أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير دربالي - حبيبة / قصة قصيرة -














المزيد.....

حبيبة / قصة قصيرة -


سمير دربالي

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


مازلت أذكر أول يوم اصطحبني فيه أبي إلى المدرسة ..كانت تبعد عن بيتنا ما يرغمنا على إشعال ثلاثة مواقد من ألياف الحلفاء في الطريق اليها كل صباح ..في كل شتاء ..نقتلعها ونرمي بها في النار لتسكّن آلام لسعات البرد ..و تليّن دمًا تجمّد في عظام مازالت ساعتها طريّة لزجة ...أذكره حتى لكأنه لشدّة ما حَفَرَ في الذاكرة ينسلخ من ليل البارحة ..

..في الطريق ظللت ألاحق خطوة أبي الكبيرة بما يشبه مسابقات العدو في التلفاز ..كان كل همّي ألّا يشعُر بأني تعبت أو تأخرت عن خط السير الذي رسمه وابن عمّي الكبير .. تلك كانت عندي أول اختبار حقيقي لي في معنى الرجولة ..ولكنها كانت تخون ..رجلاي الصغيرتان العاجزتان ..فيتوقف ليُمسك يدي ويعيدني الى خط السير ...وكثيرا ما يطلقُها فأعود الى هرولة تقترب من الركض ..أوسّع خطوتي قدر المستطاع وأسرّعهما كما في ماراطون المشي ..فيلتفت اليّ يمازحني ملمّحا الى قصر قامتي ...""زعمة تقد روحك وتولي راجل ""والرجولة عنده ان أصير معلّما ..كانت تلك أعلى درجات المعرفة والوجاهة والامنيات ..وأشير اليه بطأطأة رأس ..أنْ "ايه" ...

كان معلّمي عبد القادر طويلا فارعا كشجرة سرْو مهجورة قرب نبْع ماء ..وكنت صغيرا بما يجعله يطاول عندي حدود السماء ..وكان شديدا قاسيا .....وكانت "حبيبة" قريبتي طفلة يتيمة ..وكانت تكبرني بما يزيد عن ثلاث سنوات ولكن الفقر والحاجة أخّرا دخولها الى المكتب الى أن صرتُ ندّها في القسم ..وكانت تشجّعني وتُذهب عنّي رهبة الجٍدّة وتحنو عليّ بما يشبه حنوّ الأخت على أخيها ..وكانت عندي كذلك ..ولسبب ما ..ما زلت أجهله تلقّت "حبيبة "جليستي في المقعد من سيدي المعلم لطمة على وجهها ارتجّت معها الطاولة ..وتكلّمتْ لها في أرجاء القسم تكتكة مازلتُ أذكر صداها إلى اليوم ...و ساد القسمَ صمتٌ يحاكي صنوَه في ليال أمضيتها انصتُ الى أمّي تروي لي ولأخوتي قصة الغول على ضوء "القازة "الخافت ...كان غولا حقيقيا ..وكنا صغارا ..وكانت "حبيبة "يتيمة الأم ..فتفجّر عويلها رددته جميع جدران المدرسة ..و غطي صدى أصواتِ عصّيٍ كانتْ تُنتَزع من جنبات المقاعد ..ألِفتْ حرارتَها أيدينا وأرجُلنا وخَبرَتْها الأسماع .. ..ومضى يوم ..يومان ..ثلاثة ..حتى نسيتُ العد ..وحبيبة لم ترجع ....ظل مقعدها شاغرا الى جانبي ..وظللتُ كاليتيم ..وظلّ صدى" الكفّ "مُعلّقا في الجدران ..وفي ذاكرتي ...



#سمير_دربالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حساء سيدي سالم/ اقصوصة


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير دربالي - حبيبة / قصة قصيرة -