أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - أب وابنه لم يلتقيا ولن يلتقيا














المزيد.....

أب وابنه لم يلتقيا ولن يلتقيا


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4678 - 2014 / 12 / 31 - 13:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



جدعون ليفي، اليكس ليبك

(ترجمة: أمين خير الدين)


كم من القسوة يلزم ليُرْفَض طلب والد للقاء ابنه المشرف على الموت، لمرة واحدة؟ كم من القسوة وعدم الرحمة يلزم ليمنعوه من الاشتراك في تشييع جنازة ابنه؟ حتى ليوم واحد، هكذا قررت سلطات الاحتلال، هكذا قررت كعادتها المحكمة العليا في دولة إسرائيل، كان القضاة الذين نظروا في الاستئناف المقدم باسم الوالد ومركز حماية الفرد (كما صرحت عميرا هس في جريدة "هارتس") آشير غرونيس، تصفي زيلبرطال والياكيم روبنشتاين.
بكر حافي لم يلتق ابنه أمير ولن يلتقيه أبدا، ابنه الذي مات بمرض وراثي يوم الأحد من الأسبوع الماضي في بيت أمّه في قرية ارتاح، جنوب طول كرم، فقط ساعتا سفر تفصل بين البيتين، بيت الوالد في غزة وبيت الأمّ في ارتاح، فجوة كبيرة تفصل بينهما لا تسمح إسرائيل باجتيازها، حتى في حالة حزن كهذه.
كان عمر أمير سنة ونصف السنة عند موته، وُلِد ليس فقط مع مرضه، إنما وُلِد مع أبوين فصلتهما إسرائيل، أمّه وعد سكنت في ارتاح، والده بكر طُرِد إلى غزة، ولم يره أمير منذ ولادته، ولو لمرة واحدة، وُلِد والدا وعد في مخيم البريج في غزة، انتقلوا الى الضفة عام 1971، عمل إسماعيل بالحاوي، والد وعد معظم سنوات حياته في أعمال مختلفة في نتانيا، هناك يعرفونه باسم شموليك، يقول أنه يتقن اللغة العبرية أكثر من العربية، لا زال يعمل في نتانيا بتصريح، منذ طُرِد صهره إلى غزة، تسكن ابنته وعد وابنتاها عنده في ارتاح، تزوج بكر من ارتاح عام 2007، بنى لها بيتا في بلدة شويكة قرب طول كرم، هو أيضا من غزة، أمضى معظم سنوات حياته في الضفة، عمره الآن 42، وعمرها 23 أنجبا ابنتين سوار 7 سنوات وحلا خمس سنوات ونصف السنة، قبل خمس سنوات، دهمت قوات الأمن منزلهما بعد منتصف الليل واعتقلت بكر، اعتُقِل لثلاثة أشهر في معتقل شيكما، أطلق سراحه دوم محاكمة، وبدلا من إعادته إلى بيته، حيث تنتظره زوجته وابنتاها، طُرِد إلى غزة، خطوة حددت مصيره ومصير عائلته، ربما للأبد، بكر مسجل في بطاقة هويته مواطن غزي، أمر لا يستطيع الفلسطيني تغييره، ولا يجوز لهما الانتقال لبيت جديد دون أن يتزوجا خارج غزة، قدم الزوجان خلال السنوات الأخيرة عدة طلبات لِلَمّ الشمل، كلها رُفِضت.
بعد سنتين من طرد زوجها، انتقلت وعد وابنتاها للإقامة، مؤقتا، في غزة، دخلت غزة عن طريق الأردن ومصر، بعد أن منعتها إسرائيل، لكن هجمات إسرائيل على غزة في تلك الفترة أرعبتها، فهربت بعد 11 شهرا، وعادت إلى بيت والديها في ارتاح، حسب أقوال أبيها "كان زوجها يحميها ويحمي ابنتيه بجسمه، يرقد فوقهما كما ترقد الدجاجة على بيضها لتحميها، إنسان طيب ولطيف"، تقول وعد انها لم ترتح في غزة، هناك ليس بيتها، "هذا المكان ليس لها، هناك جهنم" يقول أبوها.
خلال بقائها في غزة حملت، وهكذا وُلِد أمير في 17 أيار 2013 في طول كرم، شُخِّصَ كمريض بمرض وراثي، وعولج في أكثر من مستشفى، منها هداسا في القدس، كان واضحا أنه لن يعيش طويلا، والده لم يره أبدا، توفي أمير يوم الأحد الماضي، في ساعة متأخرة من الليل، على سريره في بيت والدته في ارتاح، أمه تحمل صورته على جوّالها "طلبنا من كل العالم كي يسمحوا لوالده أن يشترك في تشييع جنازته، فقط ليراه ويعود"، يقول جدّه شموليك – إسماعيل "كنت أدعو الله: أنت خالق الكون، وأنا عاجز عن مساعدة الطفل، لا املك شيئا، فقط دَعْ أباه يصل إلى جنازة ابنه، عملنا كل ما نستطيعه".
