أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عطا درغام - مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-4















المزيد.....

مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-4


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 21:58
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


ولم تكن ثمة علاقات ودية بين الأرمن والمصريين المسلمين خلال القرن التاسع عشر. فقد كان الأرمن ينظرون إلي المصريين بعين العجرفة والصلف ويتظاهرون بالكبرياء عليهم كما كانوا يتحاشون مخالطتهم ويتقون لقاءهم. أما المصريون ، فقد امتعضوا كثيرا من الأرمن الذين استوطنوا بلدهم واستفادوا من اقتصاده. وكذا، حطمت السياسة الاجتماعية الحرة لمحمد علي البناء الطبقي في مصر.فبدأ المسيحيون ، وعلي رأسهم الأرمن يقيمون بمحاذاة النيل في المساكن المشيدة حديثا آنئذ. ولم يكترث الأرمن بقواعد ملابس النصاري وحملوا الأسلحة النارية. ولذا ، فقد ثار المسلمون مما دعا محمد علي في عام 1817 إلي أن يأمر المسيحيين بأن يعودوا إلي ارتداء العمامات الزرقاء ولا يركبوا الأحصنة والبغال. ومما أثار المصريون ضد الأرمن أن الأخيرين قد اصطفوا في الشوارع وقد ارتدوا ملابس زاهية ويحرسهم الخدم الذين يطهرون الشارع العمومي من الحشود بهراواتهم. وفي عام 1820 أدي تشييد مبان جديدة في سوق خان الخليلي لتؤجر للأرمن واليونانيين كمحلات ومستودعات إلي أزمة إسكان وارتفاع في أجور العمال. وأيضا ، امتلك الأرمن خلال حكم محمد علي ثروات فاحشة وأراض وعبيد وتبوأوا أعلي المناصب ونالوا أفخم الألقاب.
وقد ظل المصريون يمتعضون الأرمن خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر كما يتضح جليا من اعتدائهم عليهم ونهبهم وسلبهم إبان أحداث الثورة العرابية. وظل الموظفون ( مسلمون وأقباط) يناصبون الأرمن الموظفين في الجهاز الحكومي المصري عداءا شديدا ويسعون في إزاحتهم عن مناصبهم .
وبعامة ، كان معظم المصريين يبغضون الأرمن لأنهم يبتزون أموالهم بوسائل الخديعة، ويفضلون الأوربيين علي الأرمن لأنهم يرون فيهم سندا يعتمدون عليه وقت الحاجة.
ثم ، تصاعدت كراهية المصريين للأرمن عندما ثار الأرمن ضد السلطان العثماني مطالبين باستقلالهم، وانبرت بعض الصحف المعاصرة تهاجم "فئة الأرمن الذين يقطنون مصر ويتمتعون بالرفاهية والراحة في ظل الدولة العلية ويأكلون عيش المصريين ثم يساعدون أعداء دار خلافتهم علي ما هي عليه من الثورات والأمور الممقوتة". وأيضا وصفت الأرمن بأنهم " قوم جاءوا إلي مصرنا لاستدار خيرها، وكانوا قد حضروا إليها صائعين لا درهم ولا دينار فأصبحوا ذوات ثروة ويسار احترفوا بحرفة المخانجية وبيع الحشيش وتهريب التنباك وغيره. وبهذه الوسيلة استحوذوا علي أموال المصريين غنيمة باردة. وهم عاثين فسادا في جميع أنحاء القطر..وكل هذا نتيجة إهمال رجال مصلحة خفر السواحل وتغافلهم عن تهريبها فنرجو من أولياء الأمور التنبه بشدة ونطلب إلي إخواننا المصريين نبذ مبيوعات هذه الطائفة الغادرة عملا بطاعة أمير المؤمنين".
بيد أن ثمة فئة ضئيلة جدا من المصريين أخذت منذ قبيل نهاية القرن التاسع عشر تدعو المصريين إلي نبذ التعصب الجنسي والديني بين المصريين والأرمن. وأيضا ، ذهب بعض الأرمن إلي أن " مصر هي الدولة الوحيدة في ظل هذه الظروف السياسية المحيطة بالشعب الأرمني التي كنا نستطيع أن نعيش فيها حياة آمنة كاملة ، حياة بمدرستها وصحافتها ومسرحها ومؤسساتها المختلفة".
وأخيرا ، لم تنقطع الصلة بين الأرمن في مصر وموطنهم الام علي امتداد القرن التاسع عشر. وقد تمثلت مظاهر هذه الصلة في أنشاء أرمن مصر الأثرياء المدارس بمواطنهم الأم وإنفاقهم علي التلاميذ والتبرع للمؤسسات التي تخدم التعليم فضلا عن نشر الكتب القومية .ولتأكيد هذا ، يمكن ذكر بعض الأمثلة.فقد تبرع نوبار باشا ب"4000" جنيه من إجمالي المصاريف البالغة "5000" جنيه لتأسيس مدرسة" شاهنزاريان" بالأستانة. وأسس تاكفور باشا هاجوبيان علي نفقته الخاصة مدرسة "تاروهيان" بأزمير- موطنه الأم- تخليدا لذكري ابنته تاروهي التي توفت في ريعان شبابها.وكذا ، تبرع التاجر الثري بوغوص جرابيديان ب"200" جنيه ذهب سنويا لصالح مدرسة "أولينا" ببلدة زيتون- موطنه الأم- لتغطية جميع نفقات المدرسة. وفي عام 1898 ، أسس جرابيد ميلكونيان – صاحب مصنع ميلكونيان للسجائر- صندوقا لجمع أية تبرعات لإرسالها إلي مدرسة "آراميان " بقيصرية- موطنه الأصلي.
