أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد عسيلي - التطرف أيضا من مقومات بناء الأمم














المزيد.....

التطرف أيضا من مقومات بناء الأمم


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4678 - 2014 / 12 / 31 - 16:45
المحور: المجتمع المدني
    


تسائل يوما الكاتب البريطاني براون ويتاكير في كتابه الحب المحرم ، عن سر تغير الأوضاع في عالمنا الشرقي ، فجعل من هذا الشرق الذي احتفى يوما بشاعر استهزء بكل قيم المجتمع الأخلاقية و الدينية ، كأبي نواس ، و مارس المثلية الجنسية علنا ، دون أن يؤثر ذلك على مكانته الشعرية . كيف لهذا الشرق أن أصبح يضيق على مشهد قبلة في السينما ؟؟؟ . و لا يجد هذا الكاتب إلا جوابا واحد مستمدا من علم الإجتماع ، و هو أن الأمم القوية ، والتي تتحلى بدرجة عالية من الثقة في النفس ،تسمح لجميع أشكال التعبير عن الذات بالخروج ، بما فيها الأشكال المتطرفة ، و بما فيها كل أشكال السخرية من الأمة نفسها !!
ألم يحتفي الغرب و ما زال يحتفي بشاعر فاشي كعزرا باوند ، الذي تمسك بالفاشية الإيطالية حتى آخر أيام حياته ، لكنه رغم فاشيته فهو شاعر مبدع و خلاق ، و ساهم في اكتشاف مواهب أدبية أثرت الشعر الغربي ، كتبنيه للشاعر العظيم اليوت ، و الذي لا يتحرج من ذكر حقيقة أن باوند ساهم معه في كتابة القصيدة الأشهر في الأدب الإنكليزي ، و هي قصيدة الأرض اليباب .
ألم يكرم اليابان أيضا روائي و مجنون كيوكيو ميشيما ؟ هل ممكن أن نتخيل صدمة مجتمع محافظ كالمجتمع الياباني برواية مثل رواية اعترافات قناع !
لم يخف يوكيو ميشيما حبه للدماء و العنف ، لينتهي هذا الوله الدموي بالإنتحار أمام الملأ من أحد شرفات وزارة الدفاع اليابانية ، لكنه جنون تحتاجه الأمم ،لأن صوت الإعتدال اذا لم يلقى معاكسة من أمثال تلك المواهب ، يصيب الأمة الركود و من ثم الوفاة .
لذلك يجب الحفاظ على شعراء التطرف ، كالحفاظ على سياسيين عقلانيين ،
هذه حال الأمم جميعها التي تدرك أنها ليست ابنة اليوم ، و يجب أن تبقى محافظة على نفسها لآلاف السنين .
فإلى اليوم يفخر الفرنسيون بفيلسوفهم العظيم سارتر ، الذي قال ذات يوم ( كل من لم يكن شيوعي فهو كلب ) ، و نزل إلى الشارع ليبيع الصحف الماوية و الشيوعية ، في ذروة الحرب الباردة ، و احتدام الصراع مع الإتحاد السوفييتي و الصين .
ما هو موقف العرب يا ترى لو أن مواطنا عربيا حمل العلم الإسرائيلي إبان الاعتداء على غزة ؟
أو أنه رفع علم داعش و نادى بمبايعة البغدادي في ميدان التحرير بالقاهرة ؟
أنا لست مع الأول و لا مع الثاني ، لكن يجب أن نسمح لكل الأشخاص برفع الأعلام التي تريد . مع ثقتنا ، أن هذه الأصوات هي أصوات نشاز و سيبتلعها التيار .
هذا مع المواطن العادي ، فما هي خصوصية الشاعر ؟
ألن تشفع له إبداعاته التي أصبحت جزءا من تراثنا ، كي نسمح له بكل أشكال التطرف و الجنون ، و المجون .
ليفعل ما يريد ، لكن بالنهاية هناك دولة و قانون قادر على حماية الجميع رغم كل الجنون و التطرف .
لهذا فسعيد عقل جزء من تراثنا ، حتى تطرفه و اختراعه لأبجديته الخاصة ، هو جزء من تراثنا .
من منا يستطيع نسيان أغاني فيروز التي كتبها لها ، شام يا ذا السيف ، هي الوجه الآخر من دعوته للبننة العالم العربي . هو هكذا كل متكامل ، هذه العبقرية الشعرية جزء من شخص يحق لنا أن نفخر بوجوده في تاريخنا ، حتى لو دعى إلى الفاشية ، فأهلا بكل تلك الكلمات ، لكننا لنا مشروعنا الخاص في بناء الدولة ، و التي يجب أن يستلمه أشخاص آخرون ، سعيد عقل ليس واحدا منهم ، لكنه أحد مبدعي لغتنا .
و سيبقى واحدا من المبدعين و ان كرهنا فاشيته ، كما يمكن أن نتفق مع سماحة و طيبة و نبل عدد كبير من الفنانيين أو الأدباء ، دون أن نخجل من الإعتراف بإن نتاجهم لا يستحق المتابعة .
فتراثنا ليس سياج يجب أن نضبط داخله كل تحركاتنا ، بل هو مدى ، و نسشجع كل من يوسع ذاك المدى
أهلا بالمتطرفين ، أهلا بكل خارج عن قيم مجتمعنا ، أهلا بكل الأصوات من اينما شاءت ، من أراد السير بأي طريق فليذهب ، في تلك الحالة فقط نكون قد خطونا المرحلة الاولى في بناء دول على أسس صحيحة ،
و طالما أننا عاجزين عن احتضان جميع الأصوات ، و طالما أن زعزعة استقرار دولنا ، ممكن أن تهتز عبر مقالة أو مضاجعة في سرير ، فهذا يعني أنننا مازلنا أضعف من بناء الدول ، و أضعف من أن يكون لنا قدرة على كتابة كلمة في مدونة اتاريخ .



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام المصري : شر البلية ما يبكي
- سقوط الإعلام المصري : برنامج المستخبي نموذجا
- فيلم الفيل الأزرق : أخطاء طبية فادحة و معلومات مضللة
- للأسف يا سعد الدين ابراهيم
- لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث
- أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
- المجتمع السوري و التطرف
- الثورة : نشوة الجسد و التعري
- نحن جيل الهزيمة
- فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
- فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
- هيا بنا نلعب سياسة
- الذكاء السياسي لجبهة النصرة
- عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
- فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
- الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
- مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
- هلوسات في الجنس
- الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
- الامة السورية بين الفكر و الحزب


المزيد.....




- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد عسيلي - التطرف أيضا من مقومات بناء الأمم