أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - كاترينا أو سوريا كما تصورتها قصيدة عادل المتني(4)















المزيد.....

كاترينا أو سوريا كما تصورتها قصيدة عادل المتني(4)


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 4678 - 2014 / 12 / 31 - 05:47
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة حلول السنة الجديدة، أهدي هذا التحليل لكل سوري جرفته أمواج "الخريف العربي"، و رمت به في أحضان الموت، و التشرد، و المنفى، و بشكل خاص، كاتب هذه القصيدة التي تبدو أنها نبعت من معاناته، و آلامه، أقول له: أتمنى لك سنة جديدة أجمل من سابقاتها.

5 – كاترينا و حكاية التمدد:
تتشابك قضية كاترينا بإبداع شاعر محموم، فضل أن يصنع باللغة، لوحة فنية، تتداخل فيها الصور بين الواقع و الخيال، فتم ذلك عبر السرد، فكانت الكلمة تصنع الصورة، وتنسج التعبير، لا النافية تبجل الموقف الصارم لامرأة أبت أن تقاوم، و لا تصرخ ..و لا تبكي ، هذه هي كاترينا كما صاغها المتني، امرأة شجاعة تحب الصبر، و تتغطى به، لأنه مرحها المفضل، تسبح في فضاءاته، و لعل الخيانة أو الفرجة أو تكالب الأعداء عليها، أو ما يقع في رحمها من اقتتال، من حروب، و مذابح يجعلها " تتقاسم حصتها من الدمع مع جفاف القلوب" و أن تشارك المظلومين، و المشردين، و الموتى ضجيجهم، و أن " تترك للصمت أنشودة كجدار أُطلق عليه الرصاص".
لهذا فالكبر و التمدد يختلفان لدى كاترينا، من حيث الكبر فهي تتجه نحو السلبي، لأن الكبر يتجه في صورة الانحطاط " تكبر على مهل كأحياء الفقراء" أو" تكبر كالجريمة" و هذا الكبر يجرها بالطبع إلى منظومة القياس ،
" كاترينا تقيس طولها بحاوية القمامة
قريبا سترّى كنوز الحاوية،"
و في هذا الوضع السيئ للكبر، يبقى التمدد هو الوجه الجميل لكاترينا، لأنه الصورة الأرحب للزيادة و النقصان، مما يجعل القصيدة تنبذ الكبر بالصور التي يحيل إليها، ( أحياء الفقراء، الجريمة، قياس الطول بحاوية القمامة. و تعيد النظر فيه بطريقة منطقية يقينية "في الحقيقة كاترينا لا تكبر" هذا التذكر، أو إعادة النظر في الخطأ، هو الذي استبدل التذكر بالتمدد، و بطريقة رومانسية عجيبة يستطرد المتني صور هذا التمدد بطرق مختلفة، واعتمد في ذلك على أسلوب السرد لتوضيح هذه الخصال العجيبة للتمدد، يختلط قيه الفكر بالطبيعة:
" تتمدّد كجذع شجرة تحت فكرة
جذوع غابة تحت مدينة"
يستيقظ التمدد في ذهن الشاعر، ليصف الأحداث كما هي، وفق خاصية الثبات و التغير، وهكذا يظهر التمدد مستعينا بخاصية التشبيه:
"كالمجارير ومياه الشرب تدخل البيوت
أتقنّت لعبة الحياة وضواحيها"
هذا التغير في شخصية كاترينا، سرعان ما تحول إلى ثبات كاترينا في خصال الأرض الطيبة، التي تتصرف بأفعال المبدأ المستقر، لا يعرف الكبر، بل يتآخى مع التمدد، و تحبذ الاستمرار، رغم قساوة الظروف و تعقدها،فهي
" أتقنّت لعبة الحياة وضواحيها"
بهذه الخاصية تناسلت أفعال الماضي، لتؤكد مزايا كاترينا المتعددة" أنشبت. . أفرغت..عاشرت.. غرست.. لحست .. أضاءت.. غنت .. رقصت.. أضاءت.."
تظهر كاترينا في الماضي رمز الأمومة، بل هي أسطورة، تجسد الخلود للبشر، تحاول أن تجمع المتناقضات كلها، تجسدها الأفعال بصفات متنوعة، هذا هو التمدد الذي تنيره كاترينا للجميع، لأنه يختلف عن الكبر، لنقل إن التمدد استمرار للحياة، أما الكبر فهو موت يؤدي إلى الشقاء، و التعب، و الأفول، انه الشيخوخة في عصر الحروب العربية المتواصلة، كاترينا تتجه صوب التمدد معانقة أفعالها بخصالها الحميدة، و الجميلة، فيصرخ عضو منها إبداعا، كالمتني يغني مع كاردو بيري، بما جابت به كاترينا من أحلام لهما، لهذا فهي :
"غرست مَنِيّها في أرخامهم تجلّى الشعر
لحست الحبر عن أصابعهم
أضاءت الهمزة منارة في الأدب"
الماضي ليس كالحاضر، لكن مع كاترينا يتشابه الكل بل يتداخل كالتمدد، لا كالكبر، فهي شامخة كالعلو، و شامخة كجبال الأطلس، تعشق التمدد، كما تمدد الجبل بكوباني، و المتني بكاردو، و دمشق ببيروت، و الشعر بالغناء، كاترينا تعرف حقيقتها، تتجدد بتغير الألوان، و ترفض أن تظهر حقيقتها فهي ليست في حاجة إلى مديح، تحبذ الجهل و النسيان، تاريخها متمدد في الماضي، و سيتمدد في الحاضر، و سينفتح على المستقبل، فبعدما"

"غنّت للملوك
رقصت كالريح في نوادي الأغنياء
توّجوها تحت الشمس , سيدة المدينة "

