أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني















المزيد.....



نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 5 - 02:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


## الجزء الثاني: (العلمانية هي فكر الشيطان والشيطان هو العلماني الأول):

قد يكون العنوان مثيراً لحفيظة بعض الناس وقد يكون مستفزاً للآخرين، إذا ما حملوه على ظاهره دون الدخول في عمق فكرة الموضوع، فاستدعائي للشيطان والفكر الشيطاني في هذه المقاربة بين "الشيطان" و"العلمانية" ليس من باب التشويه أو التكفير أو التحقير للعلمانية والعلمانيين، وليس لأي بعد عقائدي على الإطلاق، إنما من باب إقرار حقيقة التماثل الحقيقية الواقعية بين مرجعية الشيطان الفكرية والقيمية والأخلاقية ومرجعية العلمانيين الفكرية والقيمية والأخلاقية.


"الشيطان" وفق نصوص جميع الأديان هو مخلوق واع مفكر يعلم ويدرك وله فكر وإرادة ومكلف مثل بني آدم تماما، ونحن هنا في غنى عن سرد كثير من النصوص الدينية التي تثبت هذا وتؤكده، وكذلك الآدمي "العلماني" هو مخلوق واع مفكر يعلم ويدرك وله فكر وإرادة ومكلف، والتقارب أو التماثل بين العلمانية وفكر الشيطان يكمن في أن "العلمانية" التي يعتنقها كثير من بني البشر هي ذاتها فكر الشيطان، فالعلمانية تقوم أساساً على الفصل الكامل والتام بين سلطان الله التشريعي والتوجيهي والإرشادي والقيمي والأخلاقي على الناس وبين الناس، فصلا كاملا وتاما في مرجعية القيمة والتقييم والفكر والمعايير والمقاييس والأخلاق والحلال والحرام، فصلا عنصريا ماديا مصلحياً هوائيا شهوانيا. فالسلطان الإلهي على الناس ليس كمثل ذلك السلطان البشري العنصري العدمي المصلحي اللامعياري الضيق الساذج المحدود، إنما السلطان الإلهي يتمثل في ثلاثة أصول ثابتة دائمة عامة لا تتبدل ولا تتغير ولا تقوم حياة المخلوقات السوية إلا بها وهي: (الحق، العدل، القسط). أما سلطان العلمانية فيقوم على العنصرية والعدمية واللامعيارية والهوى والشهوة والنزوة والمصالح المادية الضيقة المحدودة.

وعندما تسير حياة الإنسان أو حياة الأمم والشعوب على مرجعية أهواء الأشخاص ونزواتهم وشهواتهم فحتما ستسير حياتهم في طريق العنصرية والعدمية واللامعيارية ما يؤدي بالناس في نهاية المطاف إلى اليأس الوجودي الذي يؤدي حتما إلى الشقاء والدمار والخراب، وما الحربين العالميتين الأولى والثانية وما سبقهما وما تلاهما من حروب ونزاعات ومجازر في أوروبا وغيرها من الأماكن الخاضعة لاحتلالها وتدخلاتها حتى يوم الناس هذا وخاصة ما يحدث في فلسطين المحتلة على أيد الإسرائيليين برضا ومباركة الغرب الأوروبي العلماني وبعلم وموافقة الأمريكان وبمعاونة وتواطؤ حكام مصر والعرب إلا ثمار "العلمانية" المرة.

فالشيطان بدأت تظهر عليه أولى ملامح ذلك الانفصال عن الله والانفصال عن مرجعيته وقيمه ومعاييره ومقاييسه عند أول اختبار له حين أمره الله بالسجود لآدم، فما كان منه إلا أن وضع لنفسه معايير وتقييمات مادية عنصرية ذاتية مستقلة عن معايير الله ومقاييسه وموازينه وتقييماته، فجاء الرد العلماني العنصري الأشهر للشيطان: (أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ). (12_ الأعراف). فلم يلتفت الشيطان إلى ما وراء الأمر من قيمة وتوجيه وإرشاد، ولا إلى قدر الآمر خالق النار وخالق الطين، ولم يلتفت إلى ما يمكن أن يكون من قيمة موضوعية من وراء ذلك السجود الذي لا يقوم على العنصرية المادية القبيحة الكالحة التي تصورها الشيطان، لكن الشيطان بمرجعيته العنصرية قد التفت فقط إلى قشور الحادثة وظاهرها وراح يفاضل بعنصرية بغيضة بين النار والطين، ولسان حاله يقول: "هل يستقيم أن تسجد النار للطين؟!!"، غير أن الحادثة برمتها وفي حقيقتها لم تأت على ذكر النار ولا ذكر الطين، ولا على المفاضلة أو الموازنة العنصرية بينهما. ومن هناك بدأت تتبلور علمانية الشيطان في أحط صورها وأبشعها عنصرية، حين انفصل عن مرجعية الخالق ومعاييره وموازينه وتقييماته وتوجيهاته وإرشاداته التي تقوم على "الحق والعدل والقسط"، واختار مرجعية هواه وعنصريته ونزواته وشهواته القاصرة الجهولة الضيقة المحدودة.

ومن هنا بدأت أولى ملامح العلمانية العنصرية المادية في الظهور على يد الشيطان، متمثله في الفصل التام والكامل بين الله ومرجعية أوامره ونواهيه وتقييماته ومعاييره وبين مرجعية الشيطان وتقييماته ومعاييره الذاتية، فأصبح الشيطان منذ لحظة انفصاله التام عن الله أصبح هو مرجعية ذاته، وذاته فحسب هي مرجعية مقاييسه ومعاييره وتقييماته للأمور والأشياء، ولا دخل لله فيها من قريب أو بعيد. ثم يبدأ فعل "العلمانية" في بث بذور الكبر والغرور والاستعلاء والطغيان والإغواء في نفوس معتنقيها. قال تعالى: (فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(73) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ(74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العَالِينَ(75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ). (76_ ص). وقال تعالى في أول كلمات تنزل على النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام: (كلا إن الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى). (6_ العلق)، فالاستغناء عن الله _المتجسد حرفيا في "العلمانية"_ هو الخطوة الأولى نحو الاستكبار والغرور والاستعلاء والطغيان والإغواء والإفساد في الأرض.

كثيرون يظنون خطئاً أن الشيطان منذ لحظة انفصاله عن الله أخذ على عاتقه إقناع الناس بعدم وجود إله خالق، وفي الحقيقة لم يحدث هذا على الإطلاق، بل منذ لحظة انفصاله عن الله بدأ "الشيطان" في نشر فكره "العلماني" الذي يقوم على الفصل التام بين الله وسلوكيات وتقييمات ومقاييس ومعايير الناس، فالشيطان لم تكن مهمته الرئيسة والأساس إقناع الناس بعدم وجود إله خالق، بل إن الشيطان لم تكن تعنيه هذه القضية من قريب أو بعيد، بل لم يلتفت إليها أصلا، بدليل أنه لم يرد هذا عنه على الإطلاق في النصوص الدينية، إنما انحصرت مهمته في إقناع أتباع وأنصار فكره "العلماني" بأن ينفصلوا عن الله في مرجعيتهم وتقييماتهم ومعاييرهم حتى وهم يقرون ويعترفون بوجود إله خالق له ولهم، بحيث تكون أهواؤهم وشهواتهم ورؤاهم ونزواتهم هي المرجعية وهي القيمة وهي المقياس وهي المعيار لكل شيء، في استقلال تام عن الله، فليقل الله ما يشاء وما يحلو له ولنفعل نحن ما نشاء وما نريد في شئوننا وأمورنا الحياتية!!.

