أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ب):















المزيد.....



ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ب):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4673 - 2014 / 12 / 26 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في موضوعنا السابق (ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ - أ), تناولنا تعليق الأخ فهد العنزي، بعنوان "طلب عاجل", أشار فيه إلى موضوع كتبه أحدهم يسمى إسلام بحيري بعنوان طلب فيه منا أو نرد على "سلفيون ملاحدة", شرح فيها وجهة نظره الخاصة فصدق في بعضها وأخفق في كثير منها. فعلق شخص آخر يدعى "عادل بحيري" على ذلك الموضوع هاجم فيه كاتب الموضوع "إسلام بحيري", ثم تمادى في هجومه إلى أن وصل إلى طلبه منه أن يثبت له أن محمد رسول الله, وإشترط عليه بقسم مغلظ إنه لو فعل ذلك لإتبع دين محمد ولأشهر إسلامه.

المهم في الأمر أن الأخ فهد عرض علينا في تعليقه إقتباساً من تعليق عادل بحيري وطلب منا أن نقوم بهذا الدور ونثبت له صدق رسالة ونبوة محمد رسول الله. علماً بأن عادل بحيري هذا لم يصبر حتى يتأكد من صدق رسالة محمد, بل إفترى عليه كثيراً مستعيناً بأباطيل وإفتراءات وخبل زمرة زكريا بطرس وصبيه الغبي المغربي, وهذا سلوك منه غير مبرر مما جعل تعليقه غير متوازن ومتسرع في حكم لم يستمع إلى حيثياته ويستمع إلى شهوده ويناقش أدلته المادية وبراهينة.

كانت خطتنا الأساسية هي كما يلي:
أولاً: أن نحاور إسلام بحيري في موضوعه الذي تضمن متناقضات كثيرة مع عدم خلوه من حقائق خبا بريقها تحت عتمة تلك المتناقضات والإفتراضات التي ليس له عليها دليل شرعي ولا برهان، وإن كان في رأينا محقاً في إثارة الموضوع إبتداءاً وتقريبه وعرضه للدراسة والتحليل في ضوء وتحت رقابة القرآن الكريم, وقيومية منزله وحافظه. وفي منهجية نبيه الكريم الذي تنبأ بتفرق أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلَّا واحدة.

ثانياً: ثم بعد ذلك نرد على طلب الأخ فهد ليكون الموضوع متسق ومتتابر منطقياً,, ولكن إلحاح عدد كبير من السادة القراء الكرام على تعليق عادل بحيري حتم عليها ضرورة البدء به أولاً ثم بعد ذلك نعود إلى موضوع السلفيون والملاحدة الذي جاء به إسلام بحيري.

والآن، نستأنف تحليلنا لهذا ألموضوع ونواصل في حلقاته, ولكن قبل ذلك سنقوم بتلخيص ما ناقشناه من قبل, فنقول وبالله التوفيق:

لقد أعددنا ردنا على إفتراءات عادل بحيري وبهتانه للنبي محمد في محورين إثنين:
الأول: بتحليل شخصية النبي محمد من حيث السلوك العام والخاص, والبيئة التي نشأ فيها, والظروف الإقتصادية والإجتماعية والعقدية التي كانت تحيط به, ثم تفرُّدَهُ وتميُّزَهُ عن كل من دونه,،، تحليلاً علمياً ومنطقياً وفق المعايير الإنسانية والأخلاقية والمنهجية العلمية.
ثانياً: إثبات نبوة ورسالة النبي محمد من القرآن الكريم "مباشرةً", إثباتاً لا يدع مجالاً للشك ولا للمماحكة, وسنثبت حقائق أخرى كثيرة ستخرص الألسن وتلجمها إلجاماً بحول الله تعالى وقوته وفضله.


في موضوعنا السابق قمنا بتحليل شخصية النبي محمد,, وفيما يلي تلخيصاً لما ذكرناه هناك قبل أن ننتقل إلى المحور الثاني, وقد تضمن المحور الأول مايلي:

أولاً: قلنا, إن القرآن الكريم وحده هو الذي سيرد على كل من تشكك في بعثة هذا العَلَمِ الفريْدِ المُصطفى على الكل,, ولكننا سنعمل الفكر قليلاً, والتدبر في البديهيات والمسلمات وفق المنطق, والمعايير المتفق عليها بين البشر, والمستخدمة بصفة مطلقة في التحليل والدراسة والتصنيف, والإضعاف والتقوية والتأكيد أو الإقصاء,
فأوجزنا في وصف شخصيته, قلنا إنه قد بدأت حياته طفلاً وُلد يتيم الأب ثم فقد الأم, وهو في الثامنة من عمره:
1. لم يكن من سلالة اسرة غنية,
2. ولم يكن من سلالة الملوك ولا الأباطرة حتى يحن إلى بلاط الملوك والسلاطين ويطمح إلى إستعادة أمجاد آبائه وأجداده,

3. كان في صباه "راعياً للغنم", شأنه في ذلك شأن أغلب الأنبياء والمرسلين, و لم يكن يُعرف عنه سوى التواضع, والتعفف, والذكاء الحاد المميز, وقلة الكلام وعدم النجوى, وعدم خوضه فيما لا يعنيه, ليس صَخَّاباً ولا لَعَّاناً ولا مُعتَدِيَاً ولا جباراً أو متجبراً, ولا بذيءاً,, كثير العفو عن الجاهلين المتجهلين والجهلاء وهو الأقدر على الرد عليهم بنيةً وحجة ومنطق, ولم يعرف لسانه الكذب قط, ولا مزاحاً لذلك لقب "بالصادق",
4. كانت تظله غمامةٌ أينما ذهب وحَلَّ, فلم يكن يعرف لها تفسيراً, ولم يغتر بها أو يتفاخر,

5. عمل في التجارة, فتاجر لصالح "خديجة بنت خويلد"، قبل الزواج منها, فعرف "بالأمين", بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء والأحباب,
6. لم يسجد لصنم قط, ولم يقدسه أو يقدم له قرباناً, بل كان "يتحنث" متفكراً في مخلوقات الله تعالى من سماوات وأرضين وجبال, وكواكب, ونجوم, وزروع, وإبل وأنعام,,,
7. تزوجته السيدة خديجة لأمانته وتفرده بالأخلاق والصفات الحميدة التي لا يوجد لها مثيل في مجتمع جاهلي فظ غليظ, تكتنفه كل مساويء الأخلاق والخلق.

8. ظهر له "الناموس", سفير الله لأنبيائه ورسله، في المرة الأولى, فإختفى دون أن يكلمه أو يدلل عن نفسه له,,
9. لم يخبره الله تعالى صراحةً, ولا حتى جبريل عليه السلام بأنه نبي ورسول ذلك الزمان, ولا يعرف أنه خاتم الأنبياء والمرسلين,, حتى عندما جاءه جبريل للمرة الثانية, وحاوره،، فقال له "إقرأ!", فرد عليه محمد "ما أن بقارئ",

10. كلفه الله بالرسالة وأعلمه بصعوبتها وثقلها, بقوله له (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا), ثم حذره من المَنِّ عليه, فقال: (وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ 6), ثم أمره بالصبر فقال: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ 7), ثم أمره بتنفيذ أمره كما يجب, فقال له في سورة الحجر: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ 94), ثم أمره بتسبيحه: وعبادة مدى الحياة, حيث قال له: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ 98), (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ-;- يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ 99).

فكانت النتيجة الحتمية المنطقية لهذه الصفاة وغيرها أنها تعكس وتفرز شخصية متميزة قوامها (الرِّفْعْةُ العاليةُ والمقامُ السَّامِقُ), وفي نفس الوقت (التواضع الجم إلى حد العبودية لرب السماوات والأرض, رب العرش العظيم).

ثم,,, بعد التكليف بالرسالة,, لم تتغير صفاته الحميدة الراسخة التي تزدان به, فلم يترفع على الناس أو ينعزل عنهم, وقد إزداد رأفةً ورحمة وفضلاً على سائر المخلوقات من بشر وشجر وطير وبَهَمٍ. فهو, وبشهادة أعدائه قبل أتباعه,
1. قد صدع لأمر ربه بالرسالة والنذارة مبتدِءَاً بعشيرته الأقربين,
2. سمع قومه بدعوته التي جاءت بتوحيد الله تعالى ونبذ الشرك بكل أنواعه وألوانه, فجَنَّ جنونهم, وتحرك سفهائهم وكبرائهم من المنتفعين من ذلك الشرك بخداع الناس فكانت الدعوة مهددة لهذا الكيان الفاسق الفاسد بالإنهيار,

3. فبدأوا معه بالمراجعة والزجز, ثم بالإغراء بحطام الدنيا, فعرضوا الملك والسيادة, عليهم إغداق الأموال عليه, ثم حاولوا إغوائه وإغراءه بأجمل وأكرم نساء قومه ...
4. جربوا معه التهديد والوعيد والتخويف فلم يجد نفعاً, ثم التهديد بالقتل، بل السعي فيه, ثم السخرية والسباب والمضايقات,,,, الخ. فلم يحرك كل ذلك شيئاً في وجدانه الذي لا يقبل بالتوحيد بديلاً ولا لشرع الله ومنهجه ثمناً, فلم يستطيعوا إغرائه لتغيير موقفه,

فالنتيجة الحتمية والمنطقية لهذه الشخصية أن صاحبها لم يكن الجاه ولا السلطان ولا المال ولا حتى الدنيا بحذافيرها تعني شيئاً بالنسبة له سوى أن يُنفِّذ ما أمر الله تعالى به "عبداً وليس سيداً"، حتى لو كان الهلاك والعذاب والكبد هم الثمن.

