أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسلام بحيري - الرد على سامي لبيب في مقاله (الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد هو الحل والتغيير) [2]















المزيد.....


الرد على سامي لبيب في مقاله (الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد هو الحل والتغيير) [2]


إسلام بحيري

الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإلحاد مرض نفسي.. ولابد له من علاج معرفي

-1-
يقول الكاتب : العملية الإيمانية فكر شمولى فاشى لا يقبل أى حرية فكرية أو حراك فكرى حتى لو فى داخل المنظومة الإيمانية ذاتها بمعنى أنها لا تقبل إيمانك بالله وإنصرافك عن الإيمان بالغيب أو باليوم الآخر أو بالروح مثلا فبالرغم من ايمانك به إلا ان هذا لن يكون مقبولا وسيتم التعسف بك لتضيق الدوائر أمام تنوع الرؤى الفرعية الصغيرة مثل ما بين المذاهب الدينية المختلفة كما الحال بين السنه والشيعة فى الاسلام , وبين الكاثوليكية والارذوكسية والبروتستانت فى المسيحية فنحن أما منهجية الإقصاء والشمولية الحادة
يصيب الإيمان بفكرة الإله الإنسان المؤمن بحالة من التبلد والجمود والميوعة. اهـ

ونقول :
1- هناك فرق بين الدين السمح والتدين السمح الحقيقي والتديّن الفاشي، لا تخلط الأوراق لو كان لديك فكر وأفق واسع، هناك فرق بين النظرية والتطبيق، فرق بين المنهج الصافي وبين الفكر البشري المتفاوت في العقل والثقافة والرؤى.. لذلك فالخلاف شئ طبيعي ما دام خلافاً بناءً.
2- الخلافات بين أهل الديانات دائماً خلافات في الفروع لا في الاصول.. حتى لو كان هناك اختلاف فليس لهذا علاقة بأصل مسألة الدين لأن الكاثوليك والبروتستانت متفقون على الإيمان بالله واليوم الآخر والنبوات وحشر الأجساد والجنة والجحيم الخ أصول الديانات، وخلافهم يبقى بعد ذلك طفيفاً قد استدركوه بالفعل وقامت حركة تقارب في الفترة الأخيرة، كما أن السنة والشيعة متفقون على كل شئ دينهم واحد وربهم واحد ورسولهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحدة، وليس بينهم خلاف على الإطلاق إلا في مسائل معدودة كما حققه كبار علمائهم في لجنة التقريب بين السنة والشيعة.
3- الخلافات المذهبية يقوم على إحيائها عملاء للموساد والمخابرات الأمريكية كما هو معلوم لمن له قدم في الدعوة والحركة.. وقد عقد الصهابنة مؤتمر "هرتيزيليا" في الفترة الأخيرة، وكان من أبرز توصياته: تأجيج الصراع بين السنة والشيعة.
4- البشر هم من يصنعون الخلاف بناء على اختلاف المصالح.. يستوي بعد هذا أن يلبس الخلاف لبوس الدين أو لبوس السياسة أو لبوساً أيديولوجياً، ويكفيك ما يحدث تحت قباب البرلمانات (رأيت مرة على الفيس بوك صورة مقسمة على مربعات/ تجمع معارك التشابك بالأيدي في برلمانات العالم، ومنها دول متقدمة)، ويكفيك كذلك الإقصاء والفاشيّة التي نراها بين الرأسماليين وبين الشيوعيين الماركسيين.
فالدين ليس هو السبب (بل هو ضرورة أخلاقية وفكرية للإنسان) وإنما السبب هو الإنسان نفسه، الإنسان هو المشكلة.

