أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - معرض مشترك لخمسة فنانين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا















المزيد.....

معرض مشترك لخمسة فنانين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 12:18
المحور: الادب والفن
    


نظّم المُتحف البريطاني بلندن معرضاً مشتركاً لخمسة فنانين ينتمون إلى منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهم منى سعودي من الأردن، وعبدالله بن عنتر من الجزائر، وجنان تولون، وإيبك دوبِن من تركيا، وميراي قصّار من لبنان. وقد جمعهم موضوع واحد هو المنفى وتداعياته على الناس المنفيين قسراً أو اختيارا.
تشترك الفنانة الأردنية منى سعودي مع الفنان الجزائري عبدالله بن عنتر في توظيف بعض النصوص الشعرية للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في أعمالهما الفنية الأمر الذي منحهما قوة مضمونية واضحة في التعاطي مع ثيمتي الوطن والمنفى من دون التضحية بالمقوِّمات الفنية والجمالية للعمل الفني الذي هيمن عليه عنصران رئيسيان وهما الرسم التخطيطي والمنحى الحروفي "الكاليغرافي" الذي احتل مساحة واسعة من لوحات منى سعودي على وجه التحديد بينما انحسر كثيراً في أعمال بن عنتر إلى جملة واحدة ذات صيغة استفهامية أو عنوان لمجموعة شعرية مستقرة في ذاكرة القرّاء الجمعية.
لابد من الإشارة إلى أن منى سعودي هي واحدة من أشهر النحاتين في الوطن العربي. وُلدت بعمّان عام 1945 وتعيش في بيروت حالياً. ونظراً لولعها المبكر بالنحت تحديداً فقد أخذت رسوماتها أشكالاً نحتية في الأعم الأغلب. عرض القائمون على هذا النشاط أربع لوحات للفنانة منى سعودي إحداهما تضم بوسترين في إطار واحد أنجزته لمناسبة يوم الأرض الذي يصادف في الـ 30 من مارس / آذار. كما أتاح موقع المُتحف لمتصفحيه إمكانية مشاهدة مجموعة أخرى من الأعمال الفنية لمنى سعودي من بينها عمل نحتي شديدة الدقة والرهافة والاتقان يحمل عنوان "الأرض الأم".

تكوينات مُرهفة
تنضوي لوحات منى كلها في هذا المعرض تحت عنوان واحد هو "تحية إلى محمود درويش" لكن مضامينها تختلف بحسب القصائد الموّظفة في هذه الأعمال الفنية ومن بينها اللوحة المستوحاة من قصيدة "الأرض" التي اختارت منى سعودي هذه الأبيات الآتية التي يقول فيها درويش: "أنا الأرض / والأرض أنتِ / هذا نشيدي / وهذا خروجُ المسيح من الجرح والريح / أخضر مثل النبات يغطّي مساميره وقيودي / وهذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس". أبعاد هذا العمل 100 × 70 سم وهو مٌنفّذ بالطباعة الحريرية على الورق أسوة ببقية الأعمال المعروضة.
لم يخرج العمل الثاني عن موضوع قصيدة "الأرض" لكن المقاطع الموظفة هنا تختلف عن سابقتها حيث تبدأها منى سعودي بالبيت الآتي: "وفي شهر آذار تستيقظ الخيل سيّدتي الأرض!" إضافة إلى أبيات شعرية اخرى متداخلة يصعب قراءتها أحياناً وهي تحيط بالكائن الأنثوي من دون أن تتخلل في تكوينه المرهف.
لا تختلف تقنية العمل الثالث كثيراً، فقصيدة "شجرة العاشق" تلتف على التكوينين العلوي والسفلي حيث تستهل منى لوحتها ببيت مقطوع لا يكتمل معناه ما لم نضِف له البيتين المغيّبين قسراً وهما: "قد قالت لي الأيام: / اذهب في المكان" ثم تليهما الأبيات الثلاثة الآتية: "تجد زمانك عائداً في موج عينيها / فقلت: الجسم لا يكفي لنظرتها / وهذا البحر. . . " إلى آخر هذه القصيدة التي أوحت للفنانة منى سعودي أن ترسم فيغرين متضّامين يتحدان مع التكوين العلوي ليشكِّلا في خاتمة المطاف شجرة العاشق التي أشرنا إليها قبل قليل. أما الملاحظة الأخيرة التي يمكن أن نسوقها في هذا المضمار هي أن الأعمال الثلاثة المتبقية والمعروضة على الموقع الإليكتروني للمتحف مستوحاة من ثلاث قصائد أخرى لمحمود درويش وهي "الرمل" و "نشيد إلى الأخضر" و "تلك صورتها وهذا انتحار العاشق" ولا تُشكل هذه المقاطع الشعرية إلاّ جزءاً يسيراً من اللوحات التي هيمنت عليها التكوينات التخطيطية النحتية مع سيادة واضحة للفراغات البيضاء على سطوح اللوحات التصويرية.
الإنصات إلى اللوحة
تتميز تجربة الفنان الجزائري عبدالله بن عنتر بتنوِّعها وثرائها، فهو مهتم بالتراث الجزائري والموسيقى المحلية والعالمية من جهة، كما أنه رسّام وحفّار ونحّات من جهة أخرى، وأكثر من ذلك فهو شاعر وقد أصدر مجموعتين شعريتين، كما أنجز العديد من الكتب الفنية التي تجمع بين الخط والصورة المرسومة بالحبر الصيني والألوان المائية. تقتصر مشاركة بن عنتر على كتاب فني يحمل عنوان "العصافير تموت في الجليل" لمحمود درويش أيضاً، وقد نفّذه بالحبر الصيني وبتقنية التنويع على اللون الواحد ودرجاته المتعددة. يحتوي الكتاب على ثلاثين ورقة كبيرة قياس ( 25.5 ×22) سم لكن كل واحدة من هذه الأوراق مقسمة إلى ثلاثة أقسام مطوية تضم الرسومات والمقاطع الشعرية التي أوحت له بتنفيذ هذه الأعمال الفنية. جدير ذكره أن أسلوب بن عنتر يميل إلى التجريد أكثر من ميله إلى التصوير التشخيصي أو الواقعي. كما أنه "يُتقن الإنصات إلى لوحته" حسبما يقول فثمة رنين موسيقي ينبثق من قلب الألوان المحتفية بوحدتها بعيداً عن الضجيج المُفتعَل والبهرجة الفارغة.