فهي الآن تسبح في المجهول، تصحو من نومها كالصخب، تتذكر الواضح بالمجهول، كل شيء فيها يتعرى في وجه الشفقة، كل شيء يتمدد في عمق المصلحة، تدرك ماترينا هذا جيدا، لهذا فهي تفضل الجهل عن المعرفة:
"ما كان لأحد أن يعرف لون شعرها
ذهبي
أحمر
أصفر
برتقالي
لقّبوها , ملكة الصمت والابتسامة الساخرة"
و رغم ذلك، الكل يدرك أن كاترينا هي مصدر الحنو، و الشفقة، و التعاطف، يدركها الصغير قبل الكبير، كما يدركها الشاعر، بالمتن الشعري المتواصل في القصيدة، كاترينا ترغب أبناءها، كما يرغب الأطفال في صدرها، تعشق كما يعشق الشعراء لجسدها، كاترينا تصرخ، كما يصرخ الفقراء من تدمير فرحها، كاترينا تتحول، و تتغير، و تجيد" الابتسامة الساخرة"، تدرك قبل غيرها طبيعة الصراع القائم، فتنصت لما قاله الطفل لأمه:
" أشتهي صدر كاترينا
مذاق الحنان هناك , لا طعم الحليب"
فتتمدد عارية ، تترك:
" أطفال قذرون يلعبون في بيتها
يزرعون حديقة سريرها بالورد
يرقصون مع كلبها الوحيد
يغسلون لها شعرها وحزنها
يسبحون معها في حلمها
يتعرون مثلها طول الوقت
ملائكة قذرين"
بهذا اللون الشعري الرائع يتحدث المتني عن عشيقته المفضلة، فهو يمتطي جواد الحرف، و الكلمة ليتحدث بفلسفة الشعر، و يغني بلغة الحنان، لما تحمله كاترينا من حلم، و من بصمات لبيروت التي تعتبر التمدد في الموقع، و المنفى، من هنا يتجلى البحر، و يتمدد ككاترينا بمشهد رائع، ينبذ الكبر و يفضل التمدد:
"كاترينا على ضفاف البحر تجر سفينة
تخطف من المدينة ضوءها
تأخذ أجمل ما فيها من مشردين
تغني ويسمع الجميع
كاترينا لا تصرخ
لا تبكي
تتمدّد كالبحر .."
إن قتامة المستقبل، و ضبابية الأحداث الدولية، و المحلية، و غموض النتائج الايجابية، توحي لكل متتبع آن الأمور سيئة جدا بالنسبة لكاترينا، و مع تسارع الأحداث بموت الربيع العربي،لأن ربيعنا جرفه صيف قاتل، يصب أشعة الرصاص، و القنابل، و البراميل المتفجرة ، فتتشتت الأشلاء من خلال تشرذم الجسم المتفجر في حيرة من المجهول، وهو يعتقد انه يمتلك الحقيقة في عالم الفناء، يفهم الشهادة موتا بموت الآخرين ، فتتعدد الأسماء، و تتعدد الوجوه على كاترينا، من القاتل؟ و من المقتول؟ لم تعد كاترينا تدري ذلك، تتفجر، تصرخ، وتتقبل لكي تستمر، هل يمكن للحب أن يرحم كاترينا من وابل الرصاص، و صوت البنادق، و أزيز الطائرات؟
الجواب لا يوجد إلا في صرخة شاعر أبى أن يجدد العزم بلغة التفلسف، لينير الجهلاء في عصر التقنية و العلم، و يفتح عيونهم، في عصر ندعي فيه، أن نور العقل أصبح ساطعا، لكن سرعان ما تحول إلى ظلام دامس، يعيدنا آلاف السنين إلى الوراء، بهذه الشعلة، و بهذه الحيرة، يصرخ الشعر، و الشاعر، لعلهما يجدان مبصرين جددا، في عالمنا العربي، ليجددا تنويرنا الذي أرجعنا إلى ظلامنا القديم:
"أرغب في إشعال المدينة بشمعة
يوقفني رجل أعمى
يكسر الشمعة نصفين , يغنّي
هكذا يُضاء العقل يا مبصرين"
بهذا الصراخ الصاخب شعرا، تتعقد الرغبة بموت الإرادة، تكون القصيدة قد لامست قضية لا زالت تئن من آلام جراحها التي لم تضمد بعد.



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني (2)
- -كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(3)
- -كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(2)
- -كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر
- حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني
- -غربة الأوتاد- المتنية صرخة من أجل تعرية الفضيحة (الجزء الأخ ...
- -غربة الأوتاد- المتنية صرخة من أجل تعرية الفضيحة (الجزء الثا ...
- -غربة الأوتاد- المثنية صرخة من أجل تعرية الفضيحة
- كيف حولت الزعري امرأة الهزيمة إلى امرأة النصر؟
- المرايا، و حقيقة العالم العربي، كما ابتدعتها الزعري
- حميد المصباحي و سنفونية -عفا الله عما سلف-
- الواقع بلغة الشعر تحبكه -أمينة الزعري
- في زمن تحول الموت إلى فرجة ممتعة
- غدا ستحل ذكرى 25 يناير
- يجب ألا تستمر الحكمة:-أكلت كما أكل الثور الأبيض-
- في عهد تحطيم المسلمات (2)
- في عهد تحطيم المسلمات
- حبكة الصراخ بلغة الكف في شاعرية الزعري
- محنة السؤال بين الفهم و الجنون
- نصائح مغفل لمغفل حتى تنتهي الغفلة بتاتا


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - كاترينا أو سوريا كما تصورتها قصيدة عادل المتني(4)