أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي القسيمي - محمد الأمّي والتراث الإسلامي















المزيد.....



محمد الأمّي والتراث الإسلامي


سامي القسيمي

الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 13:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المشهور فى كتب التراث أن النبى (محمد) كان لا يقرأ و لا يكتب وأنه إستعان بمن يكتب له الوحى ،وإن أحد كتبة الوحى إرتد .ذلك كله يوحى بالشك فى تدوين القرآن ، ولكن الأخطر فى تلك الروايات هو ما قالوه عن جمع عثمان للمصحف ، وتأثر هذا الجمع بالفتن السياسية التى صاحبت خلافة عثمان ، ثم أراء أخرى تنسب للحجاج بن يوسف تغيير بعض الكلمات فى القرآن إلى جانب إضافة
(ألف حرف) من حرف (أ) .
ومن الجانب الآخر ومن التراث الديني كذلك مايثبت أن (محمداً) كان يقرأ ويكتب بالدليل والبرهان ، فأين الحق فى هذا كله ؟!
ولو إفترضنا جدلا أن النبي كان يقرأ ويكتب. فهل هذا سيقلل من مكانته بين إخوته الأنبياء؟ أم تراه سيقدح بمصداقية الرسالة وبصدق الرسول ؟.

مفهوم الأميّة

القرآن يصف (محمد) بأنه (أمّي) أى لا يعرف القراءه والكتابه ، وهذا هو مفهوم (الأمّي) في التراث،ولكن مفهوم (الأمّي) أو (الأميين) في القرآن يعني الذين لم ينزل عليهم كتاب سماوى سابق .
فاليهود والنصارى هم أهل الكتاب أو الذين أوتوا الكتاب ,وغيرهم من سكان الجزيرة العربية هم (أميون)أي لم يأتهم كتاب سماوى قبل القرآن ، وبهذا كان يميز القرآن بين أهل الكتاب العرب وبقية العرب الذين لم يكونوا يهودا,أو نصارى، وإقرأ في ذلك قوله تعالى :> و>(آل عمران20، 75 ).(فالأميون)أي العرب الذين لم يأتهم كتاب سماوى فى مقابل أهل الكتاب العرب ،وخصوصا أن مصطلح (عربي ) لم يات في القرآن وصفا لأهل الجزيرة العربية أو لبعضهم دون الآخر،إذ كانوا جميعا عربا، وإنما جاء وصفا للسان العربى الذى يتكلمون به ، ونزل به القرآن .إذا كان الطريق الوحيد فى التمييز هو وصف بعضهم بأنهم أهل كتاب ووصف الاخرين بأنهم "أميون". بل وصف القرآن بعض الذين يقرأون ويكتبون من اليهود بأنهم "أميون" حيث كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يزعمون أنه من عند الله .. فقال أنهم "أميون" لأنهم جهلوا بالكتاب السماوى فأصبحوا كباقى العرب الذين لم يأتهم كتاب سماوى ، والخلاصة أن كلمة "أمّي" لا تعني الجهل بالقرءة والكتابة ، وإنما تعني غير اليهود والنصارى .فهذا القرآن بمصطلحاته هو ، وليس بمصطلحات التراث ، والمهم أيضا أن وصف النبى محمد (ص) بالأمي يعني الذي لم ينزل عليه كتاب من قبل القرآن ، مثل قومه الأميين .

الواقع القرآني والأمية

<<وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ >> (البقرة 78) .
فى السياق هنا يصف الله بعض اليهود و النصارى الذين يطنون أنهم على دراية بكتبهم بصفة الأمية إلا أنهم في الحقيقة يجهلونها. <<فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ >> (آل عمران 20) .
و السياق هنا يدل أن المقصود بأهل الكتاب، هم اليهود و النصارى و المقصود بالأميين، هم من ظل على ملة آبائهم وأجدادهم - ملة إبراهيم- (قريش و ما حولاها من العرب) .
<<الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ >> (الأعراف157، 158).
يخاطب الله اليهود و النصارى الذين آمنوا بمحمد النبي الرسول المبعوث من أمة الأميين كما جاء بكتبهم، ثم يعرض رسوله المبعوث من أمة الأميين إلى الناس أجمعين ليتبعوه.
على هذا الواقع بنى المسلمون نظرية أمية نبيهم. وكأن النبؤة لا تقوم إلا على الجهل!، لقد قصدوا من وراء إثبات أمية محمد إقامة الحجة والبرهان على معجزة القرآن ومصدره الإلهي. خصوصا وأن أدلة نبوة محمد شحيحة.

