أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - التهامي صفاح - مصر: إلى أحمد حرقان وأسئلته عن الإيمان















المزيد.....


مصر: إلى أحمد حرقان وأسئلته عن الإيمان


التهامي صفاح

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 21:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عزيزي
أن التاريخ لن يحاسبنا على ما قلناه بل على ما لم نقله حين كان يجب أن نقوله .كمثقفين نتحمل المسؤولية التاريخية تجاه شعوب المنطقة التي يجب أن تنهض إنها مسؤولية الضمير تجاه الاحبة في كل شمال افرقيا والشرق الأوسط..لذلك ، فما أكتب هو ما أعتقد أنه الصواب. و لا أرجو منه أكثر من إزلة الإحراج و الهم والغمة عن كل إنسان ليعيش متحررا من القيود، منسجما مع ذاته و منطلقا في إعتزاز بنفسه ،مستقلا بكرامته رافعا رأسه للسماء مهما كان موقعه في المجتمع أو وضعه .
و في هذا الإطار العام فقد كانت لي هذه الدردشة مع أستاذة عزيزة للتاريخ والجغرافيا بالثانوية العامة و ناشطة لحقوق السيدات حول فيديو لمناظرة في مصر بينك وبين الشيخ سالم عبد الجليل .و قد فضلت أن أرسلها لك و للقراء الغاليين جميعا لتعميم الفائدة إن وُجدت .وهي التالية :
- ما رأيك أستاذة في فيديو حوار الأستاذ أحمد حرقان مع الشيخ سالم عبد الجليل .شُفتيه ؟
- نعم ، لا يستطيع أحد أن يشكك في أمانة الأستاذ أحمد حرقان مع نفسه و مع الناس حين قرر بكل شجاعة أن يوجه علنا و بكل لياقة و أدب ، في وسط مجتمع أُريدَ له أن يكون كالقطيع بمنع السؤال و منع الشك بنص يقال أنه مقدس مثل ما قيل قبله أن أخرى مقدسة ، ما كان يدور بخلده من أسئلة محرقة راودته منذ كان يتلمس الطريق نحو إستقلاله وتفرد شخصيته ، للوجهة الصحيحة هروبا من وجهة الأغلال و تقديس الجهل و النفاق و الأكاذيب بواسطة سلطة مستبدة بشكل مستعصي على الفهم ، ليُحدث شقا كبيرا في جدار الخوف و الإرهاب الآيل للسقوط و يحقق إنتصاره على الأوهام و إستعمار الشخصية الإنسانية التي إستمرت بالسيف كل هذا الزمن الماضي .
- يبدو أنه رفع رأسه عاليا كما رفعها أومو إيريكتس Homo erectus ذات يوم على نفس أرض إفريقيا التي إنطلقت منها الثورة ضد إستغلال الإنسان بواسطة الدين، معلنا نهاية الأوهام و الأحلام للذين لا يزالون يأملون في إستمرار المسرحية المملة .فحقق بذلك ثورة أخرى هي ثورة الحرية والثقافة و الوعي و شموخ العقل البشري . لكن ما دلالة أسئلة أحمد حرقان بالنسبة لك أستاذة ؟
- بالنسبة لي ، أسئلة أحمد حطمت أصنام قريش التي منذ تهييئها ووضعها في طريق سمي طريق القطيعة مع العقل و التخلف قرونا عديدة قبل مجيئنا لهذا العالم قيل لنا بعد مجيئنا ونحن صغار"هذه هي السكة و أنتم قطارات فإمشوا فيها" .وكان كلما تبادر إلى أذهاننا أي سؤال إلا وقابلنا أحد هذه الأصنام مشيرا لنا بضرورة "الصمت المقدس" حتى لا نغضب الآلهة المتربعة على عروش المنطقة خشية مقابلة غضبها بتهمة جاهزة هي المس بالمقدسات (مقدسات ثم إلهية وتخاف المسكينة فقط من الكلام و طرح الأسئلة).ومن بين المقدسات المحافظة إلى اليوم في ثاني كتاب ""مقدس""" بعد المصحف العثماني على الحالات الثلاث التي يجوز فيها الكذب ""المقدس"" دون الإنتباه هكذا و بكل سذاجة إلى أن الكذب هو كذب سواء قيل أبيضا أم مقدسا و لا ينفع في شيء مقابل تسجيل الحضور الإنساني بكل شخصيته و ثقله بالصدق و الأمانة.
