أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مريم نجمه - من الرائدات .. فاطمة اليوسف















المزيد.....

من الرائدات .. فاطمة اليوسف


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1308 - 2005 / 9 / 5 - 10:48
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يقول المثل الشعبي عندنا :
"" من ليس له قديم ليس له جديد " .
و " من ليس له ماض , ليس له حاضر ومستقبل " .

الحمدلله أننا نملك قديما نفتخر , ونزهو , ونسترشد به
هناك رائدات في كل مجال من مجالات الحياة .. وما علينا سوى " نبشها " .. وتسليط الضوء عليها , ودراستها, وتقديمها للقرّاء .. وللأجيال الجديدة.
خمائرنا كثيرة .. وزادنا أكثر ..

لقد درست التاريخ - الذي هو حكاية الشعوب - وأخذت على عاتقي منذ كنت طالبة في جامعة دمشق , أمام أستاذنا المحترم د . أحمد طربين , في إحدى المحاضرات التي كلّفنا بها لمن يرغب حول - فلسفة التاريخ لبليخانوف _ واجب علينا نحن المثقّفين أن نكتب التاريخ الشعبي المفقود المنسي والمغيّب , لأنه التاريخ الحقيقي لشعبنا أو لأي شعب اّخر , هو نتاج عملي للصراع الطبقي ونضالات الجماهير الشعبية , وليس فقط تاريخ الملوك والسلاطين والخلفاء والأمراء والمستبدّين الذين كتبوا التاريخ ويدرّس في المناهج الدراسية كما يريدونه أن يكون , لا كما هو كائن .
حينها قال لي قبل قراءتها : هل تجرئين أن تقولي ذلك أمام الطلاّب.. ؟ فأجبت بنعم - .. كان ذلك في منتصف الستّينات من القرن الماضي .

عدت إلى دفاتري القديمة .. , لأنقل عمّا كنّا نكتبه في غمرة نضالنا في دمشق في السبعينات من القرن العشرين , الفائت , حول هذا الموضوع القديم الجديد .. عن نضال إحدى رائدات النضال العربي الذي نشر في النشرة السرّية التي كنّا نصدرها بدمشق ( اليعربية ) بإسم منظمة النساء الثوريات - عام 1972 .
" . سأتناول في مقالتي اليوم , واحدة من رائدات مصر الشقيقة .. السيّدة المناضلة الصحافيّة " فاطمة اليوسف

من الرائدات

"" إن العمل السياسي لذيذ .. ونبيل .. والذين يقولون إن السياسة شئ مكروه مخطئون , فإذا كان هناك ساسة سيّئون فإن هذا لا يشين السياسة نفسها ولا يلوّثها , وماذاتكون السياسة أليست هي خدمة الوطن , والمجتمع في أعلى صورة وأشملها .. ؟ أليست السياسة صراعا يدور حول حريّات الناس وحقوقهم .... " .

بهذه العبارات المتواضعة لخّصت الرائدة فاطمة اليوسف , نظرتها الواقعيّة .. والثوريّة .. للعمل السياسي في سبيل الوطن .. والشعب . إنها لوحة .. إطارها من نسيج أضلاع كلّ حر .. ومن دم كلّ شهيد .
ما أجمل أن تطرح الاّن في خضم حياتنا المتلاطمة .. المضطربة في مستنقع الساسة الذين سخّروا أقلامهم ومواقفهم , وسلوكهم في سبيل المصلحة الخاصة , وخدمة العدو .
لقد حطّمت هذه الرائدة مفهوم الفنّ للفن .. , وفن الأبراج العاجية والطبقات المستغلة - بكسر الغين - , وجعلت الفن ثورة , الفن في خدمة الشعب .. والتحرّر الوطني . ووقفت عملاقة على ضفاف النيل , تتحدّى الطغيان الأجنبي , والإستبداد , والإستغلال الطبقي , تستمدّ من نشأتها الطبقية الأصيلة , ومن يتمها , وطفولتها البائسة عزيمة لا تنثني أمام مغريات تجّار السياسة , والصحافة اّنذاك , الذين ظنّوا أن قلمها كبقية الأقلام يباع ويشرى . وذهبت أحلامهم في خنق صوت الحق والحرية في روز اليوسف القديمة " هباء منثورا .. وفشلت تهديدات القوى السوداء الثلاث :
الإنكليز - والملك - وحزب الوفد والرجعيّة في مصر .. , في خنق صوتها وفي منعها مواكبة الحركة الوطنية العارمة في وطنها . ولكي نعطي صورة حيّة لقرائنا عن حياة هذه الرائدة الغنيّة بالدروس , فلا بد لنا أن نقتفي اّثار خطواتها منذ طفولتها ....

