أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - عن مصر وأقباطها















المزيد.....

عن مصر وأقباطها


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 18:57
المحور: الادب والفن
    


لا أحد ينكر أن لمصرَ بصماتِ جوهريةً حضارية حقيقية وملموسة في مسار التاريخ الإنساني،جعلت منها مهد أهم حضارة عرفتها الشعوب القديمة، ارتبطت حضارتها بالهم الإنساني في أبعاده المختلفة منذ أقدم العصور، وتفاعلت مع غيرها من الحضارات الأخرى وشكلت إطارًا جامعًا لها

ونسجًا على منوال التميز، يسجل لمصر تأسيسها أول دولة ظهرت في العالم كوحدة سياسية حول نهر النيل، يمكن التعرف عليها من معالمها ومكنون آثارها الكثيرة التي ما زالت باقية حتى الآن في الزمن المعيش.
.
من جهة أخرى، تمتاز مصر في العصر الحديث بأنها بلد الفكر والحرية والثقافة والعلم والمواهب والفن الأصيل، وأنها بلد أول جامعة عربية عصرية متكاملة أسست بتبرعات من أبناء الشعب المصري، وبلد ثاني خط سكة حديد على المستوى العالمي بعد خط لندن، وبلد أول دار للأوبرا في الدول العربية، وبلد أول رواية عربية، وأول فيلم سينمائي عربي، وهي بلد أول "أمور" أخرى كثيرة دفعت الحياة بها إلى آفاق عديدة مزدحمة بالمشاغل والمظاهر والأفكار العصرية.

يضاف لذلك أنها بلد القبطي السياسي الكبير الراحل مكرم عبيد، صاحب المقولة الشهيرة "نحن مسلمون وطنًا ونصارى دينًا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارًا، اللهم اجعلنا نحن نصارى لك وللوطن مسلمين" هو نفسه الذي أصبح سكرتيرًا لحزب الوفد الشهير خلفًا لسعد زغلول بعد موته

وهو نفسه رجل مصر الكبير الذي يَستبيح غلاة التطرف حاليًا دماء أحفاده ومواطنيه من الأقباط، بسبب معتقدهم الديني، لأن دينهم غير دين الدولة.

مصر "هي أم الدنيا" أكبر من غلاة التدين ومتطرفيه، وأكبر من غلاة التكفير، ممن يروِّجون إلى عدم التسامح وإقصاء الآخر وسفك الدماء، وتقسيم الشعب الواحد إلى طوائف تتناحر وتتضاغن وتتقاتل.

ثمة مقولة تاريخية مفادها: "المسلمون والأقباط في مصر عِرق واحد وليسوا عرقين وأمة واحدة وليست أمتين" وثمة شواهد ودلالات كثيرة تظهر أن محمد علي مؤسس مصر الحديثة قد ساهم في القضاء على التفرقة بين المسلمين والأقباط، حقق المساواة التامة بينهم في الحقوق والواجبات، وفي مرحلة لاحقة لزمنه تم تطبيق قانون الخدمة العسكرية على الأقباط وألغيت الجزية التي كانت مفروضة عليهم، ودخلوا سلك الجيش والقضاء، مما أدى إلى تمتعهم بالمواطنة الكاملة المتساوية مع إخوتهم المسلمين في عهد الخديوي اسماعيل في القرن التاسع عشر.

هكذا كان الأمر فيما مضى قبل عشرات العقود من السنين، والأن تعود للأسف التفرقة على أساس الدين إلى مصر في زمن العلم الحديث والنور والقرية الكونية والانترنت واكتشاف الفضاء، يُطل غلاة الدين في الزمن الحالي، وهم يعملون بكل قوتهم على إرجاع عقارب الزمان إلى الوراء، تأخذهم أفكارهم التكفيرية بعيدًا عن كل ما هو إنساني وعقلاني.

المغامرة توفر لهم أجواء عنف وارهاب، تخلق في الحياة المصرية نوعًا من التوتر، تتوالى تداعياته بين الحين والحين في مشاهدَ مؤسفةٍ غريبة تُسفَك فيها دماء الأقباط، ويعم السلب والنهب والتخريب والحرق لدور عبادتهم وبيوتهم ومتاجرهم وممتلكاتهم... أحداث مؤلمة وجرائم طائفية عنصرية بشعة يرفضها الضمير الإنساني والقانون وكل الاديان.

