أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحق رحيوي - المطر وحده من يتولى المعارضة السياسية في المغرب















المزيد.....

المطر وحده من يتولى المعارضة السياسية في المغرب


عبدالحق رحيوي

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 23:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


: المطر وحده من يتولى المعارضة السياسية في المغرب.
عندما يتعلق الأمر بوطني، كنت دائما أفضل الصمت، مثل كاتب نرجيسي يكتب سيرته الذاتيه، عندما تخونني اللغة، أحاول أن أقدم بلدي في صورة بيت جميل مهما كان داخله هشا ومتهالكا، فالدفاع عن المغرب هاجس يسكنني وكأني أدافع عن شرف العائلة، فالمغرب هو الوطن والأصل.
لكن أحيانا ينبغي أن نتخلى عن نرجيسيتنا، عندما تزيح عنا رياح الخريف قطعة الثوب الملون بألوان الفسيفساء، التي كانت تخفي تجاعيد وجه متهالك، وجه يخشى من مرآة لم تعد قادرة على أن تكذب مجددا، على شخص مفتون بنفسه. هذا ما حصل لوطني وأمطار الشتاء تعريه أمام العالم. فالمطر لم يكشف فقط عن طرقات وقناطر مصنوعة من إسمنت مزيف، بل كشفت عن الزيف الذي يسكن مختلف الفاعلين الاجتماعين والاقتصاديين والسياسيين، كشف عن مدى استهتار المسؤولين بحياة المواطنين، مسؤولين لا يهمهم من سيعبر فوق هذه القنطرة، أو من سيقود سيارته فوق طريق متلاشي يحمل في طياته حفر الموت. ما يهمه فقط كم سيجني من هذا المشروع، ينبغي على المهندس أن يغش قليلا في تخطيطاته، وعلى صاحب المشروع أن يغش قليلا في انجازه، وعلى العامل الصغير أن يقتصد كثيرا في الإسمنت والحديد، هكذا يستفيد كل الأطراف من الصفقة، كل يأخذ نصيبه من الكعكة حسب منصبه ونفوذه، النتيجة معروفة جدا، أموات قتلهم القدر في غفلة من مسؤولي وزارة الصحة. قد يقول لي شخص ما دليلك على هذا الفساد، في صمت أردد، الواقع هو الحجة، الطريق المتهالكة بعد سنة من انجازها حجة، القنطرة التي لم تصمد أمام مياه المطر حجة، الملعب الغارق بعد اسبوع من صيانته حجة..الخ.
إن مشاهدة ما حدث في الجنوب، يبدو وكأنك تتفرج في تسونامي كبير، أو اعصار كاترينا، مع العلم مجرد قطرات مطر، بقليل من روح المسؤولية كان بالإمكان تفادي مجموعة من الخسائر خصوصا في الأرواح، لكن حتى الروح التي قتلها القدر والجشع، لم تحظى بالتقدير اللازم وهي في طريقها الى العالم الآخر، نقلت كما تنقل النفايات.
كنا نحاول أن نستيقظ من هذا الكابوس أو الحلم القاتل، حتى طالت ليلتنا واشتدت ظلمتنا ونحن نشاهد العالم يتفرج على مهزلة كروية، حدثت في قلب العاصمة، في مركب تاريخي، قيل أنه صرفت عليه 22 مليار سنتيم أو أكثر من أجل إصلاحه. لكن قطرات قليلة من المطر، أعادتنا الى العصور البدائية الى عصر "الكراطة، البونجة، السطل " يذكرني بأمي وهي تجفف بقايا المطر من فوق السطح، ما أقلقني فعلا هو ملاعب الانجليز، مطر لا يتوقف وملعب لا يتبلل، بينما نحن سقط المطر، فتوقف المعلب، ودخل العالم في قاعة الانتظار، وهناك من لم يقوى على الانتظار فقرر اغلاق التلفاز أو تغيير القناة.
يبدو لي أن العدو الحقيقي للسياسين المتحكمين في دوالب الحكم، في هذه الآونة الأخيرة، ليس الأحزاب الراديكالية اليسارية، وليس الأحزاب اليمينة، وإنما المطر، المطر وحده من له القدرة على كشف زيف الشعارات السياسية، وانجازات السياسين، وحده من وضع المغرب في الصورة أمام العالم. لذلك ينبغي أن نتوقف ونكف عن ترديد تلك العبارة النرجيسية "المغرب أجمل بلد في العالم" لقد رأى العالم المغرب، ولا نشك في ذوقهم وحكمهم الجمالي، لقد أزيح الستار عن المشهد، وتحدث الواقع وقال ما أراد، فأربك المسؤولين الذين عبثوا بالأرض فسادا.