لقد ترعرعت فاطمة اليوسف .. تحت رعاية وتوجيه رائد التمثيل والإخراج الكادح والوطني - عزيز عيد - فقد رعاها وشملها بعطفه الأبوي الذي افتقرته في حياة اليتم . أخذ يدرّجها على خشبة المسارح الوطنية في مصر اّنذاك , حتى أصبحت الممثلّة اللامعة في عصرها . ومن كلماته المأثورة حولها : " إنني لا أستطيع أن أجعل الرصاص ذهبا .. ولكنني أستطيع أن أكتشف الذهب وأن أجعله لامعا خلاّبا .."" .
كرّست كل فراغها , وطاقاتها , متحدّية الفقر والحرمان , لتنشئ من نفسها الإنسانة الواعية المثقفة الثقافة الشعبية الحقيقية بسرعة مدهشة بالإعتماد على النفس , وبمساعدة مربّيها " عزيز عيد ", حتى استطاعت أن تصعد سلّم الفن ّ , وتتبوأ المكان الرفيع فيه وتجعله في خدمة شعبها وتحرّره من سيطرة الإنكليز وعملائهم , لأن الحركة الفنيّة اّنذاك كانت جزءا لا يتجزّأ من حياة الشعب المضطهد والمسلوب الحرية .
ولما نشبت ثورة - 1919 - .... وما تبعها من إغلاق الحوانيت وقطع المواصلات , وانطلاق المظاهرات من كل مدرسة وشارع تهتف كلها بالإستقلال وسقوط الإنكليز . وبدت البيوت كأن أهلها هجروها إلى المعركة , كلها مغلقة .. صامتة .. تحمل على أبوابها وجدرانها شعارات الوطنية السابقة .

وزحف الجنود الإنكليز بأسلحتهم .. , إلى كل حارة في القاهرة , واصبح الصوت الرتيب في شوارعها هو صوت طلقات النيران , ومضت المسارح تمارس عملها في هذه العاصفة .... , يقف الممثلون على المسرح يؤدّون أدوارهم وأصوات الرصاص والقنابل في الخارج تغطي عليهم .. والصالة ليس فيها متفرّج او إثنان , وقد ينفتح الباب فجأة ويندفع إلى الداخل شبّان من الثوار للإختفاء من مطاردة الإنكليز في حجرات الممثلات وخلف ستائر المسرح ... ويحتفظ الممثلون بهدوء أعصابهم لمقابلة الجنود وإقناعهم أن أحدا لم يدخل .
وقرّر الفنانون يوما .. أن يقوموا بمظاهرة أسوة بسائر الفئات في مصر .. , وكانت المظاهرات ممنوعة لا تقابل إلا بإطلاق الرصاص , والتقت الفرق كلها في ميدان _ الأوبّرا - وتقدّمت المظاهرة عربة حنطور تركبها الممثلتان الوحيدتان في المظاهرة .... الممثلة ماري ابراهيم , والممثلة الناشئة فاطمة اليوسف , تحمل العلم .
وهذه المظاهرة...... تعدّ الأوّل من نوعها في الوطن العربي .
وتجمّع حول المظاهرة جماهير كثيرة , وصوّب أحد جنود الإنكليز بندقيّته إلى صدرها ... فتشبّثت بالعلم كأنها تستند إليه , وما كاد يرفع الجندي الإنكليزي بندقيته حتى عاجلته رصاصة من أحد الثوّار كان مختبئا في شارع جانبي . وانتهت المظاهرة بأول إنتصار سجّله الشعب المصري بإطلاق سراح الوطنيين ....