ومن يطالع نصوص القرءان الكريم التي تتحدث عن الشيطان وتنتقد سلوكه وممارساته يجدها تصب جميعها في اتجاه نقد الفكر "العلماني" للشيطان، ذلك الفكر القائم على الفصل بين الله وتقييمات ومقاييس ومعايير الشيطان الذاتية الشخصية التي تجعل من ذاته وأهوائه وشهواته ونزواته هي المرجعية الوحيدة له والتي لا سلطان لله عليها من قريب أو بعيد.

وها هي مجموعة من النصوص القرءانية التي تثبت هذا وتؤكده:

تأمل هذا النص كيف يبين لنا أن الشيطان قد أخذ على عاتقه أن يتخذ من عباد الله نصيبا مفروضا ليحول بينهم وبين الله ويفصل بين مرجعية الله ومرجعية ذواتهم:
قال تعالى:
(إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً(117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً(118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِيَنَّهُمْ وَلآمُرَنُّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِياًّ مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً(119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً). (120_ النساء)

وتأمل هذا النص كيف يبين لنا أن الشيطان يتبع الإنسان ولا يتركه حتى يفصل بينه وبين الله فيجعل منه غاويا متخذا من هواه مرجعية له:
قال تعالى:
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ(175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ). (176_ الأعراف).

وتأمل هذين النصين كيف يبينان لنا أن الشيطان يعمل على الفصل بين الناس وبين الله في الحكم كي يتحاكموا في أمورهم وشئونهم إلى "الطاغوت" وهو كل مادون الله وكل من وكل ما هو مستقل عن الله في الحكم، بل إن الشيطان حين يجدهم منزوعي المرجعية حتى لذواتهم فيدعوهم لاتباع الآباء والأجداد الذي لا يعقلون ولا يعلمون ولا يهتدون وترك مرجعية الله:
قال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً). (60_ النساء)
وقال تعالى:
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً). (83_ النساء).
وقال تعالى:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوَهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ(21) وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ). (22_ لقمان).

وتأمل هذا النص كيف يبين لنا أن الشيطان يتدخل بالفصل بين مرجعية الله للإنسان وجعله يعتمد على مرجعية ذاته حتى في الأكل مما في الأرض دون تمييز بين ما هو حلال طيب أحله الله وما هو حرام خبيث حرمه الله:
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ). (168_ البقرة).

وتأمل هذا النص كيف يبين لنا أن الشيطان يتدخل بالفصل بين مرجعية الله للإنسان وجعله يعتمد على مرجعية ذاته حتى في إيقاد نيران الحروب والامتناع عن الدخول في السلم، حيث أن الله يدعو كافة المؤمنين به للدخول في السلم بينما مرجعية الذات والهوى والشيطان هي مرجعية إيقاد نيران الحروب بلا توقف:
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ). (208_ البقرة).

وتأمل هذين النصين كيف يبينان لنا أن الشيطان يعمل على الفصل بين الناس وبين الله مما يوقع الإنسان في الفقر والفحش والخروج المذل والخاسر من نعم الله:
قال تعالى:
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ) (268_ البقرة).
وقال:
(وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ). (36_ البقرة).

وتأمل هذين النصين كيف يبينان لنا أن الشيطان حين يتدخل بالفصل بين مرجعية الله للإنسان وجعله يعتمد على مرجعية ذاته كيف ينفق أمواله في كل ما يرائي به الناس ويتفوق ويتقوى ويتعالى به عليهم، وفي كل ما هو سفيه يثير العداوة والبغضاء، لا فيما ينفع به الناس، كالإنفاق على التسلح والترف والبريق المادي وعلى الملاهي والخمور ونوادي القمار بينما هناك الملايين من شعوب الأرض لا يجدون كسرة الخبز:
قال تعالى:
(وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً). (38_ النساء).
وقال:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ). (91_ المائدة).

وتأمل هذه النصوص كيف تبين لنا محاولات الشيطان المستميتة في إغواء الإنسان لينزع عنه لباس المرجعية الإلهية التي تريد له كل خير وقسط وعدل وحق مادام مرتديا لهذا اللباس، فيأبى فكر الشيطان العلماني أن يبقى على الإنسان مرتديا لهذا اللباس، فيجره إلى نزعه، وحين يخضع الإنسان لوسوسة وإغواء الشيطان ويقوم بنزعه عندها سينزع معه كل خير له ولبني جنسه وتظهر سوءات الإنسان وقبحه وشروره وفجوره وقسوته وجنونه وإجرامه وإفساده في الأرض، وساعتها سيذوق الناس مرارة نزع المرجعية الإلهية وويلات ارتداء مرجعية الأهواء والنزوات والشهوات والعنصرية البشرية المنكفئة المنغلقة الضيقة المحدودة، وعندها سيرتدي الإنسان رغم أنفه رداء الجوع والخوف والشقاء والدمار والخراب والهلاك والتشريد والصراع والحرمان، فمن ينزع عن نفسه لباس المرجعية الإلهية فحتما يكون من الظالمين لنفسه ولبني جنسه.
قال تعالى:
(وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخَالِدِينَ(20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ(21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ). (22_ الأنعام).
وقال تعالى:
(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ(27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ(29) فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ). (30_ الأعراف)
وقال تعالى:
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى(116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى(117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى(118) وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى(119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى(120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى). (121_ طه).
وقال تعالى:
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً(61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً(62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً). (63_ الإسراء).

ولا يقتصر فكر الشيطان "العلماني" في جر الناس إلى اتباع مرجعية ذواتهم وشهواتهم وأهوائهم فحسب بل يمتد فكر الشيطان العلماني إلى سوق أمم بكاملها إلى حتفها وشقائها وخرابها ودمارها نتيجة لسوء أعمالهم، فكما أن الشيطان يقدم فكره العلماني للأفراد فهو كذلك يقدمه لقادة الأمم وحكامها وزعمائها ومسئوليها والقائمين عليها، حيث يزين لهم أعمالهم فتقسوا قلوبهم حتى ينسوا تماما أن هناك مرجعية إلهية لابد للأمم أن ترجع إليها وتقيس بها وتقيم بها الأمور، فتنهمك الأمم في كل ما هو مادة وزينة ولهو ومكاسب دنيوية وتكالب على جمع وحصد لتلك المكاسب، فيفتح الله عليهم أبواب المادة على مصراعيه وأبواب امتلاك القوة على مصراعيه وأبواب الزينة واللهو والمكاسب الدنيوية على مصراعيه، حتى إذا غمرتهم فرحة الاستقواء والاستعلاء والاستغناء بكل هذا عن مرجعية الله وموازينه وتقييماته للأمور والأشياء فعندها تبدأ لحظة تصدع الأمم وسقوطها وانهيارها الكامل.
قال تعالى:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42) فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) (44_ الأنعام)
وقال تعالى:
(تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). (63_ النحل).
وقال تعالى:
(وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ). (38_ العنكبوت)
وقال تعالى:
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكَاذِبُونَ(18) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ). (19_ المجادلة)

وتأمل هذا النص كيف يبين لنا أن الشيطان لا يقبل ولا يرتضي ممن يتبع فكره العلماني إلا أن يشاركه في كل شيء حتى في ماله وولده.
قال تعالى:
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً(64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً). (65_ الإسراء).