ثانياً: تحدثنا عن مهمة النبي محمد وحللناها, لنقف على حدودها, وهدفها الإستراتيجي, فأفرز التحليل منهجية واضحة بينة مكتملة الأركان, ليست متضمنة لأي هوى أو مصلحة شخصية للنبي محمد, من ذلك:
1. أنها "تحديداً" العمل على (إصلاح الكون كله), وفق منهج القرآن الكريم الناسخ والمنسي والمهيمن على ما دونه,
2. فترتها الزمنية – عمر الكون منذ نزول الوحي, وإلى أن ينتهي هذا الكون بقيام الساعة,
3. خطتها الإستراتيجية: (إيمان بالله وحده, وملائكته, وكتبه, ورسله, وباليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره),

4. خطتها التكتيكية, هي (إيمان بالله, ثم إستقامة, وإقامة الوزن "بين الناس" بالقسط),
5. وخطتها التشغيلية هي: (شهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمد رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلأً), ثم المساواة بين الناس من عدالة إجتماعية, وإنصاف بينهم,
6. التنظيم, (من إماطةِ الأذى عن الطريق .... إلى البشاشة والتبسم في وجه أخيك),

7. التوجيه, (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد, لا يعصو الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون),

8. التوصيف: إيمان صادق, وعمل متقن بإجتهاد، وتطوع سخي بدون مَنٍّ ولا أذى,
9. الرقابة, (تقوى الله وخشيته, والضمير, وإستحضار قيومية الله, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وإلتزام حدود الله),
10. التقييم, (محاسبة النفس الأمارة بالسوء, وتذكية النفس اللوامة بالصبر والمصابرة والثبات,
11. إدارة المخاطر، بالإستغفار, وعمل الصالحات, وإطفاء الذنوب والخطايا بالصدقات ولو بكلمة طيبة أو مَسٍّ براحة الكف على رأس طفل يتيم, أو إطعامه وإكرامه...),

12. الإنضباط discipline, (سلطان القضاء العادل), ثم (الجزء والحساب من الله تعالى وحده يوم يقوم الاشهاد), في إطار لها ما كسبت وعليها ما إكتسبت.
13. التغذية العكسية (رد الحق إلى أصحابه, والإعتذار منهم, وإصلاح ذات البين, ثم الإياب إلى الحق بنبذ الهوى),
14. الجودة الشاملة (التوبة, والإستغفار, والتصدق على المحتاجين ولو بشق تمرة),
15. الهدف الإستراتيجي, (توحيد الله, وتنزيهه عن النواقص, وتقواه بإتباع منهجه والإخلاص له بالعبادة والطاعة) وذلك صيانة للعدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين البشر,
وتحقيق حرية الإختيار على مبدأ (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ), والتي ستندم على سوء الإختيار,, (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ,, فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ...) وذلك لحسن إختيارهم, في إطار قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا),

هذا الجزء من التحليل العلمي والمنطقي لم يدلل سوى على (عبد ورسول لله خالق الكون), وهذه المنهجية المؤيدة بالقرآن الكريم قد شهدت له بالنبوة والرسالة والتفرد,,, ولو كره الكافرون.

ثالثاً: أثبتنا من التحليل المنطقي أن صدق نبوة ورسالة محمد إعتماداً على السيرة أكثر يستحيل أن تكون بالقدر الكافي كحجة للشخص التابع أو عليه, لانه، منطقياً, لا بد لذلك الشخص من دليل "مادي" قطعي, كافٍ لليقين بإقامة الحجة الدامغة, وذلك في أي جيل وأي زمان ومكان على الأرض ممن لم يعاصر النبي ويره بعينيه ويسمع منه مباشرةً.

لذا فطلبه العادل للدليل الكافي الذي يضاهي تلك المشاهدة والإستماع المباشرين له, بأن يشاهد بعيني رأسه ويسمع بأذنيه ويصدق بقلبه بأن ذلك الدليل المقدم له "موثقاً توثيقاً لا يعتريه تغيير ولا تحريف ولا إضافة ولا حذف بل ولا ضبابية,,, على مر العصور والدهور. وإن لم يقف على هذا الدليل يكون إيمانه هشاً تقليداً وسيكون في الغالب متأرجحاً ما بين العادة الموروثة وبين هوى النفس الأمارة بالسوء, وهذا التأرجح يجعله آيلاً للسقوط أكثر منه للثبات على الإستقامة. قال تعالى في أمثال هؤلاءِ: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ-;- تَقْوَىٰ-;- مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ-;- شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ),

وبالتالي, إن لم يوجد مثل هذا التوثيق, وبكل هذه الشروط والتوصيفات,, فلن يصلح لأن يقيم الحجة على أحد ... وهذا هو المأخذ الرئيس على أهل الكتاب اليوم,, فإنهم يقولون بما لا ولن يستطيعوا تقديم الدليل والبرهان على صدق الرواية, وصدق الراوي, وأنه ليس أمامهم سوى "العنعنة غير المعلنة",،،، مثلاً "عن متي, عن يسوع,, قال: قال الآب ... الخ). ومن ثم فلا خيار لهم في أن يتحروا صدق أنبائهم ورسلهم من القرآن الكريم الذي الذي أقام الدليل المادي على معجزات موسى التسع التي تعذر على اليهود إقامة الدليل على واحدة فقط منها.

وكذلك الحال بالنسبة للنصارى, فليس لديهم أي دليل مادي على أن عيسى عليه السلام يبرئ الأكمه والأبرص, ويحي الموتى بإذن ربه,, وليس لديهم أي دليل على أصل عقيدتهم اللاهوتية الصليبية على صدق فرية قتل أو صلب المسيح أو قيامته,, ولكن الحقائق والأدلة والصفات والمكارم كلها مصدرهم الحقيقي والفريد هو القرآن الكريم "حصرياً", وما دونه روايات وقصص متضاربة في أغلبها ومتعارضة مع الحقيقة بصورة تكاد تكون كاملةً.

فما دام الأمر كذلك,, وأنَّ النبي محمد, قد جاء في جيل من الأجيال, عايش أهل جيله ونشأ بينهم فعرفوا ما سمعناه عنه في القرآن الكريم والسيرة, فصدقوه لما رأوه وسمعوه منه مباشرةً, وشهدوا بأنه يمتاز عن البشر قاطبةً, وأنه لا بد وأن يكون نبياً ورسولاً,, ولكن الناس عبر الأجيال وحتى يومنا هذا والاجيال بعدنا لا بد أن يقدم لهم هذا الدليل. (وهو بلا أدنى شك موجود بكثرة وتنوع وكفاية في القرآن الكريم), ظاهراً ومحكماً مشفراً,, ثم مفصلاً تفصيلاً كاملاً ميسراً مبيناً, لذا فمن حقهم علينا أن نضع هذا الدليل بين أيجيهم عياناً بياناً حتى يهلك من هلك عن بية ويحيى من حي عن بينة.

وقد أكدت هذه الدراسة والتحليل المنطقي والجوهري بأن أسلوب "العنعنة" والإجتهادات الشخصية والترجيحات الخاصة التي تعج بها كتب الأولين والتابعين وتابعيهم لها دورها الفعال بالنسبة للمؤمنين المتمرسين في الإيمان والراسخين في العقيدة,, ولكن يستحيل أن تقنع شخصاً غير مؤمن أو على دين فاسد أنْ يُصدِّق بما يسمع ولا يرى دليلاً يقبله عقله فيظن انها روايات وأقاصيص يحفظها أصحابها ولا يملكون عليها دليلاً يجذبه للإيمان والتوحيد, خاصةً وأن الإنسان مجبول ومفطور على الإيمان, ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. لذا قلنا:

1) إن سيرة المشاهدة والمعاصرة والتصديق لمحمد من قومه ومن عايشه لا تكفي أحداً من الأجيال التي جاءت بعد جيله والأجيال التي تلتها, لأن الشك ليس بالضرورة أن يكون فيه هو وإنما في الرواة المتعاقبون على مر الأزمان والأجيال, وهم غير معصومين, وبالتالي ومن البديهي ألَّا تكون كافية حتى إن كانت مقبولةً إلى حد كبير, وهذه هي مشكلة كثير من الضالين من الناس,

2) التوثيق البشري الذي تتضمنه كتب السيرة والتفسير والدراسات العلمية المبنية على هذه المصادر "فقط" لا يمكن أن تكون حُجَّةً على أحد "إن رفضها" وطالب بغيرها الذي يمتاز عنها بالدليل البرهان, أو تكون كافية له, وخير دليل لذلك هو تعدد المذاهب والطوائف, والجماعات, والشيع,,, التي يستحيل أن توجد إن إجتمعت كلها على وحي الله من القرآن الكريم ثم من السنة التي تتطابق تماماً مع القرآن وتغطي النموذج التطبيقي له وما إختلف معه أو تعارض فهو رد, وهو دليل على أنه لم ينقل عن النبي بدقة (تماماً كما قال بفعل أو أمر أو نهي أو إقرار),

3) إن القرآن الكريم - إذا لم يُصَرِّحِ الله تعالى بأنه "قد حفظه", وضمن ألَّا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – و تركه للعبث والتحريف, كما حدث مع التوراة والإنجيل, بالطبع لن يكون حجةً على نفسه أو على من أوحى الله له به,,, أو حجة لغيره أو عليه, وسنناقش معاً كيف كان هذا الحفظ ونقيم الدليل المادي على ذلك.

4) لم يَخْلُ القرآن من التوثيق الدقيق والقطعي الدلالة على صدق رسالة النبي محمد وصدق النبي نفسه بما يكفي ليكون يقيناً وحجةً على كل من أراد الحق والحقيقة, وحجة على من كفر به وتمارى,

وقد أفرز هذا الجزء من الدراسة منطقية عدم جدوى أخذ أدلة وبراهين وشواهد صدق الوحيِ, والكتاب المُوحَى نفسه, والنبي المُوجَى إليهِ من مصدر آخر سوى القرآن الكريم "حصرياً", وبالتالي,,, توثيق السيرة "الذي لم يقل الله إنه قد حفظ "عنعنتها" كما قال عن القرآن" من المنطق ألَّا يكون كافياً بذاته للجذب إلى الإيمان, رغم أهميته وضرورته في مراحل التطبيق والتأسِّي.

رغم أن الذي قاله الرسول والذي سمعه منه مباشرةً لا يَقِل ُّصدقاً عن القرآن أهميةً ووحياً, ولكن العلة في إستحالة الركون إلى "العنعنة" التي تتضمن في كثير من الأحيان سلسلة من الرواة، مما يستحيل القول بسلامتهم من أخطاء بتفريط أو عفوية أو سوء تقدير في النقل ولو في الإعراب أو الشكل أو الصياغة.
وعليه,, فإننا سنحصر إيجادنا للأدلة من القرآن الكريم فقط دون سواه ولكن قد نستشهد ببعض الأحداث من السيرة عند الضرورة القصوى.