تذكر فاطمة ... أن هذه الأحداث كانت بدء إهتمامها بالسياسة . اعتزلت الفن نهائيا ودخلت ميدان الصحافة .. وصممّت بعزيمة لا تلين إصدار صحيفة " روز اليوسف " الفنيّة أولا , ثمّ روز اليوسف السياسية .
وبقي قلمها نظيفا يوم لوّثت معظم الأقلام
وبينما كانت تجلس في مكتب الجريدة .. , فوجئت بزيارة أحد تجّار الورق وزميل صحفي , وكم دهشت عندما أخذا يعاتبانها على الحملات التي تشنّها ( روز اليوسف ) ضد الوزارة , وأنه لايوجد أي مبرّر لأن تنفرد بهذه الحملة دون سائر الصحف , ثم قالا لها إن دار المندوب السامي البريطاني تعرض عليها أن تدفع لها خمسة اّلاف جنيه دفعة أولى , ثم ألفي جنيه شهريا إذا أوقفت الحملة نهائيا .
ثارت رائدتنا لهذه الوقاحة الإستعمارية , وثارت لكرامة الصحافة الوطنيّة .. والنضال الوطني .. , واستمرّت في حملتها متحدّية الترهيب .. والترغيب .., بأعصاب فولاذيّة .. راضية بحياة الحرمان والفقر , تأكل بعرق جبينها وكدّها كما يعيش كل الشرفاء اليوم تحت ظلّ أنظمة الإرهاب في الوطن العربي . لتحافظ على نقائها الوطني .
حاربت القوى السوداء صحيفتها ومنعتها من الصدور أكثر من مرّة ,
كانت تبدّل إسم صحيفتها ضمن الخطّ الوطني الذي لم يتبدّل , الأمر الذي أفقد البوليس صوابه , فقام بإجراءات لا أخلاقية ضدّها , واصطنعوا مظاهرات المرتزقة ضد صحيفتها ومصادرتها والحجز على المطبعة , ومصادرة حتى ملابسها الشخصيّة .. , حتى اضطرّت لرهن السوار الذهبي الهديّة الوحيد الذي تملكه لدفع ثمن الورق وأجور الطباعة .. وحتى السوار الثمين والعزيز على قلبها باعته ..... لينبض قلبها مع دورات المطبعة لتخرج " روز اليوسف " .. للنور .

هكذا ... اعتبرت صحيفتها جزءا من كيانها .. نسجت كل حرف فيها من دمها ولحمها , لأنها شعرت انها تملك الاداة التي تستطيع أن تعبّر فيها عن التربية الوطنيّة .. والتضحية في سبيل الوطن .. والشعب .
فإلى رائدتنا العربية الوطنية فاطمة اليوسف.... كلّ تقدير , ونأمل أن تتعلّم الأجيال الصاعدة من هذه الرائدة الخالدة ......!

اليوم .. أضع باقة زهور .. وأضئ شمعة أمام ضريحها ..تخليدا لذكراها .. وتكريما لكفاحها المشرق في نضال المرأة العربية

لاخوف على مصر " البهيّة " .... ومستقبلها .. , لاخوف على المرأة فيها , .. لاخوف على شابات وشباب مصر والجيل الجديد .. طالما لديهم , طالما يملكون هكذا نماذج في الوطنية .. والجرأة .. والثقافة .. والوعي . ..... , لا يسعني هنا اليوم إلا أن أوجّه
تحيّة كبيرة .. وحب للنهوض الشعبي المصري الشقيق بكافة فئاته وشرائحه ونقاباته .. برسم صورة جديدة عصريّة .. للوطن والمواطن .. , وأخصّ بالذكر الموقف الرائع للقضاء المصري الذي أدّى دوره التاريخي والقانوني لبناء دولة القانون , ووقوفه إلى جانب مطاليب الشعب المصري المضطهد لنيل حريّاته الأساسية , وإعطاء القضاة العرب درسا في رسالة القضاء الذي وجد وا من أجلها لحماية القانون وحقوق الإنسان المنتهكة في مصر والوطن العربي عامة .



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتطفات .. من أقوال الرئيس ماوتسي تونغ . النساء
- صيدنايا في صور .. القسم السابع والأخير
- الكلمة ... - هي السيّدة - .
- صيدنايا في صور ... القسم السادس
- ستبقى المرأة العربية رائدة.. قديما وحديثا
- نريد سوقا للعرب ...... ؟
- الخلود للقلئد الثوري د . جون قرنق .. إبن أفريقيا البار .. وا ...
- ستبقى المرأة العربية رائدة .. قديما وحديثا .. مهداة إلى السي ...
- لنتضامن مع حق الشعب الكردي في تركيا .. الحريّة للمناضل والقا ...
- رسائل إلى الوطن ... - وخواطر
- مبروك للسودان .. السلام
- تضامن وحب مع الأخوين المناضلين .. ناهد بدوية وأسامة كيلة
- الكرامة ...
- على مشارف الفجر
- من رائدات النضال الأممي _ تتمة
- من رائدات النضال الأممي
- صيدنايا في صور - القسم الخامس
- لا بدّ من السقوط ... فهناك الجاذبية ....!
- المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - تتمة
- المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب


المزيد.....




- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مريم نجمه - من الرائدات .. فاطمة اليوسف