أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - بانكوبان















المزيد.....

بانكوبان


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 07:24
المحور: كتابات ساخرة
    


حكاية واقعية منذ 25 سنة ...

بانكوبان

أول مفاجأة في مطار بانكوك ألتقيتها أن (تواليتاتهم) خالية من الورق الصحي، فلو لم يكن بجيبك ما يُسعفك بمحنتك، عليك أن تمسح يديك ... بالحائط !

من دون كل المسافرين كانت جنطة صاحبي مفقودة، بعد انتظار ساعتين، أدخلونا مخزن لنبحث عنها وسط (مليون) جنطة، أخيراً قالوا ... (يبدو أنها ذهبت بالخطأ لاتجاه آخر، اتصلوا بنا بعد يومين).
بعد استقرارنا في فندق ثلاث نجوم يقع خلف صول ثري (شارع 3)، أتصل صاحبي بالمطار، قالوا إنهم وجدوها وستصلنا على عنواننا الذي طلبوه، لكن الموظفة لم تتعرف على فندق (برنس وليمز) الذي نسكنه، وحين استنجدت بموظف خبير و(لهلوبة) بعناوين ودرابين المدينة، ثارت ثائرته سعادة حين تعرف عليه سريعاً، فقال بالحرف ...
ـ طبعاً عرفته، مجاور بانكوبان !
× × ×

فندق (برنس وليمز) يتكون من ستة طوابق على شكل حرف (يو) ويحتضن مسبح حُجبت عنه أشعة الشمس بالكامل فصارت مياهه باردة مما صعّب علينا السباحة والتمتع فيه، فاكتفينا باستراق النظرات ناحية الأوربيات يسبحن مثل السّمك نَحسدهن على (نِعَم) الله عليهن !

في نهاية شارع باتجاه واحد فيه مستشفة أمريكي، يقع مركز المدينة الساخن، حيث ناطحات السحاب والمطاعم الأميركية والمولات ذوات الطوابق المتعددة، يتزاحم أمامها باعة متجولون بمطاعم متنقلة تشوي على الفحم كل شيء يخطر أو لا يخطر ببال، تمّن معجون بالسكر، قطع دجاج مُغمسة بالشّيرة، موز مشوية، وطبعاً جميع أنواع الحشرات الطازجة، مشوية أو مقلية ... حسب الطلب.

في ركن من الشارع تتواجد محلات (شو) مكدسة حول باحة لمبنى قديم، يقف في مدخله رجال (سكيورتي)، تواجدهم ليس لحماية المحلات بل بالعكس لحماية السياح الأجانب من (بطش) البنات في الداخل.
لكن الحق يقال أن بناتهم ملتزمات خلال الدوام لأبعد الحدود، لا يرافقنَ سائحاً إلا خارج أوقات العمل، وإذا تنتهي مناوبتهن ولم يُصادف أن يصْطَدْنَ ضحية، يتصلن بأهلهن ليأتي أخوهن أو أبوهن لإعادتهن الدار وهو يلعن حظ أخته أو أبنته لانتهاء يومها ... دون رفيق !
هذا الأمر الغريب هو ضمن ثقافة البلد، فمسألة عمل البعض (رجالاً أو نسوة) بما يتعلق بالدعارة وتجارة الجنس ـ يقولون ـ بأنه عمل كأي عمل ، ويضيفون بأن عقيدتهم تحلله وأعرافهم وتقاليدهم وقوانين بلدهم تسمح به !
× × ×

يقصُ علي أخي المرحوم طارق والذي عمل بمؤسسة السياحة لفترة طويلة بالعراق، أنه لما سألوا ممثلي السياحة في بلدان العالم عن مقوماتها لديهم، قال المصري الآثار والبريطاني أسواقهم والفرنسي طبيعتهم والإسباني بحرهم والإيطالي واللبناني مطبخهم والإيراني والعراقي سياحتهم الدينية ... ولما وصل للتايلندي قال بفمه المليان ... السياحة الجنسية !

في إحدى سفرات (أبو التمن) إلى تايلند في السبعينات، يُحكى أن أحد الرجال وهو في الخمسينيات كان يغيب عن الكروب بشتى الأعذار ويهيمُ بشوارع بانكوك كي (يلعب على حل شعره) وقضى فترة السفرة بعيد عن أي نشاط مع المجموعة، وكانت إحدى (العيون) تترقبه باستياء شديد، سيدة تكبره قليلاً تحسب له كل خطوة وحركة وكل ما فعل ... وبصمت شديد.