تلميحات قرآنية تنفي الأمية

الآية الأولى

<< وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ>>(العنكبوت48).
تعتبر هذه الآية من الآيات الدالة على أمية محمد،لكننا نرى فيها عكس هذا. إن آية سورة العنكبوت لا تنفي عدم معرفة محمد بالكتابة والقراءة. بل تنفي التلاوة المباشرة، وتنفي الكتابة المباشرة عن النبي.ما هو المقصود بالكتاب في الآية، هل هو أي كتاب بالمطلق؟ أم المقصود بذلك هو كتاب من الكتب السماوية؟ أعتقد أن المعنى الثاني هو الأصح، والغرض أن الرسول لم يكن كاهناً ولم يكن له سابق علم بالأديان السماوية،ولكن هل يعني ذلك أنه لم يكن يقرأ أبداً؟ لا أظن ذلك، فالآية تخصص، ولا تعمم على كل الكتب. لوقلت لك أن فلاناً لم يكتب ذلك الكتاب ولم يخطه بيمينه، هل يعني ذلك أنه لا يحسن الكتابة أبداً؟
لكنها لا تنفي الاستكتاب، ولا تنفي سماع التلاوة. وطريقة الدرس القديمة كانت على الأغلب بالاستماع .اتخاذ المسلمين من هذه الآية دليل على أميّة محمد.لا يتماشى مع الآيات 105 و156 من سورة الأنعام . والتي تؤكدان أن محمد درس الكتاب
على يد الذين كان القران (آيات بينات في صدورهم) أي أهل العلم والكتاب (عنكبوت 48) : درس الكتاب ليبينه للعرب:<<وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ!-‏ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ>> (الأنعام 105).يتهمونه بالدرس فلا يرد التهمة بل يؤيدها بقوله انه درس ليبينه للذين يقولون:<<إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ>> (أنعام 156).

تفسير الطبري

قال الطبري في تفسيره لقوله:{وليقولوا درست}الأنعام 105: اختلفت القراء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قراء أهل المدينة والكوفة: {وليقولوا درست} يعني قرأت أنت يا محمد-;- بغير ألف.
وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين منهم ابن عباس, وغيره وجماعة من التابعين, وهو قراءة بعض قراء أهل البصرة: " وليقولوا دارست" بألف, بمعنى: قرأت وتعلمت من أهل الكتاب .
وروى عن قتادة أنه كان يقرؤه: "درست" بمعنى: قرأت وتليت .
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه: {وليقولوا درست} بتأويل: قرأت وتعلمت-;- لأن المشركين كذلك كانوا يقولون للنبي وقد أخبر الله عن قولهم ذلك بقوله: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} النحل: 103.
فهذا خبر من الله ينبئ عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما يتعلم محمد ما يأتيكم به من غيره .
فإذ كان ذلك كذلك, فقراءة: {وليقولوا درست} يا محمد, بمعنى: تعلمت من أهل الكتاب, أشبه بالحق وأولى بالصواب من قراءة من قرأه: "دارست" بمعنى: قارأتهم, وغير ذلك من القراءات .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك على قدر اختلاف القراءة في قراءته. ذكر من قال ذلك : عن مجاهد: {وليقولوا درست} قال: قرأت وتعلمت .
عن السدي: {وليقولوا درست} يقول: قرأت الكتب .
عن الضحاك قال في قوله: {درست} يقول: تعلمت وقرأت .
عن ابن عباس, أنه كان يقرؤها: "وليقولوا دارست" أحسبه قال: قارأت أهل الكتاب .
عن أبي إسحاق, قال:سمعت التميمي يقول: سألت ابن عباس عن قوله:"وليقولوا دارست" قال: قارأت وتعلمت. تقول ذلك قريش.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير في هذه الآية: "وليقولوا دارست" قال: قارأت .
عن مجاهد: "وليقولوا دارست" قال: قارأت, قرأت على يهود وقرءوا عليك .
عن الضحاك, في قوله: "دارست" يعني: أهل الكتاب .
عن ابن عباس, في قوله: {وليقولوا دارست} قال: قالوا دارست أهل الكتاب, وقرأت الكتب وتعلمتها .
عن قتادة: "وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست" أي قرأت وتعلمت

