أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يحيى رباح - في يوبيلها الذهبي -فتح قمة الضرورة الوطنية-















المزيد.....


في يوبيلها الذهبي -فتح قمة الضرورة الوطنية-


يحيى رباح

الحوار المتمدن-العدد: 4678 - 2014 / 12 / 31 - 14:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في يوبيلها الذهبي
"فتح قمة الضرورة الوطنية"
يحيى رباح
ذاكرة متجددة :
حركة فتح، حركة التحرير الوطني الفلسطيني، التي امتازت منذ اليوم الأول عن غيرها بالتركيز على العمق الوطني، الحلم الوطني، المشروع الوطني، و خلاصته إعادة زرع فلسطين دولة و كيان و عنوان و هوية في الجغرافيا السياسية التي عرفت من الآف السنين بإسم فلسطين، بدأت إرهاصات تأسيسها الأولى في وقت مبكر، ربما في جرح النكبة الأول، حين قامت إسرائيل بقوة الحديد و النار و المجزرة المخطط لها بعمق شديد و التواطؤ الدولي الفاني في أعقاب الحرب العالمية الأولى و الثانية، و قد ظهرت تلك الإرهاصات الأولى بأشكال متعددة، من بينها تلك الحالات الفردية لرجال في جيش عبد القادر الحسيني شهيد القسطل، جيش الجهاد المقدسي الذي انفرط عقده بعد النكبة و لكن العديد منهم ظلوا على العهد، كل واحد بينه و بين نفسه، خبأ بندقيته لقادم الأيام، و هؤلاء كأفراد ظلوا يجاهدون أفراداً في السنوات الأولى الصادمة و المريرة بعد النكبة، و كانت الاحصاءات الأمنية الإسرائيلية و غير الإسرائيلية تسجل عملياتهم الفردية الصغيرة و لكنها تنسبها إلى مجهول!!!
و من بينها تلك المحاولات التي قام بها أفراد أو مجموعات صغيرة من أجل إعادة انبعاث الإسم الفلسطيني مثل تلك المحاولة التي قام بها طالب في كلية الهندسة إسمه محمد عبد الرؤوف القدوة و الذي اشتهر فيما بعد بإسم ياسر عرفات عندما شكل رابطة طلبة فلسطين في القاهرة لتكون من أوائل العناوين الفلسطينية بعد النكبة في بداية الخمسينات، و كذلك المحاولة التي قام بها شاب كان مايزال طالب في مدرسة فلسطين الثانوية في مدينة غزة إسمه خليل الوزير عندما مارس تجربة الكفاح المسلح على طريقته في عام 1954 بتفجير عبوة ناسفة صغيرة في مشروع للنحل في مستوطنة "ناحل عوز" على حدود قطاع غزة، و كانت تلك بداية لإطار أكبر إسمه الرئيسي المقاومة الشعبية إبان العدوان الثلاثي و الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة في نهايات عام 1956، و كانت المقاومة الشعبية مبادرة من مجموعة من الشباب الأكثر ديناميكية وطنياً، انشقوا عن جماعة الأخوان المسلمين في وقت مبكر عندما اكتشفوا بالممارسة أن الأخوان المسلمين لهم أولويات أخرى، و أن المشروع الفلسطيني بالنسبة لهم غامض جداً تناقض فيه الأقوال مع الأفعال بشكل كامل، و كان من أبرز هؤلاء سليم الزعنون و خليل الوزير و كمال عدوان و محمد يوسف النجار و صلاح خلف بعد ذلك، و لحق بهم بعد فترة كثير من الشباب الذين اكتشفوا بشكل صادم أن انتماءهم لجماعة الأخوان المسلمين يتناقض مع تجلياتهم الوطنية الصادقة.
