أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثال غازي - مسرحية مكانك ايها السيد















المزيد.....


مسرحية مكانك ايها السيد


مثال غازي

الحوار المتمدن-العدد: 4680 - 2015 / 1 / 2 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


بقلم الكاتب المسرحي -مثال غازي
.... استراجون ممسك بقبعته المثقوبة يحاول أن يتأمل السماء من خلال الثقب الموجود فيها محاولاً مراقبة السماء وعلى وجهة تتلون التعابير المختلفة وكأنه يشاهد احداثاً متقلبة ومشاهد مختلفة ما بين ذهول يعتريه ودهشة تبتعد به عن أرض الواقع ، تارة ينهض وتارة يجلس وكأنه قد أصابه الجنون.
يقترب منه أحد الرجال وهو يرتدي بدلة سوداء، يحمل حقيبة جلدية سوداء يرتدي نظارتان مستديرتان.
يقف الرجل للحظات وهو يتأمل مشهد استراجون وهو يؤدي بضعة حركات غريبة وكل تركيزه نحو الثقب الممتد نحو السماء.
يحاول الرجل سؤاله ولكنه يتردد لمرات ومرات حيث ينظر إلى الشجرة التي يراح بمعنى النظر اليها وهو يدور حولها يتأمل أوراقها الصفراء مستغرباً وجود الحبل الذي يتدلى منها الذي ما ان يمسكه حتى تتلوث يداه بالدم، بسرعة يخرج منديلاً من يده لتنظيف يده وما ان ينتهي حتى يتوجه نحو استراجون حيث يقترب منه.
الـرجـل: (كمحاولة لجلب الانتباه)... عفواً
استراغون: (يقترب بنظره من القبعة اكثر وكأنه ينظر إلى شيئاً ما)
الـرجـل: (ينتابه الفضول هو الآخر لينظر من الجهة الأخرى عن القيد)
استراغون: (يتفاجأ بوجود عين كبيرة تنظر اليه من خلال الجهة الأخرة) (يصرخ الاثنان معاً) (يبتعدان عن بعضهما)
الـرجـل: (معتذراً)... عفواً... لم أقصد ازعاجك
استراغون: (ينظر بغرابة، يدور حوله، يتأمل ملابسه وحقيبته ونظارته)
الـرجـل: (يبتعد عنه قليلاً خائفاً)، لابد انك هنا منذ زمن.
استراغون: (يخرج ورقة من جيبه وهو يحاول تقصي الرجل بكل دقة وكأنه مخبر)
الـرجـل: (مستغرباً) غير ان المكان غريب جداً... (مع نفسه)... لابد ان في الاخر سوء فهم، علي أن أغادر في الحال (يهم الرجل بالمغادرة)
استراغون: (يكدر مع نفسه وكأنه قد استيقظ)... حقاً... لابد انّ في الامر سٌوْء... فهمْ (يحاول اللحاق به)... عَفوكَ أيها المبجل... هل أنتَ متأكدْ
الـرجـل: (مستغرباً) ماذا!
استراغون: انْ كان الأمرُ كما تعتقدْ/ الا يستحق الأمرُ أنْ تنتظر قليلاً أيها السيد.
الـرجـل: ولكني لا أريد، ربما هناك آخرين.
استراغون: (يقف في طريقه ليمنعه من المغادرة) اذنْ أنتَ ترفُضْ
الـرجـل: ارفض ماذا
استراغون: في أن تنتظرْ
الـرجـل: (ممتعضاً).
استراغون: لقد أخبرتني قبل قليلِ عن آخرين يا سيدي.. هل أنت طبيب؟
الـرجـل: كلا.
استراغون: محصلُ ضرائب
الـرجـل: كلا
استراغون: وكيلُ أحد الاقطاعيينَ او ما شابه ذلك
الـرجـل: (بغضب)... كلا.. كلا.. كلا
استراغون: اذن ماذا ان لم تكن طبيباً أو محصل ضرائب أو إلى ما شابه ذلك
الـرجـل: (بغضب) لقد تجاوزت حدك أيها السيد (يصرخ) أنا أرفض ان...
