أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - المرأة الحديدية














المزيد.....

المرأة الحديدية


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4679 - 2015 / 1 / 1 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


هذا العنوان لفيلم سينمائي ، قدمت فيه مخرجته فيليدا لويد جوانب مهمة من مسيرة مارغريت تاتشر أول امرأة رئيسة للوزراء في تاريخ بريطانية (1979-1990) ، واجه الفيلم بعد عرضه انتقادات كثيرة من قبل النقاد الإنجليز، هاجموه واعتبروه غير لائق بحق تاتشر لأنه يعمل على تشويه تاريخها على حد قولهم ، والحقيقة غير ذلك ، فقد نال الفيلم تقييماً إيجابياً من قبل نقاد الأوساط الفنية العالمية ، وبالنسبة لي كمشاهد أرى أن مخرجة الفيلم قد نجحت في تسليط الضوء على ثلاثة جوانب سلبية في تجربة تاتشر السياسية .

يتعلق الجانب الأول بتمسك تاتشر بالنهج الاستعماري الاستيطاني ، وقد عبرت عن ذلك بصريح العبارة اثناء حرب جزر الفوكلند التي نشبت بين بريطانيا والارجنتين في عام 1982، عندما قامت الارجنتين باعادة جزر الفوكلند إليها لانها تتبعها جغرافيا وأرادت بذلك استرجاعها وإنهاء احتلال بريطانيا لها ، وقد اعتبرت حكومة تاتشر ذلك غزواً لأراضيها مع ان الجزر تقع في جنوب المحيط الأطلسي على بعد الاف الأميال من انجلترا !!!

بهذا المنطق الاستعماري البغيض ظهرت تاتشر في الفيلم وهي تدافع عن احتلال ومصادرة أراضي الغير ، وتُبرر إرسال قوات بحرية حاشدة بحماسة منقطعة النظير لاحتلال جزر الفوكلند ، سرعان ما دخلت في حرب ضارية ضد الجيش الأرجنتيني دامت 42 يوماً انتهت بهزيمة الارجنتين وتكريس الاستعمار البريطاني للجزر من جديد على غرار ما كان يحدث في القرون الغابرة ، واسترجعت تاتشر بهذا بريق الاستعمار القديم الذي أرسى دعائمه جدودها من المستعمرين ناهبي ثروات الشعوب ، لكنها اصبحت في نظر الكثيرين على مستوى العالم كله امرأة بغيضة أطغاها الغرور الزائف باحتلال أراضي الغير .

ويتعلق الجانب الثاني بإظهار تاتشر كحاكم مستبد على شاكلة بعض حكام العالم الثالث ، من حيث تعاملها باستعلاء مع وزراء حكومتها في أجواء مشحونة بالتوتر ، وقد تضمن الفيلم مشهدا في هذا الشان تظهرفيه وهي متجهمة توبخ وزرائها بانفعال شديد ، وتصب جام غضبها على أحد وزرائها عندما اكتشفت خطاً إملائياً في كتابة كلمة ضمن تقرير قدمه لها ، ومن ثم تظهر في نفس المشهد وهي تنهي اجتماعها معهم بعصبية زائدة ، أشبه ما يكون بطردهم ، حيث ظهروا في الفيلم وهم يخرجون من قاعة الاجتماع مطأطئين رؤوسهم ، وهي جالسة في القاعة لوحدها بعد خروجهم تتصفح بعض الأوراق .

ويتعلق الجانب الثالث بابراز الفيلم لعمق عدائها السافر للطبقة العاملة الكادحة والشرائح الاجتماعية المهمشة ، حيث عملت طيلة فترة حكمها على شل حركة نقابات العمال واضعاف أهميتها ، وقد نجح الفيلم في إبراز موجات مظاهرات عاصفة نظمتها كل نقابات العمال في بلدها ضد سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، وضد تبنيها مبادئ الليبرالية الجديدة " المتوحشة " التي ساهمت في انهاء دور الدولة في المجالات الاقتصادية ، وفي تطبيق قوانين الخصخصة التي تم بها بيع كل مؤسسات وشركات القطاع العام في بريطانيا إلى الأفراد والمشروعات الخاصة ، وبالتالي ساهمت في زيادة ثراء الأثرياء ، وتفاقم حدة البطالة ، وتنامي معدلات الفقروالفقراء .

بسبب هذه الجوانب السلبية وغيرها من الأمور الأخرى خرجت تاتشر من الحكم غير مأسوف عليها ، أسقطها حزبها باسلوب انقلابي مفاجئ من قبل أقرب الاعضاء إليها ممن أوصلوها إلى قمة الحكم ، وقد أظهرها الفيلم في مشاهد كثيرة بعد خروجها من السلطة كعجوز مشوشة تعاني من الضعف وفقدان الذاكرة ، كلماتها قليلة ، لكنها كثيرة الشكوى من ارتفاع اسعار السلع الأساسية وبخاصة الحليب ، وهي نفس الشكوى التي لم تستجب لها عندما رددها الكثيرون من الناس العاديين عندما كانت في السلطة !!!



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشهر فضيحة ثقافية في القرن العشرين
- عيد الميلاد
- نقولا زيادة الحاضر الغائب
- لماذا يسرقون أرضنا ؟
- العشق في مصادر التراث
- جبرا إبراهيم جبرا: متى يُكرم؟
- طفولة شاعر
- ألوانُكِ
- بطاقات شعرية صغيرة
- في البدء كانت الكلمة
- مدينة النجوم
- لمن تدق ُ الأجراس
- دين الحب
- بمصابيح عكا يلمع القمر ُ
- حيفا تحلق في رحاب الذاكرة
- القدس
- لمنْ تدقُ الأجراسْ ؟
- الحطابة ام أسعد
- يوميات ابي عبد الله الصغير أخر ملوك الأندلس
- قراءة في كتاب : مسيحيون و مسلمون تحت خيمة واحدة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - المرأة الحديدية