و لكن البحث عن كينونة فلسطينية خالصة و غير تقليدية، أي لا تكون امتداداً للأحزاب المسيطرة في الوطن العربي سواء كانت أحزاباً قومية أو يسارية أو دينية كانت عميقة و واسعة النطاق امتدت خارج قطاع غزة إلى الضفة الغربية و القدس و إلى المهاجر العربية بل وصلت إلى أوروبا على يد شباب فتح الأوائل الذين ذهبوا إلى المانيا و النمسا و بعض البلدان الأخرى طلباً للعالم، و عندما أعلنت فتح عن نفسها في صحيفة "فلسطيننا" التي كانت تصدر في بيروت في عام 1957، وجدت كل تلك المحاولات مركزاً تحتشد حوله و تنتمي إليه بشغف.
و لكن حركة فتح طلبت في مرحلة التحضير لما هو أكبر، تنظيماً و رجالاً و أسلحة و أموالاً، حتى تهيأ لها القرار النهائي بإعلان إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من يناير كانون الثاني عام 1965.
يلاحظ هنا:أن حركة فتح جعلت من انطلاقتها حدثاً وطنياً وأفقا واسعا، ولقد تحملت عبيء هذا الخيار بكل مسئولية وكفاءة واقتدار ، فكانت المدافعة عن كل فصيل فلسطيني وعن كل بندقية فلسطينية ،وكانت العامود الفقري للثورة الفلسطينية المعاصرة ،تبحث عن المشتركات الوطنية لتقويها وتجعل منها حقيقة رئيسية يحترمها الجميع .
ولم يكن الأمر سهلا بطبيعة الحال ،لأن كثيرا من الدول العربية كانت قد احتكرت القرار الفلسطيني لسنوات طويلة ، وكان انبعاث الصوت الفلسطيني المستقل من جديد هو معركة المعارك ،وكان تأثير الأنظمة العربية على امتدادها داخل الساحة الفلسطينية مكلفا جدا ،ولكن حركة فتح لم تتصرف مطلقا بردات فعل ضيقة ، بل حاورت الجميع من اجل أن تتحول منظمة التحرير الفلسطينية الى جبهة وطنية عريضة ،لها الياتها في اتخاذ القرار الوطني ، وقد ناضلت حركة فتح من اجل استمرار الثورة الفلسطينية بعد هزيمة عام 1967 ، وناضلت من اجل اعتراف عربي ودولي بأن تكون منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وأن تكون جزءا عضويا من القرار العربي ، وأن تكون على قدم المساواة في حضور مصلحة الشعب الفلسطيني في كل المحافل والإطارات والتطورات الجارية في المنطقة ، وقد كانت قوات منظمة التحرير الفلسطينية هي رأس الرمح في حرب الإستنزاف بعد عدوان عام 1967 ، وقدمت فتح النموذج الاقوى في حرب الإستنزاف من خلال معركة الكرامة الخالدة التي خاضتها ضد اسرائيل بقرار واع خالفت فيه كل قواعد حرب التحرير الشعبية ، وذلك بعد تسعة شهور فقط من هزيمة عام 1967 ،وذلك من اجل تكريس مقولتها الخالدة بأن الهزيمة ليست قدرا وأن الإنتصار ممكن ، وأن عامل القوة هو عامل متغير في الزمان والمكان ،وهذا هو الذي أسس لحرب أكتوبر تشرين عام 1973 ،وهي الحرب التي غيرت المعادلة في صراع الشرق الإوسط ، وجعلت منظمة التحرير الفلسطينية أول حركة تحرير في العالم تحصل على مقعد عضو مراقب في الأمم المتحدة بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وذلك عندما اعتلى الرئيس ياسر عرفات منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974 ليتحدث الى العالم بإسم الشعب الفلسطيني مطالبا بوقوف العالم الى جانب شعبنا في حقه لتقرير المصير فوق أرض وطنه .
