أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 3















المزيد.....

من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 3


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 09:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    





الجزء الثالث والاخير ..
استكمالا لمقالنا السابق والمعنون :
( من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 2 ) والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=448670

موقف الفيلسوف د . هشام عمر النور من النظرية النقدية

يقول الفيلسوف السوداني د. هشام عمر النور في كتابه :
(تحاوز الماركسية الى النظرية النقدية ) ( بان مدرسة فرانكفورت قد تخطت في انعطافتها اللغوية مع هابرماس اسسها الابستمولوجية ( المعرفية ) , ومع ذلك تظل النظرية النقدية عند هابرماس باقية ضمن الاطار العام لمدرسة فرانكفورت ).

الديالكتيك السلبي والديالكتيك الايجابي

يمثل ادورنو التفكير السلبي , تفكير اللاهوية Non- identity وهو تفكير لايستقر على حال , فهو يدرك تناقضاته ومن ثم يتعرف على بدائله الممكنة , ولكن ماان تستقر هذه البدائل على هوية ما في تفكير الهوية الا وعاد التفكير السلبي مجددا لتفكيكها لتعود الكرة من جديد .
هذا التفكير يسميه ادورنو ب الميتانقد Metacritique ويختصره في عبارة ( لاهوية الهوية واللاهوية ).

هذا التفكير يجعل التغيير ممكنا , من تفكيك مستمر لمحاولات البناء المستمرة , لكنه تفكيك مستمر يستحيل معه بناء , وهو هدم دائم لاحضور فيه ..
انه الديالكتيك السلبي .

يقترح د . هشام عمر النور دمج مشروع ادورنو مع مشروع هابرماس , فمع ادورنو يتشكل الجانب النقدي الذي يجعل مشروع التحرر الانساني ممكنا . اما هابرماس فيمثل في تركيبه مع ادورنو , التفكير الايجابي, تفكير الهوية . انه البناء المستمر في مقابل الهدم المستمر عند ادورنو , وهما عمليتان تحتاجان بعضهما بعضا .
يقول د . هشام عمر النور ان مشروع الحداثة هو مشروع نقدي بامتياز , باعتبار ان النقد هو الخاصية الاساسية والوحيدة التي لم ينتهي بها الامر الى نقيض ماتزعم .وهذا يعني ان سمة مشروع الحداثة هو الهدم وليس البناء .

لقد كان مشروع ادورنو نقدا للنقد لم ينته الى ماهو متوقع منه , وهو ان يتجسد نفي النقد في بناء ما , بسبب ان الديالكتيك السلبي لم يكن الا الوجه الاخر للديالكتيك المادي . ولذلك انتهى ايضا الى ان يكون الوجه الاخر للانغلاق المطلق .
ان تبني نقد النقد عند ادورنوالى نقد مطلق , اي هدم مطلق .
يقترح د . هشام عمر النور كيفية تركيب النظرية النقدية من ادورنو وهابرماس معا .

ان تفكير الهوية عند هابرماس ليس تفكيرا مطلقا . فالهوية عنده ليست هوية جوهرية ثابتة . وهي لاتعكس اي مضمون , سواء كان ثابتا ام متغيرا , فهي اجراءات يتخذها الفيلسوف بشان الخطاب فتعمل على استقراره والوصول الى اجماع بشانه .لذلك فان تفكير الهوية عند هابرماس يصدق عليه تعريف ادورنو بانه ( هوية الهوية واللاهوية ).

تركيب ادورنو وهابرماس معا يحقق كلا منهما مشروعه الفلسفي في الاخر , وبدون وجود احدهما في الاخر فان مشروع كلا منهما سيمضي الى مالايريده , الى المطلق ,وبهما معا يتحقق مشروع تحررنا الانساني .

حدد هابرماس منهج للتفكير النقدي في التامل الذاتي Self – Reflecthon كما وضع اسسه فرويد , واصبح التحليل النفسي نموذجا للعلوم النقدية , وصارت طرق التحليل النفسي في الكشف عن تناقضات التاريخ الشخصي . ومن ثم اكمال هذا التاريخ بسد فجواته نموذجا لما يجب عليه نقد الايديولوجيا .

ان هذا المشروع يطرح مسارا واحدا للتاريخ تكتمل فيه صيرورة التحرربسد فجواته , ويتم ذلك بان نكشف التاريخ بحيث يصبح شفافا لفضح تشوهات وامراض الوعي الزائف الذي يغلفه .
اذا استبدلنا التاريخ الشخصي بتاريخ النوع الانساني فاننا نحصل على نظرية التحرر عند هابرماس .ان توفير التحليل حال دون تقعيده فلسفيا .
لقد اعطى هابرماس التفكير النقدي مضمونا بدلا من ان يكون مجرد اجراءات , واصبحت نظرية التحرر عند هابرماس تعتمد مبدا نظريا مفاده ان للتاريخ مسارا واحدا لايمكن ان نعيد بناءه وانما علينا فقط ان نسد فجواته بالكشف عن علله وفضحها .وهي اعادة بناء جزئية لهذا التاريخ ثابنة لاتتغير , بينما لو ذهب هابرماس الى محاولة تقعيد التفكير النقد ي فلسفيا لما وجد غير ادورنو تقعيدا فلسفيا لهذا التفكير .

الميتانقد عند ادورنولايخرج عن كونه تحديدا لاجراءات التفكير النقدي ,اي لمنهجه ,دون الارتباط بموضوع ما . بينما نموذج هابرماس للتفكير النقدي مرتبط بموضوع محدد,ولانه نموذج فهذا يعني ان هنالك اختلافا بينه وبين ماهو نموذج له , وهو اختلاف لايمكن الكشف عنه الا بالتفكير فلسفيا في التفكير النقدي .فالتفكير الفلسفي اعلى تجريد ولذلك فهو يسمح بممارسة التفكير بدون الارتباط بموضوعات معينة اذا طلب منه ذلك .