منطق الطير
اشتركت الفنانة اللبنانية ميراي قصّار بعملين فنيين لا غير ينضويان تحت عنوان واحد وهو "تحية إلى جوّتو". وكلا العملين مريحان لبصر المتلقي، فثمة تقشف واضح في التكوينات والألوان الأمر الذي يمنح المشاهد فرصة كبيرة للتأمل والغوص في عمل فني لا يُغرقك بتفاصيله وإنما يكتفي بتزويدك ببعض المفاتيح أو الشيفرات السريّة التي تقودك إلى جوهر العمل الفني ومضمونه الذي يراهن على الكثافة وشدّة التركيز كما هو الحال في هذين العملين المتقشفين حيث يبدو في العمل الأول رجل لا يظهر منه إلا قدماه وكفاه ورأسه وثمة ثلاثة خطوط ممتدة من الرأس إلى أعلى المثلث الأيسر من اللوحة متخذاً شكل منقار كبير فيما يأخذ رأس الكائن البشري المموه قليلاً شكل العين السوداء ليُحيلنا هذا التكوين إلى "منطق الطير" الذي اشتغل عليه فريد الدين العطّار.
تكرر ميراي في لوحتها الثانية التنويع على الفكرة السابقة بتقشف أكبر لا يتيح لنا سوى النظر إلى رأس غارق في السواد ويدين مرفوعتين من غمار اللون الواحد. قد لا تبدو فكرة النفي أو المنفى واضحة في هذين العملين لكن المتلقي سيحتاج بالتأكيد إلى معرفة بعض المعلومات عن "منطق الطير" والرحلة الشاقة التي تقوم بها آلاف مؤلفة من الطيور المتنوعة التي تلقى حتفها في الطريق ولا يصل منها إلى حضرة إله الطير "السيمرغ" سوى 30 طيرا.
يقوم مشروع الفنانة التركية إيبِك دُوبِن على فكرة الهجرة القسرية التي اجتاحت العالم في القرن العشرين وسوف تظل قائمة طالما أن هناك إنساناً يسعى على وجه البسيطة. يضم الكتاب الفني عشر صور مؤلمة مُلتقَطة من أرض الواقع للمهاجرين أو المُقتلعين من جذورهم في لحظات مؤثرة لمغادرة بيوتهم وأوطانهم أو عبور الحدود وما تنطوي عليه من مخاطر جمّة. لقد أضفت إيبك دُوبِن لمسات فنية "طفولية" على هذه الصور التي تتمحور على ثلاثة موضوعات رئيسة وهي الهُوية والعنف والهجرة القسرية. لابد من الإشارة إلى أن الفنانة إيبك دُوبِن قد خضعت لدورات تدريبية في علم الاجتماع والعلوم السياسية التي رفدت هاجسها الفني في التصوير وإنجاز الكتب الفنية التي تلامس حياة المهاجرين وترصد معاناتهم اليومية في بلدان اللجوء.