وتأمل هذه النصوص وانظر كيف تبين لنا بجلاء أنه لا يتواجد فكر الشيطان العلماني في مكان أو في زمان أو في مجال أو في أمر من أمور إلا ويتواجد معه النزغ والتحريش والتحريض والعداء بين الناس وبين الأمم.
قال تعالى:
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ). (100_ يوسف).

ولا يتواجد فكر الشيطان العلماني إلا ويتواجد معه التبذير والإسراف والبذخ والإنفاق فيما لا قيمة له ولا طائل من ورائه ونسيان الفقراء والمساكين والجوعى والمحتاجين والمحرومين.
قال تعالى:
(وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً(26) إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً). (27_ الإسراء).

ولا يتواجد فكر الشيطان العلماني إلا وتتواجد معه شهوة الملك وشهوة الخلد.
قال تعالى:
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى). (120_ طه).

وتأمل هذا النص الذي يبين لنا كيف أن دور الشيطان في قطع صلة الإنسان بالله لا يقتصر فقط مع البشر العاديين بل يمتد دوره في اللغو في آيات الله والإلقاء في أماني الأنبياء والرسل حتى يختلط الأمر على الدهماء والغوغاء ومن لا علم لهم فيفتتن من يفتتن وينحرف من ينحرف.
قال تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(54) وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ). (55_ الحج).

لأجل كل هذا توالت النداءات الإلهية للإنسان لتحذره من الشيطان:
قال تعالى:
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ). (61_ يس).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (21_ النور).

(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً). (29_ الفرقان)

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ(5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُواًّ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير). (6_ فاطر).

(وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُواًّ مُّبيِناً). (53_ الإسراء).

(يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِياًّ(44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِياًّ). (45_ مريم).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهُمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ). (10_ المجادلة).

ولكن الله برحمته لم يؤصد الأبواب في وجه التائبين العائدين من ركب الشيطان وحزبه ودلهم على ما يحصنهم من إغواء الشيطان ونزغه ووسوسته.
قال تعالى:
(وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ). (201_ الأعراف).
وقال تعالى:
(فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ). (100_ النحل).

كثيرون هم السذج والبسطاء من محدودي الفهم والوعي يرون أن "العلمانية" _التي تقوم على نزع سلطان الله ومرجعيته وجعلهما في يد طغاة البشر وملئهم وأكابر مجرميهم_ ظهرت فقط في العصور الوسطى في أوروبا، كرد فعل على ممارسات رجال الكنيسة اللاآدمية وجرائمهم وفسادهم ووحشيتهم ضد الشعوب الغربية وغيرها من الشعوب، والتي امتدت لألف عام متواصلة، بل لو طالع هؤلاء السذج تاريخ الأمم والجماعات البشرية عبر التاريخ الإنساني كله لوجدوا أن "العلمانية" قد ظهرت مع ظهور الشيطان الأول والإنسان الأول، وليست وليدة العصور الوسطى في أوروبا، ومن يطالع أنباء القرءان الكريم وقصصه بل وأنباء وقصص كل الكتب الإلهية ورسالاته لوجد أن "العلمانية" و"العلمانيين" قد نازعوا الله في سلطانه على الناس منذ المجتمع الإنساني الأول ومازال هذا النزاع مستمرا حتى يوم الناس هذا، وسيجد أن كثيرا من المجتمعات البشرية عبر التاريخ البشري كله كانت مرجعيتها هي مرجعية نزوات وشهوات وأهواء الملوك والطغاة والفراعنة والأشقياء والملأ والذين استكبروا وأكابر مجرميهم، وكانت التقييمات والقيم والمقاييس والموازين والمعايير هي تقييمات وقيم ومقاييس وموازين ومعايير البشر الشخصية العنصرية المصلحية الضيقة المحدودة، فانظر إن شئت إلى قوم نوح وقوم إبراهيم وقوم عاد وقوم صالح وقوم فرعون وأصحاب الرث وثمود وكثيرين غيرهم.

فحين يعتنق الآدمي فكر الشيطان العلماني القائم على الفصل التام بين الله والإنسان ويستقل بمرجعيته ومعاييره وتقييماته ومقاييسه للأمور والأشياء بعيدا عن الله تنحط وتنحدر معاييره وتقييماته ومقاييسه للأمور والأشياء، فنرى معتنقي العلمانية يُقيِّمون كل ما يرونه وكل ما يعرفونه ويفهمونه ويدركونه ويقبلون ما يقبلون منه ويرفضون ما يرفضون وفق نظرة عنصرية مصلحية نزقية طفولية مراهقة ساذجة، حالت بين الإنسان وبين المعرفة الحقيقية والنظر الصائب والتدبر الواعي، فكانت نظرة العلماني عبر التاريخ الإنساني كله لله تتوافق مع ما يشتهي هو ويهوى لا ما يريده الله، ووفق ما يريد هو لله أن يكون، لا كما أراد الله لنفسه ولخلقه أن يكون، فحرف العلمانيون دين الله عن مواضعه وحولوه إلى مثالية شيطانية وهمية مزعومة أفرغت الدين من محتواه الذي أنزله الله به، وكذبوا رسله وكذبوا عليهم، ولقد سجل لنا القرآن الكريم عددا من صور تلك النظرة العلمانية العنصرية الطفولية الساذجة التي كانت لدى أقوام جميع الأنبياء والمرسلين سواء منهم من أيقن بدعوة الأنبياء والمرسلين ولم يتبعها أو من كذبها وحاربها، فالذين كذبوا دعوة الأنبياء والمرسلين، ناصبوهم العداء واضطهدوهم وقاتلوهم وأخرجوهم من ديارهم وأبنائهم بغير حق، أما الذين أيقنوا بدعوة الأنبياء والمرسلين ولم يتبعوها، لم يستطيعوا رد سلطانها الساطع وبرهانها القوي وحجتها الدامغة، فقاموا يطالبون بأشياء لا طاقة للأنبياء والمرسلين بها، منها: (أرنا الله جهرة)، (لولا جاء معه ملك)، (فأت بآية)، (لولا أنزل عليه كنز)، (أو تكون له جنة من نخيل وعنب)، (أو يكون لك بيت من زخرف)، (أو ترقى في السماء)، (تنزل علينا كتابا نقرؤه) (تأتي بالله والملائكة قبيلا)، فلم يلتفتوا إلى ما تحمله دعوة الأنبياء والمرسلين من حق وعدل وقسط وخير ورحمة، وإنما راحوا يلتفتون إلى جوانب أخرى لم تتطرق إليها الدعوة الكريمة، كما يفعل كثير من العلمانيين اليوم الذين يحتالون على المرجعية الإلهية ليحرفوها وينقضوها ويفرغوها من محتواها الذي أنزله الله بها.

