أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - قراءة في -الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك -.. الروائي المصري سعيد نوح















المزيد.....

قراءة في -الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك -.. الروائي المصري سعيد نوح


سعيد نوح

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 20:49
المحور: الادب والفن
    


الغرائبية في رواية الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك
عادل إبراهيم
"الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك" الرواية السابعة لسعيد نوح والتي صدرت عن سلسلة تجليات أدبية التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة . نص يعتبر امتدادا لمشروع سعيد نوح السردي الذي يمزج فيه بين الواقع والخيال، ويشتغل على العالم الفانتازي للملائكة التي تصبح قادرة على أن تشارك عالم البشر مخاوفهم وهواجسهم وأحلامهم وتطلعاتهم. يتجاذب النص عالمان، عالم الواقع بما فيه من قهر وتغييب واستبداد، وهروب من مواجهة هذا الاستبداد إلى جلسات المزاج والكيف، وعالم الفنتازيا التي يقف فيها الملائكة كشهود على عالم البشر بكل ما فيهم من تناقضات.
يشتغل سعيد نوح على فكرة تعدد الأصوات وكرنفالية السرد، حيث يقيم لنا ثلاثة نصوص بأصوات مختلفة وزاوية رؤية مختلفة، الملاك هو وجهة النظر المضمرة بين الصدق والكذب، الرواية منقسمة إلى ثلاثة نصوص متداخلة، نص عن حكر أبي دحروج ذلك الحكر الذي بدأ الاستيلاء عليه مجموعة من مهمشي مدينة حلوان يوم 13 أكتوبر عام 1981، وأبطاله هم نتاج تلك الحقبة التاريخية التي امتدت لثلاثين عاما.
النص الثاني هو نص مناقشة الكاتب الصوت الذي يمثل المؤلف الحقيقي ، مناقشته الأحداث التاريخية التي مرت بها مصر بداية من ثورة 1952 حتى التعديلات الدستورية في عام 2005.
النص الثالث هو نص وثائقي أو الايهام بالوثائقية فيما سمي نقديا بالوثائقية الجديدة حيث استخدم الكاتب الشكل التوثيقي في عرض وجهة نظره فيما يحدث من تطورات في الشخصية المصرية وخاصة في علاقة هؤلاء المهمشين بالمجتمع المصري، فيبدو النص كأنه دراسة ميدانية وثائقية كتبت عن نشأة حكر أبو دحروج وأهم خصائصه السكانية وهو في حقيقة الأمر نص إيهامي تخييلي من الكاتب في محاولة للإيهام بالوثائقية.
تبدأ الرواية بصوت الكاتب الذي يحتار في نقطة انطلاق السرد:" سأبدأ من حيث لم يأت السابقون، وهو لماذا اخترت ذلك الاسم للرواية التي بين:
أين أضعها الآن ؟ الآن سأبدأ بالكاتب. سعد الله الطالع علي عبود.
هل تعرفونه؟ لأكن أكثر رحمة بكم.
هل فهمتم شيئاً؟" إذن منذ البدء يضعنا سعيد نوح في مواجهة مع مؤلفه الضمني الذ أعطاه اسم سعد ، ويناقش في عتبة من عتبات النص الدالة عنوان الرواية الذي هو العتبة الأولى لقراءتها.
وقبل أن ينصرف عنه قارئه يحاول الإمساك به مدخلا صوت المهرج الذي يقدم لنا نوعا من البارودي أو المحاكاة الساخرة على ما سوف يقدمه لنا سعيد نوح من تخييل سردي ، ثم يدخل الملاك إلى الفضاء السردي لنعرف كيف سيكون وجوده وتموضعه في الرواية :" " يجب علي الملاك أن يتدخل،فتلك السخرية التي يمتلكها الكتاب عادة، تكون عادة أيضا.
" هكذا قال المهرج.
أنا الملاك الذي هناك أقول لكم :إن سعد الله الطالع علي عبود هو اسم الكاتب،الذي كان يجلس مع اثنين من أصدقائه الحميمين "
هكذا يصوغ النص تجاذبه القرائي، وعلاقته بالقارئ الافتراضي مترددا بين زمنين ومنطقين في الحكي: أحدهما نثري واقعي، و الآخر شعري أسطوري، إلا أن تداخلهما يظل حاضرا ضمن رؤية معقدة تعيد طرح ثنائية الحقيقة و المجاز، لذلك فإن قراءة الرواية تستدعي حذرا نقديا يأخد بعين الاعتبار الحوار بين المكون الأسطوري ( صوت الملاك ) الكاشف لخفايا العلاقة المتواطئة بين الكاتب والمهرج، الكاتب الذي يقدم لنا حقيقة ما جرى، والمهرج الذي يدافع عن الرؤية السياسية لصوت المستبد، ثم يأتي المكون السردي الآخر الذي هو صوت المؤلف الضمني ومن وراءه صوت المؤلف الحقيقي ( سعيد نوح ).
وبمجرد الانتهاء الفصل الأول يزيح سعيد نوح صوتي الملاك والمهرج، ليدخلنا في عالم تخييلي كامل حيث يتكشف لنا عالم حكر أبو دحروج، وهنا يراوح سعيد نوح بين الخطاب الثقافي والاجتماعي لعالم الحكر الذي يبدو لنا كجزيرة منعزلة عن دولة تسمى مصر وبين الخطاب السياسي لذلك المستبد الذي حاول توريث الحكم لابنه وفي سبيل ذلك عمل على تجريف وعي المجتمع المصري وتفريغه من كل مقوماته الإنسانية والسياسة والاجتماعية.
و رغم نزوع النص إلى التخفف من ضغط السياق التاريخي إلا أنه لم يستطع أن يتعالى على شرط الزمن الظرفي، فقد تم تورطه في المجتمع و تمثيله لمعنى ما في العالم .