ولكن المسيرة التي قادتها حركة فتح منذ الإنطلاقة وحتى الوصول إلى منصة الأمم المتحدة لم تكن نزهة ،بل كانت صعبة ومريرة ومعبدة بالعناء والصعوبات وغزارة دماء الشهداء الذين سقطوا على الطريق بيد الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية في معارك مشهودة على إمتداد الأغوار الأردنية وفي الجولان وداخل الأرض الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو داخل الخط الاخضر "إسرائيل " كما امتدت اليد الإسرائيلية إلى مناطق عديدة في المنطقة والعالم وخاصة في لبنان التي انتقل اليها مركز النشاط الفلسطيني بعد الخروج من الأردن ، وكان الوجود الفلسطينيفي لبنان قد تعمد بإتفاقية مع الدولة اللبنانية وقعت في العام 69 ولكن إسرائيل ظلت ترفض تلك الإتفاقية وتسعي إلى اجتثاث الوجود الفلسطيني عبر تنفيذ إعتداءات صارخة في جنوب لبنان وفي بيروت نفسها وخاصة في العملية العسكرية التي إستهدفت شارع الفردان في منطقة الحمراء في قلب بيروت وبعض المواقع الاخرى في الفكهاني وصبرا وشاتيلا ، وكان من افدح النتائج اغتيال القادة الثلاث أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر وهم من القادة المؤسسين في حركة فتح .
وخلال تلك السنوات كانت تنشأ تعارضات وخلافات سياسية حادة بيننا وبين عدد من الدول العربية ،وهذه التعارضات والإختلافات كانت تدور حول ما نقبل وما نرفض في السياسة من خلال مصالحنا الوطنية ، وكانت بعض تلك الدول العربية تحاول فرض رؤاها السياسية من خلال إمتداداتها داخل الساحة الفلسطينية ، ولكن فتح التي تقود منظمة التحرير الفلسطينية وتقود الثورة الفلسطينية كانت تصر على بقاء وتعزيز العمل الجبهوي الواسع والمرن ، وترفض أي نوع من المقايضة على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني ، كما ترفض المساس بأي من الفصائل أو المفردات داخل الساحة الفلسطينية وهذا هو الجوهر الذي تكرس لدى الفلسطينين جميعا بأن حركة فتح ضرورة وطنية ، بقوتها تبقى المعادلة الفلسطينية قوية ، ويبقى المشروع الفلسطيني حيا ، وهو مشروع الإستقلال والدولة ويظل في أفق التداولفي الزمن الاقليمي والعالمي ،لأن فتح وهي تتعامل مع كل تجليات الواقع في المنطقة وفي العالم ،وتحاول أن تكون على صلة بكل ما يجري ويطرح حول القضية الفلسطينية فإنها كانت تحافظ على منظورها الوطني ولا تفرط به لصالح أية استقطابات في المنطقة سواء كانت ايدولوجية أو سياسية .
وقد تأكد منذ نشوء فتح في نهاية الخمسينات وإنطلاق الثورة الفلسطينية في منتصف الستينات ، أن الحركة السياسية الأقدم في المنطقة التي انطلقت من مصر اولا في عام 1928 ، وهي حركة الإخوان المسلمين التي إنتشرت في المنطقة والعالم وأصبح لها تنظيمها الدولي ، قد اختارت توجها سياسيا وتعبويا معاديا للثورة الفلسطينية المعاصرة ، ولقد حاولت حركة فتح بكل جهد خارق أن تجد قاسما مشتركا ولو بسيطا مع الإخوان المسلمين ،وأن تجد نموذجا ولو بسيطا عندها يلبي احتياجات النداء الوطني الفلسطيني ، فتم إنشاء قاعدة وحيدة في أغوار الأردن تحت إسم "قاعدة الشيوخ "ينضوي إليها أبناء الحركة الإسلامية ، وكان يقودها الرجل الذي تم إغتياله في افغانستان بعد ذلك عندما أدار الإخوان المسلمون ظهرهم الى فلسطين وذهبوا الى افغانستان وهو الشيخ عبد الله عزام ، ولكن تلك التجربة لم تمكث سوى قليلا ، فقد اتضح ان التعارض بين الإخوان المسلمين والنضال الوطني الفلسطيني كان تناقضا حادا ونهائيا ، وهكذا استمر الإخوان المسلمون في الموقع المعادي للثورة الفلسطينية المعاصرة يعزفون بالكامل عن المشاركة مع شعبهم ، بل يحرضون على الثورة ويقفون مع اعدائها مهما كان نوعهم ، حتى لقد زادت حدة الإنشقاقات بينهم على خلفية التقاعص عن المشاركة مع شعبهم ، وكانت ابرز تلك الإنشقاقات المبكرة هي تلك التي جاءت الى فتح واصبحت من أبرز قياداتها ،كما حدث انشقاق الدكتور فتحي الشقاقي في عام 1985 الذي اسس حركة الجهاد الإسلامي مما اضطرهم الى تغيير جلدهم ظاهريا فأسسو حركة حماس التي إنطلقت في الرابع عشر من ديسمبر عام 1987 تحت سقف الإنتفاضة الأولى الذي كان مهندسها الأول خليل الوزير أبو جهاد .
