أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا درغام - الأرمن العثمانيون (1461-1909)-4















المزيد.....

الأرمن العثمانيون (1461-1909)-4


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 12:13
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


وفي عام 1894 ، تزايدت الضرائب الفادحة علي الأرمن الجبليين في ساسون، فضلا عن الخدمات التي يعطلها الباشوات الأتراك والأكراد. ولذا ، شجعهم الهنشاك علي عصيان مسلح. ورغم صمود ساسون لمدة شهر، إلا أن وعود العفو العام قد أدت إلي استسلامهم.
علي أية حال ، كان الاتفاق مجرد خدعة فقط. فبدلا من العفو العام تعرضت ساسون بين 15 أغسطس- 15 سبتمبر 1894 إلي النهب وإعدام كثير من الأرمن دون مراعاة السن او الجنس.
حينئذ ، رفع القناصل الأوربيون والمبشرون المسيحيون أصواتهم عالية ضد هذا الانتهاك مما أسفر عن عودة اوربا إلي القضية الأرمنية مطالبة الحكومة العثمانية بتشكيل لجنة تحقيق. وتقيد الممثلون الأوربيون بتقرير لجنة التحقيق ومؤداه:أن أرمن ساسون اضطروا إلي حمل السلاح دفاعا عن أنفسهم. بيد أن أعمال القسوة والتخريب الجماعية التي اقترفتها القوات العثمانية تعد أمرا يستحق التأنيب.
ورغم هذا ، استمرت المذابح الأرمنية منذ 13 أكتوبر 1894 حتي 30 نوفمبر 1895 ، عندما بدات القوات العثمانية والكردية باوامر من الأستانة هجوما منظما علي القري الأرمنية وعلي الأحياء الأرمنية بمدن الولايات الست- ثم بلغت المذابح ضراوتها في مدينة الرها خلال يومي28-29 ديسمبر 1895 حيث أبادوا بها حوالي ثلاثة آلاف أرمني حرقا. واستمرت المذابح وعمليات السلب حتي يولية 1896.
وتقدر المصادر عدد الضحايا بحوالي "100" ألف قتيل وتشريد أكثر من نصف مليون أرمني. هذا ، وقد شهدت فان وزيتون خسائر أقل حيث كان بهما أرمن مسلحون متمرسون. وباستثناء فئة ضئيلة من الرجالات المسلحين الذين حاربوا تحت قيادة الزعماء الشعبيين في ساسون وبيتليس وفان وموش. فقد تأثرت غالبية الأرمن سلبيا . وخلال كل هذا ، اعترض القناصل البريطانيون والفرنسيون والروس ظاهريا دون ان يتدخلوا فعليا.
وهكذا ، تبددت المظاهرات السياسية التي قام بها الهنشاك، وقتلت الحكومة العثمانية رؤساء الأرميناجان والهنشاك، وظل الطاشناق هو الحزب الأرمني الوحيد النشط.
وبينما هدأت المذابح في الولايات الأرمنية الست، شهدت الأستانة عاصفة دموية في أغسطس1896 إثر الأعمال الإرهابية التي قام بها الثوار الأرمن الطاشناقيون.إذ حركت اللامبالاة الأوربية حزب الطاشناق الذي لم يشترك في المظاهرات العامة التي نظمها الهنشاك. وفي يوم الأربعاء 26 أغسطس 1896 ، احتل "26"أرمنيا طاشناقيا عثمانيا مسلحين بمتفجرات البنك العثماني بالأستانة.
بدأ القتال مباشرة بمحاولة إغلاق أبواب البنك الرئيسية . بيد أن الطاشناقيين وجدوا صعوبة غير متوقعة في إغلاقها. عندئذ ، نشبت معركة عنيفة بين الأرمن والشرطة عبر الشارع الضيق المجاور للبنك قتل علي إثرها أربعة أرمن. وعندما ادركت السلطات العثمانية صعوبة طرد الأرمن، تمهلت في إطلاق النيران. واحتفظ الطاشناقيون بحوالي "150" رهينة من موظفي البنك وعملائه.
وأعرب الطاشناقيون أن هدفهم من احتلال البنك العثماني هو الضغط علي الدول الكبري للتدخل بفعالية لحل القضية الأرمنية خاصة وأن الاستيلاء علي البنك قد وضع المصالح الأوربية في خطر. وأعلن الطاشناقيون أنهم يحتلون البنك لمدة يومين، فإذا لم تستجب مطالبهم، فإن البنك وموظفيه والرهائن سوف ينسفون جميعا.
وبينما فشلت القوات العثمانية في استردراد البنك عنوة، نجح القنصل الروسي في الأستانة ماكسيموف في عقد تسوية بين الحكومة العثمانية والطاشناقيين تم علي إثرها إخلاء البنك وترحيلهم دون التعرض إليهم في الخارج ووعدهم بتدخل الدول الأوربية لحل القضية الأرمنية.
وفعلا غادر الطاشناقيون الأستانة في صبيحة يوم 27 أغسطس 1896 علي متن السفينة الفرنسية جيروند إلي مرسليا.
وبينما كان الطاشناقيون يمتطون السفينة الفرنسية مبحرين إلي فرنسا، تركوا خلفهم الأرمن يكفرون – لاوقات طويلة- عن جريمتهم الإرهابية دون تلبية مطالبهم . فثأر عبد الحميد الثاني لذلك بتنظيم مذبحة ضد الأرمن العزل في شوارع الأستانة.إذ بمجرد الاستيلاء علي البنك وقبل وصول الشرطة إلي مسرح الأحداث ، ظهرت عصابات تركية في شوارع الأستانة للاعتداء علي الأرمن ؛ بعضهم من القطاعات الأكثر جهلا والأيسراستثارة من الشعب، بينما كان بعضهم الآخر من المتطرفين الدينيين.