استراغون: (مقاطعاً اياه) آ.. آ.. ها أنتَ ترفضُ مرةً أخرى وهذا ما يزيدُ في اتهامكْ.
الـرجـل: أنا لا أسمع ان...
استراغون: (مقاطعاً اياه مرة أخرى) آ... آ... أنتَ ترفضُ ولا تسمحُ ولا تُريدْ، لقد بدا الأمرُ جلياً بالنسبةِ لي في انكَ... (يتوقف فجأة عن الاستمرار في الكلام)... حسناً ارجو انْ تضع كلّ ما يشغلكَ جانباً وتقفْ لأنك لأنك
الـرجـل: ولماذا عليّ الوقوف ان كانت حريتي توجب علي المغادرة
استراغون: هذا لأنك.. لأنك
الـرجـل: لأني ماذا
استراغون: لأنك رهنُ الاعتقال
الـرجـل: الاعتقال.
استراغون: نعم أنتَ رهنُ الاعتقال/ وهذا ما يُوجِب عليكَ أنْ تذْعنَ لهُ... كي تنتظر.
الـرجـل: لا أريد
استراغون: بل تُريد.
الـرجـل: حسناً سأفترض انك كائن تتمتع بحكمة ما وليس أي رجل لا عقل له على ان لا تقتحم رغبتك وتضطهد الآخرين بها كأي قاطع طريق
استراغون: ها أنتَ بدأت تفهمُ، رغم انكَ رجلٌ كثيرُ الافتراضاتِ والاتهاماتِ أيضاً.... أرجو أن تعلمَ أيها السيدَ قبلاً في اني لستُ قاطعَ طريقْ/ غيرَ انكَ رجلٌ ذكيْ/ وهذا ما يزيد الامرَ صعوبةً.
الـرجـل: بل هذا ما يؤكد اليسر في الاستنتاج أيها السيد
استراغون: أرجو ان يكون في معلومكم بأني لست سيداً لأحد والا ما كنت هنا.
الـرجـل: (يستغرب) وما علاقة الهنا والكنت في ان تكون سيْداً أو مسوداً.
استراغون: ألم أخبرك انك رجل ذكي
الـرجـل: ها قد عدنا إلى ذات الحلقة المفرغة ولم أعلم حتى هذه اللحظة في رغبتك عن سؤالي عن ماهية الأمر الذي تعينه.
استراغون: اذن أنتَ لا تعرفني.
الـرجـل: لم يسبق لي التعرف عليك
استراغون: ولا إلى فلاديمير.
الـرجـل: ولا على هذا المدعو..... المدعو
استراغون: (متداركاً) فلاديمير
الـرجـل: أياً كانت الأسماء فأنا لا أعرفه
استراغون: وجواسيسكْ؟
الـرجـل: (مستغرباً) جواسيس.. عن أي جواسيس تتكلم
استراغون: الذين كنتَ تُرسلهم بين آونةٍ وأخرى.
الـرجـل: (ممتعضاً) يا الهي... لقد بدأت أضيق ذرعاً بك.
استراغون: أرجو أن تكون محدداً في اجاباتك أيها المهذب. هل كنت من يرسلُهُمْ أم لا.
الـرجـل: كلا
استراغون: ولكنْ قد تكونُ احدهُمْ
الـرجـل: يبدو الامر محيراً جداً، انا لم اكن يوماً ما مبعوثاً لأحد ما ولم اكن لأبعث آخرين غيري
استراغون: وهذا ما اردتُ معرفتُه بالضبط
الـرجـل: و وما يعنيه هذا... لابد انك مجنون
استراغون: مجنون... لقد بلغَ الاستهتارُ بك حدّاً تتهمني بالمجنون.. وما يعنيهِ الجنونُ في نظركْ. لابد انكَ لا تعرف فلاديمير وهذا ما حدا بكَ إلى انْ تتهمني بالجنون.