رابعاً: تناولت الدراسة هوية النبي محمد لأنها من العناصر الهامة في تأكيد صدقه وأمانته, فأكدنا بأنه:
1. لم يكن (إمبراطوراً, ولا ملكاً, ولا أميراً أو حاكماً),
2. لم يأمر الناس بعبادته لذاته, والصلاة إليه, وتقديسه تقديساً إلهياً, وتقديم القرابين بين يديه
3. ولم يترفع على الناس ويحتجب عنها كبراً وغروراً شأنه في ذلك شأن الأمراء والمؤمرين على غيرهم,

ومن هذا أكدت الدراسة على أنه لم يكن يسعى لجاه ولا سلطان ولا مجد في هذه الدنيا, وقد أقمنا الدليل على كل ذلك "منطقياً وتحليلياً", وقد علمنا أنه لم يقدم نفسه أو يقدمه الله للناس سوى (عبد لله ونبيه ورسوله, لا يعلم الغيب ولا ينطق عن الهوى, وإنما يقول بما أمره الله به فحسب).

خامسا: كان لا بد من دراسة وتحليل أهدافه الشخصية ومطامحه الظاهرة والباطنة, فتمخضت عن أنه كان إنساناً عادياً بسيطاً, وكل طموحاته تكمن في رضاء ربه وتحقيق الخير والكفاية والعدل للناس كل الناس, لذا:

1) لم يكن يطمح لسلطان ولا لجاه,,
2) لم يكن يطمح للتفاخر بالمكانة وبالنسب,,
3) لم يدَّعِ علم الغيب, أو ينسب القرآن وفضله وتفرده إلى نفسه,
4) كان تماماً كما أراده الله تعالى أن يكون,
5) حصر دوره في "البشارة" و "النذارة", وربطهما بالإختيار الحر, وبين الجزاء على ذلك الإختيار (إن خيراً فخير, وإن شراً فشر) وما ربك بظلام للعبيد.
6) خرج من الدنيا كما دخلها,, لم يخلف وراءه قصوراً ولا دسوراً ولا أصول, ولا عبيد ولا جواري ولا حواري ولا مصاري.

سادساً: تناولت الدراسة بعض القرائن الدالة على أن القرآن ليس من عند محمد, وإلَّا لظهر ذلك جلياً, فهو عِلْمٌ من السماء إلى الأرض, ليس مكرراً, لا مسبوقاً ولا متبوعاً بغيره, ومن ثم تأكد تماماً بإنه:
1) لايوجد في الدنيا "عبر التاريخ البشري كله" السياسي, والفني, والأدبي, والعلمي,,, مَنْ جاء بنصٍّ شبيهٍ بالقرآن أو حتى قريب منه ولو بسورة واحدة فقط,
2) لم يكن القرآن من تأليفه كما يدعي المبطلوب الأفاكون, وقد أقمنا الدليل العلمي, والمنطقي والموضوعي على ذلك,
3) كشفنا بعض الملامح الدلة على أن القرآن يستحيل أن يكون من تأليفه, لخلوه من أي هوىً للنفس الذي لا يسمح للشخص بأن يزهد في الرفعة والتميز والشهرة إن وجد لذلك سبيلاً وقد كانت كل السبل متاحة لمحمد النبي الأمي, فلم يعرها بالاً ولا إهتماماً.

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

بعد أن فرغنا من المحور الأول المتمثل في تحليل شخصية النبي محمد من كل جوانبها, كمقدمة تمهيدية,,, آن لنا أن نتناول المحور الثاني من ردنا وذلك لإثبات نبوءة ورسالة هذا النبي الخاتم من القرآن الكريم "مباشرةً", إثباتاً لا يدع مجالاً للشك ولا للمماحكة, وسنثبت حقائق أخرى كثيرة ستخرص الألسن وتلجمها إلجاماً بحول الله تعالى وقوته وفضله فيما يلي:

ولنبدأ بمناقشة ما قاله لنا الأخ فهد في تعليقه التالي؟؟؟
حيث قال: ((... طلب عاجل: الاخ بشاراه احمد المحترم بعد التحية: لقد كتب اسلام بحيري مقالا بعنوان: - سلفيون ملاحدة - موقف السلفيين والملحدين/اللادينيين من نموذج جمال البنا وعدنان إبراهيم - تحت الرابط الآتي:
http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=444817

وكان احد المعلقين الكرام شخص اسمه عادل بحيري يريد من يُثْبَتَ له بان "محمداً رسولُ اللهِ" ...)) ثم , جاء بالنص التالي الذي قال عنه بأنه إقتباس من تعليق عادل بحيري الذي يريد إثبات نبوءة الرسول الكريم محمد بن عبد الله. فلننظر الآن إلى مضمون هذا النص, وما يحتويه:
قال عادل: ((...هل تُصَدِّقُ مُحَمَّداً ...))؟ ولكنه لم ينتظر الإجابة على هذا السؤال المنطقي, بل بل تعجل الأمور ونفث ما في صدره من وجد أو كوامن خاطئة مبنية على معلومات مضلله من شياطين الإنس والجن, فقال فيه ما لا يملك عليه دليلاً ولا برهاناً سوى تراهات وإفتراءات وأباطيل الساقطين في وحل الرزيلة والفسوق ويسيئون ليل نهار إلى العقيدة التي يحاولون التمحك فيها وهم مخترقون ومعروف عنهم ما لا يعرفونه هم عن أنفسهم.

على أية حال سنناقش تفاصيل إفترائه وتكذيبه للنبي محمد وليس له حجة أو برهان على ذلك, بل ونعته بما ليس فيه وأسهب في ما يستحيل في حقه,, ولكن السؤال الأهم هو: عن أهل الذكر - "إن كانوا موجودين حقا" – هل قاموا بعمل ما يوجبه عليهم الشرع بتوصيل حقيقة الإسلام وحقيقة نبيه الكريم بفعالية كما ينبغي؟ أم أنهم أصيبوا "بالوهن", فقصروا فيه, وإنشغلوا بالقصص والروايات والمدح والذم عبر وسائل الإعلام ذات البريق والوميض, فشغلوا الناس بالعموميات والسطحيات, والتشويقات الروائية على نمط "أبو زيد الهلالي", و "شمسون الجبار", وعنترة بن شداد,,,الخ, وزهدوا في الأساسيات التي هي أصل وذروة سنام الإيمان بالله تعالى ومن ثم لم يختاروا طريق الدعوة بالكفاءة المطلوبة, وذلك لأحدى عِلَّتَيْنِ ظاهرتين:

1) فإما إستخفافاً بعقول المستمعين والمشاهدين لهم, ظناً منهم بأن الذي عجزوا هم عن فهمه "لجهلهم" يعتبر بعيد المنال عن غيرهم, وليس في إستطاعة من كان دونهم من العامة أن يبلغ مداركه أو حتى يخطر على باله أو يفكر فيه فضلاً عن مناقشتهم وتخطئتهم في شي منه مما يقولون أو يفعلون وإلَّا إعتبروه مارقاً زنديقاً مفارقاً للسنة والجماعة, إلَّا أنهم قد أخطأوا كثيراً في ذلك المعتقد.

فخبى بريقهم, وقلت مصداقيتهم, وإتسعت الفجوة بينهم وبين جمهورهم الذي يضع أمله فيهم بعد الله, وبالطبع ترك هذا السلوك المهزوز بصماته السمواء على,, والتشكك في أهل الذكر الحقيقيين الذين يعكس – دورهم المشهود, وإجتهاداتهم الفاعلة وتواضعهم الجم - مكنون نفوسهم البيضاء وقلوبهم العامرة وعطائهم المقدر.

2) أو لعله يكون جهلاً منهم متأصلاً بمقتضيات الدور الذي كان عليهم القيام به, خاصةً في عصر المعلوماتية وتوفر وتعدد المصادر وتنافسها الدعائي والتجاري في بعض الأحيان, التي جعلت "علمهم" المجتر المردد والمتبادل بينهم غير موضوعي وغير كافٍ لتقريب حواف الفجوة وتقريب قاع الهوة التي تتسع بمتوالية هندسية.

ومن ثم كان إخفاقهم في دخولهم معترَكَ عِلمٍ هم ليسوا من أهله فعز عليهم الرجوع للخلف لإختيار مسار آخر, لعله يكون أكثر تناسباً لقدراتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم التي تفوق بكثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "جهاداً في سبيل الله" وإصلاحاً لذات البين وإحقاقاً للحق وتصدياً للباطل وكشف خطره على الناس,,, وذلك إبتغاء الدار الآخرة وليس الشهادات العليا والألقاب السامية والمواقع المرموقة (خدمةً, بل وعبادةً للسلطان) مهما كان الثمن, وكيفما كانت آلية الأداء وأدواته ,,,.

هل قام الذين يصنفون أنفسهم علماء "بحكم شهادات الدكتوراة والماجستير" التي حلت محل (المشيخة), وهم في الواقع لم يغادروا أو يراوحوا ربقة الجهل والخبل؟ إذ لا تجدهم إلَّا حيث ينبغي ألَّا يكونون, ويقولون ما لا يفعلون إلَّا من رحم ربي, وهم قلة قليلة, مغلوبة على أمرها, محاصرة من داخل الملة نفسها ومن المرتزقة وجنود إبليس وليهم من خارجها للتشكيك الممنهج فيهم, إذ يُوصفون بما هو ليس فيهم حتى يشلوا حركتهم ويصيبونهم بالوهن, وجهل الناس ساعدهم على ذلك كثيراً.

خاصة من أولئك المأجورين من علماء العصر الذين وضعوا أنفسهم وقدراتهم وولائهم تحت الطلب ورهن الإشارة, حتى لو كان ثمن المصلحة الشخصية وخشية السلطان وعبادته هي زهق الأرواح الشابة البريئة, "والفتيا بقتل المؤمنين في الأشهر الحرم وإبادتهم بوحشية لم يرصد التاريخ مثلها ولا حتى في محاكم التفتيش التي يضرب بها المثل". أليست العقيدة المعتدلة لدى هؤلاء الوصوليين (السلطانيين) الجلادين هي "الغاية تبرر الوسيلة؟؟؟".

إذاً,, إن هؤلاء القلة التي تمثل وميض الحق والحقيقة, لقلة عددهم وعدتهم وتضييق الخناق الممنهج عليهم,,, ليسوا بكافين لإخراج الناس من تلك الوهدة المظلمة التي أوقعوهم فيها بمذاهبهم وطوائفهم وجماعاتهم وشطحاتهم وأضرحتهم التي جعلت أدائهم ضعيفاً سمجاً متعنصراً لتبعية شيخ طريقة مبتدعة, أو لمذهب مستغنٍ مستقلٍّ بذاته دون سائر الأمة, ووقعهم وتأثيرهم "باهتاً", يعتريه الشك وخطبهم التي كثيرا ما تُبْعِدْ ولا تكاد تُجَمِّع أو تُقَرِّبُ, وتشكك ولا تكاد تيقن وتشرذم ولا تكاد تضمضم.