"أنا محطم" يقول بكر، خلال محادثة تلفونية من غزة، وبلغة عبرية ممتازة، كلغة من يعيش في إسرائيل، " وُلِد الطفل مع مرض، لم أره، طلبت لقاءه بعد موته، والنهاية أنت تعرفها، أنا أعاني، أعاني، عملوا مني فهدا أسود، لكني إنسان، من لحم ودم، لدي أولاد في البيت وزوجة، لم يعطوني فرصة واحدة لرؤية ابني، لرؤية عنقه، لأراه مرة واحدة، لم يسمحوا لي، في أيلول التقيت المخابرات في إيرز وقلت لهم: لم تثبتوا شيئا ضدي أطلقتم سراحي، لماذا أعدتموني إلى غزة وليس إلى بيتي؟ أنا هنا بين المطرقة والسندان".
حسب أقواله "دموعي تنهمر من عيوني، أنت تعرف الوضع هنا، هناك بيتي، ربيت نحلا في شويكة، هناك خليّتي، ابنتاي، وزوجتي هناك، حياتي كلها هناك، لا أعرف ماذا أقول لك، معاذ الله أن أتمنى لك أن تمر بما مررت به، لكن حاول أن تتحسّس ما أحسّ به، بدون زوجة، بدون أولاد لا أنتمي لهذا العالم، صدقني يا أخي، عندي بحر من الأصدقاء في إسرائيل، كنت محترف مهنة تجليس السيارات، أنا لا أنتمي إلى غزة، لماذا لم يطلقوا سراحي إلى بيتي، أنا محطّم نهائيا، دعوني أعود إلى الحياة، دعوني أعود لأستنشق هواء بيتي، لو كنت مخربا لما أطلقوا سراحي، حتى قضاة المحكمة العليا لم يعطوني فرصة واحدة لرؤيتهم، فرصة واحدة لرؤية بناتي اللواتي تراهن الآن".
هذا ما كتبه قضاة المحكمة العليا في إسرائيل، برج عدالتها، في ردهم على الالتماس المقدم قبل أسبوع ونصف الاسبوع، بعد موت أمير بيومين، بملف رقم 14/،8588 باسم بكر حافي ومركز حماية الفرد الذي أسسته دكتور لوطا زلتسبرغ: "بعد الاطلاع على المعلومات الأمنية التي لا يمكن كشفها، توصلنا إلى قرار أنه إثر الظروف الصعبة للمشتكي، لن يتغير شيء من قرار عدم السماح له للانتقال من غزة إلى الضفة، حتى لمجرد زيارة قصيرة ووفق الشروط، ونؤكد أن المعلومات الأمنية كثيرة، وعلى امتداد سنين كثيرة، بما فيها السنة الماضية، ومع ذلك ننوه أنه إذا ما تقدمت زوجة المشتكي والموجودة في منطقة يهودا والسامرة، بطلب لزيارة قطاع غزة مع أبنائها، يبحث طلبها حسب الأصول مع توجه إيجابي".
لم يتغيّر شيء، معلومات أمنية لا يمكن كشفها، تبحث حسب الأصول،وبتوجّه إيجابي – هذه هي العدالة الإسرائيلية.
ملاحظة للختام: ما كان هذا التقرير يرى النور لو كان الأمر متعلقا بجنود الجيش الاسرائيلي وشرطة إسرائيل الذي أوقفونا هذا الأسبوع، عند تحضيره، لسبع ساعات.

(هآرتس - 26.12.2014)



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربع رصاصات خاطئة، وصفر اعتذار
- ليس عيبًا: الدم اليهودي يساوي أكثر!
- زوجته وابنه
- يمكن أن نفهم حماس
- السيئون للطيران(*)
- المرحلة القبيحة
- يوم ميلاد بيرس التسعين: احتفال مليء بالكذب والتضليل والخداع
- انقضى زمان القصف
- رسالة رد من -مساعد ارهاب-
- حقيبة اكاذيب الجيش الاسرائيلي
- اسرائيل 2011: ليس من الشرعي الدفاع عن حقوق الانسان
- دولة ال لا - لا
- إزاء هذه العنصرية كلها
- استفتاء شعبي غير أخلاقي
- من هو الضحية الحقيقي
- جُبْن صفدي عفِن
- زمن فك الارتباط
- أيها العرب انصرفوا
- يحل لنا فقط
- في الطريق اليك؟


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - أب وابنه لم يلتقيا ولن يلتقيا