وأعرض الآن جانبا من النظرة العنصرية المادية الشخصية الطفولية السطحية الساذجة للعلمانيين من أقوام الأنبياء والمرسلين، ولنرى كيف أن تلك النظرة المادية العلمانية السفيهة قد صدت هؤلاء الناس وأبعدتهم عن المضمون الحقيقي الذي كانت تحمله دعوة الأنبياء والمرسلين ورسالاتهم والتي تقوم على رد السلطان لله وحده والذي يقوم على "الحق والعدل والقسط"، بل وأبعدتهم عن أي اصطفاف في جانب "الحق والعدل والقسط والخير والرحمة" لعموم البشرية، فانظر كيف كانت ردود العلمانيين السفهاء الساذجين على دعوة الأنبياء والمرسلين:

فقد نفوا عن الله سبحانه اتصاله أو تواصله بالبشر أو أن يكون قد أنزل عليهم رسالة ودينا وشرعا، قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ). (91_ الأنعام).
النظر إلى أقوام الأنبياء بعين الازدراء والتحقير مما حملهم على الاستكبار عن الإيمان بدعوة الأنبياء الذين يخضع أقوامهم لهم، (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ). (47_ المؤمنون).
واستنكارهم وازدرائهم لأن يتبعوا بشرا واحدا منهم، (فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (24_ القمر).
وحكى الله عنهم قولهم: (فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا). (6_ التغابن).
وحكى الله عنهم: (أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ) (63_ الأعراف).
وحكى الله عنهم: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا). (2_ يونس).
وحكى الله عنهم قولهم: (مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ). (27_ هود).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً(90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً(91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً(92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً(93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً). (94_ الإسراء).
وحكى الله عنهم قولهم: (مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ). (24_ المؤمنون).
وحكى الله عنهم قولهم: (مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ(33) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ). (34_ المؤمنون).
وحكى الله عنهم قولهم: (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ). (15_ يس).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالُوا مَا لِهَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً(7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا). (8_ الفرقان).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ). (118_ البقرة).
وحكى الله عنهم قولهم: (لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ). (12_ هود).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً). (91_ هود).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا). (21_ الفرقان).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً). (32_ الفرقان).
وحكى الله عنهم قولهم: (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى). (48_ القصص).
وحكى الله عنهم قولهم: (ولَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِياًّ لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ). (44_ فصلت).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ). (31_ الزخرف).
وحكى الله عن العلماني الأشهر فرعون قوله: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ(51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ(52) فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ(53_الزخرف).
وحكى الله عنه أيضا قوله: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا المَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) (38_ القصص).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ). (36_ القصص).
وحكى الله عنهم قولهم: (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي المِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ). (7_ ص).
وحكى الله عنهم قولهم: (أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا). (8_ ص).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). (5_ الفرقان).
وحكى الله عنهم قولهم: (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً). (153_ النساء).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ). (91_ البقرة).
وحكى الله عنهم قولهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ). (47_ يس).

هكذا وكما رأينا يكون "العلماني" الفرد و"العلماني" القوم أو الشعب أو الأمة، هكذا هو مبلغهم من العلم والفهم والوعي، وهكذا نرى قصر نظرهم وعدميتهم ولا معياريتهم ويأسهم الوجودي حين لا تكون لهم مرجعية إلا ذواتهم، وحين لا يكون لهم معيار إلا معيارهم الشخصي الضيق المحدود القاصر، وحين لا تكون لهم مقاييس ولا تقييمات ولا موازين إلا مقاييسهم هم وتقييماتهم هم وموازينهم هم المستقلة تماما عن الله وعن مرجعيته وتوجيهه وإرشاده، ويظل العلماني الفرد أو الأمة أو القوم أو القبيلة أو الشعب يتعاطى العلمانية على درجات متفاوتة حتى يصل إلى ما وصل إليه فرعون من جنون وفجور وشذوذ وكبر وغطرسة واستعلاء وإفساد في الأرض حين قال: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ). (غافر:29). وحين قال: (يَا أَيُّهَا المَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) (38_ القصص). والحالة الفرعونية هي أخطر وأشد حالات التطرف والتشدد والمصلحية والعنصرية واللامعيارية والعدمية العلمانية التي يصل إليها العلماني بعلمانيته، سواء كان فردا أو قوما أو أمة أو قبيلة أو شعباً، وقد وصل إلى هذه الحالة الخطرة من العلمانية كثيرون عبر التاريخ غير فرعون، منهم على سبيل المثال لا الحصر كثير من الملوك والأباطرة والأمراء والخلفاء والسلاطين عبر التاريخ الإنساني كله كالحجاج بن يوسف، وهولاكو، وجنكيز خان، وهتلر، وموسيليني، وستالين، والقذافي، وغيرهم من العلمانيين العنصريين السفاحين العدميين وكثير من الأقوام والشعوب والأمم عبر التاريخ الإنساني.

والجدير بالذكر هنا أن كثيرين يظنون خطئا أن العلمانية الفرعونية العنصرية الطغيانية المستبدة لا تتجسد إلا في شخص حاكم فرد طاغية مجرم مستبد يتحكم في أمة أو شعب أو قبيلة أو قوم، بل إن العلمانية الفرعونية العنصرية الطغيانية المستبدة تتجسد كذلك في شعب بكامله أو أمة بكاملها أو قوم بأكملهم، كقوم نوح وقوم إبراهيم وقوم عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الرث وغيرهم، حيث لم يذكر لنا القرءان الكريم أنه كان لهؤلاء الأقوام قائد فرد طاغية مستبد كفرعون أو هتلر أو موسيليني أو ستالين أو القذافي يقودهم ويحكمهم، بل كانت العلمانية الفرعونية والطغيان والاستبداد والعنصرية والمادية البغيضة كانت ثقافة ومنهج وسلوك قوم بأكملهم وأمة بأكملها وشعب بأكمله، وليس شرطا أن يمارس القوم أو الأمة أو الشعب عنصريتهم وطغيانهم واستبدادهم بين أبناء الأمة الواحدة أو الشعب الواحد أو القبيلة الوحدة، بل كانت عنصريتهم وطغيانهم وفجورهم يمارس على غيرهم من الأقوام والشعوب والأمم والقبائل القريبة والبعيدة، بينما هم في داخلهم على قلب رجل واحد في العنصرية والطغيان والاستبداد، ونشاهد مثل هذا في وقتنا الحالي متجسدا في شعب دولة إسرائيل العلمانية العنصرية الإجرامية، ونشاهده متجسدا في أمة كالأمة الأوروبية والأمة الأمريكية، فهذه الأمم المعاصرة ليس فيها حاكم فرد طاغية مستبد عنصري، إنما نرى الشعب بأكمله والأمة بأكملها والمجتمع بأكمله علمانيا عنصريا ماديا مصلحيا طغيانيا إجراميا ضد غيرهم من الأمم والأقوام والشعوب.

والآن أعرض مقاربتي بين فكر الشيطان والفكر العلماني مبتعدا قدر الإمكان عن سوء النية الذي قد يفترضه بعض الناس في هذه المقاربة، وأعرض خلالها السؤال الذي لا أظن أن المتعلمنين سيجدون له جوابا صريحا واضحا دون الدخول بنا في مراوغات وتهويمات وتبريرات وزئبقية وتلفيقات العلمانيين المعهودة.

هذه المقاربة تأسست على محاولة تلمس لون وكنه المرجعية القيمية والأخلاقية لدى "الشيطان" و"لدى العلمانيين"، وهل هي تستند إلى مرجعية سلطان الله القائم على "الحق والعدل والقسط"؟، أم تستند إلى مرجعية حماقات ونزوات وشهوات وأهواء البشر الضالة القاصرة المحدودة؟، وأقصد بـ "المرجعية" هنا ذلك السلطان والموجه والمرشد لأفعال وسلوكيات وتفاعلات الإنسان، سواء كان ذلك الموجه نزعة شخصية مزاجية هوائية أملتها ميول الفرد الذاتية أو الفئوية أو العرقية العنصرية، أو كان ذلك الموجه هو سلطان الله القائم على "الحق والعدل والقسط" الذي استمده الفرد من سلطان الدين الذي يعتنقه ويؤمن به، والذي يرجع إليه الإنسان ليعاير به سلوكه وممارساته وتفاعلاته مع بني جنسه والأشياء من حوله ويزنها ويقيسها قبل وبعد ترجمة ذلك السلوك وتلك الممارسات والتفاعلات إلى واقع عملي فعلي على الأرض.