ومع الأسف الشديد فقد اتضح سريعا أن مشاركة الإخوان المسلمين تحت إسم حركة حماس لم يكن انسجاما مع الحالة الفلسطينية بل كان من اجل برنامج أخر متعارض تماما الى حد التناقض ، وهذا ما انكشف بشكل كامل بعد عشرين عاما ، من خلال الإنقلاب المسلح والإنقسام الأسود الذي نفذته حركة حماس بدعم من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ورهان بعض القوى الإقليمية في صيف العام 2007 ، وما زالت تداعياته تكشف المزيد من الأسرار وتلحق الأذى في المشروع الوطني الفلسطيني .

فتح صاحبة المشروع وحاميته في آن واحد :
كل التجارب النضالية التي خاضتها حركة فتح ،وكل التجارب التي مرت فيها ،وكل المعارك العنيفة التي خاضتها إسرائيل تمحورت دائما حول مشروعها الوطني ،إعادة زرع الكيانية الفلسطينية من جديد في أرض فلسطين وليس في أي بلد أخر ، ولملمة الهوية الفلسطينية المبعثرة تحت لواء دولة تدير حياة الشعب الفلسطينين ضمن مفهوم وحدة الشعب ووحدة القضية !!! وظلت حركة فتح في نضالها المتواصل تمارس النموذج الأكثر فائدة في زمنه السياسي ،وكانت تتميز بأنها تقرأ الواقع بعمق ، وتقرأ خارطة التحالفات الإقليمية والدولية بعمق ، وتحرص على أن يظل الشعب الفلسطيني لاعبا فوق المسرح ورقما مهما في الصراع ،حتى لا يجد هذا الشعب نفسه خارج اللعبة ،تحت تهديد التواطؤ والنفاق الدولي كما حدث في العام 1948 ،حين انهار الكيان الفلسطيني وتبعثرت الهوية الوطنية ، وظن الأعداء أن الصفحة قد طويت إلى الأبد .
ومن اجل ذلك أصرت حركة فتح أن تبقى في قلب اللحظة السياسية ولا تغادرها مهما كان السبب ، وعلى سبيل المثال : فإن فتح جددت إنطلاقة الثورة الفلسطينية بعد أقل من شهرين فقط على هزيمة الخامس من حزيران عام 1967 تحت عنوان مذهل اطلقه ياسر عرفات ،بأن الشعب الفلسطيني لم يكن جزءا من الهزيمة فكيف يعترف بها ؟؟؟ صحيح أن الشعب الفلسطيني كان من أبرز ضحايا هزيمة عام 1967 ،فقد ضاعت القدس وبقية فلسطين في تلك الحرب التي دخلها الأشقاء العرب دون أن يعرفوا مداخلها ومخارجها وأهدافها الرئيسية وشبكة العلاقات الدولية المحيطة بها ، ولذلك وقعت الهزيمة ،ولكن الشعب الفلسطيني لم يكن جزء من قرار الهزيمة ، وفتح بلسان ياسر عرفات لم تعترف بها، مع أن بقية الفصائل كانت قد انداحت مع الأجسام الأجسام العربية الرئيسية !!! ومن الغريب أن أكثر الأطراف تطرفا هذه الأيام كانوا قد نكسوا راية النضال وأعترفوا بمشهد النهاية .