الآية الثانية

<< اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)>> (سورة الغلق).
هذه الآية فيها نظر :
1- إنه من العبث أن يخاطب الله رسوله بأن يقول له إقرأ بصيغة الأمر، وهذا مرده لأسباب ثلاث عملية أولها مرد الطبيعة في الإيمان أن الله أمره إن أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فلو كانت المسألة عدم معرفة لنفذ الأمر بالقراءة
2- أن المفترض في القرآن بلاغة اللفظ وإعجاز الإرادة فكان أحق وأجدر لو أن الرسول لا يعرف القراءة أن يخاطبه الله بإتلو أو قل أو ردد.
3- إن آية (إقرأ بإسم ربك ) وجواب النبي لجبريل (ما أنا بقارئ )
ما هو إلا إنكار مباشر وصريح لعلم الله عز وجل ، فعلى إعتبار أن الله علام الغيوب فإنه مما لا يقبله عقل أو منطق أن يخاطب من لا يعرف القراءة والكتابة بأمر إقرأ!!!؟.

الآية الثالثة

يستفاد بصراحة من آيات القرآن، أن النبي كان يقرأ ويكتب ومنها الآية من سورة آل عمران : وهي قوله تعالى : <<لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ>> (آل عمران164).
وبناءً على ما صرح به القرآن؛ فإن أول واجبات النبي هو تعليم القرآن لأتباعه؛ ومن المسلم به أن أقل ما يتطلب في من يراد له أن يعلم كتاباً أو محتويات كتاب ما للآخرين هو- كما صرح به القرآن نفسه-أن يستطيع استعمال القلم أو قراءة ما كتب بالقلم- على الأقل .
يقول السيد عبد اللطيف: "إن الله يذكر القلم والكتاب في أول سورة قرآنية، ألا يشكل هذا دليلاً واضحاً وصريحاً على أن النبي كان يعرف القراءة والكتابة ... وهل يمكن أن يشوق النبي الناس للعلم والمعرفة والكتابة وهو لا يعتني بقراءته وكتابته مع أنه كان في الطليعة في كل المجالات".
ومن أشد ما يدعو للعجب أن لا يلتفت المترجمون والمفسرون لهذه الآية التي تصف النبي بأنه <<رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُطَهَّرَةً>> (البينة 2 ). ويلاحظ هنا أنه تعالى لم يقل في هذه الآيات أن الرسول يقرأ الصحف المقدسة عن ظهر قلب بل صرح بأنه يقرأ هذه الصحف وهي منشورة أمامه.

الآية الرابعة

<<هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ>>.(الجمعة2 ).
بالنظر لهذه الآية وبالتفكير في كلمة الأميين الواردة فيها ، وعلى فرض الجدل أنها تعني جهل القراءة والكتابة ، فإن ذلك سيعني بالضرورة أن الرسول قد بعث لمن لا يعرفون القراءة والكتابة فقط دون غيرهم وهو ما سينفي عمومية الدين والقرآن وليس كما ذهب الصديق ماس في رده في موضوع أخناتون ، ثم لاحظ تتمة الآية ( وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) ولو كان المقصود بالأمية جهل القراءة لصار أمية إبن خلف وأبو لهب وأبى جهل وغيرهم كثر من غير الضلين وهو ما قد ينسف القرآن وصحته من جذوره .
الآية الخامسة

<<وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ>> (آل عمران 75).
في هذه الآية يتحدث الله إلى النبي ويخبره أن بعض أهل الكتاب أميين يرد دينه بدون أن تكتب عليه ما يثبت الدين. وبعضهم غير أميين لا يرد دينه إلا إذا كتبت عليه الدين ( ما دمت عليه قائما ). والآن هل يعقل أن يحدث الله النبي الذي يجهل الكتابة هكذا ويقول له ( إلا ما دمت عليه قائما ) ؟؟؟ أم أن هذا النبي يعرف الكتابة والقراءة .
لاحظ هنا أن الآية استخدمت تعبيرين أهل الكتاب والأميين وذلك للدلالة على أنهما مختلفان تماما وبالطبع لا يعقل أن يقولوا أنه حلال لهم أكل مال الذين لا يعرفون القراءة والكتابة فقط وذلك لمجرد أنهم لا يعرفون القراءة الكتابة ‍‍ بل إن الأمر يتعلق بالديانة أهل الكتاب لهم دين ولهم كتاب والآخرين ليس لهم دين ولا كتاب فلا بأس من أكل أموالهم في اعتقادهم .
ما تقدم هو من باب الأدلة القرآنية. اما الأدلة التاريخية فما اكثر منها وإليكم بعضها.