فبعيدا عن ثوابت العقائد الدينية والفكرية والفلسفية وبعيدا عن الكفر والإيمان وبعيدا عن التقديس والشيطنة وبعيدا عن زئبقية العلمانيين وسفسطاتهم وتهويماتهم وتحليلاتهم وانقساماتهم التي تفوق انقسامات البكتيريا حول ضبط تعريفات وتحديد مفاهيم ما يسمى "العلمانية"، ورغم كل هذا الجدل العقيم اللانهائي حول ضبط تعريفها وتحديد مفهومها إلا أن "العلمانية" لا مفهوم لها إلا "انعدام المرجعية الدينية التي هي بالتأكيد انعدام للمرجعية القيمية والأخلاقية والإنسانية لمعتنق ما يسمى "العلمانية"، فالمرجعية الوحيدة لمعتنق "العلمانية" هي مرجعية ذاته ومصالحه ونزواته وشهواته وتطلعاته ليس إلا. لأن مرجعية الأخلاق والقيم الإنسانية السامية النبيلة لا مصدر لها في العالم ولا في التاريخ الإنساني كله إلا الدين، وإلا فكيف عرف الإنسان الأخلاق؟؟ ومن أي مصدر أتى الإنسان بالأخلاق إلا من الدين؟؟، فالدين هو المصدر الوحيد للأخلاق منذ فجر التاريخ البشري وحتى الآن، ولا يوجد مصدر آخر للأخلاق سوى الدين. ولولا الدين لما عرف الإنسان للأخلاق أي معنى.

وبالتالي فحين تجرد العلمانية الإنسان تماما من المرجعية الدينية وتفصل بينه وبين الله في أي مجال من مجالات الحياة الإنسانية فعندها يتجرد الإنسان أول ما يتجرد من القيم والأخلاق الدينية الإنسانية النبيلة السامية، ويتحول إلى وحش بهيم لا يعنيه إلا أهوائه ومصالحه وشهواته ونزواته فحسب. وهذا ما نراه في عالمنا المعاصر، هذا العالم العلماني المنفلت والشارد من كل قيمة ومن كل خلق ومن كل فضيلة، هذا العالم الذي يدعي "الحقوق والإنسانية والعلم والمحبة والسلام" زورا وكذبا ودجلا ومراوغة وتضليلا ، هذا العالم العلماني الذي تجسده عبارة العلمانيين الشهيرة التي تقول: (إن العالم اليوم هو عالم تحكمه المصالح). أي يقوم على المصالح فحسب ولا شيء غير المصالح، بينما القيم والأخلاق الدينية الإنسانية العامة السامية لا وجود لها إلا في قاع الجحيم.

وليس من شاهد حق على هذا إلا أنه حين تلوثت مجتمعاتنا العربية والإسلامية وخاصة المجتمع المصري بالعلمانية في المرجعية القيمية والأخلاقية والموازين والمعايير والثقافة والفنون والتربية والتعليم والسياسة والسلطة ونظم الحكم والقضاء والإعلام فما أشقاهم وما أشقانا، فقد تحولت هذه المجتمعات إلى مستنقع موحل وسقوط متدنٍ في السلوك والفكر والمعتقد والممارسات والشذوذ النفسي والفكري والقيمي، تأنف وتعف الأنعام والوحش البهيم عن الانحدار والسقوط إلى تلك الأوحال والمستنقعات التي انحدرت وسقطت فيها إلى أذنيها.

فكل طغاة البشرية على مر التاريخ الإنساني كله وعبر شتى العصور منذ عصر "الشيطان" _كبيرهم الذي علمهم العلمانية_ كانوا علمانيين، والعلماني هو ذلك الكائن العدمي اللامعياري الزئبقي المائع الذي لا مرجعية له تحكمه أو تحكم أخلاقه أو قيمه أو سلوكه أو ممارساته أو أفكاره أو تعاليمه سوى ذاته ومصالحه الشخصية وأهوائه ونزواته وحماقاته، فجميع طغاة العالم كانوا علمانيين بدءاً من "الشيطان" الذي أخرج أبوينا من الجنة حتى كل الطغاة الأحياء الذين يحكمون العالم اليوم ويجثمون على صدور الشعوب يسفكون دماءها ويغتصبون أقواتها ويحرمونها من حقوقها ويقمعون إرادتها.

وأقدم للقارئ قائمة صغيرة جداً فيها عدد قليل جداً من العلمانيين الطغاة السفاحين الأشرار عبر التاريخ الإنساني كله:

الشيطان
قتلة الأنبياء
أعداء المرسلين
فرعون
الإمبراطور قسطنطين
أبو جهل
أبو لهب
عبد الله ابن سلول
معاوية ابن أبي سفيان
زياد بن معاوية "قاتل الحسين".
الحجاج بن يوسف
وكل الخلفاء المجرمين السفاحين في التاريخ الإسلامي
هولاكو
جنكيز خان
محمد علي باشا
نابليون بونابرت
هتلر
موسيليني
لينين
كمال أتاتورك
استالين
ماو تسي تونج
عبد الناصر
بو رقيبة
حافظ الأسد
تشاوشيسكو
صدام حسين
القذافي
السادات
مبارك
ديجول
تشرشل
ترومان
مارجريت تاتشر
رونالد ريجان
جورج بوش الأب
جورج بوش الابن
توني بلير
بوتين
بشار الأسد
زين العابدين بن علي
جميع ملوك وأمراء الخليج
عبد الفتاح السيسي
وغيرهم كثير، كانوا جميعا علمانيين أشراراً طغاة مفسدين في الأرض، هم من أوقدوا نيران الحروب وقتلوا ملايين من البشر.

## العلمانيون وفقدان المرجعية القيمية والأخلاقية :

العلمانيون _وخاصة المصريين والعرب_ ليس لديهم أية مرجعية قيمية أو أخلاقية يمكن أن ترجعهم إليها أو تلزمهم بها أو تعاهدهم عليها أو تحاكمهم وتحاسبهم من خلالها حين يخطئون أو يتجاوزن أو يجرمون أو يفسدون في الأرض أو ينشرون فيها الدمار والخراب، سوى مرجعية مصالحهم وذواتهم وشهواتهم وأهوائهم وزئبقيتهم ومراوغتهم. ولا يملكون سوى الكلمات المنمقة والعبارات الفضفاضة والجعجعة الفارغة والشعارات الجوفاء، التي لا أثر لوجودها على الإطلاق في واقع حياتهم ومقولاتهم وسلوكياتهم وممارساتهم. فكل علماني يشهر في وجوهنا شعارات من قبيل: "حقوق الإنسان، وحقوق الحيوان، وحقوق الطفل والحريات والنظام والقيم والأخلاق وحقوق المرأة والعدالة والمساواة" وغيرها من شعاراتهم البراقة التي يسيل لها لعاب السذج والحمقى ممن يستمعون لهم أو يقرءون لهم أو يتابعونهم، حين تسأله عن مصدر هذه القيم ومنبع هذه المبادئ وعن الوازع الإلزامي له في تحقيق هذه الشعارات وترجمتها في واقع عملي على الأرض تراه يرفع لك شعارا آخر أشبه بالطرفة أو النكتة السمجة التي لا تضحك إلا قائلها ألا وهو: (دافع الإنسانية)، وحين تسأله كذلك عن مصدر الإنسانية في داخله ومرجعيتها تراه يقول لك: (دافع الضمير)، وكلها كما نرى محض شعارات جوفاء خاوية من كل مضمون أو محتوى فعلي حقيقي وإلزامي، فالإنسانية والضمير وكافة الشعارات البراقة التي يحدثنا عنها الكائن العلماني هي أشبه بالعملة الزائفة غير قابلة الصرف إلا عند المكفوفين وعميان البصر والبصيرة.