النفي الجسدي
ربما تكون الفنانة التركية جنان تولون هي الأوفر حظاً في هذا المعرض لأنها القائمين على هذا النشاط الفني قد وافقوا على عرض 33 لوحة مؤطرة على جدار واحد. وقد تقف شهرتها وراء هذه الموافقة، فهي واحدة من أشهر الفنانات التركيات المعاصرات، وهي معروفة بأعمالها الفنية ذات التكوينات الهندسية التي تنطوي على أبعاد درامية مثيرة، كما أنها تعالج ثيمات الهجرة الاختيارية أو الاقتلاع القسري. لا تقتصر موضوعات تولون على النفي الحقيقي وإنما تمتد إلى النفي المجازي إن صحّ التعبير، فلقد أُصيبت هذه الفنانة في سن مبكرة من حياتها بمرض شلل الأطفال الذي أقعدها في مستشفى بفرنسا على مدى عشر سنوات فلاغرابة أن تتناول ثيمة نفيها عن جسدها الخاص بها الذي تصفه بأنه "لا ينتمي إليها" وهي تبدو مثل الشخص الذي يرتدي ملابس مستعارة. درست تولون الهندسة والتصميم في جامعة جامعة بيركيلي بكاليفورنيا قبل أن تصبح فنانة تشكيلية وتكرّس جزءاً كبيراً من وقتها للفن التشكيلي.
عوداً على رؤية الشاعر محمود درويش لثنائية الوطن والمنفى التي اتخذها القائمون على النشاط دليلاً محوريا لهذا المعرض حيث يقول: " علاقتي القوية بالبيت نمت في المنفى أو في الشتات. عندما تكون في بيتك لا تمجد البيت ولا تشعر بأهميته وحميميته، ولكن عندما تحرم من البيت يتحوّل إلى صبابة وإلى مشتهى، وكأنه هو الغاية القصوى من الرحلة كلها. المنفى هو الذي عمّق مفهوم البيت والوطن، كون المنفى نقيضاً لهما. أما الآن فلا أستطيع أن أعرّف المنفى بنقيضه ولا الوطن بنقيضه، الآن اختلف الأمر وأصبح الوطن والمنفى أمرين ملتبسين".



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لون شيرفيغ تُعرّي الطبقة المخملية البريطانية في نادي الشغب
- السحر والساحرات في المخيال الفني
- فيشال بهاردواج يقتبس مسرحية هاملت ويؤفلمها من جديد
- نزيف . . رواية شخصية أكثر منها رواية أحداث
- قلوب جائعة
- الشخصية الافتراضية ووهم الزمن في -تلة الحرية- لهونغ سان- سو
- تمبكتو تواجه التطرف الديني سينمائياً
- الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصوير ...
- جائزة صحفي العام في حقوق الإنسان بلندن تُسند إلى جمال حسين ع ...
- موعظة عن سقوط روما . . تحفة فيراري الأدبية التي خطفت الغونكو ...
- الترِكة الثقيلة للمالكي
- مخملباف ينتقد العنف الذي يلي سقوط الطغاة
- الفنانة البريطانية مارلو موس ونأيها عن الشهرة
- التزامات الحكومة العراقية الجديدة
- مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الحادية والسبعين
- رحيل المخرج البريطاني ريشارد أتنبره
- رؤية عبد المنعم الأعسم للإصلاح والفكر الإصلاحي في بلد مضطرب
- بليندا باور تفوز بجائزة هاروغيت لأدب الجريمة
- كينغ روبو وحروبة الفنية على الجدران
- متوالية الأقنعة في رواية -أقصى الجنون . . الفراغ يهذي- لوفاء ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - معرض مشترك لخمسة فنانين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا