|
في ذكرى رحيلك والدتي ..
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 22:57
المحور:
الادب والفن
في ذكرى رحيلك والدتي .. ها قد حلت سنة جديدة حاملة معها ذكرى وفاة والدتي في اليوم الثاني من بدايتها قبل عامين ، ورغم أن الموت حق وهو سبيل الأولين والآخرين ، فإن حزن الفقد ووجعه كبير جدا ، يعتصر القلوب ألما على فراق الأحبة ورحيل الأعزاء ، فما أصعب البين ، وأصعب منه أن يذكرنا حلول السنوات المتجددة رحيل أحبة أعزاء سكنوا قلوبنا ووجداننا ولم يبرحوا خيالنا لحظة واحده .. وعلى رأس الأحبة المفقودين الذين أُسقى اليوم من أساهم ، وأُفجـع بمماتهم ، والدتي العزيزة ، التي ما أظنك تدرك أيها الموت القاسي ، حجم الصدمة التي خلفتها عندما اختطفت دون استئذان تلك المرأة الفاضلة التي أشعر وكأني لم أؤدي حيالها الواجب المستحق في لحظاتها الأخيرة ، وأوفيها حق ما عاشته من حياة السهر والتعب ، وكابدته من عناء الكفاح الذي لم يفتر يوما أو تلن له قناة أو يعتريها ضعف أو وهن لتحقيق هدفها النبيل "بناء أسرتنا الصغيرة " الذي نذرت له نفسها ، وبدلت من أجله الغالي والنفيس.. والذي نجحت في تحقيقه بروح من الصبر والصمود وتحمل المسؤوليات دون كلل أو ملل ، ودون تتذمر أو تتبرم ، بل بالرضا والحب الذي يملا ضلوع الأمهات الصالحات المكافحات ، إليك أيتها الأم الرؤوم ، كل تقديري وامتناني واعلمي الإنسانة العظيمة أني سأفتقدك في كل اللحظات ، وسأذكرك في كل الجلسات ، وسأستذكرك كلما مشت قدماي في دروب الحياة ، التي كان لك فيها ولازال بصمة عظيمة ، تدمع العين عند تنسمها ، ويتمزق الفؤاد عند تذكرها ، ويبقى عزائي كله في سيرتك العطرة ، وسريرتك النقية ، وعطائك الثري ، وعملك الدؤوب في إحياء قيم التآخي والمحبة بين أفراد أسرتنا الصغيرة والعائلة الكبيرة ، وفي أنك ، ومنذ وعيت على الدنيا وأنت ما بين صلاة وتلاوة ودعاء وذكر وابتهال ، دائمة الذكر في كل آن وعلى أي حال ، وكان ذكر الله ورسوله يتكرر على شفاهك مئات ، بل آلاف المرات في اليوم الواحد ، ويدخل في أدق تفاصيل حياتك ولغتك اليومية ، وكانت الصلاة والسلام على رسول الله صلى تحرك فيك كوامن الإيمان وترقى بك إلى السماوات وتفتح لك أبواب الجنات ، لا زلت أذكر أنها عشت حياتها خائفة من عذاب القبور ، ليس لأن في حياتها ما يخيف من لقاء ربها كل ذلك الخوف ، لا وألف لا ، لأن من ينظر إلى حياتها وما قدمت فيها من أوجه الخير والإحسان والورع والزهد ، لاشك سيجد أن ذاك من باب تعظيم الخالق جلت عظمته وقدرته ، واستعظامها للذنب مهما صغر أمام جبروت الله وقوته ، فقد كانت تصل الرحم ، وتعول اليتيم ، وتحسن للمحتاج ، وتكثر من الصدقات ، ولا ترد السائل ، كم كانت كريمة وكان بيتها مفتوحا لكل ذي حاجة ، ولا تخلو مائدتها من الأظياف والأصناف الشهية رغم بساطتها.. ويكفيها أنها كانت صوامة حتى بعد الثمانين ، بل كانت تتمنى الموت ساجدة صائمة ، وقد كان التوحيد آخر كلماتها . كم ألوم نفسي كلما تذكرت تلك اللحظات التي لم أقضيها بجوارها لأتشرب من إلهاماتها وإضاءاتها ، وأدعو لها الله أن يتقبلها شهيدة لأنها ماتت مبطونة ، مصداقاً لحدث رسولنا الكريم الذي سأل ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، قال ابن مقسم: أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال: والغريق شهيد. حتى يلقى الله راضيا فيرضى الله عنه . اللهم أرحم أمي ، وتقبل دعائي لها ، وضاعف أجرها جزاء ما أحسنت إلينا ، إنك على كل شيء قدير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإليه راجعون .. حميد طولست [email protected] .
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هدية السنة الجديدة
-
شخصية عام 2014
-
الشطابة -المكنسة- شعار المرحلة ا!!
-
شجرة الحي المعمرة ..
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نملك نفس النظرة !!(3)
-
أنا ما حبيب حد !!
-
استطلاع رأي .
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نملك نفس النظرة !!(2)
-
طارئ مرعب على متن الرحلة رقم MS 847 التابعة للخطوط الجوية ال
...
-
كلنا نملك نفس العين..لكن لا نملك نفس النظرة !!
-
هل نحن في حاجة ل “علالين” كثر لفضح الفساد الأمور ؟؟
-
اسدال الستار على آخر فصول محاكمة القرن
-
سوء تفاهم خاطرة واقعية.
-
مراسلة من القاهرة قبيل انطلاق -مظاهرات 28 نوفمبر- بسويعات
-
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين !!
-
في رحاب بلاد الكنانة ..
-
كفانا صراعا أيها الصحفيون !!!!
-
موت العظماء حياة لأممهم ..
-
التكريم سلوك متحضر يضع الشخص في مكانته المناسبة لعمله أو إنج
...
-
مولاي يعقوب أو دائرة الموت !!
المزيد.....
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
-
“جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|