الأدلة التاريخية

كان محمد بعد وفاة جده تربى في كنف عمه أبو طالب. وقد كان حب عمه له أكبر من حبه لولديه. وهنا يثور عظيم سؤال :كيف كان لجعفر الطيار وعلي إبن أبي طالب أن يتعلما القراءة والكتابة دون إبن عمهما الذي هو أصغر من الأول وأكبر من الثاني ؟؟
في وقت نعلم فيه أن التعلم كان ذو شرف مروم وهو ما يؤكد قطع الشك باليقين أن أبا طالب علم إبن أخيه بمعية ولديه.أجمعت المصادر أن محمدا تعلم التجارة بين اليمن والشام على يد عمه. ولما برع فيها استخدمته خديجة بنت خويلد في تجارتها، " ثم خرج على تجارة خديجة، التي كانت قيمتها تعادل قيمة تجارة قريش مجتمعة. أي أنه كان يخرج على نصف تجارة قريش كلها"( عبد الرزاق نوفل: محمد رسولا نبيا ص 97). تجارة كهذه تحتاج إلى الحساب الدقيق والحساب الكبير يحتاج إلى تدوين. من هذا الوجه، هذا دليل أول على أن محمدا لم يكن أميا. ومن وجه آخر، هذه الرحلات المتواصله الغنية بين اليمن والشام، كانت سبب إتصالات ماليه وثقافة نادرة، سمحت لمحمد الحنيف اللقاء بالمفكرين وعلماء الدين. فكان محمد بعد زواجه أكبر تاجر دولي في قريش، وأوسع أهلها ثقافة عربية وأجنبية.
"وقد فهم الصحابة القرآن إجمالا، ولكن الفاظا غير قليلة استغلقت عليهم، بل إن بعضها لا يزال مستغلقا علينا إلى اليوم على الرغم من أن وسيلة العلم ببعض اللغات القديمة قد توفرت لدينا" (محمد صبيح: عن القرآن ص 117).
يقول ويقول أيضا في ص116 ( ولم يقل أحد إن رسول الله لم يكن يعلم شيئا من أمر هذه اللغات التي تأثرت بها مكة،وأمر هذه الثقافات التي ذابت فيها.بل أكثر من هذا،فان لدينا من الحوادث ما يؤكد اتصال رسول الله،وهو في مكة،بهؤلاء الأجانب ، الذين كانوا يقيمون فيها،وكان يزورهم ويطيل صحبتهم.
فقد روي عن عبيد الله بن مسلم قال: كان لنا غلامان روميان يقرأان كتابا لهما بلسانهما،فكان النبي. يكر بهما فيقوم فيسمع منهما–(إذن كان محمد يعرف اليونانية)- وروي عن ابن اسحق أن رسول الله كثيرا ما كان يجلس عند المروة إلى سبيعة،غلام نصراني يقال له جبر،غلام لبعض بني الحضرمي، وعن ابن عباس أن النبي كان يزور وهو في مكة،أعجميا إسمه بلعام، وكان المشركون يرونه يدخل عليه ويخرج من عنده- (وقد يكون حديثهما بالعربية،وقد يكون بالفارسية)- وفي رواية أخرى أن غلاما كان لحويطب بن عبد العزى،قد أسلم وحسن اسلامه، إسمه (عاش) أو (يعيش)،وكان صاحب كتيب،وقيل هما اثنان جبر ويسار، كانا يصنعان السيوف بمكة ويقرأان التوراة والإنجيل (بالعبرية واليونانية،أو السريانية)؛ فكان رسول الله إذا مر عليهما وقف يسمع ما يقرأان.إذن فقد كان رسول الله يسمع ما يُقرأ في الكتب، بلغة غير لغة مكة، ويفهم ما يُتلى عليه".