الـرجـل: ارجوك يا سيدي ان تهدأ فأنا حتى لا اعرفك أو حتى اعرف هذا الشخص الذي اسمه..
استراغون: (بغضبه) فلاديمير
الـرجـل: لابد أن تهدأ... فقد تعني شخصاً غيري
استراغون: وما ادراك وما اعتيه، أنت تدفع التهمة عنك
الـرجـل: أية تهمة بالله عليك
استراغون: فلاديمير
الـرجـل: ها قد عدنا إلى ذكر اسم هذا الشخص مرة أخرى، ما شأني أنا ومعرفة المدعو فلاديمير
استراغون: وتستهين بهِ أيضاً، أنتَ دائماً هكذا تسخر منا/ هذا لأننا بحاجة اليك، فلاديمير كان الشخص الوحيد الذي يعرفك جيداً جداً تحررَ منكَ ومن سُخريتك له، لقد هزأنَ بثقتنا بك وهذا ما يوجبُ عليك انزالَ أقصى العقوبة و... تنتظر
الـرجـل: اقسمُ يا سيدي في اني لم أسخر من أحد في يوم ما... وكيف وأنا لم أرى أو أتعرف على فلاديمير هذا الذي تتكلم عنه.
استراغون: من الطبيعي أنْ لا ترى فلاديمير، لأنه قادمٌ إليك كي يُحررنا منْك، هو في الطريق اليك (يصرخ) فلاديمير.. فلاديمير... انه هنا (يحاول استراغون سحب الحبل المتدلي من على الشجرة كمشنقة وكأنه يسحب حبل لناقوس كبير يصدر أصوات تعلن عن قيام الثورة) فلاديمير... الى الامام
(يتخذ استراغون هيئة احدى القادة وكأنه يهتف من خلفه الجيوش)
(ومن خلفه تصدر أصوات جيوش وقعقعة سلاح)
الـرجـل: (ينتابه الخوف) ان المكان غريب جداً ويعج بالأرواح الشريرة لابد أن أمضي في الحال. (يحاول المغادرة)
استراغون: (يمنعه) إلى أين؟
الـرجـل: لقد قررت المغادرة في الحال، لم يعد لي مكان هنا، ثم هذا لا يعنيك في أن أقرر المكوث أو المغادرة وليس لك عليّ أدنى حق يوجب عليك التجاوز في حريتك على حريات الآخرين، انت حتى لا تعرف من أنا.
استراغون: بل أنا أعرفك جيداً
الـرجـل: بل لا تعرفني
استراغون: أعرفك
الـرجـل: بل لا تعرفني
استراغون: بل أعرفك... ألست السيد...
الـرجـل: (ينتابه الخوف)
استراغون: بيكيت
الـرجـل: (تسقط الحقيبة من يده)
استراغون: ألم أخبرك اني أعرفك جيداً
الـرجـل: هذا مستحيل
استراغون: لم يعد هناك مستحيل منذ غادرنا فلاديمير، الم أقل لك انه قادم اليك وهو يميط اللثام عن وجهك (يؤكد) يا سيد بيكيت
الـرجـل: يا الهي
استراغون: ولكن ألم يكن من الثابت والمؤكد في أن تتعرف عليه في الحال أم انك تتجاهل الامر
الـرجـل: ومن تكون أنت
استراغون: أنا استراغون أيها السيد المبجل... منذ وطأت قدماك الأرض حتى تلاشت ذاكرتك تماماً
الـرجـل: أنت اذن استراغون.