إن المطلوب في هذه المرحلة من التطورات السياسية في مصر، هو إيقاف التمييز والتعصب والعنصرية ضد أقباط مصر قبل فوات الأوان، بضمان كامل الحقوق التي يتمتع بها غيرهم من المسلمين، وضمان حقهم في العيش بسلام على أرض وطنهم وأجدادهم.

وهذا يستدعي التصدي لتوظيف الدين في الحياة السياسية المصرية، لأن تسلطه من شأنه ان يؤدي إلى تطورات مأساوية خطيرة متسارعة، ستترك بصماتها على مجريات الحياة لسنوات طويلة، وتؤدي بالتالي إلى الدمار والخراب وانهيار الأمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة .
.
من المؤسف والمحزن معًا، أن تشهد مصر مع إطلالة العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين تطورات تظهر فيها تيارات الإسلام السياسي، حاملة لواء الغلوِّ والقمع والقتل والغاء الآخر، وعدم الاعتراف بشركاء الوطن والأرض والتراب، وجعل المسلم هو المواطن من الدرجة الأولى، والقبطي من الدرجة الثانية .
.
وفي هذا مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على أن كل الناس سواسية أمام القانون، ويعطي كل إنسان الحق في حماية متكافئة دون أي تفرقة، حماية متساوية وفعالة ضد أي تمييز كان على أساس القومية أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الفكر أو غيره.

إن تعزيز حقوق الانسان المصري والعربي بشكل عام، المسيحي والمسلم على حد سواء، يكمن في إقامة الدولة المدنية على أسس ديمقراطية تعددية دستورية،يحكمها الدستور والقانون والمؤسسات المدنية، لأنها تهدف إلى صون حقوق الانسان والحريات الاساسية للناس كافة دون تمييز، وإلى تثبيت دعائم قيم المواطنية التي تقوم على السلام والاستقرار والتسامح والمساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع، وتكفل المواطنة المتساوية في كل مقومات الحياة لجميع المواطنين للرجال والنساء على حد سواء بغض النظرعن منابتهم ومعتقداتهم.

إنها تكفل لكل مواطن فيها كامل حقوقه المدنية والسياسية والمالية والثقافية، بما في ذلك حقه في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق " حريته في إظهار دينه أومعتقده بالعبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أومع جماعة."
إنها تفتح آفاقًا واسعة لحقوق الإنسان في الحرية والمساواة، وتعطي المؤسسات السياسية والمدنية دورًا كبيرًا في كل المجالات، وتُرسي أسس تداول السلطة داخل تلك المؤسسات بين القوى السياسية المتعددة وذلك على أساس حكم الأغلبية وحفظ حقوق الأقلية من المواطنين.

لقد أثبتت التجارب الإنسانية في كثير من دول العالم، أن الدولة المدنية قد لعبت دورًا حاسمًا في تحقيق المصلحة العليا للمجتمعات المختلفة، وهي وحدها القادرة على إلحاق الدول العربية بركب الحضارة المعاصرة، يمكن اعتبارها خطوة جريئة وهامة من الخطوات التي تؤدي إلى الاستقرار والإنماء... إنها وحدها الهدف المنشود.











#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة الحديدية
- أشهر فضيحة ثقافية في القرن العشرين
- عيد الميلاد
- نقولا زيادة الحاضر الغائب
- لماذا يسرقون أرضنا ؟
- العشق في مصادر التراث
- جبرا إبراهيم جبرا: متى يُكرم؟
- طفولة شاعر
- ألوانُكِ
- بطاقات شعرية صغيرة
- في البدء كانت الكلمة
- مدينة النجوم
- لمن تدق ُ الأجراس
- دين الحب
- بمصابيح عكا يلمع القمر ُ
- حيفا تحلق في رحاب الذاكرة
- القدس
- لمنْ تدقُ الأجراسْ ؟
- الحطابة ام أسعد
- يوميات ابي عبد الله الصغير أخر ملوك الأندلس


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - عن مصر وأقباطها