روايات تتنافى مع الأمية

- عن عائشة. قالت لما ثقل رسول الله قال لعبد الرحمن بن أبي بكر (ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه أحد) السيرة لابن كثير1/452.
- عن عائشة قالت لما ثقل رسول الله قال رسول الله لعبد الرحمن بن أبي بكر (ائتني بكتف أو لوح ) حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر. احمد 23068
- عن ابن عباس قال : لما حضر رسول الله وفي البيت رجال فقال النبي هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال بعضهم إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله قوموا. قال عبيد الله فكان يقول ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم البخاري 4079. البخاري 4078
- وفي رواية أخرى قال عن ابن عباس : أئتوني بدواة وصحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 51 ط مصر تحقيق محمد أبوالفضل .
- وفي رواية أخرى : عن ابن عباس قال : قال رسول الله : ائتوني بالكتف والدواة ( أو اللوح والدواة ) اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا . صحيح مسلم كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس عنده شئ ج 2 ص 16 ط عيسى الحلبي ، تاريخ الطبري ج 3 ص 193 بمصر . صحيح البخاري كتاب الجزية باب اخراج اليهود من جزيرة العرب ج 4 ص 65 – 66
سؤال : لقد اختصموا وانقسم القوم إلى قسمين الأول قال أن النبي قد هجر، والثاني قال : قربوا ليكتب لكم كتابا.
والسؤال هنا هو: ألم تكن تعلم تلك الفئة الذين قالوا (قربوا ليكتب لكم كتابا) أن النبي أمّي لا يقرأ ولا يكتب؟ أم تراهم لم يقرؤوا آية سورة الأعراف 157؟.