وذلك المشهد المدوي برفض فتح الهزيمة ، أثبت بشكل حاسم أن حركة فتح ليست ضرورة وطنية فقط بل ضرورة قومية ،وبينما كان موشيه دايان إسرائيليا بطل حرب 1967 يجلس بالقرب من التلفون لكي يقرع ويطلب بعضهم الاستسلام على حد تعبيره ، فانه وجد خط التلفون مقطوع بسبب فتح وقائدها ياسر عرفات الذي ظل يرتدي زي الفدائي ويعود الى قلب الميدان من جديد ، ليس فقط على حدود دول الطوق مع إسرائيل وإنما داخل الاراضي الفلسطينية نفسها !!! وكان الزعيم جمال عبد الناصر البطل الجريح في ذلك الوقت ، قد قرأ اللحظة بعمق شديد وقال نبوءته المشهورة بأن المقاومة الفلسطينية انبل ظاهرة عربية في العصر الحديث وجدت لتبقى .
حركة فتح منذ أعلنت مشروعها بالقيامة الفلسطينية من جديد ،الحضور من الغياب ، والعودة من المنفى الى الوطن ،ورفضصورة الإضطهاد القاسي ،صورة استلاب الدور ، ونفي الهوية الوطنية ، وإعدام القرار الوطني ، فإنها قررت أن تكون حاضرة فوق منصة الفعل والمبادرة السياسية ، الفعل في الميدان الكفاحي ، والتواجد في الساحات الأصعب ، ودفع الثمن الباهظ ، واستلام زمام المبادرة السياسية ، فليس هناك متضرر أكثر من الشعب الفلسطيني ،ليس هناك صاحب حق في القول والفعل والمشاركة أكثر من الشعب الفلسطيني ، وبالتالي فإن فتح يجب أن تكون هناك حيث تحصر الإرادات ، للأن الغائب ليس له حصة ،وما أكثر التجارب الفادحة ،إذا لاغياب ، مع أن الحضور له كلفة عالية جدا تعادل الإنتحار في بعض الاحيان .
وحتى لا تحدث مساحة من الفراغ بين حركة فتح صاحبة المشروع الوطني ، ومنظمة التحرير الفلسطينية كإطار مفرغ من الفعل ، فإن حركة فتح تسلمت قيادة المنظمة ، وضعت في قلب المنظمة كل ما تمتلكه ، وأعطتها كل ما انجزته من علاقات وهياكلعسكرية "قوات العاصفة "ومكاتب للتمثيل الخارجي التي أصبحت مكاتب تمثيل للمنظمة ، ومؤسسات إعلام وثقافة وشئون اجتماعية ،أصبحت كلها تحمل إسم فلسطين ومعبرة عن حضور الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد !!!وعندما أخذت منظمة التحرير هذه الصفة الكبرى في العام 1974 كانت فتح هي وراء الجهد الرئيسي ،وكانت هي التي أعطت كل شيء لكي يصبح للمنظمة إسما على مسمى بالفعل ، وأن تبقى قوية لتكون هي الإطار الحيوي الذي ينضوي تحت لوائه الجميع ، وكانت هذه هي بداية المعركة مع فصائل الإسلام السياسي التي ناصبت فكرة الوطنية العداء الشديد منذ اللحظات الأولى ، وتخلفت عن الكفاح المسلح الفلسطيني قرابة ثلاثة وعشرين عاما ،وهاجمته بقسوة ، واجترحت نصوصا دينية مزورة لتهين شهدائه ، بل إن بعض فصائل الإسلام السياسي كفرت الكفاح المسلح الفلسطيني تحت عنوان اجتهاد ديني مزيف تماما ، بأنه لا جهاد "لاجهاد بدون إمام " وتحت عنوان أن السلاح التي تقاتل به الثورة الفلسطينية هو سلاح كافر لأن معظمه كان من الإتحاد السوفيتي والصين الشعبية !!! ثم اتضح على إمتداد السنوات بعد ذلك أن الخلاف الحدي مع فصائل الإسلام السياسي كان أشد وأعمق من ذلك كله ، فقد كان الإسلام السياسي كله ولا يزال مستقطبا في يد الطرف الأخر ، وكان مكشوفا أمام إسرائيل وحلفائها ، وأنه كان مندمجا في دور نهائي ضد الجماعة الوطنية ودولتها الوطنية والقومية ومشروعها بالكامل .