يقول ناقل الخبر والذي كان أحد أعضاء السفرة، بأن الرجل وما أن وصلت طائرة عودتهم فوق بغداد، حتى ثارت شجونه في اشتياقه لزوجته، وصار يردد كلمات حب اللقاء بها ممزوجة بكلمات الحنين لحضنها الدافئ ...
ومع أنها كانت آخر دقائق قبل توديع الكروب بعضهم البعض حين يتفرقون في المطار، وبدأ الجميع يتبادل تحيات السلامة ونجاح السفرة وسعادته بفرصة التعارف، حتى انفجرت السيدة وخرجت عن كياستها بعدما لم تستطع كتم غيظها من الرجل، لتلقنه درس بالآداب كشفتْ كم أنها كانت تترقب حركاته وسلوكه وكأنه زوجها ...
(أنت شنو مَ سويته يا أبو محمد، كل شيء حرام مارسته، الآن تذكرت مرتك؟).
× × ×

كان فندق البرنس هذا كئيب وممراته مظلمة لأنها مغلفة بخشب الصاج الذي يمتص نور المصابيح، وغالباً ما تتعطل مصاعدهم وسخانات الماء وبرادات ماء الشرب المنتشرة بالطوابق، لكن وللأمانة فإن (ستاف) نسائي نشيط يعمل ليل نهار لتلبية مطالب النزلاء !

كان كل منا يحتكم على 1500 دولار، وهو مبلغ كبير نسبياً بوقتها، فأردنا لزيادة الأمان أن نحفظها بعيد عن العيون، الإدارة قالوا أنهم يحفظوا حقيبتنا بالأمانات بما فيها، ولا يتعهدوا بتحرير وصل بأي مبلغ، فترددنا ولم نثق بهم.
وهنا خطرتْ ببالي فكرة (جهنمية) أن نضعها في بطانة أحد كرسيين ضخمين في الغرفة، فنجحنا بالتمويه بحشرها، ولزبادة الأمان كنا نترقب الـ ( روم سيرفس) حين يتم تنظيف الغرفة بقلب مطمأن.

كنا نضطر أن نأخذ دوش بارد لو عطل السخان ونفتح الشبابيك لو توقف التبريد وأن نشرب ماء حنفية بدل البرّاد، لكن المصيبة فيما لو تعطـّل المصعد ونضطر لاستخدام السُلـّم، لأننا سنرى مسرح للعاملات بكافة الوضعيات والمشاهد، يدخنن ويشربن البيرة وهي عادة مُقرفة ملازمة لهن يومياً يصلن من خلالهاحتى الثمالة، فيسمع المرء فيما لو أجتازهن بمشقة إلى عبارات حادة وساخنة تُخجـّله، يُطلقن أصواتهن وكأنك في حقل (بط)، ولا يستطيع أن يمنع نظره من مشاهدة لقطات وألوان لم يُصادف أن يرها في حياته كثيراً !

كان يسكن لجوار غرفتنا سائح استرالي بحجم (غول) وقد صادقَ فتاة تايلندية بالضبط بقدر ربع حجمه، يحمِلها تحت (إبطه) كمن يحمل مخدّة، وصارت لنا معه بحكم اللغة علاقة طيبة.
كان وصاحبته يتجولون ويسبحون ويتعشون بكل رومانسية حتى يحل المساء، فيسكرا ويدخلا غرفتهم.
بعد دقائق تبدأ البنت بالصراخ وتخرُج من الغرفة بملابس النوم ليتبعها بالشورت ويبدأ يضربها ضرباً مبرحاً، يستيقظ على أثر ذلك جميع نزلاء الطابق، لكنهما يعودا ليتصالحا وكأن شيئاً لم يكن، ثم وبعد ساعة وبينما يخلد الجميع للنوم، تعود لتتعالى الأصوات، فقد كان هذا الشاب ـ يُشير عمال الفندق له بحذر ـ عنيفاً وسادياً.

قررنا ترك الفندق والبحث عن آخر (أنظف) وأهدأ، فأخبرْنا الاستقبال بأننا بصدد مغادرته، إلا أن الموظف قال بأن لديه غرفة أفضل، هادئة وذات إطلالة على الشارع وبعيدة عن المشاكل و(الطلايب) لكن سعرها أكثر قليلاً، بشرط (ندير بالنا عليه) فوافقنا في الحال وانتقلنا لها خلال دقائق.
ذهبنا عصراً نتجول بأسواق بانكوك في صول تين (شارع 10) ثم إلى سوق الجملة للبخور والفضيات والإكسسوارات وأنواع الخرز والأحجار، وليس ببعيد عنه آخر للأقمشة والزجاجيات والفرفوري والملابس، ثم عرجنا على الحدائق العامة الرائعة وأنهار بانكوك الساحرة وماءها (الخايس) وبيوتات الصفيح ترزح في ظل ناطحات السحاب ... مدينة تَحْمل كل المتناقضات، غنى وفقر، أعمار وتمدّن وأتيكيت ورقي ونظافة، بالمقابل بؤس وتخلف وقذارة، ضحك وسعادة تقابلها دموع وتعاسة ...
وبينما كنا هناك، نشَبَ أمامنا عراك عنيف على الرصيف بين شابين من أجل بنت (أنتوشة) حلوة ، كان أحدهم قد ضربها، فذكـّرنا بصاحبنا الاسترالي.
تطور العراك ووصل المشهد ذروته حين هجم أحدهم على خصمه وضربه بكرسي خشبي أدى لتهشّمه، ذكـّرنا المشهد بكرسي الغرفة السابقة وفلوسنا التي نسيناها في بطانته، فقررنا العودة بالحال وإصلاح الأمر قبل أن تؤجَر الغرفة و(تروح) فلوسك يا ... جابر.