- إلى ماذا يؤدي منع الأطفال مثلا من طرح الأسئلة في نظرك أستاذة ؟
- إلى تأجيلها فقط ليوم آخر آت ليطرحوها مجددا حتى يتوصلوا للإجابة مهما طال الزمن .والفيديو يثبت ذلك بوضوح.فأسئلة أحمد حرقان كانت موجودة قبل الآن و هي ليست أسئلته هو فقط .إنها أسئلة جيل كامل .فعند قراءتنا لأي شيء نحاول تفسيره وفهمه .و إذا لم نفهم طرحنا الأسئلة.هذا شيء طبيعي جدا في إشتغال العقل البشري.من يمنع الأسئلة عن الأطفال أو يقمعهم يرمي بهم للمنفى الداخلي و المعاناة النفسية .المعاناة هنا بمعنى الإنشغال برؤية الفرق بين الواقع المعاش و ما يقوله العقل والمنطق ثم ما يُرسل لنا من معلومات . و في مجتمعات تسود فيها الأمية والجهل يصاب المتعلم بالدوار من جراء هذا الوضع.لأنه يهمَّش و يُقصي من يطرح الأسئلة حول ما هو متداول من ثقافة تفتقر للمنطق وللعدل و المساواة إبتداء بالأسرة حتى المؤسسات التعليمية و غير ذلك .
- لذلك هؤلاء المنفيين لدواخلهم في المنطقة يتلقفهم من يقولون "يسوع يحبك" و كأنهم يعوضونهم عن هذا الإقصاء والتهميش و المعاناة النفسية .هؤلاء لا يقدمون لهم في الحقيقة أجوبة و إنما يلهونهم عن طرحها بإغراقهم داخل علاقات أخرى من نوع آخر ومنظومة جديدة أخرى تحتاج وقتا آخر لفهمها ثم لطرح الأسئلة بشأنها.
- بكل تأكيد .لأن المجتمع يلفظ المتسائل تساؤلات مثل تساؤلات أحمد حرقان و يتركه وحيدا. و لتعويض هذا الإقصاء يلتجئ الفرد لجماعة أخرى مختلفة تحتضنه وتحميه وتقدم له الدعم المعنوي اللازم لتوازنه ويحقق فيها ذاته بمفاهيم أخرى مخالفة و ربما الدعم المادي أيضا.وهنا تستغل هذا الوضع الجماعات التبشيرية التي فشلت في الغرب .فهناك ، لا تجد في الكنائس عموما إلا المسنين .
- نعم ، لأن المجتمع عندنا مؤسس على فكرة الجماعة لا على تأهيل الفرد.و حين يتحدثون في خطاباتهم السياسية عن تأهيل الفرد فهم يقصدون تأهيله داخل فكر الجماعة السائد وكأننا في ثكنة عسكرية .في حين أن التركيز على الفرد هو الذي ينبغي أن يكون لا على الجماعة .لأن الوحدة البنيوية للجماعة أي طوبة الجماعة هي الفرد.فبناء الفرد يجب أن يستغل ما يتوفرعليه من مؤهلات مختلفة عن الآخرين و ميول لخدمة الجماعة لا جعل الأفراد متشابهين في المجتمع ضدا على طبيعتهم .نحن مختلفون .و إختلافنا ظاهرة طبيعية .لا يمكنك أن تجد ،بإستثناء التوائم الحقيقية ، فردين متشابهين من الناحية الوراثية ..هذا الإختلاف كواقع أسميه إرادة إلهية .الله هو الذي أراد ذلك .
- نعم بالفعل .