وعندما جاءت قوات الباشبوزوق ( القوات غير النظامية) مترجلة ، بدأوا العنف والقتل والسلب؛ فأي أرمني كان يقابله هؤلاء الباشبوزوق يذبح أو يضرب حتي الموت ونهبت المحلات الأرمنية في جالاتا. ولم تكن أغلبية الأرمن القتلي من الثوار أو الرأسماليين ، بل كان معظمهم من العمال الفقراء المهاجرين إلي الأستانة من ولاية سيواس التي أضحت غير صالحة للسكني. زد علي هذا ، أن الأرمن أبيدوا كلية في حي قاسم باشا وفي الحي اليهودي ب"خاسكوي". واستمر القتل في شوارع الأستانة خلال اليوم التالي27 أغسطس. ولم يتوقف إلا عندما ترامت الأخبار إلي الباب العالي في المساء بأن الغواصات البريطانية قد تحركت لحماية حياة البريطانيين.مرة أخري ، أيقظت مذبحة الأستانة الرأي العام في أوربا ضد الحكومة العثمانية التي اضطرت إلي إصدار بلاغ في 11 نوفمبر 1896 وعدت فيه بتنفيذ الإصلاحات في ولاياتها الأرمنية الست.
هذا ، وقد نجم عن مذابح الأرمن في الدولة العثمانية بين عامي 1894-1896 موت حوالي "100-150" ألف غما نتيجة مباشرة للقتل أو نتيجة للجوع والتشريد والبرد والمرض. كما هاجر آلاف الأرمن إلي البلاد العربية وروسيا والبلقان وأوربا وأمريكا. وهبط عددهم إلي النصف في ولايات أرضروم وفان وبتليس.
وهكذا ، نجح عبد الحميد في إضعاف الحركة القومية الأرمنية، إذ مارس في سياسته الأرمنية العنف والقتل علنا. وبكل قسوة ، وعلي نطاق واسع حتي جعل المذابح جزءا مألوفا في السياسة الداخلية للدولة إزاء الأرمن.كما أدت سياسة عبد الحميد إلي خلق هوة من الريبة والعداوة بين المسلمين والمسيحيين في شرقي الأناضول عندما ألب الأكراد ضد الأرمن.
وتجدر الإشارة أيضا إلي ضعف الحركة الأرمنية نتيجة تبني حزبي الهنشاك والطاشناق أيديلوجية اشتراكية وانتهاجهما الإرهاب والعنف مما أبعد عنهما الرأسماليين الأرمن. ناهيك أن أسوأ ما في الحركة القومية الأرمنية أنها لم تكن موحدة ، فالحزبان الكبيران منقسمان لأسباب شخصية وليست عملية.
لم يكن في نية عبد الحميد تغيير سياسته القمعية إزاء الأرمن. فنظرا لتقلص دولته. اعتبر ان ظهور يقظة سياسية – قومية أرمنية في شرقي الاناضول علي وجه الخصوص أمر خطير، لانه إذا نجح الأرمن في الحصول علي حكم ذاتي أو استقلال- كما فعل مسيحيو البلقان- فإن الأتراك سوف يفقدون جزءا كبيرا من المنطقة التي اعتبروها موطنهم الام.
وبذا ، أضيفت المشكلة الأرمنية إلي المشكلات اليونانية والصربية والبلغارية، وغدت تمثل خطرا جديدا يهدد وحدة أراضي الدولة العثمانية. ولذا فلا بد – من الوجهة العثمانية- وعلي ضوء التجارب السابقة، سحق البذور الأولي للنزعة القومية الأرمنية قبل فوات الأوان. وكان الأرمن يعدون كل تراجع عثماني في البلقان عاملا تشجيعيا لهم ، بينما كان ينظر إليه القادة العثمانيون بوصفه سببا إضافيا لتوطيد سيطرتهم علي الأناضول.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-3
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-2
- الأرمن العثمانيون (1461-1909)-1
- نشاط الأرمن في الصحافة والأدب في مصر - 4
- النشاط الفني للجالية الأرمنية في مصر خلال القرن التاسع عشر-2
- النشاط الفني للجالية الأرمنية في مصر خلال القرن التاسع عشر-1
- صحافة الأرمن في مصرخلال القرن التاسع عشر -2
- صحافة الأرمن في مصرخلال القرن التاسع عشر -1
- نشاط الجالية الأرمنية في التعليم في مصر خلال القرن التاسع عش ...
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-4
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-2
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-1
- الأيتام الأرمن في مصر (1923-1927)
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -7
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -6
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -5
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -4
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -3
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -2


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا درغام - الأرمن العثمانيون (1461-1909)-4