أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا درغام - الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-1















المزيد.....

الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-1


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 16:24
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


في أعقاب ثورة تركيا الفتاة عام 1908 ، تدفق علي الدولة العثمانية مناضلو تركيا الفتاة واللاجئون السياسيون الأرمن والبلغار ناهيك عن أتراك من روسيا. وهكذا ، تغلغلت في الدولة ذخيرة كاملة من الأفكار الجديدة: التجديد الإسلامي والشعبية والقومية والتضامنية والاشتراكية. بيد أن تيارين كبيرين انبثقا في طوفان الأفكار التي اجتاحت الدولة واستقطبا حولهما مجمل الحياة الفكرية.إذ يقف التيار الإسلامي علي طرف المروحة الإيدليوجية، في حين يقف التيار التغريبي علي طرفها الآخر.
وبين هذين التيارين المهيمنين علي المسرح الفكري العثماني ، يظهر تدريجيا تيار من نمط ثالث يتحسس خطاه: إنه النزعة التركية القومية. وقد انبثقت هذه النزعة من لقاء تيارين بعد اندلاع ثورة 1908 هما : حركة مسلمي روسيا الذين وجدوا في اتحاد الشعوب التركية في روسيا القوة الضرورية لمقاومة خطر الجامعة السلافية، وحركة علمية ثقافية ولدت في الأستانة تتجه إلي استكشاف ماضي الأتراك وهويتهم.هذا، وقد جندت لجنة الاتحاد والترقي، وهي لا تزال في سالونيك، عددا من الكتاب والشعراء للبحث عن لغة جديدة ؛أي تركيبة مبسطة ونقية من المفردات العربية والفارسية.
هنا تحديدا ، بدأ الاتحاديون مساعيهم إلي فرض استعمال اللغة التركية علي جميع قوميات الدولة العثمانية.واعتلي ضياء جوك آلب (1876-1924) علي رأس جميع الكتاب والشعراء حتي أضحي أيديلوجي لجنة الاتحاد والترقي التي تبنت تدريجيا النزعة التركية علي يديه.ودعت قومية آلب إلي ضرورة ثورة اجتماعية تبحث عن نتاج تركيب بين الثقافة القومية والحضارة الأوربية. وبذا، أرسي جوك آلب أسس مفهوم رومانتيكي للنزعة التركية القومية. بيد أن هذه الأفكار لم تجد جمهورا لها ساعتئذ خارج أوساط محدودة في سالونيك والأستانة.
وبعد أن غدا الاتحاديون القوة السياسية المسيطرة علي الدولة العثمانية، لزم عليهم العمل من أجل إنقاذ وحدة دولتهم المهددة بدرجة خطيرة وتطبيق الجزء الأول من شعارهم : "الاتحاد". فما هي السياسة التي سوف يتبعونها إزاء مشكلة " الأقليات الإثنية"؟.
نظر الاتحاديون إلي "الاتحاد" علي أنه اتحاد جميع العناصر الإثنية في الدولة العثمانية؛ أي إنهاء الاتجاهات الخصوصية او الاستقلالية أو الانفصالية بين صفوف قوميات الدولة ، أكانت مسلمة أم مسيحية ، وفي حالة غير المسلمين ، أراد الاتحاديون القضاء علي " الملل" ؛ الجماعات العرقية- الدينية شبه المستقلة لأنها- في منظورهم- لا تتماشي مع مفهومهم عن الاتحاد، بل إنها تمثل تحديا حقيقيا للمفهوم الذي يتصورونه عن الدولة.ومن هنا ، لا بد أن يكون الجميع مواطنين عثمانيين سواسية أمام القانون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ، ولا يوجد بعد يونانيون ويهود وعرب وأتراك وأرمن .
بيد أن قوميات الدولة العثمانية لها مفهوم آخر عن الاتحاد. فبالنسبة لغير المسلمين ، كان الاتحاد يعني المساواة يعني المساواة بين الملل، بل تنمية نظام الاستقلال الثقافي الذي بموجبه يصيرون أرمن أو يونانيين أولا ثم رعايا عثمانيين ثانيا.