استراغون: بل أنا فلاديمير وربما استراغون، المهم اني احد الاثنين
الـرجـل: (يتضايق) علي المغادرة... اني أشعر بالاختناق فان نفسي بدأ يضيق
استراغون: لم يَعدِ الامر بيدك وأنت لا تملكُ حرية البقاء أو المغادرة الآن. أنتَ ملكْ لارادتي، ان كان عليك المغادرة فلابد أن يكون ذلك فوق جثتي
الـرجـل: ولكن لم يعد لي مكان هنا
استراغون: (هذا الآن الا وهنا تلفظك)، لقد تأخرت طويلاً قبل أنْ يقرر فلاديمير أنْ يدق برقيتهِ ناقوس هذا الجبل المتدلي لم اكن لامنعه هي اغماضة عين واحدة وجفرة انتباهه مهملة حتى بدأت اجراسه تقْرعَ (يصغي إلى أصوات موسيقى ملائكية تعم المكان) هل تسمع أيّ زمانِ أعمى، هذه الشجرة اصطفى سفينة لنجاته ومضى دون أن ينهي تلك الجفوة من تلك الانتباهة ومضى للوصول اليك، من الغريبِ انكَ لم تصادقه، يالك من سيدٍ أعمى، ايّ سيدٍ أنتَ، لابدَّ اننا كنا ننتظرُ سيداً غيركْ، فالسيدُ لابُدَّ أنْ يعرفَ كلَّ شيء امّا أنتَ...
(الـرجـل: اما انا)
استراغون: (فأنت) مجرد لا شيء، ولكن الامر قد يكون وما تقول مجردَ سُوءِ فهمْ وقد تكون مجردَ شخصِ مدعٍ كذاب.
الـرجـل: أنا لا اسمع أيها السيد اياً يكون اسمك يا هانتي
استراغون: استراغون/ ذلك هو اسمي وصديقي فلاديمير وهذه شجرةٌ وتلك صخرةٌ وهذا المكانُ الذي نقف فوقه كنا ننتظرُ ومازلنا شخصاً اسمُهُ غودو.
الـرجـل: من الغباء أن يضيع الوقت مع شخص غبي مثلك يحاول رمي تهم غباءه وصديقه على الآخرين.
استراغون: قد نكون مجانين وربما أغبياء يا سيد بيكيت ارجوك باسمِ قوى السماءِ وباسمِ الكونِ والسيدِ المسيحِ أنْ تقبلَ استقالتي وصديقي فلاديمير عن العمل الذي كنا سوفَ نلتحقُ به ونعمل تحتَ ربقتكَ وسنكونُ سعداء في أنْ نبحثَ عن سيدٍ غيركَ يعرف
الـرجـل: من الواضح ثمة لبس في الأمر فما تنتظرونه لست انا تحديداً
استراغون: ليس ثمة لبسٌ من الأمر، كلاكما ورضخ الآخر، اما ممن نحن من صنع كلاكما
الـرجـل: أرى ان الأمر بدأ يزداد تعقيداً على ضوء استنتاجات غير محتملة قائمة على بقايا هراء نافذ. كان يجب علي المغادرة منذ البدء فلا شيء يضطرني لمواجهتك ولا شيء بالضرورة يضطرك على البقاء.
استراغون: (مع نفسه) حقاً ليسَ هناك شيءٌ يضطرني على البقاء، غير ان هذه الشجرة أقلتْ آخرين غيرنا كان آخرهم فلاديمير ثمة من نجا في لحاء الخشب الممتد نحو ابعد نقطة ضوء في سواد الليل (ينظر نحو الثقب الموجود في قبعته) كان ذلك فيما مضى... كان أقرب من الآن حين بدا بعيداً تكاد السحب ان تواريد ولكني اعرفه رغم انك لا تراه.. انظر ذلك هو فلاديمير ذلك الذي خطاهُ تمتد عَبْرَ الحدودِ البعيدةِ حيثُ لا انتماء ولا عبودية ولا تبعية (يصرخ) ولكن من الغريب انك لم تصادفه في الطريق، هيا تعال انظر هو هناك هل ترى (يقترب الرجل من الرؤيا) ذلك الوجه الشاحبْ/ هل ترى ذلك الجَسَدَ النحيل... انه فلاديمير، هيا تعالَ تمعَّن في رؤيتكَ آه قد يكونُ واحداً ممن صادفتهُمْ (يتوقف استراغون وكأنه قد اكتشف شيئاً ما) انتَ تنفي ملاقاته (متهماً اياه) ايها اللعين (يهجم عليه لخناقه) لابد لي من خنقكْ (يخرج فأسه) لابد لي من أن أقطعك ارباً
الـرجـل: (يقف الرجل دون خوف ليقابله ردود أفعاله العنيفة باخراجه مسدساً ليضعه في رأس استراغون حال اقترابه منه لتحطيمه) قد يفقد السلاح رشده ليطيح بك الساعة، خطوة واحدة ليكون فيما رأسك نثاراً لهذه الأرض.
