أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الشعرهيولى العالم والشعراء قادة جماله2















المزيد.....

الشعرهيولى العالم والشعراء قادة جماله2


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


الشعرهيولى العالم

والشعراء قادة جماله


إبراهيم اليوسف
أي عالم هوذلك الذي لاشعراء فيه؟، إنه سؤال جدُّ مرعب، جد مفزع، جد صاعق، جد أليم، يمكن أن يطرحه المرء على نفسه، وهو ينتهي للتو من متعة قراءة قصيدة آسرة، لشاعر فحل، في أي مكان في العالم، وأية كانت اللغة التي دونت بها قصيدته هذه، حيث أن استمرارية حضور الشعر في حيواتنا تعني استمرارية قيم الجمال، باعتبار الشعر إكسير الجمال الأسمى، وهو خلاصة عناصر الجمال كلها، مادام أنه نتاج انصهار المفردة الجميلة، والصورة المؤثرة، والموسيقى الاستثنائية، ورهافة الخيال، وشذى الأنسام، و معجم الرؤى الإنسانية المائزة، ناهيك عن روح الدهشة، وكيمياء الألق، وسوى ذلك مما لا يمكن اكتشافه في أي مختبر نقدي، من بين عناصر تشكيل الشعر، وهي جميعها مقومات لا تتأتى إلا في أرقى الفنون، أي الشعر، سيد الفنون على الإطلاق.
ولعل ذلك العالم الذي يخلو من الشعر والشعراء، لهوعالم مقفر، مجدب، قاحل ماحل، هش، باهت، جاف، أعجف، معتم، كئيب، موحش، قميء، لن يكون إلا أشبه بمجرد آلة، مسيرة، أو معمل، لا يعدو المنتمون إليه أن يكونوا سوى"لوالب""براغ" لا أكثر، ولا دفء فيه، ولا أنس، ولا متعة، لأنها تخلو من الحياة، وأن ناظمها مجرد رتابات لا طعم لها، ولا نكهة، ولا أهمية، تكاد تحول الكون برمته إلى مجرد ثكنة من الهواء المضغوط، والأصوات البلاستيكية، والضحكات البلاستيكية، والأحلام البلاستيكية، دون أشجار، وينابيع، وجبال، وسهول، وبحار، وكواكب، وآفاق، و سموات، وأنهار، ومسافات، بل دون حياة البتة.
لقدانبثق الشعر من رحم جمال العالم، فكان معادل حقائقه، وضحكات أطفاله، وأحلام عشاقه، وحفيف أجنحة فراشاته، واختصار أغاريد الطيور، ووقع خلاخيل حبيبات شعرائه، و هسيس ينابيعه، وأعشابه، ومفتاح المتعة، ومطهر الروح، وسرّ السعادة، وغير ذلك مما يصنع الغبطة في النفس، ويدفع المرء لأن يشرع نوافذ روحه، كي يتفاعل مع لحظته، ويقودها، وينفض عنها غبار الزمن، و وعثاء المتاعب، ويشدّ نبضها، ويدفعها إلى الأمام، وفق مشيئة إيقاعات دورة الزمن الأعظم.
أجل، أي عالم هو ذلك العالم الذي لا شعراء فيه، ولا قصائد فيه، ولا جمهرات متلقين، في انتظار قطوف الشعر، من أشجار الشاعر، هي أسئلة واخزة، جارحة، أنى أطلقناها في لحظة استسلام أمام أوهام ومزاعم ناعيِّ الشعر، في لحظة يأس، انطلاقاً من استبصار ضيق الأفق، من لدن أحدنا، و هو تحت وطأة انحياز لبديل جمالي لا يرتقي إلى مقام وقامة كائن الشعر الذي كان نتاج أول وعي جمالي من لدن الكائن الأرضي، وهو يتجاز، عبر أجنحة روحه، فضاءه الفيزيولوجي، في حالة وجد صوفي، ليتقرى ما هو مواز للمعرفي، أو مرادف له، في فهم غامض النفس، وتفكيكه، وسبره، في إطار فهم أكثر ما هو ممكن في أسطورة الخلق الأسمى.
و لعل الشعر دينامو دورة الزمن، ومحور ديمومته، وسجل محيطاته وغيومه التي تروي الظمأ السرمدي، ومعجم سيرة الخلق منذ أول قوس البدء وحتى لحظة صدى القصيدة المولودة للتو، لا يفتأ يجدد هواءه، وهو يملأ رئاتنا التواقة إلى الأوكسجين والفرح، لاشيء إلاه يعيد أفراحنا الضالة إلى مهادها في دواخلنا، أنى انهزمت قطعانها، في براري اليأس، تحت وطأة أصداء ذئاب الوقت، وهو الذي يروض نفوسنا على تهجئة مفردات أبجدية الجمال، كلما تيبست في أرواحنا الأشجار، وذوت جذورها، وتساقطت مساحات اخضرارها، لتكون بوصلتنا، في أمداء التيه، ونحن نستجلي ما وراء الخطوات التالية، ناشدين موانىء الخلاص، وهي قناديلنا التي تذوب أردية الظلمات، تملؤها بالسكينة والأنس والحلم، تشحذ نفوسنا، وتطلق أحصنتها، لتحمحم، هادرة، وهي تنتقل من فتح إلى آخر.
إنه الشعر، ملاذ الشاعر، والعالم، وهو تلك الجرعة السحرية التي تدلق التفاؤل في النفس، وتشعل فيها وجد الحياة، وتحرض على الحب والفرح، أنى استكانت تحت وطأة سأم عابر، وهو الذي يلئم جراحات الروح، يؤوي طيورها الفزعة، الجافلة، في أصعب السويعات، وتدفئها، من برد وسقم، لتبعث في أوصالها الطمأنينة، أنى انتابتها لحظة انكسار، راسمة لها خريطة طريقها، علامات ضوئية، ومنارات، وفنارات ، في قلب المتاهات، والمفازات، بل أمواج المحيطات العاتية، على حد سواء، كي تكون بذلك ضمانة للأرضين من أي زلل، أو ضياع. أوخطر
والشعرهوهكذا، في اطِّراد رياضي، لا نقصان في لوغاريتماه البتة، لأنه –حقاً- شرط سلامة الحياة، المعافاة، كنسغ ضروري، باعتباره صنو الحب، لأنه لا ينتشر البتة في أية بيئة لا تسودها القيم السامية، والنبيلة، لأنه بذلك يغدو أحد أهم نواميس الكون، ولعل أي سهو عنه من لدن أي منا، هو سهو عن أهم كنوز العالم الروحية، أو أية محاولة لتصحير ذواتنا، وجغرافيانا، في طريق وأدها، من خلال وأد ذائقة الجمال، واستهداف باصرتها، ليكون بذلك ضمانتنا المثلى، ونحن نتبادل لهاث المسافات، في سباقنا نحو إحراز ما هو جميل لأبناء أسرتنا الكونية، في بيتهم السامق، المتعالي، بكل طوابقه، وحجرات شققه المتراصة، وفق مشيئة حكمة هيولى الافتراض الرقمي، كي نخرج من أسر الترقيم والتشيؤ، ونحتفل بذواتنا، وخصوصياتها، وعلامتها الشعرية الفارقة على نحو أشدّ، وأميز.

