أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - قلوب جائعة














المزيد.....

قلوب جائعة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 13:35
المحور: الادب والفن
    


اندرج تحت فئة "الحُب" في الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان لندن السينمائي الدولي 33 فيلماً عبّر مخرجوها عن رؤيتهم الفكرية لمفهوم الحُب، وكيفية التعاطي مع تجليات هذه الحالة الإنسانية من زوايا نظر مختلفة. وربما يتفرّد فيلم "قلوب جائعة" للمخرج الإيطالي سافيريو كوستانزو بغرابة الثيمة التي أخضعها المخرج وكاتب النص أيضاً إلى ثنائية القناعة العقلية والدينية. فأصحاب الشِق الأول لا يثقون إلاّ بالمعطيات العلمية، بينما ينجرف أتباع الشِق صوب الخرافات والأساطير وخزعبلات السحرة والمنجمّين.
ينطوي المشهد الافتتاحي الذي تدور وقائعه في نيويورك على أكثر من دلالة فلقد وجد جود (آدم درايفر) ومينا (ألبا رورويكر) نفسيهما عالقين في حمّام مطعم صيني بعد أن أُغلق الباب ولم تنجح محاولات جود العديدة في فتحه أو لفت انتباه الآخرين إليه. ومما زاد الطين بِلّة أن جود كان مُصاباً بالإسهال الأمر الذي جعل رائحة المكان المغلق لا تُطاق. وعلى الرغم من ضيق المكان ورائحته الكريهة إلاّ أنّ جود يهيئ لموعد عاطفي يفضي بهما إلى السرير مباشرة ويثمر عن حملٍ سريع ربما لم يخططا له جيداً.
لا نعرف عن مينا سوى أنها موظفة في السفارة الإيطالية في نيويورك. وأن أمها قد توفيت حينما كانت مينا في السنة الثانية من عمرها. وأنها عاشت مع والدها قبل أن تستقل بحياتها الشخصية. فلا غرابة ألا يحضر أي من ذويها إلى حفل الزواج الذي لم يخلُ من جمال وبساطة وأريحية فعّلتها رقصات "الفلاش دانص". أما جود فلم نرَ من عائلته أيضاً سوى أمه آنا (روبيرتا ماكسول) التي تعاطفت مع مينا ووعدتها بتقديم المساعدة على الرغم من أنها تسكن في مكان بعيد.
ربما لا يحتاج المُشاهد إلى كثير من الوقت لكي يتعرف على جود، فهو شخص طبيعي يذهب كل يوم إلى عمله، ويعود مساءً إلى منزله. ولا شيئ غريب أو خارج عن المألوف في قناعاته الشخصية، والمفاهيم العلمية التي يؤمن بها. أما مينا فهي التي بدأت تهزّ قناعات المتلقين وتثير استغرابهم حينما ذهبت إلى عرّافة أخبرتها بأن الجنين الذي تحمله في رحمها سيكون له شأن كبير في المستقبل. فهو ببساطة "طفل نيليّ" يمتلك قدرات غير طبيعية وخارقة في بعض الأحيان. لقد مرّت هذه الفكرة مرور الكرام ولم تُوظّف بالطريقة المناسبة كما وردت في رواية ماركو فرانسوزو التي تحمل الاسم ذاته. إذ انصبّ تركيز المخرج وكاتب النص على هاجس تربية الطفل على وفق قناعات مينا الشخصية التي لا ترتكن إلى العلم مطلقاً، ولا تثق بالأطباء، ولا تذهب إلى المستشفيات. وأكثر من ذلك فإنها أرادت أن تلِد في حوض ماء لولا إصرار زوجها جود الذي نقلها إلى المستشفى وأنقذها من معضلات ولادة الطفل البكر.
لم تتوقف المشكلة عند هذا الحد فقد أخذت مينا تُطعم طفلها مواداً نباتية فقط وبعض الخضراوات ذلك لأنها نباتية أصلاً ولا تقترب من اللحوم والألبان ومشتقاها الأمر الذي سبب نقصاً في البروتينات وتوقفاً في نموّ الطفل مما دفع الأب لأن يصطحب طفله إلى الكنسية ويُطعمه سراً اللحم وبعض المواد البروتينية الأخرى.