استراغون: أنت تكذبُ حيثُ ادعيتَ عدمَ معرفتكَ بهِ، فانك كنتَ لا تعرفهُ فكيف تنفي مصادفتكَ له، كم أنتَ مراوغٌ ايها المبجل اما يكفي هذه التعاسة حتى بدأت تحتال عليَّ، هيا اضغطْ باصبعك على الزناد فليسَ ثمةَ وقتٌ للحياةِ فيما تبقى لي من موت، هيا اضغط فلست ارحم من هذا السلاح الذي تطاولتَ بِهِ عليّ، هيا اضغط فما يملؤه هو خوفك أيها السيد.
الـرجـل: بل ما يشغلني الآن هو الرغبة في المغادرة (ينزل الرجل المسدس في رأس استراغون).
استراغون: (يرجع المسدس إلى رأسه) وموتي
الـرجـل: (يخفض المسدس) ما عدت اريد
استراغون: لقد أصبحت مسلوبَ الارادة فيما تُريد أو لا تريد
الـرجـل: ولكني لا أريد سوى ترك المكانِ بأسرع وقتٍ ممكن، الوقتُ يمضي هيا تنحّ عن طريق وافسح المجال لي للمغادرة والا
استراغون: والا ماذا هل ثمة ما تشترطه غيرُ موتي، أنا لست قاطعَ طريق أو لصاً كما انك لستَ بطبيبٍ أو محصل ضرائب، سأثبتُ لك بأني لستُ كما تظن وسأسمح لك بالمغادرة رُغمَ كل الحدثَ والذي سوفَ يحدث. هيا/ الطريقُ امامك من السّعة بما يسمحُ بمرور جيشٍ بأكمله.
الـرجـل: (غير مصدق) هل أنت جاد
استراغون: ربما يكونُ هذا القرار الذي لا املكه هو اكثر القرارات جدية في حياتي ولكني رغم هذا قرار لا املكه أيها السيد
الـرجـل: سأذهب في الحال (يحاول رفع الحقيبة استعداداً للمغادرة) الحقيبة نعم، سأذهب (يتوقف قليلاً) ولكن الا يكون الامر مجرد صدفة
استراغون: وغبيٌ أيضاً... يا الهي
الـرجـل: (يحاول ملاحقته) ان كان الامر كما تعتقد او حتى كما تقتضيه الحاجة الا يتعين عليك أنت الآخر المغادرة فما الذي يضطرك على البقاء ان لم يكن هناك ما يمنعك عن المغادرة
استراغون: شيءٌ ما يمنعني من الداخل قد يكونُ مصدره اسمى درجات الحرية/ وربما مصدرهُ ادنى درجات التبعية (يتذكر)... (هل تعرفْ لقد كانت امي do you now? May mother was)
الـرجـل: (مشيراً اليه) امك
استراغون: نعم امي.. وكان أبي Yes my father.
الـرجـل: ها
استراغون: ثم جئت أنا Then I came.
