أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كمال العيادي - الخادمة الصغيرة: للكاتبة كوثر التابعي














المزيد.....

الخادمة الصغيرة: للكاتبة كوثر التابعي


كمال العيادي

الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:30
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عن دار غلارا للنشر Glaraverlag بمدينة فرانكفورت.. صدرت المجموعة القصصية البكر للكاتبة التونسية المهاجرة كوثر التابعي وذلك باللغة الألمانية
تحت عنوان ‘الخادمة الصغيرة’.. في طبعة أنيقة احتوت علي 176 صفحة من الحجم المتوسط. وتضمنت 30 قصة قصيرة من بينها: ‘الراقصة الشرقية، ليلة زفاف كليوباترا، الحذاء الإيطالي، قلب الحمار، عظام الدجاج، ديدو الإسكافي، آلهة البجن، الفرعون في المسبح.. وغيرها.
كوثر التابعي كاتبة هادئة لا توحي ملامحها إطلاقا بأنها مذعورة في غابات الغربة الداكنة، يتهيأ لك بأنها تحيط عوالمها عمدا بسياج ولكن ما إن تفارقها حتي تضمر في نفسك بألا تكون محايدا معها أبدا.
كذلك هي كوثر التابعي كشخص.. وكذلك شخوصها كشخوص، نماذج تتراءي لك للوهلة الأولي كائنات مفتعلة ومركبة ولكن ما إن تدعوها ثانية حتي تتداعي فجة، مكتنزة، مليئة بالحياة، أصيلة، ثابتة وضاربة جذورها في رحم الواقع.
فإذا هي. كما هي. بحلوها ومرها. بدهشتها البكر وخبايا أسرار إغراء التفاح في مجاهل بساطتها الماكرة، فهي تكتب عن الأنثي من موقعها كأنثي أولا. تسلط الضوء الفاضح عند أعمق المجاهل والزوايا والأخاديد المتروكة، وتستعيض عن القارئ النفعي بالقارئ المندهش. تعزف علي وتر لا نراه ولكننا نستشعر دبيب خطاه فبؤرة العقد التي تتحرك في مداراتها شخصيات المجموعة لا تستمد مشروعية ظهورها من تناسق دورها وتصاعده وإنما من كينونتها أصلا، ليس كشخصية مفردة ومركبة وإنما من كونها واقعا يسقط عنه شرط تبريره بوجوه أصلا. فحين يراهن تشخوف مثلا علي أنه إذا ذكر مسمار في أقصوصة فعليك أن توقن بأن البطل سيشنق عليه في النهاية إنما يمجد بطلا مركبا ومسمارا مفتعلا في واقع مؤطر بأبعاد ثلاثة, العقدة والتصاعد الدرامي ثم الحل ولابد هنا من حل، ولكن مسرح كوثر التابعي الذي تؤثثه لشخوصها موجود قبل وجودها. وما هو إلا الواقع كما هو بدون رتوش وتصبح بذلك واصفة وليست بخالقة، متابعة وليست بمحركة للأحداث، شخصيات (أغلبها أنثوية) تتحرك دون أن تدعي بطولة تراجيدية، تتقاطع مع الأطر الزمانية والمكانية والنفسية والاجتماعية دون أن تقف موقف المنتصر أو المهزوم. بل هي تمضي دونما مراجعة أو إدانة. تماما مثل تلك الخادمة الصغيرة التي تنجز ما يستوجب إنجازه دون التفكير فيما أنجزته أو بما عليها إنجازه عملية روتينية تبدأ من خط أفقي لتنتهي بنهاية آخره. يبدأ النهار بغسل الأسنان لينتهي بغسل الأسنان والنوم. وفي الأثناء تتأكد من أنها لم تخطئ كون الأغنياء لم يصرخوا في وجهها أو كتلك المهاجرة التي تبذل جهدا خارقا لتعود إلي أرض الوطن لقضاء عطلة مثل كل المهاجرين. فإذا بها تحل ضيفة مرغمة بقاعة الانتظار بمصلحة تمديد الجوازات لمدة أسبوعين، وحين تتسلم جواز سفرها ممددا لحين لا تملك إلا أن تزغرد من الفرح والغبطة وكأنها المنتصرة.
شخصيات قصص كوثر التابعي شخصيات واقعية تتعامل مع الواقع انطلاقا من كونه واقعا، فهي لا ترتد إلي الماضي لتقارن ولا تستنجد بالمستقبل لتتفاءل، ولكنها تتحسس حدود لحظتها الحاضرة وتتابعها.
وأعتقد أن كوثر التابعي وفقت إلي حد كبير في تقديم صورة مخلصة لواقع المرأة المهاجرة أو لنقل المرأة المغتربة للقارئ الأوروبي، وهو الذي اعتاد أن يتعامل مع شخصية المرأة الشرقية من خلال ستائر ألف ليلة وليلة، إما راقصة أو أميرة. أو عاشقة لابن شاه بندر التجار. أو من خلال أغلب التجارب المغاربية المترجمة التي استهلكت واستنزفت شخصية المرأة العاهرة أو المنبهرة بالحضارة الغربية. كوثر التابعي تقدم أيضا المرأة كما هي كائنة، مهاجرة، عاملة، تضيق بالضيق وتتسع باتساع وانفراج اللحظة تتصاعد وتنكمش بقدر تصاعد وانكماش الواقع الانطولوجي أساسا. وربما لهذا السبب لاقت مجموعتها القصصية القبول الحسن من طرف القراء الألمان. وكون كوثر التابعي هي المؤلفة المباشرة بدون قنوات الترجمة لقصصها وهي المعروفة كمترجمة متميزة علامة مضيئة أخري، خاصة ونحن نعلم أن المجموعات القصصية للكتاب العرب المترجمة باللغة الألمانية لا تكاد تعد علي أصابع اليد الواحدة، مقارنة بالقصص المترجمة للغة الفرنسية أو الإنجليزية إنها تجربة متميزة وفريدة لكاتبة واعدة وشابة تضيف مصباحا آخر لتبديد ظلام الغربة الداكن.

كمال العيادي -ميونيخ
www.kamal-ayadi.com

الكتاب: الخادمة الصغيرة
المؤلف: كوثر التابعي
عن دار غلارا للنشر Glaraverlag بمدينة فرانكفورت..



#كمال_العيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجوّاديّة لن تزغرد في أعراس هذا الصّيف
- هذا الثّلج غريمي
- المربوع
- باريسا ألكسندروفنا و الغرفة 216
- يوميّات ميونيخ العجوز
- السردوك*
- وداعا… وداعا يا عبد الرّحيم صمادح الكبير


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كمال العيادي - الخادمة الصغيرة: للكاتبة كوثر التابعي