لقد فرضت مينا نظاماً غذائياً صارماً على الطفل كما منعت استعمال الأجهزة الخلوية وأمرت بوضع الأحذية خارج المنزل خشية أن يتلوث هذا الطفل. فهي تعتقد أن الأغذية النباتية واستعمال بعض الدهون تطّهر هذا الطفل وتنقّي كيانه البشري. وحينما يشعر جود باليأس التام من زوجته يقرر خطف الطفل وإرساله إلى جدته آنا التي تحيطه بكل أشكال العناية والتغذية الصحية التي أثبتت فعاليتها وبدأ الطفل بالنمو. غير أن مينا تذهب إلى بيت الجدة في محاولة لاسترجاع طفلها الرضيع لكنها تصطدم بجود الذي يأخذ منها الطفل مرة ثانية ويُسقطها أرضاً فتبلِّغ الشرطة بأنه ضربها وعنّفها فيأخذون الطفل من جود لكن هذا الأخير لديه العديد من التقارير الطبية التي تثبت أن مينا تجوّع طفلها وأن نموّه قد توقف بسبب سوء التغذية الأمر الذي يدفع المعنيين لتسليم الطفل إلى أبيه الذي يتبنى تربيته والعناية به على وفق السياقات الإنسانية المعروفة التي لا تلحق أي ضرر بالطفل، وإنما تتيح له أن يعيش حياة طبيعية لا تنقصها التغذية أو الرعاية الصحية المطلوبة.
لابد من التوقف عند أداء الشخصيتين اللتين تقاسمتا دور البطولة وهما آدم درايفر وألبا رورويكر وقد برعا فيه حيث كان الممثل الأميركي درايفر منغمساً في دور الأب الحقيقي الذي يخشى على فلذّة كبده ولا يجد ضيراً في خطفه وإرساله إلى أمه في مكان بعيد خوفاً من تفاقم المرض أو الموت جوعاً إن صحّ التعبير. أما ألبا فقد أتقنت دور الأم القلقة على ابنها والتي تريد أن تطهّره، بحسب قناعاتها، من أدران التغذية الاعتيادية التي يتبعها غالبية الناس في العالم. وقد أخلصت لهذا الدور وتألقت فيه. ولا غرابة في أن يحصل الاثنان على جائزة أحسن ممثل وممثلة في مهرجان فينيسيا لهذا العام.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية الافتراضية ووهم الزمن في -تلة الحرية- لهونغ سان- سو
- تمبكتو تواجه التطرف الديني سينمائياً
- الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصوير ...
- جائزة صحفي العام في حقوق الإنسان بلندن تُسند إلى جمال حسين ع ...
- موعظة عن سقوط روما . . تحفة فيراري الأدبية التي خطفت الغونكو ...
- الترِكة الثقيلة للمالكي
- مخملباف ينتقد العنف الذي يلي سقوط الطغاة
- الفنانة البريطانية مارلو موس ونأيها عن الشهرة
- التزامات الحكومة العراقية الجديدة
- مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الحادية والسبعين
- رحيل المخرج البريطاني ريشارد أتنبره
- رؤية عبد المنعم الأعسم للإصلاح والفكر الإصلاحي في بلد مضطرب
- بليندا باور تفوز بجائزة هاروغيت لأدب الجريمة
- كينغ روبو وحروبة الفنية على الجدران
- متوالية الأقنعة في رواية -أقصى الجنون . . الفراغ يهذي- لوفاء ...
- أنتلجينسيا العراق بين الماضي والمستقبل تحت مجهر سيّار الجميل
- حركة السوبر ستروك ومضامينها الفنية
- الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني
- تقنية الإبهار في فيلم أمازونيا لتييري راغوبير
- مقبول فدا حسين. . أهدى حبيبته ثمانين لوحة لكنه لم يحظَ بالزو ...


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - قلوب جائعة