ولا يمكن للشعر، أن يمارس دوره، كمطهر مما يلحق بنا، طوال هرولاتنا التي لاتنتهي، على دروب الحياة، و لا كراوٍ لأشجار أرواحنا، وهي تهدِّد على امتداد الساعات الأربع والعشرين من اليوم، وسبعة الأيام من الأسبوع، وثلاثينها من الشهر، والثلاثمئة والخمسة والستين منها في حساب السنة، من دون أن نولي ما يستحقه من اهتمام، يتجلى في أن نفتح له آذاننا، ومسامات أرواحنا المتعبة، وبوابات خوافقنا، وشرايينا، كي يعيد ضخ الدم، والهواء، والحلم، والفرح فينا، بعد أن شارفنا على افتقاد كل هذه الثيمات التي تستوي بها سيروراتنا، وصيروراتنا، ككائنات،باذخة، ، متفردة، منهوبة، مسلوبة بتذوق الجمال، والعيش عليه، والحاجة إليه، أكثر من حاجتنا إلى الماء والرغيف، والهواء بل والحبّ.. بلى والحب ذاته، لأن كل هذه المفردات تظل بلا شأن، في ظل سقوط الشعرمن حيواتنا، ليغدو قوقعة أيديولوجيا، ضالة، مضللة، في إطارالتمهيد لسرطنتها، سرطنتنا، وفي بئس المصير-هذا-نهاية كل ماهوجميل، وجحيمه الأرضي.
ولعلنا، ونحن نحدق في ما يحيط بنا من دمارأرضي، باتت تتهاوى إثره أبراج الحضارة، و نواميس الطمأنينة، لتسيرأنهارالدم، في أماكن كثيرة من هذا البيت الواحد، وتكاد إحدى مفرداته، الأثيرة، في سوريانا، تدفع الضريبة الأبهظ، بمايهدد بمحوأقنوم كامل، تحت وطأة تراكم جثث أناسيه، وأحلامهم، فما ذلك إلا نتاج إقصاء دور الشعر، هذا الكائن الذي من شأنه إشعال سمت المكان برمته، بيخضوره، وعبقه، وفرحه، أنى احتكمنا إليه، وإن كنا هنا، أمام مجرد أمثولة واحدة، باتت تحقق قياسي الأرقام، في زمن الموت الرقمي، والحياة الرقمية، منذ أن غيب الشعر، تحت وطأة الرقمية ذاتها، وحكم عليه، بأشكال متعددة تترواح بين الاختطاف، والأسر، والسجن، والإعدام، والدمار.
معنيون جميعاً، بأن نعيد الشعر إلى مساحاته الشاغرة في أرواحنا، مادام أن غيابه يعني تخلخل العالم، واهتزازه، وموات الفنون، والإبداع، لأنه الأسطون الرئيس في كل ثيمة جمالية، وهو للفنون، وللحياة، كما هو المحيط بالنسبة إلى الينابيع، وكما هوالمحيط، اللجب ،وغيومه التي تسترق رذاذه، وتستقوي به، بالنسبة إلى اليابسة، لئلا نغدو صحراوات مقفرة، ذابلة، متهالكة، في منأى عن فراديسه الغناء.
[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الكردي في مهب التحولات الدراماتيكية: واقع و آفاق ومهم ...
- 2014
- 2015
- الشعرهيولى الكون والشعراء قادة جماله
- سياب القلق
- عدة الصحفي:إلى الإعلاميين المختطفين من قبل داعش: فرهاد حمو و ...
- حفلة شاي
- استعادة كنفاني
- النص الفيسبوكي وسطوة المتلقي...!
- كي لاتحترق عاموداثانية..! حسن دريعي في ذكرى رحيله الأولى
- رياض الصالح الحسين إعادة اعتبار
- سعيد عقل : تداعيات ذاتية
- سعيدعقل هل كان متنبي عصره؟
- شخصية الطفل البطل
- النص الأزرق:
- كتاب الجيب في بروفايله الشخصي
- إدكارات الأب
- حسن دريعي يدحرج رذاذه..!
- مابعدالاغتراب
- حوار بينوسا نو مع: كيو جكرخوين:


المزيد.....




- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الشعرهيولى العالم والشعراء قادة جماله2