|
هل تتحقق المواطنة الحقيقية في العراق ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 10:33
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد التعقديات التي حدثت في كيان العراق و التغييرات الجذرية التي حصلت في نمط معيشة الفرد و نظرته الى الوطن بعدما مر به طوال تاريخه القديم و الحديث و منذ انبثاقه . كيف يمكن ان نعتقد بان المواطنة تتحق في ظل هذه الظروف و يمكن توفر شروطها الحقيقية المطلوبة و المفروض وجودها مسبقا . هناك معوقات خارج اطار امكانية السلطات التي توالت على العراق منذ الملكية و لحد الان. و العراقيل ليست مصطنعة و انما نابعة من الظروف الموضوعية و الذاتية للشعب العراقي . انبثق العراق بامر فوقي و فرضت حدوده و زجت المكونات فيه وفق مصالح الاستعمار و هدفه و استراتيجيته بعيدة المدى، اي عدم ولادة دولة بشكل طبيعي، و باعتراف الجميع، و هذا ما فرض عدم وجود شعب يتميز بسمات خاصة للشعب و يمكن ان يسمى شعبا بمعنى الكلمة، بل هو مجموعة من المكونات المختلفة عن البعض جذريا و من ثم وجود تكتلات غير منسجمة في المكونات ذاتها، وبوجود الفوارق التي تمنع الوصول الى حال يمكن ان يسمى شعبا كالاخرين . فان كان البلد لم يحوي في كيانه و تركيبته شعبا في الاساس، فكيف و اين و لمن يمكن ان تُبنى المواطنة بحقوق و واجبات خاصة بها . المواطن الحقيقي الذي يحس بوجود وطن منتمي اليه و بعيد جدا عن الاغتراب و يحس بوجوده و حقوقه و واجباته من ذاته، و يكن في داخله حب للوطن و مستعد الدفاع عنه بدوافع ذاتية و من ايمانه بانتمائه و وجوده و نظرته الى الملكية العامة و الحقوق العامة و المصالح العليا و تقيمه للبنية و الكيان الذي يعيش فيه. فان كان الانتماء الاول و الاخير هو الانغماس في الحس بالجزئيات التي لم تصل لتركيب يمكن ان يسمى وطنا، و الايمان بالعرق و الدين و المذهب قبل الوطن، فاين و متى و كيف يمكن ان ينبت الاحساس بالسمة التي تكون فوق الجزئيات المسيطرة في العقول و السلوك، فهل يمكن ان يبنى و يثبت مفهوم المواطنة في مثل هذه الخصائص و الصفات المسيطرة و في ظل عدم وجود بنية الدولة و الشعب الفوقي و التحتي . تاريخ العراق مليء بالمراحل التي حاولت السلطات دوما فرض مفهوم المواطنة قسرا و بالتحكم بالفرد و لم تنجح في اية منها، ومن غير الممكن و لا يصح ان تفرض المواطنة دون توفر شروطها و ارضيتها المادية و المعنوية، و في بلد كما هو العراق بهذه الصفات و البنيان و الانبثاق . طالما كان الانتماء و الايمان بمفهوم جزئي و هو اقل حجما و اعتبارا من المواطنة اكبر، و كان اقوى و اثبت لدى الفرد، و لم يتمكن الخروج منه بسهولة، فكيف يمكن الانتقال الى مفهوم اكبر و اهم و انفع له، و هو لم يتوصل الى ما هو اهم له بعد، في ظل الثقافة و الوعي المعلوم و ما فرضه التاريخ و تراكماته على عقليته و نظرته الى البلد و المفاهيم المغروسة في عقله و فكره . ان الخطوة و المرحلة الاولى الرئيسية للبدء في التوجه نحو امكانية بناء بلد تثبت فيه المواطنة بحرية و ايمان دون فرض فوقي، يتطلب توفر شروطها و مقدماتها الواجبة توفيرها، اولها؛ هو الايمان بالبلد وحبه و عفوية الانتماء اليه، و هذا غير ممكن طالما بقت الانتماءات على ما هي عليه لحد اليوم و لم ترتق لحد ادنى مستوى مطلوب من الايمان بالوطن كوحدة متكاملة، و في ظل استمرار القلق و عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي من جهة اخرى ستبقى المعرقلات فارضة نفسها على طريق تلك التوجهات . فان لم تتوفر اقل نسبة من العدالة الاجتماعية و المساواة و التكافؤ في فرص العيش بسلام و امان، و في مرحلة تتسم بالانقسامات و التشتت و الخلافات ، لا يمكننا الكلام حتى عن اول الخطوات التوجه نحو المواطنة و تطبيقها . ان اول الخطوات هو استرضاء الفرد و بناء حس الانتماء الى موطنه، و طالما بقت وطن مفروض دون اقتناع داخلي فلا يمكن ان نبحث مثل هذه المفاهيم التي تبنى من ذاتها و بعفوية و قناعة ذاتية، و بضمان الحقوق و الاندفاع الذاتي لتنفيذ الواجبات. و في هذه الحال لابد ان يبحث المتابع عن البديل في واقع لم يتقبل مفهوم عام و الكلي لكيان كامل و متكامل، فلا نعتقد بالامكان ايجاد مثل هذا المفهوم شكلا و تطبيقا، و في بلد كالعراق و ما موجود من الانتماءات العفوية العرقية و المذهبية فيه . اذا، ابسط الطرق هو تطبيق الموجود الحقيقي و من ثم محاولة التقارب لبناء دولة ان امكن بشكل طبيعي، و الفدرالية الحقيقية في المرحلة الاولى خير بداية لغرس مثل تلك الاحاسيس اي الانتماء الحقيقي لكيان اكبر من خلال جزء بعد انتفاء اسباب وجوده، و هذا ما تفرضه المصالح المشتركة بعد تجسيد المواطنة في الجزء او الاقليم ثم البلد كوحدة واحدة بعد اقتناع ذاتي و ما تفرضه المصالح المشتركة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منظمات المجتمع المدني و دورهم في العراق
-
يمكن الاستفادة من انخفاض سعر النفط في العراق ؟
-
الشجاعة لا تكفي لوحدها
-
توزيع الاستعمار للكعكة وفق الحصص
-
هل تعقمنا من البعثية في كياننا ؟
-
هل تنجح محاولة عرقنة الشعب العراقي ؟
-
التمنيات كثيرة و الجميع بانتظار الايام لتحقيقها
-
من هو مصدر التهديدات لهيفاء الامين
-
رقصت السلطة على الحان الحزب الحاكم
-
الكورد يستشهدون بتراثهم
-
هل تبقى قيادة العالم كما هي في السنة الجديدة ؟
-
ضمانة نجاح المصالحة قبل ازاحة داعش
-
نطق الحق فنعتوه بالمرتد
-
انه ليس حبا بالبغدادي بل كرها للمالكي
-
نجني اليوم ثمرات الانعطافة الفوضوية بعد سقوط الدكتاتورية ؟
-
برجوازي السلوك يساري الادعاء
-
كوردستان بحاجة الى معارضة جديدة
-
هل نقول الحقيقة ولو على حساب مكانتنا ؟
-
المسايرة ام الموقف الحاسم ؟
-
هل يعيش الشرق الاوسط في ظروف المرحلة الاجتماعية الواحدة
المزيد.....
-
سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي
...
-
مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي
...
-
بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
-
النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
-
نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
-
الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار
...
-
ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
-
بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن
...
-
روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
-
أطعمة تضر المفاصل
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|