-2-
يقول الأخ سامي لبيب هداه الله: سحق إنسانى بلا معنى
لنا أن نتوقف عند المفهوم الإيمانى الأول الذى يسلب الإنسان إنسانيته ,فهو جاء رغماً عنه بدون إرادته ووُضع فى إختبار إلهى رغماً عنه ومطالب بالعبادة والتضرع للإله وإلا الإنتقام الإلهى وعذابه .. هذا المشهد الإيمانى الذى يقبع فيه المؤمن وينصاع إليه ينال من قيمة الإنسان لتهدر فى داخله مفهوم الإرادة والحرية ليصل به الحال إلى الإستسلام للأقوياء وكل من يمتلك مفردات القوة المفرطة اهـ

ونقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بصق يوما في كفّه، فأشار إليها ووضع عليها أصبعه، ثم قال : قال الله تعالى: (ابن آدم أنى تُعْجِزُني وقد خلقتك من مثل هذه؟ حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بُردَيْك وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق؟ وأنّى أوان الصدقة). جمعت ومنعت أي: جمعت المال ومنعته الفقراء والمساكين.. أتعرف لماذا نجد الدين دائماً يربي الناس على التضحية والإهتمام بالآخرين ؟ على عكس الإلحاد حيث التمحوُر حول الذات والتمركز حول النفس وحالات الإنتحار المتكررة كل يوم ؟ لأن الدين مصدره رباني معصوم، من خارج النفس، وأما الإلحاد واللادينية فهي أفكار منحطة وضيعة أنانية مدمرة للبشرية، لا يصلح البقاء فيها إلا لـ"من يمتلك مفردات القوة المفرطة" (اقتباس من عبارة الكاتب).
القوة المفرطة تنشأ عن الأنانية والنفسانيّة المعاكسة للتضحية وحمل هموم الضعفاء والفقراء، والتصدّق بالمال لأجل مساعدتهم، ومسح رأس اليتيم والنظر إليه بعطف وشفقة، وإمداده بالطاقة النفسية الإيجابية.. هكذا علمنا الدين، وجعل عليه (ثواباً) في الدنيا بسعة الرزق وفي الآخرة بالنعيم المقيم.. وأنتم تسخرون من الأديان لأنكم لا ترونها على حقيقتها، لأ ترون نصف الكوب الفارغ، ترون التدين المغشوش، ترون ما في قلوبكم أنتم على الحقيقة، ثم تلقونه وتسقطونه على الآخرين..

تتحدث عن كرامة الإنسان وحريته، وما تعلمنا الحرية والثورة على الظلم والقهر إلا من سيدنا وإمامنا رسول الله ص وأهل بيته وعلى رأسهم سيدنا أبي عبد الله "الحُسَيْن" أبو الثورات العربية.. عن أي دين تتحدث وعن أي رب تتحدث ؟ أنت تعيش في عالم افتراضي!

سمع عمر بن الخطّاب رجلا يقرأ (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) فقال عمر: الجهل!

هذه الهذرمة والتخريف سمعتها من قبل من أحد الملاحدة (الله لم يستأذنّي) فضحكت! لا أكتمك سراً.. ولا زلت أضحك من هذه الكلمة.
مشكلتكم أنكم لا تفقهون المعاني الفلسفية المجردة كما قلت في القسم الأول من الرد (فيكم شبه من الإنسان القديم)..
يا بني! هناك شئ في المعاني العقلية اسمه وجود وعدم.
الله هو الوجود.. وكل ما عداه عدم لا يُستأذن لأنه لن يجيبولن يسمع لأنه لاشئ، أخرجه "هو" إلى الوجود.. أفاض عليه الله من وجوده، تجلى عليه باسمه (الحيّ) فدبت فيه الحياة، وشعر بلذة الحياة بعد العدم التي لا تعدلها لذة.. تجلى عليه بالبصير والسميع والقادر والرحيم والكريم الخ فصار صورة منه، وفي الحديث المشهور (خلق الله آدم على صورته) لا كما تفهمون أنتم والسلفيون والوثنيون، وإنما في المعاني المجردة التي أقرضنا الله إياها لنعيش بها.
أيغرك ما تتمتّع به من صفات اقترضها من ربك لتكفر به.. وتقول كلام فارغ (لم يستأذني)! من أنت أصلاً في ميزان الوجود ؟ لا شئ.. أنت الآن تحيا بتجليه عليك بالـ"حي".. وعندما يسترد الأمانة ستتوكّل على الله إلى العالم الآخر المجرد من المادة لكي ترى بنفسك ما أحدثك عنه الآن.. ولكي تعلم أن هذا الجسد لا شئ.

عندما يتحدث العدم مخاطباً الوجود ويقول له (لم تستأذني).. حينها نرى أمامنا قول الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ) وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) يقول الصوفية: إنما قال (بربك الكريم) دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة، أي غره كرمه.