الـرجـل:لقد فهمت
استراغون: (يتعجب) ما الذي فهمت، شيءٌ غريبٌ حقاً، هل تعرفُ ان لا شيء كان يستثيرني قدراَ أبعد نقطة ضوء في تلك الافاق الفسيحة/ كانتْ برلين غابةً من غابات الظلام ولم يكن من نورٍ سوى اضواء المصابيح الخافتة. ولم يكن فيها سوى قطراتٍ من النفط/ وكنتُ أبحث ليلتها عن وجهِ نيرون في أضواء تلك المصابيح/ حيثُ كان يستمتعُ بنيران الحرائق المشتعلة، كانت ثمةَ رغبات تحترق وأخرى تنضج على تلك الحرائق. لقد فهمت الآن معنى انْ يختار النارَ لطهارة مدنُهُ الموحلة، لقد ثارَ لحظتها على أغلى ما يملك فبنى ما استطاعَ على هشيم حرائقه، ترى كم كلفهُ ذاكَ انْ لم تكن ذاتهُ الثائرة، لابُدَّ انَّ روما كانت من خشب فأحترقت بسرعة. لم يكن فيها سوى الاشجار، لحائها من خَشَبْ، حشاتُها وخَشَبْ فاحترقتْ بسرعة/ حيث لم يبقى سوى ظل نيرونَ ووجههِ الذي لا يعكسه سوء صفحة الماء الساخن (ينتبه) استراجون أنت الا زلتَ هنا الم تكن قبلَ قليل ترغبُ بالمغادرة.
الـرجـل: ولازلت
استراغون: اذن هيا ودعني وما اريد وربما لا اريد تحت رغبة لا يناصرها فعل، الرغبة تبقى والفعل يموت
الـرجـل: بدأت اشعر بالاختناق
استراغون: بل وربما بالموت أيضاً كحال الفعل الذي خنقته تلك الأغصان الصفراء التي هي ربما مشاهدة لقبور لا تنتهي... هيا سيحل الليل سريعاً فأتخذه جملاً وغادر والا
الـرجـل: والا ماذا
استراغون: والا ستضطرك الرغبة في عدم البقاء
الـرجـل: ولا اغادر
استراغون: كما هو الحال عليه الآن نعتزم الرحيل وتغلبنا عزيمة البقاء. نغادر أو لا نغادر
الـرجـل: اطرافي بدأت تتصلب، ما عدت احتمل يجب أن أغادر وبسرعة هذا ما سوف يكون عليه الامر، أغادر او لا أغادر.. كلا.. كلا سأغادر كان هذا قبل من يضطرني على البقاء أو الطلب بعدم المغادرة، (مع نفسه) لكني كنت أرفض.. وأرفض ولازلت (يتدارك) ثم ان الأسباب التي كانت تمنعني لم يعد لها موجب ولا معيق لذلك ها انذا اقول رغم صعوبة ما كان ولم يعيقني أياً كان سواء كنت محصل ضرائب أو واحد من وكلاء أحد الاقطاعيين كان ان الحرية رهن بصاحبها حتى وان قررت البقاء فلا شيء برادع رغبة املكها ثم اليس هناك من يرغب بمقابلتي، أليس كذلك؟
استراغون: هذا ما أردته لكْ
الـرجـل: حسن سأبقى، ولكن ليسَ طويلاً
استراغون: هذا من شأن السادة
الـرجـل: نعم وليس من شأن العبيد امثالك ولا أحد يضطرني على المغادرة أليس كذلك
استراغون: كلا
الـرجـل: حسناً سأنتظرك ولكن فقط لمقابلة شخص ما... اسمه... اسمه
استراغون: فلاديمير يا سيدي
الـرجـل: نعم فلاديمير وسأرى ما يتوجب علي فعله، سأسمح له بمقابلتي رغم ان الجو بارد هنا وكل ما بي يتصلب
استراغون: ليس ثمة دفء هنا
الـرجـل: ولكن... الم يخبرك متى يعود
استراغون: من
الـرجـل: فلاديمير
استراغون: كلا
الـرجـل: ولكنه سيعود
استراغون: هذا رهنٌ بمشيئتهِ
الـرجـل: وهل الامر سوف يطول؟
استراغون: بقدرِ مسافة الطريق
الـرجـل: ولكنه لابد أن يعرف اني هنا بانتظاره
استراغون: بالتأكيد فحدود معرفته أصبحت لا تضاهى، انه يعرف كلَّ شيءٌ
الـرجـل: ولكن بحدود
استراغون: افكارٌ بالية
الـرجـل: هذا ما اعرفهُ عنه
استراغون: بل هذا ما لا تعرفهُ عنه
الـرجـل: (ينظر من خلال قبعة استراغون) ربما لاح في الأفق
استراغون: ليس بعد
الـرجـل: عليك ان تصفه لي فربما يمكنني التعرف عليه بسهولة فليس من المعقول ان انتظر شخص لا أعرفه لمجرد انه يود مقابلتي... هل هو طويل.