- لكن هل لما أحمد حرقان ينطلق مما يقول أنها تناقضات الكتب المقدسة و خاصة المصحف العثماني يسمح له بالإستنتاج العقلاني أن ليس هناك رب أو لنقل خالق للكون كسبب بعيد لوجود هذا الوجود المادي ؟
- طبعا لا .
- لماذا ؟
- لأنه بالمنطق و إذا إفترضنا جدلا خطأ معلومات الكتب المقدسة ، هذا لا يلغي أن محاولة تفسير الظاهرة الرئيسية الموجودة فيها و هي وجود الكون و الكائنات الحية ووجودنا، هومحاولة للإجابة عن سؤال منطقي عقلاني وهو ما سبب وجودنا ؟من أين جئنا في الإطار العام ؟ أنا لا أتحدث هنا عن نظرية التطور البيولوجي و إنما عن السبب في وجود كل هذا الذي نراه . حسب مبدأ السببية العلمي لابد من سبب منطقي واقعي ولقوة أوجدت هذا الكون .حتى لو أخطأت الكتب المقدسة في مجملها و تناقضت معلوماتها ، ففكرة وجود خالق للكون ليست خاطئة كحل للتساؤل من أين جاء هذا الكون؟ .هذا شيء أكيد. لايمكن القول أن سبب وجود الكون هي الصدفة ..ونظرية البيغ بانغ التي تتكلم عن إنفجار عظيم سبق وجود الكون وأدى لتكوين المادة لا تقول لنا ما السبب في هذا الإنفجار.العلماء يتحدثون عن سبب مجهول.فيقولون "لِسبب مجهول ،حدث إنفجار" الخ .أنا أعتقد بوجود خالق للكون لكن ليس كما تقول الكتب المقدسة بالضبط .هناك عندي إختلاف في تصوراتي عنها .
- من حق الإنسان أن تكون له وجهة نظر مختلفة عن الكتب المقدسة بخصوص الله .فهي لها تصورها الخاص الممكن أن يكون ناقصا بالنسبة لنا .المهم أنكِ تعتقدين أن هناك شخص خلق الكون ؟
- نعم .
- شخص غير مجنس لا هو مذكر ولا هو مؤنث ، يعمل من خلال قوانين الطبيعية ؟يعني إنتي ألوهية أو ربوبية ؟
- تماما .
- طيب ، تعلمين طبعا أن اليونان قديما كانوا أول من طرح السؤال :هل نحن وحدنا في هذا الكون ؟ وأرسطو "المعلم الأول" صاحب "الآلة" organon المنطقية أي القواعد التي تُجنب العقل الوقوع في الخطأ حسب أرسطو،كان يسمي سبب وجود الكون (أي "الخالق" ) "العقل الكلي" في إشارة لِ"خالق واحد " رغم أن اليونان كانت معروفة بتعدد الآلهة مثل الشرق الأسيوي و غيره .ثم إن العلم الحديث اليوم لم ينف أو يؤكد وجود أي إله .ببساطة لأن موضوع العلم الحديث ليس الإله و أنما الواقع المادي المرئي والمحسوس و محاولة تفسير ظواهره الطبيعية وفهمها .و لذلك فنظرية التطورالبيولوجي و كل معلومات العلوم الحديثة رغم صحتها لا تنفي وجود "خالق للكون" .كما أن معلومات الكتب المقدسة التي لا تتضمن ما نتوفر عليه نحن اليوم من معلومات علمية أكيدة ربما لا يمكنها أن تقنع بهذا الوجود بمعلوماتها القديمة غير المتطورة .و الدليل تساؤلات أحمد وغيره منذ القديم .و المصحف العثماني نفسه في جزء منه يجيب عن تساؤلات قريش و يرد عليها. .ومعنى ذلك أنه كانت هناك معارضة شديدة له .