وجدير بالذكر أنه قد تأسست في عام 1841 بأزمير جمعية " سونياتس" وهي أول جمعية أرمنية تؤسس لخدمة التعليم الأرمني في الأقاليم. وتهدف هذه الجمعية إلي الاهتمام بالتربية والتعليم ونهضة القري. كما ان سونياتس هي الجمعية الأرمنية الوحيدة التي كان لها أعضاء في جميع أنحاء العالم.وقد اشترك الكثيرون من أرمن مصر الأثرياء في تدعيم هذه الجمعية ماليا مثل :إستيبان آبرويان- والد ديكران باشا – والأخوين الصرافين يعقوب وألكسان ميساكيان والطبيب إستيبان كيفوركيان والتاجر جرابيد أغا كالوسديان وغيرهم. ويعد نشر الكتب القومية والتعليمية والثقافية من الأمور التي اهتم بها الأرمن الأثرياء في مصر لتنمية الروح الوطنية ونشر الثقافة بين الأرمن . فقد ترجم الأب شيشخيان المخيطاري رواية "مغامرات تليماك " للكاتب الفرنسي فينيلون من الفرنسية إلي الأرمنية ، وتم نشرها علي نفقة بوغوص بك يوسفيان في عام 1826 . وكلف نوبار باشا المستشرق الفرنسي فيكتور لانجوا بترجمة أمهات الكتب الأرمنية القديمة إلي اللغة الفرنسية علي نفقته الخاصة ليساعد بذلك الدارسين عن أرمينية في أوربا.
ونشر التاجر الثري هاجوب أشيكيان علي نفقته عددا كبيرا من الكتب القومية مثل كتاب " حرب فارتان" للكاتب يغيشيه، وكتاب " التعليم التركي للأرمن باللغة الأرمنية" ، وكتاب " تربية الأطفال والشباب وغير ذلك.
وفي عام 1890 ، نشر آبراهام باشا بارتوغ – من كبار الملاك كتاب "تاريخ القدس" للأسقف ٍادور دير هوفانيسيان علي نفقته الخاصة.
وأيضا ، كان الأرمن الأثرياء في مصر يساعدون الأرمن الذين يتعرضون لازمات مادية أو يصابون بأضرار ناجمة عن كوارث طبيعية .وكذا ، مساعدة الأرمن الذين تعرضوا للإيذاء بسبب المذابح . ففي عام 1880 ، ترأس تاكفور باشا هاجوبيان حملة لجمع التبرعات بالإسكندرية لإعانة الأرمن المنكوبين في الولايات الأرمنية العثمانية بسبب انتشار المجاعات هناك. وقد تم جمع "806" جنيه أرسلت إلي بطريركية الأستانة لتوزيعها علي المحتاجين.
وعندما احترقت قرية أرسلان بك في أوائل عام 1887 وهي قرية بها "450" بيت وسكانها حوالي "200" أرمني ، حيث أصيبوا بنكبة كبيرة ترأس تاكفور باشا هاجوبيان لجنة لجمع التبرعات في مصر لمساعدتهم. وتبرع نوبار باشا ب"400" جنيه لإعانة المنكوبين في ساسون بسبب المذابح. وتشكلت لجنة من وجهاء الأرمن تجمع التبرعات لمساعدة المنكوبين من جراء المذابح. وكانت هذه التبرعات ترسل تباعا إلي البطريرك الأرمني بالأستانة ماتيوس أزميرليان ليوزعها علي المحتاجين عن طريق المسيو جوسير مدير بنك الأنجلو إجيبشيان.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-2
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-1
- الأيتام الأرمن في مصر (1923-1927)
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -7
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -6
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -5
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -4
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -3
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -2
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -1
- النظم الإدارية للأرمن الكاثوليك والبروتستانت في مصر
- أمور الزواج والطلاق عند طائفة الأرمن الأرثوذكس في مصر
- الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس في مصر
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-3
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-2
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-1
- المهن والوظائف التي اشتغل بها الأرمن في مصر-2
- المهن والوظائف التي اشتغل بها الأرمن في مصر-1
- النشاط التجاري للأرمن في مصر


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عطا درغام - مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-4