استراغون: كلا
الـرجـل: قصير
استراغون: كلا
الـرجـل: هل ثمة ما يميزه
استراغون: كلا لا اعرف
الـرجـل: لقد أصبحنا في موضع من التعقيد من حيث تدعي معرفته
استراغون: انه... انه
الـرجـل: انه ماذا/ استراجون/ لا أعرف هل نسيته
استراغون: نعم
الـرجـل: لابد انه يملك ملامحاً مميزة تعيننا بسهولة على التعرف عليه
استراغون: انه ليس بالطويل ولا بالقصير مثلما هو ليس بالنحيف أو البدين، ثم انه ليس هنالك ما يميزهُ سوى انه يتكرر بملامح الآخرين.
الـرجـل: اذن لابد أن هناك ما كان يعمله
استراغون: ربما
الـرجـل: هل هو محصل ضرائب
استراغون: طبيب
استراغون: كلا
الـرجـل: وكيل أحد الاقطاعيين أو ما شابه ذلك
استراغون: كلا.. كلا.. كلا.. لقد ضقْتُ ذرعاً بك أيها السيد
الـرجـل: ها.. ها أنت ترفض من جديد
استراغون: هذا ما كان عليك تذكره.
استراغون: ولكني لا اتذكر سوى انني هنا منذ زمنٍ بانتظار شخصٍ اسمُهُ... اسمه (يحاول التذكر)
الـرجـل: فلاديمير
استراغون: نعم ذلك هو اسمه.. فلاديمير
الـرجـل: قد يأتي... أليسَ كذلك
استراغون: لا أعرفْ
الـرجـل: وقد لا يأتي
استراغون: لا أعرفْ
الـرجـل: ولكننا هنا
استراغون: وهذا ما يزيد الاخر صعوبة، ثمّةَ ما يُعيقُ الرؤيا من هنا (يحاول النظر إلى البعيد ولكنه لا يستطيع) ثمة ما يمد ذلك التطلع، انه اشبه بسحابةٍ بيضاء أو ربما صفراء... لا استطيع النظر اليها بصورةٍ جيدة... هل تذكر حالما حَضرتَ إلى هنا
الـرجـل: كان ذلك فيما مضى حين قررت المغادرة بأسرع وقت ممكن قبل سنوات، كنت حازماً في عجالتي ولازلت، فالسادة لا ينتظرون بل يُنتظرون، غير انه تأخر قليلاً حين كان يجب عليه الحظور
استراغون: لا ضيرَ في القليل من الانتظار
الـرجـل: وهذا ما قررته بالفعل، لازلت حازماً على ذلك رغم غضبي بدأ يتزايد، فالرغبة تنمو ولا عزيمة... والمكان يشي بالتقلص
استراغون: لا شيء هنا سوى الأغصان/ انْ تنمو حتى تتشابك وما انْ تتشابك حتى تتلاشى، انها تُعيق عنّا الرؤيا حيث لا افقَ ينمو، لا سحابْ، البصيرة ثم البصر، أيّ ضياعٍ يلفّنا، لابد انْ يأتي سريعاً (استراغون) يتخبط بالأشياء وقد أصابه العمى.
الـرجـل: (ينظرن خلال القبعة) نعم لابد.. هل تراه
استراغون: كلا وانْ كنت أراه لم أعُدُ أرى جيداً، ليسَ هناك ما استطيع رؤيته
الـرجـل: (يحاول تقريب القبعة من يمينه كي يرى) بامكانك ان تراه عن قرب هيا انظر ربما هناك من يأتي.