ومنذ الأول من يناير عام 1965 وحتى الآن ،على امتداد خمسين سنة حاولت حركة فتح على رأس الشرعية الفلسطينية أن تجد قواسم مشتركةمع فصائل الاسلام السياسي ومن بينها حركة حماس ، ولكن بلا جدوى ،رغم التوقيع على اتفاقات مهمة جدا : اتفاق مكة في 2007، واتفاق المصالحة في القاهرة في 2011 ، واعلان الدوحة في مطلع عام 2012 ، واعلان مخيم الشاطيء في غزة الذي شكلت بموجبه حكومة التوافق الوطني ، ولكن كل ذلك كان بلا جدوى ،ورغم ان المجتمع الدولي منح الشرعية الفلسطينية مكاسب عديدة حتى مع وجود الإنقسام ، مثل قرار الجمعية العامة في نهاية عام 2012 باعتبار فلسطين دولة مراقب ،دولة تحت الاحتلال ،وانضمام فلسطين الى العديد من المنظمات الدولية ونجاحها في عقد مؤتمر دولي لاعمار قطاع غزة في القاهرة وذهاب فلسطين الى مجلس الأمن للحصول منه على قرار لدولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية ،والحراك الاوروبي الكبير بإعتراف برلماناتها بدولة فلسطينية مستقلة ، إلا أن الهوة ظلت واسعة مع حماس وفصائل الإسلام السياسي ،ن ولكن فتح صاحبة المشروع الوطني وحامية المشروع الوطني لم تستسلم للصعوبات وما تزال تحاول إدماج حماس تحت سقف الشرعية الوطنية الفلسطينية .
حركة فتح في ظل انظمة اقليمية ودولية متغيرة :
فيعيدها الخمسين تذهب حركة فتح الى مؤتمرها العام السابع ، وهو المؤتمر العام الثاني الذي يعقد في في أرض الوطن ، فقد عقدت المؤتمرات العامة الخمسة الاولى في المنفى ،بينما عقد المؤتمر السادس في في مدينة بيت لحم ، وينتظر أن يعقد المؤتمر السابع في مدينة رام الله .