هل نعتب على عادل بحيري وغيره رغم تطاولهم اللا أخلاقي, لأنهم جهلوا مقام وفضل وصدق من تولى الله تعالى بنفسه ضمان صدقه وصدق رسالته التي ربطها مباشرة "بالشمس والقمر" وتحديداً "بالزمن والتاريخ"؟؟؟ ليس ذلك فحسب,,, بل وتحدى الإنس والجن على أن يثبتوا عكس ما أقره الله تعالى من إعجازٍ معجزٍ في تأكيد وتوثيق صدق النبي والرسول محمد الخاتم.

أم علينا أن نعتذر له ولأمثاله من الضالين والمبتدعين, ونطلب سماحهم لنا لأننا نحن المسلمون هم السبب المباشر في جهل الناس بحق عَلَم ِالأعْلَامِ, وعدم معرفتهم بذلك الذي جاء صِدْقُهُ في القرآن الكريم أوثق من سراج الشمس, ونور القمر, وعلو النجوم العوالي. ولكن كثير من هؤلاء الدعاة المدَّعين وخاصة "المجادلين" منهم "جدلاً أو جدالاً" بغيضاً وليس "مجادلة" ومحاورة, قد عجزوا تماماً عن إيصال مقام نبيهم إلى الناس الذين باتوا يُحَمِّلوْنَه وزر تخلف وإنهزام وتضعضع هؤلاء الذين إرتضوا حطام الدنيا بديلاً عن الآخرة.

وقد يوجد لبعضهم العذر في أن علمهم في أصله قد بني على أنقاض إجتهادات العلماء والفقهاء الآخرين التي يجترونها من بيئآت خلت,, قد تتماشى تلك الإجتهادات مع واقعها, وفقاً لمتطلبات الحياة آنذاك ففتوى العلماء تكون مُضَلِّلة إذا جاءت "تنبوءاً ببيئتنا الحاضرة الآن" التي بالطبع تختلف تماماً عن تلك البيئات, لأنها ستكون بلا شك غير قابلة للتطبيق كالموازنة التخطيطية التي لا يتوقع لها واضعوها أن تتطابق مع الميزانية الحقيقية الفعلية.

ومن ثم فإن المخططين المهنيين دائماً يضعون في إعتبارهم حتمية التباين بينهما, وهذا التباين لا يؤثر في موضوعية ودقة تكوين كل منهما لإلتزامهم المعايير نفسها في المتبايننين معاً. قال تعالى في سورة البقرة (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ 141).

فيكون إجتهاد الفقهاء "في التطبيق" مناسباً لعصرهم وزمانهم وبيئتهم التي تتسم بالبساطة والبداوة قياساً بالبيئة الحالية التي يحتاج علمها وفقهها وتقييمها لِأنْ يُنْظَرَ إليه مرة أخرى في إطار وحدود وهدي تدبر القرآن الكريم الذي يتضمن كل المعايير اللزمة والضابطة للتخطيط والتطبيق والتباين, وإن تمسك الناس به لن يضلوا أبدا, على أن يكون الفقه دراسة حقيقية وفعلية للواقع المعاش, وبالطبع هذا لا ينفي أو يلغي إستقراء المستقبل القريب والبعيد والإستعداد له.

فالمنطق والعقل والدين يقولون بضرورة تحليل الماضي (إتجاهياً), ودراسة الحاضر (رأسياً), ثم التخطيط المفصل للمستقبل القريب, والتخطيط الإستراتيجي متوسط وطويل المدى للإحتياط للتحديات والنوازل درءاً للمفاجآت والمباغتات المهلكة, كل ذلك دون الخروج من الإطار الشرعي الجامع.

على أن تترك معالجته وإعتماده للأجيال القادمة التي ستنظم حياتها التي ستعيشها هي على هديه وتحت مظلة شرع الله القويم الذي قد وضع المباديء العامة, وبين المخاطر والمحظورات, فمثلاً ذوا القرنين, - لحبس يأجوج ومأجوك - لم يجعل الردم من الطين أو الصخور, ولكن وفق خطة إستراتيجية بعيدة المدى ليست في مقدوره لشخصه أن يصيغها ويحكم حلقاتها, ولكنها تمت بهدي الله ووحيه إليه فكانت المادة اللازمة للمشروع المكلف به هي زبر الحديد.

ويوسف ابن يعقوب عليه السلام, وضع خطة إستراتيجية إقتصادية طويلة المدى, قوامها خمسة عشر عاماً, لم يكن هو مصدرها ولكنها موحاة إليه من عَلَّامِ الغيوب, فوضع آلية حفظ مخزون القمح بعدم إخراجه من سنبله لأنه إن لم يفعل بما أوحاه له ربه ما بقي المحصول كل هذه المدة الطويلة مصاناً من التلف والعتة. فكانت الخطة كما يلي:

1. سبع سنوات يزرعون فيها محاصيل وفيرة, (سبع سنبلات خضر),
2. ثم يحفظون المحصول في سنبله سبع سنوات حتى لا يتلف لطول الفترة (وأُخَرَ يابسات),
3. ثم يأتِ العام الخامس عشر (عام يغاث فيه الناس وفيه يعصرون), حيث ترفع الكارثة عنهم إن إلتزموا بهذه الخطة فيأتي الفرج ويستأنفون الزراعة والحصاد كالمعتاد.

فهل لو نفذ الناس هذه الإستراتيجيات الإقتصادية الموحاة من رب العالمين, والمجربة والناجحة بكل المقاييس أيبقى جوعاً ومجاعات طاحنة كتلك التي تعصف بالناس عصفاً ويعاني منها العالم كله اليوم؟؟؟

ولكن للأسف, كثير من هؤلاء الدعاة المدعين ركنوا إلى التفقه والتدبر وإمتهنوا إجترار إجتهادات (معلبة) خلفها غيرهم, ولم يعيدوا النظر فيها في ضوء البيئة المعاشة, كما تركوا الجهاد الحقيقي "أمراً بالمعروف" دون إلزام وتسلط, و "نهياً عن المنكر" دون سيطرة وإستعلاء, و إصلاح ذات البين دون هَوَى أو كبر وإستعلاء مُنَفِّر, ورفع الظلم عن المظلومين, ذلك هو الجهاد الحقيقي الذي فرضه الله تعالى رحمةً بالعالمين وقوفاً في وجه الظلم والظالمين أين ما ثقفوا.

فحوله بعض هؤلاء الدعاة السذج الجهلاء او (الماجورين) إلى "قهرٍ بالسيف" إدعاءاً جاهلاً, متجاهلاً لشرع الله في كتابه الكريم, فوجد السفهاء غايتهم فيه, وغطاءاً شرعياً لهم,, فنسبوا غيهم وبهتانهم وأهواءهم لكتاب الله وسنة نبيه الكريم الرحيم بلا دليل ولا برهان ولا كتاب منير. فألفوا لأنفسهم جماعات مارقة ضالة, وإختاروا السيف أو السيفين المتقاطعين شعاراً حل محل وداعة الهلال ورقته وضيائه, فكان مدخلا للمعترك السياسي وطموحاته وطموعاته ومقاعده ودهاليزه.

فصوروا الجهاد للناس "بجهلهم وغبائهم ونزعتهم الشيطانية" على أنه سيف وقتل وإستئصال, والله ربهم يتبرأ منهم ويطردهم من رحمته، ويقول في كتابه العزيز ويؤكد أن غاية الجهاد في سبيل الله, وجهاد النفس إنما هي حفظ الأرواح من الزهق, وحفظ الدماء من الإراقة وحفظ الكرامات من العبث والتعدي, فهو يقول في سورة المائدة: (مِنْ أَجْلِ ذَٰ-;-لِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ-;- بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ ←-;- مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ « فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا » وَ « مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا » - وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ←-;- ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰ-;-لِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ 32).

ولم يترك الأمر عند هذا الحد "معلقاً", بارداً, بل حسمه حسماً بوضعه آلية رادعة, فقال متوعداً متربصاً مهدداً: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا - « أَن يُقَتَّلُوا » أَوْ « يُصَلَّبُوا » أَوْ « تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ » أَوْ « يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ » ←-;- ذَٰ-;-لِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 33).

فالمجرم الظالم, المعتدي على غيره الذي يرى ويستحضر هذا الجزاء الوفاق,, قطعاً سيراجع نفسه ألف مرة قبل أن يتجرأ ويقدم على فعلته الشنيعة. لذا يقول الله تعالى في سورة البقرة موضحاً هذه الغاية وفضلها وعائدها على أمن وسلامة الناس: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 179)

فمن أراد ألَّا يقع في حق هذه الآية "قصاصاً" عادلاً محققاً للعدالة الناجزة, ونَزْعَ الحَقِّ منه "إن لم يتم أخذاً منه سلماً" ويعاد كاملاً للمجنى عليهم, لإعتدائه على غيره وترويعه والتجني عليه,, يجب أن يفكر ألف مرة, وأن يلتزم بمقتضيات الآية التي قَبْلَهَا فيعلم مسبقاً أنَّ: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ - « فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا » وَ مَنْ أَحْيَاهَا « فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا »), وأنه سيحاسب في الدارين والبرزخ بينهما.

وبالتالي فلا بُدَّ أن الذي يتطاول على رسول الله "حقداً" إنما لأنه جاء بهذه الآيات "الحاسمة" القاهرة للظالمين والعتاة والمعتدين, لذا من البديهي والمنطقي أن يرفض, بل ويتصدى لهذا العدل بين الناس والأمن المحقق والمضمون لهم, والذي إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم لصيانته وتحقيقه على الأرض,,, إنما هو الشخص الذي يدلل على نفسه بكل صراحةً بأنه يريد أن "يقتل النفس" ويهلك الحرث والنسل, بل ويتكبر ويتجبر بغير رادع ولضمان ألَّا يُوجد على الأرض من يحاسبه ويأخذ على يده ويردعه, هذا بالإضافة إلى أنه لا يريد أن يساهم في "إحياء أي نفس" لا بالمال ولا بالمساعدة ولا بكفايتهم شرِّه وشراره, وبالتالي يكره الجهاد ومن نادى به وفرضه, لأنه سيتصدى له ويحاسبه ويحسم أمره.