-3-
يقول الأستاذ سامي : تكون فكرة الله ضارة على المستوى الإجتماعى والإنسانى فعليك أن تقبل بإرادات وخطط مقدرة من قبل كائن سماوى أراد هكذا أمور ,فبؤسك وشقائك ومرضك ليس نتاج ظروف مادية من الممكن تعديلها وتطويرها وتجاوزها ولكن وفق إرادة مَخططة مُدبرة مُريدة أرادت هكذا أمر وعليك الإستسلام لها وعدم التمرد بل الخضوع لمشيئتها وشكرها على أفعالها .!

ونقول: بل هذا معْلَم رئيسي من معالم الفكر الإلحادي! فنحن نراهم كل يوم يشتكون ظلم الإله القاسي الذي سلبهم الإيمان وسيطرحهم في النار الخ، أين إرادتك أنت، أين تحركك القلبي أنت لكي يرحمك الله ويتوب عليك ؟ لا شئ.. لا يريد أن يتحرك..
وأما المؤمن فهو يرى أن عمله صادر عن مشيئة الله، وهو ينظر إلى المصائب والابتلاءات بعين إيجابية ويعلم أنها رحمة ليرفع قدره ويشتد عوده، فهو كما قال سيدنا رسول الله ص (عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له).

يقول : هنا تصبح فكرة الإله شديدة الضرر فى أنها تسلب وتستلب الإنسان وتكبله عن الحراك والتغيير ورفض الواقع السئ المؤلم الذى يعيشه ويزداد ضررها عندما تصنع مظلة لكل الطغاة والمستبدين فى أن ينعموا بحياة هانئة بسحق ومص دماء البسطاء والمهمشين فلا يملكوا من أمورهم شيئا سوى التسليم للإله الذى خطط وقسم الأرزاق ورسم الأقدار اهـ

ونقول : هذا فكر سيّدكم وحبيب قلوبكم أنتم والوهابية، عاشق الباطل، الإستبدادي الأكبر "معاوية بن أبي سفيان" الذي استقاه عن حكام الرومان أثناء فترة ولايته على الشام.. ثم بعد أن نجح في الثورة على مشروع التحرير الذي وضعه رسول الله ص وأكمله الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ثم ابنه الإمام الحسين بن علي عليه السلام.. هذا هو الدين الذي نعرفه، ولا نعرف ما تتحدث عنه أنت.. بل أنتم تنكرون الثورة على الظلم وتكرهون آيات القتال والجهاد في القرآن ولا ترون فيها إلا الإعتداء، لأنكم في النهاية مجرد عملاء للصهاينة تكيلون بمكيالين على حسب الموضوع.. فأحياناً قد يكون القتال عندكم محموداً وممدوحاً - كما هو الآن - وأحياناً يكون مذموماً واعتداءً ووحشية! وربما أتيت لك بشواهد من نفس هذا المقال، فضلاً عن نقالات أخرى لك ولغيرك.. ليست هناك قواعد علمية ولا رية منضبطة.. بل سمك لبن تمر هندي.

يقول: يزداد ضرر الإيمان بفكرة الإله عندما تتأسس نفسية الخنوع والتمتع بالإذلال , فالمؤمن يناله البلايا من الإله وفقاً لإيمانه وليس أمامه سوى أن يحمد ويشكر الإله على إذلاله وآلامه ,فأى رفض لهذه الآلام والإذلال هو كفر بالإله ستكون عواقبه وخيمة ليرضى المؤمن بالمذلة والإنسحاق والدونية متوهماً أن حياته ترتهن بأوامر القابع فى السماوات فلا قدرة له ولا يحق الرفض والإستياء والإستنكار لأقداره المؤلمة .لتتدرب النفس البشرية على قبول الخنوع والإذلال من أقوياء الأرض بل الإحتفاء بهم اهـ