والآن حري بنا بعد هذا العرض أن نوجه السؤال الكبير والمحوري للعلمانيين والذي أوقن بكل اطمئنان وسكينة أنهم لن يجدوا له جواباً:
ما هي المرجعية الأخلاقية والقيمية التي يعتمدها الكائن العلماني في تبرير أفكاره وقناعته وسلوكياته وممارساته؟؟. فالعلماني كثيرا ما يحدثنا عن الإنسانية والقيم والأخلاق والرحمة والنظام والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان والشفافية والحرية وووو....إلخ، لكن ما هي مرجعية هذه الشعارات التي تلزم العلماني فيجد نفسه ملزما بها داخليا ولا يتجاوزها إلى غيرها من السلوكيات السيئة؟؟.

وبعبارة أخرى: فمثلا لو أخطأ الكائن العلماني أو بغى أو طغى أو ظلم أو قتل أو سرق أو كذب أو خان أو غش أو اختلس أو خدع أو تحرش أو اغتصب، ماذا يمكن أن نقول له؟ وبماذا نحاسبه أو نعاتبه أو نحاكمه؟ وإلى أي مرجعية يمكن أن نرجعه إليها ونضمن ألا يفعل ما فعل مرة أخرى؟، خاصة أننا نعلم جميعا علم اليقين أن كل ما ينادي به العلماني من مثل وقيم وأخلاق ومبادئ هي في الأصل محض قيم وأخلاق ومبادئ دينية جاءت بها الأديان وألزمت بها المؤمنين بها فحسب، وذكرت أن من يمتثل بها فله جزاؤه الأخروي عند الله يوم الحساب، ومن لم يمتثل بها فعليه عقاب من الله يوم الحساب، فالمؤمن يمتثل هذه القيم والأخلاق والمبادئ استجابة لوازع الإيمان بالله في داخله ورجاءً لثواب الله وخوفا من عقابه، أما العلماني حين يرفع شعارات القيم والأخلاق والمبادئ والرحمة والعدل والحقوق والمساواة فبأي دافع وبأي وازع يرفعها؟؟، وماذا لو خالف هذه الشعارات وفعل مضاداتها فهل نقول له: (عيب اتق الله؟، أم حرام عليك؟، أم لا يجوز ميصحش)؟!!، وهو أصلا ومبدئياً لا يعترف بمرجعية مثل هذه الشعارات ولا بإلزاميتها له على الإطلاق، لأنه يرى أن أمور الحياة وشئونها وعلاقاتها يجب الفصل التام بينها وبين سلطان الدين الذي هو المرجعية الإلهية الوحيدة لهذه القيم والمبادئ التي ارتضاها الله للناس وعرفهم بها وعلمهم إياها عن طريق رسالاته ووحيه إلى أنبيائه ورسله؟؟. وأخيرا: إذا كان العلماني فاقد المرجعية القيمية والأخلاقية والحقوقية الملزمة له داخليا يصعب على المرء منا أن يستأمنه على نفسه أو بيته أو ماله أو عرضه لفقدانه المرجعية الإيمانية بالله فهل مثل هذا الكائن يؤتمن على مصير دولة أو بلد أو شعب أو أمة ويقودها ويحكمها ويتسلط على مقدراتها وحاضرها ومستقبلها؟؟!!!.

وهنا قد يحتج علينا علماني زئبقي مرواغ مضلل مخادع بقوله: (العلمانية ليست ضد الدين وليست ضد التدين ولكنها ضد الحكم الديني وضد التشريع الديني وضد المرجعية الدينية)، فنقول له: هكذا يقول الشيطان لأتباعه وأنصاره:

(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ العَالَمِينَ). (16_ الحشر).

(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). (22_ إبراهيم).

(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ العِقَابِ). (48_ الأنفال).

تخيل!! الشيطان بعد تحريضه للإنسان على الكفر وحين يطيعه الإنسان فيكفر نجده يتبرأ منه ويدعي أنه يخاف الله رب العالمين!!، هكذا العلماني لا مرجعية قيمية أو أخلاقية له، لا من دين ولا عرف ولا تقاليد، ثم تراه يرفع كل الشعارات البراقة: "العلم والقيم والأخلاق والإنسانية والحقوق" ولكن من دون أية مرجعية تحكمه أو تحاكمه إليها أو تحاسبه بها!!. لهذا دائما أقول: من يقل لي ما هي مرجعية "الشيطان" القيمية والأخلاقية أقل ما هي مرجعية "العلماني" القيمية والأخلاقية.

هكذا يقول لنا العلمانيون الكذابون المراوغون يضاهئون مقولات الشيطان الفصامية المتناقضة المراوغة من قبيل: (العلمانية ليست ضد الدين ولا ضد التدين، ولكن العلمانية ضد الدولة المحكومة بشريعة دينية وقوانين دينية أو الدولة التى يسيطر على مجالها العام ونظامها العام الطابع والأطر الدينية، والعلمانية مع حياد الدولة تجاه الأديان، والعلمانية تحمى الدين من سطوة السياسة وتحمى الدولة من استبداد الدين، و العلمانية مع التشريع البشرى وليس الديني، ومع الحكم البشري وليس الديني، والعلمانية مع عدم وجود سلطة للدين على القرار السياسي، والعلمانية مع الدولة التي لا تتخذ الدين حكما في قوانينها وتشريعاتها، ولا تفرضه، ولا تدافع عنه أو تحميه، ولا تعاقب تاركيه، ولا تراقب تنفيذ أوامره ونواهيه، وفي الوقت نفسه نحن مع حماية حقوق الأقليات الدينية، فالعلمانية ضد الدولة الدينية وليست ضد الدين، والعلمانية تحمى الحريات الدينية وتحمي الأفراد والمجتمع والدولة من الاستبداد الديني، والعلمانية ترى أن الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه لا دخل لأحد فيها لكن هذه العلاقة الدينية لا تتعد حدود ضلوع الصدر وجمجمة الرأس إلى السلوكيات والأفعال والممارسات).

هكذا يكذب ويخدع ويراوغ ويضلل العلمانيون أتباعهم وأنصارهم، وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن مقصد العلمانية الرئيس والأساس هو التفلت والشرود من الدين عامة والخضوع فحسب لأهواء البشر ونزقهم وآرائهم وقيمهم وموازينهم بعيدا عن أي قيمة أو خلق أو قيد ديني، وهذا بدوره يؤدي حتما إلى العنصرية والعدمية واللامعيارية والخراب والجور والفساد والإفساد في الأرض، ليس بشكل عام، إنما يأتي الإفساد العلماني في الأرض في صور متعددة، فمثلا نرى كثيرا من العلمانيين يراوغون ويخدعون السذج والبسطاء بقولهم: (المسلمون يرتدون الزى الإسلامي بكافة أشكاله في الغرب العلماني، بل أن أكبر درجة من الحريات الدينية متاحة للمسلمين هي في الغرب العلماني وليست في الدول الإسلامية، حتى وصل الأمر إلى أن هذا الغرب يحتضن الكثير من المسلمين المتطرفين).