على أية حال,, لقد إستوقفني تعليق عادل بحيري, في عدة نقاط متناقضة, أهمها ما يلي:
أولاً: لقد أجحف كثيراً في حق نفسه بأن بهت النبي بما ليس فيه, وذلك بقوله عنه:
1. إنه بدوى,
2. جاهل,
3. كذاب,
4. خدع العرب,
5. ومات بعد أن أصاب بعض المتع الرخيصة التى يتجرع العالم الويلات بسببها حتى اليوم,
6. حتى الأيتام لم تسلم من تلك الويلات ...) بلا, بلا, بلا ,,,

ويحك عادل!!! هذا والله بلا شك خطٌّ متحاملٌ ومناهضٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى درجات الرفض له ولدينه ولربه, فحالة كهذه مشحونة بالوجد وعدم التورع في التعدي على من لا يعرف حقيقته, لأنه يتبع هوى النفس, أو القيل والقال والبهتان, ولا بد أن تكون لها خلفية مقنعة, ومبرر مؤكد بالدليل والبرهان, لأنه بغير هذا وذاك يكون تحاملاً وكراهية محضة, لا تبقى لصاحبها مصداقية ولا عدالة شرعية ولا إجتماعية ولا إنسانية ولا خلق, ولن يستطيع أن يصد وصفه بأنه عدواني إن لم يكن إرهابي في عنفه غير المبرر والذي عجز أن يؤكده أو على الأقل ينفي تأكيده.

أما قوله بأن النبي بدوي,, فهذا دليل على الجهل التام بمكانة وقدر ونسب هذا النبي العربي القرشي، المنتمي إلى أفضل بقاع الأرض وأحبها إلى الله تعالى قطعاً, وإلى كل أنبيائه ورسله والصالحين من الناس عبر القرون منذ خلق الله آدم عليه السلام. وهو كريم الحسب والنسب, من بني هاشم سادة قومهم وصاحب أبلغ لسان عربي مبين,, قال تعالى في سورة الأنعام: (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ « أُمَّ الْقُرَى » وَمَنْ حَوْلَهَا 92).

فالبادية ليست عيباً وإلَّا لما إتصف بها أنبياء الله ورسله والصالحين من عباده. كما أن العربيُّ ليس إعرابيَّاً كما يظن الجهلاء والجاهلون. واللغة العربية أبلغ لغات الأرض بياناً وإبياناً وتصويراً وتجسيداً وتوظيفاً كاملاً مكتملاً لمخارج الصوت.
ويكفيه فخراً ورفعةً ومقاماً أنه حفيد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم الخليل, (الإصطفاء الوسط "آل إبراهيم") وآخر الذرية في هذه الإصطفاءات الأربع "آدم, ونوح, وآل إبراهيم, وآل عمران", فكان خاتم الأنبياء والمرسلين, وسيدهم وإمامهم دون منازع,, صلى الله عليه وسلم.

بل وأعلم الناس, وأكثرهم مروءة وفضلاً وكرماً يضاهي البحر والريح المرسلة عطاءاً وفيضاً, بل وأعلم الأنبياء والمرسلين بحقيقة المسيح عيسى بن مريم, وبالإصطفاء الخامس الملحق للسيدة الصديقة العذراء البتول مريم إبنة عمران, بن باشم, بن آمون ....... بن سليمان, بن داود, على نساء العالمين. عليهم جميعاً السلام.

أما قوله عنه بأنه "جاهل", فهو يدلل على أنه لا يستطيع التفريق ما بين الجهل والأمِّيَّة,, أما كونه "أمِّيٌّ",, فهذا يؤكد فضله على كل من سواه من مخلوقات بصفة عامة ومن الجن والإنس بصفة خاصة, لأن علمه لم يتوفر أو يؤتى لأحد قبله, وبالتالي من ذا الذي يستطيع تلقين محمد الخاتم "علماً" لم يبلغه عنه من قبل؟ وكيف ينبغي لأحد أن يُعَلِّمَ من لا يستمد علمه إلَّا مباشرة من "عَلَّامِ الغُيُوبِ" ربِّ السماوات والأرض رب العرش العظيم؟؟؟

ومن ثم,,, فإن نعته بالجهل, إنما هو إدعاء مضحك حقيقةً ويدعوا للسخرية والتعجب من قائله الذي لا يملك ولن يملك دليلاً على ما يدعيه,,, ألم ينظر فقط إلى آية واحد من كتاب الله الذي أوحاه إليه ليستحي ويتحرج من وصف من أُوْحِىَ إليه هذا الكتاب الجامع لخبر الدنيا والسماوات قبل خلقها, وكيفية خلقها, والغاية من خَلْقَ الخَلْقَ كُلَّهُ, وسبب كل هذا الخلق, وعناصر البقاء والفناء, وما بعد الفناء والموت في حياة ثانية وسط في "البرزخ", ثم خبر الآخرة وتفاصيلها وبها حياة أخرى لا موت بعدها ولا فوت لأنها هي الحيوان لو كانوا يعلمون.

كيف يكون صاحب هذا القرآن الكريم جاهلاً, وأعلم علماء الأرض حتى الآن يقفون محتارين خاشعين أمام آياته البينات المبينات التي لا تنقضي عجائبها ولا تَخْلَقُ من كثرة الرَّدِّ. أهذا العبقري, والقائد الفذ جاهلاً؟؟؟؟ وا عجباً ...... وأيّ عجب نسمع ونرى.

ثم قال عنه إنه "كذَّابٌ", أيعقل القول على من جاء رحمةً للعالمين "كذَّاباً"؟؟؟ وهل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, ويقيم الوزن بالقسط ولا يخسر الميزان "كذاباً"؟؟؟ ولكن,,, فلنسايره قليلاً, ونطالبه بإعطاءنا نموذجاً واحداً كذَّبَ فيه هذا النبي الكريم (ولو نموذجاً مفبركاً مفترىً) من إفتراءات زكريا بطرس الدجال وصبيه المحتال, إن كان من الصادقين, وإلَّا, فهو التحامل غير المبرر على من يستحق من العدو قبل الصديق كل إكرام وتبجيل للخيرات والمكاسب, والرحمات, التي تركها وراءه بعد أن إنعدمت هذه القيم وغيرها تماماً قبل بعثه نبياً ورسولاً خاتماً (رحمةً للعالمين).

على أية حال,, الذي يكذب، لا بد من أن يكون له هدف من ذلك الكذب وغاية جوهرية تجعله يفعل ذلك الخبل المذهب للرجولة والنخوة وماحقاً للإنسانية الحقة, وبيرقاً للخسة والحقارة والخور, فإذا كان ذلك كذلك,, فما هي غاية النبي محمد من الكذب؟؟؟ وما هو العائد الذي يرجوه منه؟؟؟ إذاً,,, – من يزعم ذلك – عليه أن يقدم لنا نموذجاً واحداً (حتى لو كان مفبركا ومفترىً), إن كان من الصادقين, وإلَّا ,,,,,,, فالزمار لا يغطي ذقنه.

فإن لم يستطع, ولن يستطع, فهو التحامل المخزٍ المهين لصاحبه لا غير, فالذي يُكَذِّبُهُ إنما يريد الهروب من الحق لأنه أو "لعله" كرث حياته ومصالحه على الباطل,,, أما المُكَذِّب للنبي صلى الله عليه وسلم فليبحث له بين آيات القرآن الكريم ما يؤيد إدعائه, وذلك للوصول منطقياً للآتي:

1) لا بد له من أن يجد ولو آية واحدة تدعوا إلى ظلمٍ أو إعتداءٍ على أحد أو إحتقارِهِ أو إرهَابِهِ "بدون أن يكون قد عرَّضَ نفسه أو غيره للخطر" فيكون الإرهاب لتخويفه من إلحاق الأذى بنفسه أولاً أو بغيره بعد ذلك, وذروة سنام غايته هي صده عن الشر ما وُجِدَ لذلك سبيلاً.

2) عليه أن يبحث في أقوال النبي وأفعاله كلها, ليجد دليلاً وتأييداً مادياً مبيناً يدل على أن هذا النبي الكريم يأمر بشيء في القرآن أو ينهى عنه ثم يفعل عكسه تماماً,

3) عليه أن يبحث عن الفائدة المادية أو المعنوية التي تتحقق للنبي صلى الله عليه وسلم كعائد من الكذب على الناس بأن يأمرهم بشيء عبر القرآن الكريم ثم يفعل معهم أو بهم ضده ليحقق تلك الغاية التي يسعى إلى تحقيقها, شأن الكذابين دائماً,

فإن لم يجد من ذلك شيئاً (ولن يجده مطلقاً), فعليه حينئذ أن يبحث عن مصدر هذا الإدعاء ومناقشة, بل ومواجهة صاحبه فيه,, فإن لم يكن ذلك المصدر من البشر فإعلم بأن مصدره هو عدو الإنسانية اللدود "إبليس اللعين". ومن ظاهر عداوته أن وضعه في موقف لا يحسد عليه.

وقوله بأن التبي قد خدع العرب,, نقول له الآن,, وقد تجرأت بهذا التصريح الجائر على من ليس لك به علم, ولا تعرف عنه شيئاً, أليس من حق القراء عليك أن يضعوا مصداقيتك وأمانتك على المحك, لتكون رهناً بإتيانك بما يؤيد هذا التصريح أو الإدعاء,,, فما هو ذلك الخداع الذي خدعهم به "إبتداءاً"؟؟؟ ولماذا يخدعهم أصلاً؟؟؟،, وما هو العائد عليه من خداعهم؟؟؟ ,, وما هي مبرراتك لتصديق هذه الفرية؟؟؟,,, فلنا أن نتسآئل هنا - مثلاً:
أي خير كانت عليه العرب قبل بعثته الشريفة, فتحول ذلك الخير إلى شر بعد خداعه لهم؟؟؟

1) هل لأنه أمرهم بترك عبادة أوثاناً وأصناماً من حجارة ينحتونها بأيديهم لا تضرهم ولا تنفعهم, ولا تسمع ولا ترى ولا تتحرك من حيث وضعت,, وأمرهم بتوجيه هذه العبادة لله الذي خلقهم وخلق كل شيء وهو على كل شيء قدير, ثم الإحسان إلى القريب والبعيد؟؟؟ .... فقال الله تعالى له في في سورة الإسراء: (وَقَضَىٰ-;- رَبُّكَ « أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » وَ « بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا » ←-;- إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا - « فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ » وَ « لَا تَنْهَرْهُمَا » وَ « قُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا » 23).