ونقول: يبدو أنك تؤمن بإله غير الذي أؤمن به أنا كصوفي.. تناقض تاااام 180 درجة، فالله تعالى الذي أؤمن به وأعرفه في حياتي هو الرحمة المطلقة والعدل المطلق والعلم المطلق، وكم من شدة مرت بي ورأيت حسن عاقبتها ونتائجها الطيبة وثمراتها الزكية..
ويبدو أن الملحد يكاد يفقد عقله : لماذا تذهب للطبيب الجراح لكي يطعنك بالمبضع والسكاكين وأنت فرح مغتبط تقول (الله. كمان) وأنت تدعو له ؟! الطبيب في هذا المشهد هو تجلي لله الذي يصيب عبده بالبلايا لكي يطهره ويحسن عاقبته ويرفع درجته. وأنا أوقن أنك تؤمن بوجود الله إيماناً عميقاً وإلا لما كتبت كل هذا الكلام الطويل جداً.. واسمح لي أن أسألك سؤالاً : ما هي مصلحة المطلق الغني عن عباده في أن يؤذيهم ؟! لا شئ !! لن ينتفع بشئ لأنه مطلق خالق موجد.. رب مربي مُعلّم مكَمِّل زارع للفضائل والأخلاق والقيَم.. يا أستاذ سامي: الذي يأمرنا بمسح رأس اليتيم والسعي على الأرملة والمسكين، لا يبتلي عبده إلا لمصلحة، ولذلك يرضى عبده المؤمن لأنه يعلم أنه طبيبه وحبيبه، وليس كما تفهم أنت بانشطاراتك النووية كفانا الله شرها وإياك.. قل آمين!

صدقني: ليس امامك حل إلا أن تُغَيّر (ذبذباتك) السلبية وتحوّلها إلى ذبذبات إيجابية، ولن تستطيع هذا بنفسك، بل لابد أن تتوجه لمن صنعك في سكون الليل.. وفي رحِم الظلمات وأنت وحدك (لازم تروح للتوكيل)، فلو فعلت واستجاب الله لك وقام بتحويل (الموجة) عندك واعتدلت، فسوف ترى كل شئ على حقيقته.. فهو سبحانه (يزيد في الخلق ما يشاء) قال بعض مفسري الصوفية: أن الخلق هنا هو العقل.

-4-
يقول الاستاذ سامي: الفكر الإيمانى بقوة خارقة قاهرة باطشة لم يجلب الخوف فقط بل إستدعى حالة دونية تقلل من قيمة الإنسان لذاته لدرجة التحقير .. فتعاطى المؤمن مع ألوهية الإله يحاط بسياج من الغموض والتابوهات والتحذيرات منذ نعومة الأظافر لتقتل روح الفكر والسؤال ,,فهم يروجون أن الإنسان كائن ضعيف محدود العقل لا يقدر أن يستوعب الإله فلا تفكر ولا يسأل السائلون عن أشياء تسؤوهم فعقولكم ضعيفة واهنة قاصرة مهما فعلتم .
من هذا التابو يترسخ فى الداخل الإنسانى إحساس بالعجز وإحتقار لقدرات العقل وجدوى العقلانية وقدرات العلم ليتجمد عقل المؤمن فهناك معرفة لن يدركها وحكمة لن يستطيع سبر أغوارها ليحظى العقل على الشلل العظيم . اهـ

ونقول: عن أي عقل تتحدث والإلحاد مقبرة العقل ؟!
العقل هذا مخلوق معنوي جبار يدرك وجود الله منذ اول لحظة يرى فيها كل شئ منظّم ومجهّز ومسخّر للإنسان.. ولا يقبل القول بالصدفة، لأن الصدفة لا تحدث إلا مرة واحدة أو مرتان، واما أن تفسروا كل شئ بالصدفة، حتى خلق المادة من العدم! فهذا انتحار عقلي بمعنى الكلمة.. فتحدث عن شئ آخر غير العقل والعقلانية لأنه ليس ميدانكم.
وأما قدرة العقل على فهم الله فهي محدودة من جهة أنه نسبي غير مطلق، فالمطلق هو الله وحده، والعقل بالنسبة للروح ثقب إبرة في كون فسيح كما يقول الصوفية، فأنت تدرك بروحك وقلبك معان أوسع مما يدركها عقلك.. وليس العقل هو كل شئ عند نزول ميدان الغيب، بل هو بعض أدوات الفهم وليس كلها.. القلب هناك أهم من العقل..
وأما ما طرحته عن تحذير الناس من السؤال: فهذه إمكاناتهم! والواجب على الفطِن أن يقرأ ويعرف من مظان المعرفة، من المفكرين والعلماء لا من العامة، والعامة تقول (إعط العيش لخبازه)! والله تعالى يقول من قبل (ولا ينبئك مثل خبير).. أنت هنا تسأل عن مسائل فلسفية، والمؤمن العادي يعلم - كما قلت آنفاً - أن الله هو طبيبه كقاعدة عامة، ولذلك قد لا يشغل باله كثيراً (لماذا حدث هذا) واما المؤمن الفيلسوف (كالإمام محمد ماضي ابو العزائم أو محي الدين بن عربي) فهؤلاء مراجع معتمدون في مثل هذه المسائل في الفلسفة الدينية.