إنها سردية اجتماعية تتسم بكونها متطورة وموسوعية،تستوعب مجموع ما يرغب المجتمع في معرفته، وكأن الكاتب أراد أن يكشف عن اللاشعور الاجتماعي، و في ضوء هذا الفهم يلتقي الحلم الجماعي العتيق لأساطير الرواية باللاشعور السياسي المنبثق عن علاماتها المرجعية الظاهرة و المضمرة.

تسبغ الأسطورة الفضاء النصي للرواية، فحتى الشخصيات و الفضاءات التي تبدو واقعية نجدها مشوبة باللمعة لأسطورية، فشخصية المحروس من العين ليس مجرد ابن وحيد لزوجة ظلت خمسة عشر عاما تبحث عن طفل يجعلها سيد البيت، بل جاء كهبة منحها لها الشيخ أحمد حسن شاه الذي يقف مقامه شاهدا على الحياة الروحية لأهل الحكر، والذي يسبغ عليهم من بركاته وتجلياته الصوفية. في حين يأخذ فلفل أحد شخوص الرواية أسطرته من أمه المومس الفاضلة التي دفعها المجتمع دفعا لممارسة الرذيلة والتي هي أحد تجليات إفقار المجتمع المنظم الذي مارسه الحاكم المستبد.
كما تأخذ شخصية سلامة النمس أسطرتها من اختراعها لمشروب روحي له سطوة كبيرة على ساكني الحكر حتى أنه سُمي بقاهر الرجال ، ففي محاكاة ساخرة يكشف لنا الكاتب عن عوار المجتمعواهتزاز منظومة قيمه الأخلاقية، ويعري الثقافة الذكورية الفحلة التي لا تعترف إلا بالقوة والسيطرة وقهر مكوناتها الثقافية الضعيفة مثل المرأة والمسيحي والفقير
يخترق العجائبي والغريب بنية الرواية، لكن الغرائبية هنا تأتي مغايرة لما هو معروف، فالغرائبية تأتي من دهشة الواقع وكسر قوانينه في مغايرة للمقاييس النظرية الغربية (شعرية الفانتاستيك عند تودوروف وآخرين)، لأجل كل هذا، فإن الكاتب استوحى المدونة العجائبية في بعدها الشعبي المحلي أساسا مغايرا للشكل النمطي للغرائبي الماورائي.
تستوحي" الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك" تقنية السرد في الليالي ،بحيث تشطر محكيها إلى شطرين:أولهما يمثل حكاية المجلس الدائرة أحداثها بين المؤلف الضمني( سعد الطالع عبود ) وأصدقاء مجلسه، والمهرج والملاك اللذان يقتحمان حكاياتهم، و تشكل المحكي الإطار للرواية. وثانيهما هو حكايات الحكر وساكنوه التي يحكيها السارد بوصفها قصة انفلتت من هيمنة المؤلف الضمني ومن ثم المؤلف الحقيقي، ويتعزز هذا التشابه بين العملين من خلال تشاكل عناصر فضاء الحكي (مجلس سهر الأصحاب ـ مجالس أهل الحكر وحكاياتهم ) وتداخل تسميتي المؤلفين الضمني والحقيق ( سعد الله الطالع عبود وسعد نوح ).
كذلك تنوعت مستويات اللغة في الرواية، ما بين لغة تكشف عن طاقات شعرية كامنة جاءت على لسان الملاك والمهرج، ولغة نثرية نوعت بين مستويات الفصحى والعامية في السرد والحوار على لسان بقية الشخصيات.
الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك إضافة نوعية ولافتة لمشروع سعيد نوح الروائي الذي حفر لنفسه عميقا في الخريطة السردية الروائية العربية.



#سعيد_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل من رواية الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك ..سعيد نوح
- شهادة روائية لسعيد نوح ..روائي مصري
- إشكالية الدين والسياسة في تونس
- غياب العقل النقدي والتمسك بالنقل والمتن على حساب النص من أهم ...
- خدني المظاهرة يا حبيبي معاك / شهادة أدبية
- سعيد نوح رئيس لمصر .. كتب عليك يا ابن نوح أنك مخلوع مخلوع
- علاقة اللغة والمجاز ورؤية الإنسان للكون في كتاب المجاز واللغ ...
- الفصل الأول من رواية ملاك الفرصة الأخيرة
- الفصل الثاني من رواية ثلاثية الشماس
- قصة قصيرة:الشيخ قاسم
- قصة :عريف أول
- قصة :في انتظار اللقاء الثاني
- قصة: ثلاثية الشماس
- قصة : كما يجب عليك قبل أن تحتل المقعد الأخير
- مقال
- قصة حذاء عمي اللميع
- جزء من رواية :الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك
- جزء من رواية كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - قراءة في -الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك -.. الروائي المصري سعيد نوح