وفي سورة الزمر قال: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ - وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ - « مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ-;- » ←-;- إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ « إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ » 3),

2) هل لأنه نهاهم عن الكذب والخداع والغدر وفعل المنكر في مجالسهم ومعاقرة الخمر؟؟؟ قال تعالى في سورة المائدة: (كَانُوا - «« لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ »» ←-;- لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 79),

3) هل لأنه نهاهم عن وئد بناتهم بدفنهن أحياءاً خوفاً من عار هم في الأصل متعاطوه ومروجوه وناشروه؟ .... قال تعالى في سورة التكوير: (وَإِذَا « الْمَوْءُودَةُ » سُئِلَتْ 7), (بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ 8), وقتلهم أولادهم خشية الإملاق من قلة ما بأيديهم وعدم توكلهم على خالقهم, ففي سورة الأنعام نهاهم عن قتل أولادهم إن كانوا فعلاً يعيشون الفقر والعوز, فكان النهي مدعوماً بالطمأنة بتولي أمرهم جميعاً, قال: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ « مِنْ إِمْلاقٍ » ←-;- نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ 151)،

وفي سورة الإسراء, نهاهم من قتل أولادهم تحوطاً من إحتمال وقوعهم في الإملاق والعوز مستقبلاً رغم أن حالتهم مستقرة, لذا قال لهم: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ « خَشْيَةَ إِمْلاقٍ » ←-;- نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ «« إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً 31 »»),

4) أم لأنه نهاهم عن الإستقسام بالأنصاب والأزلام ليأكلوا أموال الناس بالإثم فيأخذ صاحب الزلم الكبير حظاً مضاعفاً عن صاحب الزلم الأصغر مثله أو يحرم صاحب الزلم الفارغ,,, فنهى عن ذلك وإستبدله بالعدل والإنصاف والفسط؟؟؟

5) أم لأنه نهاهم عن أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما شابه ذلك من القاذورات والأرجاس والفسوق التي تضرهم ولا تنفعهم, وأمرهم بأكل الأنعام والطيبات من الرزق؟؟؟,, .... قال تعالى في سورة المائدة:
1. (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ...): كل الخبائث والأرجاس والقاذورات,, وهي:
2. (...الْمَيْتَةُ ...), التي فارقت الحياة دون تذكية يسيل بها دمها,
3. (... وَالدَّمُ ...), نفسه مطلقاً,
4. (... وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ ...), لخبثه, ورجسه, وضرره بالإنسان,
5. (... وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ...), أيضا كل ما ذبح على الأضرحة والزار....
6. (... وَالْمُنْخَنِقَةُ ...), التي ماتت بحبس النفس عنها بأي وسيلة كانت,

7. (... وَالْمَوْقُوذَةُ ...), التي تفارق الحياة بأي طريقة أو نسيلة دون قطع الأوداج مسبوق بحياةٍ سليمة كافية لسيلان الدم عند القطع,
8. (... وَالْمُتَرَدِّيَةُ ...), التي سقطت من مرتفعٍ إن فارقت الحياة قبل تذكيتها,
9. (... وَالنَّطِيحَةُ ...), وهي في حكم الموقوذة إذا ما فارقت الحياة قبل التذكية,
10. (... وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ...),

11. (... وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ...), حتى إن كان الذبح صحيحاً بقطع الأوداج بطريقة شرعية, لأن ذلك لن يجعله "تذكيةً", لأنه فسق وليس بإسم الله,
12. (... وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ...),
(... ذَٰ-;-لِكُمْ فِسْقٌ - الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ - « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » وَ « أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » وَ « رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا » ←-;- فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ « غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ » فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 3),

6) هل لأنه نهاهم عن قتل النفس مطلقاً "بغير نفس" وعلى يد القضاة والحكام, وقد كان مباحاً ومستباعاً لديهم قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا 33),

7) أم لأنه ساوى بين الناس كأسنان المشك لا فرق لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلَّا بالتقوى؟؟؟ .... تطبيقاً لقوله تعالى مفصلاً ذلك في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ...),
1. الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ...), آدم عليه السلام, وهو من ترابٍ,
2. (... وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ...), فهي مخلوقة من ذلك المخلوق الترابي,
3. (... وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ...), من سلالة من حين, ومن سلالة من حمأ مسنون, (نطفة أمشاجٍ) بقدر متساوٍ من ماء الذكر وماء الأنثى,
(... وَ « اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ » وَ « الْأَرْحَامَ » ←-;- إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1)،

8) أم لأنه نهاهم عن أكل مال اليتيم وأكل ميراث النساء والصغار؟؟؟ ... تنفيذاً لقول الله تعالى له في ذلك: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَ «« لَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ »» وَ «« لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ-;- أَمْوَالِكُمْ »» ←-;- إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا)،

9) أم لأنه نهاهم عن الظِّهار من نسائهم, وجَعْلَهُنَّ مُعَلَّقَاتٍ, فيُعْضِلُونَهُنَّ ظلماً وتجنياً وعدواناً, ولا يعاملونهن كزوجات, ولا يتركونهن يتزوجن غيرهم من الرجال؟؟؟ ..... فأنزل الله سورةً كاملةً في المرأة التي كانت تجادل النبي في زوجها الذي ظاهر منها "محاورةً", وتشتكي مظلمتها إلى الله تعالى الذي إستجاب لها بتشريع خاص فيها, فطوق به الرجال الذين يظاهرون من نسائهم "تطويقاً".

وفرض عليهم كفارةً وأتبعهم إثماً, فقال في سورة المجادلة: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ « الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ » - وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا « إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ » 1), ثم أنزل حكمه الصارم مباشرةً, فقال لنبيه الكريم: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم « مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ » - إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ - « وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا » ←-;- وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ 2), فجرم هذا الظهار, وإعتبره منكراً من القول وزوراً, يستحق صاحبه العقوبة من الله يوم الحساب, ولكنه لم يغلق دونهم باب التوبة, فوعد بالعفو والمغفرة لمن تاب وأناب.

ثم وضع حيثيات الحكم وفصلها تفصيلاً, قال: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا « فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » ←-;- ذَٰ-;-لِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ « اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ » 3).
ثم شرع البدائل للحكم الأول إن تعذر على المظاهر تنفيذه, قال: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ « فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا » - « فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا » ←-;- ذَٰ-;-لِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَ «« تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ »» ←-;- وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ 4).

ثم بين صنوف العقاب والمحاسبة التي تنتظر من يتهاون في الإلتزام بحدود الله وتنفيذها كما أمر, قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ «« كُبِتُوا »» ←-;- كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ - « وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ » - وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ 5), وبين أن الجزاء سيكون يوم الحساب, قال: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا «« فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا »» ←-;- أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَ « اللَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ » 6).

هذا هو قدر المرأة عند الله, وعند رسوله, وهذه هي حرمة حقوقها عند الله تعالى. ولا يوجد في دساتير العالم كله بنوداً تنظر إلى مثل هذا الحق المعنوي الذي يفوق الحق المادي الذي صانه الله تعالى لها, إذا فهي عند الله تعالى قوية لأنه هو بذاته المدافع عنها وعن حقوقها.


10) أم لانه رفع الظلم والضيم عن النساء وإنتزع من الرجال حقوقهُنَّ إنتزاعاً وأعطاهن حقوقهن كاملة, وجعل الرجال قوامون على النساء "يقومون بخدمتهن وتوفير إحتياجاتهِنَّ والإنفاق عليهن دون التعدي على مالهن إلَّا إن طبن لهم منه نفساً؟؟؟

11) أم لأنه منعهم عن الزنا بصفة عامة,, وزنا المحارم بصفة خاصة, تلك الدنيئة التي أصبحت الثمة الظاهرة للحضارة الغربية والأوربية في جاهلية العصر التي يسميها الأغبياء السفهاء المثليين حضارة وتقدماً ورقي,, بل ويتباهون بها فيما بينهم وعلى الملأ. قال تعالى في سورة الإسراء محذراً من مجرد الإقتراب منه بالتحرش أو التلميح, قال: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا «« إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا »» 32),

12) أم لأنه منعهم من التبعيض, تلك العادة والخصلة القبيحة, بإعتبارها أقذر أنواع الزنا, لإشتراك الزوج فيه فيعمل قواداً لزوجته وذلك بدفعها لغيره "دفعاً" بعد أن يتأكد من أنها قد طهرت من طمثها, لتبقى عند ذلك الآخر الذي بدوره يعاشرها حتى يتأكد حملها منه ويتحرك جنين السفاح في أحشائها قبل أن تعود إلى زوجها (مالكها) الديوث مرة أخرى لينسب غرس غيره لنفسه دون حياء أو كرامة أو نخوة أو غيرة على أهله ,,,, الخ,

13) أم لعله سمع قول السفيه الدجال زكريا بطرس والصبي الغبي مجهول النسب والهوية الذي يمارضه فيتقيأ في حجره الجُنُب النجس, فَصَدَّق هذا الضحل المارق الذي لا يعرف كيف يستنجى, ومع ذلك يخوض في كبار الكبار والعظماء الأجلاء السامقين؟؟؟

قال تعالى في أمثال هؤلاء في سورة القلم: (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ 8)، (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ 9)، (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ 10)، (هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ 11)، (مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ 12)، (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰ-;-لِكَ زَنِيمٍ 13)، (أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ 14), (إِذَا تُتْلَىٰ-;- عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ 15), (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ), وقد رأينا كل هذه الصفات في عصرنا هذا, فالتاريخ يعيد نفسه, وقد رأينا حقاً كيف يكون المرء زنيماً.