استراغون: لقد أخبرتك بأني لا أستطيع
الـرجـل: بل ستستطيع (يحاول ارغامه على الرؤيا)
استراغون: (يبعد القبعة عنه) بل لا أستطيع، لقد فقدْتَ الرؤيا تماماً هل تسمع/ ما عُدتُ ابْصرِ
الـرجـل: (ينظر إلى استراغون وهو يتخبط في مشيته كالاعمى) هذا مستحيل
استراغون: يا الهي لابد أن تكون هي السبب، الاغصان، لابُد أن تكونَ هي ذاتَ المصابيح المطفأة التي لا تعينُنا الا على العمى.
الـرجـل: ولكنك الوحيد الذي يعرفه، هذا مستحيل، أرجوك، اني اتوسل اليك، هيا انظر جيداً فلابد أن يكون هناك من هو قادم في الافق.
استراغون: صدقني، لا أفق هناك
الـرجـل: ولكني اتوسل اليك
استراغون: اللعنة عليك اخبرتك اني لا استطيع.. لا استطيع/ انه العمى
الـرجـل: وسيمتد الي، اليس كذلك حيث يقترب (يبدأ هو الآخر بالتخبط بالأشياء بحثاً عن استراغون) استراغون.. (يصرخ) أين أنت
استراغون: قد أكونُ قُربكَ وقد لا أكون لم أعد استطع التمييز، يجب أنْ نفعل شيئاً وبسرعة
الـرجـل: ولكن لا عزيمة
استراغون: ولكنْ هناكَ الرغبة، يجب المحاولة، لابد أنْ تكون هي الأغصان... سأقطعها... انها السبب (يحاول التلوع بالفأس.. للنيل منها في الهواء من جدوى وفي كل مكان)
الـرجـل: أية أغصان
استراغون: انها في كل مكان، تمتد نحونا لخناقنا، يجب التخلص منها (يبدأ بالتلويح بالفأس في زمان للوصول اليها حتى يكاد يصيب الرجل) يجب... يجب
الـرجـل: ولكني امنعك
استراغون: سأنالها حتى لو تلفني ذلك حياتك.. نيرون.. (يصرخ) النار، المصابيح، فلاديمير... فلاديمير انهُ هناك
الـرجـل: توقف ايها اللعين... سوف تقتلني، أنت لا تراني وأنا كذلك، حاذر والا
استراغون: لا أستطيع صدقني، لا أستطيع/ انه فلاديمير حيثُ يقتربْ
الـرجـل: اللعين... سأناله (يخرج مسدسه ليحاول النيل من فلاديمير في كل مكان حيث يعم المكان الفوضى ازاء تخبطهما معاً حيث يبدأ باطلاق الرصاص في كل مكان للنيل من فلاديمير دون ان يراه واستراغون يلوح بفأسه في كل مكان كي يفسح الطريق لفلاديمير بالاقتراب)فلاديمير، لا أصدق، اللعين، سأناله
استراغون: (يضحك) بجنون هيا اضرب أنتَ لا ترى ولا تستطيع هيا سدّد بصورةِ جيدة/ لقد اتضح كُلّ شيءٍ بالنسبة لي... هيا اضربْ انهُ هناك... وربما هنا.. هيا اضربْ
الـرجـل: اللعين... سأصيبه... اللعين (اصوات اطلاق الرصاص)
استراغون: (يستمر بالتلويح بفأسه) انه في كل مكانٍ ايها المبجل، يا للعريْ لقد بدأت الرغبة تنكشف
الـرجـل: ستموت، سيموت، ستموتون
استراغون: وتبقى أنتَ تزدردُ الهزيمة بوجود هذه الأغصان، سأقطعُها
الـرجـل: سأناله
استراغون: سأقطعُها
الـرجـل: سأناله
استراغون: سأقطعها
الـرجـل: سأناله
....... ((فجأة يعم الظلام حيث لا رؤيا حيث تبدأ النواقيس تقرع ايذاناً بمجيء القادم)) ..


تمت..



#مثال_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية ليلة ماطرة
- مسرحية بانتظار فلاديمير


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثال غازي - مسرحية مكانك ايها السيد