والواقع أن هذه الاختلافات في طريقة فهم" الاتحاد العثماني" والتي كانت مطموسة مؤقتا في فورة حماس الثورة، قد ظهرت بشكل سافر غداة يولية 1908.إذ منح مناخ الحرية طموحات القوميات وسائل جديدة للتعبير عن ذاتهم بخلاف البندقية أو القنبلة مثل التطور غير العادي للصحافة وظهور صحف بشتي لغات الدولة مع تكاثر الأندية الثقافية والجمعيات ذوات الأساس الإثني أو الديني.
كما أتاح البرلمان منبرا للقوميات كي تسمع صوتها . ولكن برلمانا يشمل تحت قبته أخلاط غير عناصر: تركية وعربية وألبانية ويونانية وأرمنية وسلافية ويهودية لا بد وأن يتسم بغياب الانسجام. ورغم هذا ، اتخذت الأقليات والنواب والأحرار موقفا اكثر ليبرالية شطر المشكلة القومية كما طرحها الاتحاديون. وفي محازاة الوسائل الشرعية، ما انفك الغليان القومي يتواصل خلال شتاء 1909 : إذ استوقفت الصدامات بين الأكراد والأرمن شرقي الأناضول ونشبت القلاقل في ألبانيا. وهكذا ، زادت إعادة الدستور حدة المشكلات القومية بدلا من تخفيفها . عندئذ ، راح الاتحاديون يجربون التفاوض مع حزب الطاشناق الأرمني والبطريركية اليونانية . لكن انقلاب أبريل 1909 الذي قامت فيه الأقليات بدور( الألبان)أوأيدته( اليونانيون)، وبعد مذابح أضنة التي دشنت مناخ تخوف شديد لدن الأرمن، لهذا كله ، اجتهد الاتحاديون في تطبيق تصورهم للاتحاد عن طريق سلسلة من التدابير : إغلاق الجمعيات والأندية ذوات الطابع الإثني، القضاء علي الجماعات المسلحة في مقدونيا، إلزام غير المسلمين باداء الخدمة العسكرية. وأخيرا ، سعي الاتحاديون إلي تعزيز توحيد البلاد عبر مركزة النظام التعليمي وفرض تفتيش علي مدارس الأقليات وفرض اللغة التركية علي المدارس والمحاكم. وفي كلمة : انتهاج سياسة عثمنة ثقافية. ولكن هذه التدابير لم تثمر إلا عن استثارة السخط لدي الألبان والعرب مرورا بيونانيي الدولة وأرمنها.
في تلك الأثناء، وقعت الحرب الإيطالية – التركية (1911-1912) واندلعت القلاقل في ألبانيا مما أدي إلي أصداء عميقة في الأستانة وتدشين سلسلة من الأزمات السياسية.عندئذ ، تعززت المعارضة . ففي نوفمبر 1911 ، تشكل حزب الائتلاف الليبرالي" الأحرار" في مجلس المبعوثان وأضحي بؤرة معارضة برلمانية انتقدت النزعة المركزية لدن الاتحاديين. ومن خلال مفارقة مأساوية، جاءت الضربة من مقدونيا- الإقليم الذي ظل مخلصا بامتياز للاتحاديين- عندما تكونت جماعة الضباط المخلصين من بين صفوف الضباط المعادين للاتحاديين والعازمين علي إنهاء الاضطهاد الذي يمارسونه. عندئذ، ألف المشير أحمد مختار الغازي" الوزارة العظمي" في 23 يولية 1912 ، واستبعد منها جميع الاتحاديين ، وحل البرلمان . وبذا ، فقد الاتحاديون كل مواقعهم السياسية.
وقتئذ، رغم تزايد اعتداءات الأكراد علي الأرمن بولايتي أرضروم وبيتليس منذ أبريل 1912 ، فقد ظل البطريرك الأرمني في الأستانة وحزب الطاشناق علي ولائهما للباب العالي آملين تنفيذ الإصلاحات في الولايات الأرمنية. وتجدر الإشارة إلي أن كبرييل نورادونجيان – الفقيه الأرمني في القانون الدولي العام ومستشار الباب العالي- قد اختير وزير للخارجية في وزارة الغازي(1912-1913 ).
وعندما اندلعت الحرب البلقانية (1912-1913) ، أمرت الدولة العثمانية بتجنيد الأرمن في جيوشها لأول مرة، وشكلت منهم وحدات خاصة وزعتها علي الجبهات الحربية. ولم يعارض الأرمن هذا. بل وجدوها فرصة لإثبات ولائهم للدولة العثمانية. ومن ثم ، تحقيق مطالبهم بها.