هكذا هي عادة العلمانيين في مراوغاتهم وتضليلهم وخداعهم وتلبيسهم الحق بالباطل، فالعلمانية لم ينحتها الشيطان إلا لتخليص السلطة السياسية والقانونية والتشريعية من أي سلطان للدين عليها، ولم يرسل الله رسله ولم ينزل كتبه للعالمين من أجل أن يسمح الغرب العلماني العنصري للمسلمين أو غير المسلمين بأن يرتدوا زيهم الديني أو يطلقوا لحاهم أو يسمح لهم بإقامة شعائر دينهم!!، فالغرب بالفعل يسمح لهم بهذا ولكنه لا يسمح لهم ولا لغيرهم مطلقا بأن يقترب أحدهم من الأنظمة السياسية الغربية العلمانية العنصرية التي تستقوي على جميع شعوب العالم بالقوة العسكرية الباطشة والقوة الاقتصادية التي لا تتجه ثمارها إلا للرجل الأبيض الغربي فحسب، فتحتل بلدان من تشاء وتجيع شعوب من تشاء وتمتص دماءهم وتنهب ثرواتهم. ثم إننا نقول لعلمانيونا السذج السفهاء: ماذا لو أن مجموعة من الناس الذين يعيشون في الغرب العلماني أتباع أي دين اتفقوا على أن تكون لهم قوانينهم وتشريعاتهم التي تقوم على قيم وتعاليم وأخلاقيات ذلك الدين؟؟ هل الغرب العلماني العنصري المعادي للأديان سيسمح لهم بذلك؟؟!!.

ثم نرى العلمانيين الكذابين المراوغين يقولون: (تقوم الدولة العلمانية بفصل عقائد الناس وليس الأخلاق في المعاملات بين كل من الأغلبية والأقلية بالتساوي لفرض الأمن والآمان مهما اختلفت العقائد دون طغيان أي قوى على الأخرى).
وهذا هو عين التدليس والمراوغة والكذب، فهذا قول لا معنى له سوى محو الدين والأخلاق تماما _أي دين وأي أخلاق_ من السلطة الحاكمة وقوانينها وتشريعاتها وفرض نظم وقوانين وتشريعات لا دينية علمانية عنصرية من صنع بشر وإلزام كافة الناس بها رغم أنوفهم، ومن يأبى تطبيقها والالتزام بها فالسجن في انتظاره، وهذا هو عين الطغيان العلماني اللاديني على الجميع شاءوا أم أبوا. هكذا هي العلمانية لا تختلف عن أي فكر ديني أو عرقي عنصري فاشٍ يفرض سطوته وقوانينه على الجميع شاءوا أم أبوا، بدليل أنك لا تستطيع التحاكم إلى شرائع دينك في أي دولة غربية حتى في الزواج والطلاق والميراث، فكيف ببقية الشرائع، فإذ لم يكن النظام العلماني بهذا الشكل نظاما طغيانيا فاشيا ضد الأديان فماذا يكون الطغيان وماذا تكون الفاشية إذاً؟؟. ثم كيف يردد العلمانيون مقولتهم الساذجة الملتبسة التي تقول: (العلمانية ليست ضد الدين والأخلاق لكنها تعني فصل الدين عن السلطة السياسية والقانونية للدولة)؟؟، فمقولتهم هذه لا معنى لها سوى أن العلمانية هي بالفعل ضد الدين وضد الأخلاق في السلطة والحكم والسياسة والقانون وبالتالي فهي ضد الدين وضد الأخلاق في كل شيء يتعلق بحياة الناس ومعاشهم ومعاملاتهم حاشا ارتداء الملابس وإطلاق اللحى ومزاولة الشعائر بصورة نسبية وليست بصورة مطلقة، فالعلمانية بالفعل ترفض فرض الدين لأنها أصلا لا تسمح بوجود الدين ولا الأخلاق أصلا في السياسة ولا السلطة ولا القانون ولا في تعاملات الناس وشئون حياتهم، وهي كذلك لا تطالب بالدين ولا بالأخلاق بعيدا عن السلطة والسياسة والقانون فماذا تبقى للعلمانية من قبولها للأديان والأخلاق؟؟.

أما مهاويس ومجانين العلمانية المصريون والعرب فلا يرون في النظم الغربية إلا حرية الطعام والشراب وتعاطي الخمور والحصول على المال والإباحية الجنسية وحرية الثرثرة واللغو والكلام فحسب، وهذه كلها لا تتعدى كونها حقوقا للأنعام والبهائم وليست حقوقا للإنسان السوي الحقيقي، لكن هؤلاء السفهاء لا يرون أنهم في الغرب لا يستطيعون بل لا يجرءون على المطالبة بالاحتكام إلى دينهم الذي يدعون الانتساب إليه، ولا يجرءون على الخروج على النظام السياسي العلماني العنصري الصارم في الغرب وإلا كان مصيرهم السجن وبئس المصير، أما عن الإسلاميين الذين يزعم سفهاء وسذج العلمانيين أنهم يعيشون في الغرب بكامل حرياتهم يرتدون زيهم الديني ويطلقون لحاهم ويقيمون شعائرهم ويثرثرون كيف يشاءون، فإن العلمانيين يعلمون علم اليقين أن هؤلاء الإسلاميين لا يجرءون على الاعتراض على النظم السياسية اللادينية واللاأخلاقية العنصرية الغربية أو العمل على تغييرها، ولو كان العلمانيون يفقهون لعلموا أن هؤلاء الإسلاميين لو عاشوا في بلدانهم كي يعملون ويأكلون ويشربون ويتناسلون كما يعيشون في الغرب وارتدوا زيهم الديني وأطلقوا لحاهم لكن بشرط أن يبتعدوا عن معارضة النظم العلمانية الإجرامية المستبدة في بلدانهم لعاشوا في رغد ونعيم أكثر بكثير من الغرب.

فالنظم العلمانية في الغرب العلماني المادي العنصري لا تختلف على الإطلاق عن النظم العلمانية العسكرية الطغيانية المستبدة في عالمنا العربي والإسلامي، فهما وجهان لعملة علمانية إجرامية واحدة، فالنظم العلمانية الغربية هي نظم تقوم على تدجين شعوبها عن طريق الإعلام والفنون والصرعات والاستهلاك والمسابقات والمال والبريق والرخاء المادي والتحلل الجنسي بينما في خارج بلدانها تحتل بلدانا وتجوع شعوبا بأسرها وتساند أنظمة علمانية عسكرية أو طائفية أو قبلية مستبدة مجرمة وتساعد في قتل وتدمير شعوب بأكملها، أما النظم العربية العلمانية العسكرية فهي نظم تقتل وتسحل وتعذب وتقمع شعوبها في الداخل وخارجيا تعمل كخدم وجنود مرتزقة لحماية أمن إسرائيل وحماية المصالح الأوروبية والأمريكية في مقابل البقاء على كراسي الحكم ليس إلا.

ويمكنني هنا أن أذكر مقارنة رمزية بين "رب أسرة ورب أسرة آخر" لنرى ما الفارق الإجرامي بينهما كرمز مقارن بين النظم العلمانية الغربية والنظم العلمانية العسكرية والقبلية العربية على النحو التالي:

(رب أسرة يسرق ويختلس ويرتشي ويأكل أموال الآخرين بالباطل قدر استطاعته، وأنى وجدها، بالعمل، بالسطو، بالتجارة، بالخداع، بالقوة، بالإكراه، لكن والحق يقال إن كل مال يحصل عليه ينفقه على بيته ويوسع به على عياله، ويعلمهم في أفضل المدارس، ويشتري لهم أفخر الثياب، ويعيشون في بيت فاره فخم، لا ينقصهم فيه من رغد العيش ووسائل الراحة والمتعة والرفاهية شيء، ولا يحرمهم من شيء يشتهونه).

