً عن أروقة السياسة ، ملتصقة بكل تأثيراتها ، وحين وجد الشوارع خالية ، اتصل برئيس مجلس الوزراء ، ليقول له : / انت رحت بالتمانين مليون فين ؟ / .. في معرض الفيلم ، نرى بعد قرار الرئيس بنزولهِ إلى الشارع ، اجتماعات ، تمخض عنها قرار ، بإعلان ذاك اليوم / الذي سينزل فيه الرئيس إلى الشوارع ويتواصل فيها مع الناس مياشرة ودون مرافقة /يوم ، سيحدث فيه كسوف للشمس ، مما سيؤثر سلبا على أعين وصحة الناس ، ونصيحتهم بالتزام بيوتهم ، وعدم الخروج ، وإعلان ذاك الخبر عبر كل وسائل الإعلام .. وكم من الأخبار المشابهة ، عطلت مصالح الشعوب وغيرت مجرى أحداث التاريخ .. ويبقى اللوم ، على الضمائر الإعلامية ، وكل مثقف باعَ ضميرهُ للسياسة ، ورضي بأن يكون طرفاً ، ممن يتلاعبون بمصائر الشعوب . المثقف ، ضمير عليهِ أن يكون عارياً ، إلا من الضمير .
#سوسن_أحمد_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غمامة الإبداع
-
حكاية ..
-
ثكلى
-
ابن الشآم
-
سوريون
المزيد.....
-
بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
-
جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود
...
-
مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب
...
-
دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
-
الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع
...
-
الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة
...
-
جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو
...
-
بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق
...
-
إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|