-5-
يقول الاستاذ سامي: فكرة الله أسست لهذا المنحى عندما كانوا يقولون لنا ونحن صغار: إحذر فالله يرى أعمالك ويسجل كل هذا ولن تفلت من عقابه..فهل يمكن القول بأن بهذه النهج مررت النخب رؤيتها ومصالحها ومنظومتها السلوكية التى تريدها بإستدعاء فكرة الإله البوليسى المخابراتى الذى يراقب ويرصد ..أتصور من الأفضل لنضوج الإنسان أن يعمل بإجتهاد وبما منوط به بدون أن يكون هناك رقيب فوق دماغه .

ونقول: هذا خطأ تربوي يقع من البشر أيضاً، وليس من الله.. فليس هناك في القرآن ما يدل على هذه الصورة النمطيّة عن الله المعاقب فقط، وإنما في القرآن: "أن هنا رقيب يصد الظلمة عن ظلمهم ويوقعهم في شر أعمالهم، ويمهلهم ويمد لهم حتى إذا أخذهم لم يفلتهم" فاحذر أن تكون منهم، بل ولا تركن إليهم مجرد ركون بقلبك (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) ولا يفهم الصوفية من النار نار الدنيا المحرقة، وإنما نار الحجاب عن الله، وهذا موضوع كبير سأخصص له صفحة مستقلة.. يتحدث القرآن عن القرى الظالمة وعلى المستوى العام أكثر من المستوى الخاص الذي يتسم به الدين المسيحي.. القرآن ليس به هذه النزعة.. وإنما فيه ترهيب وترغيب (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

وأعلم أنك ستقول: أن الإنسان لا يحتاج لمصدر خارجي لكي يحسن أو يسئ، وأرد عليك بنفس قولك في نفس مقالك هذا حرفياً : (الإنسان كائن نفعى برجماتى لن يعتنى بفكرة إلا بجدواها) نقلتها لك قص ولصق، وهي كافية في الرد على مثل هذا الاعتراض الذي كثيراً ما يطرحه معاشر "الأحرار"..
ماالذي يجبر الإنسان على فعل الخير وترك الشر إلا مصدر خارجي يضطره إلى هذا قسراً ؟ لأنه كائن نفعي فلابد من أن يتدرب على مخالفة طبيعته! وهنا تأتي أهمية الدين والجنة والنار والثواب والعقاب أيها الفيلسوف.

-6-
يقول الأستاذ سامي:
نفسية العبيد .
هذا التأمل كان فى مرحلة الصبا حيث إستوقفنى مشهد من فيلم أمريكى لأجد إسقاطه فى الواقع مع تغيير طفيف لتنتابنى حالة من الإستنكار والقرف إكتفيت حينها بهذه الحالة الشعورية لعدم القدرة على التحليل والغوص فى أرجاء المشهد بحكم حداثة السن..هو مشهد من فيلم امريكى يصور الحياة فى عصور العبودية القديمة حيث الأسياد والعبيد لتعتنى برصد حياة عبد قانع بعبوديته إلى أن يُقتل ابنه على يد السيد الأمير فينتابه الحزن والألم والغضب لتمر أيام قليلة ويشهد هذا العبد موكب سيده محمولاً على عرشه فيخر العبيد سجوداً إلا هو يقف ويتسمر فى مكانه يرمق الأمير بغضب شديد متذكراً إبنه المسفوك دمه .. يلمح أقرانه العبيد حاله فيشدونه كى يسجد حتى لا يستجلب غضب الأمير مذكرين إياه أن الحياة والخير الذى ينعمون فيه هو من نِعم الأمير ليرضخ للركوع ويسجد رغماً عنه .
يتكرر هذا المشهد فى الواقع عندما توفى صديقى ذو الإثنى عشر ربيعاً لتشيع جنازته فى موكب يعمه الحزن والأسى والفجيعة لأمه المنكوبة وأهله وكل محبيه ليزداد فجاعة المشهد الحزين بصورة الأب الذى إنتابته حالة من الهياج والغضب الصارخ الغير متحفظ ليندد بالله الذى قطف حياة ابنه بقوله : إنت ظالم .. ماذا فعلت لك .. أخذت منى ولدى وحيدى لا أملك فى الدنيا غيره ..إنت ظااااالم .
يحاول إخوته تهدئته ومنعه من الإسترسال فى بوحه الغاضب بتكميم فمه ولينهره شقيقه بقوله أنت هكذا تكفر بالله و يحثه على الإستغفار إلى أن يرضخ الأب الملكوم بالإستغفار والبكاء .
لم أجد فى هاذين المشهدين حينها إلا التطابق فهذا عبد يسجد لسيده الذى قتل ابنه وهذا أب ملكوم يخر مستغفراً الله الذى إنتزع ابنه ليكون إنطباعى حينها إستنكار المشهدين وإستقباحهما مع تكوينات سلبية تجاه الله تضاف لرصيد سابق مما إستوقفنى . اهـ