(ورب أسرة آخر لا يعمل، ولا يريد أن يعمل وهو قادر على العمل، ولا ينفق على بيته، ولا يهتم لتعليم أبنائه، ولا لملبسهم ولا لمأكلهم ولا لمشربهم، بل كلما عمل أحد أبنائه في عمل ما، يقتات منه، طالبه الأب بأن يعطيه من أجره، طوعا أو كرها، وإن أبى الابن، هدده الأب بالطرد من البيت، وإن ضاق الأبناء ذرعا بأبيهم، وتظاهروا أمامه بأنهم لم يتقاضوا أجورهم بعد، ووجد الأب نفسه في حاجة إلى المال، قام إلى أثاث المنزل ليبيع شيئا منه للحصول على المال).

فأي الأبوين أقل جرما من الآخر؟؟؟.
هكذا هو الفارق بين جرم النظم العلمانية الغربية وجرم النظم العلمانية العربية المستبدة.

ولا يزال علمانيونا المصريون والعرب يراوغون ويدلسون على الناس فيصبون جام غضبهم وهجومهم وانتقاداتهم على الدين ذاته وعلى دعاة الدين وفقهاء الدين والفتاوى الدينية والتراث الديني ويزعمون أن كل هذا هو سبب تخلف شعوبنا وتردي أوطاننا وانهيار مجتمعاتنا، والسؤال الآن: متى رأي علمانيونا أبناء الأفاعي رجال الدين أو فقهاء الدين أو دعاة الدين يحكمون مجتمعاتنا؟؟!!!، وهل النظم السياسية الحاكمة مجتمعة الآن في العالم العربي والإسلامي هل هم فقهاء دين ودعاة دين أم محض علمانيين لادينيين عسكريين قبليين طائفيين مجرمين لا آدميين تابعين بل خدم وعبيد أذلاء وجنود مرتزقة للغرب العلماني العنصري اللاديني؟!!! فليذكر لي علماني ابن أفعى اسم فقيه دين أو داعية ديني واحد كانت له سلطة سياسية أو قانونية في أي بلد عربي أو إسلامي منذ قرنين فاتا؟؟ وهل من يسمون فقهاء الدين ودعاة الدين في مجتمعاتنا إلا محض دمى يحركها الحكام العلمانيون المجرمون كيف شاءوا، وهل مثل هؤلاء إلا صناعة علمانية بامتياز في ثوب ديني؟؟.

فالعلمانية _خاصة التي على الطريقة المصرية والعربية_ تحول الفرد من إنسان سوي ينتمي لفصيل الجنس البشري إلى كائن عنصري طائفي مسعور عقور، مشوه الوعي، سقيم الفكر، متساقط الآدمية، ينتمي لفصيلة الوحش البهيم، تمتلئ نفسه بكافة ألوان فيروسات الطائفية والعنصرية والفاشية. إلا من رحم ربك، والغريب أن كثيرا من السذج والبسطاء ومحدودي الوعي ينظرون إلى العلمانية وكأنها لون من ملابس الموضة أو لون من الهوس والتمظهر بكل ما هو غربي لا أكثر ولا أقل، فهم لا يدرون أن داخل رأس كل علماني حقيقي مصري أو عربي جنين لـ "صدام حسين" أو "القذافي" أو "بشار الأسد" أو "عبد الفتاح السيسي"، ولو شاء الله لأحدهم _لا قدر الله_ أن يصل إلى سدة السلطة في أي بلد عربي سنترحم آنذاك على أيام هؤلاء الطواغيت. فجميعهم يحملون ذات الجينات الإجرامية العلمانية الطغيانية الاستبدادية العنصرية في منطقتنا الموبوءة بهم، وما كل تلك الجماعات التكفيرية التي تمارس العنف والقتل والتدمير والتفجير في كل مكان من العالم العربي والإسلامي إلا ردة فعل طبيعية ونتيجة حتمية موضوعية سوية لهؤلاء العلمانيين الأشرار المغتصبون للسلطة والمال والإعلام والثقافة والفكر والفنون والتعليم والاقتصاد والسياسة في بلداننا.

وأخيرا: العلماني المصري أو العربي دائما ما يشهر في وجوهنا مصطلح (العلم)، ما يشعرك وكأن النخبة المثقفة من العلمانيين المصريين والعرب قد قدموا للبشرية العديد من الاكتشافات والإسهامات العلمية وحصدوا العديد من الجوائز العلمية العالمية في شتى العلوم، وفي الحقيقة ما جل علمانيينا إلا محض متطرفين متعصبين حاقدين من أقليات دينية أو عرقية عنصرية طائفية وجدوا في العلمانية متنفسا لأحقادهم وكراهيتهم البغيضة تجاه الأغلبية، أو ثلة من مرتزقة موائد الأنظمة السياسية الحاكمة، أو متسولي الصحف والبرامج التليفزيونية المصرية والعربية غير الصالحة للوعي الآدمي، أو قواعد من الرجال الذين تقدمت بهم السن وتقوست أفكارهم وانحنت رؤاهم من رواد مقاهي المعاشات، أو شباب ضال فاشل تائه عاطل من حملة الشهادات الذين لا يجدون عملا، أو قواعد وعوانس من الفتيات والنساء وربات البيوت اللائي يقترفن العلمانية لإشغال أوقات فراغهن على مواقع التواصل للبحث عن أحد الذكور العميان الذي قد يسوقه حظه التعيس إلى التعثر في إحداهن، أو شرذمة من متسكعي ومتسولي وأبناء شوارع مواقع التواصل الاجتماعي من مهاويس ومجانين البحث عن الجنس والنساء، وحين تسأل أحد هؤلاء عن ما هو العلم؟ هل هو دين جديد يعتنقه الناس؟ هل هو قانون ملزم للناس لن يتمكنوا من الخروج عليه وانتهاكه؟ ما هي حدود سلطانه عليهم؟ فلا نجد لهم جوابا، لأن ما يسمونه علم وما يسمونه إنسانية ومبادئ وأخلاق ونظام وعقل وعدالة وحقوق وغيرها هي محض شعارات فضفاضة براقة مراوغة زئبقية مائعة لا مرجعية لها ولا سلطان داخلي لها ولا خارجي عليهم ولا على أحد من الناس ولا إلزام لها لأحد، وتبقى محض شعارات براقة بلا مرجعية يرفعها العلمانيون الكذابون المراوغون تضليلا وتدليسا ومراوغة ويشهرونها سيوفا مسلولة في وجوه من لا يتبعون أهواءهم ولا يسيرون في ركابهم.

(للحديث بقية في الجزء الثالث)

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الأول
- (مسيحيون أم نصارى)؟ حوار رمضاني مع الأستاذ (أسعد أسعد)
- نبضة قلب في حياة ميتة
- لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟
- (الإلحاد) هو الابن الشرعي للعقائد المسيحية
- (ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب
- الفرق بين الإنسان الواقعي والإنسان الافتراضي
- الفرق بين -حقائق الأشياء- و-زخرف الكلمات- و-عوالمنا الخاصة-:
- آخر الهوامش: هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 ي ...
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (26)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (25)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (24)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (23)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (22)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (21)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (20)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (19)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (18)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (17)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (16)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني