أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - عماد شيحة في موت مشتهى














المزيد.....

عماد شيحة في موت مشتهى


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:34
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تعد رواية موت مشتهى للروائي عماد شيحا، السجين السياسي، الذي قضى أكثر من نصف حياته خلف القضبان، في أسوأ ظروف السجن، رواية هامة، لما فيها من دلالات رمزية وعلنية، ورغم ابتعادها عن المباشرة إلا إنها تشكل غوصاً عميقاً في الواقع ،وعمارة أدبية متميزة 0

فيها يلج القارئ عالم السرد الغارق بالدماء، حيث يصور عملية التفكك والتحول في سوريا، منذ أربعة عقود، أو منذ بداية هذا القرن ، فيبين أن التحول لم يكن إلا قفزة نحو الفراغ ، حيث تصير الحياة بلا معنى والمستقبل بلا أفاق، مدعماً أفكاره بسيرورة شخصيات ينتقلون من وضع إلى أخر ، من القرى الصغيرة النائية ،إلى تجارة التهريب ، إلى مواقع السلطة والفساد ، إلى الشرطة التي لا ترتدع لأخلاق أو لقيم ، فتصير الشرطة ، الأمن ،الأداة، التي تسيطر على كل شيء، وتبنى شبكات عنكبوتيه تلتهم المجتمع بداخله ، مع هذا الظهور المتطرف للسلطة برز دورها وكثرت سجونها ومراكز اعتقالها ، وراحت تتحكم بالبلاد بلا قانون أو تشريع ، فساد قانون الغاب ، حيث البقاء للأقوى ، والموت للأضعف ، وبالتالي انعدمت قيم الحرية والجمال والمحبة و العلم 0

يحكي الكاتب عبر شخصياته التي تميل نحو التطرف كرد فعل ضد تطرف السلطة ، كيف ينزوي المجتمع و يتحول إلى أشلاء ،و تسيطر عليه نزعة الأنانية ، وتتفكك الأسرة ، ويتهمش الوطن والأرض وعبر هذه الآليات يسود القتل واللؤم والخبث ، وكل النزوعات البهائمية ، فتموت جذوة الحرية ويقتلها الاستبداد ، وتنغلق مناخات الفرح ويعم الحزن والظلم والقهر ، فتصير الأم - البنت - الكنّة - الوطن - خرقة بالية ، وهي التي كانت تنافس الرجال !! تنعدم شخصيتها ، وتتصرف بشكل آلي ،وبدون روح فعلية ، حتى المتعلمين أصحاب الشهادات الجامعية يتحطمون تماماً ويدخلون السجون0
أما السياسيون التافهون فيدخلون سراديب الكذب واللف والدوران ويمتنعون عن مواجهة الحقائق الفعلية ، حقائق الحياة ،ويستبدلونها بحقائق زائفة وبمشكلات لا علاقة لها بالواقع 0
في السجون تحاول الأجهزة، الشرطة - الأمن ،اغتصاب الحلم ، المعنى، المستقبل ، عندها يدخل السجناء بدوامة من التخيلات اللامتناهية ، حيث يقلبّون كل احتمالات النجاة ، وكل أسباب الشرور ، وكل أصحاب الفساد والجرائم ، ولكن السجن لا ينتهي ، والمحاكمات معلومة النتائج سلفاً ومعدة بعناية ، فتسود الرؤية السوداوية والموت المؤجل ، حيث الشعور بالهزيمة و اللاهوية ،والفراغ، ورغم الشعور بالعقل أحياناً ،إلا أنه يصبح واقعياً، الغائب الفعلي 0
يمكن للقارئ أن يلحظ هم الكاتب ، أنه يريد تأريخ سيرورة تشكل المجتمع وآليات سيطرة السلطة عليه ، فيقسم الرواية لمحتويات ثلاث : بحث ، صمت ، حداد 0
والى فصول متعددة ، لايكاد المرء يخرج من فصل إلا ليعود إليه من جديد ، بسيرورة ٍ متداخلة ، يشتهي فيها الكاتب- رغم تشاؤمه الذي يتلاقى مع العصر الإمبريالي المسدود الأفاق - رغبة الانتقال إلى الأفكار المفرحة ، والحيوات المليئة بالتجدد ، بكشف الحقائق الكاملة عن التاريخ المسروق ، حيث السجن الصغير في السجون الفعلية والسجن الكبير على مساحة الوطن ، نقول رغم ذلك الشعور الجميل تعود الرواية لتنتهي بموتٍ مؤثر ،بشفرة تفصد العروق والشرايين ، وتفصلها عن بعضها ، فيموت الأمل ذاته وتبقى السجون والقائمين عليها مع النزوعات المدمرة للمجتمع 0