ونقول: كلا الأبوين أحمق.. وربط المشهدين ببعضهما أشد حُمقاً.. فنحن امام منظومة من الحُمق والجهل اللامتناهي.
القياس خطأ لأن الملك قتل، ولكن الله لم يقتل.. الله (ينقل) من دار إلى دار.. وفرق كبير بين ما يراه هذا الأب وبين الحقيقة كما هي..
الله رب (مُرَبي) وليس ملكاً ظالماً كما قال الأب الأحمق الذي ظن أنه مالك وخالق وليس والِِد (من الولادة) فحسب.. ربما كانت وفاة هذا الإبن رحمة به من استبداد هذا الأب المَوْتور، وربما كانت وفاته مصلحة للأسرة التي كانت ستشقى وتتعذب وتكفر بسببه عند تعاطيه للمخدرات، وربما وربما.. هناك مائة ألف (ربما) تعلمناها من قصة (موسى والخضر) التي في سورة الكهف..
هل اطّلعت على كلام الصوفية في قصة موسىوالخضر ومعالمها الفلسفية ؟ أم أنك فنجري كُفر بلا علم ولا بحث؟ قاتل الله الجهل، أنت تحتاج أن تفهم أولاً قبل أن تعترض..
هذا الربط منك هو أحد الأدلة التي لاتحصى على أن الإلحاد مدلل لا معلل، ولكل ملحد بواعث نفسية على إلحاده، ولا شك أن هناك أمور أخرى لم تذكرها، كظلم وقع عليك أنت شخصياً مثلاً.. كل هذا لا يعني أن تنكر وجود خالقك، وإنما الواجب عليك أن تفهم وتتعلم أولاً، ثم تتعامل مع الناس بمنطق الحق والعدل والحرية وترفض الذل والظلم الصادر منهم هم، فتقاومه بدلاً من أن تنسبه إلى الله.. وإلا فأنت تنسب كل شئ إلى الله كما قلتُ آنفاً أن الجبر هو أحد المعالم الرئيسة التي نراها من الملاحدة على طول الخط.. الإلحاد فكر انشطاري نووي مدمّر، وليس من السهل التخلص منه مع الجهل والكسل عن التعلّم، (على أيدي فلاسفة الصوفية خصوصاً).

-7-
يقول الكاتب: أن يشكر المرء من يقدم له خدمه أو يقدم له منفعة هو سلوك ينم عن الأدب والعرفان بالجميل لكن الشكر يفترض أن المشكور قد تسبب في خدمة أو منفعة لمن يشكر .أما إذا كان الشكر جزاء التسبب في ضرر فهذا إذلال ودونية وحالة مازوخية ,فالمفترض أن الحمد أواللعن مجرد تعبيرات عن مشاعر حرة بالإمتنان أو الغضب لذا فإجبار الله للبشر على حمده والتسبيح له في النفع والضرر لهو قسوة ومذلة و قهر مفرط.
فلنتخيل أبا يضرب طفله علقة موجعة ثم بعد ذلك يأمره بالإمتناع عن البكاء والصراخ لأن الصوت يزعجه بل يطالبه بمدحه والإشادة به فأليس هذا شئ غريب وشاذ ترفضه النفس الأبية عندما يدين الله كل من يئن أو يتوجع ويرفض السؤال المعاتب : ليه عملت كده يارب , فمجرد إعلان الغضب أو الإعتراض على الله حتى في أحلك أوقات الحزن والغضب يعتبر تجديف وكفر بالله وحكمته اهـ