14) أم لأنه قال لهم – عندما حاولوا يساومونه بعبادة آلهتهم عاماً وعبادتهم لإلهه عاماً, فجاءهم الرد من الله تعالى قاطعاً, قال فيه: (.... لكم دينكم ولي دينِ)؟؟؟

15) أم لأنه عرض على أهل الكتاب قول ربهم, له: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ - تَعَالَوْا إِلَىٰ-;- كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ - « أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا » وَ « لَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ » ←-;- فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ),, فضاق صدرهم به لأنه سيعيدهم إلى المربع الأول وهو توحيد الله, فتضيع مصالحهم الشخصية التي شروها بآيات الله وتوحيده فخانوا أنبياءهم. فاختارو البقاء على الشرك ونسبوا له الصاحبة والولت فتشابهت قلوبهم مع المشركين الذين نسبوا له البنت وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ولقد علمت الجن إنهم محضرون؟؟؟

أما قول عادل بأن النبي الكريم محمد قد مات بعد أن أصاب بعض المتع الرخيصة التى يتجرع العالم الويلات بسببها حتى اليوم,, هذا كلام أغرب من الخيال نفسه,,, لا أدري كيف يترك الإنسان السوي لنفسه العناس حتى تُدخِله في أنفاق وسراديب مظلمة كسراديب وجدان ندى قسيس المارقة وآلهتها الإفك التي تقطن وجدانها الخاوي, فتكون خصماً على شخصيته ومصداقيته وأمانته مثلها وأمثالها ومثيلاتها.

فما هي تلك المتع الرخيصة أو الغالية التي أصابها النبي محمد؟؟؟ وما هي تلك الويلات التي أفرزتها تلك المتع الرخيصة المزعومة والتي يتجرع العالم ويلاتها اليوم؟؟؟ .... يا عادل, كن عادلاً ووطن نفسك جيداً, فلا تردد قول الذين قال الله تعالى فيهم "نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون",,, فالنبي محمد (رمز الصفاء والنقاء والعفة) لم تكن له علاقة بالنساء خارج نطاق الزوجية المحدود والمحصور بالنسبة له, فهل رجل بهذه المحدودية المفروضة عليها من ربه بنص القرآن, ومحورة ومقيدة دون غيره من البشر,, فمثلاً:

1) رجل في زهرة شبابه وهو في الخامسة والعشرين من عمره تكون أول إمرأة في حياته تزوجها أرملة كانت في الأربعين من عمرها, وقد تزوجت من رجلين قبله ولها منهما أولاد فعاش معها حتى ماتت عنه وهي في السادسة والستين, ومع ذلك لم يتزوج عليها أو يعاشر معها أي إمرأة أخرى غيرها وقد بلغ الخمسين من عمره الشريف فأنجب منها كل أبنائه ما عدا إبراهيم بن ماريا القبطية, ولم يُعْرَفْ عنه أنه يصافح يد إمرأة أجنبية عنه قط,,

2) رجل بقي عامين بدون زواج حزناً ووفاءاً لزوجته الأولى رغم أن لديه إبنته فاطمة تحتاج لرعاية إمرأة "تحديداً" بعد أن ماتت أمها, فتزوج من ثاني إمرأة في حياته بعد السيدة خديجة وهي السيدة سودة بنت زمعة أرملة أيضاً, في السادسة والستين ( نفس عمر السيدة خديجة عند وفاتها), ولها ستة أبناء عندما مات عنها زوجها في الحبشة. علماً بأن أبوها شيخ كبير, وأهلها كانوا كلهم على الشرك, وقد عُرِفَت سودة بالصلاح والتقوى, فكانت عودتها إلى أهلها - بعد وفاة الزوج – يعني حتمية فتنتها وإجبارها على الردة والعودة إلى دينهم الشركي الفاسد, وفي نفس الوقت كانت حاجة السيدة فاطمة الزهراء لرعاية خاصة لصغر سنها, كل هذه الظروف مجتمعة (وحكمة ومسئولية الرسول وفضله) جعلته يختار أم المؤمنين سودة بنت زمعة زوجةً له لرعايتها وقد فارقتها سمة الجمال والأنوثة, وقد قدمها على السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق عندما عرضت عليه أولاً وذلك لظروف سودة الحرجة, ولصغر سن عائشة آنذاك أيضاً,

3) لقد تزوج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وكان عمره 51 سنة وبني بها في بعد ثلاث سنوات وكان عمره 54 سنة. وبالمناسبة أن السيدة عائشة هي الوحيدة من بين زوجاته التي كانت "بكراً", أما باقي زوجاته الأخريات الآتي كن ثيبات وأغلبهن كبيرات في السن, ولم يكن الزواج بهن لغرض التمتع بإنوثتهن, وإنما هناك أسباب كثيرة يصعب أن يستوعبها شخص سوى من أدَّبَهُ ربُّهُ فأحسن تأديبه, ومن قال ربه فيه في سورة القلم: (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ 3), (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ-;- خُلُقٍ عَظِيمٍ 4). فلم يبق له معها سوى تسع سنوات توفى بعدها في حجرها وعمره ثلاث وستون سنة.
رجل بهذه المواصفات أيعقل أن يكون من ضمن أهدافه التمتع بالنساء؟؟؟

4) باقي المتع الأخرى عددناها كلها فيما سبق, فلم نجد لها أي أثر وسط أهدافه السامية,
5) لم يسعَ لتوريث بناته أو جعل الخلافة لهن,, فلو كانت الخلافة للمرأة ممكنة لكانت الأولى بها السيدة مريم العذراء البتول التي إصطفاها الله تعالى مرةً ثم طهرها, ثم إصطفاها ثانية على نساء العالمين,

والمتدبر للقرآن الكريم يعرف أن النبي محمد يستحيل أن يبقى له ولد ذكر يخلفه بعد موته,, لأن ذلك الولد سيكون إمتداداً لذرية آل إبراهيم, التي سيكون النبي محمد آخرها إن لم يكن له ذرية بعده , فإن بقي له ولد ذكر بالغ من صلبه, ولو ليوم واحد بعده أو حتى لو تزوج أي من أبناء النبي في حياته وكانت له أحفاد من أبنائه الذكور بعده فالمنطق يقول بإن إصطفاء آل إبراهيم لم تنته ذريتهم بموت النبي محمد لأن الذرية قد إمتدت بعده في أبنائه أو أحفاده (من أبنائه الذكور) ومن ثم فإن ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين لا بد وأن يكون آخر تلك الذرية.

فإبنه الأول هو "القاسم", الذي ولد له من السيدة خديجة قبل النبوة, ومات قبل أن يتم عامه الثاني, ثم أبنه الثاني هو "عبد الله", وقد توفي أيضاً صغيراً في طفولته في مكة, أما إبنه الثالث وهو "إبراهيم", من مارية القبطية قد توفي وهو ابن ثمانية عشر شهراً, أو ستة عشر شهرا وبضعة أيام, وعليه لم تمتد الذرية الأخيرة المصطفاة بعد محمد الخاتم للأنبياء والمرسلين والإصطفاءات الأربع.

ومن ثم فحكمة الله تعالى أن يموت أبناءه الذكور جميعاً دون سن البلوغ ولم تبق له من البنات سوى السيدة فاطمة الزهراء, لتكتمل سنة الله تعالى بأن الولاية يستحيل أن تكون اللأنثى. وجاء التأكيد في ثلاث محطات:

(‌أ) المحطة الأولى: كانت ملكة سبأ, التي جاء الهدهد بخبرها إلى نبي الله سليمان فقال له: (إِنِّي « وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ » ←-;- وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ 23), (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا « يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ » - وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ←-;- فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ 24), فكانت مخالفة ولاية المرأة مقدمة على مخالفة التوحيد, قال: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ 25). علماً بأن سر هذه القصة يكمن في الآية المحكمة (طس),

(‌ب) الثانية: السيدة مريم ابنة عمران العذراء البتول الصديقة، إذ أن إمرأة ذات إصطفاءين بينهما تطهير لم يكونا كافيين لأن تكون إمتداداً لإصدفاء آل عمران الذي إنتهى بموت أبيها عمران, ومن ثم أكرمها بنبي ورسول بدون أب إستجابةً لقول إمرأة عمران (الم).

(‌ج) الثالثة: السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله الخاتم, ذات المكانة العالية الرفيعة, والقدر السامق عند المسلمين بصفة عامة وعند أصحاب رسول الله العدول, وآخر من بقي من أبناء الرسول. كل ذلك لم يكن كافياً لأن تتولى أمر المسلمين وهي من حيث الكفاءة والقدرة والهيبة يمكن أن يقبل بها المسلمون إن كان ذلك مسموحاً عند الله تعالى, وحتى خلافة زوجها علي بن أبي طالب جاءت آخر الخلافات الراشدة.

على أية حال,, نقول لعادل - لسوء حظ المفترين على الله ورسوله الكذب – أن هذا النبي الرسول الخاتم الذي تتحدثون عنه إنما هو المخلوق الوحيد في الوجود, الذي مَرَّ على هذه الدنيا وقد وُثِّقَتْ كُلُّ حركاته وسكنانه وأقواله وأفعاله ونومه ويقظته وحياته الخاصة والعامة, معماملاته العامة والخاصة مع الصاحب والعدو والزوجة والولد والخادم,,,, وحتى خروجه للخلاء, ليس توثيقاً عاديَّاً,, بل هو توثيق مَوْثُوْقٌ مُوَثَّقٌ مُمَوْثَقُ, لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

فهو ليس شخصاً عادياً حتى يستطيع أحد أن يجد عليه مأخذٌ مهما تكبر وتجبر وإفترى وبحث ونقب, لأن الله تعالى سيكون له بالمرصاد,,, وسيرد عليه فوراً من القرآن الكريم مباشرة مهما كان القول أو الفعل وفي أي زمان ومكان. فإن كنت لا تصدق ما نقوله لك فما عليك إلَّا أن تجرب وستندهش حين ترى سيلاً عرماً من الآيات البينات التي ترفع صاحب المقام إلى مقامه المحمود.

فإن لم تفعل أنت ذلك فسنتولى نحن عنك كشف القليل من الأدلة المادية material evidences والجوهرية التي تضع النقاط على الحروف وتذهق أباطيل أبي جهل العصر وأسياده الساقطين بدءاً من كبيرهم ووليهم أبليس الذي صدق فيهم ظنه فوضعهم تحت قدميه النجستين الحافيتين. وجعل قلوبهم بين قرنيه البشعتين.

ونحن في الإنتظار ليرى العالم كله "إين مقام محمد في القرآن الكريم" وفي التورة وفي الإنجيل (الأصليين), قبل التحريف والتجريف والتصريف،،، وكيف أن هذا القرآن قد تعهد بحفظ صاحب المقام شامخاً في مقامه مؤيداً بكتاب ربه الكريم. فما جاء به محمد "يا هذا !!!" لا يترك وراءه ويلات أبداً, لأنه عالج كل مسببات ومثيرات الكوارث والنوازل التي إستشرت من كسب الناس سواءاً أكانت المادية منها و/أو المعنوية, وأغلق منافذها وجفف منابعها.