أما مسألة أن الخالق غائب عن حواسنا .فليس هذا الغياب الظاهري دليل على عدم وجوده .البعض يقول بأن غياب الدليل هو دليل غياب .لكن هناك أشياء لا نراها و لا نتوصل لوجودها بحواسنا و لكنها موجودة بالفعل .الميكروبات مثلا قبل إكتشاف المجهر كانت خارجة عن مجال بصرنا نظرا لصغر حجمها .فهل غيابها المؤقت هذا دليل على عدم وجودها؟ و الموجات الضوئية التي لا تدخل في مجال رؤيتنا كالأشعة x و الأشعة تحت الحمراء و غير ذلك .والأصوات التي يسمعها الخفاش وتغيب عن مجال سمعنا نحن .إنها كلها موجودة عرفناها بالتجربة العلمية و الإستنتاج المنطقي أو قولي رأيناها بعيون عقولنا.
- ما أخشاه هو أن يكون أحمد حرقان يطالب بصورة فوتوغارفية لله وليس لإستدلال منطقي يؤدي لنفي عدم وجود "خالق للكون" ولو كإفتراض محتمل بنسبة الجزء في المليون .
- هههههههه نعم .لكنه يطالب الذين يجعلون من معلومات غير علمية بالمفهوم الحديث سببا في الإدعاء أنهم يمثلون "الخالق" على الأرض .فموقفه في الحقيقة هو موقف سياسي .أحمد لا يقبل أن يأتي أحد ويقول له "إخضع لي لأنني أنا مؤهل بمعلومات في هذا الكتاب أو ذاك لأسوسك وتعطيني أموال" .إنه موقف عن الحرية التي إستلبها منه الآخرون بإسم تمثيل الأله.هذا هو الموضوع .. لذلك حين كان يعدد للشيخ سالم عبد الجليل ما إعتبرها تناقضات في صفحات المصحف العثماني ، بادره الشيخ بالسؤال : من أوجد السماوات والأرض ؟ ولم يجبه عن تساؤلاته، كنوع من الهروب من السؤال .فرد عليه : ""من ربك هذا ؟أنت المطالب بإعطاء الدليل على وجود ربك .أنا لست مطالبا بشيء .أنت الذي تدعي"" .ولما سألته الإعلامية عمن أوجد الأرض و السماء قال : """موقفي هو موقف العلم ...أنا لست مطالبا بالكلام في الموضوع ده أنا جيت هنا لأقول لماذا ألحدت ، الإله الذي أخترعتوه ده لا وجود له إلا في خيالكم"" ..و أعطى أمثلة عن ضحايا سورية و العراق بسبب الدين و داعش و الإرهاب ..و الحال أن جذور الإرهاب هي أبعد من زمن المصحف العثماني .ويجب البحث عنها في الكتاب المقدس اليهودي الذي كتبه اليهود القدامى مئات السنين قبل الميلاد .هذا طبعا لا يجعل المسؤولية بالضرورة على اليهود المتواجدين اليوم معنا في العالم ،فكم من اليهود الطيبين عبر العالم موجودين .و منظمة السلام الآن المناصرة للفلسطينيين و الواقفة ضد الإستيطان هي منظمة يهودية. إن سفر يشوع ملئء بالصور مثل التي رأينا في سوريا و العراق و غيرها .و الغريب أن ما يحدث في المنطقة من قتل و تعذيب بإسم الدين لا يبعد كثيرا عن إسرائيل الجغرافية التي كانت منتجة وناشرة لسفر يشوع هذا وغيره في المنطقة بسبب تنقل اليهود حتى شبه الجزيرة العربية و لو عن حسن نية ربما .فبنو قريضة الذين قُتلوا جماعيا حسب المرويات كانوا يهودا يعيشون في محيط المدينة المنورة و ربما هم من أسس هذه المدينة .و كثير من "علماء المسلمين" يتحدثون عما يسمونه إسرائيليات أي تلك الأفكار اليهودية من الكتاب المقدس التي يقولون أنه تم دسها في التراث الإسلامي و مصادره من طرف اليهود القدامى .