ونقول: أشعر أنك تفكر بقلبك لا بعقلك.. وقد يكون تفكير بعض النساء أعقل من هذا، ولهن عقول أرجح من هذا.. هل تدعو الآباء أن يتركوا أبنائهم دون تهديب وتشذيب لاخلاقهم السيئة (كالأنانية والحرص والطمع والبخل والحسد والظلم والبغي الخ) ليشبوا ويكبروا وقد استحكمت فيهم وأسرتهم واستعبدتهم ؟ هل تدعو الأطباء أن يلقوا بمشارطهم ويطرحونها على الأرض رحمة بأجساد المتسرطنين مثلاً ؟! أو رحمة بالأم لكي لا تتألم من المشرط في الولادة ؟! أو أن يقطع الله نسل البشرية لأجل تألم الأمهات ؟! ألا يكفي تقديس الأم طوال حياتها ؟ أذكر - من الطرائف - أنه كان هناك فيلسوف ظريف مثل أخونا سامي لبيب، اسمه "أبو عيسى الوراق" كان يرى أن ذبح الأنعام وحشية، وصنف كتاباً سماه كتاب "النّوْح على البهائم".. والحقيقة أن عالم الأفكار أكبر من عالم الأشياء، والضلال في صحاري الأفكار، أخطر وأضيَع من التيه في صحراء عالم الأشياء، والعاصم هو الله وحده، فهو المُمِدّ بالهدى لمن طلبه، وهو المُمِد بالضلال لمن طلبه أيضاً.. (قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدّا) فإياك أن تظن أننا سنخاف على الله أو نحميه كما يفعل السفيون البُلَهاء.. بل لدينا - ولله الحمد - من العلم والفهم الذي غرفناه من مدرسة أهل البيت النبوي، وفكر الإمام المجدد السيد محمد ماضي ابو العزائم ما نستطيع به أن نساعد أي إنسان، بشرط أن يكون هو الطالب لا المطلوب، فالله هو العزيز ولا يطلب إلا من طلبه، وأما المعرِض عنه فلا يعبأ به في أي وادٍ هلك.

أيها المعرض عنا * إن إعراضك منا
لو أردناك جعلنـا * كل ما فيك يردنا



#إسلام_بحيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على سامي لبيب في مقاله (الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد ...
- الرد على الأستاذ طلعت رضوان في مقاله (مغزى تعدد أسماء الآلهة ...
- الإلحاد.. هل هو إيمان أو دين أم عدمية وداعشية ؟!
- الدين و الإلحاد وجهاً لوجه [11]
- أنا أكفر إذن أنا موجود !
- الدين و الإلحاد وجهاً لوجه [10]
- الدين و الإلحاد وجهاً لوجه [9]
- كلمة السيد علاء ابوالعزائم رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفي ...
- علماء الأزهر.. هل تحولوا إلى دعاة يصدون عن سبيل الله ؟!
- الدين و الإلحاد وجهاً لوجه [8]
- الدين والإلحاد وجهاً لوجه [7]
- إذا كان الإسلام هو سبب التخلف فبماذا نفسر حضارة الإسلام بعلم ...
- الدين والإلحاد وجهاً لوجه [6]
- الدين والإلحاد وجهاً لوجه [5]
- الدين والإلحاد وجهاً لوجه [4]
- الدين و الإلحاد وجهاً لوجه [3]
- الدين والإلحاد وجهاً لوجه [2]
- الدين والإلحاد وجهاً لوجه [1]
- -سلفيون ملاحدة- موقف االسلفيين والملحدين/اللادينيين من نموذج ...
- كيف يكون الإسلام هو الحل ؟!


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسلام بحيري - الرد على سامي لبيب في مقاله (الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد هو الحل والتغيير) [2]