بعض آراء العلماء في أمية محمد

- قال الفخر الرازي ج3 ص138 ط. دار الكتب العلمية إعلم أن المراد بقوله (ومنهم أميون) اليهود ثمّ بيّن فرقة رابعة من اليهود المعاندين للحق ووصفهم بالأمية لأنهم كانوا يقلدون في المعارف ويمتنعون من قبول الحق.
- وجاء أيضاً في تفسير سورة آل عمران ج7 ص213 في بيان سبب كونهم أميين قال وصف مشركي العرب بأنهم أميون لوجهين الأول لما لم يدعوا الكتاب الإلهي وصفوا بأنهم أميون تشبيهاً بمن لا يقرأ ولا يكتب. وجاء في ج8 ص12 في قوله (الأمي) منسوب إلى الأم وقيل منسوب إلى مكة وهي أم القرى ولم يرد على هذا القول أنه مخالف لقواعد النحو وتأمل في كلام الفخر الرازي كيف فسر الأمية وبه يقوي في نفسك المعنى المتقدم في الآية الشريفة في ضوء الكتاب الكريم.
- قال السيد المرتضى كما نقله العلامة المجلسي في البحار ج16 ص82 ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة فأما بعدها فالذي نعتقده في ذلك التجويز لكونه عالماً بالقراءة والكتابة لأن الاتهام كان قبل البعثة فأما بعدها فلا والسيد رحمه الله ينظر إلى التفصيل قبل نزول الوحي عليه بالرسالة والبعثة وبعدها فقبلها يمكن أن يوجب الارتياب (ما كنت تقرأ من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون) يعني قبل البعثة كانت الأنظار متوجهة إليه وانه لم يكتب ولم يقرأ فإذا بعث فالتهمة بعيدة عنه بأنه تعلم من كتب اليهود والنصارى حيث لم يعرف الناس عنه ذلك ومعنى الآية أن لا يفتح مجال للشك. والشبهة والتهمة عليه وما بعد الرسالة فلا يوجد ذلك الريب.
- وجاء في تفسير المنار ج1 ص358 ط. دار المعرفة في تفسير (ومنهم أميون) الآية في كلام له منه قال: لا علم لهم بشيء من الكتاب ولا معرفة لهم بالأحكام وما عندهم من الدين فهو أماني إلى أن يقول وهذا محل الذم لا مجرد كونهم أميين (بمعنى عدم معرفة القراءة والكتابة) فإن الأمي قد يتلقى العلم عن العلماء الثقات ويعقله عنهم فيكون علمه صحيحاً وهؤلاء لم يكونوا كذلك.
- وجاء في ظلال القرآن ج1، ص110 قوله في تفسير الآية (ومنهم أميون) قال ثم يستطرد (القرآن الكريم) ويذكر للمسلمين من أحوال بني إسرائيل انهم فريقان فريق أمي جاهل لا يهتدي شيئاً من كتابهم الذي نزّل عليهم ولا يعرف منه إلا أوهاماً وظنوناً وإلا أماني في النجاة من العذاب بما أنهم شعب الله المختار وفريق يستغل هذا الجهل وهذه الأمية.
وبالتأمل في كلام المفسرين عندما يفسرون الأمية يأكدون على جهلهم وعدم معرفتهم بكتابهم السماوي المنزل من الله تعالى.
- وجاء في تقريب القرآن ج9، ص60، الأمي نسبة إلى أم القرى وهي مكة وبمعنى الذي لم يتعلم عند معلم (لا الذي لا يعرف) وإن كان (ص) يعلم كل شيء بوحي الله وإرادته والعرب تسمي من لم يتعلم عند معلم الأمي نسبة إلى الأم كأنه بقى مثل ما ولدته أمه.
- وفي ج8 ص98 الأمي منسوب إلى الأم والمراد بهم العرب سموا بذلك أما لأنهم من أهل أم القرى أي مكة وأما لأن الغالب منهم لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة فهم في جهلهم كالذي خلق من الأم ولا يعرف شيئاً وقوله تعالى (منهم) من أنفسهم ومن أهل بلدهم.
وذكر في مجمع البيان في الأمي احتمالات، الأول لا يقرأ ولا يكتب، الثاني منسوب إلى الأمة أمي الجبلة ولعله يقصد الفطرة السليمة، الثالث منسوب إلى الأم، الرابع منسوب إلى أم القرى.
- وجاء في تفسير من هدى القرآن ج3، ص463 وكلمة الأمي كما يبدو لي نسبة إلى الأمة التي يقول عنها ربنا في آية أخرى (وإن هذه أمتكم أمة واحدة أنا ربكم فاعبدون).
ملاحظة: ذكر أكثر المفسرين احتمال كون الأمي منسوباً إلى أم القرى دون رد على ذلك ويفهم منه صحة النسبة وإلا لردوا عليه بالبطلان ولا بأس بنقل كلام بعض النحاة كشاهد لذلك.
- جاء في شرح الألفية للسيوطي وابن عقيل فقال ابن عقيل في باب النسبة: إن كان العلم مركباً تركيب إضافة فإن كان ابناً أو كان معرفاً بعجزه حذف صدره ثم يقول: فيه نظر.. إلى أن يقول فإن لم يخف لبس عند حذف عجزه حذف عجزه ونسب إلى صدره فتقول في امرئ القيس امرئيو أن خيف اللبس حذف صدره ونسب إلى عجزه. وقال السيوطي في نفس البحث واحذف الثاني ما لم يخف لبس فقل في امرئ القيس امرئي وأن خيف لبس حذف الأول وأنسب للثاني.