و قد سمعت أن الشيخ له مشكلة هذه الأيام بسبب إتهامه بإزدراء الدين المسيحي نتمنى أن تُحل ببراءته ، إذا صحت قصاصات الأخبار.لكن المسيحيين أيضا يحافظون على سفر يشوع هذا الذي يقول أن الرب أمر بالقتل و السبي و غير ذلك في ما يسمونه العهد القديم و يضيفونه للإنجيل .و إذن هل إزدراء الدين المسيحي تعني عدم إزدراء الدعوة للقتل ؟
و هل لما يقول سفر التكوين بإختصار أنه في البدء خلق إيلوهيم (جمع إله) السماوات والأرض و النباتات و الحيوانات والبشر في ستة أيام ثم إستراح في اليوم السابع .هل الله بشريتعب ؟ أليس هذا دليل على أنسنة الخالق و إسقاط صفات البشرعليه ، تدل على بشرية سفر التكوين؟ ثم يتحدثون عن الإزدراء .
فهذا أحمد حرقان السلفي الذي كان إماما لمسجد يقول رأيه بصراحة فيما تم تعليمه أنه الصواب ، لكن ،أستاذة ، ماذا لو أتيحت الفرصة لجميع الشيوخ والسلفيين ليقولوا رأيهم دون خوف ؟
- مثل ما قلتَ عن أرسطو صاحب إختراع الآلة المنطقية organon فقد أبتُلينا نحن بمخترعي آلة terrorismon .فلو لا هذه الآلة كما قال الشيخ القرضاوي ذات يوم و أسوق هنا عبارته "لولا حد الردة ما بقي فيها مسلمين" ، لولا هذه الآلة و رغم وجود نصوص صريحة تفيد معنى الحرية مثل "لا كراه في الدين" التي يتجاهلونها دون خجل و كأنها ليست نصا مقدسا كما يقولون و في تناقض تام ، لقالوا رأيهم بصراحة مثل أحمد .الإرهاب عزيزي .إن المجتمع الذي يمكن لأي كان أن يأخذ المبادرة من أجل قتل إنسان فقط لأنه عبرعن رأيه وقال "أنا أعتقد أن هذا خطأ" هو مجتمع تمت تربيته على الإجرام وأُريدَ له التخلف.. فحمل السلاح و تهديد الناس إن قالوا صراحة ما يعتقدون هو تربية على النفاق والكذب و نشر هذا داخل المجتمع .إنه إفساد للمجتمع عزيزي .و رغم ذلك يقولون أن هذا الإفساد مقدس .و يتواطؤون ضد الحقيقة من جراء الخوف .لا يمكن للمجتمعات أن تتقدم خارج الحرية .يخافون من الحرية لأنها مشروطة بالمسؤولية .و لا داعي لأعطيك أمثلة لضحايا الكلمة في مجتمعاتنا .إنها طويلة و ربما تعرفها كلها.
- فعلا ..لوكان الشيخ لا يخاف الإرهاب لما جلس تلك الجلسة المتعجرفة و هرب من الجواب على أسئلة محاوره ثم ردد بدون تفكير عباراته المحفوظة أمام الكاميرا وكأن ذلك التراث القديم الذي تم حشو دماغه به هو نهاية التاريخ .
لكن بالرجوع لموضوعنا هل يمكن أستاذة إفتراضا نفي وجود "خالق الكون" ؟
- من الناحية العقلانية الفلسفية لا يمكن .والعلم الحديث أخي لا يقول ذلك كما سبق أن قلت .
- بالفعل ليس هناك من عالم من العلماء الذي يحترم نفسه قد قال بأن ليس هناك خالق للكون إستنادا لأدلة العلم الحديث .سأعطي بعض الأمثلة لننهي دردشتنا على أمل أن نتكلم عن الشق القانوني فيما بعد إن سنحت الفرصة .
المثال الأول هو عن نبتة مفترسة تدعى drozera . لها ورقتين عريضتين مفتوحتين كلما كانتا غير مشغولتين بإلتهام الحشرات .وكلما حطت حشرة بداخلها تغلق عليها بسرعة لتلتهمها عن طريق إطلاق مواد هاضمة عليها ..