بيد أن إخفاق حكومة الأحرار في الحرب البلقانية ، عزز معارضة الاتحاديين الذين نجحوا في الاستيلاء علي السلطة بعد الانقلاب المشهور بالهجوم علي الباب العالي في 23 يناير 1913.وهكذا ، وصل الاتحاديون إلي السلطة من جديد وظلوا بها حتي نهاية الحرب العالمية الأولي. وانتهي الفاصل الليبرالي الذي لم يستمر إلا ستة أشهر.
وفي موازاة الدوامات السياسية التي مرت بها الدولة العثمانية ، مرت في الوقت ذاته بأزمة معنوية عميقة.إذ بدأ الارتياب في التوجهات والأيديولوجيات التقليدية : الإسلامية والتغريبية. وفي المقابل ، ازدادت النزعة التركية القومية ترسخا بين عامي 1911-1912 . ولم تعد المسألة مجرد تنقية اللغة التركية وإيجاد أدب قومي، بل صارت مسألة عمل في كافة المجالات التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية من أجل وحدة جميع الأتراك داخل الدولة وخارجها. وبعبارة أخري: البحث عن بنية جديدة ومتجانسة للدولة التركية عوضا عن الدولة العثمانية متعددة القوميات والمستثمرة والمستغلة والضعيفة. والواقع أن الشبيبة التركية كانت مهيأة لتبني الأفكار الجديدة . فلما كانت هذه الشبيبة لا تجد نفسها لا في "إسلام محافظ" ولا في " غرب مفتوح" ، فإنها باتت تنهمك في البحث عن هويتها.
هذا ، وقد خرجت الدولة العثمانية من الحرب البلقانية متهدمة ومستنزفة ومحرومة من جزء مهم من مواردها البشرية والمالية. ولهذا ، انكب الاتحاديون علي إعادة بنائها ، والبحث عن سبل جديدة للبقاء أمام دولنهم . وسوف نشهد، وقتئذ تنحية الأيديولوجية العثمانية التي كانت توجه العمل السياسي للاتحاديين . فمنذ حرمان الدولة من الولايات البلقانية ، شكلت كلا أقل اختلاطا عن ذي قبل.
هنا ، وجد الاتحاديون أنفسهم مدفوعين إلي إعادة التفكير في إستراتيجيتهم برمتها. والحق ،أن انطلاق جواد النزعة التركية كان قد ابتدا منذ أن تحول المدافعون عن التعايش الأخري بين جميع عناصر الدولة إلي تمجيد الأمة التركية إثر الانتكاسات الأولي التي كابدها نظام تركيا الفتاة منذ نهاية 1908 . ثم ما لبثت أن تعزز هذا الاتجاه غداة الحروب البقانية.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-5
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-4
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-3
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-2
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-1
- نشاط الأرمن في الصحافة والأدب في مصر - 4
- النشاط الفني للجالية الأرمنية في مصر خلال القرن التاسع عشر-2
- النشاط الفني للجالية الأرمنية في مصر خلال القرن التاسع عشر-1
- صحافة الأرمن في مصرخلال القرن التاسع عشر -2
- صحافة الأرمن في مصرخلال القرن التاسع عشر -1
- نشاط الجالية الأرمنية في التعليم في مصر خلال القرن التاسع عش ...
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-4
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-2
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-1
- الأيتام الأرمن في مصر (1923-1927)
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -7
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -6
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -5
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -4


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا درغام - الأرمن تحت تحكم الاتحاديين (1909-1918)-1