وقد قال ربه تعالى في سورة الروم: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ «« بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ »» ←-;- لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 41), ثم أراد أن يلفت نظر المكذبين إلى ما حدث لمن كان قبلهم من عاقبة السوء, قال: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ « فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ » ←-;- كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ 42).

فإن ظهرت ويلات من بعده فاعلم بأن الذين جاءوا بها لأنفسهم أو لغيرهم إنما هم "منافقون" مناهضون لمنهج إبراهيم وموسى وعيسى محمد صلى الله عليهم وسلم, حتى لو إدعوا "غير ذلك", فمتى ما أراد العَالَمُ القضاء على تلك الويلات التي طغت وطمَّت وإستشرى شرها وحرها وشرارها، فما عليه سوى الرجوع إلى كتاب الله "القرآن الكريم" دون سواه, وإلتزامه تماماً, عندها ستختفي كل الويلات التي تتحدث عنها, مهما عظمت وطغت "إلَّا أن يشاء الله رب العالمين", وقد تكون أنت أحد مروجيها ومزكي نارها وأنت لا تدري أنك كذلك ولا ينبغي لك وأنت بعيد عن وحي الله وقرآنه.

هذا ليس إدعاءاً كما يظن الغافلون,, وإنما مدخل لموضوعنها الذي سنتدبر عبره آيات القرآن الكريم لنرى معاً إن كان ما قلناه صدقاً أم إدعاءاً محضاً, فالذي نعرضه هنا عبارة عن بلورة للمقدمة التمهيدية لا أكثر.

ثم يقول عادل: ((... حتى الأيتام لم تسلم من تلك الويلات ...)):
ألا يعلم عادل أن النبي محمد قد عاش يتيماً وتجرع مرارة اليتم الكامل من الأبوين وقسوة فقدانهما والحنين إليهما, فهو قد جاء إلى هذه الدنيا ولم ير أبوه, ثم ما لبث أن فقد أمه وهو طفل في السادسة من عمره, ثم فقد جده وعمه بالتتابع ؟؟؟ ومن ثم,, وبغض النظر على أنه نبي ورسول:
1) أليس من المنطق أن يشعر هو "تحديداً", دون غيره بحوجة اليتيم إلى ما كان يحتاجه هو بنفسه إليه, ويحن إليه ويشتهيه ويعيش حرمانه, على الأقل بحكم التجربة الشخصية المريرة المتميزة التي خاضها بقسوتها ومرارتها؟؟؟

2) ألم ينزل الله عليه قرآناً وتشريعاً فيه قَسَمٌ مُغَلَّظٌ يحثُّهُ فيه على معاملة اليتيم معاملة كريمة خاصة دون سواه بقوله له في سورة الضحى: (أَلَمْ يَجِدْكَ « يَتِيمًا » فَآوَىٰ-;-؟ 6), (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ-;-؟ 7), (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ-;-؟ 8), (فَأَمَّا «« الْيَتِيمَ »» فَلَا تَقْهَرْ 9), (وَأَمَّا « السَّائِلَ » فَلَا تَنْهَرْ 10), (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 11)؟

3) قال الله تعالى في سورة الإنسان: (هَلْ أَتَىٰ-;- عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا 1)؟, (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ - « نَّبْتَلِيهِ » - فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا 2), (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ - « إِمَّا شَاكِرًا » وَ « إِمَّا كَفُورًا » 3), فإن إختار الكفر قال: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ «« سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا »» 3),

لاحظ هنا!!!: ألم يمتدح الله تعالى المؤمنين وذكر ما أعده لهم من جزاء وفير وبين سبب إستحقاقهم لهذا الجزاء, حيث وصفهم في سورة الإنسان بعد أن سماهم "الأبرار", بقوله عنهم ما يلي:
(إِنَّ الْأَبْرَارَ...), ما شأنهم؟؟؟ ..... قال,
1. (... يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا 5),,, فمن أين يُملأ هذا الكأس الذي كان مزاجه كافوراً؟؟؟ ..... قال مصدره,

2. (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا 6), ولكن,, لماذا كل هذا الإكرام والتكريم والعطاء السخي؟ ..... ماذا فعلوا ليستحقوا كل هذا الجزاء الوفير؟؟؟

3. قال إنهم: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ...), ولا يتجاهلونه أو يتباطئون في وفائه, مخافة ربهم ورجاءه السلامة يوم الحشر, قال: (... وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا 7), ليس ذلك فحسب, بل أيضاً قال عنهم,,,

4. (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ-;- حُبِّهِ مِسْكِينًا - « وَيَتِيمًا » - وَأَسِيرًا 8), فما السبب في هذا الإطعام, وما غايتهم منه؟؟؟ ..... علماً بأنهم قالوا للمسكين واليتيم والأسير, لا نريد منكم أجراً على هذا الإطعام, ولا نرجوا منكم شكراً عليه,

5. قالوا: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ - لِوَجْهِ اللَّهِ - « لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا » 9), وغايتنا من ذلك هي،،،

6. (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا 10).

إذاً هذه هي الغاية,,, فماذا أعطاهم الله مقابل هذا العمل الكريم مع المسكين واليتيم والأسير, والله بلا شك أكرم منهم؟؟؟، قال قي ذلك ...
1. (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰ-;-لِكَ الْيَوْمِ ...), ليس ذلك فحسب, بل....
2. (... وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا 11), حسناً,, ثم ماذا كان جزاء صبرهم؟؟؟ ... قال,
3. (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا « جَنَّةً وَحَرِيرًا » 12), ثم عدد بعض نماذج النعيم الذي أعده لهم في تلك الجنة , فقال:

4. (مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا 13),
5. (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا 14),
6. (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا 15),

7. (قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا 16),
8. (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا 17),
9. (عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ-;- سَلْسَبِيلًا 18),

ليس ذلك كل شيء,, بل قال معددا مزيد من النعم:
1. (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا 19),
2. (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا 20),
3. (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا 21).

فما تبرير كل هذا النعيم العميم؟؟؟ قال لهم بكل وضوح وصراحة: (إِنَّ هَٰ-;-ذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا 22). فما الذي عند اليتيم حتى يزهد النبي في كل هذا النعيم والعطاء من أجله فيغمطه فيه يا عادل؟؟؟؟

ثم خاطب نبيه قائلاً له: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا 23), (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا 24), (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا 25),( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا 26), (إِنَّ هَٰ-;-ؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا 27), (نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا 28)....

إلى أن قال تعالى له مؤكداً: (إِنَّ هَٰ-;-ذِهِ تَذْكِرَةٌ - « فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ-;- رَبِّهِ سَبِيلًا » 29), (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 30), (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا 31).

1. أيوجد أي نبي أو رسول قبل النبي الخاتم محمد جاء بتشريع لليتيم قرآناً "يتلى" آناء الليل وأطراف النهار, وفي كل الأوضاع,,, قياماً وقعوداً ورقوداً على جنوبهم,,, كالذي أوحاه الله لهذا النبي الكريم الخاتم "أمين المساكين والأيتام والأسرى" وراعيهم؟؟

2. هل هذا السورة فيها ما يدل على أن ما بها من آيات بينات من تأليف أو إفتراء محمد على الله تعالى؟؟؟

3. وهل فيها أي عائد يعود على النبي محمد سوى التأكيد على أنه "عبد لله ورسول منه للناس كافةً", إن كان هناك أي تلميح ولو يسير نرجوا التكرم بذكره لنا على الفور,

إذاً فالقرآن نفسه هو الذي يحمل في طياته صدقه وصدق مُبَلِّغُهُ وهو الصادق الأمين الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.


ثانياً: لقد أدهشني قَسَمُ الأخ عادل بحيري "التوحيدي في لفظه" بقوله: ((... وَوَالله الَّذِىْ لَاْ إلَهَ إلَّاْ هُوْ...)), فلا يوجد أحد الآن يقسم بهذا القسم سوى المؤمن الموحد بالله تعالى,, وهذا بالطبع يستحيل أن يصل إلى هذه الدرجة الإيمانية "إن صَدَقَ في قَسَمِهِ" إلَّا إذا كان مؤمناً حقاً وحقيقةً مسبقاً,,

ومن ناحية أخرى, نجد أن جواب الشرط في قسمه هذا الذي يقول فيه: ((... لئِنْ أُثْبِتَ لِىْ صِدْقَ تِلْكِ النًّبًوَّةِ لِأتَّبِعَنَّهُ ولَأُعْلِنَنَّ اِسْلَاْمِىْ فَوْرَاً ....)), وهذا الجواب يدل على أن صاحبه ليس مؤمناً ولا مسلماً إبتداءاً, وإنه لن يصبح كذلك إلَّا إذا تحقق الشرط أولاً,, وهذا هو التناقض الذي رصدناه في تعليق الأخ عادل. على أية حال,,, الله أعلم بالسرائر, فما علينا سوى مناقشة ما ورد في أهم بنود هذا التعليق والله ولي التوفيق وعليه السداد.

إذاً هذه النقطة لم نزد على مناقشة الموضوع "تمهيدياً, مناقشة خفيفة عامةً خلال المحورين الماضيين, وكنا فيها من الزاهدين, لأن الموضوع "لعظمه" يصعب حصره في فقرات قلائل,,, فهو يستوعب القرآن كله دون مبالغة, والقرآن يشع نوره كلما تدبرت آياته فلا يسعه البحر مداداً ولو جاء الله بمثله مدداً, ولكننا لا نريد أن نبتعد كثيراً عن الفكرة والغاية التي قررنا التركيز عليها, وليعلم الناس, كل الناس أن القرآن الكريم وحده هو الذي يقول, وبعده تجف الحروف في الشفاه والألسن, ومن ينطق بغيره أو معه لن يأتي إلَّا لغواً كذاباً وإفكاً وخراباً.

ولا يزال للموضوع بقية:

تحية خالصة طيبة للقراء والقارءات الكريمات

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (أ):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (6):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (5):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (4):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):
- تكملة ... عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (2):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ع (ألم، كهيعص2):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):
- حوار العقلاء2 (ردود):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - ومن لا يُصَدِّقُ مُحَمَّداً الصادق الأمين؟ (ب):