لم تخن شخصيات الرواية، الأديب ، عبد الجبارالبطريركي " الأب " رباب ، المتعلمة المتمردة" البنت " ناصيف، الطامع للسيطرة على ملكية الأب وتشليح أخوته ميراثهم " الأخ" ،الأخوة الآخرين والأصدقاء، وأفراد الشرطة ، و"هبوب" المهرة الشموس،الخ ، حيث تتفسخ العلاقات العائلية ، والمجتمعية ، وتنشئ بالمقابل فلل كاملة وظيفتها الدعارة ،لا يقتصر العمل فيها على الفقيرات أو الجاهلات ، وإنما يمتد ، ليستهلك بداخله بنات الطبقات الثريات والمتعلمات، فتعم الدعارة كل أوجه المجتمع كوجه أخر للتهريب والتجارة ، أو كمكمل لها ، ولا يستثنى الكاتب عبر شخوصه ، مجال التعليم حيث تقام العلاقة بين الأساتذة الجامعيين والطلبة على أساس الجنس والثروة ، ونادراً المعرفة، فعرضت الشخصيات صوراً مأساوية لواقع القرية ،المدينة ، الدولة، حيث تسود عصابات التهريب ، السرقة ، النهب ، فيصير التهريب واقعاً قائماً داخل الحدود وخارجها 0

نشدد على قراءتنا السياسية للرواية الأدبية والتي قد لاتحتمل كل ما قدمناه عنها ، إلا أننا نؤكد أنها رواية سياسية بإمتياز لأنها رواية أدبية بإمتياز 0

نختتم تعريفنا بالرواية بالقول أنها رواية تستحق أن تقرأ ،وهي تتويج للأدب السياسي في سوريا ، لوحة الغلاف للفنان المتميز يوسف عبد لكي ، والرواية من القطع المتوسط ، عدد صفحاتها 271 ، صادرة عن دار السوسن الأخت الشقيقة لدار الحصاد ، العنوان العريض " موت مشتهى" ، العناوين الأخرى فصول في تحولات رباب عبد الجبار ، وبعنوان فرعي في أعلى يسار غلاف الرواية " نصوص من وراء الجدران " مرفقة بحرف ألف باللاتيني ، تشي بشهوة الكاتب ، وبأمل القراء بأن روايات أخرى ستخرج من جعبة السجين الروائي ، كاتب الرواية السجين لثلاثة عقود في السجون السورية عماد شيحة 000



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية والديموقراطية والمساواة الفعلية
- مقاربة أولية لافكار برهان غليون بخصوص الليبرالية والديموقراط ...
- هل من خيار لموريتانيا
- ديموقراطية عبد الله هوشة أم ليبراليته
- توصيات المؤتمر التاريخي
- المعارضة الديموقراطية بين الاخوان ورفعت الاسد
- اليمين واليسار يمينين
- الطبقة العاملة بين الوعي الطبقي والوعي الطائفي
- العلاقات السورية اللبنانية واشكالية اليسار
- الماركسية والانتخابات التسعينية
- الديموقراطيات المتعددة والهيمنة الأمريكية
- الحرية الحرية ما أجملك أيتها الكلمة
- الحاجة الى الحوار الماركسي
- من أجل حوار متمدن مستمر
- ليبرالية قيادات الحزب الشيوعي أم اشتراكيتها
- هل دبلوم التأهيل التربوي دبلوم التأهيل التربوي
- الماركسية وآفاق المقاومة العراقية
- إشكالية الحوار الكردي العربي
- ديموقراطية أم ديموقراطية المهمات الديموقراطية


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - عماد شيحة في موت مشتهى