طلب سائق الأجرة أسم فندقنا، فقلنا أنه (برنس ...) ونسينا التكملة، فقال لا تقلقوا سأجده لكم، ظل يدور بنا بقصد تشغيل العداد أكثر مسافة ممكنة قائلاً بأن بانكوك كبيرة جداً، وأن فيها أكثر من عشرين فندق يبدأ أسمه بـ (برنس ...) وأستمر يلف بنا على فنادق (البرنسات) في بانكوك !

كان أمامنا وسط الحيرة والإرهاق وصعوبة التفاهم ـ كونهم شعب لا يتكلم الإنكليزية برغم صناعة السياحة عندهم ـ إما المبيت بالشارع أو أستأجار فندق ثانٍ للمبيت فيه ...

قلنا له خذنا لصول ثري، قال بأن طوله خمس أميال، وبدا عليه التعب بينما تخطى عداد سيارته ثلاثون دولاراً.
سألت صاحبي في محاولة شبه يائسة: هل تتذكر الكلمة التي قالها لك موظف الأمانات بالمطار بأن الفندق يقع قربها ؟
كان عليه أن يتذكر الكلمة، فلم يعُد لنا سواها مفتاح لحل المعضلة ...
صاح صاحبي: وجدتها ... بان كووو بان.
نطقها وكأنه يُطلق صوت بطـّة، الغريب أن السائق إلتقطها وفهمها وأسرع للفندق، فدخلنا على عجل على موظف الاستقبال وأخبرناه أننا نريد العودة لغرفتنا السابقة لظرف مادي.
أعتذر لنا لأن الشاب الاسترالي خلع باب حمام غرفته حين مازحته التايلندية وأقفلتها أمامه، فنقلوهما قبل قليل لغرفتنا السابقة !

كان علينا إما الانتظار حتى يُغادر الفندق أو اختيار وسيلة أخرى كأن ندخل الغرفة خلال فترة تنظيفها حين يكون (صاحبنا) خارج الفندق بشرط مراقبة مدخل الفندق، لأنه لو ظفر بأحدنا يعبث بغرفته، لقضى عليه خلال دقيقة يضربة واحدة من يمينه، كون وزننا لا يتلاءم وإمكانياته في وزن فوق الثقيل* !

في هذه الليلة ، كانت الأصوات أعلى، فقد أصاب هذا الوحش البنت المسكينة بعينها ونزفت دم، وتجنّب الكل الاقتراب منه فوجدناها فرصة بأن إدارة الفندق تتردد بالاتصال بالشرطة، أقنعناه بأن يحملها للمستشفى الأمريكي القريب، لأن حاجبها كان ينزف دم بلا انقطاع.

وبينما وضعها على كتفه وخرج، كانت فرصة مناسبة لنا أن نطلب من الآخرين أن يتفرقوا وأن نظل بالغرفة لترتيب ساحة النزال، فتركونا لننتهزها فرصة ونستعيد فلوسنا ...

في اليوم التالي وبينما كنا بصدد مغادرة فندقنا (الجميل)، ألقينا تحية على (صديقنا) الشاب وصاحبته (مضبّرة) برباط على جبينها وهُم بوضع (حميمي)، وكانا ممنونين لمساعدتنا إياهم.

ولكي لا تبقَ (حَسرة) بنفسي، سألتُ موظف الإستقبال عن كلمة (بانكوبان) الذي يُستدل منها عن فندقهم، تعجب للسؤال وأومئ برأسه لأعلى مبنى من ثلاثون طابق تكلله كلمتين ملونتين من بضعة حروف تقول ...
Bangkok bank

عماد حياوي المبارك
1989
هل تعلم ...
لتحقيق المساواة التامة بين الملاكمين يتم تقسيمهم حسب أوزانهم، وهي:
1 وزن تحت 48 كغم : خفيف الذبابة
2 وزن من 49 : الذبابة
3 وزن من 52 : الديك
4 وزن من 56 : الريشة
5 وزن من 60 : الخفيف
6 وزن من 64 : خفيف الوسط
7 وزن من 69 : الوسط
8 وزن من 75 : المتوسط
9 وزن من 81 : خفيف الثقيل
10 وزن من 91 : الثقيل
11 وزن فوق 91 : فوق الثقيل
.



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرابة بارتي
- رون وآسو ... والآخرين
- أسماء في الممنوع
- دوامة عمرها مائة عام
- انقلابات لا تنتهِ
- منازلة أم المعارك
- هيتشكوك
- المعادلة المعجزة
- حيتان
- آباء وأمهات
- مجرد كلام يستودَي
- هذا أنا ... عماد
- نوم ... شياطين
- يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
- العتب على ... السمع
- ورقة التوت
- الآنسة ... بابيت
- عملية اغتيال ... بدالة
- مستقيمات
- لواكة لبّي


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - بانكوبان