والموضوع الرئيسي المطروح على المؤتمر العام السابع هو التغيير الواسع بما يتلائم مع الزمن السياسي الفلسطيني ،والعربي والدولي ، وبما أن فلسطين بتعقيدات قضيتها ما تزال في قلب العالم ، فمن الطبيعي ان يأخذ موضوع التغير كقضية مركزية ، وهذا التغيير سوف يستغرق محاور عديدة من بينها ضرورات الهيكل التنظيمي ، أي الحياة الداخلية للحركة ،وإطاراتها القيادية وكيف تكون فاعلة ،وتنمية الفقه التنظيمي الذي عاشت به الحركة على امتداد الخمسين سنة الماضية ، ما الذي يجب ان يبقى ، هل الديمقراطية المركزية تستطيع ان تجيب على كل الأسئلة ؟؟؟ وكيفتتكامل الإطارات مع بعضها حتى تحتوي روح الحركة المتجددة لأجيالها المتعاقبة ، وساحاتها المتعددة ،في الوطن الذي هو المركز وفي المنفى الواسع المتعدد الثقافات ،الذي سيبقى مهما كانت الحلول السياسية القادمة !!! كم سيكون هناك محاور تتعلق بعملية البناء الوطني ، الدولة ومؤسساتها وطبيعة العلاقة مع شركاء الوطن ، وكيف سيحل مسألة مصلحة الدولة ، وحصر وحدانية السلاح في يدها ،ومحاور اخرى تتعلق بكيفية رؤية المستقبل ، والنمط الذي سنختاره لعلاقاتنا الدولية ،ورؤيتنا الى النظام الإقتصادي ، وبرامج التعليم ، والنسيج الاجتماعي .....الخ .
حركة فتح وعلى امتداد الخمسين عاما الاخيرة ،
حركة فتح وعلى امتداد الخمسين عاما الاخيرة ، خاضت غمار تجارب كثيرة ، وعلى مستوى حياتها الداخلية تعرضت الى انشقاقات صغيرة وكبيرة ، ما الذي جعلها تستمر ضرورة وطنية بينما المنشقون سواء كانت تحالفاتهم كبيرة أم هشة يندحرون وينطفئون بسرعة ، هذه الخصائص والسمات كيف تتعزز من خلال المؤتمر العام السابع ،فكيفيفتح المؤتمر العام السابع آفاقا للأجيال الشابة ،لأن حركة فتح أطلقها الشباب قبل أكثر من خمسين عاما ، ولكنه الشباب المولود في التجربة ، ونارها ، وصعوباتها ،وقد كانت ظروف القضية وظروف المنفى صعبة الى حد الإستحالة ،فكيف طور أؤلئك الشباب انظمة اتصال بشري وفكري وحركي بحيث وصلت حركة فتح الى ما وصلت اليه ، واصبحت جاهزة لاستلام زمام القيادة خلال كل تلك العقود والتجارب القاسية ؟؟؟
هناك تحفز كبير الآن في صفوف حركة فتح ، لأن المرحلة السياسية في ذروة صعودها بينما العلاقات الوطنية في ذروة مأزقها مع استمرار الإنقسام الذي يستغله جميع أعداء الشعب الفلسطيني في المنطقة وفي العالم ، وهناك إصرار متزايد من قبل أجيال فتح بأن حركتهم ضرورة وطنية ملحة ، وأن حركة فتح تملك في يدها مفاتيح العديد من الحلول لما يعانيه الوجود الفلسطيني من مشاكل وأسئلة قاسية .



#يحيى_رباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسرائيل تعالج فشلها بالارهاب !!!
- اين تضع حماس نفسها!!!
- من دمائنا نتعلم !!!
- اصعب من الحرب نتائجها !!!
- صياغة نظام إقليمي عربي جديد!!!
- لحظة مبهرة في مشوار صعب !!!
- الوطنية الفلسطينية والصعود الى الاستقلال!!!
- إفشال القفزة الإسرائيلية الثالثة!!!
- استعادة الثورة واسستعادة الدولة !!!
- عودة الوعي و عودة الروح!!!
- لا احد يصدق شايلوك!!!
- لا احد يصدق شايلوك!!!
- العودة الى الثوابت فيي ظل العواصف!!!
- لك المجد ايها الالم العظيم !!
- ذاكرة من حرير!!!
- المواطنة سياج الدفاع الحصين !!!
- سوريا تنتخب سوريا تنتصر!!!
- معركة المصداقية !!!
- حكومة إسرائيلية غير مقنعة!!!
- المصالحة الفلسطينية الضرورات ملحة فهل الارادة حاضرة ؟؟؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يحيى رباح - في يوبيلها الذهبي -فتح قمة الضرورة الوطنية-