المثال الثاني يتعلق بإنفتاح ثغور أوراق النباتات الخضراء التي تستعمل الضوء و ثاني أكسيد الكربون و الماء و الأملاح المعدنية لصنع المادة العضوية داخل خلايا الأوراق .تعلمين أن البطاطا و الطماطم و غيرها هذه كلها مواد تسمى عضوية .و منتجتها هي النباتات الخضراء .لكن من أين سيدخل ثاني أكسيد كربون الهواء بالنبة للنباتات الهوائية ؟
بالرجوع لثغور الأوراق الخضراء ، فهي بُنى مكونة من خليتين صغيرتين تتباعد أغشيتهما الهيكلية الوسطية التي تتلاصق بها مع بعضها طوليا بوجود الضوء ، فتَحدث فتحة بينهما لتسمح بدخول ثاني أكسيد الكربون و خروج الأكسجين و الماء . وتنغلق بغياب الضوء . هذه الظاهرة تحدث بشكل أوتوماتيكي.و وجود الضوء يثير هذه الخلايا التي لها بنية مجهرية خاصة .بحيث أن الجوانب التي تتلاصق بها مع بعضها توجد بها في كل خلية أغشية هيكلية سميكة مرتبطة بواسطة ألياف رقيقة بالجهة الأخرى منها عرضيا.و حينما يدخل الضوء تخرج البروتونات من الخليتين يتبع ذلك دخول أيونات البوتاسيوم فينتج عن ذلك دخول كثيف للماء للخليتين مما يجعل الجهتين المضادتين لجهة إلتصاق الخليتين في الوسط تتباعدان و تجران تلك الألياف .فيؤدي هذا لإحدداب الأغشية الهيكلية السميكة في الوسط إلى داخل كل خلية مُحدِثة بذلك فتحة بين الخليتين.و عند حلول الظلام يحدث العكس فتنغلق فتحات تلك الثغور . ...حاولت هنا الإختصار قدر الإمكان دون الدخول في تفاصيل الجهد الإلكتروني وكيف يدخل الماء للخلايا و غير ذلك حتى لا أصيب أحدا بالملل .
سيقول قائل أن مصنوعات الإنسان هي أكثر تعقيدا من هذا و أكثر كفاءة و إ دهاشا و صلابة وأقل هشاشة .وبالتالي فهي أكثر دواما لأنها معدنية وليست هشة مثل أوراق النباتات.و هذا صحيح .
لكن القائل ربما ينسى أن هذه الأمثلة هي عن بٌنى نباتية ((ذكية)) لكائنات ((حية)) لا وعي لها ولا إرادة كثيرة التعقيد محدَّدة الأهداف والوظائف غاية في الجمال ، من العبث القول أنها ناتجة عن الصدفة أوتكونت لوحدها دون ذكاء ووعي و علم أعلى مسؤول على وجودها هو ذكاء الله ((غير المجنس)) الموجود بطريقة ما منذ الأزل .و العلوم الحديثة تقول لنا أن الكون محكوم بقوانين نحن نعتقد أنها قوانين الله .و هكذا شاءت مشيئته العظمى أن تكون الأمور وليس مثل ما قيل لنا في سفر التكوين من الكتاب المقدس العبري . لا يمكن للذكاء أن يكون ناتجا عن إنعدام الوعي والعلم والذكاء لشخص فعلي موجود بطريقة ما لا نعلمها متواري على الحس المباشر.و لا يمكن لنا نحن الذي تربينا على الفضاء الثلاثي الأبعاد و الذين نريد أن نمسك بوجود شخص في مكان ما يفوق إدراكنا داخل أدمغة معدة للعيش وفق مجالات محددة من الحواس تكفي لعيشنا وتوجد أكبر منها حتى عند الحيوان مثل ما أعطينا مثال الخفاش .