- وقال في النحو الوافي ج4 ص739 المسألة 79. إن كان المركب إضافياً علماً بالوضع أو بالغلبة فالأصل فيه أن ينسب إلى صدره فيقال من خادم الدين فوز الحق وعابد الإله (الثلاثة أعلام) خادمي وفوزي وعابدي.
فسكوت أدباء المفسرين في احتمالهم أنه منسوب إلى أم القرى مع ورودها في الروايات مما تصح النسبة وأهل البيت أدرى بما فيه. وهذه بعض كلمات المفسرين ومنه تعرف عدم وجود إجماع على تلك النسبة المعروفة عندهم.
- إنارة ذوقية: قال بعض أهل المعرفة إن الأمية التي ذكرها المفسرون والمشهور منهم بمعنى عدم القراءة والكتابة فهذا المعنى لا يختص بالنبي فمن علم آدم الكتابة والقراءة وعند من تعلم نعم علمه الله تعالى الأسماء وتعليمه تعليم معرفة لا تعليم قراءة وكتابة فتجري هذه الأمية في الأنبياء إذ لا دليل على انهم تعلموا من أحد بل لعل الأصلح في قبول الأمم من أنبيائها أن لا يتعلم الأنبياء عند أهل القرى ثم يدعون النبوة عندهم ومثل هذا موجب للشك ولكن عدم المعرفة أمر وعدم إظهار ذلك أمر آخر فلا يلزم من عدم الإظهار أنه لا يعرف. نعم الإظهار ليس فيه مصلحة بل موجب للشك والارتياب (... ولا تخطه بيمنك إذن لارتاب المبطلون) فمن الإظهار يحصل الريب لا من معرفتهم النفسية بل واضح أن بعض أنبياء أولوا العزم حين النبوة لم يكن يظهر ذلك بل لم يكن قد مضى من عمره مقدار التعليم حتى يقال أنه تعلم من أحد فإذا كان عدم التعلم من الناس يسمى أمياً فاحق الأنبياء بذلك عيسى بن مريم إذ أنه بعث في أول يوم من ميلاده (قال إني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبياً) فأين تعلم عيسى وعند من وهل كان أمياً حتى تجرى في نبينا (ص) وهكذا يقال في يحيى (وآتيناه الحكم صبيا).
نعم نبينا لم يظهر ذلك ولم يعرف عنه أنه قرأ كتاباً (ولا تخطه بيمنك إذن لارتاب المبطلون) لئلا يكون ذريعة للمغرضين وتشويهاً على سيد المرسلين فكون النبي (ص) منهم وقد عاشروه وعرفوه بالصدق والأمانة والأخلاق الفاضلة ولم يعهدوا أنه التقى بالعلماء وعاشرهم أو قرأ كتبهم فيكون اقرب للقبول وليس كما زعم البعض أن الأمية بمعنى عدم معرفة القراءة والكتابة كمال للنبي (ص) فعلى أي مقياس قيس الكمال وقلنا أن الحكمة تقتضي عدم الإظهار لا عدم المعرفة فالجهل بالشيء نقص لا كمال. نعم قد تكون بعض الأمور نسبية كما قيل في حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ورد في لسان الأدلة أنه يعرف كل لسان لئلا يحتاج إلى مترجم بل لابد أن تنفى حاجته إلى غيره فلو كان يحكم بالظواهر واتفق اثنان من أهل لسان ظاهرا الصلاح على شخص ثالث وجاءا به إلى النبي الذي لا يعرف لغته وقالا أنه ينكر النبوة أو التوحيد أو يصر على شركه ويحكم بالظواهر ولابد أن يقتله أو قالا أنه يقر أربع مرات على نفسه بالزنا أو غير ذلك فيجري عليه الحكم ظلماً فيوجب الفساد والظلم على أنه جاء لدفع الفساد والظلم فقد قيل أن نفس الدليل يجري في القراءة والكتابة لأية لغة كانت. انتهى.
ولتوضيح الأقوال المذكورة حيث فصل بين حاله (ص) قبل البعثة وبعدها: قال ابن منظور في لسان العرب في مادة (قرء) والأصل في هذه اللفظة الجمع وكل شيء جمعته فقد قرأته وسمي القرآن لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور انتهى. ومنه تعرف القراءة حيث يجمع القارئ الحروف ويتلفظ بها جمعاً لا مفرداً حتى تتكون الكلمة والكلام.
وفي الذكر الحكيم (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم).
فقد كرر القراءة مرتين ثم تعرض للتعليم بالقلم إشارة إلى أهمية ذلك واهتمام الشريعة بها حيث قال في أوائل ما نزل أيضاً (ن والقلم).وثبت في علم الأصول أن التكليف لابد أن يكون مقدوراً فلما كلفه الله تعالى بالقراءة لابد أن تكون مقدورة له وليست القراءة صرف المتابعة لجبرئيل كما فهمه جمع من المفسرين بل الظاهر أن الصحيح أمر بالقراءة لا المتابعة كما ذكر ذلك جمع من المفسرين.