ان تحديد هابرماس للنقد لايجد استجابته في فلسفة هابرماس, وانما يجدها في نقد ادورنو وديالكتيكه السلبي .
من هنا يستنتج د . هشام عمر النور تحفظه على هابرماس في كون الميتانقد هو المنهج النقدي للنظرية النقدية وليس التامل الذاتي .

ان تاثير تركيب ادورنو وهابرماس معا على ادورنو فهو يخرج ادورنو من نظرية المعرفة الماركسية التي فشل ادورنو في الخروج منها بسبب تسليمه ببداهة الموضوع , اي ببداهة المادية .وهو تسليم اخرج ادورنو من ديالكتيكه السلبي وحبسه في المغلقات النهائية للديالكتيك المادي والتي صادرت سابقا من الديالكتيك الماركسي جدله فلم يعد ديالكتيكا .

تركيب ادورنو وهابرماس معا جعل مشروع ادورنو مشروعا للتحرر الانساني ذات مضمون اجتماعي وسياسي بسبب تاسيسه على الخطاب وفلسفة التواصل .
ويصل د . هشام عمر النور الى استنتاجه الاخر وهو ان نقد الفلسفة عند هابرماس يتطابق مع نقد فلسفة الهوية عند ادورنو ويمكننا ان نستخدم ايا منهما بديلا للاخر دون ان يخل ذلك بالمعنى .

ان نقد فلسفة الذات عند هابرماس هو نقد للفلسفة فيما قبل المنعطف اللغوي , اي قبل تحولها للعلاقة مابين الذوات Intersubjectivity وهو نقد لهذه الفلسفة يقوم على اعتبار انها تتاسس على نموذج علاقة الذات الديكارتية بالموضوع , وهي ذات عارفة وتفعل غائيا بهذه المعرفة في الموضوعات , اي تسيطر عليها .ولذلك فان العلاقة التي يطرحها نموذج العلاقة بين الذات بالموضوع هي علاقة السيطرة , وهو يضع الاساس الفلسفي والنظري للممارسات التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تفسر كل الكوارث والنكبات التي لحقت بالانسانية في القرن العشرين , بعد ان راهنت على التطور العلمي كحل نهائي لكل مشكلاتها وسبيل وحيد لتحررها .

وبدلا عن ذلك صار العلم كنموذج للعقلانية الاداتية , اداة في يد القوى الاجتماعية المسيطرة فعانت الانسانية من الاستعمار والحروب وانتهت الى كارثة استخدام القنابل الذرية وتحول مشاريعها الى مشاريع للسيطرة .
ان نقد فلسفة الهوية عند ادورنو فهو يجري في مستوى فلسفي اعمق . فالهوية شرط ضروري لقيام نموذج علاقة الذات بالموضوع .اذ لايمكن ان تنشا هذه العلاقة الا اذا كانت الذات والموضوع تعبر كلا منهما عن هوية قائمة بذاتها , عن ماهية او جوهر ثابت لايتغير ولا يقبل التحوبل بحيث لايشكل الاخر جزءا من هذه الهوية . فتبقى الحدود بينهما محددة وواضحة , فيسهل على الذات اعتبار كل ماعداها موضوعا تخضع لمعرفتها وسيطرتها , بما في ذلك الانسان الاخر .

ولذلك طبعت السيطرة بطابعها علاقة الانسان بالانسان وكذلك علاقته بالطبيعة .
ان نقد فلسفة الهوية هو نقد لهذا الحضور الميتافيزيقي وتجاوز له ,بحيث تصبح الهوية ملتحقة باخرها واخر اخرها ..
وهكذا تكون مفتوحة دائما ومزاحة ومؤجلة . وتصير الهوية هي الاختلاف . ان كلا النقدين : نقد فلسفة الذات ونقد فلسفة الهوية ينزعان الى هدم اسس السيطرة الفلسفية ولكنهما يقومان بذلك في مستويين مختلفين . في مستوى قريب من عالم الحياة كما يفعل هابرماس , وفي مستوى تجريدي كما يفعل ادورنو , فكلاهما يحتاج الى الاخر .

ان نقد فلسفة الذات يحتاج الى نقد فلسفة الهوية لكي ينفك من الارتباط بموضوع محدد وبالتالي ينفك من الاحادية الى التعددية .بينما نقد الهوية يحتاج الى نقد الذات لينفك من اللانهائية فيتعين وبالتالي ينفك ايضا من الاحادية الى التعددية .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 2
- بين الحرية ومصادرات العقل الغائي
- الاصول اللغوية للخمر
- من الماركسية الى النظرية النقدية
- بابك الخرمي وثورته المشاعية
- نافذة في زمن الغفلة والفكر
- الخمر واشكالية تحريمه في الاسلام
- بناء الذات بين النجاح والفشل
- قلق وجدل فكري
- تشابك الازمات وتعقيداتها
- العبودية في بابل واشور
- الحياة الاجتماعية والاقتصادية في بابل
- الملك حمورابي وعلمانية الدولة البابلية
- قراءة في كتاب ( فن الاصغاء للذات )
- تحقيق التنمية والاصلاح والديمقراطية والحداثة
- تطور دماغ الانسان
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 5
- الازمة البنيوية للاحزاب الشيوعية في العالم العربي - ج 2
- الازمة البنيوية للاحزاب الشيوعية في العالم العربي - ج 1
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 4


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 3