وما حيرة البعض بخصوص هذا الوجود إلا لكونه فعلا مدعاة للحيرة لذوي العقول .لأنه هو الخالق وليس آخر يمكن إستيعابه بأجسادنا الصغيرة بالنسبة لهذا الكون الفسيح المترامي الأطراف الذي يفوق الخيال بملايير المجرات و الفضاءات .فمابالك بعظمة ليست لها حدود .فهو منتج الذكاء و العلم والجمال و المتعة في كل شيء . وما هذه السمفونيات و اللوحات الفنية الغنية بالألوان عبر الحقول الزراعية و الكائنات الحية المختلفة والمتنوعة التي تتكرر أمام أعيننا كل عام عبر الفصول إلا أوركسترا إلهية مليئة بالعبر و الدروس لمن لهم عيون العقول و ذاكرات للتأمل الحكيم . ومهما قال الغربيون مثل ريتشارد دوكينز الذين يحاربون الإرهاب الإسلامي مدلسين على هذه الحقائق العلمية فسنظل عقلانيين مؤمنين باالعلم الحديث وبالله الذي نراه بعيون العقول و ليس مباشرة كما طالب بذلك الأقدمون .و سنظل نحس بوجوده وبصوته في كل لحظة وحين و في كل مكان بمشاعرنا الواعية ، عالمين أن الإيمان بوجوده ليس شرطا لإقامة العلاقات مع من يخالفنا أو لحرمانهم من إحترامنا وتقديرنا ومحبتنا أو هو شرط من هذا الخالق للبشر من أجل الحياة كما يدعي البعض كاذبين .وما حرية الإنسان في الحياة إلا تعويضا عن الوعي بالموت الذي إليه يسير الجميع .
وكعقلانيين و في إطار حرية الإعتقاد ، علينا أن نحترم الدين و الطقوس إذا كانت بصفة شخصية و لا تدعو للعنصرية أو العنف أو الكراهية أو الحرب .لكن هذا لا يلزمنا في شيء بإحترام أي معلومات وأديان أو كتب أو وسائط مختلفة أو قنوات فضائية تنشرالدعوات الدينية الجماعية لتجييش الناس وتدعوهم للحرب أو تدعو للطائفية و العنصرية و الكراهية أو تستغل جهلهم أو تسلبهم حريتهم أو أموالهم .هنا يصبح نقدها المبني على أسس علمية و نشرهذا النقد على نطاق واسع لتنبيه الضحايا و التنديد بالمفترين واجبا أخلاقيا نبيلا .
و تحياتي للجميع

رابط الفيديو لحوار أحمد حرقان و الشيخ سالم عبد الجليل:

https://www.youtube.com/watch?v=QIVHoR_1C2g



#التهامي_صفاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس : تونس العلمانية هي التي فازت و ليس السبسي
- دفاعا عن الفلسفة
- المغرب :الظاهرأن بعض الشيوخ فقدوا البوصلة
- المغرب : حرية المعتقد والفكر لا تعني حرية التخريب
- شيخ الأزهر سالم عبد الجليل كنموذج يخلط النظرية بالفرضية
- بيان لإتحاد المؤمنين الربوبيين العرب لشمال إفرقيا والشرق الأ ...
- كلام عن الإيمان
- تركبا :زعيم الحزب الإسلامي التركي الحاكم يتنكر للسيدات
- تركيا :زعيم الحزب الإسلامي التركي الحاكم يتنكر للسيدات
- المغرب :هل الفيضانات تدعو للشماتة ؟
- حوار حول نبذ الدعوات الدينية
- المغرب : التعليم يمكن إصلاحه و التلاميذ يمكنهم التعلم دائما ...
- مجال شينغن shcenguen درس تاريخي حديث لشمال إفريقيا
- داعش لا تكشف إلا عورة الفكرالذي تردده كالببغاء
- مصر و محنة التخريب بإسم الإسلام
- يا أمراء قطر: توقفوا عن دعم الإرهاب في شمال إفريقيا
- للإيزيديين إيز..دا و خو ...دا (مرادفان لكلمة الله)
- حينما تخطئ ثقافة الغدر والفرارهدفها وتتطاول على الربوبية
- بالنسبة لسكان شمال إفريقيا ، هذه الأخيرة هي الهوية الواجبة
- بعض الكلام عن -الخلق- و موجد الأكوان


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - التهامي صفاح - مصر: إلى أحمد حرقان وأسئلته عن الإيمان