جاء في تفسير المراغي في تفسير هذه السورة قال (اقرأ باسم ربك الذي خلق) أي صِْر قارئاً بقدرة الله الذي خلقك وقد جاء الأمر الإلهي بأن يكون قارئاً وإن لم يكن كاتباً وسينزل عليه كتاباً يقرأه وإن كان لا يكتبه ثم قال بعد ذلك والخلاصة: أن من كان قادراً على أن يخلق من الدم الجامد انساناً حيّاً ناطقاً يسود المخلوقات الأرضية جميعها هو قادر على أن يجعل محمداً (ص) قارئاً وإن لم يتعلم القراءة والكتابة.
وقال الآلوسي في روح البيان في تفسير هذه السورة أن جبرئيل قال للنبي (ص) اقرأ قال وما اقرأ؟ كرر عليه ثلاثاً ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق. ثم قال بعد ذلك رداً على الآمدي: وأما بناء الاستدلال على ما جاء في بعض الآثار من أن جبرئيل جاء إليه (ص) وقال اقرأ قال ما أنا بقارئ ثم قال بعد ذلك فلا يخفى حاله فتأمل. ثم قال بعد ذلك في قوله تعالى (الذي خلق) لتذكيره (ص) أول النعماء الفائضة من سبحانه مع ما في ذلك من التنبيه على قدرته تعالى على تعليم القراءة بالطف وجه. وقال في قوله تعالى (الذي علّم بالقلم) أي بواسطة القلم لا غيره فكما علم سبحانه القارئ بواسطة الكتابة والقلم يعلمك بدونها. انتهى.
وقال في ظلال القرآن في تفسير هذه السورة: روى الطبري بإسناده عن عبد الله بن الزبير قال قال رسول الله (ص) فجائني (وأنا نائم) بنمط من ديباج في كتاب فقال اقرأ فقلت ما اقرأ؟ ثم كررها ثلاثاً... إلى قوله وهببت من فرحي وكأنما كتب في قلبي كتاباً.
وهذه الرواية تؤيد ما نقله الآلوسي وهذه الرواية واردة عن الإمام الباقر عليه السلام وفهم البعض أن الأمر الإلهي (اقرأ) على نسق كن فيكون أي أوجد فيه القدرة على القراءة وهذا يصح إن لم يكن قبل الأمر عارفاً بها فيكون الأمر تكوينياً ولكن الظاهر من الاستفهام أنه تشريعي فيكون عارفاً بها قبل مجيء الأمر ولو على نحو التعليم ثم الأمر كما فهمه هؤلاء المفسرون وقال في تفسير الميزان في هذه السورة في قوله تعالى (علم بالقلم) فهو قادر على أن يعلمك قراءة وكتابة وأنت أمي وقد آمرك بالقراءة ولو لم يقدرك عليها لم يأمرك بها.
أن مسألة أمية نبي الإسلام ، لا تتماشى ونظرية التفضيل المطلق المنسوب له . أن الأمية نقصٌ يتنَزه عنه عوام الناس. فكيف ينسبونها إلى أفضل خلق الله بحسب التعبير الإسلامي ؟
موقف شيوخنا الأبرار غاية العجب، فهم يدافعون عن التراث وما يسمى بعلوم القرآن،ولا يجرءون على مناقشتها وتوضيحها وأخذها كما هي ، فإذا قام بعض المفكرين بنقل هذه الرويات والإعتماد عليها إتهموه بالطعن في القرآن ،مع أنه ينقل من التراث "المقدس"وليس من جعبتنا.
فهذه شواهد ملموسه من القرآن والتاريخ والحديث وحتى علماء المسلمين، تدل على سعة علم محمد قبل بعثته وبعدها، وعلى إطلاعه على لغات العرب وعلى لغات أجنبية عديدة.
___________________________________________________________________________________________________________________________________________

المراجع /
1- مقال للدكتور أحمد صبحي منصور
2- موقع الكامل بحث لـ الشيخ المقدسي
3-تفاسير القرآن
http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&
4-سور القرآن الكريم
http://quran.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=217&sura=1
5- إجوبة حول الإيمان
http://www.answersaboutfaith.com/



#سامي_القسيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلسلة إغتيالات الرسول الكريم
- أسطورة الملك سليمان في التوراة والقرآن
- محنة إبليس ومكر الله
- أخطاء علمية في القرآن الكريم
- محمد الإله الإسلامي
- مسرحية الإله
- النقد النصي للقرآن - الحلقة الثانية
- النقد النصي للقرآن - الحلقة الأولى
- العلم والدين
- افتراءات زندانية وزغلولية
- خرافة الإسراء والمعراج


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي القسيمي - محمد الأمّي والتراث الإسلامي