هكذا افتضح أمرنا أمام العالم، فكشف عن حجم الفساد في المغرب، عن العقلية النفعية التي تسعى الى مراكمة ثروتها على حساب هذا الوطن الشريف، الذي توقفت عجتله عن التقدم، المشهد نفسه يتكرر، يتغير مخرجون لكن العقلية نفسها، والنتجية أصبحت معروفة، بحكم قدرة الشعب المغربي على التوقع. فلم يعد من حقنا أن نتوهم ونردد ذلك الحلم الجميل" المغرب أجمل بلد في العالم"، بل ينبغي أن نتقبل هذه الفكرة على مضض، إن جمال المغرب يشبه جمال العاهرة، مع احترامي وتقديري لهذه المخلوقة التي لم ينصفها الحاضر، ويبدو مستقبلها أكثر غموضا، ولم يعترف أحدا بتضحياتها، لكن في هذا التشبيه دلالة رمزية فيها الكثير من الدقة. فجمال العاهرة سرعان ما يختفي بمجرد ما أن تغسل وجهها بقليل من الماء، تختفي ألوان الطيف، لتكشف عن آثار الفقر والتهميش، عن آثار المرضى النفسيين وهم يعبثون بجسدها كل ليلة. هذا ما كشفت عنه قطرات المطر، وطن ملون من الخارج، هش من الداخل، قطرات من المطر كشفت عن الوجه الحقيقي للعبث والفساد، وعن جشع السياسيين والمقاولين، المرضى النفسيين الذي عبثوا بأموال دافعي الضرائب.
مهما حاولت العاهرة أن تبدو مبتسمة في وجه زبونها، فإن الألم يسكن قلبها الميت، تحاول أن تمثل، تشكو قدرها، تدافع عن نفسها ومهنتها، تراهن على مستقبل أفضل، تخفي فقرها واستغلالها، لكن سرعان ما تختفي الابتسامة وتبدأ دموعها مسرعة نحو الأسفل، بمجرد ما تنبش في باطنها وأرشيفها، نفس الأمر يقال على المغرب، مهما حاول أن يبتسم في وجه سياحه، في وجه الجمعيات الدولية ذات الطابع الحقوقي، فهو لا يقوى على إخفاء حزنه وألمه العميق وهو يرى الفقر ينتشر عموديا وأفقيا، باستثناء المركز، موت، وحرب، وفضائح، وصراع، يوحي بحرب عالمية خفية،يموت فيها الضحايا بصمت، تشيع أرواحهم فوق عربة النفايات.
مهما حاول المغرب أن ينظم المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، لكي يكشف للعالم دفاعه عن الإنسان، إلا أن أزمة المغرب تكمن في الإنسان نفسه، حاول أن يسرع في تبني شعارات حول حقوق الإنسان، دون أن يهتم ببناء الإنسان، الإنسان مشروع وليس شعارا أو كلمة. هذا ما لم يفكر فيه أبدا أما الحقوق هي شعارات تردد وتنتهي، لذلك ينبغي أن نراهن على الإنسان قبل أن نتحدث عن الحقوق، لأنه لا حقوق في غياب الإنسان.
قد يبدو التشبيه فيه نوع من المس بشرف المغرب، لكن سيكون هذا الكلام غير معقولا فقط اذا استطاع أن ينصف العاهرات من الاستغلال اليومي، أن يحاسب كل مسؤوليه، أن يقضي على كل مصاصي دماء الفقراء. لكن هذا ما لم يحدث، لذلك ينبغي أن نتقبل هذه الحقيقة المرة، ينبغي أن نشربها بالقليل من السكر، لنستمر في الحياة في انتظار الموت أو الصدمة القاتلة.
إن المغرب يحتاج الى من يدافع عنه في صمت، يحتاج الى سياسين هدفهم الأساسي مساعدة المغرب على اللحاق بقطار التقدم، وحجز تذكرة سفر مع الدول الرائدة، يحتاج الى شعب الواعي بمسؤولياته وواجباته، شعب طموح يسعى الى التقدم، والدفاع عن وطنه، وليس ترديد عبارة لامرأة عجوز لم ترى العالم يوما وهي تقول " المغرب أجمل بلد في العالم" بل مشكل هذه العجوز أنها لم ترى المغرب، لأنه كبير متعدد الهوامش، أما لو قدر لها أن تسافر الى سويسرا أو كندا أو هولندا لكي ترى جمال الطبيعة هناك، أو قدر لها زيارة مصر، والشرق، وايطاليا واليونان، واسبانيا..لكي تقف على عمق التاريخ، والحضارة، لرددت في صمت حتى لا يسمعها أحد، "لاشيء جميل هنا".



#عبدالحق_رحيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش والنازية
- عندما يتخبر الحق في المرض ....تتحول الحياة الى كابوس
- الحرب على غزة او عندما يتم التطبيع مع الموت
- النقابي والسياسي في عيد العمال
- التصور الهيجلي للحداثة
- الحداثة واشكالية الراهن
- الخطاب السياسي للحداثة وميلاد الدولة الحديثة
- هيجل والوعي الفلسفي بالحداثة
- الثورات العربية على ضوء كتاب -سيكولوجية الجماهير- جوستاف لوب ...
- الدرس السقراطي والمدرسة الخصوصية
- الجنس والجنسانية من وجهة نظر تاريخية


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحق رحيوي - المطر وحده من يتولى المعارضة السياسية في المغرب